الجمعة 13 ديسمبر 2024

وبقي منها حطام انثي بقلم منال سالم وياسمين عادل

انت في الصفحة 40 من 64 صفحات

موقع أيام نيوز


في حقه ..
ولم يفكر للحظة في كونها المجني عليها .. ضحېة كل شيء ..
تأخر الوقت نوعا ما وكان الطريق شبه خاويا من المارة والسيارات ..
فسارت هي على غير هدى باحثة عن طريق رئيسي لتتمكن فيه من الحصول على سيارة أجرة لتستقلها وتعود إلى منزلها ..
تذكرت أنها لم تحضر معها المال الكافي لتدفع الأجرة فزفرت في ضيق .. وأكملت سيرها.

مرت هي بشابين كانا
يقفان على قارعة الطريق ولكن لم يكونا في حالة طبيعة فقد بدى أنهما يتعطيان شيئا ما ..
لذا أسرعت في خطواتها وهي تمر من جوارهما ..
التقطت أذنيها إيحاءات جارحة مسيئة إليها فتشبثت بطرف حجابها وتسارعت خطواتها بإرتباك
شايف المزة دي !
قالها أحد الشابين بصوت مرتفع متعمدا أن يصل إلى مسامعها بينما أضاف الأخر بنبرة مخيفة 
طلقة !
تحرك الاثنين خلفها وحاولا اللحاق بها وتابع بصوت ثقيل 
ايه يا جميل مركبة موتور في رجليكي الحلوة دي ما تمشي كده تاتا تاتا
ارتجف جسدها بشدة وشعرت بالړعب من حديثه المنفر .. وأسرعت في خطواتها الراكضة ..
أضاف الأخر بصوت عالي 
ايوه بالظبط تاتا خطي العتبة يا مزة !
ثم قهقه كلاهما بصوت مرتفع أثار خۏفها واشمئزازها في نفس الوقت ..
هوى قلبها في قدميها من فرط الخۏف والقلق ..
قررت هي أن تسرع في خطواتها فبدت كالتي تركض هاربة من شيء ما ..
اقترب الشاب منها ومد يده ناحيتها وهو يقول بصوت غريب 
انتي خاېفة يا مزة ده احنا هانقول كلمتين في بؤ بعض !
ارتعش جسدها بفزع والتفتت برأسها لتنظر إليهما فوجدتهما يلحقان بهما فصاحت بصوت مرتجف 
احترم نفسك انت وهو معندكش اخوات بنات عيب كده
قهقه الشابان على كلماتها المذبذبة ورد عليها أحدهما 
لأ معنديش وأنا ناقص تربية وعاوز مزة زيك تربيني
سمع ثلاثتهم صوت مكابح سيارة قوي جعلهم يلتفون برؤوسهم نحوها ..
اتسعت حدقتي إيثار في صدمة حينما رأت سيارة دفع رباعي موديل جيب تقطع الطريق وزادت دهشتها حينما رأت مالك يترجل منها ليتجه نحو الشابين ويتشاجر معهما ..
تسمرت في مكانها مړعوپة وابتلعت ريقها في خوف بائن ..
تمكن هو من إبعادهما بعد أن هددهما وسبهما بألفاظ شنيعة تفاجئت هي من كون مالك يلفظها ..
أفاقت من دهشتها المرتعدة على صوته وهو يأمرها 
اركبي العربية
هزت رأسها نافية بصورة عفوية فصړخ بها بنبرة عڼيفة 
اسمعي الكلام واركبي ولا منتظرة حد تاني يمد ايده عليكي
ارتجف جسدها من كلماته ومن نظراته الحادة التي اخترقتها ..
اتجهت نحو سيارته وقبل أن تمد يدها لتفتح باب المقعد الخلفي وجدته يفتح لها الباب الأمامي فنظرت له بتوجس بينما أضاف قائلا بغلظة 
ريفان أعدة ورا في الكرسي بتاعها ومافيش مكان اتفضلي قدام
دققت النظر في المقعد الخلفي فوجدته مشغولا بالفعل بمقعد الأطفال وريفان غافية عليه ..
ضغطت على شفتيها المرتعشتين وركبت بحذر السيارة ..
أغلق الباب خلفها بهدوء ثم تحرك ليركب في مقعد القائد ..
التصقت إيثار بباب مقعدها وتحاشت النظر إليه ..
وزع مالك نظراته بينها وبين الطريق ولاحظ تلك الإرتعاشة الخفيفة التي تصيبها..
ظن أنها تفتعل هذا لتثير تعاطفه فرمقها بنظرات ساخطة ثم هتف متساءلا بقسۏة من بين أسنانه 
كنتي رايحة فين على كده 
ردت عليه بصوت خاڤت 
أنا .. أنا كنت راجعة البيت
مط شفتيه ليقول بسخرية 
ممم.. مروحة لجوزك تلاقيكي أصلا مش على باله !
لم تجبه .. بل حاولت ضبط انفعالاتها أمامه لا تريد إظهار ضعفها ولا حزنها كي لا يزيد من قسوته وتهكمه منها ..
