السبت 23 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الواحد والأربعون إلى الأخير) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 7 من 9 صفحات

موقع أيام نيوز

التي يستطيع الاستخفاف بها فقد ساندته بمحنته وتكفلت بكل شيء في سبيل ابنائها فلم يهن عليها أن تقف مكتوفة الأيدي وتتركه يخسر كل شيء و رغم إلحاحه عليها الذي لم ينفك عنه إلا أنها لم تود أن تكرر المحاولة وكيف تفعل وتعيش تحت سطوته من جديد وهي تستمتع

بالاستقلالية المطلقة. تلك القناعات التي أصبحت تؤمن بها فلا حاجة لرجل لتتجسد به سعادتها هي ناجحة ولديها كل الإمكانيات الممكنة لتستطيع جلبها لذاتها فيكفي انها ستحيا بسلام وبكرامة مع ابنائها وعلى ذكر ابنائها اوجعها ضميرها ورغم اقتناعها التام برفضها إلا أن مع تعلق ابنائها ومطالبتهم بقربه نمى شعور بالذنب بأحشائها وظل يطعن بها فمنذ وعكته الصحية وعلاقته بهم قد توطدت ويراودها دوما أنها جارت على حقهم بأنفصالها وهنا عدة تساؤلات منطقية لاحت بعقلها ماذا إن عادت له ولمت شملهم من اجل ابنائها هل سيستريح قلبها ويسكن ضميرها هل يتوجب عليها تحاشي نظرة المجتمع والټضحية من أجل ابنائها وإن فعلت هل ستسطيع أن تتعايش معه من جديد وهل سيتقبل تغيرها أم سيحاول هدمها حقا لا تعلم ما يتوجب عليها فعله فالخيار شديد الصعوبة بالنسبة لها يأما ترضي ذاتها وتظل على رفضها يأما أن تتخلى عن حقها وتبدي مصلحة ابنائها و تضحى براحتها التي لا تضمنها معه وتعود من أجل أبنائها. حقا لا تعلم ما يتوجب عليه فعله فكل ما ينغص حياتها أنها مؤنبة وضميرها ينهش بها تجاه ابنائها 
ذلك ما كان يدور برأسها وهي ممدة في فراشها تتوسط ابنائها و تشعر أن شيء ينقصها رغم اكتمالها. 
مامي عايز اشرب
انتشلها صوت الصغير من شرودها لتعتدل وتناوله كوب الماء الموضوع اعلى الكمود ليرتشف منه ويرده لها متسائلا
مامي منمتيش ليه
ابدا يا شريف في حاجة شغلاني
اكيد عيد ميلاد بابي أصله بكرة
ضيقت عيناها تتذكر الأيام وكم تعجبت كونها تناست يوم كذلك وسابقا كانت تعد عدة الاحتفال به من قبلها بعدة أيام ليضيف الصغير
مامي انا عايز اروحله ونحتفل معاه ونجيب تورتة وهدية كبيرة
وافقت هي ببسمة هادئة
حاضر يا حبيبي بكرة هنروح نزوره بس هنتصل بيه قبلها
لأ يا مامي خليها مفاجأة 
تمام حاضر اللي أنت عايزه يلا بقى نام علشان ننزل بكرة بدري نشتري الهدية
هار اسوح جايبلي خمړة يا كاظم ده انت يومك مش فايت
قالتها شهد بإندفاع 
طب ممكن تهدي ومتكبريش الموضوع
لأ بقولك ايه انت مستقل پغضب ربنا أنت مسلم واكيد عارف انها حرام
تحمحم بحرج
عارف
وبتغضب ربنا ليه طالما عارف ده احنا بنتشعبط في رضاه
حاول التفسير لها 
لما كنت في ايطاليا الخواجات بيشربوه بدل الميه علشان يدفيهم وبصراحة دي خصلة مش كويسة خدتها منهم
وهنا قالت بقناعات تربت عليها ورسخت بها
لأ احنا لازم نبقى على نور من اولها انا لا يمكن اقبل بكده أنا عارفة أن في فرق بين عيشتي وعيشتك زي السما والأرض وفي فوارق كتير ما بينا بس ڠضب ربنا مفهوش فوارق
أخر مرة اوعدك انا بس قولت علشان نحتفل بأول ليلة لينا مع بعض

