السبت 23 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثاني والثلاثين إلى الرابع والثلاثين) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 6 من 10 صفحات

موقع أيام نيوز

اولوية لعيادتي انا فضلت منتظر تلت شهور وبتأجلوا فيا...
بررت بعدم اكتراث
التأجيل مكنش مني كان بسبب رفض المهندسين اللي قبلي واظن حضرتك عارف السبب كويس
عقد حاجبيه غير راضي عن تهكمها ورد وهو محتفظ بهدوء اعصابه
ايه السبب علشان المكان في حتة شعبية مش كده و البيت قديم شوية...ايه المشكلة!
اجابته مندفعة دون تفكير وبهجوم شرس غير مبرر غافلة كون صوتها وصل لكل من بالشركة
المشكلة أن أي مهندس بيدور على مكان يظهر شغله بصورة أفضل بحيث يبقى دعاية ليه ويتنسب لأسمه في المجال ومتهيألي عيادة حضرتك مفهاش أي حاجة من اللي ذكرتها واصلا اختيار موقعها مش موفق ابدا فياريت تحمد ربنا إن شركة زي شركتنا وافقت في تنفيذها
لم يحبذ بتاتا الصوت العالي يثير اعصابه لذلك هدر بثبات وهو يتحكم ببراعة في ردود افعاله
منفعلة ليه كده! وبعدين شركتك اللي أنت عايزاني احمد ربنا انها قبلت تجهز عيادتي مش هتنفذها ببلاش
هنا هرولت سارة إليهم كي تلاحق الأمر بعدما لفت صراخهم انتباه الجميع
في ايهكده يا رهف ده اللي وصيتك عليه
وصتيني ايه يا سارة ده حد غريب جدا
انا اللي غريب

