رواية لاجئه في اسطنبول "كاملة" بقلم ياسمين عزيز
للغة الألمانية سيأتي منذ الغد ليعطي دروسا لأوس.. لقد علمته بعض الجمل و لاحظت انه يحفظ بسرعة لذلك أردته...
لين مقاطعة و قد بدأ على وجهها علامات الضيق ..
الا ترين ان تبالغين قليلا الا يكفيه دروس اللغة التركية و الانجليزية و نوادي الرياضة التي يرتادها و تريدينه ان يبدأ في تعلم لغة جديدة...سيتعب هكذا انا لست موافقة الغي الأمر و في المرة القادة كان لابد من استشارتي قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بأخي..
لين بضيق ..انه اخي انا من المفترض انني انا المسؤولة عنه انت تريدين إلغاء وجودي في حياته تدريجيا... أصبحت لا أعلم أين يقضي أوقاته و مع من و ماذا يفعل....
قبل أن تتجه الى غرفتها في الطابق العلوي.. اغمضت عينيها بتعب و قبضت بيديها المرتجفتين على مسند الدرج و هي تشعر ببداية دوار.. تحاملت على نفسها و هي تكمل صعودها بخطوات متعثرة حتى وصلت إلى غرفتها
فتحت الباب ثم ألقت بنفسها على الاريكة و أغمضت عينيها بتعب لتغط في نوم عميق....
مساء فتحت لين عينيها لتشعر بصداع قوي يكاد يفتك برأسها...نظرت حولها لتجد نفسها نائمة على فراشها الوثير و رائحة جان تلف المكان بالتأكيد هو من بنقلها من على الاريكة....
افاقت على صوت جان الذي خرج للتو من الحمام يلف منشفة بيضاء على خصره.... ابتسمت لين بنعومة قبل أن ترفع يديها تطالبه بالاقتراب....
نظر لها بتعجب للحظات قبل أن يندس الى جوارها و هو يضمها بفرح...
لم يصدق لوهلة عندما شعر بها و هي تشدد من أحتضانه هامسة بخجل .. ممم رائحتك لذيذة جدا هل هو عطر جديد...
لم يستطع كتم ضحكاته على منظرها اللطيف و الذي يدعوه الى التهامها بوجنتيها المحمرتين باڠراء و شفتيها المزمومتين پغضب محبب و هي تشاهد ضحكاته المتسلية....
جان من بين ضحكاته .. تكرهينني.. اذن اتركيني لما تمسكين بي
لين و هي تأخذ نفسا عميقا..لا أعلم رائحتك غريبة... لذيذة بشكل لا يوصف...حسنا ابتعد سوف احضر زجاجة العطر بدلا منك...
جان باستغراب .. انا لم أضع اي عطر بعد ...لين مابك انت نائمة منذ الصباح و الآن تصرفاتك الغريبة.... هل... هل انت حامل
جان و هو يربت على ظهرها .. حسنا لا بأس... اصلي طيبة واذا اعتذرت منها سوف تسامحك لقد تركتها منذ قليل في غرفة اوس...انها تحبه لذلك تهتم به... هي تعرف الأماكن و الحياة هنا جيدا اكثر منك لذلك تسعي لاختيار الأفضل لاوس بينما انت لازلتي تتعلمين...أيتها الغيورة....
اومأت له لين بابجاب و قد قررت انها ستذهب إليها بعد قليل للاعتذار منها.
ليلا.. كانت لين تقف بحماس في المطبخ و هي تعد طبقا كبيرا ممتلئا بعدة أصناف غير متجانسة من الاكل كشرائج الدجاج المتبل و بعض الليمون و الجبن و السمك و الطماطم....
جلست في المطبخ تأكل بنهم و كأنها لم تكن تتناول طعام العشاء منذ اقل من ساعة.
ارتخت على الكرسي و هي تشعر بامتلاء معدتها لتتفاجئ بدخول إحدى الخادمات الى المطبخ...
شعرت لين بالغرابة فمن المعروف ان الخادمات يغادرن الى غرفهن الموجودة في البيت الملحق للقصر حالما ينتهين من تنظيف المطبخ.
