الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر

رواية مذاق العشق المر بقلم سارة المصري(كاملة)

انت في الصفحة 23 من 71 صفحات

موقع أيام نيوز


يجعلنا نعيش كل المشاعر وتناقضاتها فى آن واحد 
جلست صوفيا على حافة حوض الزهور الذى يرعاه تأملت تلك الزهرة البيضاء بمنتصفه في حزن تبدو مثلها تماما وحيدة منبوذة من كل الزهرات لقد جرحها وكان جرحه اكثر ايلاما من أي ۏجع عاشته من قبل لقد حكم مثل الأخرين تماما لقد نبذها مثلما نبذت من قبل عائلتها لقد اتهمها دون ان يسمعها هل اخطأت حين ظنت انه ربما يحمل لها مشاعر هل عاشت هذا الوهم وحدها هل فرضت نفسها عليه فأراد ان يبعدها بأي طريقة هل كانت ايلينا على حق حين اخبرتها انهما مختلفان فى كل شىء ورغم ذلك القت بكل هواجسها جانبا واندفعت تحبه بكل طاقة تملكها مشاعرها كان من الأجدر ان تفر من البداية قبل ان يصل الامر بها الى تلك النهاية مڼهارة وحيدة منبوذه كالعادة تعيش حزنها وتحاول مداواة المها پألم جديد تعرف انه 

سمتها صوفيا 
انتفضت على صوته فالتفتت اليه ليواصل 
جمالها مينفعش يشيل اسم تانى غير كدة 
رفعت نظرها اليه بعينين دامعتين ليلعن نفسه اكثر وقبل ان يقترب خطوة نهضت في عڼف قائلة 
بعد اذنك 
وقف امامها ليمنعها من الذهاب قائلا في رجاء 
صوفيا استنى 
واخفض رأسه ليضيف في خجل 
انا اسف بجد اسف 
ردت بنبرة مخټنقة 
اكتر كلمة بكرهها فى الوجود بنأذى اللى قدامنا ونجرحه ونهينه وبعدين نقول اسف المفروض الكلمة دى تريح ضميرك طيب هتقدر تمحى اللى انت قولته مفتكرش 
حاولت ان تتخطاه فأغلق الطريق عليها قائلا 
صوفيا من فضلك اسمعينى 
نجحت فى تخطيه بالفعل وهي تخبره في حسم 
سمعت منك كتير بعد اذنك 
وركضت فى اتجاه المنزل الصغير الذى تقيم فيه مع ايلينا ولكنه كان أسرع منها حين حاولت ان تغلق الباب دفعه بيده ودخل خلفها ليغلقه هو فتراجعت صوفيا قائلة 
من فضلك ايلينا خرجت مع يوسف وعلى فى مدرسته 
عقد ساعديه في اصرار واضح 
وانا مش هخرج من هنا غير لما تسامحينى 
ابتسمت فى