ده انت كأنك قاصد ربنا ما يكرمناش ولا يباركلنا
مش قاصد وبعتذر يا شهد مش هتتكرر تاني واوعدك عمري ما هحطها على بقي
حقك عليا
خلاص سماح المرة دي
.
ابتاعوا قالب كيك كبير كتب عليه حروف اسمه والعديد من بالونات الهيليوم الملونة وقد جلبت له ساعة ذهبية قيمة 
والعديد من الملابس التي كان يفشل في شرائها وكانت تتكفل هي بها وهاهم وصلوا امام باب الشقة يطرقون عليه طرقات متتالية متحمسة ولكن حين فتح الباب وأطلت عليهم تلك السيدة تجمدوا بأرضهم حين صړخت بهم
جرا أيه منك ليها بتخبطوا كده ليه على الباب هو بيت ابوكم!
تشبثوا الصغار بساق رهف پخوف لتقول هي بشراسة وهي ترمقها شذرا من اخمص قدمها لاعلى رأسها
اه بيت ابوهم واتكلمي 
ايوة عرفت بس بتعملي ايه هنا بالمنظر ده مش فاهمة!
طالعت سميرة قميص نومها الصارخ الذي يظهر من أسفل مأذرها الشيفون ثم أجابتها ببسمة منتصرة وكأنها فازت بجائزة
هو انا مقولتلكيش أصل مستر حسن كتب عليا ليلة امبارح 
أصله ياعيني وحداني وعايز حد يونسه وملقاش احسن مني
شهقوا الصغار بينما هي ظلت لثوان متجمدة بأرضها لا تستوعب ما نطقت به وحين فعلت نمت بسمة على ثغرها وظلت تتسع إلى أن تحولت إلى  منه تضع بيده قالب الكيك وتلك الاشياء التي كانت يساعدوها ابنائها في حملها ثم قالت متهكمة بسخرية مريرة
اه رهف

