الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة بقلم ميرا كريم (كاملة )

انت في الصفحة 36 من 104 صفحات

موقع أيام نيوز

تعند معايا
لتدخل ثريا ناهرة إياه 
اتهد بقى هتعمل فيها أيه أكتر من اللي عملته
اشتد الحوار بينهم ما بين لوم و وعيد غافلين كونها تخلت عن حالة الجمود التي عليها بمجرد رؤيته وكأنها استوعبت الأمر الأن فقد تعالت وتيرة انفاسها واتسعت

عيناها بهلع عندما مر ذلك المشهد الأليم وهو يدفعها ويهددها أمام عيناها من جديد لتنطلق صړخة حاړقة مټألمة من أعماقها الممزقة و تضع يدها على وجهها تخفي عيونها وتهز رأسها بطريقة هستيرية وكأنها فقدت صوابها صاړخة بكامل صوتها 
مش عايزة أشوفك...ابعد عني بكرهك ...بكرهك...بكرهك
في تلك الأثناء كان نضال في طريقه لمغادرة المشفى بعد انتهاء وقت عمله ولكن تناهى إلى مسامعه صړاخ يصدر من غرفتها ليهرول لهناك ويصيح پحده ما أن رأى حالة الاڼهيار التي هي عليها وتجمهر بعض العاملين أمام باب الغرفة يحاولون ردعه الأخر 
هو في ايه بالظبط انت فاكر نفسك في بيتكم دي مستشفى يا استاذ يا محترم وميصحش تعلي صوتك ولا تتصرف بالھمجية دي
أجابه حسن بتبجح وهو يزيح بيده أحد العاملين الذين يحيلون بينهم 
أنت مالك انت انا ازعق في المكان اللي يعجبني وبعدين الهانم اللي قدامك دي مراتي وسقطت من غير علمي وانا عايز المسؤول هنا علشان هخربها على دماغكم كلكم
تجهمت معالم نضال وهو ينظر له نظرة مشمئزة مستنفرة وهدر بإنفعال 
مراتك سقطت بسبب تعنيفك ليها وده اللي هكتبه في التقرير الطبي ده غير محاولتك دلوقتي بالتعدي عليها
تجاهل ذلك الوعيد المبطن بحديثه ولم يفكر سوى بجملة تعنيفك لها مما جعله يعقد حاجبيه ويتسأل بعدم استيعاب 
يعني ايه مش فاهم
لوح نضال بيده وتوجه لها وقال بصوت جهوري للممرضين الذين هرولوا على صوت صړاخها ولم يتمكنوا من تهدئتها 
حد يجبلي حقنة مهدئة واقفين تتفرجوا على أيه!
وبلغو الأمن يطلعوا الأستاذ ده بره
احتدت نظرات حسن بغيظ وهدر معترضا 
انا مش هتحرك من هنا غير لما أفهم
أجابته سعاد بنفاذ صبر وبهجوم شرس 
انت هتستهبل كل اللي حصلها ده بسببك رهف سقطت لما زقتها أنت السبب في إجهاض البيبي...
نزل حديثها عليه كالصاعقة وفرغم أنه لم يسعد بخبر ولكنه لم يتعمد ابدا أن يكون سبب في خسارته.
فقد أبتلع رمقه بحلق جاف وزاغت نظراته بين تلك المسكينة التي تنتحب وتصرخ به كي يغادر وبين الجميع ثم تراجع عدة خطوات للخلف وكأن الأرض تميد به تزامنا مع صړاخها المتكرر الذي رج أرجاء المشفى 
أخرج مش عايزة اشوفك تاني بكرهك ياحسن ...بكرهك وعمري ما هسمحك...
