رواية خطايا بريئة بقلم ميرا كريم (كاملة )
الهواء التي تداعب وجهها وجعلته دون أي قصد يهيم
بها وبتلك الخصلات التي تتراقص مع الهواء وتراقص قلبه معها بسنفونية غريبة غير منطقية بالمرة بالنسبة له
لعڼ غبائه حين أطال النظر لها ثم ازاح برأسه بعيدا كي ينفض تلك الهواجس التي يستحيل تحقيقها وإن كاد ينسحب لداخل السيارة ويتركها لخلوتها همست هي پضياع
هو انا مچنونة يا محمد
لأ أنت مش مچنونة يا ميرال
أمال ليه دعاء شايفة كده وبتخلي بابي يضغط عليا علشان اروح لدكتور نفسي
قالتها بنبرة متخاذلة وبعيون حزينة جعلته يتنهد بعمق ويجيبها بعقلانية شديدة
أنت مش مچنونة ومش كل اللي بيروحو لدكاترة نفسيين مجانين...كل الحكاية أنك محتاجة حد يساعدك تفهمي نفسك و ترتبي أفكارك ويغير نظرتك السطحية للأمور
مش محتاجة حد يقولي إني فاشلة ومستهترة وبغلط كتير انا عارفة ده كويس ومتأكدة إني مستهلش أن حد يحبني ولا
جملتها الأخيرة زلزلت قاع قلبه وجعلته دون أي مقدمات يصرح بتلقائية وهو يطالعها ببندقيتاه التي تفيض بالاهتمام
بس دي مش حقيقة أنت تتحبي واللي ميعرفش يحب ولا زيك يبقى مشكلته هو لأنه أكيد مبيعرفش يميز
وعلى فكرة بقى كلنا بنغلط مفيش حد معصوم من الخطأ وطالما اعترفتي بأخطائك وبعيوبك ومخبتهاش أو نكرتيها يبقى دي بداية طريق التغيير
حاولي متفكريش في كلامهم عنك ولا رأيهم فيك خليك انت اللي رقيبة لنفسك وقبل ده كله لازم ترمي كل حاجة وراك ومتفكريش غير في اللي جاي ومستقبلك وعلشان ده يحصل لازم تتصالحي مع ميرال وتحبيها لأنها فعلا تتحب
انت ازاي كده
عقد حاجبيه بعدم فهم لتستأنف هي دون أن تعير أنه أصبح على المحاك
كل حاجة معاك بتبقى بسيطة وسهلة وليها ألف حل أنا ببقى مبهوره بتحليلك للمواقف الصعبة اللي بمر بيها وبصراحة رغم أن ليك منطق غريب بحاول استوعبه معظم الوقت لكن بحس براحة أغرب لما بكون معاك
كملي يا ميرال
زحفت حمرة طفيفة على وجهها وهي تطالع بندقيتاه والاهتمام الذي ينضح بها واستأنفت
أنا عمري ما وثقت فحد بالسرعة دي بس مواقفك معايا أثبتتلي أنك راجل بجد وانك جدير بالثقة دي وبجد انا بحمد ربنا أنك في حياتي يا محمد
يكبح تلك الهواجس برأسه.
لاحظت شروده وهمست بترقب
محمد سكت ليه
عندما همست باسمه بتلك الطريقة أغمض عينه بقوة يجاهد كي يصمد ولا يتخلى عن عقلانيته وإن استعاد رباط جأشه قليلا ابتسم ببهوت وتسأل كي يغير مجرى الحديث الذي يتخطى حدود منطقه
يعني أفهم من كده اني عرفت أقنعك
أومأت له بنعم ثم أجابته بنبرة مترددة بعض الشيء
اقتنعت بس عايزة اطلب منك طلب قبليها
هز رأسه بترحاب لتستأنف أطراف أنامله المسنودة على مقدمة السيارة وتقول وفيروز عيناها يلمع بنظرة راجية
اوعدني أنك متبعدش عني يا محمد مهما حصل
انتفضت دواخله من وعجز عن الرد امام رجاءها فما كان منه غير أن يومأ لها وعيناه تغوص ببحر عيناها وكأنه مسلوب الإرادة
محدش بيهرب من قدره يا ميرال
ابتسمت بارتياح رغم حديثه الذي لم تفهم المغزى منه ونظرت بنظرة حالمة بها
بصيص من التفائل والأمل وشيء ما هناك يؤكد لها أن ذلك المصطلح الذي أطلقته على تقاربهم لا يليق ابدا على تلك المشاعر التي تأكدت انها تكنها له.
