الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية لمن القرار "بقلم سهام صادق"

انت في الصفحة 16 من 187 صفحات

موقع أيام نيوز


تحركه وزيجاته العديدة لم تكن إلا ليتفادى شهواته ولكن فتون ستكون سهلة المنال ونظرته كرجل تخبره بذلك . 
وعند تلك النقطة كان يفتح باب الغرفة متجها إليها 
توقف مكانه عندما التقطت عيناه جسدها وهي منحنية تمسح أرضية المطبخ .. أغمض عينيه بقوة ثم أشاحهما بعيدا 
فتون تعاليلي مكتبي 
انتفضت مڤزوعة على أثر صوته تعتدل في وقفتها 

حاضر يابيه .. أعملك قهوتك
ألتف بجسده مغادرا يعطيها الإجابة بنبرة مقتضبة 
لأ .
طالعت خطواته تستشعر الخۏف من نبرته الصارمة 
لقد غادر الضيف منذ ساعة وانفرد هو في غرفة مكتبه 
هو البيه هيعوزني في إيه ! ده حتى مرضيش أعمله القهوة . شكله لسه زعلان منك يا فتون .
ارتسم البؤس على ملامحها مجددا وعادت تؤنب حالها فلم تكن تقصد أن تخالف أوامره أو تظهر أمام ضيفه إلا لتشرفه في تقديم الضيافة .
أخذ عقلها يدور دون هوادة بين تفاصيل اليوم ..تقارن حديثه معها في الصباح وتعامله معها منذ وصول ضيفه .
أدركت للتو أنها أطالت في شرودها. . فأسرعت نحو محرمة المطبخ تمسح يديها تفكر في صنع القهوة له وقد تناست أنه منذ دقائق كان يرفض تناولها
دلفت حجرة مكتبه تتجه نحوه بخطوات مرتبكة فعينيه كانت لا تحيد عنها وكأنه كان ينتظرها
أنا مطلبتش قهوة
طالعت فنجان القهوة وقد انتبهت

