رواية خطايا بريئة(الفصل الرابع عشر إلى السادس عشر) بقلم ميرا كريم
هي الغلط راكبها وتستاهل اكتر من كده كمان بس مش معنى كده أننا نموتها بالحيا دي أمانة في رقبتنا علشان خاطري هات مفتاح اوضتها هطمن عليها
نفى برأسه وشياطين الجن والأنس تتقاذف أمام عينه ثم زفر حانقا
لأ يا أمي و متحاوليش انا لا يمكن ارجع في كلامي
عاتبته ثريا من جديد راجية وهي تربت على ظهره
متخليش غضبك يعميك أنا مش هلومك ومش هتدخل في اللي بينكم بس خليني أطمن عليها
أعترض مجددا ولكن تلك المرة بنبرة قاطعة غير قابلة للتفاوض
لأ يعني لأ دي واحدة متستهلش قلقك ولا خۏفك عليها وانا هخليها كده مش هي شايفة أن أنا ذللها خليها تجرب الذل وانا بقى عايزها تعترض علشان أكسر دماغها واخلص من قرفها
لم تغمض له عين طوال الليل وظل يتقلب يستجدي النوم ولكن دون جدوى يقسم أنه لا يعلم ما أصابه ولكن عندما حل الصباح برر لذاته انه فقط توتر عادي بسبب حماسه الزائد لما هو مقبل عليه فقد نهض و أخذ يحضر حقيبته ويستعد لذلك اليوم الميمون بالنسبة له وحين انتهى اخذته قدميه إلى غرفة اطفاله كي يودعهم قبل مغادرته وحين سقطت عينه عووجد أثار الدموع على وجنتها شعر بشيء من تأنيب الضمير فهو يعلم أنه زادها عليها حين هددها بهم ولكن هيأ له شيطانه أنه الحل الأمثل كي يجعلها تتقبل الأمر وظن أنها حتما ستفعل مع الوقت
انا عمري ما اقدر احرمك منهم بس ڠصب عني كان لازم أضغط
عليك علشان متعارضيش قراري ومتسبنيش أنا مقدرش اتخيل حياتي من غيرك
ذلك آخر شيء قاله قبل أن يربت على خصلاتها ويغادر تاركها تفتح عيناها تنظر لأثره بعيون غائمة مټألمة و دون أن تأخذ لحظة تفكير واحدة نهضت من الفراش متوجهة للنافذة تتوارى خلف ستائرها كي تشيعه بنظرات أخيرة وهو يغادر ولكن لصډمتها وجدت الآخرى تنتظره بكامل بهائها أما هو كان يبتسم لها بإتساع وكأن تلك الصفراء هي مصدر سروره الوحيد وقبل أن يصعد إلى السيارة حانت منه نظرة خاطفة لنافذتها جعلتها تتراجع للخلف عدة خطوات و تتعالى وتيرة أنفاسها بشكل غريب وكأنها تعجز عن التقاط الهواء ثم ارتمت على أحد المقاعد كي تحفز ذاتها على الصمود ولا ټنهار ولكن كان الأمر مؤلم يفوق احتمالها فقد عصتها دمعاتها وتهدلت هاربة من سجن عينها كي تفضح هشاشتها ومع حالة الاڼهيار العارمة التي اصابتها هاتفت سعاد ابنة عمها وإن اتاها الرد غمغمت من بين شهقاتها المقهورة التي تدمي القلب
أتاها رد سعاد المترقب من الطرف الأخر
بس قرارك صعب يا رهف ومينفعش ترجعي فيه ولا يكون في ندم بعديه
أجابتها بإصرار عجيب لم يكن من طباعها يوم بعدما تذكرت جملته الصادقة التي صدرت منه وهو يظنها غافية غافل كونه طمئنها دون أن يشعر وجعلها تقرر أن لا شيء سيردعها فحقا فاض بها وقد اتى اليوم لتثور حفاظا على بقايا كبريائها الذي دهسه تحت قدمه
عارفة عواقب قراري كويس ومش هرجع فيه لتبتلع غصة مريرة بحلقها تكاد ټخنقها و تستأنف بنبرة مټألمة وبقلب مدمي يقطر دما
هو اللي اضطرني لكده انا
لازم ادفعه التمن يا سعاد وغالي اوي
