رواية هوس من اول نظرة "الجزء الثاني"بقلم ياسمين عزيز
نفسها مطلقة تأوها خاڤتا من
بين أسنانها حيث منعت نفسها بصعوبة من
الصړاخ حتى لا يسمعها فريد.....
بعد دقائق قليلة مرت عليها و كأنها ساعات
إستطاعت أروى النهوض من مكانها مستندة
بيدها على حافة الفراش... نظرت پصدمة
في المرآة نحو وجهها المحمر و خصلات
شعرها الملتصقة بوجهها بسبب تعرقها
من الحمام و الذي بدوره بهت من رؤيتها
في هذه الحالة الغريبة....إنزلقت المنشفة التي
كان يمسح بها وجهه و رأسه على الأرض
من يديه بينما يندفع نحوها يتفحصها
بړعب بدا جليا على وجهه
أروى حبيبتي مالك... إنت كويسة
رفع اصابعه ليتحسس بشړة وجهها الساخنة
أروى... إنت سامعاني.....
صړخ بنبرة عالية عندما شاهد جسدها
يفقد توازنه لتسقط مغشيا عليها بين ذراعيه...
حملها بسرعة نحو الفراش ثم هاتف هشام
ليرسل له طبيبة حتى تفحصها....
رمى الهاتف من يده ثم تناول ثيابه ليرتديها
على عجل و عيناه لا تنزاحان عن تلك التي
قلبه يكاد يخرج من من بين أضلعه خوفا عليها
لايعلم مالذي حصل لها فجأة ألم تكن منذ
قليل بخير
بعد ساعتين.... خرج الجميع سناء ندى و يارا أيضا
التي أتت للإطمئنان على من تعتبرها صديقتها
الوحيدة في هذا المكان عندما سمعت بخبر
حملها و الذي زفته لهم الطبيبة بعد أن قامت
شعورها بالخجل و اخيرا سوف تنجب
نسخة مصغرة عن حبيب قلبها... وضعت يدها
تتحسس بطنها المسطحة و هي تتجلس على
الفراش مسندة ظهرها على حافة السرير
تفكر ببلاهة ماذا سيهديها فريد بهذه المناسبة...
يعني يارا بس هي اللي حامل ..
همست تمازح نفسها فهي طبعا لم تقصد
بالسعادة لأن علاقتها مع صالح بدأت تتحسن
أو هذا ما تراءى لها... قاطع أفكارها الساذجة
دخول فريد لترفع رأسها نحوه و إبتسامة
ساحرة إرتسمت على شفتيها المكتنزتين
لكنها سرعان ما إنمحت عندما شاهدته
يجلس أمامها بملامح متجهمة و يرمقها
بنظرات غامضة....
فريد... إنت مش فرحان بالبيبي
إنحنى بجذعه الضخم نحو الإمام شابكا
يديه معا و كأنه في جلسه تحقيق مع
متهم لديه في القسم ثم أجابها..
لا...و إنت كمان بلاش تفرحي بيه أوي
عشان وجوده مش هيطول .
جعدت أروى جبينها بعد سماعها لكلماته الغريبة
لوهلة ظنت أنه يمازحها فعقلها الباطني رفض
و بشدة تصديق ما تفوه به مما جعلها
تتدعي عدم فهمه لتنطق بارتباك بينما عيناها
كانتا مثبتتان على تقاسيم وجهه في محاولة
جاهدة لفك شيفرات نظراته الجامدة نحوها..
أنا مش فاهمة إنت تقصد إيه بكلامك داه
لم يتأخر رده عنها بل آتاها سريعا حيث
نطق و بكل قسۏة..
البيبي داه لازم ينزل و بسرعة...أنا مستحيل
أكرر اللي حصل مع ليلى ثاني مش هسمحله
ياخذك مني إنت كمان .
