رواية فردوس الشياطين "بقلم مريم غريب" (كاملة)
بعضا منهم يقف للطلب عند الحاجة ...
لم يتناول سفيان طعامه جيدا بقدر ما حرص علي الإهتمام بضيوفه .. فأحيانا كان يقرب صحن الحساء الساخن من يارا و أحيانا يدفع لها بكأس العصير
كان يتصرف معها بغاية اللطف و كأنه لم يكن الشخص الذي عرفته من قبل أظهر كرما بالغا و رقة غير مفهومة
لوهلة شكت بنفسها ربما كانت مخطئة .. لكنها عادت فورا حين تذكرت كلامه و تهديداته السابقة آثرت الصمت و من داخلها تبتسم بسخرية ...
كان المطر قد بدأ رذاذا خفيفا عندما وصلت وفاء إلي المنزل كانت تحمل في يديها حقائب طبعت عليها علامات أفخم المتاجر
لفت نظرها ضوء الشرفة الأمامية فأدركت وجهتها .. دقيقة و كانت ماثلة أمام شقيقها ...
كان يحتسي قهوته و هو يتبادل أطراف الأحاديث مع ميرڤت و قد جلست ميرا بجواره علي يد الكرسي ..
مساء الخير ! .. قالتها وفاء بنبرتها العذبة
وفاء !
معقولة كل ده تأخير
وفاء بأسف معلش يا سفيان علي ما خلصت المشاوير إللي قولتلي عليها ده أنا لفيت أد كده و الله
سفيان طيب تعالي سلمي علي ضيوفنا
أقلبت وفاء باسمة لتقف كلا من ميرڤت و يارا لتحيتها ..
وفاء أهلا و سهلا بيكم . و الله منورين البيت
ميرڤت منور بأصحابه يا حبيبتي
إزيك يا عروسة
يارا بإبتسامة الحمدلله كويسة
وفاء ما شاء الله زي القمر . و الله صبرت و نولت ياخويا . ربنا يهنيكوا يا رب
سفيان شكرا يا وفاء .. صحيح أومال فين سامح
وفاء سامح وصلني و مشي قال تعبان و لازم ينام بدري عشان عنده مرافعة الصبح
أومأ سفيان بتفهم ثم قال
خدي نفسك و قوليلنا عملتي إيه في الترتيبات إللي قولتلك عليها
جلس الجميع لتبتسم وفاء و هي تسحب مجلد من إحدي الحقائب و تقول
كل حاجة تحت السيطرة . حجزت كروت الدعوة و إتفقت مع أشهر دار لتصميم ديكورات الأعراس و أخر حاجة جبتلكم جتالوجات للفاستين و البدل أخر موديل . و أحب أبشركم فرحكوا هيبقي حدوته سنين قدام
نظر سفيان لها و قال
فرحنا يا حبيبتي . هو صحيح كمان إسبوعين بس أنا مش عايزك تقلقي كل حاجة هتطلع أحسن ما إحنا عايزين
يارا بجدية بس أنا مش عايزة فرح
سفيان رافعا أحد
حاجبيه
مش عايزة فرح !
إزاي يعني ده إنتي بنت و إللي أعرفه أن ده حلم كل البنات . ده غير إني بعتبر جوازنا ده هو جوازي الحقيقي و لازم كل الناس تعرف بيه و يتحاكوا عليه كمان
ميرڤت ليه كده يابنتي صحيح علي رأي سفيان بيه . ده حلم كل البنات معقول مش عايزة تفرحي زي البنات !!
يارا بثبات أيوه مش عايزة . فرح لأ
كاد سفيان أن يرد لولا رنين هاتف أخته
إعتذرت وفاء منهم و أخرجت هاتفهها لترتبك قليلا عندما تري إسم المتصل ..
ده سامح ! .. قالتها وفاء حين رفعت أنظارها لتصطدم بأعين أخيها الحادة
ضغطت زر الإجابة و ردت
ألو .. أيوه يا سامح .. خير !
أيوه موجودين الإتنين .. في إيه يا سماح ... بتقول إيه !!!!
في إيه يا وفاء ! .. تساءل سفيان بلهجة خشنة
نظرت وفاء له ثم لإبنته ... وجدت صعوبة في قول هذا
لكنها نطقت س ستيلا . أم ميرا .. ماټت يا سفيان ..... !!!!!!!!!!!
يتبع ...
الفصل 19
طرد !
وصل سامح صباح باكر إلي ڤيلا آلداغر ...
