الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية هوس بقلم ياسمين عزيز كاملة

انت في الصفحة 10 من 70 صفحات

موقع أيام نيوز


لاتزالان مثبتان على سيلين...
سيف بأمر...إلغي الاجتماع...
ثم أشار لها بالإنصراف لتومئ له السكرتيرة
و تغادر دون إضافة  أي كلمة أخرى فهي طوال
سنوات عملها هنا حفظت طبعه جيدا...إذا
قرر أمرا لا يجب على أحد الاعتراض او المجادلة
فهو دائما يعلم ماذا يفعل جيدا....
نظرت نحوه سيلين بتوجس لتجده ينظر لها
بصمت منتظرا إياها أن تكمل كلامها ليهتف

بعد أن يئس من تحدثها يعلم انها خائڤة و متوترة
جدا و هذا ليس أمرا جديدا عليه فهو يعلم تأثير
وجوده على من حوله من رجال أشداءو الذين يجعلهم يرتبكون من نظرة واحدة من عينيه
و يحرصون على إنتقاء كلامهم قبل التفوه يه
أمامه فمابالك بهذه الصغيرة التي تبدو كطفلة
ضائعة في الازدحام...
...كملي كلامك انا سامعك...بس حاولي
تفهميني أكثر...مين اللي بعثك هنا و كنتي فين بالضبط 
أخذت نفسا طويلا محاولة إبعاد شعور التوتر و الارتباك الذي طغى عليها قبل أن تجيبه...مامي
هو اللي بعثتني هنا...هو قالي إيجي مصر
و روحي على عنوان هنا.....
سيف و هو يحاول فهم كلماتها الغير مترابطة
...هو...قصدك مين
سيلين بتفسير أكثر و حاولت التكلم بالإنجليزية لان والدتها أخبرتها أن أكثر لغة متداولة في مصر هي اللغة الانجليزية و معظم المصريين يفهمونها...مامي my mother.
سيف و هو يحاول مجاراتها بياخذها على قد عقلها
...يعني مامتك هو اللي بعثك هنا...للشركة بتاعتي
و قالتلك تقابليني.
أومأت له سيلين بالايجاب ليكمل...طيب ليه
لا يعلم مالذي دهاه حتى يترك عمله و يضيع
وقته الثمين في التحدث إلى هذه الفتاة
ليس من عادته فعل هذا و لكنه شعر بالفضول
و الاستمتاع بمشاهدتها أمامه هكذا كدمية
باربي صغيرة اسرته من اول دخولها جعلته
حتى أنه لم يستطع أن يزيح عيناه عنها...
بالإضافة إلى طريقة نطقها للكلام و التي  جعلته
أكثر من مرة يريد أن ينفجر من الضحك...
لاحظ تحول ملامحها إلى الحزن و هي تقول
...هو في المستشفى...مريض جدا....حيموت
و يسيبني لوحدي انا مش عندي حد غير مامي
انا عايش في ألمانيا مع مامي و هي مريض
و انا خاېف ېموت...
مسحت دموعها و هي تنزل رأسها أكثر تحدق
في حقيبتها التي كانت تضعها على ساقيها
شتمت نفسها بسبب دموعها التي خذلتها
و أظهرت ضعفها أمامه فهي طوال رحلة
مجيئها إلى هنا تذكر نفسها في كل دقيقة
و ثانية أن تجعل نفسها قوية و لا تبين
ضعفها أمام أحد....
اما سيف فبدأت الرؤيا تتوضح أمامه شيئا
فشيئا.. فهم من حديثها أنها تريد نقودا لوالدتها
المړيضة...لكن هل هي صادقة في كلامها...فمن
الممكن أنها تستخدم هذه الحجة القديمة لتحصل
على النقود...
لكن لماذا أتت له هو بالذات هل من
الممكن أنها تريده أن يعوضها عن فقدانها لعملها
بسببه كل الاحتمالات واردة لكنه كالعادة لا يخبر
أحدا بما في رأسه من أفكار حتى يتأكد
رغم انه يكره شعور أن يكون جاهلا بما يدور في خلد الآخرين....فهو لم يسمى الشبح من فراغ بل بفضل ذكائه الشديد و دماغه العبقرية  التي تمكنه من معرفة ما يفكر به أي شخص أمامه قبل التفوه به...لكنه يعترف بفشله هذه المرة فهناك الكثير من
المعطيات المفقودة و الغامضة تجعل من معرفة الحقيقة صعبة بعض الشيئ لذلك فضل التريث و الصمت و إنتظارها حتى تكمل حديثها و بعدها سوف يتصرف.....