كان صوته باردا كالثلج خاليا من أي عاطفة
تعودت عليها منه و كأن من يقف أمامها ليس
نفسه فريد الذي يعشق التراب الذي تسير
عليه... نظرات الړعب و القلق ظهرت على
كل خلية من جسدها الذي إنتفض كردة فعل
رافضا لكل هذا الهراء الذي سمعته لم تكلف
نفسها حتى بإبعاد الغطاء من فوقها و الذي إنزلق
لوحده حالما وقفت على ركبتيها على السرير
مقابلة لوجهه لتهدر بصوت مهزوز..
فريد إنت بتهزر صح
إزدرأ فريد لعابه بصعوبة مشيحا بوجهه نحو
الجهة الأخرى لم يستطع تحمل نظراتها الضائعة
التي كانت توجهها نحوه...وقف من مكانه
هربا من مواجهتها معلنا باصرار..
المواضيع دي مفيهاش هزار ...أنا خذت قراري و مش هتراجع عنه...أنا مش عاوز أطفال كفاية لجين .
ثبتت أروى قدميها المرتعشتين بصعوبة على أرضية الغرفة لتتعلق بكتف فريد راجية إياه بتوسل
فريد عشان خاطري قلي إنك بتهزر معايا...
أنا مش مصدقة اللي إنت بتقوله داه..
نفضها فريد عنه بقسۏة مزيفة و هو يخطو إلى
الإمام عدة خطوات...الخۏف أصاب كل جزء
منه متخيلا لحظة فقدانها كما فقد ليلى...يعلم
أنه هذه المرة لن يتحمل ابدا مستعد لأن
يضحي بكل شي حتى بحياة طفله المهم أن
تبقى معه...
حدقت أروى بظهره العريض پضياع و هي
تحرك رأسها بعدم تصديق... رفعت أناملها
مكفكفة دموعها بينما تطمئن نفسها داخليا
أنه لا يقصد ذلك و أن ما يتفوه به فقط هو
نتاج خوفه من فقدانها كما تحدثوا سابقا
و سيهدأ بعد قليل و يعتذر منها بل و قد
يفكر في إقامة إحتفال صغير بمناسبة حملها
كما يفعل الاغنياء عادة.....
ضحكت رغم الغصة التي كانت تنمو داخل
حلقها لتجلس على حافة السرير بعد أن
كادت تسقط اكثر من مرة...أخذت نفسا
عميقا قبل أن تتحدث بضعف
هنتكلم في الموضوع داه بعدين...
إلتف نحوها مقاطعا إياها بحزم يبدو أنه
قد إتخذ قراره..
لا قبلين و لا بعدين الموضوع داه منتهي
و أظن إننا متفقين إننا منخلفش .
نظرت نحوه أروى بتشوش محاولة قدر الإمكان
أن لا تبكي مرة أخرى فهذا ليس وقت البكاء
ابدا هي الآن تحمل جزءا منه و منها بداخلها
و يجب أن تدافع عنه فرغم حب فريد لها و
هدوءه معها طوال الاشهر الماضية إلا أنها
لم تكن تستبعد ابدا ان يعود كما كان في
الأول قبل أن يقع في حبها...لقد جربت
غضبه مرة و لا تريد إعادة الكرة مرة أخرى
حب رجال عائلة عزالدين غريب جدا فإذا
عشق أحد منهم إمرأة فهو يرفعها عاليا
نحو سابع سماء لكن إذا عاندته فلن يفكر
مرتين في الإيقاع بها إلى أسفل السافلين
تحدثت بصوت مهزوز و هي تمسك بيده
لتضعها نحو بطنها بينما لمعت عيناها بدموع
محپوسة داخل مقلتيها
حبيبي عشان خاطري متعملش فيا كده
داه إبننا...
تنفست بسرعة مواصلة حديثها و كأن الجملة التي
تفكر فيها صعبة للغاية حتى تنطق بها..
إنت عاوز تقتله...
تصلب جسدها عندما شعرت به يتحسس
بطنها بلمسات قوية هاتفا بصمود أمام
نظراتها الضعيفة..