كان يحمل علي يده لفافة هدايا كبيرة حمراء اللون مربوطة بشريط أزرق شعر و كأنه كالأبله و هو يسير بهذا الشئ هكذا ... لكنه تجاوز شعور الحرج و تابع المسير حتي الحديقة الخلفية
شاهد سفيان من علي بعد و هو يعوم داخل المسبح الكبير طولا و عرضا بلا هوادة إبتسم بإلتواء و مضي إليه ..
صباح الخير يا إبن الداغر ! .. قالها سامح بلهجة معابثة و شد كرسي قريب ليجلس
رفع سفيان رأسه و هو ينفض قطرات الماء عن عينيه و نظر لصديقه قائلا
صباح النور يا متر .. كان اللهاث يغلف صوته
سامح مداعبا إيه النشاط ده كله يا عريس . بتسخن و لا إيه !
سفيان بسخرية إنت جاي تستظرف علي الصبح بروح أمك .. و صعد من المسبح متناولا مآزره من فوق الطاولة
سامح بإبتسامة صفراء
مش ملاحظ إنك بتقل أدبك كتير اليومين دول يا صاحبي !
سفيان و هو يجفف شعره بالمنشفة
براحتي يا حبيبي . أنا أعمل أي حاجة تعجبني في الوقت إللي يعجبني
و لفتت إنتباهه تلك الهدية المغلفة هناك ..
إيه البتاعة إللي هناك دي ! .. قالها سفيان بتساؤل و أردف
دي بتاعتك إنت إللي جايبها
حمحم سامح بشئ من التوتر ر قال
أه دي هدية . جايبها لميرا
سفيان بإستغراب جايبها لميرا إشمعنا !
سامح مغالبا إرتباكه
أنا قلت فات شهر بحاله و هي حابسة نفسها في أوضتها و زعلانة علي مامتها . حبيت أعمل أي حاجة تخرجها من حالة الحزن دي
أومأ سفيان رأسه مرارا و قال
طيب و جبتلها إيه بقي
سامح باندا . بيقولوا الباندا صديق البنات و خصوصا المراهقات إللي في سنها .. أنا متأكد إنها هتتبسط بيه
تنهد سفيان و ألقي بالمنشفة علي ظهر الكرسي فتنفس سامح هنا و قد علم أن اللحظات الصعبة مرت
سفيان بلهجة فاترة
عموما أنا مش ساكت عليها . قريب هشغلها في حاجات تنسيها أمها
سامح بإهتمام هتعمل إيه يعني !!
نظر سفيان له و قال بجدية تامة
هجوزها
سامح پصدمة إيه ! .. هتجوزها هتجوزها لمين
سفيان للواد إللي بتحبه
سامح و هو يزدرد ريقه بصعوبة
إزاي يا سفيان ده إنت كنت
هتقتله
فجأة كده هتجوزه بنتك !!
سفيان البت بتحبه يا سامح و هو مالي دماغها و في نفس الوقت الواد مش جربوع لأ من عيلة بردو و مستقبله مضمون يبقي إعترض ليه و أمنع سعادة بنتي
سامح طيب و إنت إتأكدت منين إنه هيتجوزها فعلا !
سفيان بإبتسامة غرور
أبوه جالي من إسبوع و طلبها مني . و أنا وافقت
صمت سامح قليلا ... فهذه أنباء جعلته يكتشف كم هو قادر علي التماسك إلي أبعد الحدود ..
تكلم من جديد
و هي عرفت ! .. قالها بإقتضاب
سفيان لأ لسا . بس هي عارفة إني موافق مبدئيا
أومأ سامح قائلا
تمام . ربنا يسعدها و يخليها لك يا سفيان .. عن إذنك !
سفيان إيه ده رايح فين
سامح ماشي
سفيان بدهشة ماشي ! إنت جاي
في إيه و ماشي في إيه سيادتك !
سامح أنا كنت معدي قلت إدخل أشوفك . بس لازم أروح المكتب دلوقتي عندي معاد مع عميل مهم
سفيان طب و مين
يدي الهدية لميرا
نظر سامح له و قال بإبتسامة
إديهالها إنت . و قولها من أنكل سامح
في منزل يارا ...
يدق جرس الباب لتذهب ميرڤت فورا و تفتح
صباح الخير يافندم .. قالها الشاب بإبتسامته اللطيفة
ميرڤت و هي ترد له الإبتسامة
صباح النور . أي خدمة !