ولا انت اللي منخيرك في السما ومش طايقة حد يكلمك... ليمرر يده بخصلاته الشقراء ويسترسل يوضح بنبرة ثابتة رغم ضيقه من استخفافها
ايه المشكلة يا بشمهندسة في مكان العيادة أنا أقدر أخد عيادة في احسن مكان في البلد زي ما كل زمايلي بيعملوا بس انا ليا وجهة نظر عيادتي هتبقى خيرية هقدم فيها مساعدات للناس اللي فعلا تستحقها انا مدرستش الطب علشان يكون منفعة ولا علشان استغل بيه المرضى أنا درست طب علشان رسالة سامية ومهنة إنسانية وميثاق شرف مسؤول عنه ضميري في المقام الأول ...ولو في حاجة مش موفقة في اختياري فهو اختياري لشركتكم
تلجم لسانها وزاغت نظراتها فور حديثه المنطقي والانساني لحد كبير وكم لعنت ذاتها وتسرعها بالحكم عليه في حين صاحت سارة تلاحق الأمر
دكتور نضال ارجوك اهدى هي اكيد متقصدش
رد هو بجدية ملتزم بضبط ردود أفعاله
انا هادي بس للأسف يا مدام سارة يظهر إني غلطت لما وكلت شركتك و وثقت في اخيارك
لينظر ل رهف نظرة اخيرة اربكتها ويضيف قبل أن يغادر مكتبها
عن اذنك يا بشمهندسة...ومن غير حضرتك
وضعت سارة يدها على فمها غير مستوعبة ما حدث للتو ونظرت لها معاتبة
طيرتي ال Client ...ده اللي اتفقنا عليه...
زفرت هي بقوة وبررت مرتبكة
سارة هو...
قاطعتها سارة بضيق
لأول مرة تخذليني يا رهف...كنت فاكرة عندك تقدير للأمور اكتر من كده...لكن للأسف
ذلك اخر ما قالته سارة تاركة اياها ترتمي على مقعدها وتنحني تسند رأسها على حافة المكتب وهي ټلعن تسرعها
فلا تعلم ما أصابها فكلما ارادت ضبط انفعالاتها لا تستطيع وتصدر منها بمنتهى العجرفة وحقا ذلك الأمر يرهقها فيبدو أن حديث سارة السابق ينطبق عليها و يبدو أيضا أن نكبتها وما مرت به جعلها مندفعة متأهبة بل ومتسرعة ايضا تحكم على ظواهر الأمور دون أن تكلف ذاتها عناء استكشاف بواطنها وذلك الشيء كان يحزنها فتلك ليست طباعها ولذلك ادركت أن صديقتها محقة كونها أصبحت بالفعل معقدة.
تناولت نفس عميق وهي مغمضة العين حين لفحها ذلك الهواء العليل الذي داعب شعرها وجعله يتراقص معه في سنفونية ممزوجة بالشجن الحزين فكانت تقف أمام تلك الشرفة المطله على ذلك الجمال الساحر وتلك المساحات الشاسعة التي ينتشر بها الحقول الخضراء المبهجة التي فور النظر لها تجذب طاقتك السلبية وتمدك بالراحة ...ولكن غالبا لا يؤثر هذا بها كثيرا فلم تحظى بالراحة منذ أن
رافقت خالها تظل ملازمة لغرفتها ولا تغادرها إلا للضرورة عندما يلحون عليها...نعم تنال ترحيب من الجميع ولكن شعور غريب من عدم الراحة يرافقها....
واه ما هتمليش من جعدت الشباك دي
قالتها قمر بود وبطيبة استشعرتها نادين بها منذ اول وهلة لها ببيت خالها فقد احبتها كثيرا لعفويتها وجمال روحها الذي ينعكس على كل طباعها قطعت شرودها الدائم قائلة بملامح ذابلة وعيون سكن بها الحزن
أصل المنظر حلو أوي يا قمر والهوا تحسي انه نضيف يريح الأعصاب.
عقبت قمر بخفة تشاكسها كي تخرجها من تلك الهالة الكئيبة التي تحاوطها
واه وانا اعصابي معتروجش ليه ما أنا بجالي سنين أهنه ومحستش بحاجة واصل
ابتسمت نادين ببهوت واجابتها
لو كنت عيشتي في القاهرة مكنتيش هتقولي كده كنت هتعرفي الفرق.
انا اندليت لهناك مرة مع حامد وبصراحة عندك حج القاهرة چميلة بس زحمة جوي وهواها يطبج على النفس
فعلا القاهرة زحمة وهواها مختلف عن هنا...
لتقول قمر سبب مجيئها 
طب يلا همي معاي عمي شيعني ليك عشان تجعدي معانا على الغدا
تنهدت نادين وعقبت وهي تشعر بتقلص معدتها
مليش نفس يا قمر ومش عايزة انزل
أصرت عليها قمر وأخذت تلح ولكن نادين كان ليس لديها أي رغبة في ترك غرفتها ولا شهية لتناول الطعام طرقات الباب وصوت خالها الذي صدح من الخارج اجفلهم سويا
يلا يا بتي الوكل هيبرد
سحبت قمر طرف وشاحها الأسود وغطت به فمها قائلة وهي تهم بالخروج من الغرفة
اهو چالك اتلجي وعدك بجى
تنهدت هي وقامت من جلستها حين دلف عبد الرحيم وقال بعدم رضا
وبعدهالك يا بت غالية هتفضلي حابسة حالك إكده
فركت نادين يدها واجابته متحججة
انا مش حابسة نفسي بس..
قاطعها هو بإصرار
من غير اعذار همي مش هحط لجمة في خشمي من غيرك
تنهدت بقلة حيلة وأومأت له بطاعة
وهاهي تجلس بينهم شاردة بواد اخر تعبث فقط بطبقها دون أن تمسسه حين هدر صوت ونيسة زوجة خالها وهي تلوي شفاهها
هو الوكل مش عاچبك ولا إيه
انتبهت لحديثها وردت بهدوء مجاملة
لأ يا طنط الأكل جميل يسلم ايدك
لم تلق بال لإطراءها بل كل ماشغلها هو
واه ايه طنط الماسخة دي جوليلي ياما ونيسة كيف باجي الخلج ولا انت مستعلية تجوليها يا بت غالية
ابتلعت نادين غصه بحلقها من أسلوب زوجة خالها القاسې والخالي تماما من أي لين وقد استشعرته ما أن وطأة قدميها ذلك المنزل فهي تتعمد أن تلقي بالحديث المتهكم عليها.
وكونها تريد استرجاع قوة نادين القديمة اجابتها
متعودتش اقول الكلمة دي لأي حد
هنا زغرها عبد الرحيم بنظراته وقال بمسايرة
هملي البنية يا ونيسة هي كيف