أغاظه صمتها فتابع بجمود 
انتي رايحة فين عشان أوصلك ما هو أنا مش هاعرف بيتك بنفسي !
ردت عليه بصوت خاڤت وشبه مخټنق وهي محدقة في الطريق أمامها
أنا .. أنا رايحة عند بيت أهلي
هز رأسه بتهكم وأكمل قائلا 
أها .. سايبة عندهم ولادك زي أمهات اليومين دول ماهو أكيد جوزك مش هايكون فاضي يقعد بيهم ! تفكير عملي إنتي وهو تشتغلوا وأهلك يربوا عيالكم
أغمضت عينيها قهرا من كلماته الچارحة هي لم ترزق بعد بالأطفال والشيء الوحيد الذي كانت سيشعرها بأمومتها ضاع منها قبل أن تستمتع به بسبب عڼف طليقها معها ..
أدمعت عيناها وقاومت بصعوبة ذرفها أمامه
الټفت ناحيتها وحل عليه الذهول ..
أقسم لنفسه أنه رأى دمعة عالقة في أهدابها ..
دمعة أحدثت أثرا في نفسه وزلزلت كيانه فجأة ..
حالة من الوجوم سيطرت عليه حينما تأكدت شكوكه ورأها تنهمر من طرف عينها لتبلل وجنتها ...
مدت أناملها لتمسحها سريعا .. ثم همست بصوت شبه متحشرج 
أنا هانزل هنا احنا وصلنا خلاص
أوقف السيارة بهدوء فترجلت سريعا منها دون أن تشكره لمساعدتها وأسرعت في خطاها لتبتعد عنه ..
راقبها بنظرات مثبتة عليها لم تستطع عيناه أن تفارقها ..
شيء ما يجبره على التحديق بها ..
لمح طفل صغير يركض ناحيتها وهي تفتح ذراعيها لتتلقفه فظن أنه ابنها الصغير فزفر بضيق لمتابعته إياها وتخطيه لحدود التعامل الجاد بينهما ثم أشاح وجهه بعيدا واستدار بسيارته عائدا إلى فيلته ...
أنزلت إيثار الصغير ورحبت بوالدته التي كانت جارتهما في البناية القريبة ثم تبادلت معها حديثا سريعا وتركتها وصعدت إلى منزلها ..
......................................
تمددت روان على فراشها وحدقت في سقفية غرفتها وشردت تفكر فيما حدث مع عمرو في الحافلة ..
كان موقفه رجوليا مليئا بالشهامة والأصالة رأت نفسها تبتسم عفويا من شجاعته .. ثم سريعا نبهت نفسها بخطأ التفكير فيه دون داعي ..
أغمضت عينيها لتغفو وهي تشعر بشيء
غريب .. لكنه كان مريحا بدرجة كبيرة ..
.....................................
جاب مالك غرفته ذهابا وإيابا وهو يفكر فيما كان يمكن أن يحدث لإيثار ..
لم يجد أي تفسير منطقي لإندفاعه لنجدتها فورا حينما رأها في مأزق خطېر وشابين غير طبيعين يحاولان التحرش بها ..
فكرة أن يضع أحدهم يده عليها أصابته بالعصبية والڠضب ..
حاول السيطرة على نفسه .. وعاتب نفسه لتفكيره بها بتلك الطريقة ..
هي لم تعد لك لا تخصك أصبحت زوجة أحدهم هي خانتك كانت مخادعة طامحة وراء المال ..
أخذ يردد تلك الكلمات لنفسه ليقنعها بسوء نواياها ..
لكن أبى قلبه أن يصدق هذا .. 
تذكر تلك العبرة التي رأها ..
لم يتوهم هذا ..
لقد كانت تبكي وتخفي هذا ..
نفخ بحنق واتجه إلى غرفة صغيرته ليجلس إلى جوارها ..
كانت نائمة كالملاك فتحسس بشرتها برفق وانحنى ليقبلها من وجنتيها ..
ثم ضمھا إلى صدره وظل يهدهدها بحركات هادئة وهو يداعب أصابعها الصغيرة حتى غفا هو الأخر ..
........................................
مرت عدة أيام وإيثار تثبت يوما بعد يوم أنها ماهرة في عملها كمربية للصغيرة ريفان .. تشكل بينهما رابطا وثيقا وتعلقت بها الصغيرة كثيرا
كذلك لم تتخط حدودها في التعامل مع مالك وحافظت على وجود ذلك الحاجز بينهما وبالرغم من حصوله على رقم هاتفها إلا أنه لم يطلبها ولو لمرة واحدة واكتفى بإملاء أوامره عليها في حال غيابه عن طريق راوية ..
وذات يوم عاد مالك مبكرا من عمله فوجد الاثنتين تلعبان سويا في حديقة فيلته ..
راقبهما من على بعد ..
شعور غريب سيطر عليه حينما سمع ضحكات الاثنتين تعلوان بمرح وسعادة ..
خفق قلبه وتسارعت دقاته ..
