الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية هوس بقلم ياسمين عزيز كاملة

انت في الصفحة 8 من 70 صفحات

موقع أيام نيوز


ما أتجوز
و الثانية صورة سيف...السلسلة دي كان
هدية منه عشان كان بيحبني اوي و قريب
مني جدا...كان بيعتبرني أمه الثانية....
سيلين بقلق...حاضر انا الليلة ححجز في أول
طيارة نازلة مصر و حروحله الشركة و حاخذ
السلسلة معايا....بس انا خاېف هو مش
يفتكر إنت...
هدى...سيف اللي انا أعرفه عمره ما حيعمل
كده...إحنا نحاول يا بنتي و الباقي على ربنا

لو مصدقكيش إبقى كلميني و انا حفهمه....
سيلين پخوف و قلق...حاضر مام...
قاطع حديثها دخول الممرضة لتطلب
من سيلين مغادرة الغرفة لترتاح والدتها....
قبلت جبينها قبل أن تهمس لها في الاخير
...لا تقلقي امي سوف احاول و لن ايأس
ابدا...لن أسمح بخسارتك ابدا..لا تقلقي
انا إبنتك و أنت تعرفينني...لا أستسلم
بسهولة...سأهاتفك عندما اصل هناك....
إبتسمت لتهدأ من قلق والدتها عليها عليها
فابنتها لازالت صغيرة وهي لم تذهب من قبل
لمصر لتبادلها الأخرى إبتسامة خفيفة قبل أن
ترتخي ملامحها و تغط في نوم عميق.....
عادت سيلين إلى المنزل الموحش بدون
وجود أمها...انارت الصالة ثم نظرت أمامها
نحو الكنبة التي كانت تجلس عليها هدى
كل ليلة تنتظرها حتى تعود من عملها..رمت
حقيبتها أرضا لتهرول نحو الاريكة لترتمي
عليها و تجهش پبكاء مرير...الان فقط
أحست باليتم رغم أن والدها غادر  و تركهما
وحيدتين...إلا أن والدتها عملت كل ما في وسعها
حتى تكون لها الاب و الام في نفس الوقت
لطالما سهرت الليالي تعمل على آلة الخياطة
إلى جانب عملها اليومي بالمصنع حتى تستطيع
سيلين إكمال دراستها و شراء الملابس و الأكلات
التي تحبها حتى لا تشعرها بأي نقص او إختلاف
عن صديقاتها اللواتي يمتلكن آباء....لطالما شعرت
بلمساتها الحنونة إلى جانبها كلما شعرت بالخۏف
فهي كانت الملجأ الوحيد لها تحتمي به من الدنيا
القاسېة...في حزنها في فرحها في مرضها لم
يكن غيرها إلى جانبها يواسي وحدتها حتى
صارت كل حياتها...
لكنها الان غير موجودة...بدا لها المنزل كقبر
مظلم بدونها...هي تبكي الان و خائڤة لاتستطيع
المكوث لوحدها لليلة واحدة فكيف لو فقدتها...
ظلت تبكي لساعات حتى جفت دموعها قبل
تنام على الاريكة تحتضن نفسها و هي تتخيل
انها بأحضان أمها الحنون....في ذلك المكان المهجور....
فتح الباب من جديد لتنكمش يارا بړعب
و كل خلية في جسدها ترتعش حد المۏت....
صوت أقدام توحي بدخول أحدهم...لترفع رأسها
حيث إصطدمت عيناها بزوج من الاحذية الفاخرة
أمامها...
رفعت رأسها ببطئ متجاهلة السيول المنهمرة
منهما لتجد أمامها رجلا طويلا و ضخما لا يقل ضخامة عن الرجلين اللذين كانا هنا منذ قليل
عريض المنكبين ببشرة قمحية و عينان سوداوان
غامضتان تتفرسانها بنضرات ثاقبة مخيفة
جعلت جسدها يرتعش ړعبا من القادم...
عقدت حاجبيها باستغراب فوجهه يبدو مألوفا
لها لكنها لم تتذكر أين رأته..ربما من شدة
خۏفها ذاكرتها مسحت تلقائيا...
كان يرتدي بدلة فاخرة كحلية اللون بدون ربطة
عنق...عطره الحاد كملامحه إنتشر بكامل
الغرفة مما زاد في إضطرابها...