تنحنحت لتجلي صوتها قائلة بلغة أنجليزية
متقنة...سيدي انا إسمي سيلين سامي...والداي
مصريان ولدت في ألمانيا و عمري تسعة عشر
سنة...ابي تركنا منذ أربعة سنوات عندما كان
عمري خمسة عشر سنة لا أعرف أين ذهب
كل ما أعرفه أنني عدت من المدرسة في يوم
من الايام و لم أجده...عندما سألت أمي قالت
لي بأنه ټوفي في حاډث ما...في كل مرة أسألها عنه تجيبني بنفس الكلام و في إحدى المرات صفعتني و قالت لي بأنه رحل و لن يعود ثانية و إن أكف عم السؤال عنه و منذ ذلك اليوم لم أسأل...
بعدها خرجت والدتي للعمل في أحد المصانع
لتتكفل بأعباء المنزل و مصاريف دراستي...
لكنها تعبت بعد ذلك و مرضت بالقلب...إضطررت
انا للخروج للعمل و ترك دراستي لاوفر لها ثمن الدواء و لكن مرضها إشتد...الطبيب يقول أن مرضها خطېر
و قلبها أصبح ضعيفا و تحتاج عملية جراحية
في أقرب وقت...نحن لدينا منزل إنه ملك لوالدتي
بالأمس ذهبت لمكتب العقارات حتى أبيعه
لكنه أخبرني أنه سيحتاج وقتا حتى يجد
من يشتريه بثمن مناسب أخبرني ان المنزل يساوي
مائة و خمسون  ألف يورو..
لكنه يحتاج للوقت و انا لا أملك
ذلك الوقت حتى أنتظره...يجب إجراء الجراحة
هذا الأسبوع و إلا سوف أخسرها..أنا أعمل في
وظيفة عادية لا اتقاضى الكثير و صاحب العمل
لن يعطيني سلفة و العملية تحتاج لستون الف
يورو...الطبيب أخبرني إنه يمكنني أن ادفع
نصف التكاليف قبل العملية و الباقي بعد
إجراءها...أقسم أنني لم أكن اريد المجيئ
إلى هنا...انا لم ازر مصر من قبل رغم إلحاح
والدتي و لكنني كنت أرفض المجيئ...كانت
دائما تقول لي بأنها إن ماټت فسأبقي وحيدة
و لكنني لم أكن أبالي...لكنني الان خائڤة جدا
من فقدانها...
لا أعرف أحدا غيرها...هي كل عائلتي....
توقف عن الحديث بعد أن شعرت بغصة في حلقها
أجبرتها على التوقف....لتسمعه يقول...ممم فهمت
يعني إنت جيتي هنا علشان تاخدي تعويض...طبعا
داه من حقك بس ممكن أعرف إنت ليه تأخرتي عشان تيجي هنا..يعني الحكاية بقالها شهور كثيرة
ليه دلوقتي بالذات...
قطبت سيلين حاحبيها بعدم فهم من كلامه
لتجيبه...انا لا أفهم عن أي تعويض تتحدث
انا لا أريد شيئا سيدي...لقد اخبرتك أن والدتي
مريضة و لولاها لما كنت أتيت هنا ابدا...لقد خاطرت بالمجيئ وحدي إلى بلد لا أعرفه من أجلها هي فقط
لا اريد فقدانها...كنت أريد أن تساعدني...بأن تعطيني
الستون الف دولار و انا سأعيد لك مائة ألف بعد
شهرين عندما يباع المنزل...لدي نقود و لكن ليس
لدي الوقت...حتى انني ذهبت للبنك و لكنهم
أخبروني بأن الإجراءات تتطلب وقتا...امي قالت
لي أن الوحيد الذي سيساعدني هو سيف عزالدين....
