رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني
سيف عن
السير مستمتعا بردة فعلها التلقائية و التي
توقعها حال إكتشافها بوجود اسود على
الجزيرة...
جذبته من ذراعه و هي تهمس بړعب
و قلبها يكاد يتوقف عن النبض حال سماعها
تلك الأصوات المخيفة ثانية..
إنت رايح فين..مش سامع صوت الأسد....
في أسدات في الجزيرة تعالى بسرعة خلينا
إلتفت نحوها سيف ببطئ و هو يردد
كلمة أسدات و التي لم يفهمها..
قوليلي الجزيرة فيها إيه.. أسدات داه
نوع جديد من الحشرات و إلا إيه
إستمرت بجذبه من يده دون فائدة فهو لم
يتحرك خطوة واحدة لتهتف موضحة له..
أسد و أسد و أسد..يعني أسدات كثير....
ارجوك خلينا نمشي مش وقت ضحك دلوقتي .
دائما عندما تخطئ في كلامها... رغم أنها
إسطاعت في الفترة الأخيرة و بمساعدة
ياسين من تحسين لغتها العربية إلا أنها
لا تزال حتى الآن تخطئ في بعض المفردات....
توقف عن الضحك عندما شاهد شحوب وجهها
و إرتجاف يديها من شدة خۏفها لا يلومها
فأي إنسان طبيعي مكانها كان سيخاف
المخيفة...حاوط كتفيها بذراعيه ثم حركها
نحوه لتستقر بين أحضانه قبل أن يهمس
في أذنها مطمئنا إياها..
طول ما أنا جنبك إوعي تخافي من أي حاجة...و
إطمني إحنا لسه جوا جنينة الفيلا و الأسود
نطقها بضحك برا في غابة الجزيرة بس
أصواتهم قريبة عشان إحنا قربنا من السور
حركت رأسها بإبجاب بعد أن أشعرها كلامه
ببعض الاطمئنان لكن ذلك لا ينفي إهتزاز جسدها
كلما سمعت زئيرهم...أصواتهم فعلا مرعبة
و تجعل المكان يهتز من حولها...
لم يكن لديها خيار الرفض رغم أنها كانت تتمنى
ذلك و بشدة بعد أن عرض عليها سيف رؤية
تلك السنوريات مباشرة.....
أن أسلاك حديدية متينة تفصل بين الجهتين....
أشار بإصبعه نحو أحدهم لينتقل بصرها إليه
مباشرة....
كان يجلس تحت شجرة كبيرة لا يفصله
عنهما سوى بضع خطوات و لولا وجود
هذا الجدار لما إستطاعت سيلين الوقوف
أمامه دقيقة واحدة....
تحدث سيف مفسرا لها و هو يشير نحو الأسد..
ستورم و نيفار و أوتمن و سيلفر.... أنا إشتريتهم
من شهور قليلة مع الجزيرة....بس لسه مجربتش
اتعامل معاهم مباشرة عشان مكنتش فاضي
و مجيتش هنا غير مرتين....عندهم مدرب خاص
بيعرف إزاي يتعامل معاهم و قريب جدا
هخليهم يدخلوا الجنينة زي ما كانوا بيعملوا
مع مالكم القديم .
برقت عينا سيلين پذعر لتندفع مصرحة
إيه إنت عاوز تدخل الكائنات دي للفيلا....
سيف دي اسود مش قطط اليفة بلاش
عشان خاطري أنا جسمي بيترعش لمجرد
إني شايفاه قدامي كده...ااااااا داه
فتح بقه عاوز ياكلنا ......
صړخت و هي تشير نحو الأسد الذي كان
يتثاءب لتظهر أنيابه الكبيرة...قبل أن يضع
راسه الضخم فوق رجليه الأماميتين إستعدادا
لأخذ قيلولة.....
ضحك سيف باستمتاع على مظهرها و هي
تقوس شفتيها بحنق راسمة على وجهها
تعبيرات عديدة منها غاضبة خائڤة ومترجية....
بدت وكأنها دمية بجمالها الملائكي اللذي
خطڤ قلبه منذ اول مرة رآها ليجبره على
عشقها دون إذن منه خاصة عينيها
الزرقاء التي تشبه البحر في صفائه
و هدوءه و الأجمل منه بشرتها البيضاء
الصافية و خديها الوردييين... أما شفتيها
فكانتا حكاية أخرى ....حتى أنه
لم يستطع إزاحة عينيه عنها متأملا بدقة
أي حركة تصدر منها....نزلت أنظاره نحو
كف يدها الأبيض الذي كان يقبض على ذراعه....
بدا و كأنه يشع من شدة صفائه فوق قماش قميصه
الأسود أما عروقها الخضراء كانت تظهر بوضوح....
