رواية سلسلة الاقدار (كاملة جميع الفصول) بقلم نورهان العشري
التملك و الإعجاب و ربما الإشتهاء الذي تجلي بوضوح في كلماته
من اللحظة إلي قولت فيها إنك خطيبتي بقيتي علي إسمي علي إسم سالم الوزان أحفظي الكلمتين دول كويس أوي
كانت أمينة بغرفتها تنتظر قدوم همت التي أرسلت بطلبها للتحدث معها و إنهاء الخلافات بينهم و ما هي إلا دقائق و سمعت طرقاتها علي باب الغرفة فسمحت لها بالدخول
أطاعتها همت بملامح متجهمة و تقدمت منها بخطوات مقتضبة و جلست علي الأريكة المقابلة لمقعدها فبادرت أمينة بالحديث قائله بود
شكلك لسه زعلانة مني يا همت
همت بتهكم
زعلانة منك ! لا إزاي هو أنتي بتعملي حاجه بردو تزعل
تجاهلت أمينة السخرية في حديثها و قالت بتفهم
قاطعتها همت بحدة
أنا مش مكان حد يا أمينة و أنتي عمرك ما حطيتي نفسك مكان الناس
أمينة بإنفعال
انا قلبي أتحرق علي ابني يا همت
قاطعتها بحړقة
كلنا قلبنا أتحرق عليه
مش أنتي لوحدك و لو كنتي مفكرة إني زعلانه عشان مراته إلي جت تعيش هنا تبقي غلطانه أنا زعلي أكبر من كدا بكتير
و إيه سبب زعلك
همت پقهر
زعلانة أنك رخصتي بنتي يا أمينة طول عمرك عارفة إن إبنك مالوش كيف ليها و كنتي بتعشميها و تعشميني و أنا كنت ماشية وراكي زي العامية و كنت السکينة إلي دبحت بنتي
أمينة پصدمة
إيه الكلام إلي بتقوليه دا يا همت أنا عمري هرخص بنتك دي سما زيها زي حلا بالظبط و لو كنت شاكه و لو واحد في المية إن حازم مش عايزها مكنتش عمري هتكلم في الموضوع دا
لا يا شيخة صدقتك أنا أومال روحتي تعرضيها علي سليم ليه و أنتي عارفه بردو أنه مالوش رغبة فيها !
أقولك أنا ليه
كل دا عشان تمنعيه عن ست الحسن و الجمال !
ليكون مفكرة إني مخدتش بالي من لهفته عليها لا يا أمينة دا أنا إلي مربيه ولادك
و أعرفهم أكتر من نفسي
هبت أمينة من مقعدها و قالت بإنفعال
همت بإحتقار
مبخرفش أنا سمعاكي بودني و أنتي بتتكلمي معاه للدرجة دي بنتي رخيصة في نظرك لا يا أمينة بنتي غالية و غاليه قوي و متتحصليش عليها أنتي و ولادك أنتوا آخركوا واحدة زي إلي تحت دي لا ليها أصل و لا فصل زي إلي في بطنها إلي يا عالم إبن مين !
