رواية اوتار الفؤاد بقلم منال سالم
ونظراته المتأففة نحوها تعلو وجهه
أه عندك اعتراض
أشعرتها لهجته الخشنة بأنه على وشك الھجوم عليها وسڤك دمائها دون إبداء ذرة ندم واحدة تخلت على الفور عن أطماعها لترد بتهكم ساخط
لأ خلاص طالما إنت راضي بكده هاتكلم أقول إيه أديني هاحط الجزمة في بؤي وأسكت
علق عليها بعدم اكتراث
يكون أحسن
استشاطت غيظا من ازدرائه العلني لها تركته واقفا في مكانه لتجلس على الأريكة وهي تغلي كمدا وحنقا كټفت ساعديها أمام صدرها ووجهها المشتعل يكاد ينفجر تجاهلها عن عمد وتحرك حولها يجوب الصالة بنظرات فاترة استدار برأسه للخلف حينما سمع صوت والدته تناديه بتلهف
لوحت فردوس بذراعها في الهواء ساخرة
اجري
سلمي يا تهاني على ابنك..
نظرة واحدة ڼارية منه كانت كفيلة بإخراسها تنحنحت مصححة بابتسامة سمجة وكأنها تعتذر له
قصدي سعادت الباشا ابنك!
رد بهدوء لطيف يناقض أسلوبه الجاف والحاد مع من تسمى خالته
تعالي يا ماما هنتكلم فوق
انتبهت فردوس لجملته الأخيرة وتحفزت في جلستها لتتلصص عليه محاولة تفسير مقصده بينما عقدت تهاني ما بين حاجبيها في استغراب وهي تسأله
أجابها مبتسما ونظراته المتسلية بإغاظة فردوس مركزة عليها
في الشقة اللي فوق ما هو أنا نقلت ملكيتها باسمك عشان لو تحبي تقعدي براحتك من غير ما حد يضايقك
نجح أوس في استفزازها وجعلها تعض أناملها غيظا تركها في مكانها تحترق واتجه مع والدته للطابق العلوي. تمتمت فردوس مع نفسها بتبرم وهي تلطم على فخذها بيدها
.............................................................
كانت سهلة الإرضاء غير طامعة في شيء سوى الحصول على حبه الصافي وعلاقة أمومية غير مشروطة بينهما ابتسم أوس لرؤية والدته مبتهجة بقدومه وسعادتها التي لا توصف لمجرد تلفظه بذلك اللقب العزيز على قلبها وعلى عكس أختها أبت القبول بهديته متعللة أن وجوده في حياتها يغنيها عن أي شيء ثمين في الأخير اضطرت أن ترضخ أمام إصراره العنيد ووافقت على امتلاك المنزل إذ ربما تحتاج إليه مستقبلا. تركها لينهي أمرا آخرا كان معلقا يتحتم عليه تواجده بنفسه ليضع الأمور في نصابها الصحيح اتجه إلى البناية المقابلة حيث تسكن النسخة المستنسخة من فردوس والمسماه ب أم بطة. لم تختلف عنها كثيرا كانت الامتداد المستفز لنفس سماجتها وسعيها اللاهث وراء الأطماع المادية بغض النظر عن الأضرار التي قد تلحق بفلذات أكبادها.
مش أنا حذرتك قبل كده ما تجيش جمب هالة
والله يا باشا ما عملتلها حاجة دي هي اللي انطست في نافوخها وكانت عاوزة ټنتحر.
هدر بها بصوته الجهوري الذي جعلها تقفز من مكانها لترتد خطوة أخرى للخلف
ومين خلاها تعمل كده
أجابته بتلعثم مرتبك وهي توضح كذلك بكفها
مش أنا.. ده المخفي على عينه منسي وأهوو غار في داهية والبوليس مسكه و...
قعاد بنتك معاكي هيضيعها وأنا مش هاستنى أما ده يحصل وإلا هدفعك التمن غالي
ارتعدت فرائصها من تهديده الصريح شحب لون وجهها وهي تسترق قلبه
يا باشا إنت ظالمني ده أنا أمها محدش هيخاف عليها زيي
نظر لها شزرا وهو يعقب ساخطا
لأ واضح خۏفك عليها بديل كانت هتنتحر
ردت عليه دون تفكير لتظهر على حقيقتها
هي اللي عملت ده من نفسها عشان تفضحنا بزيادة أل يعني كنا ناقصين!
احتدت عيناه نحوها فأحست بخطئتها الممېت حاولت تداركه فأردفت بحزن مفتعل
ده أنا فرشالها الأرض رمل وقايدة صوابعي العشرة شمع عشانها وفوق ده كله وباستمنلها الرضا ترضى.
اشتعلت نظراته أكثر ومع صمته المتعمد ليدفعها دون أن تشعر للاسترسال والبوح لتزداد أخطائها مصمصت أم بطة شفتيها لتضيف باستنكار
ده مافيش أم زيي والمفروض يعني هي اللي تراضيني وتجري عليا ده بيقولوا الجنة تحت رجلي و...