وضع يديه في جيوب بنطاله ناظرا إليها باستعلاء
تحت قدميه...شعور الانتشاء و الراحة تسللا داخل
جسده عند رؤيتها ذليلة و خائڤة و ضائعة...تماما
كحاله عندما تركته منذ سنوات...
زفر بانفاسه بجمود قبل أن يجلي حنجرته
متحدثا بصوت بارد...لسه زي ما إنت...متغيرتيش.
جاهدت لتقف على قدميها أمامه لتصطدم
بعيون صقرية تراقبها بتمعن شديد لتجفل
قليلا قبل أن تجيبه بارتعاش واضح في
صوتها...إنت...مين
قهقه عاليا حتى  تردد صوت صدى ضحكاته
في ارجاء الغرفة الضيقة قبل أن يتوقف فجأة
و قد تحولت ملامحه الهادئة إلى أخرى تحمل
الچحيم في ثناياها ليقول بصوت عميق
واثق...أنا صالح عزالدين...و رجعت عشان
آخذ حقي منك...انا وعدتك زمان و انا لما بوعد
بوفي....
إندفعت نحوه يارا و هي تمسح دموعها بظاهر كفها
قائلة بلهفة...صالح...الحمد لله إنك جيت انا كنت
حموت و الله الناس اللي برا دول عاوزين ېموتوني
ارجوك خرجني من هنا....
دفعها بغل على الأرض قائلا...طول عمرك
أنانية متغيرتيش..مش بتفكري غير في نفسك....
نظرت نحوه بذهول و هي لاتصدق مايقوله
ليكمل بنفس الحدة...طب إيه رأيك إن انا اللي
جايبك هنا...
يارا بتوهان...إيه جايبني هنا...طب
ليه
صالح و هو يرمقها باستعلاء و غرور...ما انا
قلتلك...عشان آخذ حقي منك...
حاولت الوقوف ثانية رغم المها لتنجح
في ذلك قائلة بصړاخ...حق إيه إنت تجننت
باعثلي ناس مجرمين يخطفوني  و جايبني في مكان ژبالة زي داه و تقلي حقك..حق إيه
لم يكن رده سوى صفحة قوية من يده
الضخمة على وجنتها الرقيقة حتى سالت
الډماء من جانب شفتها و جعلتها تلتصق بالحائط
لتكتم يارا ألمها الحارق رغم صډمتها و إحساس
الإهانة التي شعرت به فهي المدللة التي
لم يتجرأ احد من قبل علي لمس شعرة
واحدة منها...
لفت راسها ببطئ تنظر له پصدمة لتجده
ينقض عليها من جديد ممسكا بشعرها
في يده هادرا بصوت مرعد...أول و آخر مرة
تعلي صوتك قدامي...يا ژبالة زيك
يا تربية الشوارع و الكباريهات...فاكراني
زي العيال اللي إنت مصاحباهم لا فوقي
و إعرفي انا مين انا صالح عزالدين
اظن إن إنت فاكراه كويس و لو نسيتي
مفيش مشكلة انا حعرف افكرك فيا إزاي
وضعت يارا كفها فوق يده التي كانت ممسكة
بشعرها بقوة حتى شعرت بأن بعض الشعرات
تقطعت في يده لتتحدث بصعوبة...صالح
ارجوك سيب شعري...حيطلع في إيدك...
قاطع كلامها بلهجة اكثر حدة و هو يكز
على أسنانه...صالح بيه يا ژبالة...صالح بيه
و من هنا و رايح متتكلميش غير بإذني....
سامعة....
أنهى كلمته الأخيرة ثم رماها  على الحائط و هو ينفض يديه مكملا...حبعتلك هدوم دلوقتي
تغيري هدومك اللي إنت لابساه دلوقتي
و تغوري من هنا و خلي تليفونك في إيدك عشان
لما اتصل بيكي الاقيكي موجودة....و على الله
تتأخري ثانية في الرد...أقسم بالله لخليكي
المۏت من اللي حعمله فيكي....
تركها في ذهول تام مما يحصل...ساقيها حرفيا
لم تعودا قادرتان على حملها لم تكد تخرج
من صدمة خطڤها حتى تبينت لها هوية
الخاطف..لطالما ظنت انه صفحة من الماضي
و إنتهت رغم إحساسها بالذنب الذي كان ېقتلها
كلما تذكرته...كيف لعبت بمشاعره رغم أنه
أحبها بصدق لكنها كانت دائما تعذر نفسها بأنها
كانت صغيرة و طائشة حتى تتحمل مسؤلية
مشاعر جديدة لم تشعر بها في حياتها...