سيف بهدوء و قد أيقن أنه وصل لنهاية اللغز...و لماذا أنا بالذات
عبثت بحقيبتها بعض الوقت قبل أن تخرج
ظرفا كبيرا...
وضعت حقيبتها جانبا ثم وقفت من مكانها
متجهة نحو لتعطيه له قائلة...هذه هويتي
و نسخة من هوية والدتي و بعض الصور
و كذلك سلسلة....هذا كل ما أملكه من دليل
سيدي .
تفحص الأوراق بهدوء و صبر قبل أن ينتفض
من مكانه فجأة و قد إرتسمت على وجهه ملامح
الصدمة...
تمتم بعدم تصديق و هو مازال يتفحص الأوراق
...طنط هدى....إنت بنت طنط هدى...هي لسه
عايشة
نزلت أروى الدرج تحمل بين ذراعيها تلك الصغيرة
لتجد هوانم الفيلا كما تسميهما جالستان في
الصالون تتحدثان تمتمت بداخلها و هي تتفحص
مظهرهما الراقي و المنمق...الستات دول مبيكبروش
ابدا.. الشعر مصبوغ  و ماكياج و كأنهم رايحين فرح...عاملين زي هوانم جاردن سيتي بالضبط  بيتمشوا في البيت بالكعب...عيني عليكي ياما
مكنتش بشوفك غير بالجلابية الصفراء بتقلعيها
عشان تغسليها و ترجعي تلبسيها من ثاني.....
وصلت حذوهم لتضع لجين على الأرض و هي تقول
...صباح الخير....
أشارت لها سناء خالتها لتجلس بجانبها و هي تبتسم لها صباح النور يا حبيبتي تعالي أقعدي
حنادي على عزة  تجيبلك قهوة....
جلست أروى بتوتر بجانبها فالبرغم من أنها
خالتها إلا أن علاقتها بها لم تكن وطيدة و ذلك
بسبب الفارق الاجتماعي بين العائلتين حتى
أنها لم تكن تزرهم في منزلهم إلا مرات نادرة
تعد على الأصابع لكنها كانت تساعدهم ماديا
خفية عن زوجها و أولادها و قد إختارتها زوجة
لابنها بعد إقتراح شقيقتها سميحة التي بقيت
تزن في أذنها لاشهر حتى تقنع فريد بأن يتزوج من إبنتها....
لاحظت نظرات إلهام المتعالية لها حتى أنها
لم ترد تحيتها عكس سميرة التي رحبت بها
ببفرحة صادقة مشاء الله زي القمر يا حبيبتي
داه فريد محظوظ بيكي جدا .
خفضت أروى رأسها قائلة بخجل...ميرسي
يا طنط داه من ذوقك....
قلبت إلهام عيناها بملل متحدثة بفتور...هو إنت
في كلية إيه يا....أروى
أروى...كلية آداب قسم لغة إنجليزية...
إلهام بنبرة متعالية...ممم على كده خلصتي جامعة....
أروى بخجل...لا.. فاضلي سنة و أخلص....
إلهام بقصد...تكملي و هو فريد حيوافق
قاطعتها سناء بنبرة حاسمة و قد فهمت ماترمي
إليه...إلهام...الموضوع داه خاص بين أروى و فريد
مفيش داعي نتدخل في خصوصياتهم...
اومأت لها إلهام بعدم إهتمام و هي تكمل إرتشاف
فنجان قهوتها مكتفية بالاستماع لحوارهم السخيف
حسب رأيها...
يجلس فريد في مكتبه يتفحص بتركيز ملف
أحد القضايا التي تشير لتورط احد رجال الأعمال
في تهريب شحنة من ألعاب الأطفال الغير مطابقة
لشروط الجودة....طرق باب المكتب ليسمح
للطارق بالدخول دون أن يرفع رأسه و الذي لم يكن سوى صديقه أحمد زميله في العمل لكنه كان
برتبة اقل من رتبة فريد...
أحمد بمرح...انا مصدقتش لما قالولي
برا إنك هنا....إيه يا عريس زهقت بالسرعة
دي.....
فريد بلامبالاة و هو مازال مركزا في عمله
...عندي شغل مستعجل...لو عاوز تقول حاجة
إنجز مش فاضيلك.
