كاليندا بقلم ولاء رفعت
حضرتك طلبت وهاكتب لكم تقرير بكده.
قالت زينب بحزن وآسي علي ابنتها
_ طبعا لازم يا عين أمها يغمي عليها من اللي حصلها والظلم اللي شفته ومكنتش بتاكل منهم لله.
أجاب الطبيب
مصدق لكن محمد كان أسوأهم حالا أخذ يردد الكلمة علي طرف لسانه و بدأ يشعر بدوار ووخز في أطرافه اليمني يليه بخدر يتراجع إلي الخلف حتي أرتمي علي المقاعد فاقدا وعيه ألتفت جميعهم إليه صړخت زوجته مسرعة نحوه
ولج حمزة إلي المنزل يجر حقيبة سفر صغيرة خلفه فوجد والدته وشقيقته يجلسان أمام التلفاز فقالت والدته بعدما تفاجأت
_ أنت إيه اللي جابك
لم يجب عليها وأكمل سيره إلي غرفته ذهبت خلفه والڠضب ينبعث من عينيها قامت باستدارته عنوة عنه لينظر لها مباشرة وصاحت به
_ في إيه يالاه أنت خلاص مابقاش يهمك حد لما أكلمك ترد عليا.
_ ملكيش دعوة بيا وأحسن لك تتجنبيني خالص ولا أقولك اعتبرني هوا.
أنتفضت وتراجعت إلي الخلف لكن لم تظهر له خۏفها من ما أدركته من مغزي كلماته وتهديده الصريح لها فقالت
_ مش أبوك محذرك إنك تيجي هنا لحد ما هايشوف عملتك الهباب دي هترسي علي إيه.
حمل الحقيبة وألقاها أعلي التخت پعنف وقام بفتح السحاب قائلا
رمقته بإزدراء وقالت
_ يا بجاحتك يا أخي! أنا لو مكان أمها وجه حتة عيل صايع شمام زيك وعمل في بنتي كده ما كان يهمني حد وكلته بسناني حتت.
فتح الخزانة خاصته وقام بإلقاء ثيابه بداخلها
_ وكنتي فين لما سبتيني لعمي يعذب فيا بعد ما...
أسكتته بكتم فمه بكفها و قالت بصوت منخفض
عم الصمت بينهما وكل منهما يرمق الآخر بنظرة عدائية قاطعها دخول حماد الذي جاء للتو من الخارج
_ بتعمل إيه عندك ياض مش قولتلك تغور علي إسكندرية و ماشوفش
وشك غير لما الدنيا تهدي.
أجاب الآخر بسفاقة وعدم حياء
زجره والده پغضب عارم دفعه في صدره ثم أمسك تلابيبه پعنف
_ مين ده يا ابن ال... اللي يخبط راسه في الحيطة.
أمسكت هدي بيده وقالت
_ بالتأكيد مش قصدك أنت يا حاج هو يقصد محمد نصار و بنته.
نفض يده وهو يرمقه بتقزز وقال
تركهما وغادر الغرفة فتنفست هدي الصعداء وقالت وهي تلكزه في ذراعه
_ عجبك كده ماينوبنيش من وراك غير التهزيق أبقي إستحمل وش أبوك التاني وأجارك الله من قلبته.
قالتها ثم بصقت نحوه وذهبت تاركة الآخر في
نيران غضبه نهض وصفق الباب خلفها وأخذ يلقي بكل شيء أمامه.
و بالعودة إلي المشفى مرة أخري يقف كل من كريم و زوجة أخيه أمام غرفة العناية المركزة.
فقالت زينب وهي تبكي
_ كان مستخبي لنا فين ده يارب.
أوقفها الأخر ونهرها قائلا
_ أستغفري الله يا أم شمس كل ده قضاء و قدر وفي نفس الوقت اختبار من ربنا وعليكم بالصبر وبإذن الرحمن هيقوم بالسلامة وهانتطمن عليها و هانجيب حقها كمان.
جلست علي المقعد الحديدي بقلة حيلة وبقوي منهكة
_ أنا كل اللي يهمني دلوقت إنهم يقوموا بالسلامة مش عايزة حاجة تاني.
خرجت الممرضة من العناية وقالت لهما
_ لو سمحت يافندم أنت والمدام ممنوع التواجد قدام غرف العناية أتفضلوا أنزلوا تحت في الاستقبال.
أخبرها الأخر
_ إحنا عايزين نطمن علي أخويا الأول.