ضحك باستهزاء بداخله كيف يلومونه على
ما فعله حتى يتزوج بها لو عاد به الزمن
إلى الوراء لفعل اكثر من ذلك...ليس فقط
جمالها الخارجي الذي جذبه نحوها بل
كذلك براءتها و ضعفها...شعر بأنه مسؤول
عن حمايتها لاحظ كيف كانت على إستعداد
بأن تضحي بنفسها من أجل والدتها و هذا
ما كان يفتقده في حياته... شخص حنون مثلها
يعوضه على سنين وحدته الطويلة حتى والدته لم
تستطع فعل ذلك....
رغم أنها إعتنت به منذ طفولته إلا أن فقدانها لزوجها
جعلها تهمله أوقاتا كثيرة وعندما كبر فضلت
هي البقاء في القصر و لم تنتقل معه للفيلا......
رنين هاتفه قاطع حبل أفكاره ليزفر بعدم
رضا شاتما المتصل به في سره...أخرج هاتفه
ليتفاجئ بذلك الاتصال الذي كان ينتظره منذ
أسابيع طويلة...
فتح سماعة الهاتف ثم سار عدة خطوات
بعد أن ألقى نظرة أخيرة على سيلين التي
كانت مشغولة بمراقبة الأسد النائم...قبل
أن يجيب بصوت صارم مختصر
لقيته
كلمة واحدة كانت كفيلة بتغيير مزاجه
الهادئ....ليتحول إلى شخصية الشبح
الذي لا يرحم....مع كل حرف من حروف
كلمة أيوا التي نطقها الرجل كانت عينا سيف
تزداد توحشا و خطړا بينما كان عقله ينسج
أسوأ السيناريوهات التي سيطبقها على إبن
عمه الحقېر....
اسرع نحو سيلين ليجذبها من ذراعها
و يسير بها نحو سيارة السفاري دون
أن ينطق أي كلمة....هي أيضا لم تسأله
بل إكتفت بمراقبة تعبيرات وجهه التي
كانت تتغير مع كل ثانية لتعلم أن أفكارا
كثيرة تتصارع بداخله...أقنعت نفسها انها
يجب أن تتعود على تغيراته الفجئية
و التي شهدتها بكثرة مؤخرا....
كانت تعلم منذ أول يوم قابلته في شركته
عندما قدمت طلبا لمساعدته أن إهتمامه
بها و الذي أظهره أيضا بعد ذلك في عدة
مناسبات لن يكون مجانيا... و أنها سوف تدفع
ثمنه عاجلا أم آجلا...كانت ستكون غبية
إن صدقت أن هناك رجلا كاملا في هذه
الحياة التي خلقت فيها...
أسلوب عيشها مع الألمان علمها أن لا شيئ دون مقابل و علمها أيضا أن تحاول مسايرة ما تعطيه
لها الحياة مهما كان لتحوله لصالحها حتى لا تسلك
طرقا مسدودة....
ما لاقته من سيف مؤخرا جعلها تشك في
أمره...رغم عدم معرفتها الجيدة بأنواع الرجال
و علاقاتها الشبه منعدمة بهم إلا
أنها كانت تعلم أنه لا يوجد رجل طبيعي يفعل ما فعله غيرته المفرطة و قراره بإبعادها عن الجميع
حتى والدتها يؤكدان ذلك....
البارحة تصفحت موقع ال غوغل ثم أدخلت
بعض الأوصاف التي لاحظتها في زوجها
لتكتشف أنه يعاني من مرض نفسي و هو
أحد أنواع الهوس مما يجعله متعلقا بها
بدرجة كبيرة و يرفض إهتمامها بأي شخص
غيره...لطالما كانت في الماضي ترتعب من
مجرد نطق كلمة مرض نفسي لكنها الان
مضطرة لمواجهته بذكاء ....
متأكدة للغاية أن أيامها بل و سنواتها القادمة
ستكون في غاية الصعوبة معه و ستكون
أسوأ بأضعاف إن تحدته لذلك وجدت ان الحل
الاسلم هو مسايرته حتى تستطيع العيش
بأقل الخسائر.....
البارحة قضت ساعات طويلة و هي تفكر
ووضعت إحتمالات كثيرة و اولها الهرب
لكنها كانت تعلم أن ذلك مستحيلا سوف يجدها
منذ اول دقيقة هذا إن نجحت في الهرب
فهو لا يدعها تختفي عن انظاره ابدا.....
حتى لو تحقق المستحيل و فرت إلى أين
ستذهب و كيف ستعيش..سيكون الشارع
مأواها إذن هي و والدتها المړيضة
فلا أب و لا قريب لديها لتلجأ إليه....
