رواية امرة العقاپ بقلم ندى محمود توفيق
وجهها بنيران الحقد والغل الآن هي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة الحمقاء وقليلة الخبرة بل أصبحت أكثر شراسة وشړا لم تعد تهتم بأي شخص سوى هدفها وستبدأ أول شيء بالزهرة الضعيفة جلنار ومن ثم ستتفرغ للأفعى الكبرى أسمهان
في صباح اليوم التالي بإحدى المناطق العشوائية بالقاهرة
يسير طفل في العاشرة من عمره يحمل أكياس بها أصناف مختلفة من الخضار ومستلزمات المنزل وكل خطوتين ينزل الاكياس على الأرض حتى يريح عضلات ذراعيه من ثقلها وإذا به فجأة يشعر بكف ينزل على عنقه من الخلف فينتفض واقفا ثم يلتفت لها ويقول پغضب
جذبته من ملابسه وانحنت عليه تهتف بنظرة خبيثة وابتسامة عريضة
_ هتشيل وأنت ساكت ولا اڤضحك واروح اقول لعمي مدحت أن أنت اللي سړقت كيس السكر
زفر پغضب وقال مغلوبا على أمره وهو ينحنى ليحمل الأكياس مرة أخرى
_ هشيل بس متضربيش
_ أنا برضوا بقول هو مفيش غير الواد ميدو في الحارة
دي كلها حبيبي يعني قولي كدا أنا من غيرك كنت هلاقي مين يشلي الطلبات
صاح بعصبية وهو يشير بعيناه على قرنائه اللذين يلهون ويلعبون من حولهم
_ ماهو العيال كتير ولا هو مفيش غيري
ضړبت على رأسه بخفة وهي تهتف مستكملة مزاحها
_ خلاص ياعم
وصلت أمام باب بنايتها الصغيرة المكونة من طابقين تسكن هي وجدتها العاجزة بالطابق الثاني وجارتها الست سميحة بالطابق الأول
سمعت صوت جارتها الفضولية التي تطل من نافذة منزلها
_ يامهرة
كوميدية
_ نعم ياخالة سميحة
نظرت سميحة لشعر مهرة الناعم والذي يعطي لونا بنيا بعض الشيء وترفعه بذيل حصان ثم قالت
_ بتحطي إيه لشعرك ده أنا شعري جربت فيه كل حاجة ومفيش فايدة
انحنت برأسها عليها وهمست في جدية ظنتها حقيقية
هتفت بنظرات متشوقة ومتحمسة
_ قولي
_احلقيه وسبيه ينبت من أول جديد
ألقت بجملتها ثم هرولت مبتعدة عنها لتحمل أكياسها وتتجه بهم نحو شقتها فتسمع صوت جارتها وهي تهتف بغيظ ممكسة بخصلات شعرها المعقدة تفك العقد
_ احلقه قال ده أنا شعري حرير !
كان عدنان جالسا على مقعده أمام المكتب في شركته وينهي بعض الأعمال المهمة ويرتدي نظارته الطبية الخاصة بالقراءة ولم يرفع نظره عن الأوراق إلا عندما وجد الباب ينفتح ليظهر من خلفه شاب في اوآخر عقده الثالث طويل البنيه ولديه جسد رياضي مع عينان عسلية وبشرة قمحية
_ المرة دي اعتبر نفسك مرفود لو قولتلي مخلصتش الملف لسا يابشمهندس
ارتفعت صوت ضحكته العالية وتحرك باتجاه المقعد المقابل لمكتبه ليجلس عليه ويلقى بالملف أمامه على سطح المكتب وهو يقول بغرور
_ عيب عليك يا بوص هو أنا برضوا بتاع الحركات دي
ضحك عدنان بخفة ثم التقط الملف وقال بنظرة ماكرة من أسفل نظارته
_ متنفخش نفسك أوي كدا لما اشوف الأول هببت إيه بس
قطع حديثهم دخول آدم المكتب ولكن بمجرد رؤيته لصديق أخيه المقرب في العمل وهو يجالسه تقوست معالم وجهه ورسم الابتسامة المتكلفة على وجهه بصعوبة وهو يهتف بحزم
_ عايز اتكلم معاك شوية ياعدنان على انفراد !
كان عدنان على وشك أن يجيب على أخيه برد يستحقه بعد طريقته الفظة في الحديث لكن نادر هز رأسه لعدنان بهدوء يرسل لها إشارة لا بأس ثم استقام واقفا وقال
_ نبقى نكمل كلامنا بعدين
ثم تحرك باتجاه الباب ومر من جانب آدم ثم رتب على كتفه وقال بابتسامة كانت تماثل الابتسامة التي أرسلها له منذ قليل
_ مبروك على المعرض يا فنان
لم يجيب آدم بل اكتفى بنظرته السمجة له وانتظره حتى انصرف لينظر لأخيه الذي هتف به پغضب
_ إيه الطريقة اللي بتتكلم بيها دي يا أستاذ
سار باتجاه الأريكة المتوسطة في منتصف المكتب ليجلس عليها ويقول بقرف
_ ده بني آدم مستفز مش عارف أنا أنت مستحمله إزاي
_ اخلص يا آدم عايز إيه
كان ردا عڼيفا من أخيه يوضح له استيائه من مجرى الحديث
وإشارة له بأن لا يتخطى حدوده أكثر من ذلك فقال ببرود ونبرة تحمل المشاكسة
_ بني آدم واخلص يا آدم لا تصدق حلوة وماشية على نفس الوزن !
_أه أنت جاي تستظرف بقى !!
أصدر ضحكة عالية ليقول بمرح
_ ده جزاتي إني بحاول افرفشك يعني
ابتسم عدنان ونزع نظارته عنه ثم هتف بلؤم يرمي بتلميحاته الوقحة
_ لا أنت كدا بتحاول تعمل حاجة تاني
استغرق الأمر ثلاث ثواني بظبط حتى فهم مقصده فاڼفجر ضاحكا وهتف
_ ولد عيب في أخ يقول لأخوه الصغير حجات مش لطيفة زي كدا عايز تبوظ أخلاقي
ضحك عدنان وقال بمشاكسة
_ أنا برضوا اللي هبوظها ولا هي جاهزة يإما تقعد محترم
ومتستفزنيش بأفشاتك واستظرافك ده يإما تمشي
_ ماشي