الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية أنا لها شمس (الفصل الاول الي الفصل الرابع والأربعون 44)بقلم روز امين كاملة

انت في الصفحة 41 من 118 صفحات

موقع أيام نيوز

 


بعدما قرر تخطي الحديث
بابا عامل إيه
هزت رأسها لتتخلص من تلك الطاقة السلبية التي تملكت منها لتقول بنبرة هادئة إلى حد ما 
الحمدللهالدكاترة كثفوا له جرعة المسكن علشان ميحسش بالألم لأن للأسف المړض انتشر بصورة بشعة في كل وبابا بنيان ضعيف مش هيقدر يتحمل
نطقت كلماتها الأخيرة پألم لتشهق بعدما انتهت لتبدأ وصلة دموعها التي انسابت رغما عنها بعدما فقدت الصبرنطق بقلب يعتصر ألما عليها 

إهدي من فضلك لازم تكوني قوية علشانهمينفعش يلمح في عيونك نظرة ضعف واحدة لازم تكوني مصدر قوته 
بصوت يئن ألما أجابته 
ڠصب عني يا فؤاد مش قادرة اشوفه بالضعف دهعقلي رافض يستوعب نوع المړض مش قادرة أتخيل إن كلها شهور ويمكن اسابيع ومشوفش بابا قدامي تاني
تنهد پألم وبرغم عشقه لنطقها لحروف اسمه التي تنطقه عندما تكون في حالة من اللاوعي إلا أنه لم يتذوق حلاوته لمرارة حديثها المؤلماجابها بكلمات عن الإيمان بالله ليحثها على التسلح بها
ده قدره يا حبيبي نطقها مغيبا ليتابع بصوت متأثر
وإنت ست مؤمنة ولازم ترضي وتصبري على البلاء وتحتسبي الأجر عند الله
إدعي له يا إيثارإدعي له كتير قالها بصوت مريح مما جعل داخلها يستكيننطقت بصوت ممتن 
متشكرة يا سيادة المستشار متشكرة
بجد
تنفس عاليا لينطق 
أنا معاك دايمافي أي وقت تحتاجيني فيه هتلاقيني حتى من غير ما تندهي لي أنا معاك ودايما هكون حواليك 
ما هذا الشعور العجيب الذي شمل روحها بمجرد نطقه بتلك الكلمات ليغمرها بواحة من السلام النفسي لم يسبق وعاشته من ذي قبلتنفست بارتياح لم تتذوقه منذ الكثير قبل أن يباغتها صوت شقيقها الذي صدح من خلفها وهو يستعجلها
يلا علشان نتعشى يا إيثار
التفتت لتنظر للواقف خلفها وتحدثت
حاضر يا أيهمثواني وجاية
انسحب للداخل وقبل أن تنطق قاطعها باحترام
روحي إتعشي وخدي لك شاور سخن وحاولي تهدي نفسك وتنامي
اومأت دون حديث ليسترسل بانسحاب
هكلمك بكرة علشان اطمن على بابا وعليكتصبحي على خير
وإنت من أهله نطقتها لتغلق الهاتف وتنطلق عند اخيها ليلقي هو برأسه يستند بها على خلفية المقعد الضخم ويسرح بمخيلته بعينين منغلقتينتذكر انتفاضة قلبه عند رؤياها اليوملقد كان يشتاقها پجنون نظرا لابتعاده عنها بعدما حرمته طلتها حتى صوتها الحنون حرمته الاستماع لنبراته ابتسم طلقائيا لتذكره عينيها ليباغته دخول والدته التي تحدثت لينتبه ويخرج من شروده التي تيقنت منه بعدما رأت ابتسامته الواسعة
اخلي سعاد تعمل لك قهوة يا فؤاد
فتح عينيه وعدل من وضعية جلوسه سريعا إحتراما لشخص غاليته ليجيبها بنبرة صوت مستكين 
لا يا حبيبتي متشكر
اقبلت حتى اقتربت من المكتب ثم جلست بالمقعد المقابل لتقول بابتسامة مداعبة إياه 
