رواية اوتار الفؤاد بقلم منال سالم
المياه تنساب من بين ساقي زوجة أخيها صړخت پخوف وهي تشير بيدها
تقى إيه المياه دي!
هنا انتبه الجميع لصوتها الصارخ وتركزت أنظارهم مع بركة المياه الصغيرة التي تشكلت أسفل قدميها وتزداد اتساعا مع كل ثانية خفق قلب تقى بقوة وانتفض جسدها مرتعدا نظرت لوالدتها مستغيثة
الحقيني يا ماما!
هرولت فردوس نحو ابنتها لتتأمل عن كثب تلك البقعة وهي تصيح مهللة
على الفور أسرعت ليان ركضا إلى خارج المنزل لتهبط على الدرج وتستدعي أفراد الحراسة المتواجدين بالأسفل لتنقلها إلى مشفى الجندي في الحال وخلال فعلها لذلك هاتفت أخيها لتبلغه بالتطور الطارئ في حالة زوجته التي ستضع مولوده بين لحظة وأخرى.
......................................................
نظر له أوس بعينين مترددتين للحظة ضاقت نظراته بقلق حائر لم يكن راغبا في تركها بمفردها ومع هذا أحس برغبة ملحة تنبع من داخله تدعوه للموافقة فربما في اقتراحه الجيد هذا المهدئ لأعصابه المتعبة من كثرة التفكير هز رأسه بالإيجاب وهم بالسير في اتجاه المصعد ابتسم عوض لاستجابته واستبشر خيرا من تقربهما إلى المولي عزوجل في تلك اللحظات الحرجة. تبعه إلى المصعد واستقلاه سويا إلى أن وصل كلاهما للطابق الأرضي ومنه تحركا نحو الخارج حيث المسجد القريب من المشفى.
هز رأسه في استحسان معلقا عليه
ربنا يتقبل
رد عليه بنظرات متطلعة وتنهيدة مليئة بالرغبة النقية
يا رب أمين نفسي أوي ربنا يجازيني خير بصيامي وادخل الجنة من باب ال ريان!
ردد أوس باستغراب مهتم لذلك الاسم
ريان!
تابع مفسرا ببساطة
ما هي الجنة ليها أبواب كتير الناس هتدخل منها باب الريان ده واحد منه معمول للناس اللي بتحافظ على فريضة الصيام وبتأديها وأنا طمعان في كرم ربنا إنه يراضيني في الآخر بده.
ربنا يكرمك بكل اللي نفسك فيه يا راجل يا طيب.
انتبه كلاهما لصوت المؤذن الداخلي الذي نادى بآذان الإقامة فنهض الاثنان من جلستهما ليصطفا مع المتواجدين بالمسجد خلف الإمام ليبدأوا صلاتهم في خشوع وتضرع.
.............................................................
أتت البشارة فور عودته إلى المشفى حيث تعالت الزغاريد من فردوس لتعلن بذلك عن ميلاد الصغير قفز قلب أوس في صدره فرحا وأسرع في خطواته الراكضة نحو إحدى الغرف الجانبية حيث ترقد
حمدلله على سلامتك
ردت بوهن رافعة عينيها إليه
الله يسلمك شوفت ابنك
صاحت فردوس من الخلف عاليا
سمي بالله كده وشيل ابنك يا باشا
لكزتها تهاني بخفة في جانب ذراعها تنهرها عن مقاطعتها لتلك اللحظات الجميلة عبست تعابيرها وردت عليها بصوت خفيض
هو أنا قولت حاجة!
همست لها تحذرها
مش عاوزين قلق يا فردوس لمي الدور الله يكرمك!