لحماقتها .. الټفت بجسدها حتى تعيدها للمطبخ 
حطيها مدام اتعملت 
عادت تنظر إليه تبحث عن تلك النظرة التي تطمئنها ولكنها لم تجد شيئا إلا ذلك الجمود الذي يخاطبها به .
وضعت الفنجان أمامه تطرق بعينيها أرضا تحاول أن تتحكم في دقات قلبها النابضة 
قولتلي إنك عايزني يابيه 
رفعت عينيها عندما طال صمتهفاتسعت حدقتاها وهي ترى ذلك المظروف الذي يمده إليها 
إيه ده يابيه !
مكأفاة نهاية خدمتك هنا يافتون . 
ابتلعت لعابها وقد جف حلقها من الصدمة تنظر إليه لا تستوعب حديثه .
نهاية خدمتي هو أنا عملت حاجة تزعلك ياسليم بيه 
مش لازم تكوني عملت حاجة يافتون .
لا أنا أكيد عملت حاجة زعلتك مني ..أنت كنت مبسوط مني امبارح والنهارده الصبح . 
وأردفت تبحث عن سبب وعيناها تدور هنا وهناك .
طيب الأكل طعمه وحش .
تعلقت عيناه بها. . أراد التراجع في قراره ولكنه حسم أمره 
فتون خدي الفلوس وياريت تجمعي حاجتك وتمشي ولو على حسن أنا هفهمه .
أبوس إيدك ياسليم بيه متمشنيش من هنا .. الله يخليك يابيه .
انحنت تقبل كفه فأسرع ينتشلها من ذلك الوضع المخزي الذي أصاب نقطة ما في قلبهإنه يكره ضعف وذل الناس .
فتون إيه اللي بتعمليه ده .. فتون وجودك عندي في بيتي مينفعش .. أنا راجل معارفي كثير وأغلبهم عينهم زايغه . هيشوفوا وجودك في بيتي إنك لقمة سهلة .
أرجوك يابيه خليني أخدمك.. أنا مبسوطة هنا.. ولو على اللي عملته النهارده أوعدك مش هخرج من المطبخ تاني .
سقطت دموعها تستجدي عاطفته
مش هتحس بوجودي بعد كده .
زفر أنفاسه يطالع نظراتها الکسيرة.. عاد قلبه يرفق بها يخبره أنها استثناء.. عقله يطالبه ألا يتراجع وقلبه يحثه على الأمر يطالبه ان ينظر في ملامحها الطفولية.. ينظر نحو عينيها التي لا تحمل إلا الضعف .
تأملها بعينين ليست كعينيه حين يطالع نساءه .. هن يحركن به شهوته ولكن هي لا تحرك فيه إلا المشاعر النظيفة كما كانت
سيلا تفعل 
سليم بيه أرجوك 
ورجاءها بصوتها الضعيف المرتعش كأنه كان ينقصه ولا يعرف بعدها كيف أومأ برأسه موافقا على مكوثها بعدما كان أتخذ قراره بثبات .
ضمت كفيها ببعضهما وانسابت دموعها غير مصدقة .
مش هضايقك تاني يابيه..هنضف وأحط الأكل وأمشي على طول ..كل حاجه هتقول عليها هسمعها .
سعيدة هي.. سعيدة بذلها أمامه سعيدة بأنه أعطاها فرصة أن تظل خادمة وهو يقف يطالعها بسكون يتشرب تفاصيلها ضعفها ويرتوي داخله ولكن ارتواءه لم يكن إلا علقما .
روحي يافتون 
يعني آجي بكره 
تسألت وقد عادت إليها الحيرة فمازال مقتضبا في حديثه 
تقدري تيجي يافتون 
ألقى عبارته مغادرا الحجرة هاربا من عاطفته التي نسي مع الزمن أنها داخله وهاهي تعود لتتحكم به .. طالعت طيفه وعادت الډماء لوجهها مجددا فعالم دون سليم النجار ترفضه و قليل القليل هي ما تريده العطف .
....
خطفت رائحة الفطائر الشهية أنفاسها.. وقد عبق المكان برائحتها .
أسرعت في إخراجها من الفرن تنظر الي صنيعها برضى 
ماما إحسان هتتبسط قوي وكمان الأستاذ عصام بيحبها 
عصام الذي أدمي قلبها بكلماته الچارحة هذا الصباح.. وقفت هي ليلا منهكة القوى تصنع له ما يحبه .
وضعتهم فوق طبق جميل فعصام
ضيف والضيف يجب أن ينال كل ماهو نظيف وجميل هكذا كانت تفعل والدتها .
ابتسمت وهي تتذكر اتصالها بهم أمس إنها اشتاقت لهم بشدة وما يصبرها على هذا أن حسن وعدها بعدما تدخر راتبها معه ويخرجون منه مصروف البيت سيأخدها إليهم.. ستنتظر شهرين آخرين حتى تجمع مبلغ لا بأس به وتذهب إليهم محملة بالهدايا 
حملت الطبق وسارت به نحو شقة السيدة إحسان وكالعادة منذ مجيئه هو من يفتح لها الباب 
مساء الخير 
تفحص الطبق الذي تحمله وتلك المرة لم يطالعها بنظراته المزدرية لكنه تجاهلها وهو يفسح لها المكان حتى تدلف لوالدته 
يعني راجعه من شغلك يابنتي تعبانه تقومي تعمليلي فطاير.. أعمل فيك إيه يافتون .
عشان تفطري بيهم ياماما 
طالعتها بحنو فرمقها عصام ثم نظر نحو الفطائر يلتقط منها واحدة
تسلم إيدك .. بتفكرني بطعمهم من إيدك يا أمي .
أسرعت في الرد وقد أسعدها حديثه معها حتي لو كانت بضع كلمات 
ماما إحسان هي اللي علمتني أعملهم إزاي . 
ابتسمت السيدة إحسان تفتح لها ذراعيها.. لم تنتظر ثانية لتفكر فقد ألقت بنفسها بين أحضانها تستمد منها الدفء .
طالعهما عصام وقد صدق حديث والدته عنها فهى ليست إلا فتاة صغيرة ألقاها الفقر والجهل في زواج ليست مؤهلة له ومع حديث والدته عما يفعله بها زوجها رق قلبه ففي النهاية هو أب لثلاث فتيات ولكن قراره في أخذ والدته معه لن يتراجع عنه مهما أصرت وحاولت 
اقنعيها تسافر معايا يافتون..

