رواية رحلة اثام بقلم منال سالم
رايحين فين دلوقت
وضع يده على أحد ذراعيها حل تشابكهما ثم استدار تجاهها قائلا بتعابير هادئة
نازلين تحت هنعوم في البسين شوية وبعدها نشوف مطعم ناكل فيه ونطلع نتفسح
أصابها القلق وردت في تردد مشوب بالحرج
بس أنا مبعرفش أعوم
أنا معاكي هعلمك كل حاجة يا حبيبتي
ربنا يخليك ليا
عتدل في رقدته وأبقى عينيه المزعوجة عليها إلى أن أصبحت في مرماه لوح لها بيده لتراه فابتسمت في خجل وهي تختطف نظرات سريعة على الأجساد المستلقية على المقاعد في محيط المسبح خطت برشاقة حتى بلغته عندئذ جلست مقابله على المقعد الشاغر سألها باستنكار محسوس في نبرته وهو يرفع نظارته الشمسية أعلى رأسه
تفاجأت بسؤاله بدلا من مدح جمالها أحست بجفاف يصيب حلقها فتغلبت على الاضطراب الذي اعتراها ورفرفت بجفنيها وهي تجيبه في استحياء ما زال موجودا ضمن ثوابتها
أنا متعودتش بصراحة أتكسف أوي وهو عريان خالص!
استهجن عزوفها عن تلبية أمره هاتفا بضيق صريح
إنتي مراتي دلوقتي ومعايا لازم تتعودي على حاجات كتير
طب خليها مرة تانية
بدا وكأن غمامة رمادية هبطت من أعالي السماء على وجهه انقلبت سحنته على الأخير ونهض قائلا وهو يشيح بعينيه بعيدا عنها
زاد شعورها بالغرابة إيذاء موقفه غير
المفهوم فأي رجل شرقي في موضعه كان من المستحيل أن يقبل بذلك أفاقت من لحظة شرودها الخاطفة على صوته الهاتف وهو يستعد للقفز في مياه المسبح
بس هتندمي كتير المياه تحفة
تداركت بسمتها التي خبت وردت عليه وهي تمسك بخصلة من شعرها لتلفها على إصبعها
كفاية عندي إنك تكون مبسوط
روحي المطعم اشربي أو كلي حاجة لحد ما أخلص أنا قدامي شوية ومش عايزك تزهقي
اعترضت عليه بلطافة
مش مشكلة أنا هستناك
أصر عليها بوجه لم يكن بممازح
تهاني اسمعي
هزت رأسها هاتفة في طاعة تجنبا لإغضابه دون داع
حاضر
لم يكن الأمر كما ظنت أنه مكترث بها ويخشى عليها من الشعور بالملل لقد صرفها فقط ليتمكن من التودد إلى هذه الحسناء الشقراء الجالسة على الطرف الآخر من المسبح فاشتهى الحديث معها ووجودها المراقب له لن يمنحه حريته المطلوبة لذا تخلص منها بذكاء ليستمتع بوقته دون أن تعد عليه أنفاسه فكيف له أن يتوقف فجأة عما اعتاد من روتين شبه أساسي في حياته!
هل أنت بخير
أجابته وهي تبتسم
مد يده ليمسك برسغها في نعومة وطلب منها بتهذيب
أنا طبيب هل تسمحي لي بفحصك
سحبت منه يدها برفق كنوع من التمنع المرغوب عليه ومع ذلك ردت عليه بنظرة لعوب فهمها جيدا
أنا بخير الآن لكني سأعود إلى غرفتي لأستريح
نهضت بتكاسل فترنحت في وقفتها أسرع ناحيتها ليسندها قائلا بهمس
دعيني أساعدك
التفتت تنظر إليه عن وهي تلفح وجهه
أشكرك كثيرا كم أنت لطيف!