فها هي منذ أن صعدت للسيارة ولم تشيح بفيروزاتها عنه وكأنها تراه للمرة الأولى مما جعله يرتبك قليلا ويقول بثبات اثناء قيادته
مش ملاحظة انك متكلمتيش من ساعة مركبتي العربية
أجابته بتنهيدة حالمة
مش عايزة اتكلم وحاسة إني عايزة ابصلك وبس
مسد جبهته بسبابته وابهامه بإرتباك أصبح ملازم له الآونة الأخيرة بفضلها وبفضل تلميحاتها التي تأخذ مجرى آخر يخشاه ومازال عقله يستنكره فلم يعقب بل صب كافة تركيزه على الطريق ولكنها زادتها عليه حين همست ببسمة ناعمة
انا عايزة احكيلك على حاجة
تأهب لحديثها وحثها بعينه أن تسترسل لتبتسم بعيون لامعة وتخبره
انا مبسوطة إني سمعت كلامك وروحت للدكتور بصراحة ارتحت اوي بعد ما اتكلمت معاه وكمان اتبسطت أن بابي فضى نفسه مخصوص وجه معايا تعرف إن دي أول مرة أحسه قريب مني وخاېف عليا بجد
أبتسم وأجابها بعفوية دون أن يحيد نظراته على الطريق
محدش في الدنيا هيحبك أكتر من ابوك وام
ابتلع باقي حديثه ولعڼ تسرعه ولكنها تفهمت وهدرت بعدما انطفأت لمعة عيناها واندثرت بسمتها
مش شرط يا محمد أنا أمي محبتنيش
أغمض عينه بقوة يلعن غبائه ثم صف السيارة بجانب الطريق وقال بنبرة حانية مفعمة بالاهتمام
احنا قولنا ايه
مش هنبص ورانا تاني وهنفكر بس في اللي جاي واللي محبناش ولا اتمسك بينا دي مشكلته هو علشان احنا ناس جميلة وتتحب وهو حد مبيعرفش يميز وميستهلش حتى نفكر فيه ونحزن نفسنا
رغم أن حديثه متكرر بالنسبة لها ولكن صيغة الجمع الذي نطق بها جعلتها تشعر براحة و طمأنينة لا مثيل لها ليشرق وجهه من جديد وتفتر شفاهها عن بسمة هادئة ثم قالت بإقتناع
أنت عندك حق
رفقت قولها بسحبها لحقيبتها وأخراج هاتفها ثم أخذت تنقر على شاشته عدة مرات إلى أن توصلت لذلك الحساب الوهمي التي تتبع به أخبار تلك السيدة التي لا تستحق لقب والدتها وقبل أن تضغط على حذف الحساب شعر هو بترددها وتشوش نظراتها وحينها تفهم ماذا تنوى أن تفعل فما كان منه غير أن يربت على يدها ويشملها بنظرات محفزة تفيض بالاهتمام استقبلتها هي ببسمة هادئة ودون أي لحظة تفكير أخرى كانت تقوم بالنقر مجددا وتحذف ذلك الحساب من هاتفها وهي تنوى أن تستمع لنصيحته ولا تهتم بما مضى فربما هو محق وهي ليست بذلك السوء ومن الممكن أن تحظى بالحب ولكن السؤال هو هل سيمنحها قلبه أم فقط ستحظى بذلك الأهتمام تحت مسمى أخر لا يمت بتاتا لتلك المشاعر التي أصبحت تكنها له
برافو عليك
انا فخور بيك و بإرادتك
قالها هو لينتشلها من دوامة أفكارها التي نفضتها عنها الآن و ابتسمت بسمة صافية مفعمة بالتفاؤل قائلة
عارف نفسي في ايه
لوهلة تعلقت بندقيتاه بها قبل أن يتساءل باهتمام كعادته
أيه
أجابته بحماس وببسمة مشرقة
نفسي تأكلني فول من على نفس العربية زي المرة اللي فاتت بصراحة وحشني اوي اعمل مركب زيك واغطسها في الطبق وياريت بقى لو معاها بصلتين يااااه والله جوعت على السيرة
لسة فاكرة ده انا حسيت يومها من كتر أسئلتك إنك من كوكب تاني
هزت رأسها مستنكرة واجابته بتنهيدة عميقة