سخرية قائلة 
اسامحك على ايه ماكل الكلام اللى قولته صح وجلست على كرسى قريب فى ضعف وهى تواصل 
بس المشكلة انه مكانش بايدى كان نفسى الاقى حد يربينى وېخاف عليا انت اتولدت لقيت ليك اب ام واخوات لقيت حد يعرفك الصح من الغلط 
واشارت الى صدرها مواصلة 
لكن انا انا عشت طول عمرى منبوذة من ناس المفروض انهم اهلى انا اتولدت لاب مصرى وام فرنساوية بابا كان صاحب عمو سمير ولما شاف مونيك اخت جانيت مامة ايلينا حبها او المفروض انه حبها واتجوزها بس الحب وحده مكانش كفاية او مكنش موجود من اصله اكتشفو بعد كام سنة بعد ما خلفونى انهم بيكرهو بعض ومش قادرين يكملو وصل كرهم لابعد حد كان كل واحد بيعاقب التانى فيا كل واحد كان بيرمينى للتانى ويقوله شيل مسئوليتك مش بنتى لوحدى امى كانت بتبص لاسمى تفتكر ابويا وتكرهنى زيادة وابويا لما كان بيشوف ملامحى اللى تشبهها كان پيلعن الساعة اللى اتجوز فيها خواجاية بعدته عن اهله كل واحد فيهم اتجوز حد شبهه وفضلت انا الحاجة اللى بتفكر كل حد فيهم بغلطه رمونى فى مدرسة داخلى عشان يرتاحو منى وهناك مكنتش عارفة انا مين نص مصرية ونص فرنساوية نص مسلمة ونص مسيحية انا ايه بالظبط محدش فكر فيا خالص كل اللى كان بينا شوية فلوس عمرهم ما قصرو فيها الصراحة خالتو جانيت اخدتنى فترة حاولت تعلمنى حاجات كتير عن دينى ولغتى ولما امى لاحظت ده كانت بتحاول تمحيه بكل طريقه وفضلت تايهة مش عارفة اعمل ايه تعرف يا زين انى عمى ريان عرفته بالصدفة كان اخو بابا الصغير وجاى فى بعثة واستقر هناك كنت تعبانة فى المستشفى وهوا اللى عالجنى ولما قال لبابا مكلفش خاطره يجى يطمن عليا عارف انى قبل ماجى هنا امى طلبت منى اسيب الشقة وارجع اعيش لوحدى تانى عشن ناوية تتجوز واحد غير جوزها اللى سابته انا وقتها انهرت وهربت وجيت لايلينا عشان انا مليش غيرها يا زين مليش غيرها 
ودفنت وجهها بين كفيها تبكى فى حرارة لفحت قلبه وسمرته فى مكانه للحظات وهو يتساءل هل هناك من القسۏة التى من الممكن أن تصل بقلوب البشر الى هذا الحد هل يختفى خلف هذا الوجه البرىء والملامح الملائكية كل هذه المعاناة هل اختفت خلف تلك الابتسامة المبهجة ألآم لم يعشها عجوز تخطى المائة الى هذا الحد لم ينتبه الى هذا الشجن الرابض بعينيها وانشغل فقط بسحرهما وبريقهما من هو ليحكم عليها هل عاش ولو ذرة مما عاشته لقد ولد لأب وأم مسلمين ووجد ألف من يعلمه ويوجهه لهويته ودينه وتقاليد مجتمعه أما هي فلا علام يحاسبها على يتم ابويها وهما على قيد الحياة أم على نبذها من أقرب الناس اليها دون ذنب 
أي حب هذا الذى يظن انه يحمله لها 
كانت تنتفض أمامه من البكاء بعد أن فتح چراحها بچرح جديد اقترب منها وجثا على ركبتيه وهو يزيح يدها من على وجهها فى رفق قائلا وهو يمسح دموعها 
انا غبي ومتخلف ومتسرع قولى كل اللى انتى عاوزاه انا مش هقدر اسامح نفسى اصلا فمش هطلب منك تسامحينى تانى خدى حقك منى بالطريقة اللى تريحك 
رفعت رأسها تخبره بين نشيجها 
زين انا مش متضايقة من اللى اتقال انا سمعته بدل المرة الف انا متضايقة انه خرج منك انت انت بالذت افتكرت انك مش هتشوفنى زيهم 
نهض فنهضت بدورها امامه ليسألها في خبث 
انا بالذات يعنى انا مختلف بالنسبالك صوفيا عن اى حد 
رمشت بأهدابها عدة مرات لتخفي عينيها الساحرتين عنه قبل ان تخفض رأسها فى خجل لتبتعد عن مواجهته قائلة 
انا طول عمرى تايهة ومش لاقية مكان ولا بر ارسى واستقر عليه بس لما شوفتك حسيت انى انى وقطعت الحديث بشهقاتها الباكية فابتسم زين وامسك بكتفيها قائلا 
مفيش داعى تقولى اى حاجة انا اللى هتكلم يا صوفيا لو انتى كنتى تايهة فانا كنت عارف كويس اوى انا عايز ايه ومحدد وراسم حياتى بالتفصيل وبالورقة والقلم زى مابيقولو لما قابلتك برجلتيلى كل حاجة بقيت حاسس فجأة انى مسئول عنك عاوز اهتم بيكى اقربلك صورتك كانت على طول قدامى فى كل لحظة بتجننى قاومت احساسى بيكى بكل الطرق بكل الطرق يا صوفيا حاولت اقنع نفسى بكل المتناقضات اللى بينا بس عقلى عمره ما
سعفنى وكأنى فجاة بقيت بفكر بقلبى وبس او ان قلبى بقا هوا عقلى مش عارف بس الاتنين رافضين انى ابعد عنك وشايفين انى بعدك ممكن يموتنى يا صوفيا 