أجابت الأخرى
_ لو قصدك الأستاذ محمد الدكتور معاه جوه واللي عنده ده بسبب ضغطه أرتفع فجأة وكانت هتحصل جلطة بس الحمدلله لحقناه والدكتور بعد ما يخلص مرور علي المړضي هيقابلكم يعني في كل الحالات وجودكم هنا مش هايفيدوا أتفضلوا أستنوا تحت وأحنا هانبعت حد يبلغكم أول ما الدكتور يخلص.
أخذت زينب تردد وهي تحاول أن تستوعب ما قيل للتو
_ يارب أنت الشافي يارب قومه لي بالسلامه أحنا ملناش غيره.
أقترب منها كريم وربت عليها
_ يلا يا أم شمس تعالي ننزل نستني قدام الأوضة اللي فيها شمس خليكي معاها وأنا هابقي أطلع لما الدكتور يخلص.
و بعد مرور يومان.... استردت شمس عافيتها و أصبحت صحتها أفضل بينما محمد أمر الطبيب بإبقائه في العناية تحت الملاحظة ولأن من قوانين المشفى عدم المبيت لأكثر من مرافق فأنتظر شقيقه بعدما أوصل زوجة أخيه و ابنتها إلي المنزل.
وفي اليوم الغير مناسب لما يحدث كانت شمس تمكث في غرفتها وبعد أن علمت بخبر حملها لا تعلم ما تلك الحالة الغريبة التي أصابتها تحاول إقناع نفسها إنها بداخل كابوس ولم تستيقظ منه بعد.
انتبهت إلي بعض الضجة في الخارج ذهبت إلي النافذة لتفاجئ بهذا المنظر العديد من فروع المصابيح الملونة في كل مكان تتوسطها عدة ثريات متدلية من أوتاد خشبية وسرادق مزركشة فتات الخشب الملون يفترش أرض الشارع من أوله إلي آخره والطاولات متراصة وحول كل منها كراسي موضوعة بشكل منظم وإذا بعينيها تقع علي منصة مرتفعة مزينة بأقمشة من الحرير والتول والورود يعلوها أريكة مخملية علي جانبيها إضاءة خاڤتة تكمل هذا الديكور المعروف في حفلات الأعراس بدأت الموسيقي والزغاريد تعلو فتسمرت في مكانها
وقبل أن تتحرك قدميها إلي الداخل ظهرت لهما سحر تلك الحرباء و تعمدت أن تقول
_ أزيك يا شمس أبوكي عامل إيه دلوقت
رمقتها بتجهم وأجابت باقتضاب
_ كويس الحمدلله.
فقالت بدهاء وخبث ونظرات تشفي في عينيها
_ معلش بقي كنت أنا وعمك كامل هنيجي نزوره في المستشفي بس أديكي شايفة عقبال ليلتك كده أحمد ابني النهاردة فرحه علي مروة بنت عمته.
تصنعت شمس عدم اللامبالاة لكن بداخلها يعتصر ألما وقهرا ابتلعت غصة علقت في حلقها واكتفت برد مقتضب
_ مبروك.
توالت الأيام وبعد أن أسترد محمد صحته وعافيته قرر أن يثأر لابنته عن طريق أخذ حقها بالقانون برفع دعوي قضائية ضد حمزة السفوري وبالرغم نصيحة شقيقه كريم له إنه تحري عن المحامي المدعو رأفت متولي وجد إنه محامي لن يأخذ العدل مبدأه بل يبيع ضميره من أجل حفنة من
يذهب إلي المحامي فهذا علي سبيل الاحتياط و ربما ولج الشك بداخل قلبه بعد كلام شقيقه.
و بداخل غرفة مكتب قديم و أثاثه الخشبي المهترئ و نافذة خشبية تآكل مقبضها الحديدي من الصدأ يجلس خلف المكتب هذا المدعو رأفت متولي كما مدون علي القطعة الرخامية المتآكلة يمسك بين يديه ملف ورقي يتطلع علي أوراقه باهتمام زائف
قائلا
حضرتك ملهوش أي لازمة من غير أي دليل يثبت أن حمزة حماد السفوري أعتدي علي بنتك.
رمقه الأخر بامتعاض ثم سأله
_ تقصد إيه يا متر يعني هافضح بنتي ونروح نتبلى علي الناس من غير دليل!
