رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني (الفصل 28:30)
انت في الصفحة 1 من 8 صفحات
الفصل الثامن و العشرون
بعد مرور ثلاثة أشهر
دفعت باب الكوخ ببطئ و هي تجر حقيبتها
خلفها اسندتها على الحائط بجانب الباب
يجلس على كرسيه المتحرك أمام تلك النافذة
البلورية الكبيرة يراقب تلك البحيرة بشرود
بحنو وحشتني اوي
شعرت بتصلب جسده إثر لمستها له لكن مع ذلك فقد
ظل جامدا لا يعيرها أي إهتمام رغم أنه تفاجئ
أضافت بقلك وحشتني
بعد ثوان من الصمت نطق اخيرا بعد أن كادت
تيأس من جوابه جاية إيه
أمامه ركعت على ركبتيها تتأمل بلهفة ملامح وجهه
الوسيمة رغم ذبوله و حزنه قائلة جيت علشان
حرك رأسه لليسار حتى لا ينظر لها قائلا بجمود
يومين وورقة طلاقك هتوصلك عشان زي ما إنت شايفة حالتي انا خلاص ما تنهد و هو يغير وجهة كلامه ليكمل تقدري تروحي دلوقتي
ذراعي كرسيه مردفة بنبرة منزعجة بس انا مش موافقة على الطلاق و هقعد معاك هنا يعني لازم تتعود على وجودي عشان مفيش قدامك حل غير داه
نظر نحوها بتعجب لتقاطعه قائلة لا متستغربش إنت اللي خليتني مچنونة كده ااه و نسيت اقلك
أنا حامل
قالتها و هي تقف من مكانها مخفية إبتسامتها الخبيثة لتتوجه نحو المطبخ حتى تعد شيئا تأكله
أما هو فبقي مصډوما في مكانه ينظر في اثرها
بذهول فتح فمه عدة مرات محاولا التحدث
لكنه لم يستطع من شدة صډمته تلك المچنونة
لقد غادرت بعد أن فجرت قنبلة في وجهه
ضغط على الزر ليتحرك كرسيه للداخل و يتبعها
وجدها تقف أمام الثلاجة تختار بعض المواد
لتبدأ في الطبخ
تردد هشام عدة مرات قبل أن يتحدث بصوت
متحجرش يدل على أنه لم يتحدث منذ
وقت طويل
مين اللي قلك على مكاني
رمقته بنظرة سريعة قبل أن تعود لتكمل
ما تفعله و هي تجيبه
هيكون مين غيره سيف طبعا أنا فضلت
ازن عليه لغاية ما وافق
أخذت بعض الخضر و شرائح اللحم
ثم وضعتهم على الطاولة التي تنتصف
المطبخ و هي تضيف
بصراحة هو مرضيش يقلي بس سيلين
هي اللي ساعدتني و إنت عارف بقى هو
ميقدرش يرفضلها طلب
أخذت السکين و بدأت في تقطيع الخضر
دون أن تتوقف عن الشكوى و تصف له
كم إن سيلين محظوظة لأن لديها زوج
متفهم كسيف قاطعها و هو يسير بكرسيه
نحوها
إنت بجد حامل
وضعت السکين من يدها و مسحت يدها
بالمنديل قبل أن تلتف له حتى
أصبحا متقابلين أيوا في الشهر الثالث
عرفت لما إنت كنت في المستشفى بس
مقدرتش أقلك و لما إنت بعدت و سبتني
انا مقدرتش أقعد لوحديصالح و فريد
لو عرفوا ھيقتلوني إنت مشفتش صالح
بعد ما خف بقى إزاي
خفضت رأسها بعد أن سالت دموعها
و هي تتذكر ما حصل لها بعد أن سافر
هشام و تركها
كانت لا تستطيع أن تنام في الليل
بسبب تلك الكوابيس التي تؤرق منامها
كانت تحلم بأن فريد و صالح يقتحمان
غرفتها بعد إكتشافهما لخبر زواجها السري
من هشام و إنتهى بها الأمر للإنتقال
إلى الفيلا الخاصة بسيف حيث قضت
عندهم الشهريين الماضيين بعد إصرار
سيلين عليها خوفا أن يتأثر جنينها بسبب
الضغط النفسي الذي تمر به
حتى قرر سيف في الاخير أن افضل حل
هو أن يرسلها إلى هشام حتى يطمئن
شعر هشام بمدى الخطأ الذي إرتكبه
دون أن يشعر و كيف كان انانيا لم يهتم
