الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة بقلم ميرا كريم (كاملة )

انت في الصفحة 24 من 104 صفحات

موقع أيام نيوز

كبيرة وصغيرة ببلغك بيها انا لحم كتافي من خيرك
قالها مسعد بنبرة مسالمة وصدق بالغ لامسه يامن ليتركه ويقول بنفاذ صبر
خلاص ابعد دلوقتى من وشي......
أومأ له مسعد وانصرف بينما هو ظل يدور حول ذاته لثوان معدودة قبل أن يتذكر شيء بعيد احتاط هو له وكم تمنى أن لا يكون بمحله ولكن ها هو يتفقد تسجيلات كاميرات المراقبة التي وضعها بتكتم تام بعد واقعة أختفاء المفتاح الخاص بالباب الخلفي للمنزل وكم كان يطمح أنها تكون مجرد ظنون واهية لا أساس لها من الصحة ولكن كيف وهو يرى صورتها تحتل الشاشة وهي تتسلل منه للخارج توقف الزمن به يحاول أن يستوعب الأمر لدقائق مرت عليه دهرا من الخذلان وحينها كان حقا بحالة

هياج لا مثيل له ولم يشعر بذاته غير وقدميه تأخذه لسيارتها الحمراء ينظر لها بغيظ شديد ودون أي مقدمات او لحظة تفكير واحدة كان يسحب تلك الآلة الحادة من جانب بوابة البيت وينهل عليها بضربات قوية حطمت أجزائها إلى أشلاء وهشمت زجاجها إلى شظايا وكأنه فعل ذلك كي ينفث عن غضبه بها عوضا عنها لترتجف هي أكثر وتضع يدها على أذنها عندما وصلها الضجيج الذي أحدثه وتيقنها لفعلته وتستسلم لنوبة بكائها من جديد وهي تكاد ټموت بجلدها
تمددت بجانب أطفالها ودثرتهم وټشتم رائحتهم ودمعاتها قد أبت الصمود أكثر وهطلت كي تفضح هشاشتها وضعفها فهم اغلى شيء على قلبها وقطعة من روحها ولن تستطيع أن تبتعد عنهم دقيقة واحدة رغم أنها ادعت عكس ذلك منذ قليل أمامه ولكنها لم تود أن تجعله يبتز غريزة الأمومة داخلها ولذلك كان لابد من التحلي بالثبات أمامه كي لا يستغل الأمر ويتخذها كنقطة لضعفها فحديثه المقيت مازال يتردد صداه بداخل عقلها عقلها الذي لأول مرة يثور منذ سنوات بشيء يخصه و يداهمها لتوه بالحقائق عندما تساءلت هل حقا سيفعل ما استشعرته من نبرته المحذرة ويحرمها من أطفالها
أجابها عقلها بمنطقية بحتة
ولم لا بعد كل ما صدر منه فقد خذلك واختزل سنوات عمرك التي كرستها له هباء يعلم الله انك لم تقصري معه بشيء وكنت تبذلين كل ما بوسعك من اجل ارضائه انا لا اخبرك أنك كاملة فالكمال لله وحده فأنت تعلمين انك منقوصة بالنسبة له ولكن لم يا ترى لم يحاول إكمال ذلك النقص بك لم لم يتحمل ويتقبلك مثلما تفعلي أنت هو حتى لم يكلف ذاته عناء المبادرة بل فضل أن يبدلك بأخرى فتبا له ولسخطه و أنانيته لا تستسلمي وسايريه للنهاية ولكن بعد أن تشيدي حصن قوي تحتمي به أنت وأطفالك أيظنك ساذجة وستتقبلين الهزيمة وخسارة كل شيء لا أنت قوية وأنا واثق بقدراتك على التحمل لا تيأسي افاقت من خطاب عقلها وهي تؤيده بشدة قائلة بوعيد وبإصرار لا مثيل له