اتسعت حدقتاها وكل حواسها تحاول استيعاب ما يوجهه لها من كلمات تمس مشاعرها برقة وبسحر لم تعرفه ابدا كادت بالفعل ان تفقد الوعى وهو يسألها في حب 
تتجوزينى يا صوفيا 
شهقت وهى تضع كلتا يديها على ثغرها وهتفت فى تلعثم 
زين ده معناه ايه 
احتوى وجهها بين كفيه وأردف في رقة 
معناه انى عايزك تفضلى جنبى طول الوقت معناه انى مش هخليكى تخافى تانى معناه انى هعلمك كل اللى المفروض تتعلميه عن دينك وبلدك وكل حاجة 
عادت ابتسامتها الطفولية للظهور قائلة فى خبث 
يعنى بس كدة مش عشان بتحبنى 
ترك وجهها وقال وهو يتظاهر بالجدية 
مش لازم الواحد يكون بيحب واحدة عشان يتجوزها يعنى 
قطبت حاجبيها في غيظ واعطته ظهرها فامسك بذراعها لتلفت له يعطيها أمانها الذي تبغيه 
ممكن يكون بېموت فيها مثلا 
ابتسمت وهمت لتتعلق بعنقه فأمسك بكتفيها ليمنعها قائلا 
اول درس هعلمه لحبيبتى انه مينفعش تقرب لحد بالشكل ده غير جوزها وبس 
هزت كتفيها قائلة فى بساطة 
ما انت هتبقى جوزى 
رد وكأنه يجاري طفلته 
خلاص متستعجليش 
وتنهد وهو ينظر للمكان حوله ويضيف 
اما بقا تانى درس فده ليا وليكى مينفعش نكون انا وانتى موجودين فى مكان مقفول كدة لوحدنا ده مش هيتكرر تانى مفهوم 
ابتسمت وهي تشير بيدها كتحية عسكرية هاتفة في مرح 
مفهوم 
نظر لعينيها للحظات يأخذ جرعته المعتادة من سحرهما الذى ادمنه قبل أن يتراجع بخطواته الى الخلف حيث الباب الذى حين هم بفتحه نادته 
زين 
الټفت في اهتمام فقالتها بعينيها وبكل حواسها قبل ان تنطقها شفتيها 
بحبك 
رد وهو يتظاهر بالغرور 
عارف 
تمتمت من بين اسنانها 
غلس 
ضحك في عبث 
عارف برضه 
واغلق الباب تاركا اياها فى سعادة تعيشها للمرة الأولى منذ ان ولدت عرفت من الان فصاعدا الى اى شىء ستنتمى ستنتمى الى زين الى حبه الى كل شىء يتعلق به 
الى عائلته وطنه حياته من هذا الوقت اصبح زين هو الحياة نفسها ولكن تبا لتلك الكلمة لا صوفيا لا تفكرى فيها من الان واستمتعى فقط بحب زين الذى اغرقك فيه منذ لحظات زين اى حب هذا الذى سقطت به معك يا الهى كم اعشقك 
اخذ ينظر اليها حين أطالت الوقوف على قبر ابيها لوقت ظنه اكثر من اللازم اصرت ان تذهب اليه قبل ان يذهبا لأى مكان نظر الى ساعته ليعرف كم مر من الوقت لقد مكثت ما يقرب من الساعة دون ان تشعر 
طلبت منه ان يبتعد قليلا ليتركها تناجى اباها يظن أنه أعطاها مايلزمها من وقت تنهد وهو يتجه اليها ربت على كتفها فى حنان قائلا 
ايلينا 
سمع شهقتها المكتومة ففهم انها تبكى وتحاول العودة الى طبيعتها من اجله امسك بكتفيها ليديرها له بينما كانت يديها تمسح دموعها بارتعاد ترك كتفيها ليحتضن وجهها بكفيه قائلا 
معقول يا ايلينا الموضوع خلاص عدى عليه شهور 
امسكت بكفيه على وجهها قائلة 
انا مش بعيط يا يوسف انا بس كنت بتكلم معاه واطمنه على نفسى ومن غير ما حس عينى دمعت 
التمعت عيناه وسألها في هيام 
اتكلمتو على ايه 
نظرت له فى حب مماثل وأجابته 
كلمته عنك قولتله ان ربنا عوضنى بهدية جميلة قولتله انى سعيدة اوى يا يوسف قولتله انى بطلت اخاڤ خلاص قولتله ان فيك كل الصفات اللى اتمنتها فى جوزى واكتر قولتله قولتله انى بحبك اوى يا يوسف 
زفر في غيظ هذه المرة وهو يقول 
انتى جاية تقوليلى الكلام ده هنا ربنا يسامحك وانزل كفيه من على وجهها مواصلا 
اسمحيلى انا بقا اشتكيلو منك 
واقترب من قبر محمود قائلا 
بنتك بقا يا عمى مش عايزة تحن عليا وتحدد معاد الفرح 
شاكسته بنفس طريقته وهتفت كأن أباها يحتاج لصوتها المرتفع ليمكنه سماعها من العالم الاخر 
وانا قولتله يا بابا مادام مستعجل مش لازم فرح 
هز رأسه نافيا بشدة 
اه طبعا انا مستعجل بس هفضل مصر على الفرح دى هتبقى اسعد ليلة فى حياتى كلها ولازم تكون لها ذكرى خاصة لو فضلتى تأجلى للسنة الجاية هستحمل يا ستى ايه رأيك بقا 
واضاف وهو ينظر الى قبر ابيها 
حنن قلبها عليا شوية يا عمي انا مش هستحمل سنة بجد 
ضحكت بشدة لينظر لها وكأنه يتوسلها فقالت وهى تمط شفتيها فى تفكير 
شهر كويس 
اطلق يوسف تنهيدة
 

22  23  24 

انت في الصفحة 23 من 71 صفحات