رواية هوس من أول نظره "الجزء الثاني" بقلم ياسمين عزيز
بهذه
الملابس المغرية...
رمت المنشفة بعد أن تأكدت من تنشيف شعرها
جيدا و قد ساعدها في ذلك حرارة الغرفة..
توجهت نحو التسريحة لتملأ وجهها بمساحيق
التجميل حيث وضعت كحلا أسودا أعطى لعينيها
الزرقاء نظرة جريئة و زينت شفتيها بلون أحمر
داكنا ثم رشت عطرها ببذخ حتى سعلت...
وضعت القارورة أمامها ثم إلتفتت نحو الفراش
ليلة البارحة لهذا تأخر في النهوض فهو من عادته
الاستيقاظ باكرا حتى لا تفوته صلاة الفجر ثم
يتدرب لساعة كاملة و أحيانا أكثر و بعدها يعود إلى الجناح حتى يستحم و يوقظ سيلين
لتحضر لهما طعام الإفطار فهي وعدته بذلك
و كم كانت تلك المهمة صعبة...لذلك إلتجأ
دائما....
اووف مش لاقية حتى وردة بلاستيك في الاوضة
دي . تمتمت و هي تتحرك نحوه لتجلس
أمامه و تبدأ في إيقاضه برقة....
سيفو...حبيبي...يلا قوم وحشتني....
غمغم سيف بنعاس و هو يرفع ذراعه
ليسحبها نحوه..
إنت إيه اللي قومك من جنبي تعالي ...
تحركت سيلين حتى تمنعه لكنها لم تستطع
بتذمر و هي تتذكر فستانها الذي سيفسد
إنت بتعمل إيه سيبني انا مش عاوزة
أرجع أنام...
أرخي يده قليلا ثم أدخل يده الأخرى تحتها
و شبكهما معها رافعا بجسدها إلى الأعلى قليلا
حتى أصبحت فوقه قبل أن يفتح عينيه
قائلا بشكوى..
بس أنا عاوز انام...أصلي تعبان أوي و راحتي
ضحكت و هي تقبله على شفتيه بقوة متعمدة
ترك احمر شفاهها عليهما لتصطبغ شفاهه قليلا
ليقهقه سيف بعد أن فهم ما فعلته و بحركة
خفيفة منها إنقلب بها لتصبح تحته إستند
على مرفقيه على الفراش على جانبي جسدها ...
مما جعل سيلين تتوقف عن الضحك و تنظر له
بترقب و هو يحرك حاجبيه بخبث قائلا..
بادلته نظرات جريئة و هي تجيبه مركزة
بنظرها على شفتيه..
أحلى وقعة .
بهت سيف من كلامها رغم انه بدأ يتعود قليلا على
جرأتها و قد أعجبه ذلك كثيرا.. أخفض بصره
قليلا نحو فستانها ثم أردف بإعجاب..
مممم داه إحنا جاهزين كمان .
شهقت سيلين و توسعت عيناها بعد أن فهمت
مقصده لتحرك رأسها برفض قائلة بارتباك
لالا...أنا... انا جعانة.... أيوا يلا خلينا ننزل
عشان نفطر مع بعض تحت.
إبتسم سيف عليها فهو يعلم بأنها قد إستيقظت
باكرا حتى تتجهز للنزول لترى والدتها التي
إشتاقت لها كثيرا و يعلم أيضا أنها قد تعمدت
إرتداء هذه الملابس الجميلة لإرضاءه
فهي تخاف أن يغضب منها بسبب غيرته
المفرطة...لكن الشيئ الوحيد الذي
لازال يشغل باله و يقلقه كثيرا هو جهله
إن كانت تحبه بصدق أم لازالت مجبرة عليه
لذلك تسايره و توهمه بأنها سعيدة معه
و حتى لو فعلت ذلك أليست هذه هي غايته
الوحيدة أن تبقى معه إذن لما يهتم..
لكنه يريدها عن طواعية و ليس رغما عنها ..
تنهد بضيق بسبب تلك الفكرة المقيته
و تجهمت ملامحه لټموت تلك اللمعة التي
كانت تشع في عينيه منذ قليل ...
إنقلب ليتمدد على ظهره غير منتبه لسيلين
التي شعرت بتبدل حالته لتستند على صدره
تسأله..
حبيبي إنت كويس...أنا كنت بهزر معاك
مش جعانة و لا حاجة.. هرجع أنام المهم متزعلش
مني.
كلماتها الرقيقة عوض أن تواسيه زادت من
إشتعال ناره بداخله لتؤكد له جميع إفتراضاته
التي بدأت تتغلغل داخل تفكيره.. رمقها بنظرة
غير مفهومة دون أن يجيبها ليميل نحوها قليلا
و يبعد خصلات شعرها التي نزلت على
وجهها هامسا بتردد لا يعرف كيف يصف
إحساسه في تلك اللحظة فقد كان شعورا
يشبه الخۏف أو الترقب...