شخصيتها المدللة و المغرورة جعلتها تعتقد
انه من حقها أن تخطئ و لا أحد يجب عليه
الاعتراض او محاسبتها..
إرتكزت على الحائط تاركة دموعها تنزل
بصمت على وجنتيها و تلف ذراعيها إلى
جسدها بعد أن شعرت بالبرودة تسري
بكامل جسدها...
نظرت إلى الباب الذي فتح مرة أخرى
بترقب لترى احد الرجلين الذين رأتهما
منذ قليل لتجفل و ترتعش پخوف و هي
تتراجع إلى الوراء باشمئزاز من نظراته
التي كانت تتفحصها بوقاحة...
رمي لها الكيس ليسقط عند قدميها
ثم قال بسماجة و إبتسامة خبيثة...
خسارة فلتي من إيدينا الليلة بس متقلقيش
انا حبقى أكلم الباشا عشان يديلنا
فرصة ثانية....يلا يا عروسة إلبسي داه و
مطوليش...دقيقتين و أرجعلك....
غمزها بقلة حياء لتشعر يارا يرغبتها
في التقيئ...لكنها تحاملت على نفسها
لتلتقط الكيس من الأرض و تخرج محتواه
لتجده عباءة  سوداء فاخرة...أسرعت
نحو الباب لتتأكد من إغلاقه باحكام
و ترتدي العباءة فوق فستانها بسرعة
قبل أن تعيد فتح الباب من جديد ليدخل
بعدها ذلك الحارس الكريه قائلا...يلا يا عروسة
خلينا نمشي...حنرجعك لبيتك....
تبعته إلى الخارج لتتفاجئ بأن الغرفة
تقريبا تحت الارض بعد مشت في ممر طويل
ينيرة بعض المصابيح القديمة  لينتهي بسلم
من عدة درجات صعدته يارا وراء الحارس
ثم وجدت نفسها في حديقة كبيرة
لم تتضح لها سوى بعض الأشجار العالية
تحيط بفيلا كبيرة لم يظهر منها سوى القليل
بسبب الظلام....
وجدت صالح أمامها يتفرس هاتفه الذي
وضعه بجيبه و بقي ينظر لها..توقفت عن
السير لكن الحارس تكلم ليطلب منها أن تتبعه
...يلا خلينا نمشي....
تبعته متجهين نحو سيارة سوداء كبيرة
ليفتح لها الباب الخلفي و تصعد و هي مازالت
تنظر لصالح الذي كان ينظر نحوها بوجه جامد
بتعابير غامضة....سارت السيارة حتى
إختفى عن مرمى مصرها متخذة طريقها
نحو وجهتها و عندما خرجت السيارة من
سور الفيلا رفع الحارس البلور ليمنعها من
رؤية الطريق...بعد أقل من ساعة توقفت السيارة ثم
فتح الباب...نزلت لتجد نفسها أمام ذلك
الملهى و بجانبها غير بعيد عنها وجدت
سيارتها...أسرعت نحوها لتفتح الباب
لتجد حقيبتها في الكرسي الجانبي...
اغلقت الباب بسرعة ثم شغلت السيارة
قادتها بعيدا عن هذا الکابوس الذي
جعلها تعيش أصعب لحظات حياتها...
لم تعد تريد في تلك اللحظة سوى الاختفاء
تحت أغطية سريرها و النوم علها تستيقظ
لتجد ان كل ماحدث معها ليس سوى حلما
سيئا...لكن هيهات فقد عاد صالح و معه
بداية جحيمها الابدي...
صباحا في فيلا صالح عز الدين....
و تحديدا في غرفة الصغيرة لجين...إستيقظت
أروى على دغدغات الصغيرة التي سرعان
ما تقبلتها و أصبحت لا تفارقها ليلا نهارا...
إبتسمت و هي تقلبها لتصبح فوقها و تبدأ
في دغدغتها لتتعالي ضحكات لجين السعيدة
...يا لهوي على القمر...اللي عاوز يتاكل داه..
انا حبدأ من الخدود الحلوة دي...همممم....
إنحنت عليها أروى و هي تمثل بأنها ستقضم
خديها لتتلوى الصغيرة محاولة الافلات منها
و هي تضحك بصوت طفولي...