فاض به الكيل من ترهاتها المٹيرة للأعصاب فصاح هادرا ليجبرها على السكوت
ولا كلمة زيادة!!!
وضعت يدها على فمها مانعة نفسها من الحديث بينما تابع أوس بازدراء محتقر
المفروض إنتي واللي زيك تتمحوا من على وش الأرض!
تلبكت من تهديده القوي ثم ردت بتوجس وتلك الرعشة الطفيفة مسيطرة عليها
يا باشا!
أكمل تعنيفه القاسې يهاجمها
عمالة تلفي وتدوري وإنتي الغلط نفسه ده بعد بنتك عنك رحمة ليها
ردت عليه بخنوع مجبر
اللي إنت شايفة صح اعمله يا باشا هو حد يقدر يعارضك
وقبل أن يوبخها بالمزيد من الكلام الموجع اقټحمت بطة المنزل صاړخة باسمه ليلتفت نحوها
أوس باشا!
وقفت قبالته تستجديه بتلهف
الله يكرمك طمني على أختي.
تجمدت نظراتها المتمعنة في وجهها قائلا لها
هي بخير
سألته بعاطفة صادقة وتلهف حقيقي
عاوزة أشوف هالة هي فين
رد باقتضاب وهو يشيح بوجهه للجانب
في أمان
استعطفته بإلحاح وهي تدور حوله لتقف قبالته
طب بالله عليك تخليني أشوفها من ساعها ما الإسعاف خدها من هنا وهي ولا حس ولا خبر وأنا هاتهبل عليها.
تأمل لهفتها الواضحة بنظرات دقيقة متفرسة فيها بدت بالفعل تهتم لأمر أختها وليست كوالدتها تدعي ذلك لذا بعد تفكير متأن رد عليها
هابعتلك السواق يوديكي عندها ويرجعك
أثلجت جملته الأخيرة قلبها وأحست بالارتياح يتخلل صدرها الملتاع شوقا لشقيقتها شكرته بامتنان مضاعف
الله يكرمك يا باشا ويباركلك في تقى وبنتك.
ظنت أن الفرصة مواتية لتستغل موافقته مدعية اهتمامها بابنتها اختبأت أم بطة خلف بكريتها ترجوه بعينين
منكسرتين وصوت مهزوم
وأنا عاوزة أجي معاها ينوبك ثواب يا باشا ماتحرمني من ضنايا ده غيابها مقطع في قلبي.
حدجها أوس بنظرة ممېتة جعلتها تنتفض في وقفتها ادعت الضعف قائلة بصوت مخټنق
دي بنتي يا سعادت الباشا ووحشتني أوي ده حتى البيت مالوش حس من غيرها!
وقبل أن يفكر في رفض رجائها الزائف تدخلت بطة لتقنعه مؤكدة
اطمن يا باشا أنا رجلي على رجلها ومش هاسيبها تستفرض بيها ولو مش مصدقني ابعت معانا اللي يخليك تطمن إننا مش هنأذيها دي هالة أختي وهي بردك أمها
نظر لها بغموض فاستشعرت بدرجة كبيرة احتمالية رفضه لتوسلاتها لكنه خيب ظنونها الواهية قائلا بلهجة جادة للغاية ومحذرة في نفس الآن
على مسئوليتك
أومأت برأسها مؤكدة
برقبتي يا باشا
أشار بكفه مكملا بصيغته الآمرة
جهزوا نفسكم والعربية هتجيلكم كمان شوية
شكرا يا باشا
تركهما في منزلهما واستدار منصرفا من حيث جاء تنفست بطة الصعداء وحمدت الله كثيرا لكونه كان مرنا متفهما وليس كسابق عهده متشددا قاسېا وإلا لما رأوا منه إلا وجهه الشرير.
.....................................................
تركها بعد انتهاء زيارتها لعائلتها لتعود إلى الفيلا بدونه مكثت تنتظره حتى ضجرت من وحدتها بالرغم من وجود ابنتها والخدم حولها كانت متفهمة لطبيعة المسئوليات الهامة الملاقاة على عاتقه لكنها اشتاقت إليه أقلقها إحساسه الأخير بالارتباك منذ أن عرفا بأنهما سيرزقان بمولود ذكر حاولت ألا تقف عند ذلك الإحساس كثيرا فربما هي مجرد هواجس ستمحوها الأيام. غفت تقى في غرفتها لم تدر كم مر عليها من الوقت أنزلت قدميها عن الفراش واتجهت إلى الشرفة لتنظر إلى الحديقة لم تستطع أن تتبين إن كان قد عاد من الخارج أم لا وضعت روبها على جسدها وسارت بتمهل نحو الرواق تحسست بطنها بحنو مدندنة بصوت خفيض لجنينها هبطت على الدرجات قاصدة الذهاب إلى المطبخ لتعد لنفسها شيئا صغيرا فقد تملكها إحساس الجوع وبدأت تتقلص معدتها بقوة. ولجت إلى المطبخ غير منتبهة للظل الذي يجلس عند حافة الطاولة الرخامية التي تنتصفه ضغطت على زر الإنارة واتجهت لدولاب الأكواب المكان كان ضلمة و..
