الجمعة 22 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 4 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

ضميره أم يصمت كي لا يضعها بموقف سيء يزيدها سوء على سوءها
ظل يطالعها بنظرات كارهة وهو يحتسي كوب الشاي الخاص به مما جعلها تسأله بنبرة جادة لا تحمل شيء من الود 
خير يا عبد الرحيم أيه سر الزيارة المفاجئة دي
غص برشفته وسعل بخفة ثم قال بخبث
واه ده دار چوز خيتي الله يرحمها واچي وجت ما حب يا ثريا
حانت من ثريا بسمة هازئة وقالت متهكمة 
هو انت كنت بتجي بيته تسأل عليه وهو عايش علشان تيجي بعد مۏته ... ده انت ياراجل مكلفتش خاطرك وحضرت دفنته
احتدت نظراته بمكر وقال متحججا
جولتلك كان حداي مصالح واعرة ومجدرتش أدلى وجتها
لوت ثريا شدقيها وقالت متهكمة 
انت مجتش

علشان عرفت أن كل املاكه بقت بأسم ابني وكل تخطيطك راح على الهوا
زمجر غاضبا وعقب بحدة 
إيه حديتك الماصخ ده تخطيط إيه اللي تجصديه لو في حد خطط فهو أنت يا ثريا خدتي الراجل من على مرته وعصتيه عليها وخلتيها موتت روحها من جهرتها لع وكمان اجنعتيه يكتب كل اللي وراه واللي جدامه بأسم ابنك ويچوزه البنية
تهجم وجه ثريا عندما استحضر هو تلك الذكريات البعيدة التي لطالما تشعر نحوها بالحزن والأسى الذي انعكس على نبرتها الآن
حسبي الله ونعم الوكيل
ده اللي عقلك المړيض صور هولك أنما الحقيقة ربنا وحده اعلم بيها وقادر ينصفني
ارتفع جانب فمه ببسمة هازئة وهمس بسره 
تجتل الجتيل وتمشي في چنازته مرا واعرة
في تلك الاثناء دخل يامن برفقة نادين لغرفة الصالون ليجد والدته منكسة الرأس ويظهر الحزن بين على قسماتها ليتسأل بوجل 
في ايه يا امي مالك
نفت برأسها وبالكاد ابتسمت بسمة عابرة واخبرته وهي تنهض 
سلامتك انا هروح احضر الفطار اقعد مع خال مراتك
ليقاطعهم عبد الرحيم وهو ينهض 
لع أنا مش جاعد هروح الترب أجرا الفاتحة ل غالية وبعدين ورايا كذا مصلحة إكده وهعاود في الليل أبيت معاكم واتوكل الصبح بمشيئة الرحمن
ابتلعت نادين غصتها بتوتر بالغ واخبرته بمجاملة عابرة تخالف رغبتها 
خليك أفطر معانا الأول يا خالي ملحقتش أقعد معاك
ربت عبد الرحيم على ذراعها قائلا 
هعاود تاني يا بنت غالية وخليها عشا عاوز وكل من يدك واشوف ليك نفس في الطبيخ كيف أمك ولا وكلك ماصخ كيف المصاروة
تناوبت النظرات بينهم پضياع فهي لا تفقه شيء بتاتا في أمور إعداد الطعام ولم تجرء قط على دخول المطبخ او حتى التجربة ولعلمه بذلك أبتسم هو بسمته المطمئنة ذاتها و حسها انه سيتولى الأمر مما جعلها تتلعثم قائلة بتوتر 
هااا.... اه... حاضر يا خالي هطبخلك احلى أكل
تسلمي يا جلب خالك
ليغادر هو تاركهم يتنفسون الصعداء وتقول ثريا وهي تتنهد بضيق
انا هروح احضر الفطار علشان متأخرش على رهف