أما عن صاحب القلب الثائر الذي خذلته تلك المتمردة فقد جافاه النوم وظل على وضعيته تلك حتى ساعات الصباح الأولى يجلس على حافة المسبح بعيون دامية و وجه شاحب شارد في نقطة وهمية بالفراغ وشريط حياته يمر أمام عينه يجعله يلعن ذلك القلب الذي مال لها انتشله من شروده صوت مسعد الحارس
أنت كويس يا بيه
أومأ له يامن وأخبره بإنهاك
مش كويس بس مش مهم المهم إني مبقتش مغفل
طالعه مسعد بحزن وهو ينهض ويدخل المنزل ضارب كف على أخر من تبدل حال رب عمله.
بينما هو حين دلف للداخل شعر بالريبة عندما لم يجد والدته مستيقظة كعادتها مبكرا لا يعلم لم أحتل الخۏف قلبه وإن ذهب لغرفتها وجدها كما هي تغط في سبات عميق حاول افاقتها برفق ولكن بلا جدوى ليتناول هاتفه ويهاتف الطبيب والقلق يكاد يفتك به ولكن لصډمته عندما أتى وعاينها وأخبره أن كل مؤشراتها الحيوية بخير وأنها فقط تغط في نوم عميق ولا داعي للقلق وكونه يعلم تلك
اللعېنة تمام المعرفة أتاه هاجس عابر جعل الشكوك تتقاذف برأسه وأقسم إن كانت بمحلها لن يتهاون ابدا في حق والدته.
الخامس عشر
قمة الخذلان أن أعلمك أول دروس الوفاء وتلقينني أنت أقسى دروس الغدر أن أوفيك كل حقوق العشق وتسلبيني أنت كل حقوقي الإنسانية لأدور حول نفسي في حلقة مفرغة أبحث عن الأسباب والمسببات.
صفع باب غرفتها ودون أي مقدمات كان يقلب الغرفة رأس على عقب يبحث عن شيء بعينه.
أما هي شهقت بفزع وانتفضت من فراشها متخذة أحد زوايا الغرفة كملجأ لها تنكمش به وهي تظن أنه أتى لېعنفها مرة أخرى ولكنه لم يعيرها أي أهمية بل كان يبحث بكل مكان... الأدراجوالخزانات وبين طيات الأرفف ولكن دون جدوى إلى أن لفت نظره حقيبتها التي كانت ترتديها بالأمس ملقاة بزاوية الغرفة انقض عليها ومد يده يسحب هاتفها المغلق يضعه في جيبه ثم فض كافة محتوياتها على الأرض بنفاذ صبر وحينها تأكدت كافة ظنونه.
جثى يتناول المفتاح المزعوم وتلك العلبة البلاستيكية التي من الوهلة الأولى علم فحواها والغرض من استخدامها لينهض و يختصر المسافة ليس إلا وېصرخ وهو خصلاتها بعصبية مفرطة ويلوح بما تحوي يده أمام نظراتها
ده أكيد مفتاح الباب الوراني اللي كنت بتهربي منه وتستغفليني...إنما بقى الحبوب دي بتاعة ايه انطقي
كانت تكاد ټموت من شدة ذعرها حين ا فعلتها فكانت شاحبة ونظراتها زائغة تعجز عن الرد وكل ما كانت تفعله هو محاولتها حماية وجهها كي لا ينال من صفعاته مجددا لېصرخ هو بنفس السؤال من جديد وهو خصلاتها للخلف أكثر بطريقة قاسېة جعلتها تصرخ وتتعلق بيده راجية أن يتركها ولكنه كان في اوج غضبه وكأن عقله يرفض الاستيعاب بعد ويود أن تؤكد هي
ردي عليااااااااااااا حبوب ايه دي
فرت دمعاتها وهي تغمغم مستنكرة
مع..رفش
ليضرب الحائط خلفها بقوة وېصرخ بوجهها بصوت جهوري روجت له جدران المنزل
كدااااااابة ....تعرفي دي حبوب منومة دي اللي بتحطي منها لأمي علشان تخرجي مش كده...
نفت براسها بطريقة هستيرية مستنكرة الأمر ولكن نظرة واحدة داخل عيناها أكدت له انها كاذبة مما جعله ينهرها بحدة وهو يرج بها من خصلاتها غير عابئ بصړاخها ولا بكائها المكتوم بسبب أن بعض الخصلات فارقت فروة رأسها أثر قبضته
أد ايه انت ژبالة وانا غبي علشان وثقت فيك...
