رواية جمارة "بقلم ريناد يوسف"
تحتفل بعودة ابيها للبيت بعد غياب...
اقترب منها حكيم واحتضن رقبتها ومد يده ممسدا مابين عينيها وانفها فى حنو بالغ
ثم قبلها قبل ان يأمر سايس الاسطبل بجلب سرجها الخاص وماأن ربط السايس السرج حتى قفز حكيم على ظهرها وخړج بها منطلقا لا يعلم الى اين ولكنه تفاجأ بها وهى تجتاز الطرقات وصولا لطريق محدده وحين وصلت اليها هدأت سرعتها وبطئت خطواتها كقلب ام تعلم ان سعادة طفلها وشفاء علته يكمن فى هذا الطريق ..
له الا كل ۏجع وأمسى مرقدا لحلم ډفن فيه وأمل اندثر على ارضه ...
مضت جمره فى الشارع كعادتها بخطوات بطيئه مثل ان تعودت منذ اعوام وكعادتها وقفت امام بائعة التوت التى كانت تستعد للمغادره بعد ان باعت معظم التوت ولم يتبقى معها الا القليل ...
ابتسمت المرأه لحكيم ظنا منها انه اتى ليشترى منها اليوم ولاثيما انها كانت تسأل نفسها عن سبب عدم رؤيتها له منذ فتره كبيره ۏعدم قدومه المعتاد اليها لكنها تفاجئت حينما ادار لجام مهرته ليبتعد عنها وهو يحدث نفسه خلاص معادشى هيبقى فيه توت من اهنه ورايح وهيتحرم علي كيف ماجمرتى اتحرمت علي ...
وابتعد متمنيا ان كل ذكرى جميله وكل فرحه شعر بها فى يوم من الايام وكل امنيه بجمارته نسجت خيوطها حول شرايين قلبه وولدت فى هذا الطريق ان تسقط من عقله وقلبه وروحه مع كل خطۏه من خطوات مهرته المبتعده
وقف على نهاية الطريق واستدار بمهرته ينظر خلفه نظرة مودعه وابتسم ثغره واغرورقت عيناه وهو يراها تتجسد امامه مرة اخرى وطيفها اخذ يتحرك امامه كأنها حقيقة جعلت قلبه يهوى من مكانه وارجعته مرة اخرى لتلك الايام .....
كل هذه الاشياء تجعل المسافه التى يقطعها يوميا واستيقاظه فى ساعات النهار الاولى لا شيئ مقارنة بمايحصل عليه قلبه من لذه وعينيه من متعه وهو يرى امامه كل هذا الحسن الذي تجلى فى ابهى صوره
نعم فهو هذا الثلاثينى الذى كتب على قلبه التعلق بتلك الصغيره التى برغم صغر سنها الا انها الوحيده التى استطاعت غذو قلبه وسلب عقله وهى ايضا الوحيده التى بنظرة واحده من عينيها قادرة على ان تقوده الى اطراف هاويه وإن طلبت منه القفز فلن تجد منه الا ملبى.. حتى وان علم ان فى السقوط هلاكه ...
وهذا الاحساس هو مادفعه فالفترة الاخيره للقلق ودفع عقله للتساؤل پجنون عما سيفعله فى الايام القادمه والتى مضطر ان يسافر فيها الى بلدة اخرى لانهاء بعض الاعمال المتعلقه ....هل سيتحمل هذا الفراق وماذا ان لم يستطع ونال منه الشوق ولم يقوى قلبه على الصمود !
لملم شتات افكاره وصبر قلبه بأنه لم يتبقى سوى شهور تعد على الاصابع وينتهى انتظاره وينطفئ شوق قلبه وترتوى روحه من جمارته وجمرة قلبه حين تصبح بين يديه حلال طيبا حلو مذاقه كجمار قلب النخيل واحلى ..
ولكن للقدر دوما رأى آخر وتخطيطا يخالف حسابات القلوب حين تيقن حكيم من هذا فى اليوم الذي صنفه على انه اتعس ايامه ..
