رواية تحت سقف واحد بقلم دعاء عبد الرحمن(كاملة)
ل يوسف الذي تكلم بدون سابق أنذار قائلا
هي صاحبتك من زمان
قالت مريم بانتباه لا مش من زمان أوى. من ساعة ما دخلت الكلية بس
هز يوسف رأسه في صمت فقالت مريم ليه في حاجة
قال بلا
مبالاة لا أبدا. مجرد سؤال
ها يا ستى خلاص صافى يا لبن
نظرت له هند بحب وقالت خلاص سماح المرة دى.
رفع يديه للسماء هاتفا بمزاح اللهم لك الحمد
نظرت له وكأنها تدرسه وقالت ببطء أنت بتحبنى بجد يا عبد الرحمن
مطت شفتيها بعذوبة متسائلة طب ليه مش عاوز تحدد معاد كتب الكتاب
قال بنفاذ صبر قلتلك أصبرى شوية لما موضوع ولاد عمى ده يستقر كده. وبعدين هفاتح بابا في الموضوع.
نظرت إليه نظرة جريئة كما تعلمتها من أختها علا وقالت لا يبقى أنا بقى موحشتكش
ألقى عبد الرحمن الملعقة على المائدة بعصبية وقال هند. أنت كده هتخلينى أغير رأيى فيك. أنت أيه اللى حصلك! بقيتى تعملى حركات غريبة كده. أنت مكنتيش كده يا هند!
قالت مدافعة بحراج أنا كان قصدى يعنى أنك تهتم بيا شوية مش أكتر
فى المساء التف الجميع للعشاء حول المائدة الكبيرة ونظرت عفاف إلى زوجها قائلة عارف يا حاج حسين. إيمان صممت تنزل شغلها النهاردة
نظرحسين إلى إيمان قائلا بتساؤل أنت بتشتغلى يا إيمان
أومأت إيمان برأسها وقالت أيوا يا عمى بشتغل في مدرسة قريبة من شقتنا القديمة.
قالت إيمان بابتسامة وفيها أيه يا عمى أنا بركب مواصلات عامة متقلقش عليا
أظن يابنتى خلاص مفيش داعى للشغل بعد كده
ابتسمت مجددا وهي تقول بثقة وهدوء ياعمى أنا مش بشتغل علشان الفلوس مع أن ده سبب من أسباب الشغل لكن الأساس انى بحب مهنة التدريس للبنات أوى وبحس أنى بعمل حاجة مفيدة. مبحبش ابقى قاعدة كده.
وبعد العشاء دخلت إيمان خلف عمها وأغلقت الباب أشار لها أن تجلس بالمقعد المقابل لمكتبه فقالت
خير يا عمى
أستند إلى سطح مكتبه وقال بهدوء إيمان. أنت دلوقتى بقيتى زى فرحة بالظبط عندى. أنا عاوزك تكلمينى زى أبوكى متكسفيش من حاجة
رفعت كتفيها واخفضتهما وهي تقول ببساطة زى ما قلتلك ياعمى انا بحب شغلى
بس انا متأكد أن ده مش السبب الرئيسى
صمتت إيمان فاستكمل حديثه قائلا أم عبد الرحمن قالتلى انك صممتى تتغدى في شقتك فوق ليه كده يابنتى
أجابته بخجل قائلة بصراحة ياعمى انا مبحبش أتقل على حد. ده طبعى وبعدين يا عمى بعد أذنك أحنا وافقنا نعيش هنا لكن هنفضل نشتغل وتبقى لينا مصاريفنا الخاصة زى ما كنا.
نظر لها بتركيز وقال للدرجة دى شايفانى غريب عنكوا يابنتى
مش قصدى والله يا عمى لكن معلش سبنا على راحتنا
هز رأسه متفهما وقال وطبعا ده رأى إيهاب كمان. علشان كده رفض يجى يشتغل معايا في الشركة
صمتت إيمان فقال متابعا عموما يابنتى أنا مش عاوز اضغط عليكم في حاجة. بس أنا مش مستريح كده ولو على الشغل وأنك عاوزة تحسى أنك بتعملى حاجة تعالى اشتغلى معانا.
استشعرت حنانه ودفء حديثه فقالت بتفهم ياعمى اشتغل معاكوا أيه بس. انا مليش في شغلكوا خالص وبعدين انا بحب شغلى ومش ناوية اسيبه
أنهت كلمتها ونهضت واقفة تستأذنه في الإنصراف سمح لها بالمغادرة وجلس شاردا في غرفة مكتبه يبحث عن مخرج مناسب.