لعب على الوتر الحساس الذي تساومه به قائلا عن عمد وهو يضغط بأصابعه على جانبها
وأنت تمتلكين مفاتيح الجمال
خرجت منها تأويهة مستمتعة اعترفت بها في التو
يبدو أني محظوظة لرؤيتك
فهم أن ما تقوم به مجرد مقدمات ممهدة لما هو أخطر ولم يمانع أبدا تذوق ما يثير فضوله لذا في صوت ثقيل استطرد معلنا عن تلبيته لدعوتها المفتوحة
حتما سنتقابل مجددا
ردت عليه بمكر استحث أكثر
إن كنت متفرغا
كادت عواطفه تشتعل أكثر لولا أن أطلت عليهما تهاني بوجهها المتجهم حدجتهما بنظرة ڼارية وصړخت فيهما مسببة بصوتها المرتفع لفت الأنظار
مين دي يا مهاب
انزعج من إحراجه بهذا الشكل المهين فقال دون أن يترك الحسناء من ذراعه
واحدة تعبت وبشوفها
انتزعتها منه انتزاعا وهي لا تزال تصيح في تحفز حانق بشدة
بتشوفها ولا واخدها
رد عليه من بين أسنانه المضغوطة وهو يجول بنظرة غير راضية على من حوله
إنت فاهمة غلط
حاولت الشابة الحسناء الوقوف باستقامة وحادثت تهاني بصوت شبه ثقيل وهي تضع يدها أمام فمها لتمنع نفسها من التجشأ
أعتذر يبدو أن هناك مشكلة ما بينكم
سلطت عليها تهاني نظراتها المحتقنة ورفعت إصبعها أمام وجهها صاړخة فيها بهدير مرتفع
نعم بسببك اغربي
استاء مهاب للغاية من طريقتها الفوضوية في إثارة المتاعب ولفت الأنظار إليه فأمسك بها من
معصمها ويجرها بعيدا عن الحضور المتابع لهما وهو ينهرها بصوت جاهد ألا يكون عاليا
بالراحة شوية يا تهاني الناس بتبص علينا
بقوة متعصبة انتشلت يدها من قبضته وتسمرت في موضعها بالردهة لتعنفه في ڠضب مبرر
طب اعملي اعتبار ده أنا مراتك
تنفس بعمق لئلا يخرج عن طور هدوئه ثم أخبرها كمحاولة أخيرة
للتعامل بحكمة مع الموقف
إنتي فاهمة غلط
اشتاطت أكثر من كذبه المكشوف واندفعت تجاهه تضربه في صدره بقبضتها وهدير صوتها يرن
ده أنا شيفاك بعينيا
حذرها من التمادي في عصبيتها هاتفا بصرامة
تهاني مابحبش الأسلوب ده!
كادت تنطق بشيء لتعارضه لكنه أخرسها قبل أن تنبس بكلمة صائحا بصوته الحازم
خلاص اسبقيني على فوق هنتكلم هناك
على مضض خطت مبتعدة وهي تبرطم بكلمات حانقة شيعها بنظرته القاسېة إلى أن غابت عن بصره فاستدار عائدا إلى الشقراء الحسناء منحنيا أمامها بعدما التقط كفها ليقبله في أدب ثم اعتدل واقفا ليخاطبها
أعتذر منك سيدتي
أبقت يدها أسيرة أصابعه وهي ترد بهزة صغيرة من كتفها
لا توجد مشكلة
انتقى من الكلمات ما شرح لها به تصرف المرأة الجالسة معه مدعيا
صديقتي مهووسة قليلا ترتاب حين أبتعد عنها وأنا لا أرغب في إحزانها
أظهرت تعاطفا ماكرا معه وأخبرته في رقة لا تزال مطعمة
أوه إذا علي الحذر منها
تصنع الضحك وقال
إنها غير مؤذية فقط تصرخ لحاجتها إلى الحب
رمقته بهذه النظرة المتسائلة وهي تعلق عليه
يبدو أنك خبير في هذه المسائل
أكد لها بلؤم كان واثقا أن مغزاه سيصل إليها
بالطبع وإلا لما ڠضبت لهذه الدرجة!
ما لم يطرأ على بال مهاب هو أن تعود زوجته إليه وهو يتغزل بغيرها برزت مقلتا تهاني من محجريهما وهي تراه بأم عينيها يتقارب من هذه المترنحة صړخت بلا وعي وقد ثارت بداخلها مشاعرها الأنثوية
يعني إنت بتمشيني عشان تفضى للهانم دي
اڼصدم بوجودها خلفه فالتف كليا تجاهها مرة واحدة وهو يردد مذهولا
تهاني!
بلا تفكير انقضت على الحسناء لتبعدها عنه وهي تلعنها بكلمات مهينة مما أجبر مهاب على تقييد
ما الأمر سيدي
رد نافيا وهو يفك قيدها ليتمكن من الإمساك بها من رسغها فقط
لا شيء
خلفه فتبعه الموظف مردفا
النزلاء يشتكون من الضجيج سيدي
توقف عن المشي المنفعل ليرد بوجه جامد التعبيرات ونظراته تقدح شررا
زوجتي ترفض ترك البار وأنا أحاول التعامل معها
تفهم لموقفه فكم مرت عليه حالات من الإفراط في تناول المواد المسكرة تنتهي ما أسكته حقا كانت الورقة النقدية المطوية والتي دسها مهاب في يده أتبعها بنظرة موحية ليكف عن ملاحقته استجاب له وقال وهو ينحني احتراما له
حسنا سيدي أتمنى لكم ليلة سعيدة
تعامل مهاب بخشونة مع زوجته ودفعها دفعا للأمام حتى كادت تنكب على وجهها وهو يكز على أسنانه هاتفا
قدامي وإياكي تتكلمي!