وحياة ولادي اللي معنديش في الدنيا اغلى منهم لهدفعك التمن غالي اوي 
إذا هو من أنشب الحړب فليتحمل فداحة خسائرها فحقا كانت تريد أن تحيا بلا منازعات تنغص صفو حياتها ولذلك كانت تتهاون وتتنازل عن أبسط حقوقها ولكن هو لم يقدر ذلك بل اتخذه كحق مشروع له وسخط عليها وأصبح يبرئ كافة خطاياه بحقها.
مثله كمثل بعض الرجال يتحدثون عن ما شرعه الله بحقهم وهم بالأساس جاهلون بتعاليم دينهم و واجباتهم حتى فرائضهم يقصرون بها فحقا عجبا لكم معشر الرجال تحللون ما يستهويكم فقط...
طااااااارق
صدر صوت أبيه صارخا به بقوة اجفلته وجعلته يستدير يرد عليه في طاعة
نعم يا بابا
بتتسحب زي الحرامية ليه وبتهرب فكرك اللي حصل ده هعدهولك
قالها ابيه بنبرة قوية صارمة تخص رجل سياسي مخضرم قوي الشكيمة مما جعل طارق قائلا في تبرير
بابا محصلش حاجة انا كنت سهران مع صحابي و...
قاطعه
ابيه بصرامة
سهران مع صحابك ولا مع بنت عادل الراوي
أبتلع طارق ريقه بتوتر وأجاب أبيه
نادين من ضمن أصحابي وكانت معانا
صڤعة قوية كانت رد أبيه الرادع له وتلاها صراخه به
انت فاكرني نايم على وداني يا ولد انا كل كبيرة وصغيرة بتجيلى وانا قاعد في مكتبي
فكرك أنا معرفش بعلاقتك بيها ولا بالشقة اللي واخدها جنب بيتها مخصوص علشانها
أغمض طارق عينه بقوة التي انطبع عليها أصابع ابيه بالأحمر القاني وقال مبررا
الموضوع مش زي ما حضرتك فاهم انا بحبها يا بابا
زمجر أبيه پغضب وهدر بصرامة شديدة
أنت اټجننت بتحب واحدة متجوزة أنت يظهر أن السنين اللي عشتها مع امك بره نسيتك ازاي تبقى راجل وتحترم أن احنا في مجتمع شرقي له عاداته وتقاليده ودينا اللي
بيحرم دا
تحمحم طارق قائلا
منستش يا بابا ومش ذنبي ان كل واحد فيكم عايش في مكان ومشتتني معاكم وبعدين أطمن هي هتطلق علشان مش بتحبه وابوها اللي كان فرضه عليها قبل ما ېموت
طالعه أبيه بنظرة صقرية نافذة ثم قال بجدية شديدة
انت عارف لو كان الخبر ده انتشر واتسرب للإعلام كان هيحصل إيه
تخيل كده عناوين الأخبار اللي كانت هتنتشر وهتمس سمعتي ومركزي السياسي الحساس
حاول أن يبرر من جديد ولكن أبيه أخرسه قائلا بصرامة و بقرار قاطع كحد السکين
طول ما هي على ذمة راجل تاني يبقى تبعد عنها نهائي وتحط في اعتبارك لو محصلش هرجعك تعيش مع امك انا زهقت من مشاكلك و فضايحك اللي ملهاش اخر
حاول طارق أن يجعله يعدل عن قراره فهو يفرض عليه الأبتعاد عنها وهو حقا لا يود ذلك مطلقا
بس يا بابا انا
من غير بس ده أمر مش بخيرك
وبحذرك متغلطش علشان متشوفش مني تصرف تاني مش هيعجبك ابدا
قاطعه ابيه بنبرة قوية صارمة جعلته ينكس رأسه دليل على طاعته الجبرية قبل أن يغادر إلى غرفة مكتبه تاركه يهوى على أحد المقاعد يفكر كيف سيتمكن من التخلص من ذلك ال

