رواية هوس اول نظرة الجزء الاول
صوت نداء
رحلتها لتقف من مكانها متوجهة نحو المكان
المخصص لكشف جوازات السفر....
إنتهت من الإجراءات ثم صعدت إلى
الطائرة لتدلها المضيفة على مكانها
بجانب النافذة..دقائق قليلة ثم تعالي
صوت المضيفة الأخرى تطلب من المسافرين
ربط الأحزمة و الإستعداد للإقلاع نحو مصر.....
بعد أكثر من خمس ساعات لم تعلم سيلين
كيف مروا عليها..
أمامها تبحث عن سيارة أجرى تاكسي....
أخرجت الورقة التي كانت تحتفظ بها
في حقيبتها اليدوية و التي تحتوي على
عنوان الشركة الذي كتبته لها والدتها باللغة
العربية ثم توجهت لأول سيارة وجدت صاحبها
يتكئ على بابها و هو ېدخن سېجارة...
تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث...ممكن العنوان
داه....
پصدمة عندما رأى كتلة الجمال الواقفة أمامه
مد يده بدون وعي ليأخذ الورقة منها قبل
أن يتمالك نفسه قليلا و هو يستغفر بصوت
مسموع قبل أن يبعد نظره عنها بصعوبة
ليقرأ الورقة بصوت عال...مجموعة عزالدين
العالمية لل.....طبعا و مين ميعرفهاش...بس
إنت لا مؤاخذة عاوزة تروحي هناك ليه...
في حقيبتها و هي تجيبه...تقدر نروح لهناك و
إلا اشوف تاكسي غيرك.....
أسرع السائق نحو حقيبة سفرها ليأخذها قائلا
...إتفضلي يا آنسة..انا بس كنت عاوز أسألك
مش أكثر...إتفضلي إركبي....نورتي عربيتي...
وضع الحقيبة في صندوق السيارة ثم اسرع
ليفتح لها الباب قائلا...إتفضلي...يا آنسة....
نحو مقعده ليشغل السيارة ثم يحرك المرآة
قليلا حتى يظهر له وجهها و هو يبتسم
بخفة قائلا من جديد...حضرتك جاية منين...
أمريكا و إلا كندا....و إلا فرنسا....
تاففت سيلين و هي تتذكر حديث والدتها
عن ثرثرة اغلب أصحاب التاكسي و توصياتها
بعدم الحديث معهم لتتجاهله عله يصمت
لكنه عاد لثرثرته من جديد...انا قلت اسليكي
طويل حبتين و حتزهقي....
إمتعضت ملامحها بملل من ثرثرته و صوته الاجش
المزعج الا يكفيها خۏفها و قلقها...و قلبها الذي
يكاد يخرج من صدرها من شدة خۏفها ليأتي
هذا الكائن الثرثار ليزيد عليها...
بللت شفتيها قبل أن تتكلم بصوت حاولت
ان يخرج واثقا عكس داخلها على فكرة
انا مصري بس كنت في ألمانيا و لو سمحت
قهقه السائق على لهجتها المضحكة و كفية
نطقها الطريف للحروف قائلا...لا واضح
حضرتك إنك مصري جدا...
حركت رأسها ناحية النافذة تنظر للمباني
و الشوارع التي تراها لأول مرة فهي لم تأت
من قبل لمصر...فتحت عينيها بتعجب عندما
رأت عربة صغيرة سوداء اللون بثلاث عجلات...
شهقت بانبهار قائلة...إيه دا
إلتفت السائق حيث أشارت ثم أجابها
...داه إسمه توكتوك...زي التاكسي بس
أصغر زي ما إنت شايفة....
تبعته سيلين حتى إختفي قبل أن يظهر
لها آخرون لتبتسم بانبهار متناسية خۏفها
لبعض الوقت....
وقفت السيارة أمام مبنى فخم و شاهق يتكون
من عشرات الطوابق..إلتفت السائق قبل أن يخرج
من سيارته قائلا...وصلنا يا آنسه هو داه العنوان...
نزلت سيلين من السيارة ثم أمسكت بحقيبة
سفرها بعد أن أعطت أجرة السائق ثم جرتها
نحو المبنى....أوقفها أحد رجال أمن المبنى الذين كانوا
يقفون أمام الشركة قائلا و هو يتفحصها
بغرابة...عاوزة مين يا آنسة....