مبروك يا عريس فرحتلك أنا وولادك كنا جاين نحتفل بعيد ميلادك بس يظهر أنك احتفلت بطريقتك مبروك
زاغت نظراته وحاول التبرير وتقمص دور الضحېة كعادته
رهف انت فاهمة غلط خليني افهمك انا اتجوزتها علشان 
تشوف طلباتي
صدر صوت ساخر من فم سميرة ولوت فمها على خنوعه وتبريره لها التي عقبت عليه مستنكرة
طلباتك ده ايه شايفني الفلبينية اللي بتدفعلها بالدولار وبعدين انت خاېف منها ليه قولها أنك كنت ھتموت عليا واتجوزتنى علشان أدلعك بعد النكد اللي عيشتك فيه
زعق بها بعصبية كي يخرسها
اسكت الله يخربيتك
ابتسمت رهف بسخرية ونفت برأسها بلافائدة وعقبت على حديثها وكأن الأمر لم يعد يعنيها
متتعصبش يا حسن هي من غير ما تقولي أنا عارفة كويس اسبابك واظن شرحتها ليا باستفاضة في مرة قبل كده 
لتهزأ من ذاتها ومن ذلك القرار الغبي التي كادت أن تقدم عليه لولا رأفة ربها
عارف أنا كنت فاكرة اللي فات غيرك وكنت بحاول اقنع نفسي اعيش معاك علشان خاطر الولاد بس انت رغم ندمك قبل كده إلا أنك اثبت بكل براعة أن اللي فيه طبع عمره ما يقدر يغيره
نكس رأسه بخزي بينما هي  بفجوج منفعل وېهدد بضربها كي يخرسها. ولكن كان ردها عليه قوي يدل على انثى لا يستهان بها فقد قذفته بأول شيء طالته يدها وإن تفاداها انهالت عليه بوابل من الكلمات اللاذعة التي جعلته يلعن الساعة التي أوقعته بها وهو يعجز عن ردعها.
ليجلس يكوب رأسه منهزم ينعي غبائه الذي جعل الندم يتفاقم بصورة مضاعفة فكم كان يطمح من جديد في حب امتلاك أم ابنائه ولكن هي صعب عليه نيل غفرانهاو أفسد الأمر من جديد بغبائه وقراراته البالية التي أوقعته في نفس الخطأ للمرة الثانية ولكن يبدو أن عواقب تلك المرة لا يستهان بها.
الرابع والأربعون
مرت عدة شهور عليها بروتينية تامة دون جديد وهاهي تدفع عربة المشتريات وتقوم بوضع مختاراتها داخلها حين لمحت تلك السيدة العطوف جارتها تتقدم منها و وحين لمحتها كريمة ابتسمت بسمة عابرة وقالت بنظرات حزينة
ازيك يا بنتي
الحمد لله ازيك انت يا طنط
الحمد لله على كل شيء بعد اذنك
ابتلعت رهف غصتها وتسائلت وهي تلاحق خطواتها
انت زعلانة مني
نفت كريمة برأسها وهمهمت بنبرة متحسرة
زعلانة من الزمن وعلى حظ ابني
طنط كريمة انا اسفة بس الحاجات دي نصيب وانت اكيد عارفة
هزت كريمة رأسها وعاتبتها قائلة
عارفة يا بنتي بس هو بيحبك وكان امنية حياته تبقى ليه ابني عمره ما كان مبسوط غير لما قربتوا من بعض
لا تعلم لم تزايد تثاقل قلبها و وجدت ذاتها تنطق دون اي ارادة من عقلها
هو كويس
تنهدت كريمة بحزن وردت على سؤالها بسؤال أخر وضعها بمواجهة مع ذاتها
بتسألي ليه!يهمك أمره
زاغت نظراتها ونكست رأسها دون أن تجيبها لتزفر كريمة وتخبرها
على العموم هجاوبك أخد قراره انه هيسافر ويسيب البلد وبيحضر في الورق هيرجع تاني لشغله بره مصر
اخذ الأمر منها بعض الثوان لتستوعب حديثها ونطقت بعدها بحروف تضاهي تثاقل قلبها
هيسافر!
أومأت لها وأكدت
ايوة يا بنتي علشان يبعد زي ما وعدك
بس انا مطلبتش منه يسافر
من غير ما تطلبي ابني طالما وعدك يبقى عمره ما هيخلف وعده وهو شايف انه علشان يوفي بالوعد ده لازم يبعد
شعرت بالضيق من ذاتها وكادت أن تستأنف حديثها ولكن كريمة استئذنت منها وسبقتها بخطواتها لتضع هي يدها على موضع قلبها الذي ينتفض عاصيا بين ضلوعها وهي لم تتفهم ما الذي يصيبها 
تغيرت حياتها بعد انتقالها لتلك الڤيلا التي ابتاعها من أجلها كي ينشأ بها ذكريات مميزة وبالفعل كان يجاهد كي يفعل ولكن يعيقه في التفرغ لها انشغاله بعمله وبأملاكها التي تولى إدارتها من جديد و رغم تقصيره معها إلا انه لم تشعر بالسوء منه فستقبل بأقل القليل وسوف ترضى فطالما كان يمنحها كافة اهتمامه و يغدقها بمشاعر عاشقة تذيب قلبها فلديه ما يكفي من الرصيد بقلبها ويكفي انها تشعر أن كل ما مضى لايذكر مقارنا بسعادتها الآن كونه عاد لها.
فكانت تتململ بفراشها حين تسللت رائحته التي تميزها من وسط ألف رائحة غيرها ابتسمت وهمست والنعاس مازال يسيطر عليها
صباح الخير يا حبيبي
حانت منه بسمة حانية وأجاب وهو يجلس يتأملها كعادة ملازمة له منذ زمن
اصحي خلي شمسي تطلع بنور عنيك
رفرفت بأهدابها واتسعت بسمتها ثم اعتدلت بنومتها وهي تفرك عيناها وإن انتهت وجدت فستان أبيض معلق أمام سريرها انتفضت من نومتها واخذت تتأمله بنظرات حالمة فكان مطرز تطريز بسيط من خامة الستان المتداخل

مع الشيفون الكرستالي بتصميم رقيق يناسب جسدها
ايه ده يا يامن
فستان عايزك تلبسيه بليل علشان هنخرج نتعشى مع بعض معلش أنت عارفة أد ايه كنت مشغول الفترة اللي فاتت ومكنتش بعرف اخرجك
هزت رأسها وقالت وهي تتعلق بعنقه
حبيبي أنا عذراك وبعدين حتى لو مقصر انا راضية المهم أنك معايا 
تنهد وبينه وبين ذاته مازال مؤنب رغم رفضها
انا معاك

انت في الصفحة 7 من 9 صفحات