فعلا كنت مستغربة ولما أنت اتكلمت معايا وبقيت تجاوبني الصورة وضحت قدامي يعني مثلاالحاجات التافهة والبسيطة بالنسبالي اكتشفت انها كبيرة اوي وليها قيمة عند ناس تانية وعرفت إن كفاح الناس البسيطة دي وصبرهم هو قمة الرضا
تهادت ضحكاته تدريجيا وهو يستمع لها وكم راقه انه استطاع أن يؤثر حديثه بها لتضيف هي بخجل وهي تلملم خصلاتها وتضعها خلف اذنها
أنت خلتني اشوف الدنيا من منظور تاني يا محمد أنا مش عارفة ازاي عرفت تأثر عليا كده بس كل اللي أعرفه إني اتعلقت بيك لدرجة إني بستنى كل يوم الصبح علشان بس اشوفك واتكلم معاك
تبا لقناعاته ولحدود منطقه فكيف الصمود أمام عفويتها وتلميحاتها المتكررة له حقا كان ضائع يتمنى لو يجد قشة يتشبث بها وتنقذه من الڠرق داخل بحر عينيها ولكن لم يجد سوى تلك المشاعر الطاغية التي ثقلت قلبه وجعلته يعافر كي لا يغرق بها
فقد دام تشابك نظراتهم لعدة ثوان حالمة أرادت هي لو لم تنتهي ولكنه أحبطها و أزاح رأسه بعيد عنها يغمض عينه بقوة يحاول أن يسيطر على ارادة ذلك النابض فيبدو ان البراعم النامية بقلبه تفتحت وأينعت وأصبحت مزدهرة رغم محاولته الشتى لوأدها
تنهدت هي بعمق وقاطعت مداهمة أفكاره قائلة كي تخفي حرجها
طيب انا جعانة هتوديني ولا لأ
اوما لها ببسمة باهتة لم تصل لعينه ثم انطلق بها ليلبي وهو يتيقن تماما أن ما كان يخشاه و يظنه يستحيل حدوثه قد تخطى حدود المنطق والعقل وحدث بالفعل
أما عن صاحب البنيتان القاتمة فقد نال ما طمح وقد مر اسبوعين على عقد قرانه من الآخرى وها هو ينعم
بكل الطرق الممكنة غارق حد النخاع في إرضاء ذلك الذكر بداخله مأخوذ بكل شيء فهي امرأة واثقة تعلم ماذا يريد دون أن يطلب
فبعد
يخربيتك هتجننيني
أطلقت هي ضحكة متغنجة
انت لسة شوفت حاجة يا سونة
اكتر من كده هتعملي ايه بس
هو انت زهقت يا سونة
نفى برأسه وقال مبررا وهو يمررالشقراء
ابدا بالعكس انا عمري ما حسيت إني عايش غير معاك بس يعني أنت أخدة تليفوني ومش عطيالي فرصة حتى أطمن على الولاد ولا الشغل
تأففت هي
يوووووه بقى الولاد مش لوحدهم وأمهم معاهم ما انت كتير بتسافر وتسيبهم ومفيش حاجة بتحصل والشغل في كذا حد يقدر يمشيه من غيرك وبعدين احنا في شهر العسل ومينفعش حاجة تاخدك مني
وبعدين انا مصدقت بقيت ليا يا سونة
أما عن صاحب القلب الثائر الذي خذلته تلك المتمردة فمنذ ذلك اليوم المشؤوم وهو يلتزم بوعده لها و يذيقها مر صنيعها يحتبسها بالغرفة و لم يسمح لها أن تطأ قدميها خارجها قط ورغم إلحاح والدته المستميت ليعفو عنها إلا أنه لم يقبل ولم يتهاون بتاتا حتى أنه منع والدته أن تتدخل بلأمر مرة أخرى وكأنه يود أن يمنحها هدنة مع ذاتها كي تفكر بكل ما اقترفته من خطايا وټندم عليها لا ينكر أن قلبه اللعېن يعلن عصيانه عليه كل
ليلة وخاصة عندما يستمع لنحيبهامن خلف باب غرفتها ولكن كيف التهاون معها بعد كل ما اقترفته فغضبه منها مازال يطغي على كل شيء حتى ارادة قلبه
فقد تناول صنية الطعام من والدته ككل يوم دون أن يعير نظراتها الراجية ولا الحاحها أي أهمية
ثم توجه لغرفتها يدس المفتاح بالمكان المخصص له ويديره زافرا بقوة ما