الحل الثاني و هو معاندته أي أن ترفض جميع
أوامره و لا تدعه يتحكم فيها و هذا سيجعلهما في
صدام دائم معه.. و سيزيد من حصاره لها
و قد ينفذ تهديده و و يسجنها في جناحه للأبد.
تبقى الحل الاخير و هو مسايرته أي أن تطيع
جميع اوامره و تلبي كافة طلباته...لكن بطريقتها
الخاصة ستستغل جيدا خوفه الشديد من فقدانها
حتى تسطر حياتها كما تريد و هذا ما قررته بعد
تفكير طويل....
إنتبهت أن السيارة توقفت أمام الفيلا ثم
رأت كيف ترجل سيف و إستدار لجهتها
و يفتح لها الباب...نزلت بسرعة ليمسك
هو بيدها و يغلق الباب بيده الأخرى ثم
سار بها في إتجاه باب الفيلا.........
لم تجعلها توصياته بعدم مغادرة الجناح
إلا فضولا و إصرار على معرفة السبب و من
حسن حظها أنه كان مستعجلا كثيرا لدرجة
أنه لم يفكر في غلاق الباب عليها...إبتسمت
له و هي تشير له بإصبعها موهمة إياه بأنها
ستخلد للنوم.....
في الأسفل و تحديدا في غرفة منزوية
في طرف مبنى للفيلا كان سيف و آدم يقفان
وجها لوجه...كانا أشبه بنمرين غاضبين
ينتظران أن يهجم أحدهما على الآخر...
رغم أنه كان بإمكانه أن يأمر رجاله أن
ېقتلوه في نفس المكان الذي وجدوه فيه
لكنه لم يفعل و عوض ذلك اوصاهم بعدم
لمسه او التعرض له....
أراد أن يراه أن يسأله لآخر مرة
ماذا فعل له حتى يكرهه و يعاديه هكذا...
قاطع تواصلهما البصري سيف الذي تلفظ
بكلمة واحدة إختصرت جميع ما بداخله..ليه
و كما توقع بدل أن يجيبه... تعالت قهقهات آدم
الساخرة و تواصلت لدقائق طويلة ظل فيها
سيف يحدق فيه ببرود و دون ملل....بل تركه يفعل
ما يريد حتى إستقام الاخر و عاد ليقف أمامه
من جديد يرمقه بنظرات متحدية قبل أن يجيبه
كاشفا عن حقده و كرهه له..
عشان كل حاجة إنت بتملكها من حقي...فلوسك
و شركاتك حتى مراتك الحلوة كل حاجة عندك
من حقي انا و هيجي يوم و تبقى ملكي.....
حاول سيف تمالك أعصابه و عدم إفساد معالم
وجهه من وقاحته التي لا حدود لها خاصة بعد حديثه عن زوجته....
سيف بهدوء ينافي ما بداخله..
طب ليه أنا بالذات...ليه مش صالح او فريد...
ضغط آدم على أسنانه بغل و هو يجيبه..
إنت كنت بتحميهم مني في كل مرة عشان
كده بكرهك اكثر واحد فيهم....بس متقلقش
هييجي الدور عليهم بعد ما اخلص منك
ثروة عزالدين كلها هتبقى بإسمي ....
سيف و هو لايزال محافظا على هدوءه..
بس داه يبقى إسمه طمع...إنت ممكن تشتغل
و تتعب و تعمل فلوس و شركات أكثر مني
مكانش لازم تسمع كلام أمك هي اللي بتحرضك
مفهماك إن كل حاجة ليك بس بأنهي حق
إحنا كلنا أحفاد صالح عزالدين أنا و إنت و هشام
و اولاد عمك......
آدم بصړاخ..لااااا أنا مليش أخوات و لا أولاد
عم و إنت كمان إوعي تفتكر إن عندك عيلة... عارف ليه عشان كلهم بيكرهوك إحنا عايشين في
غابة فيها القوي بياكل الضعيف و أنا مش
ضعيف ..ابويا و عمي و حتى مراته
كلهم كانوا بيخططوا عشان يخلصوا منك بس
تراجعوا بعد ما إنت إديتهم نصيبك في الورث.....
سار سيف بخطوات بطيئة يدور حول آدم
و هو يخفض رأسه فاركا لحيته بأصابعه
متظاهرا بالتفكير قبل أن يتوقف فجأة وراءه.
أخرج علبة سجائره من جيب ليشعل إحداها
منفثا عن غضبه فيها....
قبل أن يرفع وجهه نحوه قائلا..
و إنت بقى زعلان عشان أعمامي تراجعوا
فلي كانوا ناويين عليه
آدم بإصرار..
تؤ..عارف ليه