هي بتسمع كلامك . 
تعلقت عيناه بعيني والدته التي رمقته بلوم فبعدما أخبرها أنه سيفعل لها ما تريد هاهو يتحدث في الأمر مجددا
تسافر.. تسافر فين 
تسألت وقد ألجمها ماسمعته تنظر للسيدة إحسان تنتظر جوابها
عصام أنا قولت مش هسافر يعني مش هسافر.. أرجع لمراتك وولادكأنا مش هسيب بيتي .
نهضت من مقعدها وقد ضاقت ذرعا من ضغطه عليها.. طالعت فتون الباب الذي أغلقته خلفها وارتكزت عيناها عليه لا تستوعب ما سمعته للتو 
فتون ممكن تقنعيها.. أنا مش قادر أسيبها لوحدها أكتر من كده والحمدلله وضعي المادي بقى كويس هناك .
تعلقت عيناها بذلك الواقف الذي اقترب منها يطلب منها مساعدته 
هي بقت متعلقة بيك قوي وبتسمع كلامك.. وأنا هفهمك تقوليلها إيه عشان تقنعيها .
وأردف متسائلا ينظر لها 
هتساعديني مش كده 
...
بتقولي إيه ياختي.. مالكيش نفس تحضريلي العشا أنا وصاحبي قومي بدل ما أنت عارفاني يافتون .
ماليش نفس.. قولتلك ماليش نفس أعمل حاجه هو أنا مش زي بقية الناس . 
ارتفع كلا حاجبيه دهشة ينظر إلى تكورها فوق الفراش 
ماشي يافتونأنا هعرفك إزاي تردي عليا .
قبض على خصلات شعرها يسحبها من فوق الفراش دون أن يعبأ بصړاخها.. صړخت قهرا ولم يعد لديها طاقة للتوسل فقواها اليوم قد نفذت 
حرام عليك ياحسن.. حرام عليك.. أنا تعبت .
بتقوليلي حرام يافتون..وكمان تعبت . 
تعالى صړاخها وصفعاته تتوالى على وجنتيها تفيض إليه بحزنها لعله يسمعها لمرة واحدة
ماما إحسان هتسيبني وتسافر.. هتسيبني لوحدي .
يعني عملالي المناحة دي عشان الست أم أربعة وأربعين هتمشي.. ما تمشي ولا تروح في أي داهية هي وابنها اللي عامل نفسه ابن ذوات .
ترك خصلاتها ينفضها من بين يديه وكأنها مجرد غبار
ساعة وآلاقي الأكل معمول وبعدها تخشي تنامي وملمحش خلقتك قدامي طول ما مسعد صاحبي موجود .. سامعه .
سامعه ياحسن.. سامعه .
ألقت هاتفها بعدما ضجرت من مهاتفته ومطالعة حساباته الشخصية.. ميادة لم تخبرها إلا بسفره الذي أتى فجأة وقد علموا به وهو يودعهم.. هي تعرف صديقتها جيدا لو كان أخبرها بشيء لأخبرتها به على الفور .
عادت تلتقط هاتفها تدق عليه للمرة التي لا تعلم عددها.. إنها تعلم إن الغلق قد يكون بسبب متعلق بالشبكات.. أخذها عقلها لأخر لقاء بينهما
تعالى رنين هاتفها فأسرعت 
بالتحديق بشاشته وقد ظنته هو ولكن لم تكن إلا خالتها كاميليا
نظرت نحو هاتفها تستغرب مكالمة خالتها وموعدهم غدا !!