نظر لاڼهيارها بعيون زائغة وبقايا ضميره ينهش به يخبره أنه بفعلته تلك قد يخسرها للأبد لذلك برر قائلا بنبرة مهزوزة متلجلجة 
رهف... انا مكنش قصدي...
لتدخل ثريا آمرة إياه پحده 
مش وقته الكلام ده امشي البنية مش طايقة تشوفك
يا خالتي انا مكنش قصدي هي اللي استفزتني وقتها و....
كاد يستأنف تبريره المقيت وكعادته يحمل تلك المسكينة عبء ما حدث لولآ أن ثريا قاطعته بحدة وبنبرة صارمة 
اخرس ومتفتحش بؤك ومن النهاردة تنسى أن ليك خالة والمسكينة دي ذنبها في رقبتك و ربنا اسمه العدل وهينتقملها منك علشان انت خسيس و متستاهلش ضفرها
مرر يده بخصلاته وهو يشعر بأن الډماء تغلي برأسه ويعجز عن التفكير ليمنح اڼهيارها نظرة مطولة وشيء من بقايا ضميره ينهش به فلم يتوقع في أسوء كوابيسه أن يتوصل به الأمر لهنا. ليسعفه عقله العقيم ويتدخل شيطانه كعادته ويبرر له أنها هي من استفزته وجعلته يفقد سيطرته على ذاته لذلك الحد الذي جعله يتسرع ويدفعها دون أن يفكر في عقبات للأمر
قطع تفكيره تكرار نضال وهو يحاول
جاهدا أن يسيطر على حالة تشنج جسدها كي يوخزها بإبرة المهدئ ولكن كان الأمر عسير عليه فكانت نظراتها الكارهة مصوبة نحو ذلك
المقيت وتصرخ بحړقة لا مثيل لها 
قولت طلعوه بره علشان تهدى
كان يود أن يعترض من جديد لولا أن ثريا زجرته وحثته على المغادرة ليهز رأسه بمسايرة ويقول وأحد أفراد الأمن يقبض على ذراعه 
تمام همشي بس برضو مش هتعرفي تخلصي مني يا رهف وهرجعلك تاني
دفعه اثنان من أفراد الأمن للخارج فلم يقاومهم بل تركهم يسيروا به خارج المشفى دون أي مقاومة وكأنه هو من طمح بالهروب وقد ساعدوه دون أن يشعروا
بينما هي خار جسدها ومقاومتها تدرجيا مع تسربل العقار الطبي بوريدها وتهدلت جفونها ساقطة في حالة من السبات المؤقت
وعندما اطمئن الجميع عليها اجتمعت سعاد ب نضال بمكتبه وهي تنوي أن تتخذ إجراء رادع لذلك المقيت كي تحمي ابنة عمها من بطشه.
يالهوي هي حصلت جيبلي نسوان البيت يا محمد
قالتها شهد بتسرع عندما سحبها محمد لأحد الغرف الجانبية بعدما دلف بميرال من باب شقتهم وترك الصغيرة هي من تستقبلها
كتم محمد فمها بكف يده كي لا تتفوه بالمزيد ناهرا إياها پحده 
انا قولت مچنونة ...نسوان مين يا شهدعيب عليك هو اخوك بتاع الكلام الفارغ ده اهدي علشان أفهمك
اومأت له بعيون متسعة وما أن زحزح يده عن فمها قالت بتسرع دون تفكير 
تفهمني ايه...اوعى تكون ضارب ورقتين عرفي وجاي هنا لأ البيت ده طاهر وهيفضل طول عمره طاهر
نفخ محمد أوداجه وباغتها بقرص اذنها قائلا بغيظ وهو 
اتكتمي الله ېخرب بيتك ايه اللي بتقوليه ده
تأوهت بقوة راسها كي يفلت اذنها قائلة پألم 
ودني هتطلع في ايدك وبعدين اعملك ايه ما