سيلين بتوتر...أنا إسمي سيلين و عاوز
سيف عزالدين.....
هز الحارس حاجبيه و هو يتفحص هيئتها
التي تدل على أنها ليست مصرية إبتداء
من شعرها البني المائل للون البرتقالي و عيناها
الخضراء و بشرتها البيضاء الناصعة بالإضافة
إلى لكنتها الأجنبية....
أمسك بهاتفه اللاسلكي ليتحدث مع أحد
ما قبل أن يومئ برأسه قائلا...الباشا مش
فاضي عنده إجتماع...تقدري تاخذي معاد
و ترجعي وقت ثاني.....
إعتلى الخزن ملامحها الفاتنة و هي تجيبه
...بس انا جاي من المطار...شوف شنطة..
و مش عارف اي مكان هنا...بليز كلمه قله
أنا عاوز اشوفه ظروري كثير.....
نفخ الحارس بضيق و هو لا يدري ماذا يفعل
قبل أن يقول لها يا آنسة إفهمي...اللي بتتكلمي
عليه داه سيف باشا عز الدين صاحب المكان
داه كله يعني لو عاوزة تقابليه لازم تاخذي معاد
مش قبل اسبوع او عشرة أيام...صدقيني
مستحيل تقابليه النهاردة...دي التعليمات....
سيلين برجاء...طب إنت خليني ادخل و انا
حتصرف جوا....
نظر الحارس لزميله الذي كان يستمع لحديثهما
ليأتيه متسائلا...مالها الخوجاية دي...عاوزة إيه
الحارس الأول...عاوزة تقابل سيف باشا....و شكلها جاية من المطار على هنا على طول...
الحارس الثاني و هو يتأملها...تكونش واحدة من الخواجات اللي يعرفهم الباشا بس دي شكلها صغير..
اوي...
نهره الحارس الأول قائلا...سيف بيه مش بتاع
الكلام داه...و بعدين إحنا ملناش دعوة انا كلمتهم
فوق و هما قالولي إنه مش فاضي....
فرك الحارس الثاني لحيته بتفكير قائلا و هو مازال يتفحص ملامحها الجميلة باعجاب...بس دي
جاية بشنطتها و حرام تتبهدل...إحنا نكلم كلاوس
رئيس حرس سيف و هو حيتصرف....
الحارس الاول بعدم إهتمام و هو يعود لمكانه...إنت اللي تكلمه انا مليش دعوة....
اومأ له و هو يبتسم لسيلين التي كانت
تنظر نحوهما على أمل أن يسمحا لها بالدخول
ليقول لها...متقلقيش يا قمر انا حساعدك.
بادلته إبتسامة بريئة و هو تقول...حضرتك
انا إسمي سيلين سامي مش قمر.....
قهقه الحارس و هو يخرج هاتفه ليطلب
كلاوس قائلا...اهلا يا باشا..في واحدة خواجاية
عاوزة تقابل سيف بيه شكلها صغير اوي و.....
لم يكمل كلامه حتى اقفل كلاوس الهاتف في وجهه
لم يتعجب الحارس فهذا طبع كلاوس الروسي
كما يسمونه...جاف و قليل الكلام لكنه ذكي جدا
و ماهر في عمله مما جعل سيف يعتمد عليه
كثيرا...رغم أنه مصري الأصل إلا أن والدته
روسية....
تحدث الحارس وهو يعيد هاتفه إلى جيبه
قائلا...إستني هنا..كلاوس باشا حييجي
و هو حيقرر إذا كان سيف باشا فاضي و تنفع
تقابليه او لا...
سيلين في نفسها...يا إلهي ما كل هذا التعقيد
و كأنني سأقابل رئيس مصر...انا متعبة جدا
و جائعة اوف....و اريد النوم....
صمتت عن التذمر و هي تشاهد ثلاثة رجال
يقتربون منها ليتقدم نحوها أضخمهم بهيئته
المرعبة لتنكمش سيلين بتوتر و تبتلع ريقها
پخوف عندما سمعته يقول لها...إتفضلي
ورايا....
