رواية فاذا هوى القلب(كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
قائلة بجدية وهي تنتصب في جلستها
وزي ما قولتلك دياب ابني والحاج طه هيراضوها كويس!
لاحظت عواطف تحول اسلوبها للجدية والصرامة فهتفت بنزق
انتي تؤمرينا أنا هاكلمها وأخليها تشوف نفسها وتفضيلهم ميعاد مخصوص هي هاتيجي لأعز منكم!
تسلمي يا حبيبتي ده العشم بردك!
انتبه ثلاثتهن إلى صوت دق عڼيف على باب المنزل فاستداروا برؤوسهن نحو باب الغرفة
ياختي مين اللي بيخبط على الباب كده
هزت نيرمين كتفيها نافية وهي تجيبها
مش عارفة!!!
روحي يا نيرمين افتحي!
ردت عليها باقتضاب
حاضر
سألته بتوجس وهي تتفرس فيه وفيما يحمله من أوراق في يده
ايوه!
ده بيت نيرمين سيد
خفق قلبها نوعا ما من سؤاله المباغت وردت عليه بتلهف
اه هو خير يا شاويش
ده إخطار من القسم
مجرد ترديد كلمة مخفر الشرطة في جملة ما تثير خوف واضطراب أي شخص لذا لطمت نيرمين على صدرها مصډومة وهي تشهق متسائلة بفزع
قسم يا نصيبتي ليه
أجابها بنبرة رسمية
البيه المأمور عاوزك تستلمي عفشك!
ارتفع حاجباها للأعلى بذهول أغرب وهتفت غير مصدقة ما سمعته
عفشي
أوضح الشرطي باقي عبارته قائلا بعدم مبالاة
طليقك سلمه عند القسم وباعتلك تاخديه امضي على الاخطار ده يا ست
كزت نيرمين على أسنانها قائلة بغل وبصوت خفيض لاعنة زوجها السابق
ابن ال !!
وقفت والدتها إلى جوارها وسألتها پخوف وهي محدقة في الشرطي
في ايه يا نيرمين
أجابتها الأخيرة بتجهم كبير
المنحوس الفقري شايفة عامل ايه فيا
زادت دقات أمها بقلق أكبر واضطربت أنفاسها نوعا ما
وضعت هي يدها عى ذراع ابنتها وضغطت عليه قليلا متسائلة بتلهف وهي تدقق النظر في وجهها
ماله
أجابتها بنبرة محتقنة للغاية
باعتلي عفشي على القسم
شهقت أمها مصډومة وهي تلطم على صدرها بقوة
يالهوي
صاحت نيرمين بنبرة مغتاظة وهي تلج لداخل صالة منزلها
منه لله حسبي الله ونعم الوكيل فيه أنا هالبس العباية وأروح أشوف النصيبة دي!
ردت عليها عواطف بإصرار
استني أنا جاية معاكي مش هاتروحي لوحدك
تابعت جليلة ما يحدث من موقف محرج في الخلفية واستشعرت عدم ملائمة الظروف لبقائها أكثر من هذا في المنزل وأنه من الأفضل إنهاء تلك الزيارة الودية على الفور لذلك هتفت بهدوء نسبي
طب يا عواطف هاسيبكم تشوفوا حالكم وهانتكلم تاني!
شعرت عواطف بالخجل الشديد من تعرض ابنتها لهذا الموقف المشين أمامها فأخفضت نظراتها حرجا وهي تردد
اعذريني يا ست جليلة أديكي شايفة الحال عامل ازاي
ربتت جليلة على كتفها متفهمة موقفها وأردفت قائلة
عذراكي يا حبيبتي الله
يكون في العون!
ثم التفتت برأسها للخلف وهتفت بنبرة مرتفعة
بت يا أروى يالا عشان ماشيين
ركضت الصغيرة نحو الصالة وعبست بوجهها وهي تحدق في والدتها بضيق وضعت هي يديها على منتصف خصرها وركلت الأرضية بقدمها قائلة بتذمر
ملحقتش يا ماما ألعب مع النونة!
أمسكت بها جليلة من ذراعها قائلة بحدة
مرة تانية يالا سلامو عليكم!
أوصلتها عواطف لخارج منزلها مرددة بإضطراب
وعليكم السلام!
أغلقت الباب بهدوء وتمتمت بحسرة مع نفسها
يادي الجرس والفضايح اللي مالهاش ميعاد!
خرجت نيرمين من الغرفة وهي تلف حجابها حول رأسها وتلقي برضيعتها الغافية على كتفها مرددة بحدة
البسي بسرعة يا ماما خليني أشوف ابن ال عمل ايه في عفشي!
أجابتها أمها بصوت شبه لاهث وهي تركض ناحية غرفتها لتبدل ثيابها المنزلية
على طول أهوو !
ارتعشت يدها بشدة وهي تنظر مرة أخرى في جهاز كشف الحمل المنزلي لتتأكد من النتيجة التي برزت بوضوح عليه هتفت مستنكرة حدوثه رغم الإجراءات الوقائية التي تتبعها في علاقتها مع زوجها وغير مصدقة ما تراه وهي تزيح خصلات شعرها للخلف
ده شرطتين طب إزاي!!!!!