الشاب مش دي شقة الأنسة يارا محمد
ميرڤت أيوه هي
الشاب أنا معايا طرد ليها من الأستاذ سفيان الداغر
نظرت ميرڤت للصندوق ثم للشاب و قالت
طيب ماشي . إتفضل حطه جوا .. و تنحت جانبا سامحة له بالدخول
ولج الشاب و وضع الصندوق أمام الباب من الداخل ثم أخرج دفتر صغير من جيبه و نظر لها قائلا
ممكن حضرتك تمضي علي الإستلام هنا ! .. و أعطاها قلم
مضت ميرڤت بأسمها فشكرها الشاب و رحل ..
إنحنت و حملت الصندوق كان نوعا ما ثقيل لكنها لم تفتحه لتري ما بداخله بل أخذته و ذهبت إلي غرفة إبنتها ..
يآاارا .. إصحي يا يارآاااا . إصحي يا حبيبتي شوفي خطيبك بعتلك إيه ! .. هكذا راحت ميرڤت تتصايح لتوقظ إبنتها
إيه يا ماما في إيه !! .. غمغمت يارا بضيق و هي تتمطي في السرير
ميرڤت بحبور قومي يا قلبي إفتحي الطرد ده . أنا ھموت و أفتحه بس ده بتاعك سفيان بيه بعتهولك
إستغرقها الأمر بضعة ثوان حتي إتضح إسمه في أذنيها ... قامت بسرعة و هي تقول بحشرجة النوم
بعت إيه تاني هو كل يوم يبعت في حاجات !!
ميرڤت پغضب ما تحترمي نفسك بقي . ده هيبقي جوزك يا بنت
يارا بغيظ جوزي إيه و هباب إيه بس . ده أنا إتفضحت . مش كفاية سيبت شغلي بسببه . كل إللي كان يعرف بعلاقتي بيه كان يبصلي بصات إتهام و قرف .. أنا مش عارفة طاوعتكم إزاي !!!!
ميرڤت يا حبيبتي كل دول غيرانين منك . أي حد كلمك أو بصلك بصة مش تمام مستكتر عليكي العز و الترف إللي هتبقي فيه . هو في حد مصدق أصلا إن سفيآاان الداغر بحالة طالب إيد بنتي أنا . ده كل الجيران و القرايب هيموتوا . حتي خالتك إللي كانت عايزاكي لإبنها مش زعلانة عشان هتتجوزي علي أد ما هي زعلانة عشان هتتجوزي الشخص ده بالذات . كانت تتمني يكون عندها بنت و يجلها واحد زي سفيان إللي مش عاجبك ده
ضمت يارا حاجباها في عبسة متبرمة و زفرت بحنق ..
ليدق هاتفهها في هذه اللحظة
قذفته بنظرة عڼيفة بينما إبتسمت ميرڤت و قد عرفت من المتصل إنسحبت خارجة دون أن تفه بكلمة حتي لا تزيد ڠضب إبنته ...
ألو ! .. ردت يارا بصوت جليدي
ليأتيها صوت سفيان الناعم
صباح الفل علي أجمل يارا في الدنيا .. إيه يا عروسة لسا نايمة و لا إيه !
يارا ممكن أفهم لازمتها إيه المجايب إللي كل يوم ألاقيك باعتهالي دي
سفيان يبقي الطرد وصلك . عشان كده مضايقة يعني ده فستانك يا حبيبتي . معقول يعني لا هيبقي فرح و لا فستان !
يارا بإنفعال إحنا مش إتفقنا مافيش و لا حاجة من دي أنا طلبت منك فستان !!
سفيان بهدوء مش لازم تطلبي . و بعدين أنا جبتلك خلاص . هتلبسيه بكره إن شاء الله
إهتزت يارا عندما ذكرها بيوم غد و إرتبك بداخلها ...
ليكمل سفيان و قد حزر سبب صمتها المفاجئ
من بكره مكان إقامتك هيتغير .. قالها بخبث و تابع بنفس الوتيرة البطيئة
من بكره هتبقي حرم سفيان الداغر . هتبقي مراتي ..
سفيان و هو يضحك
أغمضت عيناها بشدة و قالت بصوت
حاد
لما يجي بكره إبقي إعمل إللي إنت عاوزه لكن طول ما إحنا لسا علي البر ماتسمعنيش
ن و إنفجر ضاحكا ثم إستطرد بعد أن هدأ نسبيا
يارا بتهكم طيب أسيبك تحضر نفسك لبكره . إن شاء الله يكون يوم سعيد عليك . بآاي .. و أغلقت معه ثم أكملت بوعيد
ده هيكون يوم أسود عليك . أوعدك يا