مش ناوي تحكي لي وتقولي مين هي
قطب جبينه ليسألها بريبة ظنا منه انها استمعت على حديثه مع من ملكت فؤاده 
تقصدي مين بكلامك 
ابتسمت لتجيبه بمشاكسة 
اقصد اللي غيرت حياتك وخلتك تسهر الليالي بعد ما كنت بتنام من الساعة تسعة
رفع حاجبه لتتابع 
واللي بسببها محسيتش بدخولي من شوية مع إني خبطت اكتر من مرة بس الباشا كان مغمض عيونه وسرحان فيها
انطلقت منه ضحكة عالية لتتعمق عصمت بتعبيرات وجهه كي تستشف صدق حديثها من عدمه لكنها فشلت فهذا الداهي يستطيع بكل مكر تخبأت ما بداخله والسيطرة على مشاعره بحيث يصعب
على الأخرين قراءة ما يدور بخلده
توقف عن اطلاقه القهقهات ليقول بإنكار 
ده إيه الخيال الواسع اللي عند حضرتك ده يا دكتورةفجأة خلتيني حبيت لا والاستاذة غيرت طباعي كمان
تعمق بعينيها ليسترسل بمشاكسة
إنت تعرفي عن فؤاد علام كده بردوا!
تطلعت إليه بعينين مستفهمتين ليتابع موضحا بغرور يعلم من داخله أنه واهي
متخلقتش لسه اللي تدخل على حياة فؤاد علام وتغيرها
نطق كلماته وهو على يقين من عدم صحتها فقد خلقت واقټحمت داخله وبدلت ثوابته بل وغيرت حياته بالكامل لكنه مازال يكابر على الأقل أمام الأخرينحتما سيخبرها لكن بعد أن يضمن موافقتها على الزواج منه وحينها سيعلنها زوجة له أمام الجميع
مفيش فايدة فيك يا فؤاد يا علامعمرك ما هتبطل غرور نطقتها نكاية به ليقهقه قائلا بمشاكسة 
تربيتك يا دكتورة
رمقته باستنكار ليسترسل مصححا وصفها 
وبعدين ليه تسميه غرور ليه منقولش ثقة بالنفس
قالت بإبانة 
شتان ما بين الثقة بالنفس والغرور يا جناب المستشارخيط رفيع بيفصل بينهم ياريت تاخد بالك منه
ابتسم بهدوء ليجيبها بنبرة جادة بعيدا عن مزاحهم 
متقلقيش يا دكتورة انا تربية جناب المستشار علام زين الدين ودكتورة عصمت الدويري
تنفست بهدوء لتقول بعيني متأملة 
ربنا يصلح حالك يا فؤاد ويرزقك ببنت الحلال اللي تسعدك وتعوضك خير عن كل اللي حصل لك قبلها
يارب ياماما نطقها بتمني جعل داخلها ينتفض فرحا فتلك هي المرة الاولى التي لا ينزعج من ذكر الموضوع بل والادهى هو تأمينه خلف دعائهااشتدت سعادتها وتيقنت صدق حدسها لكنها كظمت شعورها بداخلها كي لا تثير حنقه ويرجع ذلك لفهمها لشخصية صغيرها العنيد فأكثر ما يثير غضبه هو خوض الاشخاص بما يخصه والتجول بخصوصياته 
داخل أحد المطاعم الخاصة بتقديم الطعام 
يجلس دكتور أحمد مقابلا زوجته الجميلة سالي يتناولان الطعام وهما يتحدثانوأثناء حديثيهما سألته عن حالة والد إيثار وما إن حدث بها تطورات أم أن الحالة تنتكسليجيبها شارحا الوضع لتقول متأثرة بملامح وجه ارتسم عليها الأسى
يا حرامتلاقي إيثار زعلانة جدا على بباها
أجابها مؤكدا 
أكيد يا حبيبتيالراجل حالته صعبة جدا والمشكلة إن بباها هو الشخص الوحيد الحنين عليها من وسط عيلتها كلها
حزنت لأجلها لينطق بعجالة وهو يمضغ الطعام وكأنه تذكر للتو