إنت بتحبيني بجد
لم تصدق سيلين نظرات الضياع التي
لمحتها داخل مقلتيه و رغم سؤاله الغريب
الذي طرحه عليها إلا أنها أصبحت تعلم
ما يفكر به كفاية....
أخذت نفسا طويلا ثم نفثته بهدوء
قبل أن تردف بصوت رقيق..
قلبك بيقلك إيه
لاحت شبه إبتسامة على شفتيه من إجابتها
فمنذ متى تعلمت هذه الإجابات العميقة
و هي التي لم تكن تستطيع تركيب جملة
صحيحة قبل شهر من الان...نفى تلك
الأفكار الثانوية من رأسه ليجيبها مركزا
على زرقاوتيها اللامعتين اللتين
كأنتا ترمقانه بحب جعل تفكيره يتشوش..
مش عارف...مش بثق في قلبي كثير عشان
عارف إنه مش هيدلني على الحقيقة...
أفلتت منها ضحكة ناعمة قبل أن تهتف
بما جعله لوهلة يعتقد أنها قرأت أفكاره ..
أنا عارفة قلبك بيقلك إيه...بيقلك إني
بحبك و بمۏت فيك بجد و إني بحاول بكل جهدي
إني خليك تثق فيا و تبطل تخاف و تشك
إني ممكن أتخلي عنك في يوم...صدقه...
صدقه يا سيف عشان ترتاح و تشيل الأفكار
اللي ملهاش لازمة دي...لو كنت بمثل عليك
كنت كشفتني من أول مرة و إلا إنت فقدت
قدراتك يا شبح ...مش إسمك الشبح بردو .
أجابها بكل هدوء..
أه...الشبح اللي بيقدر بسهولة يعرف اللي
قدامه بيفكر في إيه
ردت عليه بنبرة شبه ساخرة مشككة
في حديثه..
ممم و لما إنت كده.. ليه مش قادر تعرف
إذا كنت بحبك بجد و إلا بمثل عليك.
أصدرت شهقة خاڤتة عندما دفعها بلطف
لتصبح تحته كما كانت منذ قليل...بينما إسودت
عيناه بنظرة تعرفها جيدا و هو يقول لها..
عشان إنت مش قدامي.. إنت جوايا و في
قلبي.
لم يتركها لتجيبه حتى بل وجدت نفسها
في خلال لحظات بين يديه في عالم آخر
مليئ بالعشق الخالص....
منتصف النهار.....
كانت سيلين تنزل الدرج و سيف وراءها
و الذي كان يضحك باستمتاع على تذمرها
ينفع كدا جيت عشان أفوقك...خلتني أرجع
أنام ثاني.
أسرع سيف نازلا عدة درجات ليلتقطها
بخفة رافعا جسدها الصغير بذراعيه
القويتين إلى الأعلى لتصرخ سيلين پذعر..
يا مچنون..هتوقعني.
تعالت ضحكاته و هو يتلقفها من جديد
و يكمل سيره نحو طاولة الطعام حيث
كانت والدته سميرة و عمته هدى تنتظرانهم
لتناول طعام الإفطار..
وضعها على الأرض ثم إحتضن والدته و قبل
يدها هامسا في أذنها..
وحشتيني أوي.
سميرة بحنو..و إنت كمان يا حبيبي...مبسوطة
اوي عشان شفتك النهاردة.
أما سيلين فقد شعرت أن روحها قد عادت
إليها عندما رأت أمامها والدتها بصحة جيدة
و تبتسم لها لتندفع نحوها تقبلها بلهفة و حب
إزيك يا قلبي عاملة إيه.. طمنيني عليكي
إنت كويسة... .
ضحكت هدى على طفلتها التي كانت تتشبث
بها بقوة و تجذبها نحوها لتطمئنها حتى تتوقف..
ما أنا أهو قدامك زي الفل.. الحمد لله.
غمغمت سيلين و هي تمرغ وجهها في صدر والدتها
رافضة الإبتعاد عنها هامسة بصوت باكي و هي
تتذكر محاولات سيف لإبعادها عنها..
لا أنا هجيبلك الدكتور عشان أطمن عليكي
أكثر.
أبعدتها هدى عنها ثم أحاطت وجهها بيديها
مقبلة جبينها برفق قبل أن تقول لها مطمئنة إياها
أنها بخير و لا تحتاج لشيئ..
مفيش داعي يا قلبي... أنأ كويسة متقلقيش
عليا...خليني أسلم على سيف.
تنحت لترحب بسيف الذي كان يرمق سيلين
بغيرة لم يستطع إخفاءها..
حمد الله على السلامة يا حبيبي...يارب
تكونوا إنبسطوا في رحلتكوا.
إنحنى سيف برأسه قليلا ليقبل يدها كما فعل
مع والدته ثم إستأنف حديثه..
شكرا يا طنط.. أه جدا اول مرة أتبسط في
حياتي كده.
إبتسمت هدى له و هي تتمتم بدعاء بينما
كانوا يتجهون نحو طاولة الطعام...
جلسوا و