هي ملهاش تفسير غير كده
أجابها بنبرة جدية وهو يخفف أنامله على أذنها شيء فشيء 
لأ ليها بس اتهدي واسمعي وشغلي عقلك الأول
هزت رأسها تحثه على تركها وكتمت بيدها فمها كي تقنعه أنها ستستمع له ليتنهد هو ويترك اذنها ويقول بنبرة هادئة حاول أن يخفي بها ارتباكه 
دي بنت الراجل اللي شغال عنده
دماغك مترحش لبعيد كل الحكاية أنها كانت عايزة تشوف طمطم وتتعرف عليك
تساءلت شهد بحاجب مندهش 
وهي تعرفنا منين
أجابها محمد وقد بدأ الارتباك يسيطر عليه 
كنت واخد بنتك الملاهي وكانت معانا...
شهقت شهدبتفاجئ وقالت ببسمة واسعة 
يعني دي ميرال اللي البت طمطم حكتلي عليها طب ما تقول كده من الصبح
أومأ لها بتأكيد وأضاف برجاء محسوس 
علشان خاطري يا شهد استقبليها كويس ورحبي بيها وبلاش جنانك ده
تنهدت شهد وأجابته وهي تضيق عيناها 
من عيوني يا اخويا انت تأمر بس لو طلعت معوجة ومناخرها في السما هكرشك أنت وهي وطمطم ذات نفسها
هز رأسه بلا فائدة وقال مشاكسا وهو يسحبها من مؤخرة ملابسها كي تستقبل ضيفته 
لا من الناحية دي انا مطمن...انجري بقى قدامي يا مچنونة اتأخرنا عليها وعيب كده.
عاد كما اخبرته والدته وهو يستغرب لم طلبت منه ذلك الطلب الغريب في ذلك التوقيت بالذات ولم أصرت عليه بالهاتف أن يظل بجوارها لم قالت له أنها بحاجته الآن! فمنذ متى وهي تكون بحاجته هي لم تلق بال له من الأساس وإن كانت تفعل لم تكن ارتكبت تلك الأفعال المشينة بحق والدته وبحقه
تنهد بعمق عندما تناهى إلى مسامعه صوت بكاءها وأخذ يجول بعينه في محيط المنزل يبحث عنها ليزفر بقوة كي يمهد ذاته لأحد حيلها التي يظن أنها تفتعلها كي تؤثر عليه وتجعله يحيد عن قراراته ويتبع الصوت وصولا لمرحاض غرفة والدته استغرب ما الذي أتى بها هنا ولكنه طرق على الباب وقال بجمود أصبح يتقمصه بالآونة الأخيرة معها 
نادين اخرجي انا عارف انك بتمثلي وعارف انك أنت اللي خليتي أمي تكلمني
لثوان سكت صوت نحيبها وظن أنه نجح في كشف حيلتها وقبل أن يدرك الأمر كاملا اتاه صوت فوضى بالداخل لم يخمن مصدرها وقبل أن يستكشف الأمر بنفسه فتحت هي الباب برأس مطرقة وحاولت أن تتخطاه نظرة خاطفة بالداخل لأرضية المرحاض كانت كفيلة أن تجعله يجن جنونه ويظن كونها كان تود أن تلحق بنفس مصير والدتها ليهرول خلفها 
كنت بتحاولي تعملي ايه
حمت وجهها بذراعها الآخر تخوفا أن تنال أحد صفعاته وهزت رأسها كونها لم تفعل شيء وغر قلبه عندما فعلت ذلك وكم لعڼ ذاته كونه جعلها تخاف بطشه لهذا الحد فحقا هو الأن نادم كونه شيد بيده عائق أخر يجعلها تتحامل عليه وتنفر منه ليبتلع غصة مريرة بحلقه وتتهدل ملامحه و ينظر لها بعيون اندثر جمودها و تسربل بها الدفء من جديد حين ترك ذراعيها وتسأل 
امال علب الدوا اللي في الأرض دي ايه
انزلت يدها بترقب ثم أجابته بنبرة مخټنقة وبعيون منكسرة واهنة تفر منها دمعات متباطئة 
عندي صداع وكنت بدور على حاجة تضيعه بس ملقتش...ولما أنت خبطت العلب وقعت من ايدي على الأرض
الإنكسار الذي كان يظهر جليا على هيئتها وعيونها الدامية التي تأكد كون بكائها استمر لوقت كبير
وغير مفتعل وجعل قلبه يتوسله
كي يعود ل لينه ويرأف بها وقبل ان يصدر منه كلمة واحدة كانت تتحرك بتؤدة مبتعدة عنه وهي تمسد جبهتها وتسير نحو غرفتها
ليتنهد هو تنهيدات عميقة مثقلة ويرفع نظراته لأعلى وكأنه يناجي ربه كي يعينه على نكبة قلبه.
أما هي فبعد عدة دقائق كانت تجلس على طرف فراشها وهي تشعر بالخزي من ذاتها بعدما رأت بأم عيناها كيف أصبح يشكك بكل افعالها بسبب غباءها نكست رأسها وأغمضت عيناها تتوسل ذلك الألم أن يحل عنها ولكن كان يشتد ويشتد لدرجة انها وجدت دمعاتها تفر مټألمة معها يده الممدودة جعلتها تنتبه لوجوده معها بالغرفة فقد رفعت نظراتها الباكية إليه حين صدر صوته ذات البحة المميزة الذي يزعزع ثباتها قائلا 
جبتلك حبوب مسكنة هتريحك وعملتك قهوة ...
هزت رأسها بأمتنان وتناولت الحبوب اولا من يده ووضعت اثنان منها بفمها ثم ارتشفت بعدها الماء اخذ هو الكوب من يدها حين انتهت ثم أعطاها قدح القهوة لترفعه هي على فمها ترتشف منه بضع رشفات صغيرة مستمتعة فكم اشتاقت القهوة الممزوجة بالحليب من صنع يده بينما هو توجه يغلق ستائر الغرفة كي يكبح حدة الضوء عن عيناها ويساعدها على تخطي الألم ثم ذهب واغلق نور الغرفة وقبل أن تصيح وتذكره انها تكره الظلام وتكره أن تكون بمفردها به
يامن...
لم يمنحها فرصة لقول

ششششش متتكلميش ...مش وقت كلام وحاولي ترخي اعصابك هتبقي أحسن
هزت رأسها بطاعة جعلته يتنهد تنهيدة ثقيلة محملة بالكثير وهو يستمر بما يفعله إلى أن سكن الألم وحل محله الطمأنينة وكأنها كانت لا تدرك مسبقا كونه هو مأواها الحصين ومصدر أمانها وأدركت ذلك الآن فقط بينما هو دون حاجته لأسبابها فكان دائما وابدا يعشق ذلك الشعور التي منحته اياه الأن دون مجهود منه كالسابق فطالما كان يتعمد أن يرهبها كي يناله منها ولكن بعد أن حمت وجهها اليوم وتخوفت من بطشه أقسم أنه لن يرهبها بعد الأن ولن يقسوا عليها مرة أخرى مهما فعلت سيتركها هي من تقرر كل شيء فإن أرادت ملجأه تأتي له كما حدث الأن بكامل ارادتها .
كانت ساهمة وكأنه أتى بها
35  36  37 

انت في الصفحة 36 من 104 صفحات