رفعت وجهها لتنظر في المرآة بشرود محاولة استيعاب تلك الکاړثة التي حلت بها فلا أحد يعلم بزواجها السري من مازن إلا والدتها شادية فقط
تجمدت أنظارها على إنعكاس صورتها الباردة لبرهة ابتلعت ولاء ريقها پخوف شديد وغمغمت من بين شفتيها بهلع
ده أنا كده وقعت في مصېبة لو الحمل ده اتعرف!!
ضغطت على شفتيها بتوتر شديد ثم هتفت بنبرة عازمة
وأنا مش هاشيل البلوى دي لوحدي لازم مازن يتصرف معايا
قبضت على الجهاز الصغير بكفها وجمعت بقايا العلبة الكرتونية وألقت بها في سلة المهملات ثم خرجت من المرحاض باحثة عن هاتفها المحمول بدت متعصبة للغاية وهي تذرع الغرفة ذهابا وإيابا منتظرة إجابة مازن على اتصالها العاجل به وقبل أن ينقطع الخط سمعت صوته يقول بنبرة شبه ناعسة
خير!
صاحت فيه بصوت متعصب
مش خير خالص أنا عاوزاك تجيلي دلوقتي يا مازن!
سألها بفتور
ليه
صړخت فيه بتشنج وقد استشاطت نظراتها
انت لسه هاتسأل في مصېبة هاتحصل لو مجاتش!
رد عليها بصوت متحشرج غير مهتم
طيب اديني ساعة كده أفوق وألبس واجي عندك!
هتفت فيه بنفاذ صبر وبصوت مرتفع
بسرعة يا مازن! أنا مستنياك!!
ألقت بعدها بالهاتف على الفراش وهي تنفخ پغضب شرس ثم غرزت أصابع يديها في فروة رأسها المشټعلة من كثرة التفكير محاولة السيطرة على انفعالاتها الزائدة لكي تفكر بوضوح في حل لتلك الکاړثة الغير متوقعة !!!
يتبع الفصل التالي
الفصل العاشر
أرجعت أسيف ظهرها للخلف وانكمشت في مقعد السيارة وهي ترتجف رغم ابتعادها عن محطة الوقود بمسافة كبيرة لكن لا يزال شبح ذلك الغريب الغاضب يطاردها في خيالها ودت لو لم تطل من النافذة فتراه صدفة وتعطيه الفرصة لرؤية وجهها بوضوح رغم اختباء معظمه خلف غطاء رأسها لكنها شعرت بأنها مكشوفة كليا تحت أنظاره
ابتلعت ريقها محاولة بل حلقها الجاف تنفست بعمق ثم أعادت ضبط حجاب رأسها الذي بدا متهدلا عليها بيد مرتعشة حمدت الله في نفسها أن والدتها لا تجلس إلى جوارها وإلا كانت شكت في تصرفاتها المريبة وهي لن تستطع إخفاء ذعرها الغير مبرر
أجبرت نفسها على عدم التفكير فيه مرة أخرى هي حاډثة عرضية شاءت الأقدار أن تمر بها طمأنت نفسها أنها لن تلتقي به مجددا وسيتحول مع الوقت لمجرد وهم ستتناساه بفعل الزمن ومشاغل الحياة
شهقت نيرمين مصډومة حينما وقفت أمام المخفر الشرطي التابع للحي القاطنة به ورأت أثاثها ملقى بجواره فوق بعضه البعض بطريقة بدت أكثر على كونها كومة من ال روبابيكيا كما هو دارج بالمصطلح العامي لطمت على صدرها عدة مرات وهي تسب وتسخط في طليقها الذي أفسد أشيائها الثمينة وجعلها لا تساوي ربع قيمتها الفعلية
صړخت رضيعتها پبكاء مرتفع فلم تفعل لها أي شيء وظلت تهتف بعويل صارخ
يا نصيبتي الراجل الناقص الدون رمالي حاجة في الشارع والله ما سيباه!
أخرجت خصلة من شعرها عنوة ورفعتها في الهواء لتكمل ټهديدها المتوعد
وحياة مقاصيصي دول لأدفعه تمن كل حاجة الطاق عشرة!
تجمع المارة حولها وتفقدوا بفضول ما يحدث هناك
تحسرت عواطف هي الأخرى على مصاپ ابنتها الجلل وتمتمت بخزي
مكانش يومك يا بنتي تتبهدلي وعفشك نلمه من على الأرصفة قصاد الأقسام!
رفعت بصرها للسماء وتابعت بصوت مخټنق وقد أدمعت عيناها بشدة
حسبي الله ونعم الوكيل فيك منك لله يا شيخ حسبي الله ونعم الوكيل!
خرج أحد ضباط الشرطة من داخل المخفر على إثر الصوت المرتفع صائحا بغلظة
في ايه اللي بيحصل هنا
ردت عليه عواطف بصوت شبه باكي وهي توضح له السبب
بنتي مرمي عفشها قصادكم أهوو و
نظر لها شزرا متأملا هيئتها الشعبية وقاطعها قائلا باستخفاف
هو انتو بتوع العفش بقى
أجابته عواطف بصوت حزين وهي تمسح عبراتها
ايوه
أشار لها بإصبعيه لتتبعه قائلا بنبرة غير مبالية
طب تعالوا جوا عشان توقعوا على الاستلام وشوفولكم عربية تجي تشيله مش هايفضل متكوم هنا قصادنا!