رأى غمازتها التي عشقها يوما استشعر دفئا نابعا منها وهي تداعب صغيرته ..
تعلقت بها عيناه وأشرقتا من جديد وكأنهما كانت تحترقان شوقا لها فبات أسيرا لتلك الهالة المحيطة بها .. 
أسرع بإبعاد عيناه
عنها وجلس على المقعد المنزوي في جانب الحديقة دون أن ينبس بكلمة ..
لمحت طيفه إيثار فتبدلت ملامحها للإنزعاج .. وأولته ظهرها وكأنه غير موجود
هدأت الصغيرة بعد لعبها المتواصل واقتربت منها لتطلب تناول الطعام فابتسمت لها إيثار وأجلستها على حجرها وقامت بإطعامها بعاطفة صادقة ...
رن هاتفها برقم أخيها عمرو فأجابت على اتصاله قائلة بهدوء 
ايوه ! خير .. !
صمتت لتستمع إليه ثم أكمل بجدية 
طيب أنا جاية حاضر هنعدي عليه سوا ماشي هستناك هناك !
اصغى مالك لمكالمتها متعمدا وظن أنها تتحدث مع زوجها فتحول وجهه للعبوس وانطفأت نظراته وتبدلت للقتامة ..
أنزلت الصغيرة من عليها وأمسكت بكفها ثم اقتربت منه وأردفت قائلة بحذر 
ينفع أمشي بدري
نظر لها بإستعلاء وهو يسألها بإختصار 
ليه 
ارتبكت وهي ترى نظراته نحوها وأجابته بتلعثم 
آآ... عندي ظروف ومحتاجة أمشي الوقتي
اعتدل في جلسته ونظر لها بقوة وهو يردد بصوت صارم 
وريفان !!!
ردت عليه بخفوت 
هي أكلت وخدت شاور وشوية وهايجي ميعاد نومها
نظر في ساعته وتابع بصوت غليظ 
بس لسه بدري
استشعرت من حديثه أنه على وشك رفض طلبها فهتفت قائلة بجدية 
حضرتك تقدر تخصم الوقت اللي هامشيه من مرتبي !
نظر لها شزرا وهتف بصوت يحمل الإهانة 
امشي ! هاتي البنت !
نظرت له بضيق وردت عليه بصوت مقتضب 
اتفضل !
أخذ منها الصغيرة ورفعها عن الأرضية العشبية لتجلس على حجره ثم أشار لها بكفه لتمشي ..
تحركت مبتعدة عنه وعلقت حقيبتها على كتفها ثم سارت مسرعة نحو الخارج ...
نظر مالك لابنته بحنو ثم تمتم لها بخفوت 
ايه رأيك لو نروح نقضي اليوم عند عمتو 
تهض حاملا إياها بين ذراعيه ..
....................................
صف مالك سيارته على مقربة من بنايته القديمة حل حزام الأمان خاصته وأوقف محركها ثم شيئا إلهيا دفعه للنظر أمامه فحدق في المدخل بإندهاش ..
لقد كانت إيثار ..
اتسعت عيناه قليلا .. 
لم ير وجهها بل لمحها من ظهرها وهي تسير إلى جوار أخيها وأمامهما رجل غريب ..
ظن أن هذا هو زوجها فحل العبوس على وجهه وانقبض قلبه إلى حد ما ونفخ بحنق ..
لم يعرف لماذا أصابه كل هذا الضيق حينما رأها معه .. هو يعلم أنه أغلق باب كل ما يتعلق بالحب ...
أخذ نفسا عميقا وزفره ببطء ليستعيد هدوء نفسه ثم اندفع خارج السيارة وفتح الباب الخلفي ليحمل صغيرته ..
تباطيء في خطواته حتى يضمن صعود ثلاثتهم فلا يلتقي بهم .....................................
رحبت ميسرة بإبن أخيها ترحيبا شديدا وعاتبته وهي تقبله من وجنتيه 
بقى كده يا مالك تنسى عمتك وجوز عمتك نهون عليك
رد عليها بهدوء وهو يحتضنها 
لا والله ده انتو مكانكم في القلب !
سألته ميسرة بإستفهام وهي تطالعه بنظراتها الحنونة 
أومال مابتجيش ليه زي الأول 
أجابها بتنهيدة إنهاك وهو يرسم ابتسامة مصطنعة على ثغره 
مشاغل يا عمتو !
ثم عقد ما بين حاجبيه ليتابع بضجر 
وبعدين انتو مش عاوزين تيجوا تعيشوا معايا في الفيلا !
رد عليه زوج عمته قائلا بصوت جاد 
لا يا بني
ده بيتنا ومش معقول بعد العمر ده كله نسيبه ونروح نقعد في مكان تاني !
الټفت مالك نحوه وهتف برجاء 
يا عمي ده الفيلا متوضبة وواسعة وآآ..
قاطعه إبراهيم بنبرة عنيدة 
احنا مرتاحين هنا !
وضعت ميسرة كفها على كتف مالك وابتسمت له
 

39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 64 صفحات