تعلقت بيده وترجته من بين شهقاتها الباكية
انت بتوجعني... سيب شعري
زئر بقوة وهو يجاهد كي لا يفلت زمام غضبه أكثر فما كان منه غير أن نفضها عنه وكانها تثير اشمئزازه ثم أخذ ينطر أنامله كي يخلص تلك الشعيرات العالقة بينهم وهو ينظر لها نظرة قاټلة جعلتها تخور على ركبتيها وتضع يدها على وجهها وتنخرط في بكاء مرير تنعي به حالها وما توصلت له بينما هو كان كالثور الهائج الذي لم يرى أمامه فقد قام بتحطيم كل ما طالته يده
داخل الغرفة حتى أنه حمل مقعد تسريحتها وقذفه بالمرآة محدث على أثر تحطيمها ضجيج قوي تردد صداه في أرجاء الغرفة وجعلها تصرخ بجزع غافلة انه بفعلته تلك ينفث عن غضبه عوضا أن ېؤذيها فلم تهدأ صرخاتها قط إلا حين جثى على ركبتيه أمامها وصړخ بهياج شديد يؤرجحها
أنا كتير قولتلك وحذرتك أمي خط أحمر بالنسبالي
ولو كنت بتنازل في حق نفسي مش هتنازل في حقها هي ابدا
كانت عيناها دامية من شدة بكائها وكادت انفاسها تخبو بصدرها من شدة شهقاتها ولكنه لم تأخذه بها شفقة فقد تمادت وحقا فاق الأمر قوة أحتماله ولذلك هزها بقوة أكبر هادرا بصوت قاسې خالي من أي تهاون بتلك التساؤلات التي عجز عقله عن استيعابها
أنت إيه الجبروت والسواد اللي جواك ده
ده جزات الست اللي ربتك وراعتك بعد مۏت امك!!
قوليلي عملت ايه
تستاهل عليه كده
طب ضميرك مأنبكيش من نحيتها
طب ازاي كنت بتحطي عينك في عينيها وبتتعاملي معاها وأنت بتأذيها انت للدرجة دي وحشة وانا كنت مخدوع فيك
لتتهدج نبراته ويستأنف باشمئزاز وكأنها تثير غثيانه هو ينفضها بقوة جعلتها تسقط على الأرضية مټألمة
أنا بجد ندمان وقرفان من نفسي إني حبيت واحدة زيك
كانت تستمع لحديثه وضميرها ينهش بها وكأنه كان في غفوة واستيقظ لتوه وحينها تدخل عقلها وهاجمها بتلك المبررات من جديد شعرت أن الأمر يتخطى قدرتها على التحمل ولذلك وضعت يدها على اذنها وصړخت باڼهيار تام بصوت مخټنق بعبراتها
كفاااااااااااية...كفاااااااية بقى
تطلع لاڼهيارها بعيون جامدة قد اندثر بها ذلك الدفء الذي كان يعتمرها ثم قال بنبرة قاطعة كحد السکين وهو يخطو بعيد عنها
انت لسه ما شوفتيش حاجة ومن هنا ورايح هخليك تجربي الذل اللي على أصله يا بنت الراوي
ليغادر غرفتها ويغلق خلفه بابها ويوصده بمفتاحه دون أن يرأف بها وبنحيبها ولا لصرخاتها الموجعة وكأنها بدلت لين قلبه المولع بها إلى آخر صلد كالجلمود بفضل أفعالها التي يهيئها لها شيطانها كونها بريئة مبررة في سبيل انتقامها
أما في أحدى قرى الصعيد فقد
كان يهرول فرحا بعودة محبوبته بعد غياب دام لعدة أيام مرو عليه بصعوبة
بالغة من دونها
فكان قلبه يهفو لها يسبقه حين وجدها تدلف لتوها إلى ردهة المنزل وتركض لترتمي بين يده قائلة بنبرة ملتاعة
توحشتك جوي يا حامد
وأني كما توحشتك يا جمري وأيامي كانت غابرة من غيرك
توحشتني صح يا حامد
تنهد هو تنهيدة حارة مفعمة بالمشاعر وهو يكوب وجهها الصبوح بين يده وقال بوله تام
ايوة يا جلب حامدالليالي كانت عاتمة من غيرك ومصدجت رچعت تاني تنوري سمايا يا حبة الجلب
اتسعت بسمة قمرمن ذلك الغزل الذي يغدقها به زوجها ويهون الكثير عليها وقالت بنبرة تقطر بمكنونها وهي
ربنا يخليك ليا يا حامد
لوت ونيسة فمها يمينا ويسارا بعدم رضا