سوى بنفسه و ترك إنجي تواجه كل
شيئ بمفردها رغم انه من ورطها في
امر الزواج
تخيل خۏفها و هي وحيدة بعد أن تخلى
و مدى الړعب الذي عاشته يحمد الله أنه
أخبر سيف بزواجه منها حتى يحميها
لقد كان مصډوما عندما أفاق من الغيبوبة
و أخبره زياد أنه قد تلقى ضړبة شديدة
على عموده الفقري أدت إلى إصابته
بالشلل المؤقت حيث عليه أن ينتظر عدة
أشهر أخرى قبل أن يخضع لعملية أخرى
حتى يستعيد سيره العملية كان سهلة
و نسبة نجاحها عالية جدا و هذا ما جعله
يطمئن
ما آلمه اكثر هو أن إمكانية عودته للقيام
بالعمليات الجراحية للمرضى ضئيلة جدا
أي أن حلمه في أن يصبح جراحا ماهرا
قد ذهب أدراج الرياح و هذا ما جعله
يشعر بأن عالمه قد إنهار من حوله و لم
يفكر سوى في الرحيل و الإبتعاد عن
الجميع تلاه مۏت والدته الذي حطمه
دون رحمة
رفع رأسها للأعلى و حاوطه بيديه يطالعها
بحنان قائلا
طب حقك عليا انا آسف متزعليش مني
مكنتش في وعيي الايام اللي فاتت
و خصوصا مۏت ماما
أغمضت عينيها و أجهشت بالبكاء فما مر عليها
ليس سهلا ابدا و رغم ذلك لم تكن تشعر بالندم
و لو للحظة واحدة على قبول زواجها من هشام
دنا منها أكثر ثم حملها من فوق كرسيها
لتتعلق إنجي برقبته و قد زاد بكاءها
وضعها فوق ساقيه ثم ضمھا نحوه محاولا
تهدأتها حتى نجح في ذلك بعد أن ظلت
دقائق تبكي و تفرغ ما كتمته بداخل قلبها
طويلا
تحدث هشام بمزاح
طب كفاية عياط على الاقل عشان
أفرح بإبني
عضت شفتيها بإحراج عندما وجدت
نفسها بين أحضانه حاولت الوقوف
لكنه اوقفها مذكرا إياها
على فكرة إنت مراتي
أجابته بنبرة عتاب
بس إنت كنت عاوز تطلقني
هشام و هو ينظر في عينيها بندم
عمري ما كنت هقدر اعمل كده بس
ڠصب عني أنا كنت بمر بظروف صعبة أوي
و مكنتش عاوز أكون حمل على حد
عشان كده طلبت من سيف يسفرني على هنا
بس طول الوقت كنت بفكر فيكي
أومأت له بتفهم ثم قررت تأجيل العتاب
إلى بعد حين أمسكت يده لتضعها على
بطنها مردفة بمزاح
إبنك جعان و عاوز ياكل
ضحك و هو يشعر بقلبه قد وجد السعادة
بعد أيام طويلة من العڈاب ثم قال
بس كده و حبيب بابي عاوز ياكل إيه
حولت إنجي بصرها نحو الخضراوات التي
أخرجتها من الثلاجة منذ قليل قائلة بتفكير
مش عارفة ممم إيه رأيك في شوربة خضار
و فراخ بانيه
هشام و هو لا يكف عن النظر نحوها
بس إنت حامل و المفروض ترتاحي
إنجي
و نقعد كده جعانين إنت عندك شغالة
هنا
حرك رأسه بنفي
أنا هنا لوحدي
إنجي باستفهام بجد طب مين اللي بيطبخلك
و ينظف البيت
تنهد هشام بصوت مرتفع قبل أن يهمس لها
أنا بعمل كل حاجة بنفسي سيف مخلي
رجالة في الكوخ اللي جنبنا هما اللي بيجيبولي
كل اللي بحتاجه
إنجي بانبهار أبيه سيف داه مفيش منه أنا بحبه
اوي
حرك هشام كرسيه ليقربه من الطاولة و هو
يقول طب خلي الاعتراف داه بينك و بين
نفسك عشان بغير
ضحكت إنجي و هي تستدير حتى تقف لتبدأ
في صنع الطعام لكن هشام أوقفها قائلا
رايحة فين
إنجي هعمل غدا
هشام و من إمتى بتعرفي تطبخي
إنجي بقالي شهر بتعلم عشان لما آجي
على هنا ألاقي نفسي جاهزة
هشام ممم عشان بقيتي متجوزة و كده
إنجي اه تقريبا كده و دلوقتي سيبني عشان