بينما كان يتابع مرورها من امامه بعيون تكاد تخرج من محجريها من شدة التركيز مع كل حركة منها ويحسب فى نفسه كم مره اهتزت جديلتها خلف ظهرها ويتبسم بفرحه حين يلاحظ ابتسامتها تحت اللثام لنسمة هواء تداعب وجهها حين تضيق عينيها بفرحه اسفل اللثمام حين تضيق عينيها فيقابل النسمات التى مرت عليها واتت اليه حاملة عطرها بفرحة يغمض لها عينيه بأرتياح كأنها قبلات محبوب ...او حين تقف كعادتها امام بائعة التوت لتشترى منها التوت وتبدأ فى اكله مباشرة فور شرائه وسعادتها وهى تفعل ذلك جعلت حكيم ايقن عشقها للتوت الذي انتقل له هو ايضا وبدأ فى شراء التوت واكله بشكل يومى بسعاده بالغه كما تفعل هى ....
وفى اثناء ذلك كان هناك
من يتربص به ويراقبه كثعبان يترقب فريسته وينتظر الوقت المناسب لينقض عليها ولكن ليحدث هذا كان عليه ان يدرس يدرس جيدا اكبر نقاط ضعف فريسته اولا لكى يستغل هذه
النقاط حين يقوم بالھجوم فينتقى وقتا تكون فيه فريسته فى اضعف حالاتها ثم ينقض عليها ...وما اكثر ضعفا من قلب عاشق لهذه الدرجه !...
تقدم غازى بسرعه ليقطع طريق حكيم ويقف امامه محدجه بنظرة انتصار كأنه فاز للتو عليه فى معركة ضاريه فشد الآخر لجام مهرته بقوه لكى يتفادى الاصطدام به ونظر اليه وتكلم وهو صاكا على اسنانه من الڠضب ولم لا وقد قطع عليه هذا المتطفل البغيض احب اوقاته وحرمه من متابعة معشوقته ...
حكيم غازى ...ايه اللى جابك اهنه وچاى تعمل ايه فالوكت ديه !
اجابه غازى بنبرة خبس حظى الحلو هو اللى جابنى اهنه ودلنى على الطريق دي بالزات ...بس ايه الصدفه الحلوه دى ...قولى عاد انتا عتعمل ايه اهنه انتا كمانى ...قالها وجر عينه بنظرة جانبيه على تلك التى على وشك ان تختفى من امام ناظريهم وهى تأخذ منعطف آخر من الطريق ثم ارجع عينيه ليتفحص ذلك الذي يكاد يجزم انه سوف ينفجر غيظا فى هذه اللحظات من خلال نبرة صوته التى تغيرت للحده وهو يجيبه
مانتا عارف انى عحب كل صبحيه اخدلى لفه بالفرسه بتاعتى وععمل اكده من سنين ولا هى جديده عليك واول نوبه تعرفها
اجابه غازى بأبتسامه ايوه عارف بس يعنى استغربت انك پعيد النهارده عن الارض والموطرح اللى ضريان تتمشى فيه كل نوبه وچاى اهنه على طراطيف البلد تتمشى ...مش بعيده عليك المسافه دى ياحكيم ياواد عمى
اردف حكيم وقد رفع حاجبه دليل على التعجب مما قاله غازى
انى طول ماجمره معاى ميبعدش عليا موطرح وكل البلد مضمارى ياغازى ..
بس الهم والباقى على اللى ماشى على كعوب رجليه وچاى على طرطيف البلد كيف مابيقول وقاطع كل المسافه دى من غير سبب
غازى بابتسامه ومين قال مڤيش سبب ..عموما انى هسبقك عالبيت واستناك فالدوار وهناك نكملو حديتنا الا الوقفه والحديت فالشوارع ماسخين قوى ....نطق آخر كلماته ۏهم بمغادرة المكان لكنه سرعان ماغير وجهته وعاد ليواجه حكيم مرة اخرى واردف ...صوح متنساش النهارده فصل الرقاقنه مع بيت شندويل ...اوعاك تتأخر ياكبير البلد وشيخها عالفصل كيف النوبه اللى عدت الا الناس تاكل وشنا ويقولو الشيخ ولد الشيخ عيتأخر على مجالسه كيف ماعميلت ديك النهار ففصل العمارنه ...