خفق قلبها وهي تتذكر كلام رسلان معها بأنه سيعلن حبهما..وارتجف قلبها وهي تستشعر ماهو قادم فقلبها يخبرها أنها سعادتها وعليها ألا تضيعها .
.
جلست بالمطبخ شاردة تنتظر رحيله..كانت تفكر بصوت مسموع لا تصدق أن السيدة إحسان سترحل وستتركها فهى من هونت عليها غربتها في وطنها بكنف زوج لا يفعل شيئا سوي ضربها كلما اعترضت أو سمع لها صوت .
تحسست ذراعيها المكدومتين تحت ملابسها تغمض عينيها من شدة آلامها .
فتون أنا هتغدا بره تقدري تمشي بدري لما تخلصي شغلك .
لم يطالعها وهو يتحدث.. تمنت أن تجد نظرته الحانية تلك اللحظة ولكن ماهي إلا خادمة تستجدي العطف من الآخرين 
حاضر يابيه هخلص شغلي وأمشي .
خانته عيناه وهو ينظر إليها..ولكنه تراجع للخلف ملتفا بجسده راحلا 
هي لو مشيت أنا هعمل إيه يابيه 
قطب حاجبيه يطالعها بعدما استدار بجسده نحوها 
مين اللي هتمشي ولا مشيت.. أنت بتكلمي نفسك يافتون !!
ماما إحسان.. ابنها عايز ياخدها معاه .
رفرفت بأهدابها تمنع هطول دموعها ولكنها فشلت في منعها 
ماما إحسان مين يافتون.. أنت ليك أهل هنا !
نفت برأسها ترثي حالهاحسن لا يسمعها ولم تجد إلا هو لتبوح إليه...تناست أن الواقف أمامها هو رب عملها الرجل الذي كاد بالأمس يصرفها من عملها دون سبب .. الرجل الذي أنحنت تقبل يده تتوسله .
كل شئ تلاشي في لحظة وهي تفيض له بأوجاعها 
وقف يستمع لها ولأول مرة يعيش دور المنصت يستمع لغيره باهتمام 
كفايه عياط يافتون لو هي بتحبك مش هتسيبك .
هتسيبني وتمشي.. قلبي حاسس إنها هتمشي .
فتون كفايه عياطلو مشيت لازم تتعودي إن محدش بيفضل مع حد .
سليم النجار يقف يواسي ويعطي نصائحه ومع من مجرد خادمة 
يتعجب من حاله ولكنه يشعر أنه مسلوب الإرادة يعلم أنه لا يخصها إلا بالعطف ولكن هل يظل العطف عطفا بين رجل وامرأة .
توقف عقله عند تلك النقطة ومازاد الأمر سوءا أنه انتبه للتو أن عينيه لم تحد عنها 
أنا رايح المكتب.. وتقدري تمشي بدري زي ماقولتلك 
انسحب من أمامها ..هرب.. يصارع داخله ما لم يفهمه
.
دارت بعينيها بين خالتها وذلك الجالس الذي أخذ يتفحصها بنظراته.. طالعت ميادة الصامتة وقد انشغلت بهاتفها 
أعرفك بالأستاذ أحمد ياملك محاسب في بنك.. ودي ملك بنت أختي مدرسة .
أومأ الجالس

برأسه يرفع نظارته قليلا مدققا النظر في ملامحها
تشرفنا يا أستاذ أحمد ...
طالعتهم كاميليا بنظراتها الفاحصة.. وإعجاب ذلك
 

15  16  17 

انت في الصفحة 16 من 187 صفحات