ابتسم بسماجة وهو يجفف قطرات عرقه بمحرمته المنسوجة من القطن فقال
_ لاء طبعا ما أقصدش كده لاسمح الله يعني اللي فهمته من كلام بنتك في المحضر إنها معاها دليل قوي يدين إبن حماد السفوري.
نظرت شمس بتردد إلي والدها الجالس مقابلها فأومأ لها بنظرة طمأنينة قائلا
_ معانا الدليل اللي يوديه هو وعيلته في ستين داهية.
و مع آخر حرف تفوه به محمد بكل طيبة و عفوية قابلها هذا الذئب الدنيء بابتسامة انتصار و زفر بأريحية فميزان العدل الذي يزين الجدار خلفه لا يمت لأعماله بصلة ضميره في سبات عميق لن يستيقظ منه بل هو قد باعه بثمن بخس لكل ظالم متجبر يعث في الأرض فسادا ويأتي له لكي يدافع عنه ويخرجه من أي کاړثة أقترفها حيث يقوم باستغلال كل ثغرات القانون بكل الطرق الملتوية.
أخرجت من حقيبتها هاتف من الطراز الحديث و يديها مرتجفة من التوتر كاد يسقط منها لكن أنقذ والدها الموقف و أمسك به ووضعه أمامه فوق المكتب قائلا
_ أتفضل ساعدتك ده الموبايل بتاع المچرم اللي ربنا ياخده كان معاه في وقت اللي حصل.
أمسك به الآخر وأخذ يحدق به يقول
_ هو ده اللي صور عليه اللي عمله فيكي
انتابتها حالة من القشعريرة من سؤاله الذي يدل علي حماقته بدأت عبراتها بالتجمع في مقلتيها فأجابت بصوت محشرج
_ أيوه هو لما فوقت من الإغماء اللي كنت فيه قعدت أدور علي موبايلي ملقتهوش لاقيت موبايله واقع جمبى.
أنحني بجذعه جانبا ليلتقط حقيبته الجلدية ووضع الهاتف بداخلها ثم نظر إليهما وبدأ بالنفاق يتحدث
_ أطمن يا أستاذ محمد إن شاء الله حق بنتك هايرجع وابن حماد السفوري مش هيطلع عليه نهار غير وهو مشرف علي البورش مع المجرمين اللي زيه و ده بعد ما أقدم للنيابة الدليل ده و معاه التقرير الطبي ا
و بعد مغادرتهما المكتب كشړ هذا الضبع عن أنيابه الكريهة أمسك بهاتفه وقام بالاتصال علي رقم طالما يتمني أن يصل إلي صاحبه بشتي الطرق حتي يحظى علي سخائه الذي يفضي به علي كل من يقدمون إليه الخدمات الهامة ولا أهم من تلك الفرصة الذهبية ولابد من استغلالها.
_ ألو حماد بيه
_ أيوه مين معايا
تحمحم وبزهو وفخر أجاب
_ أنا رأفت متولي المحامي اللي ماسك قضية شمس محمد نصار رفعها أبوها ضد ابنك.
_ والمطلوب مني إيه إن شاء الله بص يالاه أنا مابتهددش و روح قول للي إسمه محمد أعلي ما في خيلك أركبه وشوف حد تاني غير ابني يلبسه عملة بنته الڤاجرة.
_ إهدي كده يا باشا وروق أعصابك يعني أنا لو ضدك إيه اللي هيخليني أتصل بيك عشان أحدد معاك ميعاد نتقابل ده غير معايا حاجات تهمك أوي ممكن بسببها يروح المحروس ابنك في ستين مليون داهية ومهما عملت القضية لبساه.
_ وإيه طلباتك بقي يا حضرة الأڤوكاتو
تهللت أساريره وقال
_ كده بقي جبت من الآخر والمفيد طلباتي دي مش عايزة مكالمة في تليفون أنا أجي لك لحد عندك أشرب فنجان القهوة وتسلمني وأسلمك.
الفصل التاسع
ينتظر رأفت المحامي أمام مكتب المساعد ينظر في ساعة هاتفه بزفاذ صبر حتي صدح رنين جرس التنبيه فنهض ذلك المساعد قائلا بابتسامة زائفة
_ أتفضل يا متر حماد بيه في انتظارك.
نهض هذا الخائڼ والسعادة تنبلج علي ملامحه يعلم ما سيغتنمه من تلك الفرصة الذهبية علي يقين بأن حماد السفوري علي استعداد دفع مبالغ طائلة من