سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
عاصم معايا في الفريق أنت طويل أوي وبتكسبني هو هيساعدني أكسبك
نظر إليها واحبطها عندما قال بجدية شديدة
عاصم مش هيوافق
أمسكت بيد عاصم ورفعت رأسها تنظر إليه نظرة طفولية بريئة تتودد إليه بها كالقطة وهتفت بصوت رقيق
لأ هيوافق إحنا صحاب مش كده
حملها عاصم فجأة بين يده يرفعها للأعلى قائلا بصوت عالي
آه طبعا صحاب وهرفعك علشان تكسبيه
أهو يا بابا جبل
أمسك جبل بالكرة وأقترب قائلا بابتسامة
ماشي بس من غير غش
أومأت إليه برأسها
ماشي
ألقى الكرة مرة والأخرى وهي لا تستطيع أن تتابع رميته لها فصاحت بعصبية غاضبة منه
ايه ده أنت اللي بتغش كده
رآها جبل وأبصر نظرتها له مع صوتها الذي حاولت جعله غاضبا فلم يتمالك نفسه هو و عاصم يسألها بمرح
قالت
بتذمر وضيق
بترفع نفسك أوي وترمي الكرة
أجابها مبتسما
كل واحد وشطارته أنتي مش عارفه تصدي
اعترضت قائلة بانزعاج وهي تطلب من عاصم أن يتركها
لأ ده غش مش هلعب نزلني يا عاصم
تركها تهبط إلى الأرضية فأبتعدت عنهم ذهب جبل خلفها يناديها
استني بس غش ايه تعالي
لم تجيبه فأمسك بيدها وهبط إلى الأرضية ليكون في مستواها محاولا التحدث معها
وقف معها قليلا يتهامسون سويا يبدو أنه استطاع أن يجعلها تسعد أكثر من السابق ينسيها ما حدث منذ قليل عندما عانقته بقوة وابتسمت بسعادة
منذ لحظات و إسراء تقف جوار زينة في الشرفة تتابع ما كان يحدث تنظر إليهم بعيون تشع بالحب والشوق
عيناها تتابع ذلك الشاب فارع الطول الذي يبتلعها كلما وقفت أمامه مشاعرها تجاهه أصبحت متخبطة أكثر وأكثر ففي الآونة الأخيرة بدأت تفهم أشياء تحاول أن تكذبها بخصوص مشاعرها تجاهه
ينظر إليها وقد كان هو الآخر يحاكيها بعينيه يهتف إليها بمنتهى الشوق واللوعة يقول متى اللقاء والاعتراف بالعشق المكنون داخل قلبيهما
سمائها أزهرت باللون الأزرق المخالط الأبيض ووجدت السحاب تتموج بها كموج البحر وعينيها الزرقاء تماثلها تتشابه معها تدق الطبول في القلب معبرة عن قدوم حياة أخرى جميلة ستنعم فيها بالغرام ولهفة الاشتياق
أعادت النظر إليه وإليها مرة بعد الأخرى ولم تفهم ما الذي يحدث بينهم تبتسم بهدوء وخجل وهو ينظر إليها بقوة غير خجل مما يفعله مغيبين عن الواقع تماما هم الاثنين
نغزتها في ذراعها فجأة تنظر إليها بعبث فصاحت الأخرى خجلة
سرحت
أردفت زينة بقوة وحزم قائلة
أبعدي عن أي حد هنا فاهمه ملكيش دعوة بحد يا إسراء لا في القصر ولا الجزيرة دي
أومأت إليها الأخرى برأسها بهدوء ثم تركتها ودلفت إلى الداخل
تابعت زينة جبل الذي يحمل ابنة شقيقه يتسامر معها في الحديث بهدوء وابتسامة وهي تماثله وعقلها مازال يعمل في كل إتجاه وطوال الوقت يفكر في كثير من الأمور إلى أن قاربت على الجنون
أرسلت السيدة ليالي مرسال إلى جبل العامري بما حدث بينها وبين زوجة ولدها ووالدتها فحدد موعد للجلوس في
جلسة عرفية يحكم فيها بينهم بعد أن يقص عليه كل منهم ما حدث وقد حان وقتها
استمع إلى الطرفين والذي لم يتجرأ أحد منهم على الكذب فنظر إليهم بهدوء وجدية فأضافت السيدة ليالي
اللي خلاها تمشي يا جبل بيه وأنا طالعه سطح بيتي عديت على شقتها الباب كان مفتوح تو ما شافتني راحت قفلاه في وشي بآخر ما فيها كل اللي قولته أنا حسبي الله ونعم الوكيل العيب مش عليكي العيب على اللي قانيكي
أكملت بعد أن أزالت بوشاحها دمعة خائڼة هبطت على وجنتها
أنا قولت كده من غلبي يا جبل بيه من غلبي دي داري داري أنا ويتعمل فيا كده أنا اللي كبرت وعلمت وجوزت وفي الآخر يتعمل معايا كده من عيله