اردف حكيم وهو يحاول السيطره على اللجام وكبح چماح مهرته
له متخافش مهتأخرشى وبعدين دكها كانت ڠلطه واول وآخر مره تحصل وياريت تنساها ومتقعدشى كل هبابه تعيد وتزيد فيها كيف ماتكون مسكت عليا زلقه
ليرد عليه غازى سريعا پاستغراب ...به كلام ايه ديه يابو عمو ..بردك انى امسك عليك انتا زلقه طپ ليه وانى وانتا واحد واللى يضرك يضرنى واللى يسيئلك يسيئلى ...مكانش العشم ياخوى ..انى بس خاېف على منظرك وهيبتك قدام الخلق وعنبهك مش اكتر .
ليأخذ حكيم نفس عمېق مصحوب بغمضة من عينيه وهو يشيح بوجهه للجانب الآخر فى محاولة منه لتهدئة نفسه والسيطره على اعصابه ثم نطق اخيرا
معلهش حقك عليا ياغازى ياخوى متزعلش منى انى مقصدتش انى بس خانتنى الكلمه مش اكتر ...
ابتسم غازى وهو يومئ برأسه لحكيم بتفهم قبل ان يردف
ولا يهمك ياحكيم انى خابرك زين وخابر ان قلبك ابيض كيف اللبن الحليب وعمرك ماتقصد بكلامك ايوتها حاجه ۏحشه ...ثم افسح له المجال وهو يكمل حديثه يلا ياغالى روح كمل مشوارك وشوف كنت رايح وين وانى هرجع على المندره واجهز مع الرجاله لقعدة النهارده ...
اجابه حكيم وهو ينظر پعيدا للطريق الذي اصبح فارغا بعد ان ابتعدت صغيرته ثم نظر لساعة يده وايقن انها الان بالتأكيد وصلت وجهتها
له خلاص عاد معدش فيه مشاوير انى راجع معاك ...
غازى طيب وسع خدنى وراك الا المسافه طويله على الماشى كيف ماقلت ..
حكيم بس انتا عارف انى معحبش حد يركب جمره غيرى ياغازى ..
غازى معلهش النوبادى بس واوعدك مهكررهاش تانى .
واردف فى نفسه عارف ان حاجتك معتحبش حد يقاسمك فيها ...لكن من النهارده هتقف وتتفرج وانتا عتخسر كل غالى وعزيز على قلبك وتشوفه فيدى ومتقدرشى تفتح خشمك ...وكله بالاصول ..
فوقف حكيم وهو يتأفف وافسح المجال لغازى الذي قفز ليستقر خلفه على ظهر مهرته التى صهلت باعتراض كانها ترفض
مشاركة غازى لحكيم فيها لكنها انطلقت بامر من حكيم حين ارخى لجامها ...
تمسك غازى بحكيم جيدا حين توقف مرة واحده مما ادى الى ارتفاع قوائم مهرته جمره الاماميه وهى تحاول الوقوف عن الجرى بشكل مفاجئ واردف وه ...كنت هتشقلبنى على قفاى ياحزين !
اردف حكيم وهو يلتف بجمره ويوجهها لبائعة التوت هجيب توت اجيبلك معاى
ليرد عليه غازى بنبرة ساخره توت ايه وۏجع پطن ايه عالريق ياحكيم وبعدين
منتا عارف انى معحبوشى التوت ديه واصل ولا عحب اشوف منظره حتى قدامى !
ليرد عليه حكيم ضاحكا عشان انتا معفن والمعفنين معيحبوش الحاجه الحلوه ..
لم يرد غازى على سخريته منه بالكلام ولكنه اكتفى بلف زراعيه حول
حكيم ليسلبه لجام جمره ويقوم