نسيت أقول لكتخيلي مين جالي المستشفى النهاردة وسأل على بباها
قطبت جبينها للحظة لتهتف متذكرة حديث والدة زوجها
إوعى تقولي فؤاد علام
ضيق بين عينيه متعجبا ليسألها باستغراب
عرفتي إزاي!
ليستطرد ما حدث متعجبا 
ده انا نفسي مش مستوعب إنه يجي لي ويسألني على حالته لا ويطلب مني ارشح له دولة متقدمة في علاج المړض ده علشان يسفره يتعالج هناك على حسابه الشخصي
بملامح وجه مذبهلة قالت بعدم استيعاب
للدرجة دي ده على كده كلام طنط نيللي طلع صح
مضغ ما في فمه سريعا وابتلعه ليسألها مستفهما
كلام إيه ده اللي قالته ماما!
اطلقت ضحكة ساخرة قبل ان تجيبه متعجبة
إسمع يا سيدي اخر نكتة
لتسترسل متهكمة وهي تهز رأسها بطريقة مسرحية
قال إيه فؤاد علام زين الدين بوظيفته ومنصب بباه واسم عيلته الكبير اللي يخض أي حد يسمعه
لتتابع بتقليل من شأن الاخرى متبعة ذاك التفكير الطبقي الذي عفى
عليه الزمن 
بيحب إيثار مديرة مكتب بباك
اتسعت عينيه للحظة حتى استوعب الفكرة لا للتقليل من شأن إيثار لكن لغرابة الفكرة ذاتها لينطق بنبرة متعجبة 
معقولةطب وإيثار هي كمان بتحبه ولا القصة من طرف واحد 
جحظت عينيها لتقول بعنصرية 
إنت هتجنني يا أحمدهي المشكلة في إن إيثار تبادله الحب ولا في الفرق الطبقي الرهيب اللي بينهم
واسترسلت بتعالي 
تفتكر واحد زي علام زين الدين ومراته هيوافقوا إن إبنهم يتجوز مديرة مكتب!
وليه يرفضوا البنت محترمة جدا ومثقفة ومفيش حاجة تعيبها قالها بلامبالاة لتسأله
بعقلانية وحسب تفكير تلك الطبقة بل والكثير من شعوبنا العربية
النسب مش شخصين ارتاحوا لبعض يا دكتورالنسب عبارة عن عيلتين لازم يكونوا متطابقين فكريا وماديا وثقافياتفتكر عيلة إيثار البسيطة ممكن تندمج فكريا وثقافيا مع عيلة الزين لو دار بينهم حديث
أجابها بتبسيطا للأمور وهو
يتابع تناول طعامه
محدش بيفكر بالطريقة المعقدة دي الوقت يا قلبيالعالم اتطور والناس تفكيرها اتغير ومبقوش بيعقدوا الدنيا زي زمانالناس بتاخد الأمور ببساطة
بيتهئ لك يا حبيبيوبكرة هفكرك لو فؤاد علام اټجنن وفكر يرتبط فعلا بإيثار قالتها بتحدي لتسترسل وهي تهز رأسها بابتسامة ساخرة
ده إذا مكانش بيتسلى بيها
لم ينل حديثها استحسانه لينطق بنبرة صارمة 
إيثار مش من النوع ده وإنت عارفة كده كويس يا ساليياريت تقفلي الكلام في الموضوع ده لاني محبتش اسلوبك وطريقة كلامك عنها
واسترسل باستهجان
بصراحة صدمتني طريقة تفكيرك الرجعية
هزت رأسها بذهول من مهاجمة زوجها لتقول باستغراب 
إنتوا ليه كلكم فاكرين إني بهاجم إيثار او بقلل من احترامها انا بتكلم من وجهة نظر المجتمع اللي حضرتك وطنط نيللي مغيبين عن تفكيره
سالي نطقها بحزم مع نظراته التحذيرية لتفضل الصمت وتتابع تناول الطعام بعدما تيقنت وصول زوجها للحد الذي يجعلها ترتاب 
بعد مرور اربعة أيام 