يامن في أقرب وقت كي يحظى و حينها سيحاول جاهدا إقناع أبيه بشأنها مهما كلفه الأمر . 
صباح يوم جديد يخبئ بين طياته الكثير 
فقد كانت هي جالسة على طاولة الطعام وبسمات هادئة ترتسم على ثغرها كل حين وآخر كلما تذكرت فحقا أعادها ذلك اليوم إلى طفولتها التي لم تحظ بها أي اهتمام فقد استمتعت كثيرا برفقته وبرفقة الصغيرة فكل شيء حينها كان مميز كثيرا توردت وجنتها خجلا عندما أتت ومضة أمام عيناها تذكرها حين كانت تصرخ بهلع وتحتمي به وكأنه هو درع أمانها الوحيد.
لاتعلم متى أكتسب ثقتها لذلك الحد ولكن تقسم أنها رجل لذلك الحد سوى أبيها والغريب بلأمر أنها شعرت أنها في موقعها الصحيح بل ايضا شعرت بالكمال لأول مرة منذ زمن بعيد فلا تنكر أنه يؤثر بها ويمتلك منطق غريب يثير فضولها فكل شيء معه يكون مختلف مميز لحد كبير وبرغم أن الوضع يظهر مربك لها ولكنها لم تشعربذلك بل تجد ذاتها على سجيتها وتتصرف بتلقائية بحتة وكأن صداقتهم منذ قديم الأزل نعم صداقةذلك المسمى البديهي لتقاربهم ولكن لم يستنكر قلبها تلك الفكرة حين ترددت صوت ضحكته الخشنة المفعمة بالرجولة داخل رأسها الآن و دغدغت مشاعرها وجعلت ابتسامتها الهائمة تتسع دون دراية بتلك التي تترصدها وهدرت متسائلة
خير يا ميرال مالك
أخرجها من شرودها صوت دعاء الساخر بعدما انضمت لتوها لطاولة الطعام تنهدت هي واستندت على ظهر مقعدها وأجابتها
عادي يا دعاء انا كويسة
اعتلى جانب فم دعاء ساخرا وهدرت بتطفل كعادتها متقمصة دور الأم المهتمة الذي لا يناسبها بالمرة
كويسة ازاي وأنت كل ساعة بحال ده غير أنك مسهمة وبتضحكي من غير سبب بجد حالتك بقت صعبة و ميتسكتش عليها انا معرفش ليه رافضة فاضل يعرضك على دكتور نفسي
زفرت ميرال حانقة وردت بإندفاع وهي تهب واقفة تنوي المغادرة
انا مش مچنونة علشان اتعالج ومش مضطرة أدخل معاك في جدال يضايقني ويغير مودي وياريت ملكيش دعوة بيا...
تنهدت دعاء بضجر من طريقتها وإن كادت تتحدث مرة أخرى تدخل فاضل الذي أنضم لهم لتوه
متعصبة ليه بس يا حبيبتي
تنهدت ميرالبعمق وهي تنظر ل زوجة أبيها وقالت
اسأل مراتك يا بابي كل ده علشان لقتني سرحانة شوية بتقولي لازم تتعالجي
اعتلى حاجب دعاء ودافعت عن ذاتها قائلة
انا مكنش قصدي اللي هي فهمته انا كنت عايزة اطمن عليها وأعرفها مصلحتها
زفر فاضل بقوة ورشق دعاء معاتبا
فطالما طلب منها أن تدعها وشأنها ولا تضغط عليها ولكن هي بادلته نظراته بأخرى ذات مغزى جعلته يتحدث ولكن موجه حديثه لأبنته
دعاء بتحبك وعايزة مصلحتك زي بالظبط ويمكن شايفة يا بنتي أن ده حل مناسب
رغم أنها تعلم مكانتها بقلب أبيها وتشعر بحنوه عليها إلا أنها تعلم ايضا أن زوجته تملك سلطة عليه ولطالما كان ينحاز لها ويبرر تدخلها المقيت بحياتها كونه خوف يصب في مصلحتها وحقا هي سئمت كل شيء لذلك تأففت بنفاذ صبر
يووووه كفاية بقى انا مش مچنونة...مش
مچنونة وكفاية تضغطوا على اعصابي
حاول أبيها منعها ولكنها لم تستمع له بل حقيبتها وركضت نحو الخارج وهي تشعر أن ضجيج رأسها يعود من جديد.
كان يقف هو ينتظرها ككل يوم ولكن اليوم كان لرؤيتها على غير عادته فمنذ أمس لم تغب عن تفكيره لحظة واحدة حتى انه لم يبالي بمنطقه الذي يحثه على عدم التورط بها و دون ارادة منه وجد ذاته لا يود أن يفكر في مسمى أخر لم يحدث بينهم واخذ يقنع ذاته أن شهامته فقط ووعده لها هم السبب بتلك المشاعر المتضاربة التي تجتاحه نحوها تنهد بعمق وببسمة هادئة وهو يلمحها من بعيد تهرول نحوه ولكن عندما لاحظ هيئتها شعر أنها ليست على ما يرام ولذلك خبت بسمته
تدريجيا وقبل أن يسألها مابها كانت تصعد إلى السيارة وتجلس بالمقعد بجانبه وتقول بنبرة استشف الحزن بين طياتها
اطلع بالعربية لو سمحت
أومأ لها بطاعة وحاول جاهدا أن يكبح فضوله اللعېن نحوها غافل أن ذلك الفضول سيكون سبب نكبته.
وها هي بعد بعض الوقت شاردة تستند على مقدمة السيارة في ذلك المكان النائي على تلك الهضبة الشاهقة التي كلما ضاقت بها السبل تأتي إليها فبعد مغادرته معها طلبت منه أن يوصلها لهنا وظلت هائمة بعيد في عالم آخر لا تعبئ أن فضوله يكاد يفتك به ليعلم ما بها والعديد من الأفكار السوداوية تداهمه وعندما يأس من صمتها قرر أن يكبح فضوله وتساءل بنبرة صدرت مهتمة للغاية وهو 
هتفضلي ساكتة كده كتير
تنهدت ولم تجيبه ليتنهد بنفاذ صبر ويتمهل بضع ثوان ثم يقول بنبرة هادئة وهو يركز نظراته على تلك الإطلالة الرائعة التي تكشف البلد من عليائها
مش عايز اضايقك ولا قصدي اتطفل عليك ...بس لو أنت حابة تفضفضي معنديش مانع اسمعك وللنهاية
لم تجيبه أيضا بل كانت تتنهد تنهيدات مثقلة وتغمض عيناها وكأنها بعالم موازي ولا تكترث غير لنسمات
23  24  25 

انت في الصفحة 24 من 104 صفحات