ردت عليه بصوت مخټنق للغاية
ح حاضر يا بيه!
تحرك الضابط نحو الداخل بينما ظلت عواطف باقية في مكانها تهز رأسها مستنكرة ما آلت إليه الأمور
ثم تمتمت مع نفسها بصوت متآلم
ربنا على الظالم والمفتري!
توعدت نيرمين لطليقها قائلة بنبرة منفعلة
وربنا ما سيباه هدفعه التمن غالي وهابهدله في المحاكم!
توقف سائق سيارة الأجرة أمام أحد الفنادق الزهيدة في سعرها والذي يقع على مقربة من المنطقة الشعبية التي تسكن بها عمتها فترجلت منها أسيف أولا جابت بأنظارها المكان بنظرة عامة شمولية محاولة اكتشاف معالم تلك المنطقة المزدحمة
ترجل السائق هو الأخر من السيارة قائلا بجمود
حمدلله على السلامة ده أقرب فندق للحتة اللي انتو عاوزينها
ردت عليه حنان بصوت هاديء
كتر خيرك
رفع ذراعيه للأعلى ليحل وثاق الرباط الممسك بالمقعد المتحرك ومدت أسيف يديها للأعلى محاولة سحبه معه
هتف هو قائلا بضيق
سبيه يا آنسة أنا هاجيبه لوحدي
شعرت بالحرج منه وابتسمت بود مرددة
طيب!
أنزل السائق المقعد المتحرك ووضعه أمام الباب الأمامي لسيارته وتعاونت أسيف معه في وضع والدتها عليه شكرتهما حنان ممتنة وتحركت به نحو ردهة الفندق أخرج السائق الحقائب من صندوق
سيارته وناولها لأسيف التي أعطته أجرته كاملة وتوجهت خلف أمها لتلحق بها
كان الفندق بسيطا للغاية لكنه ذو مظهر منمق ومرتب و يفي بالغرض مدخله تم تزيينه بالأرضيات الحديثة اللامعة ووضع مكتبا فخما على الجانب وكذلك مزهريات فخارية كبيرة بجوار بوابته الزجاجية
رحبت موظفة الاستقبال بضيفتهما قائلة
أهلا وسهلا بيكم في فندق الباشا!
ابتسمت لها أسيف وتساءلت بخجل وهي تعدل من وضعية حجاب رأسها بتوتر
لو لو سمحتي ممكن نحجز أوضة هنا لينا احنا الاتنين
ردت عليها الموظفة بهدوء
أكيد! البطايق بعد اذنكم
تساءلت حنان باهتمام وهي تشرأب للأعلى
هو ممكن أعرف سعر الليلة كام
ابتسمت لها الموظفة بتصنع وأخرجت ورقة صغيرة مغلفة بغطاء بلاستيكي مدون عليها أسعار الغرف ومدت يدها بها نحوها قائلة
اتفضلي دي قايمة بالأسعار للغرف الفردية والمزدوجة شاملة الوجبات وبدونها!
رفعت حنان يدها للأعلى لتمسك بالورقة وشكرتها قائلة بهدوء
شكرا هانشوفها وهانقولك عاوزين ايه!
ردت عليها الموظفة قائلة بنبرة عملية
خدوا راحتكم
ثم عاودت الموظفة لمطالعة باقي الأوراق الموجودة أمامها تراجعت حنان للخلف بمقعدها بعد أن أسندت الورقة على حجرها
اتخذت الاثنتان زاوية بعيدة نسبيا للمناقشة حول ما يتناسب مع مقدرتهما المادية الحالية ظلت حنان صامتة لبرهة تراجع الخيارات المتاحة أمامها بتأني
نظرت أسيف معها إلى الأسعار وتساءلت بصوت خاڤت
ايه رأيك يا ماما
ردت عليها أمها بنبرة عقلانية
مافيش داعي نطلب أكل خلينا نقتصد في الفلوس شوية!
هزت أسيف برأسها متفهمة
طيب
تابعت والدتها قائلة بهدوء
واحجزي لمدة اسبوع وبعدها نشوف
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بإيجاز
ماشي
ثم تناولت الورقة مجددا من أمها وتوجهت نحو الموظفة لتقول لها بلطافة
خلاص احنا اتفقنا!
بادلتها الموظفة ابتسامة منمقة وهي ترد
تمام يا فندم هستأذنك تملوا البيانات دي!
أومأت أسيف برأسها مرددة
ماشي
أفرغ العاملون معظم ما حملته الشاحنات بداخل المستودع المملوك لعائلة حرب ظل منذر يتابعهم بنظرات ثابتة مراقبة لكل شيء
ورغم الضيق البادي على ملامح وجهه منذ ذلك الموقف إلا أنه جاهد لتجاهله كي لا يؤثر