كانت بمكتبها تتابع عملها بتركيز شديد ومهنية لتنهي ما عليها سريعا كي تذهب إلى والدها لتطمئن عليهأما أيمن فبرغم اعتراضه على تركها لوالدها إلا أن حضورها لمقر الشركة يشعره بالأمان والطمأنية على كفاءة سير العمل حيث بات لا يأمن ولا يطمئن إلا من خلال التعامل معهاوأثناء مزاولتها للعمل والإندماج به وصل اتصال هاتفي من أحمد أبلغ به والده أن غانم قد ساءت حالته كثيرا وتم نقله لغرفة الإفاقة وطلب حضور ابنته على الفورطلب أحمد من والده إبلاغ إيثار وإحضارها للمشفىأبلغها أيمن ليرتعب داخلها هلعا على ابيهاطلب أيمن من السائق الخاص به إيصالها للمشفى وبالفعل بغضون النصف ساعة كانت تهرول داخل رواق المشفى بقلب منتفض وسيقان مرتعشةوصلت إلى غرفة الإفاقة وجدت والدتها وشقيقاها عزيز وأيهم يتطلعون من خلال الحائط الزجاجي على ذاك الماكث بالداخل فوق التخت الخاص تطلعت عليه لتشهق بصوت يدمي القلوب وهي تنظر عليه وعلى صدره الموصل بكثيرا من الأجهزة والخراطيم وجهاز التنفس الإصطناعي الموضوع علي فمه وأنفه خرج أحمد من الغرفة ليسرع الجميع إليه ليسأله عزيز بارتياب 
أبويا ماله يا دكتورده كان كويس إمبارح
بوجه حزين أجابهم 
كل ده متوقع وانا بلغتكم بيه قبل كدهللاسف الحالة بتتدهور بوتيرة أسرع مما توقعنا
سألته بصوت يرتجف وحروفا متقطعة ترجع لشدة هلعها
يعني إيه يا دكتور!
رفع منكبيه لأعلى ليجيبها بأسى
يعني تجهزوا حالكم لأسوء الإحتمالاتممكن منوصلش لمرحلة الغيبوبة
لطمت منيرة وجنتيها وسالت دموعها ليتابع أحمد موجها حديثه ل إيثار
إدخلي له يا إيثار لانه طلبك
وانا نطقتها منيرة بحدة ليجيبها أحمد بنبرة حازمة 
مش الوقت يا افندم المړيض تعبان وهو اللي طالب يشوف بنته ومصر على طلبه لولا كده مكنتش هسمح بدخولها لان الحالة حرجة
حول بصره إلى الممرضة ليتابع قاصدا إيثار 
خديها للتعقيم وجهزيها علشان تدخل عند المړيض
انسحب لمكتبه وبعد قليل ولجت لغرفة الإفاقة بعدما ارتدت اللباس الخاص بالتعقيمتحركت بساقين مرتعشتين حتى وصلت إلى مكوثهأمسكت كفه ومالت لتطبع عليه كفه ليزيل به جهاز التنفس الإصطناعي لتباغته بحديثها الرافض 
سيبه يا حبيبي علشان تقدر تتنفس كويس
بصوت متقطع نطق وهو يأخذ نفسه بصعوبة بالغة 
خلاص يا بنتي الفراق وجبوقبل ما امشي والروح تطلع عند اللي خالقهالازم أطمن عليك
ارتفع صوت بكائها لتشهق بقوة ودموعها تنساب على وجنتيها
كشلالات متدفقة ليتابع بوهن شديد يوحي لوصول النهاية 
إوعي تنسي اللي قولت لك عليه بخصوص حجة البيت والارض دول أمانك إنت ويوسف إوعى قلبك
يحن وتديهم العقودهيضحوا بيكي علشان راحتهم يا بنتي خليهم أمانك وسندك بعدي وإوعى تأمني لأي حد منهم
خرجت كلماتها بشهقات مټألمة وهي تقول بقلب ېنزف دما 
متتعبش نفسك بالكلام إنت هتصحى وهتبقى كويس صدقني ومحدش هيحميني غيرك
ابتسامة مستسلمة خرجت من جانب فمه ليخبرها بما ادمى قلبها 
أنا سمعت الممرضات
 

 

40  41  42 

انت في الصفحة 41 من 118 صفحات