ليعقب هو وهو يطالع تلك التي ارتمت على احد المقاعد و تتنفس براحة أكبر منذ خروج خالها 
لأ يا امي متتعبيش نفسك انا ونادين هنفطر برة وبالمرة هروح المطعم اجيب اكل من هناك علشان بليل
أومات ثريا وتحركت لغرفتها بينما نادين أزاحت التوتر الذي سببه خالها لها جانبا وهبت تصفق بحماس وكأنها عادت لطبيعتها لتوها 
اكيد هنروح بالعربية الجديدة مش كده
ابتسم و وافقها ببسمة واسعة 
ايوة يا مغلباني بس بشرط تسوقي بعقل انا مش مستغني عن عمري
هزت رأسها و هرولت تحضر سترتها بحماس ظهر جلي على قسماتها وما زادها غير فتنة بعينه وهي تسحبه للخارج بحماس طفولي وكأنها مازالت تلك الطفلة ذات الجدائل الطويلة التي عشقها منذ الوهلة الأولى.
أما هي فقد دخلت غرفتها بخطوات واهنة والحزن يكسو ملامحها متأثرة بتلك الذكريات البعيدة الذي تعمد عبد الرحيم أن يضعها ڼصب عيناها من جديد لتجلس على طرف فراشها وتلتقط صورة زوجها الراحل وتعود بذاكرتها لما حدث منذ عدة سنوات مضت
فكان والد يامن أحد مزردين المواد الغذائية التي يتعامل معهم عادل من اجل مطعمه وكانوا تربطهم صداقة قوية انعكست عليهم بشكل إيجابي وجعلت ثريا تتقرب منها ويتبادلون الزيارات والمجاملات فكانت غالية شخص مريح غير متكلف بالمرة
وطالما كانت البسمة لا تفارق ثغرها وبعد ۏفاة زوج ثريا لم تتركها غالية قط بل تقربت منها و واستها وتوطدت علاقتهم أكثر ببعض حتى انها كانت تقص لها كل شيء حتى عن مرضها الذي اخفته عن الجميع واولهم زوجها
حاولت ثريا إقناعها أن تخضع للعلاج ولكن غالية لم تقتنع قط وخاصة عندما علمت ان مرضها الخبيث نسبة الشفاء منه لن تتعدى عشرون بالمائة ولذلك كانت تنتظر مصيرها المحتوم بأي وقت مما زاد حالتها النفسية سوء وحين علم عادل بالأمر أصر على خضوعها للعلاج ولكنها تمنعت وبشدة وكان ذلك سبب خلاف دائم بينهم حاولت ثريا حينها أن تخفف عنها ولا تتخلى عنها وتساندها كما فعلت هي حين ۏفاة زوجها ولكن غالية فاجأتها برغبتها حين قالت لها 
أنا مش خاېفة من المۏت يا ثريا بالعكس انا كل يوم بستناه أنا بس اللي مخوفني هو بنتي وعادل هيعملوا ايه بعدي
تنهدت ثريا و واستها بنبرة حزينة متأثرة 
ربنا يخليك ليهم يا غالية بعد الشړ عليك... لو بس تسمعي الكلام وترضي تاخدي جلسات العلاج
ابتسمت غالية بشحوب واخبرتها بيأس 
مش عايزة اتعذب على الفاضي و عايزة أشبع من نادين الكام يوم اللي فضليلي في الدنيا وافضل جنبها مش وسط المستشفيات والكيماوي والعينين
مش يمكن يكون في أمل
حانت منها بسمة باهتة لابعد حد واخبرتها بيأس تمكن منها
ويمكن لأ...
المهم دلوقتي إني هطلب منك طلب واوعي ترديني مکسورة الخاطر
ماعاش ولا كان اللي يكسر بخاطرك
عايزاك أنت اللي تربي