تبعته بسرعة محاولة مجاراة خطواته الواسعة
لتمر بجانب الحارس لتبتسم له بامتنان..ثم اكملت
طريقها....
دخلت إلى الداخل لتنظر أمامها بانبهار
من شكل المبنى الفخم من الداخل....و
الموظفون الذين كانوا يعملون دون توقف
و كأنهم آلات....
امسك أحد الحارسين حقيبتها ليمررها
بجهاز ما مثل الذي رأته منذ ساعات في المطار
ثم وضعه في أحد الأركان بينما أشار لها كلاوس
باتباعه....
صعدا المصعد ليضغط كلاوس بعض أزراره ليرتفع
بهما نحو طابق معين....
نظرت سيلين حولها بتوتر و ذعر من الإجراءات
الأمنية المشددة حيث لاحظت إنتشار القاردز في كل مكان في الشركة و قد ميزتهم من خلال ملابسهم المتشابهة و نظارات السوداء التي يرتدونها بالإضافة إلى السماعات البيضاء في آذانهم....
و قد قامت إحدى الموظفات بتفتيشها و قامت أخرى بالتدقيق من هويتها و جواز سفرها و هو لا ينفكون يلتهمونها بنظراتهم المتسائلة عن من تكون هذه الجميلة الصغيرة..
وصلت اخيرا أمام مكتب السكرتارية الذي
يضم مجموعة من الفتيات اللواتي يعملن
بجهد كل واحدة أمامها حاسوب تدقق النظر
فيه....
وقف كلاوس أمام إحدى الفتيات قائلا بصوت
غليظ حاد...الباشا فاضي.
هزت الفتاة رأسها و هي تعدل من نظارتها
قائلة بعملية حاليا هو فاضي بس عنده
إجتماع كمان تسع دقائق بالضبط.....
عقدت حاجبيها و إتسعت عيناها بذهول عندما
لمحت للتو سيلين وراءه لتسأله...مين الباربي
دي...
تجاهلها كلاوس كعادته و هو يلتفت نحو
سيلين لتتبعه لتشتمه ناديا السكرتيرة بصوت
منخفض قائلة...غلس و بارد..و مين المزة
اللي معاه انا اول مرة اشوفها...
طرق كلاوس الباب ثم دخل بمفرده
ليجد سيف منكبا على أوراقه كعادته....رفع
رأيه لثوان دون أن يتحدث....
وقف كلاوس مطئطئا راسه باحترام أمام مكتبه واضعا
يده فوق الاخرى أمامه ليقول...سيف
باشا في واحدة برا عاوزة تقابل حضرتك..شكلها
مش مصرية و معاها شنطة سفر الظاهر إنها جاية
من المطار مصممة إنها تقابل حضرتك....
رفع سيف رأسه مرة أخرى و قد ظهر على وجهه
الاستغراب ليتمتم بصوت عال...واحدة....مقالتلكش
إسمها إيه
كلاوس...إسمها سيلين سامي...انا دققت في
أوراقها و باسبورها بنفسي...لسه جاية
من المطار حالا....حضرتك تحب ادخلها و إلا
امشيها....
نظر سيف في ساعته قبل أن يجيبه...لا
خليها تدخل بسرعة....
أومأ له كلاوس بطاعة قبل أن يختفي من
أمامه تاركا الباب مفتوحا حتى تدلف سيلين.....
يتبع
الفصل الرابع
دلفت سيلين و هي ترتجف من الخۏف و التوتر
فالدقائق القادمة ستحدد مصيرها و مصير والدتها
للأبد...لاتعلم إن كان هذا المدعو سيف سيعترف
بها كقريبته و يساعدها ام أنه سيتنكر لها
كما فعلت عائلة والدتها طوال السنوات الماضية
هزت رأسها ببطئ و قد تسللت إلى رئتيها رائحة
عطر فاخرة ثقيلة.. بحثت عن صاحبها لتجده يجلس
بأريحية على طاولة مكتبه الفخم يتحدث مع
شخص ما على هاتفه بتركيز حتى أنه لم يعر أي إهتمام لدخولها...
ابتلعت ريقها ببطئ و هي تتفرس دون وعي
كتلة الوسامة التي أمامها...