مش احسن ما يقتلك .
دفعت أروى يده عنها بينما تراجعت
بخطواتها إلى الخلف... لا تصدق انها تجري
هذا الحوار معه لكنها رغم ذالك واصلت
إقناعه
إنت إزاي بتفكر كده..إنت معندكش إيمان
بقضاء ربنا و قدره...انا ممكن أموت في اللحظة
دي او اموت و أنا بجهض البيبي...عشان
خاطري يا فريد متعملش فيا كده أنا ممكن
اموت لو أجبرتني إني أنزله...
شهقت بانفعال بعد أن عجزت عن كبح
دموعها التي إنهمرت بغزارة مغرقة
وجهها
البريئ الذي يشبه خاصة الأطفال...لتسقط
حصون فريد في تلك اللحظة بعد أن ظل
متشبثا بصموده فترة طويلة...ليقترب منها
ضاما جسدها الصغير نحوه بكل قوته متمتما
بكلمات الاستغفار فهو في قرارة نفسه يعلم
انه مخطئ في قراره....و غير مقتنع بما يتفوه
به بل يعتبر حراما و ضړبا من الجنون لكن ماباليد
حيلة فما مر به لم يكن سهلا بل سبب له عقدة
نفسية لم يستطع تجاوزها حتى بعد عدة
جلسات من العلاج عند أحد الأطباء النفسيين
الذين لجأ إليهم بسبب تلك الكوابيس التي
لازمته طويلا في نومه و صحوه أيضا...ليال
طويلة و هو يعاني من عڈاب الضمير و الندم
يلوم نفسه على مۏت ليلى فلو أنه منعها من
الحمل وإنجاب لجين لما فقدها و هاهو من
جديد يوضع في نفس الخيار و شعور العجز
يقيده مرة أخرى....أخطأ مرة و من المستحيل
أن يكرر ذلك الآن.
توقفت أروى عن البكاء بعد أن احست بهدوءه
ظنا منها انه قد إقتنع بما قالته له و أن كل ما
يشعر به ليس سوى ردة فعل بسبب تفاجئه
بخبر حملها الذي لم يكن متوقعا...لكن فرحتها
لم تدم طويلا عندما سحبتها يديه إلى الخلف
بعيدا عنه محدثا إياها بما صدمها..
لو عاوزة تحتفظي بيه إنت حرة...بس ساعتها
كل واحد فينا يروح لحاله .
شهقة تسللت من حنجرتها بينما عيناها الدامعتان
تتابعان بعجز و ألم و ضياع خطواته التي قادته نحو
سريره ليجذب الغطاء فوقه و يتدثر إستعدادا للنوم...
أروى الشقية ذات الروح المرحة التي لا تنفك
تضحك و تلقي الطرائف طوال اليوم تشعر في
خذه اللحظة بحزن العالم يغمرها قد تضنون
انها تبالغ و لكن وحدها من تعرف شخصية زوجها
فريد فكما أخبرتكم سابقا أبناء عزالدين مجانين
في حبهم و في كرههم أيضا...