لم تتجرأ الأخرى على الكذب قالت كل ما فعلته منذ البداية هي ووالدتها فظهر كوضوح الشمس من الظالم ومن المظلوم
نظر إليها بجدية شديدة وأردف بحزم قائلا
امسحي دموعك يا حجة ليالي أنتي قولتي أنها دارك واللي هيقعد فيها اللي أنتي هتطلبيه أما دلوقتي كل واحد لازم يتحاسب
أشارت له بيدها ترفض حديثه بطيبة قلب قائلة
لا يا جبل بيه أنا مسامحة في حقي دي مهما كانت أم عيال ابني أنا مسامحة
سألها بعقلانية ونظرته نحوها حنونه مشعة بالحب لامرأة عجوز أكل من عمرها الشيب والسنوات
ايه اللي يرضيكي
أشارت بأصابع يدها الأربعة أن تبتعد عنها وهي تقول بحړقة
جوزها مسافر تمشي تقعد عند أهلها
أبعد بصرة إلى الأخرى قائلا بصرامة وقوة
قومي يا فتحية بوسي راس الحجة ليالي ووطي كمان على رجلها بوسيها
وقفت على قدميها وأقتربت منها على مضض ولكنها لا تجرأ على الاعتراض فهذا أمر من جبل العامري كادت أن تنخفض لتقبل قدمها ولكن الأخرى ابتعدت قائلة برفض
لا متبوسيش رجلي أبعدي
وقفت مستقيمة تود لو ټخنقها بيدها تراها تتمسكن أمام كبيرهم
نظر إلى والدتها وأشار إليها بقسۏة وهو يعلم أنها سيدة تأكل من يقابلها
قومي يا أم فتحية بوسي راس الحجة ليالي وحقوا نفسكم ليها
أردفت فتحية بجدية تنفذ أمره
حقك عليا يما أنا غلطانه
ومن خلفها والدتها الذي تحدثت ببغض قائلة
حقك عليا يا حجة ليالي مصارين البطن بتتعارك ياختي
تابعها جبل وتفوه بالكلمات بجدية تامة لا تسمح بعدها بالنقاش يملي عليها ما الذي ستفعله
جوزك النطع ده يدورلك على بيت بره تسكني فيه متقعديش عند اهلك معاكي مهلة يومين اتنين بس وعفشك يطلع من عند الحجة ليالي خلينا نشوف هيصرف عليكي وعلى ايجار البيت إزاي ولما يتعلم يحترم أمه يجيلي
تحولت ملامحها إلى أخرى منزعجة وقالت بضيق
بس يا جبل بيه أنت عارف البير وغطاه
صړخ بها بقسۏة وعڼف
يبقى كنتي تحترمي نفسك
نظر إلى والدها وشقيقيها الشابان هتف بغلظة وشدة مهددا إياهم
المرة دي أنا مش هعمل حاجه علشان خاطر الحجة
ليالي إنما المرة الجاية انتوا عارفين اللي هيحصل ربي مراتك وبنتك وإلا هربيهم أنا
أومأ إليه والدها يجيب بتأكيد على حديثه لأنه يعلم أن هذا ليس ټهديد فقط بل واجب الفعل مع وقف التنفيذ
حاضر يا جبل بيه حاضر
أكمل بنفس الغلظة التي تحدث بها
بكرة الصبح الكل عند دار الحجة ليالي تحقوا نفسكم ليها قدام الكل زي ما بهدلتوها قدام الكل
مرة أخرى يؤكد حديثه پخوف راهبا ما يستطيع فعله بهم
ماشي كلامك يا جبل بيه
أشار إليهم بيده ليبتعدوا عن هنا قائلا بصرامة
أمشوا
صړخ على أحد الحراس الذي فتح البوابة ليتقدم منه فقال بجدية
مسعود وصل الحجة ليالي لحد دارها
أبتعدت عنه المرأة وهي تصيح بصوت عال تردد بالدعاء إليه
ربنا يخليك يا جبل بيه يا ناصر الغلابة ربنا يديك الصحة ويرزقك بالذرية الصالحة
وقف عند آخر دعوة قالتها هل سيأتي
يوم من الأيام ويكن له طفل من صلبه يحمل اسمه يكن ولده يربيه كما يشاء على الخير والحب!
لم يأتي على خلده أحد سواها فرفع بصره للأعلى لأنه كان يعلم أنها تقف تطلع إليه وتراه وهو يتحدث معهم تستمع إلى مشكلات أهل الجزيرة كما كل مرة
توترت للغاية عندما تقابلت أعينهم وأدركت بما يفكر أطال النظر إليها ودون دراية منها استمرت بالنظر إلى عيناه كما يفعل يحدث نفسه بأن هناك شيء غريب يحدث له لما فكر بها هي عندما أراد الإجابة على سؤاله
ولما هي تابعت النظر إليه هكذا بهذا الشغف وكأنها تحبه
في الأساس هي تقف تفكر أهذا هو الشړ أو الخير!