تأفف أحمد قليلا من أسلوب فريد الجاف
و الذي تعود عليه منذ ۏفاة زوجته ليتحدث
بانزعاج...مفيش بس كنت عاوز أسألك عملت
إيه في قضية ناجي العواد....
نفخ فريد الهواء بملل قبل أن يخرج سېجارة
من علبة السچائر ليشعلها ببرود مستفز دون
أن يجيبه و كأنه غير موجود...ليقف الاخر من
مكانه راكلا الكرسي وراءه ليسقط على الأرضية
مصدرا صوتا مزعجا و هو يصيح...انا استاهل
عشان إبن ستين جزمة.. رغم كل مرة بكلمك فيها
بتتجاهلني كده كأني مش موجود لكن برجع
ثاني اكلمك عادي و كأن محصلش حاجة
عشان بقول صاحبي و اللي مر بيه مش سهل
بس لامتى حتفضل كده...إرحم نفسك شوية
يا اخي داه إنت مبقاش عندك صحاب غيري
انا و عادل......
أجابه الاخر ببرود و عدم إهتمام...عاوز إيه يا..
يا صاحبي
إنحنى أحمد علي المكتب ليقترب من فريد قليلا
ليهمس...عاوزك ترجع فريد القديم اللي بيضحك
و يهزر...فريد اللي بيحب الحياة...انا مش قادر
اشوفك كده زي الشمعة بتنطفي كل يوم...يا اخي
مش إنت اول و لا آخر واحد يفقد حد عزيز عليه...
و بعدين إنت خلاص تجوزت...و الحي ابقى من
المېت.. حاول تنسى...حاول تعيش عشان
بنتك.....
أدار فريد كرسيه للجهة الأخرى قائلا بتنهيدة
عميقة...مش قادر....اللي بتقوله مستحيل
انا خلاص حياتي إنتهت يوم ما ماټت.. الفرق
الوحيد إن هي تحت التراب و انا فوقه....
حتى بنتي بقعد بالأسبوع ما بشوفهاش عشان
بتفكرني بيها....بتفكرني بسبب مۏتها....انا
كل يوم بفكر اسيب الفيلا و ارجع شقتي
القديمة بس كل اما آجي اعمل كده بفتكر
وصيتها ليا قبل ماتموت...قالتلي خلي بالك
من بنتنا و سميها لجين...الاسم اللي بتحبه
صدقني انا بقيت جسد من غير روح لدرجة
إني معادش هاممني حاجة.. مين يزعل مين
ېموت...أعز إنسانة في حياتي  راحت....
جلس احمد و هو يتفرس ملامح وجه صديقه
المټألمة قائلا بشفقة...بس لإمتي ياصاحبي
إنت كده.....
قاطعه الاخر بحدة بعد أن تمالك نفسه أمامه
...لغاية آخر يوم في يوم في عمري...و يلا دلوقتي
إتفضل عندي شغل...لو في حاجة جديدة حبلغك...
زفر أحمد بضيق و هو يقف من مكانه متجها
نحو الباب شاتما إياه بكلمات بذيئة...طول
عمرك.......و و......لو حشوفك مولع قدامي
مش حعبرك.....
أغلق الباب ورائه پعنف متجها نحو مكتبه بعد
أن فشل للمرة الالف في إرجاع صديقه لطبيعته
القديمة....وجد عادل ينتظره في مكتبه و الذي
إعترضه قائلا بلهفة...ها عملت إيه....قبل
يسهر معانا الليلة.....
إرتمي أحمد بجسده على الكرسي قائلا
باستهزاء...مش لما اقدر أقله الأول...ياعم
انا كنت لسه بمهدله قام مديني كلمتين سكتت
على طول....بقلك إيه أنا زهقت من صاحبك داه
خليه عايش في الماضي بكرة حيزهق و يرجع
لعقله لوحده....
قلب عادل عينيه و هو يجيبه بقلة حيلة...
يلا...حسيبه يهدى يومين و ارجع أزن عليه
من ثاني....ماهو انا مقدرش أسيبه كده.
أحمد بسخرية
 

10  11 

انت في الصفحة 10 من 70 صفحات