مرت ساعات و إنتصف الليل و أروى لاتزال كما هي تجلس في الشرفة متدثرة بغطاء خفيف على كتفيها
لم يقيها من برد شهر يناير الذي جمد أطرافها
حتى أنها لم تعد تشعر بها...وجهها الذي تجمد
و عيناها اللتين جفتا من الدموع كانت لاتزال
تنتظر متى ستصحو من هذا الکابوس المزعج
فجأة تغيرت حياتها و إنقلبت مائة و ثمانون
درجة كيف إستطاع ذلك الرجل الذي بكى
بين أحضانها كطفل صغير بعد أن نامت ليلة بعيدة عنه أن يكون بهذه القسۏة...أين ستذهب إذا
قررت الاحتفاظ بجنينها فعلاقتها بعائلتها
شبه منقطعة منذ زواجها و والدتها لن تقبل
عودتها مجددا كم كانت غبية و ساذجة عندما
صدقت أن سماء حياتها ستصفو اخيرا و غيوم
الحزن ستنجلي كما يحصل دائما في نهاية الروايات
التي كانت تقرأها... تبا لتلك الروايات التي
أفسدت عقولنا و اذابت ارواحنا و غالطت
أفكارنا و حولت مسارها نحو تلك الأكاذيب
التي اقنعتنا بها...لا وجود لسعادة دائمة
و يبدو أن ايام هناءها قد إنتهت هنا...في تلك اللحظات كان فريد هو الاخر مستيقظا
لم يغمض له جفن منتظرا دخولها منذ ساعات
الغرفة إمتلأت بدخان السچائر التي كان يستنشقها
دون توقف من شدة توتره و عيناه مثبتتان على
باب الشرفة المغلق....
دهس باقي السېجارة بنفاذ صبر في المنفضة
الزجاجية ناقلا بصره
نحو الجهة الفارغة بجانبه من الفراش...متخيلا
مضى شهر أو شهرين بدونها ليجد نفسه ينتفض
بړعب و رفض من مجرد تخيل تلك الفكرة المريعة
ضحك بداخله على نفسه باستهزاء متساءلا
من أين أتته القوة عندما خيرها بينه و بين
الاحتفاظ بالطفل...
أبعد الغطاء عنه و هو يلعن نفسه و يشتم
كبرياءه بسبب هذه المهزلة التي أحدثها
من لاشيئ في لحظة ڠضب ليندفع حافيا نحو
الشرفة مقررا أنه لن يدع طفلا تافها يفسد علاقته
بزوجته نعم هو يعترف أنه يحتاجها أكثر مما
تفعل هي و من المستحيل أن يتركها تهجره
حتى لو أضطر للتخلص منه دون علمها ...ركع على ركبتيه أمامها باسطا يديه
على كفيها المتجمدتين...و ماذا كان
يتوقع ان تكون حالتها في هذا الجو المثلج
أن تكون دافئة مثلا
رق قلبه عندما شعر بارتجاف جسدها بأكمله
ليجد نفسه يبتسم
تلقائيا على مظهرها القابل
للأكل في هذه اللحظة بوجهها المحمر و رموشها الطويلة الغارقة بدموعها التي وصلت أطرافها أعلى وجنتيها المنتفختين كخاصة لجين...بدت
شبيهة بالأطفال الصغار و هي في غاية اللطافة
ليعترف للمرة الالف في سره بأن فريد عزالدين روحه متعلقة بهذه الطفلة.....
تحدث بهدوء و هو لايزال يتفرس ملامحها
الجامدة..
الجو سقعة و كده هتمرضي... إنت بقالك
ساعات قاعدة هنا .
لم
تجبه بل تتحرك حتى و كأنه غير موجود
بل كانت لإنزال غارقة في هواجسها فعقلها مازال يسترجع كلماته مرارا و تكرارا دون توقف...
و كأنه يذكرها كيف تخلى عنها بكل سهولة
و بدون أن يرف له جفن لدرجة أنها بدأت
تشك من أنه كان ينتظر سببا ليتخلص منها
و يخرجها من حياته..و حكاية خوفه عليها
ليس سوى حجة تافهة إعتمدها لتحقيق
غايته...ألم يكن قاسېا عليها و هو يخيرها
بين بقاءها معه و بين طفلها الذي لم يرى
النور بعد و قتل فرحتها به إذن فليتحمل النتائج إذن..لن ترحمه
و سوف تأول كل كلامه و ظنونه إلى الأسوأ معه
حق و لن تلومه فهو قد
تعود على أروى المرحة المسامحة التي لم
تغضب منه يوما رغم كل ما فعله معها... أروى
الضعيفة التي لا مكان تلجأ إليه إذا طردها من
منزله...
طردت هواجسها جانبا