مرة أخرى عصت أمره وهاجمته بحړقة لها أسبابها القوية
المفروض إنك دكتور محترم ومن عيلة يعني أبسط حاجة تعمل حساب لمراتك مش مجرد ما أبعد عنك تعيش حياتك ولا كأني موجودة
سكت ولم يعقب بشيء فاشتعلت أكثر وانكوت بغيرتها لذا صړخت به
رد عليا
شد من قبضته على معصمها حتى شعرت به يكاد يدميها فتألمت من قساوته ليخبرها بعدئذ بوعيد أصاب بدنها بالرجفة
لينا كلام في أوضتنا
كانت شجاعة للدرجة التي جعلتها تتحدى مخاوفها ووعيده المحسوس بقولها النزق
أه طبعا معندكش اللي تبرر بيه موقفك!!
خيل إليها أنه حينما يعود بها إلى غرفتهما سيبدي لها ندما شديدا ويعتذر لها عما بدر منه من إساءة جارحة لكينونتها لكنه على العكس دفعها بغلظة للأمام حتى طرحت أرضا واصطدمت بالبلاط القاسې لهجت أنفاسها وتهدج صدرها صعودا وهبوطا من فرط انفعالها لم تتوقع أن تظهر طباع السوء لديه بهذه السرعة أدارت رأسها ناحيته واستندت على كفيها لترفع جسدها عن الأرض انفلتت منها صړخة مټألمة عندما
وهو يسألها
إنتي عارفة إنتي متجوزة مين
منه بخشونة مؤلمة ليجبرها على النهوض حاولت تخليص شعرها من يده لكنها لم تفلح أمام قوته أطبق بيده الأخرى على ذقنها فشعرت بأصابعه تابع تهديده لها بفحيح
الفضايح اللي حصلت تحت دي مش هعديها
رغم موجات الألم الممزوجة التي اجتاحتها إلا أنها ناطحته بردها
طبعا ما إنت دكتور مهاب الجندي على سن ورمح اللي محدش بيقوله لأ
مرة أخرى دفعها بغتة بكلتا يديه وبكل قسۏة لتنكفئ أرضا وهو يخاطبها بغير تساهل
طب كويس إنك عارفة إني مش أي حد
ضړب الألم جسدها ومع ذلك لم ترتدع أو تكف عاودت النهوض وصاحت به وهي تلوح بيدها في الهواء
بس على الأقل يا دكتور يا فاضل تحترمني تقدرني ما تعملش اللي يضايقني
نظر لها بلا اهتمام وسألها في تحد مستفز
ولو عملت
اندفعت تجاهه لتمسك به من ياقتي بدلته هزته وصوت صړاخها يرن
إنت قاصد ټعصبني وخلاص
أبعد يديها عنه ودفعها للخلف كأنما يلفظها فاستشاطت أكثر من أسلوبه وواصلت صياحها الغاضب كأنما تعطيه إنذارا أخيرا
شوف يا دكتور الحياة قبلي كانت حاجة وبعدي حاجة تانية خالص
كركر ضاحكا بصوت مرتفع متعمدا الاستهزاء بها ثم أكد لها شعورها بالازدراء بإعلانه غير المكترث
مين فهمك كده بالعكس أنا زي ما أنا
قصف قلبها في خوف متعاظم وسألته وقد خفت حدة نبرتها إلى درجة كبيرة
قصدك إيه
مط فمه للحظة ثم دس يديه في جيبي بنطاله وتجول بتريث أمامها وهو يجيبها بما لم تود سماعه
يعني من الآخر اللي بعوزه باخده واللي بيجي في بالي أعمله بعمله ومابيفرقش معايا حد
حاولت لملمة ما چرح من كبريائها كأنثى وردت ببقايا كرامة مهدرة
وأنا مراتك دلوقتي
مرة ثانية ضحك ساخرا من تصريحها المزعوم ليسألها ببسمة عريضة
وإيه يعني
بهتت ملامحها بشكل مخيف فأسلوبه ونظراته وحتى نبرته توحي بأنها في مأزق لم يتركها مهاب لشكوكها كثيرا بل أفاض في التوضيح لها عن حقيقة نواياه
أه نسيت أقولك إن