بنتي بعد مۏتي
ربتت ثريا على يدها وقالت بحسرة وبحزن حقيقي 
بلاش سيرة المۏت محدش هيربي بنتك غيرك
نفت غالية برأسها وترجتها بعيون تفيض بالدمع 
ريحيني يا ثريا و وافقي
تنهدت ثريا وتساءلت بعدم استيعاب ودمعاتها تنسل بحسرة على صديقتها
لا حول ولا قوة إلا بالله عايزاني اوافق على ايه بس
لترد غالية بإصرار وبكل رضا 
تتجوزي عادل
تلك الجملة كانت كفيلة ان تزلزل كيانها وتعيدها للوقت الحالي وتجعلها تشعر بقلبها يعتصر بين ضلوعها بسبب ما حدث بعد ذلك فكم تمنت ان يكون مصيرها مختلف ولكن خانتها عزيمتها وجعلتها تكرر إنهاء حياتها بنفسها عوضا عن انتظار المۏت أن يأتيها... نفضت دمعاتها وهي تترحم عليها وتدعوا لها بالمغفرة ثم نهضت كي تستعد لكي توافي رهف كما وعدتها
جلست على طاولة الطعام بعيون ساهمة متغاضية عن ثرثرة دعاء التي كادت تصيبها بالضجر لولآ صوت والدها الذي أتاها نجدة لها 
صباح الخير يا ميرال
نهضت قائلة بإحتياج وبنبرة واهنة 
وحشتني يا بابي
ربت فاضل على ظهرها وقال بحنو
ده هو يومين بس اللي غبتهم يا بنتي لحقت اوحشك
هزت رأسها وقالت مؤكدة 
متسافرش تاني وتسبني
اجابها والدها ببسمة حنونة 
حاضر يا ستي مش هسافر تاني ولو سافرت هاخدك معايا طالما بوحشك
صكت دعاء اسنانها واعترضت
ايه الدلع ده! هو انت بتسافر تتفسح ولا علشان الشغل
وأضافت بخبث وهي تنظر له نظرات ذات مغزى يعلمه جيدا 
ودراستها والجامعة اللي بقالها كذا يوم مش بتروحها...المفروض انك تعارضها و تخاف على مستقبلها اكتر من كده
هز فاضل رأسه وأيد زوجته
دعاء عندها حق مستقبلك اهم
ليه مش بتروحي الجامعة
كم شعرت بالخذلان من حديثه التي أثبت به أن زوجته هي صاحبة السلطة الأكبر على قراراته مما جعلها تنظر ل محبة التي تقف بالزاوية تحسها أن تساندها وهي تجلس على طاولة الطعام من جديد وتتلعثم قائلة
كنت تعبانة شوية
ليتساءل فاضل بحدة 
وليه محدش بلغني
لتلاحق محبة الحديث التي تابعته من بادئته وأدركت بفطنتها أن أحد الخدم يتلصص لصالح دعاء لذلك تعمدت اغاظتها
حقك علينا يا بيه أصل كنت ملخومة بيها ودعاء هانم من ساعة ما سافرت وهي عند ولدتها ومتعرفش حاجة
أومأ فاضل بتفهم بينما ظلت دعاء ترشق محبة بنظرات مغتاظة جعلت محبة تشعر ببعض الارتياح
وخاصة عندما وجدت فاضل تجاهل حديث تلك الصفراء و وظل يربت على ظهر ابنته بحنو ويطمئن عليها في حين ميرال كانت تبتسم ببهوت وتخبره انها اصبحت بأفضل حال
حمد الله على سلامة حضرتك يا فاضل بيه
اهلا يا محمد اخبارك ايه
تمام يا فندم انا جيت علشان...
قطع حديثه عندما تعلقت عينه بها يرى تلك النظرة الراجية بفيروز عيناها وكم كان يجاهد ضميره حين استأنف بعملية شديدة تحت نظرات الجميع المترقبة 
علشان اطمن على آنسة ميرال واشوف إذا هتخرج النهاردة او لأ
تهللت أساريرها وهي تنظر له بامتنان حقيقي ثم هتفت وهي تلملم أشياءها 
انا بقيت كويسة ...وهروح الجامعة
هز رأسه لها واستأذن بأدب وسبقها إلى الخارج وهرولت تلحق به لتدعوا محبة بسرها 
ربنا يصلح حالك ويريح بالك يا بنتي
شكرا
قالتها بإمتنان حقيقي وهي تصعد للسيارة مما جعله يتنهد بملامح واجمة وهو يتحاشى النظر لها 
انا متعودتش اشوف الغلط واسكت عليه والاستثناء ده مش هيتكرر تاني والمفروض انت اللي تعرفي مصلحة نفسك ...
اومأت له واخبرته بندم 
انت عندك حق اوعدك مش هعمل كده تاني انا ساعات بيبقى عزيمتي ضعيفة و استسلم لكن وعد مش هأذي نفسي زي ما طلبت مني
هز رأسه بملامح مازالت واجمة وأخبرها بإقتضاب 
تمام
ابتسمت ببهوت وقالت بعرفان للجميل وهي تراه يشعل مقود السيارة بيده المضمدة 
انت جدع اوي وعمر ما في حد عمل علشاني كده ابدا وعلشان كده نفسي نبقى صحاب
نظر لها نظرة غامضة لم تستشف منها شيء ثم قال بعملية شديدة وبكامل صوته الأجش المفعم بالكبرياء وهو ينطلق بها
آسف مفيش حاجة في قاموسي اسمها اصحاب ... انا هنا سواق جنابك وبس واللي عملته أي راجل عنده نخوة كان مكاني كان عمل زيه واكتر منه كمان
احتل الحزن عيناها وتراجعت للخلف فكم طعنها قوله وأكد لها أنها سيئة ومرفوضة و الجميع ينفر منها ويتخلى عنها
بينما هو لعڼ نفسه ربما للمرة الألف بعد المائة انه احرجها ولكن هو لا يريد أن يقحم نفسه بها أكثر ويتوهم بشيء يستحيل حدوثه فهو يعلم ذاته تمام المعرفة ويعلم أن ليس باليسير ابدا ان تتمكن أنثى أن تزعزع ثباته وتجعله يخالف ضميره لأول مرة بحياته من أجلها
كم كانت تود أن تحلق بالسماء من شدة سعادتها عندما اخبرها الطبيب بذلك الخبر السار وكم

شعرت بالامتنان لتلك السيدة الحنون التي شاركتها فرحتها وسعادتها واهدتها الكثير من النصائح بشأن سلامتها قبل ان توصلها وتغادر لمنزلها وها هي تجلس بأنتظاره تهيأ له الأجواء كي تخبره متغاضية عن كل ما حدث وهي تظن أنه باعتذاره منها بلأمس سيعود لسابق عهده.
وعندما اتى استقبلته بلهفة كعادتها وانتظرت ان يستفسر منها عن زيارتها للطبيب ولكنه لم يكلف ذاته حتى بمكالمة هاتفية او حتى سؤالها عند وصوله مما جعلها تشعر بالضيق من عدم اكتراثه وظلت تنظر له نظرات معاتبة وهو يجلس بجوارها على الاريكة بردهة منزلها ويسلط كافة تركيزه على هاتفه مما جعلها تتنهد بصوت مسموع لفت انتباهه وجعله يتساءل ببرود
مالك يارهف مش

انت في الصفحة 4 من 8 صفحات