ما تعودت
اعترضت ونيسة متهكمة وهي تطالع نادين بنظرات تقطر بالحقد
اهملها كيف هي العجربة احسن مني في ايه علشان تقولها يا أما وانا لع
تناوبت قمر النظرات بينهم وهي تعلم أن والدة زوجها لن تمرر الأمر مرور الكرام بينما حاول حامد التدخل
ياما ملناش صالح بحد وبعدين بنت عمتي لساتها مخدتش عليك
كيف يعني
اعترضت ونيسة على دفاع ولدها في حين فاض الكيل ب نادين لتلقي بمعلقتها داخل الطبق محدثة صوت عالي لفت أنظار المحيطين لها وقالت بنبرة ثابتة تخالف ارتجاف دواخلها وذلك الخواء التي تشعر به صامدة كي توقف تلك السيدة عند حدها بعدما اهانت لتوها أكثر شخص يعني لها
العقربة اللي بتتكلمي عنها هي اللي ربتني وافضالها مغرقاني وعشت سنين معاها عمرها ما چرحتني بكلمة وكانت بتسامح ورغم إني عشت سنين بعاملها على انها عدوتي بس عمري ما حسيت بغربة معاها زي ما أن حاسة وانا بينكم...
قالت أخر جملة بعيون يتحجر بهم الدمع ولكنها تماسكت لأخر لحظة و هرولت لغرفتها تاركتهم يتناوبون النظرات بينهم ليصدر صوت عبد الرحيم ناهرا زوجته
عچبك إكده يا غراب البين مش جادرة تحطي لسانك اللي بينجط سم ده في خشمك
لوحت ونيسة بيدها وقالت بلا اكتراث
انا معحبش الدلع الماسخ ده من يوم ما جبتها وهي عاملة علينا هانم وراسها لفوج
جز عبد الرحيم على نواجذه بغيظ واخبرها بصرامة وبصوت جهوري جعلها تنتفض فوق مقعدها
اسمعي ملكيش صالح بيها واصل و خشمك ده تجفليه على الأخر وهي صوح ست الهوانم دي تحتكم على اللي اهلك كلتهم ميحتكموش على ربعه فاهمة ولا لع يا غراب البين
هزت ونيسة رأسها وهي تلوي فمها بينما قمر كانت تطرق برأسها وتتناول طعامها خوفا ان ينالها نصيب من حديثه اللاذع
الذي وجهه للتو ل حامد دون أن يعير وجودها أي اهمية
وانت يا ولدي رايدك تاخد الكرتة و تاخدها تلفلفها بالبلد عشان تغير لها چو... فرچها على الأراضي وعرفها أن احنا حدانا كتير بردك زيها عشان متستجلش بينا
لم يلق حديث أبيه على استحسانه لذلك اعترض قائلا
كيف بس يا بوي رايدني اخرج بيها إكده جدام الخلج وألفلف بيها بصفتي ايه انت عاوز الخلج تلسن علينا
جطع لسانتهم محدش يجدر يجول كلمة أنت ولد خالها ومفهاش حاچة
تعالت وتيرة انفاس قمر ولاحظ حامد ما اصابها ليمد يده من تحت الطاولة ويتمسك بيدها قائلا
خلاص يا بوي اللي تشوفه بس هاخد جمر ويانا وهي فرصة هي كمان محتاچة تغير چو بجالها شهور من وجت ما رچعت من سوهاچ وهي مخرجتش من الدار
لوت ونيسة شدقيها بينما عقب عبد الرحيم بجبروت
وماله لما متهملش الدار مش احسن ما تلفلف على الحكمة وتعشمك بالباطل
يابوي عشان خاطر ربنا بلاش حديت ملوش داعي انا جولت رأي ولو معوزش تقدر تاخد أنت بت عمتي وتلفلفها بالبلد على كيفك
صوح أنت اولآ بيها يا عمي
قالتها قمر بتسرع نابع من غيرتها قبل أن تطرق رأسها وتخفي فمها بطرف وشاحها پخوف بعدما تداركت نظرات عبد الرحيم المرعبة حين نهرها قائلا
الرأي أهنه رأي انا وانا اللي اجول ايه اللي يصوح وإيه لأ مبجاش ناجص غيرك يا أرض پور اللي تجوليلي اعمل ايه.
شحب وجهها ولم تعقب بل غادرت طاولة الطعام وهي تبتلع غصة حاړقة بجوفها من إهانته المتكررة التي تعذبها و تصيبها بالصميم وكأنه لم يكتفي بقلة حيلتها بل أجبراها على الأنقطاع عن المتابعة مع الطبيبة بحجة ان لا نفع منها وبالطبع زوجها رغم عدم رضاه عن ذلك القرار إلا انه لم يعترض كونه لا يستطيع اغضابه فزوجها طباعه مناقضة لطباع ابيه بكل شيء ورغم ذلك كان لوالديه سلطة مهيمنة عليه أما هي فمازال الأمل ينبض بداخلها ولم تيأس ومنذ أخر زيارة لها للطبيبة من عدة شهور وهي تأمل في عطاء الله.
زفر حامد بضيق وهو ينظر لأثارها ورد على أبيه مدافعا عنها
ليه إكده يا بوي هي مغلطتش لما غارت عليا دي مرتي ويحجلها
زمجر عبد الرحيم واجابه ساخطا 
لع ميحجلهاش لما تبجى مرة صوح وكاملة زي بجيت الحريم وتجيب عيال يبجى يحجلها
بكفياك يا بوي مرتي مش ناجصة النجص بعجولنا اللي مش جادرة تستوعب ان مش بيدها
زفر عبد الرحيم حانقا من دفاع ولده المستمت وقد أدرك أنه حان الوقت ليفاتحه بالأمر ويستغل نقطة ضعفه لصالحه لذلك هدر وهو ينهض ويتوجه لمندرة البيت
سوي الشاي الغطيس يا ونيسة وچبيه على المندرة عشان رايد ولدك في كلمتين
ليوجه نظراته ل حامد أمرا اياه
حصلني يا ولدي
حاول حامد التملص كي يذهب

انت في الصفحة 6 من 10 صفحات