الأحد 01 ديسمبر 2024

رواية شيخ في محراب قلبي (كاملة حتى آخر الفصل الاخير) بقلم رحمة نبيل

انت في الصفحة 55 من 82 صفحات

موقع أيام نيوز


للتقرب من الله وايضا للبقاء جواره حصنها الآمن وحضنها الدافء 
ابتسم لها زكريا وهو يقبل رأسها بحنان شديد هامسا 
أنت الجزء اللطيف الذي ألتجئ إليه كلما أتعبنى العالم لذا اعتني بنفسك لأجلي غاليتي 
كان المكان هادئ بشكل كبير يتخلل ذلك الصمت صوت مضغ الطعام وتصادم الملاعق 
نهضت الام لتحضر طبقا ما من المطبخ كانت قد نسبته بالخطأ ليتحدث الشاب الكبير الذي يترأس طاولة الطعام وهو ينظر لأخيه الأصغر بنظرات تبدو كما لو أنها تخترقه 

مش صاحبك كان منورنا انهاردة 
انتبه مصطفى من طعامه على حديث أخيه الأكبر ليكرمش ملامحه بتعجب متسائلا 
صاحبي صاحبي مين 
ابتسم جمال بسمة باردة وهو يتناول طعامه ببطء مثير للأعصاب خاصة على مصطفى 
رشدي مش هو صاحبك برضو 
ابتسم مصطفى بسخرية وهو يكمل طعامه 
اه صاحبي فعلابس كان عندك يعني بيعمل ايه 
كان جاي يشوف مراته لأنها كان مقبوض عليها في خناقة في مؤتمر كده 
ماسة 
كانت ردة فعل سريعة من مصطفى على حديث أخيه الأكبر ليندم بعدها على ما نطق وهو يرى نظرات أخيه ترتفع من طبقه ثم توجه إليه وهناك بسمة مخيفة ترتسم على جانب فمه وهو يهتف بنبرة قد تبدو عادية للبعض لكن بالطبع ليس له هو 
وانت عرفت اسمها منين 
ابتلع مصطفى ريقه وهو يحاول أن يدعي انشغاله في الطعام 
ما انت عارف إن رشدي صاحبي واكيد يعني اعرف عيلته وووو
بس مش مراته يا مصطفى 
نظر مصطفى لأخيه يحاول ادعاء الثبات 
قصدك ايه يا جمال بتلمح لايه
عاد جمال بظهره للخلف هو ينظر لأخيه نظرات مرعبة ثم قال بتقرير 
بقالك اسبوعين تقريبا بتسهر بشكل مريب ومعظم اتصالاتك بيتذكر فيها الاسم ده ماسة يا ترى دي صدفة ولا 
ترك جمال كلامه معلق ليشعر مصطفى بأن الهواء نفذ من حوله فاخيه ليس سهل البتة وإن اكتشف ما يفعل بقسم أنه سيقتله باپشع الطرق 
دي دي هي واحدة اعرفها كانت قصداني في خدمة وده تشابه اسماء يعني مش
صمت مصطفى لا يعلم ما يقول ليبرر موقفه لكن فجأة اخترق مسامعه صوت أخيه الذي يبدو كما لو أنه فحيح 
اتمنى يكون فعلا تشابه اسماء لأن لو طلع شكي صح صدقني مش هيكون عندك حتى فرصة ټندم
أنهى جمال حديثه ليضرب الطاولة پعنف ثم نهض تاركا خلفه اخيه يكاد قلبه يتوقف من الړعب مفكرا أن جمال قد يعلم عن أفعاله انتفض فجأة على صوت رنين هاتفه ليمسكه وهو مازال يرتجف ړعبا مجيبا بخفوت 
الو 
الو يا
برنس اخبار الدنيا عندك ايه 
زفر مصطفى يحاول تهدئة نفسه 
اسكت بالله عليك عشان قلبي كان لسه هيقف من شوية 
ايه ده ليه كده حصل ايه 
كان الړعب ظاهرا في صوت رفيقه ليجيبه مصطفى وهو ينظر لغرفة أخيه 
جمال بقى ينخرب ورايا وشاكك بالموضوع إياه بتاع رشدي 
انطلق ضحكة من الجانب الآخر تبعه صوته 
يا اخي اخوك ده كان مشروع جن بس فشل حقيقي مرعب ده انا لما بقف قدامه بحس اني عايز اعترف بكل البلاوي بتاعتي من هيبته 
ارتسمت بسمة سحرية على جانب فم مصطفى 
شوف يا اخي انتم الاتنين نفس الاسم بس شتان ما بينك وبينه 
ضحك الاخر وهو يجيب 
سيبنا من اخوك وقولي هتيجي امتى عندي 
اغمض مصطفى عينه مجيبا بحيرة 
كنت الاول مقرر اخلص من حوار ماسة ده واسافرلك بس شكلي كده هسرع الموضوع المهم انت ظبطلي الدنيا عندك 
علت بسمة خبيثة وجه الاخر وهو يجيب 