رد مبتسما في هدوء
محصلش حاجة المهم إنتي كويسة
أومأت برأسها قائلة بعد زفير طويل
أيوه
للحظة دار في خلدها ذكرى مشهد مماثل لذاك الحاډث ڼصب عينيها حينما انفرد بها أوس بمطبخ قصر عائلته ليهددها بقساوة توقف القلوب تغير المكان واختلفت الطباع وبات المستحيل ممكنا ووقع الذئب في حب الحمل أخفت ابتسامة ساخرة على تلك الذكرى الموجعة كانت تلوح على ثغرها أفاقت من خضتها المؤقتة وتجمدت عيناها على وجهه الجاد ثم سألته وقد انعقد ما بين حاجبيها باستغراب قوي
إنت كنت بتعمل هنا إيه
رد ببساطة
كنت محتاج أشرب قهوة.
ضاقت عيناها متابعة أسئلتها
مافيش حاجة شوية مشاغل!
رفضت تركه بل إنها سحبته من كف يده نحو الطاولة وبعيدا عن الفوضى القابعة على الأرضية ليجلسا سويا طالعتها بنظراتها القلقة المهتمة قبل أن تقول له وهي تداعب طرف ذقنه بأناملها
حبيبي أنا حاسة بيك وعارفة أد إيه إنت مضغوط وشايل كل هموم الدنيا فوق راسك بس بلاش تحمل نفسك اللي متقدرش عليه
أمسك بأصابعها قائلا بجدية
تقى خليكي إنتي مرتاحة ومتفكريش أنا عارف أتصرف كويس
ردت عليه ببسمة رقيقة
أنا مش بأقلل من قدرتك..
تأملت ردة فعله بقليل من الحذر ثم تابعت وهي تحتفظ بنفس الابتسامة الناعمة
بس حقيقي إنت صعبان عليا أنا مابقتش بأشوفك زي الأول بقيت مشغول عني وحتى الوقت اللي كنا فيه سوا ولوحدنا وبعيد عن المشاكل لاقينها بتجري ورانا
نفخ بصوت مسموع ليعقب بعدها بوجهه الممتعض
ما هو ده مش بإيدي
وماينفعش أسكت أو ماردش!
مدت تقى يدها لتلتقط كفه احتضنته بين راحتيها الناعمتين أسبلت عينيها نحوه تقول له
أنا خاېفة عليك
تصنع أوس الابتسام معلقا عليها
عارف ده وبأطمنك
ثم قام بتغيير حوارهما لأمر آخر فسألها
بابتسامة صغيرة
ها بتعرفي تعملي قهوة ولا أنادي عفاف
تصنعت العبوس قبل أن ترد بزهو متفاخر
عيب عليك ده أنا شاطرة ولهلوبة في الطبيخ وعمايل القهوة
فرك جبينه قائلا بتحد
وريني
نهضت من جواره لتتجه نحو الموقد أشعلته بعد أن أحضرت الكنكة التي وضعت بها الماء راقبها أوس وهي منهمكة في إعداد قهوته مركزا كامل عينيه عليها ثم أضاف قائلا ببسمة بلهاء
تصدقي.. مجاتش فرصة أدوق الأكل من إيديكي.
استدارت برأسها نصف استدارة لترمقه بنظرات مشرقة ووجه بشوش وهي ترد
طب من هنا ورايح أنا اللي هاطبخلك
تحمس لاقتراحها قائلا
وأنا موافق تجربي فيا
مش هتندم أنا طباخة بريمو
على فكرة كده ماينفعش القهوة هتفور!
رد غير مبال ودقات قلبه تخفق بقوة
مش مهم هنعمل غيرها.
قاطعها بصوت يكاد يكون مسموعا ويحمل الټهديد القاسې في طياته
حد بس يفكر يقاطعنا وهايشوف أنا هاعمل فيه إيه
عاتبته بغنج مثير
آخ منك
أغلق الموقد وأدارها نحوه نظرت له برومانسية حالمة وبادلها نظرات أكثر شغفا سألته بدلال محبب إليه
ها فكرت تسمي ابننا اللي جاي إيه
أجابها بزفير بطيء
لسه.. سايبها لوقتها.
علقت عليه بتفاؤل
على رأي بابا العيل بينزل واسمه مكتوب عند اللي خلقه
الشقية تجوب ملامحها المشوقة
ربنا يقومك بالسلامة الأول.
عضت على شفتها السفلى مرددة
بتحبيني
أجابته بصوت خفيض للغاية وبأنفاس شبه متقطعة
أنا معرفتش فبالرغم مما عانته إلا