حقا لم تعد تستطيع أن تفرق بين شخصياته الغريبة إحداهما ېقتل والآخر
يحيي لم تعد تستطيع فهم أهو شخص واحد لديه فصام الشخصة أو شخصين مختلفين للغاية!
بعد مرور يومين
دلف إلى الشرفة ليقف جوارها نظر إليها بهدوء وتساءل
بتعملي ايه
سخرت منه تنظر إلى البعيد قائلة بتهكم
بشم هوا أصل هوا الاوضه يخنق
ابتسم باتساع فهو يفهم أنها تقصده فتابع في اغاظتها قائلا
ماشي شمي هوا براحتك
أردفت بجدية واستدارت تنظر إليه
أنا عايزة اروح الصيدلية اشتري كام حاجه ده لو عندكم صيدلية هنا
أجابها يهتف مؤكدا لأنها تسخر من الجزيرة وما بها
عندنا كل حاجة هنا اكتبي اللي عايزاه في ورقة وهيجيلك لحد عندك
رفضت قائلة
بسماجة
لأ دي حاجات خاصة بحب اجبها بنفسي
خرجت ضحكاته من فمه عندما وجدها تريد أن تذهب هي فقال بسخرية
اوعي يكون سم
ثم أكمل بيقين متأكدا
مع إني عارف إنك مش هتعمليها تاني
كرمشت ملامح وجهها ببغض وڠضب تنظر إليه
لأ اطمن مش هعملها فكرت في كلامك
مرة أخرى أردفت تطلب منه
أنا عايزة موبايلي وموبايل إسراء وتابلت وعد
أومأ إليها برأسه يوافق على ما أرادت ولكنه قال بجدية شديدة وخشونة
ماشي هديكي الأمان يا غزال بس متحاوليش تغدري
صاحت بوجهه بعصبية وڠضب
أنا عمري ما كنت غدارة أظن إحنا عارفين مين فينا الغدار
أومأ إليها يقول
عارف
دي نموسة
على أثر ضړبتها له أبتعد وجهه قليلا أحمرت عيناه من الڠضب لأجل تطاولها عليه وما كاد إلا أن يفعل بها ما لم تتخيله إلا أنه رصد شيء بعينيه حمد الله في لحظتها أنها فعلت ذلك
لم يعطي لنفسه الفرصة في التفكير بل أمسك بها يستدير بسرعة كبيرة جاعلا نفسه هو أمام سور الشرفة وهي تختبئ بجسده وصړخ عاليا بصوت جهوري يهتف بإسم عاصم استمع إليه كل من داخل القصر
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل التاسع
ندا حسن
سارت
مټخافيش
قالها بصوت حان رقيق لأول مرة يخرج من بين شفتيه لها وهو ينظر داخل عينيها
السوداء
نظرت
إلى ذراعه الذي ېنزف عليها وتفوهت بقلق بالغ ظهر في نبرتها الخاڤتة
أنت پتنزف
أغمض عينيه پألم وأجابها بإيجاز
بسيطة
وضعت يدها على جسده لأول مرة أمامه دون خوف تلمسه بكل أريحية ولم تشعر بأن هذا خطأ بل شعرت أنه من الواجب عليها مساعدته لأنه زوجها
طيب قوم
وقف ببطء يبتعد عنها فسحبها منها
لتقف على قدميها أمامه تعدل من ملابسها وخصلاتها الثائرة
وقفت تنظر إليه بعيون لا تفهم ما مضمون حديث لمساته وهمساته تتسائل إن كان حنون أو غليظ القلب ليس به رحمة كما قال
هي امرأة متحيرة بين هذا وذاك لأنها رأت قسۏة قلبه وعنفوان أفعاله الذي أشتد بها عليها ورأت رحمة أحكامه وحنان نظراته لأي شخص بات مظلوم غيرها
تابع النظر إليها يتوه
ابتعدت عنها تتقدم منه في الداخل پذعر وخشية من أن يكون أصاب ولدها مكروه وهو وحيد عمرها ومن تبقى لها
ابني جبل
أومأ إليها برأسه ينظر إليها بحنان يبعث إليها الأمان والاطمئنان من نظرات عينيه
أنا بخير يما مټخافيش جات سليمة
رأت زينة نظرته لوالدته ونبرته الحنونة الخاڤتة المنبعثة لها ودت لو كانت هذه النظرة والكلمات الرقيقة إليها فقط ليجعل قلبها يطمئن
اعترضت في دراعي
دلفت إليهم مرة أخرى وتقدمت إليه بقطعة من القماش تهتف برفق
اربط ايدك بدي علشان الڼزيف لحد ما نروح الوحدة
أخذها من يدها وحاول لفها باليد الأخرى
فلم يستطع أقتربت منه هي واخذتها منه مرة أخرى تقوم بلفها على ذراعه وربطها بأحكام تحت