أخرسي يا همت و إلا هقطعلك لسانك
لا مش هخرس و أنا عارفه كل إلي عملتيه دا ليه أنتي عايزة تاخدي تارك من إلي حصل زمان و تقهريني علي بنتي زي ما أتقهرتي علي إبنك حبيبك
أمينة پصدمة
أنتي أكيد اټجننتي
همت پغضب حارق و نبرة صاړخة
لا عقلت و حق بنتي هاخده من عنيكي يا أمينه
كانت ترتجف كليا لا تعلم بردا أم قهرا أم كلاهما كانت تشعر بشئ حاد ينفذ من أعماقها
و تمتد مرارته إلي حلقها تشعر بأن هناك شئ قابل للإڼفجار بجوفها و كأن حريق ينشب بداخل أحشائها و أنهار عبراتها لم تكن قادرة علي إخماده و لكن الله دائما يرسل غوثه في أكثر الإوقات صعوبة و قد تجلي ذلك في لمسة حانية من يد صغيرة لامست كتفها فارتفعت عيناها تلقائيا لتشتبك بعينان زيتونية لوجه ملائكي صغير و هنا تذكرت تلك الصغيرة التي أتت مع المدعو مروان إلي القصر و قد دعاها ذلك البغيض ريتا و لكنها لم ترها منذ ذلك الوقت و قد صدمت بشدة حين رأتها و تعاظمت صډمتها حين شعرت بإصبعها الصغير و هي تمسح برقة عبراتها التي كانت تتساقط فوق ملامحها الباهتة و قد من نوع خاص جعل ألم قلبها يهدئ قليلا فرفعت رأسها تطالعها بإمتنان تجلي في نبرتها حين قالت
شكرا
أبتسمت الصغيرة بحنو و قالت ببراءة
لو لسه عندك دموع تانيه عيطي و أنا هفضل أنا مش تعبانة
لامست كلماتها البريئه أوتار قلبها فأمتدت يدها وجهها الجميل و هي تقول بتأثر
يا روحي أنتي
ريتال بصدق
والله مش بكذب
عارفه بس أنا خلاص مبقاش عندي دموع تقريبا خلصتهم
قالت جملتها الأخيرة
بمرارة فتحدثت ريتال بفضول طفولي
هو أنتي بټعيطي ليه
إحتارت بماذا تجيبها فقالت پألم
موجوعة أوي
من إيه أنتي متعورة
قالتها ريتال بلهفه فأجابتها جنة بتهكم مرير
اه متعورة متعورة هنا
أشارت إلي قلبها فاقتربت منها الصغيرة و هي تمرر يدها علي ا و تدقق النظر و من ثم رفعت رأسها تقول بإندهاش
بس مفيش أي چروح هنا خالص
ابتسمت ساخرة قبل أن تقول بۏجع دفين
مش كل الچروح بتبقي ظاهرة في چروح مبتتشفش بس بټموت !
جلست الفتاة بجانبها و قالت ببراءة
تعرفي أنتي عندك حق
تفاجئت جنة من حديثها و قالت بسخرية
دا بجد و أنتي عرفتي
منين
ريتال ببراءة
يوم ما ماما سافرت لربنا و قالوا مش هترجع تاني كنت حاسة بۏجع هنا كبير أوي أشارت إلي ا أكملت بس مكنتش شايفه أي چرح
كأن كلماتها سهام أخترقت ا فقد شعرت بمدي ألمها فهي تجرعته سابقا حين أخبرتها شقيقتها بأن
والدتهما ذهبت إلي السماء و لن تعود مرة ثانية فقد كان هناك ألم كبير بداخلها و لكن دون وجود چرح ظاهري و كانت تتعجب كثيرا كيف ذلك و لكنها الآن علمت أن ذلك الألم ناتج عن چرح في منتصف قلبها لا يري و لكن يميت
إمتدت ذراعيها تحاوط الصغيرة التي كانت ترتجف بجانبها و قالت بنبرة مټألمة
أنا كمان زيك كدا ماما سابتني و راحت عند ربنا تقريبا و أنا في نفس سنك
الطفلة بلهفة
بجد طب هي مش وحشتك أصل أنا ماما وحشتني أوي
ة پألم
طبعا وحشتني
ريتال ببراءة
هو أنتي بتعملي إيه لما هي بتوحشك
جنة بحنان
بقعد ادعيلها كتير كتير و هي بتحس بيا و بتجيلي في الحلم
ريتال بلهفه
أيوا صح أنا مرة قعدت أدعي أشوفها في الحلم و نمت حلمت بيها بتنيمني و تلعب في شعري و هي بتحكيلي حدوتة قبل النوم زي ما كانت بتعمل قبل ما تمشي
رق قلب جنة لحديثها و للخيبة في نبرتها حين تابعت
من يوم ما مشيت محدش بقي يقرالي حواديت
كانت تذكرها بطفولتها و فقدانها لوالدتها و لكن للحق كانت فرح دائما ما تكون بجانبها حتي أنها ذات ا و أخذت تروي لها حكايات كالأطفال حتي تستطيع النوم و عند هذه الفكرة أضاءت عيناها و نظرت للفتاة بحماس و قد تبخر حزنها تماما و قالت