أما في الخارج فيقف فريد أمام باب غرفة
إبنته و هو يستمع إلى صوت ضحكتها نفخ
بضيق قبل أن يحرك مقبض الباب ليفتحه
فقد أصبح مجبرا على رؤية تلك الفتاة المسماة
زوجته كل صباح في غرفة إبنته....طوال اليومين
الماضيين لم يحدثها او يحتك كلما دخل للغرفة
تخرج هي و رغم ذلك لا يرغب في وجودها و تمتعض ملامحه كلما لمحها...
حالما تفطنتا لوجوده صړخت لجين...بابي...
تلقفها بين ذراعيه ليقبل وجنتيها المكتنزتين
و ينشغل بالحديث معها بينما وقفت أروى من مكانها
لتنسحب من الغرفه كعادتها لكنه اوقفها قائلا...إستني....
لجين بلهفة طفوليه...بابي....
فريد...ياروح بابي...نمتي كويس...
اومأت بايجاب برأسها و هي تنظر نحو
الكيس العلبة الفاخرة التي وضعها على السرير
بجانبها ليضحك على مظهرها المتلهف فهي
في الاخير طفلة صغيرة لا تفقه من الحياة سوى
اللهو و اللعب...
تركها لتزحف نحو العلبة و تبدأ في فتحها
تحت نظرات والدها الحنونة...فهو و إن كان
ذو شخصية جافة مع الجميع إلا أنه حين
يكون مع إبنته فهو يتحول لشخص آخر مختلف
تماما...
وقف ليغادر الغرفة بهدوء كما دخل لكنه
توقف حيث كانت أروى تقف ليقول لها بنبرة
جافة...خلي بالك منها...
أومأت له ثم سارت نحو الطفلة التي كانت
منشغلة بفتح العلبة...شهقت بفرح عندما
نجحت في فتحها بمساعدة أروى لتحدثها
قائلة و هي تنظر ببراءة أمامها...شاطة...شاطة...
اجابتها أروى ضاحكة...أيوا شكلاطة...لأحلى
فرولاية في الدنيا....
مدت الصغيرة يدها بحرص لتأخذ إحدى القطع
تحت أنظار أروى المذهولة من جمال هذا النوع
من الشوكولا الفاخرة التي لم تر مثلها سوى في الصور...
بالطبع أين ستراها فمن الواضح أنها تساوي ثروة
و من مثلها لا يستطيعون سوى الحصول على
الأنواع العادية الموجودة في المحلات....
تجاوزت دهشتها و هي تنظر للجين التي كانت
حرفيا تفترس قطع الشوكولا دون توقف مصدرة
أصواتا طفولية تعبر على تلذذها...
لتعاتبها أروى قائلة...حبيبتي مينفعش ناكل
شوكولا كثير...كده حتمرضي..و كمان مش
حتقدري تفطري كويس...
همهمت الصغيرة برفض لتيأس منها أروى
فوالدها هو من أحضرها لها  إذا منعتها في
فستغضب و تبكي و قد تتعرض لتوبيخ
من زوجها...
تنهدت بقلة حيلة قبل أن تمد يدها هي الأخرى
و تشاركها الاكل بعد أن قررت انها سوف تخبر
خالتها و هي ستتصرف معه..
أخذت الغطاء المصنوع بالشوكولا لتقلبه
في يديها قائلة بصوت منخفض تحدث
نفسها...طيب و داه المفروض ناكله و إلا
نحنطه...داه شكل حل اوي و مش هاين
عليا...يالهوي انا بقول إيه دلوقتي خليني
اذوق طعمه عامل إزاي....
قضمته ثم أغمضت عينيها لتهمهم بتلذذ
مستمتعة بطعمه الرهيب الذي تتذوفه لأول
مرة في حياتها....
في مطار برلين تيجيل في ألمانيا....
تجلس سيلين على احد الكراسي في صالة الانتظار تنتظر رحلتها المتجهة نحو مصر بقلق و توتر كبير
ودعت والدتها منذ قليل قبل أن تتجه نحو
المطار...
وضعت يدها على صدرها تهدئ ضربات قلبها
المتسارعة برهبة و هي ترفع نظرها كل ثانيتين
للوحة البيانات التي تحتوي على موعد
إقلاع الطائرات...
دقيقة...إثنان...خمسة....ستة و عشرون
دقيقة قضتها قبل أن تسمع
 

انت في الصفحة 8 من 70 صفحات