طوال حياتها كانت محاطة بالرجال الوسيمين
ذوي البشرة البيضاء و الأعين الزرقاء لكن هذا
الاسمر الوسيم الجالس أمامها حكاية أخرى..
عضت شفتيها بقوة و هي ټشتم نفسها داخليا
على وقوعها السريع تحت تأثير سحره فهذا
ليس ابدا وقت اللهو.. هي قادمة من أجل مهمة
و يجب عليها التركيز بكل حواسها...
تنحنحت بصوت منخفض حتى ينتبه لها
ليلتفت نحوها ثم يسارع لانهاء مكالمته
و يضع هاتفه بجانبه و هو مازال يتفرسها
بنظرات غامضة لم تفهمها....
أما بالنسبة لسيف فحالما رفع رأسه تجمد
الډم في عروقه حرفيا و لم يصدق مارآه
أمامه...حتى أنه قطع مكالمته دون وعي منه...
إنها هي تلك الصغيرة التي إلتقاها منذ أشهر
في ألمانيا...نفس الشعر البرتقالي المميز
و العينان ذوات اللون الغريب اللتين تضيفان
على وجهها هالة من البراءة حيث بدت له و كأنها
طفلة في الخامسة من عمرها...
وبخ نفسه بأسف لأنه نسي أمرها بعد أن
عاد من ألمانيا منذ أشهر بعد أن حاول العثور
عليها....لم يدقق في البحث عنها في ذلك
الوقت بل إكتفي بتكليف أحد حراسه بسؤال
زملائها في المطعم و أمرهم بالاتصال به
حالما يروها ثانية....ثم نسي أمرها بعد أيام
قليلة لانشغاله بالعمل و بعدها عاد لمصر...
نسيها وقتها و لكنه تذكرها الان حالما رآها
و كيف له ان ينسى هاتين العينين اللتين
سحرتاه منذ اول نظرة.. يستطيع تمييزهما
من بين آلاف العيون....
أشار لها أن تجلس على الاريكة مقابلة له
دون أن يتحرك من مكانه بل إكتفي بالتحديق
بها و كأنه يدرس جميع تحركاتها....
قطب جبينه باستفهام و هو يفكر هل من المعقول
أنها بحثت عنه و قطعت كل المسافة حتى
تأتي و تطالبه بتعويض لانه كان السبب
في فقدانها لعملها...او ان أحدا ما علم أنه
كان يبحث عنها فأرسلها له لسبب ما.. قد يكون
احد أعدائه من وصل إليها و قرر إستخدامها
ضده...جميع الاحتمالات واردة إذن...
فرك ذقنه بحيرة لكنه سرعان ما نفى تلك الأفكار
من رأسه بعد أن قرر سماعها أولا ثم الحكم
عليها بعد ذلك...فكما يقول المثل الشعبي...ياخبر النهاردة بفلوس.....
قطع الصمت متحدثا بصوت رجولي واثق باللغة الالمانية...تكلمي...إني أسمعك.
حركت سيلين حقيبتها بتوتر و هي لاتستطيع
التحدث فقد علقت الكلمات في حلقها حتى
انها لك تنتبه أنه حدثها باللغة الألمانية فمن أين
يعرفها حتى يتكلم معها بلغتها طبعا هي
معرفتش هو مين...
ارجعت إحدى خصلات شعرها التي تمردت
وراء أذنها قبل أن تستجمع كامل شجاعتها
و تقول بلهجة مصرية متلعثمة...انا آسف عشان
جيت فجأة كده...مش خذت موعد بس انا
جيت عشان مامي...هو قالي إيجي مصر
و روحي هنا عشان اشوف سيف عز الدين....
هز سيف حاجبيه باستغراب لما تقوله هذه
الصغيرة...من هي والدتها التي جاءت إلى هنا
من أجلها. من هذا الذي ارسلها لتقابله و ماذا
يريد منه...كتم بداخله ضحكاته على كلامها
الغير مرتب لكنه تدارك نفسه عندما طرق
باب المكتب لتدخل السكرتيرة قائلة بنبرة
رسمية...سيف باشا كلهم مستنيين حضرتك
عشان الاجتماع....
صمتت عندما أشار لها بأن تتوقف عن الحديث
و عيناه