فى صباح اليوم التالى دخلت هند مكتب الحاج حسين وعرضت عليه ملف أحدى الموظفات في الشركة وهي مديرة مكتب يوسف نظر الحاج حسين إلى الملف وقال لهند
عملت أيه الموظفة دى
قالت هند بحنق ضيعت ملف مهم جدا يا فندم. والأستاذ يوسف اضايق أوى وبيستأذن حضرتك في نقلها مكان تانى
أمسك قلمه الخاص وذيل الملف بتوقيعه ليتم نقلها مكان آخر ثم وضع القلم قائلا في حد هيمسك مكانها
انا هقوم بشغلها لحد ما نعمل أعلان.
تقومى بشغلها ازاى ده هيبقى مجهود كبير أوى. كده مش هتبقى مركزة كفاية في شغلك هنا
قالت هند باستسلام مفيش حل تانى يا فندم.
ثم استدركت ببطء قائلة ياريتنى كنت اعرف حد ثقة كانت هتوفر علينا الأعلان والوقت الطويل اللى هيضيع ده كله
نظر إليها حسين في تفكير فلقد وجدها الفرصة المناسبة التي كان يبحث عنها ثم قال طيب سيبى الأعلان ده لحد بكرة.
وفى المساء جلس إلى إيمان ومريم في شرفة شقتهما وعرض الأمر على إيمان فرفضت قائلة
ما انا قلت لحضرتك قبل كده يا عمى انا ماليش في شغلكم
ردت مريم بسرعة قائلة ينفع انا ياعمى
نظر لها بدهشة وقال بس انت لسه بتدرسى يا مريم هتوفقى ازاى بين الشغل والدراسة
قالت مريم بشغف أنا هعرف اوفق يا عمى سبنى اجرب علشان
خاطرى
هز كتفيه قائلا باستسلام خلاص زى ما تحبى. تحبى تبدأى من بكره
هتفت بسعادة أتفقنا.
الفصل السابع
دلف إيهاب من بوابة الحديقة عائدا إلى المنزل بعد صلاة الفجر وأثناء سيره شاهد فرحة أعدت أدوات الرسم الخاصة بها وبدأت في رسم منظر شروق الشمس
أتخذت فرحة موقعا مميزا وهي تضع لماستها الفنية لأشعة الشمس وهي تنتشر وتتخلل بين أغصان الشجر وبين أحواض الزهور وبتناغم بين الألوان وباستخدام دقيق لدرجاتها جسدت خيوط الضوء وهي تتسلل غير مبالية من خلف خيوط الظلام لتتكون لوحة فنية رائعة تشعر معها بالدفىء.
لم يشعر إيهاب بنفسه إلا وهو واقف يتأمل هذه اللوحة المعبرة قائلا الله
تفاجأت فرحة بوجوده في هذا الوقت واستدارت في سرعة كادت أن توقعها هي وأدواتها تراجع هو خطوة إلى الوراء وهو يشير لها أن تهدأ قليلا وهو يقول
أنا آسف والله مقصدش أخضك كده
وضعت فرحة يدها على قلبها من أثر انتفاضتها وقالت أنا اللى آسفه معلش أصلى كنت مركزة أوى.
تمعن إيهاب في اللوحة مرة أخرى عن قرب قائلا حقيقى أنت موهوبة يا آنسه فرحة
أبتسمت فرحة بسعادة وقالت بجد. حقيقى والله
أومأ إيهاب برأسه مؤكدا حديثه وهو يقول إلا حقيقى ده أنا حسيت بالدفىء وأنا ببص على اللوحة كأن أشعة الشمس وصلانى منها
راقب خجلها وهي تقول متشكره أوى. الحقيقة دى شهادة أعتز بيها جدا
ثم رفعت رأسها متسائلة هو انت كنت فين دلوقتى
كنت بصلى الفجر وقعدت شوية في المسجد أقرأ الورد بتاعى بعد الصلاة
أبتسمت وقالت تعرف
أنك شبه إيمان أوى. انتوا حقيقى توأم
أبتسم وهو يقول بمزاح أيوا توأم بس مش شبه بعض. وعلى فكرة انا نزلت قبلها بخمس دقايق
كانت مريم تقف في الشرفة تراقب هذا الحديث بابتسامة مرسومة على شفتيها حين دخلت إيمان الشرفة وهي تقول
أيه ده أيه اللى مصحيكى بدرى كده أيه النشاط ده كله!
أشارت مريم بعينيها إلى إيهاب وفرحة قائلة شايفة منسجمين أزاى
ضحكت إيمان ضحكة رقيقة ثم قالت والله أنت دماغك مريحاكى. مرة تقوليلى أنت وعبد الرحمن لايقين على بعض. ومرة تقوليلى إيهاب وفرحة منسجمين. أيه ناوية تسيبى السياحة وتشتغلى خاطبة!