تنحنحت الخادمة بحرج و هي تتقدم من لين قائلة ..آسفة سيدتي و لكنني تركت هاتفي هنا فعدت لأخذه... اومأت لها لين برأسها دون أن تجيبها و هي تغادر مقعدها. أمسكت بالطبق لتضعه في الحوض لتسبقها الخادمة و هي تأخذه منها قائلة برقة .. لا عليك سيدتي سوف اغسله حالا و أغادر..
ابتسمت لها بشكر و هي تقول .. تصبحين على خير ليزا..
بادلتها ليزا الابتسامة و هي تقول ..سيدتي هل بإمكاني ان أسألك سؤالا...من اي بلد انت اعذري جرأتي ارجوكي و لكنني أردت أن أعرف لان والدتي مثلك عربية..
لين ببراءة ..حقا من اي بلد هي انا من سوريا .. 1
ليزا بحماس مخادع ..يا إلهي غير معقول والدتي أيضا من نفس البلد من دمشق و هي تتكلم العربية و لكنني لا افهمها كثيرا فوالدي رفض ان نتعلمها..
لين باستغراب.. لماذا قد يفعل ذلك...
ليزا بحزن كاذب ..لا أعلم و لكنه كان متعصبا جدا لقد تزوج من امي لأنه أعجب بجمالها و لكنه تركها بعد أن أصبحت مريضة لقد رماها في احد دور المسنين و انا اعمل لاتكفل بمصاريف علاجها و اقامتها...
شهقت لين بفزع و هي تسمع قصة هذه المرأة و لم تنتبه الى الابتسامة الخبيثة التي ارتسمت على شفتي ليزا و هي تلاحظ تأثرها بقصتها الكاذبة و الشبيهة بحكايتها... لاجئة عربية متزوجة من ثري تركي.
يتبع
حمل
في الشركة
يقف علي أمام الحائط الزجاجي لمكتبه متأملا بشرود مباني المدينة...ابتسم دون وعي عندما تذكر صغيرته إلين التي أصبحت تطارده في كل مكان.. تذكره بحبها له و عدم استسلامها للحصول عليه...
رن هاتفه فجأة لينظر في ساعته متمتما بمرح..دائما في نفس التوقيت... هذه الفتاة لا تمل أبدا..
انتظر عدة دقائق قبل أن يسمع طرقات خفيفة على باب مكتبه قبل أن يفتح و تطل ألين من وراءه حاملة عدة أكياس في يديها.
وضعت الأكياس على المنضدة قبل أن تتجه الى علي و تعانقه بلهفة قائلة ..لقد أحضرت لك طعام الغداء حبيبي...أعلم أنك تنساه دائما ..
إحتضنها علي بسعادة مقبلا أعلى رأسها و هو يجيبها..اشتقت إليك صغيرتي العنيدة...ياإلهي كم أحبك..
ابتعدت عنه إلين لتنظر في عينيه و هي تبتسم بفرح ..انا أيضا أحبك... بل اعشقك پجنون..
غمزها علي بشقاوة قبل أن يحكم ذراعيه على خصرها ليرفعها إليه قائلا أمام شفتيها ..انا جائع...لكن لأشياء أخرى اولها تقبيل هاتين الشفتين اللتين تفقدانني صوابي كلما نظرت إليك.. 6
صدح صوت ضحكاتها في الغرفة و هي تحاول التملص من بين ذراعيه قائلة برقة.. كفى علي ...انا جائعة جدا و اريد تناول البيتزا التي أحضرتها..لا اريد شيئا آخر..
حررها من بين يديه وهو يهتف .. إنت الخاسرة..ساطلب من داريا السكرتيرة ان تقبلني...
لقد طلبت منك طردها هي لاتصلح للعمل هنا و انا أكرهها..
قهقه علي بصخب على غيرتها المچنونة مجيبا بصدق..
حبيبتي الصغيرة انا أمزح فقط.... لن أجرأ على فعل ما يزعجك يوما تأكدي من ذلك جيدا..اما بالنسبة لداريا فأنا بالفعل ساطردها حالما أجد سكرتيرة غيرها..لا تنزعجي و تعالي البيتزا ستبرد و تفقد نكهتها إذا استمرينا بالحديث هكذا..
لوت ثغرها بعناد طفولي و هي تتجه الى الاريكة لتجلس عليه و هي تحدق به ببراءة تليق بها ليرفع علي كفيه باستسلام قائلا .. أميرتي... صدقيني انا أقول الحقيقة أمهليني يومين فقط و ستجدين غيرها.... ..