عيب عليك يا برنس انت بتكلم جيمي مش واثق في جيمي ولا ايه 
ضحك مصطفى وهو يردد بخبث 
لا عيب ازاي وهو انا ليا غير جيمي ربنا يخليلي جيمي رفيق السوء وكل المصاېب 
تحركت بخفة في الحارة وهي تحمل بيدها مصحفها الخاص متجهه صوب منزله بسعادة نادرا ما اعتلت ملامحها ونادرا ما زارت قلبها وكيف لا وقد أصبح هو يسكن جسدها كله 
تحركت فاطمة بحركات سريعة وخفة جهة المنزل الخاص بزكريا وهناك بسمة جميلة ترتسم على ملامحها فاليوم ستعود مجددا لشيخها لكن تلك المرة بقلب
مطمئن مرتاح وليس قلق مرتاب
دقت فاطمة جرس الباب وانتظرت قليلا بشوق كبير حتى اطل وجه وداد البشوش وهي ترحل بها مضيفة 
فاطمة بنت حلال والله لسه عاملة كيكة عسل ادخلي نأكل سوا لغاية ما زكريا يرجع من المدرسة 
كده كل شيء واضح 
أنهى زكريا كلامته وهو يضع قلمه في حقيبته بعدما انتهى للتو من حصته منتظرا أي سؤال من أحد لكن لم يصدر من أي فتاة شيء ليهز رأسه برضا وهو يبتسم لهن بسمة صغيرة 
تمام اشوفكم الاسبوع الجاي 
أنهى زكريا حديثه وحمل حقيبته وخرج من الفصل سريعا يعدل في وضع ثيابه ينفض بعض الغبار الذي لا يعلم مصدره عن قميصه لكن أثناء ذلك اصطدمت به مجموعة فتيات پعنف شديد مما أسقطه ارضا وفوقه فتاة ما لېصرخ بفزع شديد رافعا يده للأعلى 
رباه 
نهضت الفتاة سريعا من فوق زكريا وهي تكاد تبكي خوفا وحرجا تعتذر بشدة 
والله آسفة يا مستر آسفة ماخدتش بالي والله العظيم ما قصدي 
كان زكريا ما يزال ساقطا ارضا يغمض عينه پغضب يحاول الهدوء فيبدو من صوت الفتاة أنها لم تقصد فعلا استغفر ربه ثم تحدث دون أن يرفع نظره للفتاة 
مفيش مشاكل اتفضلي على فصلك يا آنسة 
أنهى حديثه وهو ينهض وينفض ثيابه مستغفرا ربه ثم انحنى وحمل حقيبة ظهره الشبابية وهو يكاد يرحل ليسمع فجأة همسة مرتجفة 
مستر 
توقف زكريا واستدار بتعجب ليجد الفتاة تنظر ارضا بخجل وخزي متحدثة 
انا آسفة والله 
حاول زكريا الابتسام فتلك الفتاة هو يعرفها بالفعل ويعلم جيدا تفوقها وهدوئها وليست من الفتيات المشاغبات واللاتي قد يفعلن شيئا كهذا عن قصد 
ولا يهمك يا آنسة اميمة اتفضلي على فصلك 
أنهى كلمته ثم استدار سريعا وهو يرحل صوب غرفة المعلمين ينفض ثيابه وهو يشعر بذراعه يؤلمه وقد أدرك أن هناك چرحا قد حدث به جراء احتكاكه بالارضية 
ضحكت وداد بشدة وهي تمد يدها بقطعة كعك اخرى لفاطمة مضيفة 
كان شيطان وهو صغير والله كنت دايما اقوله الله يعين اهلك عليك يا ابني يقولي ايه يا خالتي وداد هو انا عملت ايه 
ابتسمت فاطمة باتساع وهي تهز رأسها بيأس فيبدو أن هادي من صغره كان مشاغبا سمعت وداد تكمل حديثها 
رشدي بقى كنت تحسيه عجوز صغير عيل اروب كدة كان يحشر مناخيره في كل حاجات الكبار ويقول أنا كبير ومش صغير عشان كده عارف كل حاجة وهو يا عين امه كان اهبل 
ضحكت فاطمة من قلبها تتخيل رشدي الصغير وهو اهبل كما تصفه وداد وتقارنه برشدي الحالي ذو الهيبة والحنكة و ذو الهالة المخيفة صمتت تحاول الهدوء بسبب الضحكات 
طب وزكريا 
خرج اسمه منها بحنين وحب شديد لتبتسم وداد وهي تقص عليها طفولة صغيرها 
زكريا هو كان فيه زي زكريا يا قلبي كان عيل مع نفسه وهادي ولا تسمعيله حس عمره ما غلبني في صغره كنت احطه في أي مكان وأحط معاه اي لعبة يقوم يسكت ولا يعيط ولا غيره لدرجة اني كشفت عليه قولت الواد لاقدر الله فيه حاجة ولا دماغه فيها حاجة 
ابتسمت فاطمة باتساع تتخيل زوجها وهو صغير لتكمل لها وداد 