التفتت مريم إليها وأمسكتها من ذقنها بخفة وقالت لا يا أموره. ناوية أشتغل في شركة عمى. أنت ناسية ولا أيه.
خطت مريم أول خطواتها داخل مكتب الحاج حسين وهي منبهرة بما ترى من أمكانيات فلم تكن تتوقع أن تكون الشركة بكل هذه الضخامة وخصيصا أنها علمت أنها تعمل في أكثر من أتجاه وليس في أتجاه المقاولات فقط.
رحبت بها هند بشدة وأدخلتها داخل مكتب الحاج حسين الذي ارتسمت علامات السرور على وجهه وأشار لها بالجلوس قائلا بترحاب
تعالى يا مريم نورتى شركتك يا بنتى ها تشربى أيه.
قالت بخجل شكرا يا عمى أفضل نبدأ في الشغل على طول
رفع حاجبيه متعجبا وقال لالا ده أنا كنت فاكرك دلوعة طلعتى بتاعة شغل أهو
قالت بمرح طبعا يا عمى ده أنا أعجبك برضة
ضحك لداعباتها واتصل على يوسف وطلب منه أن يأتى إليه في الحال
بعد لحظات طرق يوسف الباب ودخل وأغلق الباب خلفه وهو ينظر إلى مريم متعجبا من وجودها في هذا التوقيت المبكر أشار له والده ليجلس ثم قال له وهو يشير إلى مريم.
أحب أقدملك مديرة مكتبك الجديدة
نظر إليها يوسف غير مصدق ثم نظر إلى أبيه وأخيرا تكلم قائلا أزاى يعنى يا بابا مش فاهم
حسين مش أنت مديرة مكتبك أتنقلت مكان تانى. أنا بقى قلت بدل ما نضيع وقت في الأعلانات ونطلب مديرة مكتب جديدة أهو عندنا مديرة مكتب نشيطة وزى القمر.
نهض يوسف معترضا وقال أيوا يا بابا بس أنا مبحبش أشتغل مع حريم. أنا مصدقت البنت اللى كانت شغالة مشيت أنا بصراحة عاوز راجل يمسكلى السكرتارية
قام حسين من مكانه وأتكأ على مكتبه ونظر إلى يوسف نظرة جعلته يشعر أنه يخترق تلافيف عقله ليحذره من الرفض مجددا وقال
بس مريم هتفهم الشغل بسرعة ومش هتضايقك. انا متأكد
كان يوسف يشعر بالحنق والڠضب ولكنه لم يستطع الرفض بعد تلك النظرة من أبيه فقال زى ما تحب يا بابا.
ثم نظر لها وقال تحبى تبدأى شغلك أمتى
نهضت مريم في نشاط وانتصار وقالت دلوقتى لو حضرتك معندكش مانع
أومأ برأسه وأشار إليها أن تسبقه وذهب خلفها وهو يشير ل هند أن تتبعهما
قضت معها هند بعض الوقت تشرح لها طبيعة العمل التي فهمته مريم في سرعة ثم تركتها هند وانصرفت إلى مكتبها وبدأت مريم تضع أول لمساتها في مكتبها الخاص.
بذلت مريم مجهودا شاقا من أول يوم عمل لها حتى تكون دقيقة وسريعة وحتى تستوعب كل شىء في أقل وقت ممكن جاء وقت الراحة في منتصف اليوم وخرج يوسف من مكتبه ولكنه فتح الباب بقوة فأصدر صوتها عاليا مما جعل مريم تنتفض وتصرخ صړخة خفيفة.
لم يكن الموقف يحتمل أى مداعبات ولكنه وجد نفسه يبتسم رغما عنه فلقد صړخت صړخة طفولية جدا وهي تغطى فمها بيدها وضعت يدها
على رأسها وقد شعرت بالدوار نتيجة ما حدث وجلست على مقعدها بوجه شاحب أقترب منها بضع خطوات وقال
أنت كويسة أجيبلك مية
قالت مريم بإعياء لالا شكرا أنا دلوقتى هبقى كويسة
طيب الحمد لله. أنا هروح أتغدى مش عاوزة حاجة.
وقفت وهي تبحث عن حقيبتها قائلة لا شكرا أنا هروح أشوف أى مطعم أتغدى فيه
دخل وليد مقاطعا وكأنه كان يستمع لهذا الحوار من بدايته وأحنا روحنا فين تعالى أتغدى معانا
قالت مريم بخجل لا