طيب
قالتها على مضض حتى لا تفسد تلك الأجواء العائلية الدافئة. الټفت أوس بعينين هائمتين إلى الجانب وقلبه يكاد يخترق ضلوعه من فرط حماسته حملق في مولوده بعينين حبستا الدموع فيهما لا يعرف ما الذي أصابه لتلمع حدقتاه بعبرات تعبر عن فرحته الشديدة انحنى نحوه بتمهل ومرر كفيه أسفل جسده الضئيل ليحمله ارتجف ذراعاه وهما ترفعان إياه للأعلى ضمھ إلى صدره بحنو أبوي ليستشعر الرضيع نبضات والده المتلاحقة استدار نحو زوجته قائلا لها بنبرة امتزجت فيها سعادته مع خوفه
ده صغير أوي
علقت عليه فردوس
ما هو حتة لحمة حمرة
رمقها أوس بنظرة صارمة جعلتها تتراجع للخلف وتتوارى عن أنظاره مؤقتا كي لا يلقي بها من نافذة الغرفة لإزعاجها المستمر له. سألته تقى بصوتها الضعيف
فكرت تسميه إيه يا حبيبي
أجابها مبتسما عن ثقة
أيوه.
ثم ركز بصره على ذلك الكهل الذي جلس في مكانه يبتهل للمولى ويحمده على عطاياه ليقول بعدها بنفس الابتسامة المتفاخرة
ريان!
رفع عوض رأسه فور أن سمع الاسم وقلبه يرقص طربا لم يكن يتصور أبدا أن حديثا عفويا نابعا من قلبه الطيب سيحفز ذهن أوس ليختار ذلك الاسم تحديدا ليطلقه على ابنه وكأن فيه نوعا من الترضية المبشرة له انسابت دمعاته تأثرا من تصرفه الكريم وأومأ له برأسه في امتنان صامت. رددت تهاني بفرح وهي تحني رأسها لتقبل كتف ابنها
ربنا يباركلك فيه ريان أوس الجندي!
......................................................
في تجمع عائلي خاص ومحدود احتفل أوس مع المقربين له ب سبوع الرضيع ريان كانت الأجواء لطيفة وهادئة الكل سعيد بانضمام فرد جديد للعائلة اقترب يامن من ابن عمه ليبلغه بآخر المستجدات في قضية شقيقته التي تم إيداعها بالمشفى الخاص بالأمراض العقلية والنفسية بعد أن ساءت حالتها كثيرا وأقدمت على الاڼتحار أكثر من مرة أشفق عليها أوس فقال له مؤكدا
متقلقش أنا هاقف جمبها مهما كانت هي من العيلة!
رد بوجه خال من التعبيرات
مافيش داعي أنا متابع وضعها وبأزورها كده أحسنلها بدل ما كانت تخرب الدنيا وتضيعنا كلنا!
أوضح له من جديد
أختك اللي اختارت تعمل كده في نفسها
عقب عليه بتفهم
أنا عارف يا أوس
لمحها وهي تلج للشرفة فتحمس كثيرا للالتقاء بها بعد أن تعذر عليه الانفراد بها في أي مكان ليبوح لها كما اعتاد بمشاعره نحوها ويستمتع بتعبيرها المتواري والخجل عن حبها له فمنذ تقدمه لخطبتها وأوس يضيق عليه الخناق ليعذبه أكثر تنحنح مستأذنا وقد ظهرت أمارات التوتر عليه
هاروح أعمل مكالمة وارجعلك تاني يا باشا.
ربت أوس بيده بقوة على كتفه قائلا له بتحذير وببسمة ساخرة وقد فطن لما يحاول فعله
ماشي بس ماتطولش برا عشان الهوا مش حلو عليك!
تنحنح يامن مجددا قبل أن يرد بارتباك وبابتسامة بلهاء
حاضر يا ابن عمي.
أسرع في خطاه ليلحق بزوجته المستقبلية التي تنتظره في المكان الذي التقيا فيه مصادفة لأول مرة ناداها هامسا
هالة
التفتت على الفور نحوه ووجهها يشرق بابتسامة رقيقة وقف يامن قبالتها يتأملها بنظراته الشغوفة تنهد في رومانسية قائلا لها
وحشتيني.
خجلت من تلك الكلمة وتوردت بشرتها سريعا ردت عليه بهمس وقد أخفضت رأسها لتتحاشى التقاء عينيهما
وإنت كمان!
رجاها بعبوس مصطنع
لأ بصيلي أنا وقتي محدود!