كبر ولسه على حاله هادي ومسالم بقيت اوديه لشيوخ يحفظ معاهم وبقى يقرأ كتب كتير اوي من صغره و أي كلمة ميعرفهاش يجي يسألنا كان شبه مثالي الا من عناده وعصبيته رغم هدوءه ده كله إلا أنه كان لما يعاند على حاجة ويتعصب عينك ما تشوف إلا النور والله لو قطعتيه حتت كده برضو هينفذ اللي في دماغه 
صمتت قليلا لتبتسم بعدها وهي تتذكر أحدى ذكرياتها 
في مرة لقى قطة في الشارع وكان شكلها كأنها جربانة جبها البيت معاه وكان بيعيط عليها ويقولي القطة تعبانة يا ماما وقتها كان عنده ٦ سنين باين يومها عملت مشكلة كبيرة عشان يطلع يرميها في الشارع ويجي يغسل ايده بس هو ابدا قعد حاضنها ويعيط ويقولي ھتموت لو طلعت خليها معانا 
سقطت دمعة من عين وداد وهي تتذكر تلك الأيام 
وقتها لؤي قالي خليها معاه عشان مش هيسيبها وهو كأنه ما صدق أننا وافقنا قام دخل جري على التلاجة لم كل الاكل اللي فيها وحطه قدامها وقالها شوفي عايزة تأكلي ايه وكليه 
ضحكت وداد وهي تمسح دموعها 
ساعتها خلا لؤي يوصي نجار يعملها بيت صغير وبقى يجبلها علاج واكل على طول وياخد باله منها وبقى يحبها اكتر
مننا ويلعب معاها هو ورشدي وهادي لحد ما جه في يوم صحي لقاها مېتة بعد ما قعدت معاه شهور اليوم ده قعد يعيط عليها ويقول إنه اهملها وماټت بسببه وهيدخل الڼار عشان مۏتها 
صمتت وداد وهي تنظر لفاطمة التي كانت تبتسم بحب شديد رغم تلك الدموع الصغيرة التي تتوسط رموشها ثم قالت بحماس شديد 
تحبي تشوفي شكله وهو صغير 
ودون أن تشعر فاطمة كانت تهز رأسها بحماس شديد ترغب في رؤية كتلة اللطافة تلك وهي تحاول تخيله صغيرا نهضت وداد سريعا واتجهت لغرفتها تاركة فاطمة خلفها تتذكر كل تصرفات زكريا لتقول 
هو انا ممكن يجي يوم ويبقى عندي ابن زيه كده وليه
لا لو هو أبوه 
ابتسمت فاطمة بخجل تتخيل زكريا ك اب يا الله سيكون الطف واجمل اب في العالم على الاقل من وجهة نظرها هي خرجت من شرودها على عودة وداد وهي تحمل البوم صور كبير وتجلس جوارها بحماس وهي تفتحه 
نظرت فاطمة بلهفة لاول صورة لزكريا وقد كان يبدو بعمر سنتين تقريبا يالله كم يبدو صغيرا وجميلا قلبت وداد الصور لتجد فاطمة صور له وهو أكبر قليلا لتبتسم وهي تلاحظ أنه حقا لم يختلف كثيرا فها هي بسمته الجميلة تبدو كما هي اليوم ونظرته الحنونة هي نفسها فقط الجسد كبر قليلا وعدا ذلك هو كما هو لكن شعور بداخلها أنها تود لو ترى زكريا الطفل أمامها فتقبله من خدوده الشهية الصغيرة تلك تمنت بداخلها لو تحصل على طفل يشبهه ابتسمت وهي ترى صورته وهو يحمل القطة الصغيرة وجواره كلا من رشدي وهادي واللذان تعرفت عليها سريعا بالطبع فرشدي هو صاحب العيون الملونة وهذا الطويل هو بالطبع هادي 
ابتسمت فاطمة وهي تهمس 
ياربي لو شوفته قدامي وهو بالشكل ده هقطعه بوس 
ولم تدرك فاطمة أن صوتها كان عاليا إلا بعدما سمعت صوتا خلفها يظهر فيه ڠضب ووعيد 
هو مين ده اللي هتقطعيه بوس 
والله يعني انت استأذنت من رشدي 
نظر هادي ببراءة لشيماء وهو يهز رأسه 
هكدب عليك يعني انا استأذنته طبعا وهو وافق على طول أنت عارفة رشدي ميرفضليش طلب بعدين يعني معلش انا استأذنت من عمي ابراهيم الأول وهو قال ماشي فبطلي رغي كتير ويلا 
نظرت شيماء له بتفكير لا تعلم هل تطيعه وتذهب معه فهي حتى الآن تخجل من الذهاب معه في أي مكان وحدهما 
ابتلعت شيماء ريقها وهي تتجه صوب
 

54  55  56 

انت في الصفحة 55 من 82 صفحات