رواية فردوس الشيطان بقلم مريم غريب(كاملة)
انت في الصفحة 1 من 21 صفحات
المكان كفر الدواغرة طامية الفيوم
الزمان مساء 23 أغسطس 2016
تشق تلك السيارة الفارهة طريقها وسط كفر بني داغر المهيب ... أو الذي كان مهيبا
توالت الحوادث الواحدة تلو الأخرى و من كثرتها حفظت بالملفات بقسم الشرطة و لم يهتم أحد
و في ظل هذه الأجواء المكهربة ضاعت شخصية و هيبة العمدة بعد هيبة الشرطة بالإضافة إلى الانفلات الأخلاقى و أصبح الجميع دون انكسار و كثرت المشاكل
تتوقف السيارة السوداء بعيدا عن دوار العمدة بقليل فلا تميزها من شدة الحلكة بالمكان ..
يترجل منها ذاك الرجل الملثم المفتول بمنتهي الحرص و الحذر
يتسلل في هدوء الليل إلى الداخل قافزا بمهارة من فوق السور الحجري
ولج بسهولة و صعد الدرج للطابق العلوى و إتجه لغرفة عمه ... منصور الداغر عمدة كفر الدواغرة
أمسك بمقبض الباب و أداره ثم دفعه بهدوء و دخل و أغلق من خلفه بالمفتاح ...
كان العم مستيقظا في فراشه
مين .. كان صوته متحشرجا
أنا ! .. قالها الرجل و هو يخلع شماغة وجهه
العم و هو يدقق النظر عبر الظلام
إنت مين ! .. و أشعل ضؤ الأباچورة بجانبه
سفيان !! .. هتف العم بدهشة
ليبتسم سفيان إبتسامة ودية و هو يقول
أيوه يا عمي أنا سفيان .. كويس و الله إنك لسا فاكرني
طبعا فاكرك يابني . معقول هنساك !
ده أني كنت مستنيك أصلا . إتأخرت أوي كده ليه إنت مادرتش بإللي حصل
يتقدم سفيان من سريره و هو يقول ببرودة أعصاب
دريت .. دريت يا عمي
البقاء لله
كان شاحب و جسده أبيض تخالطه الزرقة تماما كالأموات
كسرولي ضهري يا سفيان .. قالها العم بصوت كالأنين و هطلت دموعه من جديد
هما مين دول يا عمي
إنت عرفت مين إللي قتل ولادك
العم و هو يبكي بحړقة
لأ لسا يابني . بس هعرفه . و رحمة الغاليين لأعرفه و ساعتها هاجيبه هنا قدام البلد كلهو الله لو كان أخر يوم في عمري لأعمل كده
يضحك سفيان ضحكة مجلجلة ثم يقول ساخرا
مافتكرش يا عمي .. مافتكرش هتقدر تعمل كده
إنت بتضحك علي إيه يا وله و بعدين قصدك إيه
مش هقدر ليه يعني !
سفيان أنا آسف شكلي إستخدمت تعبير مش واضح
نخليها مش هتلحق !
العم و مش هلحق ليه يابني !!
لأني ھقتلك .. أه ھقتلك دلوقتي يا عمي
جحظت عينا الأخير و هو يقول پصدمة
إنت . جاي عايز تقتلني
سفيان بإبتسامته الشيطانية إسم الله عليك . أيوه يا عمي أنا جاي عشان أقتلك
و أقولك الكبيرة كمان أنا إللي قټلت ولادك . ياسر و بدر و خيري .. أنا إللي عملت القلق في البلد و قومتها عشان ماخليش دليل ورايا و بعدين بعتلهم ناس محترفين مخصوص عشان علي حياة عينك و يحرقوا قلبك عليهم
العم پصدمة مضاعفة
إنت .. إنت إللي ليه
سفيان و قد إكتسح الڠضب ملامحه و نبرات صوته
هو إيه إللي ليه إنت نسيت إنت عملت إيه
نسيت عملت إيه فيا و في أبويا و أمي و أخواتي يا عمي ده أنا صممت أخلي حسابك إنت للأخر عشان أدوقك من نفس الكاس و أعيشك يومين غم قبل ما أبعتك لربنا هو بقي يكمل بقيت حسابك
العم بإنفعال حساب إيه يا وله ده أني إللي هقطع خبرك و آا .