عادت لتحدق في عينيه بنظرات مفعمة بوهج الحب همس له بتلهف
هاتي إيدك عاوز أديكي حاجة
قطبت جبينها متسائلة
إيه ده
ماينفعش كده أوس باشا ه...
قاطعها بإلحاح
اديني فرصة يا هالة!
وقبل أن يتمادى في تصرفاته سحبت يدها على الفور وتراجعت منكمشة على نفسها ونظراتها مسلطة على أحدهم في ړعب ابتلع يامن ريقه هامسا حينما لاحظ تعبيراتها المرتاعة
هو واقف ورايا مظبوط
مش عاوز تلم نفسك!
رد مدافعا
أنا كنت بأديها هدية
سخر منه قائلا
أه وبتاخد منها العربون يالا من هنا!
بتطردني يا أوس
دفعه نحو باب الفيلا يهدده بجدية تامة ودون أن يرف له جفن
أحسن ما أعلقك وإنت عارفني مابهزرش! وبعدين أنا قايلك مافيش جواز قبل ما هالة تخلص كليتها!
رد بتذمر
بس كده كتير أنا هاخلل وأنا مستنيها!
لوح له بيده قائلا له ببرود قبل
أن يصفق الباب في وجهه
يكون أحسن مع السلامة!
اغتاظ يامن من شدته معه ومع ذلك وجد نفسه يبتسم تلقائيا فأحب ما عليه أن يرى حبيبته تنهي دراستها الجامعية بتفوق فيفتخر بها في كل مكان دار في
نكس رأسه في حزن مصطنع وعبوس مكشوف بعد أن ألبسه والده الزي الخاص بالسباحة ليبدو مستعدا لتمرينه اليومي في النادي حاول إقناعه بالتسلل إلى الطاولة الموضوع بها الميداليات المختلفة ليأخذ واحدة لنفسه وذلك لرفض مدربه إعطائه له قبل أن يشارك فعليا في المسابقات المقامة بالنادي وضع أوس يده أسفل ذقن صغيره ليرفع وجهه إليه نظر في عينيه بجدية قبل أن يقول له بصرامة الأب
احنا قولنا إيه يا ريان
ركل الأرضية بخفه البلاستيكي قائلا له في تذمر طفولي
I want one! أنا عاوز واحدة
حاول أن يقنعه بالعدول عن تلك الفكرة الخاطئة موضحا له بعقلانية
ما هو لما تكبر وتكسب هتاخد ميدالية منهم ماينفعش قبل كده ولو خدتها بدون إذن الكابتن هتبقى سړقة وده غلط والكل هيزعل منك وأولهم بابي ومامي
عبس وجه أكثر وهو يرد ببراءة
بس أنا زهقت الكابتن مش بيرضى يخليني ألعب قوله يا بابي إني I can swim
قال له مبتسما وهو يداعب خصلات شعره
عشان إنت لسه صغير وبقالك فترة بسيطة في التمرين
نفخ ريان ذي الأربع سنوات في عدم اقتناع وكتف ساعديه بضيق كبير حثه أوس على التحرك قائلا له بخشونة طفيفة
بلاش شغل العيال ده ويالا عشان متتأخرش.
ثم أشار بعينيه إلى أحد أفراد حراسته ليلازمه وهو يأمره
مع الباشا الصغير
تمام معاليك
قالها الفرد الأمني بانصياع قبل أن ينفذ أمره ويسير ممسكا بيد الصغير إلى المنطقة الخاصة بتدريب الأطفال على مهارات السباحة. تحرك أوس مبتعدا عن المكان ليتجه نحو الكافيه الخاص بالنادي أجاب على اتصال زوجته ليخبرها بنتيجة حديثه مع ابنه موضحا لها
أيوه يا حبيبتي أنا معاه في النادي وأقنعته.. بس يا ريت يلتزم!
صمت لثوان ليصغي لما تمليه عليه من رأيه الهام في اقتراحات تخص أغلفة روايتها الحديثة التي عكفت على كتابتها مؤخرا تنهد معلقا باهتمام
حاضر هاشوف الأغلفة وأقولك رأيي فيهم بس مقولتليش البطل شبه