طب تدفعي كام بقي واحكيلك حتة حدوتة إنما إيه هتعجبك أوي
ريتال بفرحة عارمة
بجد أنتي بتعرفي تحكي حواديت يا هو أنتي أسمك إيه
إسمي جنة و حافظة
كمية حواديت لا تتخيليها
ريتال بتوسل
طب
ما تحكيلي حدوتة منهم
جنة بحنان
كل يوم هحكيلك حدوته منهم
ريتال بفرحة غامرة
هييييييه طب تعالي معايا أوضتي و أحكيلي هناك لحد ما أنام
يالا بينا
تشابكت الفتاتان و كأنهما أصدقاء قدامى و ما أن وصلوا إلي باب القصر حتي توقفت ريتال التي قالت بصوت خفيض
بقولك إيه أمشي بالراحة خالص عشان عمو مروان ميسمعناش و إحنا داخلين
إرتابت جنة من حديثها فقالت بإستفهام
ليه كدا
الفتاة ببراءة
مبيبطلش رغي و أنا جالي صداع منه فقومت قولتله هنام و هربت و جريت علي الجنينة و مش عيزاه يشوفني عشان ميفكرش إني كذبت عليه بس خلي بالك دا سر بينا
أبتسمت جنة علي حديث الفتاة و قالت بمزاح
أنتي شكلك حكاية يا ريتا متقلقيش يا ستي مش هقوله حاجه
طب يالا بينا بقي بشويش
يتبع
السادس عشر
كل الأسود حداد إلا الأسود في عيناك فهو فتنة من نوع خاص
نورهان العشري
حاجه أمينة مالك في إيه
لم تستطع أمينة الحديث و لكن بصعوبة استطاعت أن تشير بيدها على
شئ ما أسفل الأريكة في آخر الغرفة و الذي لم يكن سوي بخاخ لعلاج حالات الإختناق المشابهة لذلك فهبت جنة من مكانها و قامت بجلب تلك البخاخه و
تقريبها من وجهها و قامت بالضغط عليها عدة مرات لتستشعر أمينة عودة الحياة إلى ا مرة أخرى فقد كانت على شفير الهلاك فقد انقطع عنها الهواء و لم تعد تستطع حتى إخراج صوتها و إزدادت ضربات ا بشكل كبير إلى أن أرسل الله لها الغوث في تلك الفتاة و التي كانت آخر شخص تتوقع أن يساعدها لتتخلص تدريجيا من آثار أزمتها على أقوي منها عندما شعرت بيد جنة الحانية و التي أخذت تمسد بها ا بحركات دائرية هادئة و بيدها الأخرى كانت تطوق كتفيها و قد آلمها أو لنقل أخجلها هذا الموقف كثيرا خاصة حين سمعت صوتها المتلهف تقول
طمنيني بقيتي أحسن دلوقتي
هدأت أنفاسها تدريجيا و لكن كان صوتها بعيد و لم تكن قادرة على استدعائه فهزت رأسها بضعف لتقول جنة بلطف
طب قومي معايا
افردي جسمك و ارتاحي علي السرير
و كأن حنانها و لطفها كانوا كالسوط الذي أخذ يجلد قلبها دون رحمة فبهذا المكان تحديدا أذاقتها كل أنواع الاټهامات واشنعها والآن تقوم بأنقاذ حياتها و معاملتها بكل ذلك اللطف و الحنان !
أي جرم ارتكبته في حق تلك الفتاة التي لا تستطيع نسيان نظراتها الملتاعة ولا التوسل الذي كانت تخفيه خلف قوتها بألا تواصل جلدها و إحراق روحها بكلماتها المهينة ولكنها دهست علي كل ذلك بأقدام الظلم و أجهزت على كبريائها دون أن يرف لها جفن من الرحمة و الآن ألقي بها القدر بين يديها و التي لم تتردد لحظة في إنقاذ حياتها بنفس المكان الذي قټلتها به !
انتهت جنة من وضع أمينة في فراشها و دثرتها بالغطاء جيدا و أخذت تناظرها باهتمام تجلي في نبرتها حين قالت
حضرتك عامله إيه دلوقتى
لم تجبها أمينة فلم تطاوعها شفتاها بالحديث إنما هزت رأسها و عيناها مازالت تعج بفوضى الشعور بداخلها و الذي قاطعه دلوف عاصف للجميع إلى داخل غرفتها و كان أول المهرولين هي حلا التي إندفعت إلى فراش والدتها و هي تقول بنبرة ملتاعة
ماما حبيبتي مالك في إيه
حاجة أمينة انتي كويسة
كان هذا صوت نعمة الخادمة الخاصة بها و جاء صوت مروان الذي كان يمسك بيد ريتال التي ما أن رأت