الين و هي تتظاهر بعدم تصديقه رافعة ابهامها بټهديد.. حسنا سأنتظر يومين فقط... اليوم الثالث إذا وجدتها هنا فلن تراني ثانية و انا اعني حرفيا ما اقول.. تلك الغبية اكرهها لأنها لا تتدخر جهدا في محاولة الإيقاع بك بحركاتها المبتذلة و ابتسامتها القبيحة.. 1
اقترب علي منها ثم جلس بجانبها ليأخذ كفها في يديه مردفا بصدق نابع من عينيه المتيمتين بها.. الين حبيبتي.. يجب أن تعلمي انني منذ دخولك إلى حياتي فأنا لا أرى غيرك.. لقد تركت كل حياتي القديمة
من أجلك فقط لذا لن أسمح لك بالابتعاد عني و تركي تأكدي من هذا...حتى انني سوف اتكلم مع جان بشأننا اريد ان اتزوجك في أقرب وقت...اريدك ان تصبحي لي حبيبتي..
ابتسمت ألين بخجل و هي تفتح أكياس الطعام قائلة .. حسنا علي.. لنأكل الان و بعدها سوف نتحدث..
رمقها علي بغيظ و هو يجذب الكيس من يدها قائلا بحنق.. انا أحدثك عن مشاعري و انت تتكلمين عن الطعام... كتلة ثلج متنقلة ..
___________
عند جان
بعد أن انتهى من مراجعة بعض الملفات المهمة.. فتح جهاز اللابتوب ليراقب ما يحدث في قصره او بالأحرى يرى زوجته الصغيرة التي اشتاق إليه في هذه الساعات القليلة التي ابتعد فيها عليها قلب تسجيلات الكاميرات ببطئ يبحث عنها ليجدها أخيرا تجلس في المطبخ تأكل بعض الطعام بنهم و تتحدث مع إحدى الخادمات...
ضيق عينيه بتعجب من كمية الطعام الكثيرة الموجودة أمامها خاصة وجود طبق كبير من المأكولات البحرية ليتمتم بتساءل..منذ متى و هي تأكل هذا النوع من الاطعمة.. هي حتى لاتطيق النظر اليه فكيف تأكله الان.... هذا غريب..
مرر اصابعه في خصلات شعره بتفكير..و هو ينظر أمامه قبل أن يتذكر شيئا كان قد غاب عن ذاكرته تماما ليهمس بتساءل ..هل من الممكن أن تكون حامل...
اتسعت ابتسامته لهذه الفكرة قبل أن يغلق الحاسوب و يجذب جاكيت بدلته ليرتديه على عجل و بأخذ مفاتيحه و متعلقاته و يغادر مكتبه باتجاه القصر....
وصل خلال وقت قصير ليجد لين تجلس في الحديقة مع نازلي و أوس...
اتجه إليها و جلس الى جانبها ثم جذبها اليه ليحتضنها بلهفة لتحاول لين إبعاده قائلة بخجل..جان...ابتعد لسنا وحدنا..
ابتعد عنها قليلا ليتأمل وجهها الفاتن بنظرات عاشقة و هو يقول بحب ..لا يهمني... فقد اشتقت اليك كثيرا لم ارك منذ سبع ساعات.....
ضحكت نازلي بخفة و هي تشير الى أوس قائلة بمرح..تعالى صغيري دعنا نذهب لنترك عصفوري الحب لوحدهما..
أشار جان لاخته لتجلس ثم قال بابتسامة ..لاداعي أختي فأنا سآخذ لين الى غرفتنا فقد استدعيت الطبيبة لفحصها..
نظرت له لين بتساؤل بينما رمقته نازلي بقلق قائلة ..لما الطبيبة جان هل هناك خطب ما بلين هل هي بخير .. 1
جان بهدوء.. لا تقلقي صغيرتي لا تشكو من شيئ فقط فحص روتيني لا غير..
قاطعهم رنين هاتفه ليقف جان من مكانه و هو يمسك بيد لين قائلا .. هيا حبيبتي... لقد وصلت الطبيبة..
تبعته لين بقلق الى ان وصلا إلى جناحهما... دفعها جان بلطف أمامه قائلا .. هيا لندخل الطبيبة بانتظارك