بس إهدا علي نفسك شوية ! .. قاطعه سفيان بصرامة و أكمل بخبث
ماتتعصبش أوي كده . أنا محتاج أوي لتركيزك الشوية الفاضلين دول .. و ھجم عليه ممسكا به
قيد يديه خلف ظهر الكرسي و أحضر منشفة صغيرة و حشرها بفم العجوز العصبي ليسكت صراخه المزعج ..
إعتدل في وقفته أمام عمه و مد يده و سحب مسدسه المزود بكاتم الصوت من جيب بنطاله الخلفي ثم أشهره في وجه العم و أكمل كلامه
أنا مش ھقتلك غدرحتي لو إنت عارف الأسباب لازم تسمعها مني قبل ما أنفذ إللي جيت عشانه
من 17 سنة .. كان عمري وقتها 21 سنة و كنت مسافر أدرس في أمريكا . جدي ذكريا الداغر ماټ و هو بيعمل عملية في قلبه . مافاتش علي مۏته 40 يوم و كنت بتتعارك إنت و أبويا
علي العمودية العركة كبرت و وصلت للقتل . قټلت أخوك يا عمي و طلعت منها بعيار طايش . عن طريق الغلط . بعدها إتجوزت أمي ڠصب قبل حتي ما العدة تخلص . إخواتي الصبيان يوسف و محمد
إللي كانوا أطفال و مالهمش ذنب في أي حاجة غرقتهم في السواقي منغير ماتحس بذرة شفقة عليهم . و إللي لحقت تهرب منك قبل ما ټقتلها وفاء أختي . جاتلي علي أمريكا و حكتلي علي كل حاجة
عارف رغم إن ولادك التلاتة يعتبروا إخواتي .. بس أنا مش ندمان أبدا إني قټلتهم و لا حتي زعلان عليهم
دول كانوا زرعة في أرض طاهرة و كان لازم أمحيهم من الوجود . دلوقتي أمي تقدر ترتاح في تربتها
فاضل أبويا و إخواتي . يوسف و محمد
و أحكم قبضته علي شد صمام الأمان ليهئ خروج الطلقة التي إدخرها لسنوات من أجل هذه اللحظة
شخص العم ببصره و غمغم بالرفض و هو يتلوي في الكرسي
ليضحك سفيان و يقول بإسلوبه الماكر
نفس العيار إللي ضړبت بيه أبويا . جبتهولك مخصوص يا عمي . بالله عليك ماتنساش لما تشوفه تسلملي عليه و تقوله سفيان إبنك .. هو إللي خدلك حقك
ثم ضغط علي الزناد ضغطة وحيدة حاسمة
كانت درجة الحرارة لا تطاق في الشوارع عندما أوقفت يارا سيارتها داخل المرآب و هرولت مسرعة نحو منزلها الذي تظلله الأشجار ذات الأوراق الكبيرة
شعرت يارا أن الطقس قاتم و مكفهر مثل مزاجها تماما بعد العراك الذي نشب بينها و بين رئيس تحرير الجريدة التي تعمل بها كصحفية
لقد إشترطت علي ذلك الأرعن الرزيل قبل أن تلتحق بعملها بأنها لن تسافر إلي أي قرى أو نجوع لتغطية أي خبر كان
كانت توافق علي السفر إلي خارج البلاد أحيانا و ضمن فريق كامل من زملائها كانت تهوى
و لكن رئيسها لم يعجبه ذلك فأوكل إليها مهمة تغطية تحقيق مقټل عمدة إحدي القرى بالفيوم
لن تذهب لقد عقدت العزم علي هذا و إن وصلت إلي حد فصلها من الجريدة لن تسافر ...
غمغمت يارا بتذمر و هي تبحث في حقيبتها عن مفاتيح المنزل و ما أن أصبحت بالداخل حتي غمرتها الراحة النفسية
بحثت عن أمها و هي تهتف
مامآااا .. مامآااا . يا ميرڤت . إنتي فين يا حجة ...
إيه يابنتي الغاغة دي .. قالتها الأم بإنزعاج و هي تدخل