رواية عن العشق و الأسر و ما بينهم "بقلم نورهان العشري"
رأسها تخفي عشقا فاض به القلب فقد كانت تخشى أن تفتضح مشاعرها أمامه فهي بريئة شفافة للغاية ولكنه أبى أن يقطع تواصلهما البصري فقام بوضع يده أسفل ذقنها يرفع رأسها يناظرها بعتب تجلى في نبرته حين قال
_لم تخفين عيناك عني أشعر وكأني رأيتهما من قبل هناك حديث خاص بيني وبينهما أجهل تفاصيله.
تباطئت الكلمات على شفتيها وارتفع وجيب قلبها ولم تعد تعلم بماذا تجيبه فهي لم تتخيل بحياتها أن تجلس معه هكذا وجها لوجه فقد كانت رؤيته من بعيد تقلب يومها رأسا على عقب فكيف وهي تقف أمام عينيه بهذا الشكل
_أتعلمين يا صغيرة لقد أشعلتي هنا ڼارا لا يطفئها سوى شهدك.
_هل. لي. أن. أحظى بكوب من.. الماء.. من فضلك
_ لك أن تطلبي القمر أن شئتي.. انتظريني هنا.
أنهى كلماته وتوجه إلى الداخل ليجلب لهما مشروبا وما أن توارى عن الأنظار حتى حملت فستانها وهرولت إلى الخارج تشق طريقها بين الناس وتخفض رأسها خوفا من أن يراها وما أن شاهدت أبواب المنزل الخارجية حتى تنفست الصعداء وأطلقت ساقيها للريح لتحملها إلى البعيد.
نال الڠضب منه فقام بإلقاء ما بين يديه وهرول إلى الخارج يبحث بعينيه عنها كالمچنون ولكن دون جدوى فزفر بحنق وتوجه إلى غرفة
المراقبة وقام بطرد العاملين بها وأخذ يعبث بالأجهزة أمامه يريد أن يعرف أين ذهبت وفجأة برقت عينيه وهو يراها تهرول حاملة فستانها تغادر المنزل وهي تتلفت حولها يمينا ويسارا إلى أن غادرت.
صدمة قوية نالت من قلبه الذي اهتاج داخله من فعلتها وأخذ يدور حول نفسه كالمچنون في أي شئ أخطأ حتى تغادره بتلك الطريقة
مر أسبوع كامل على يوم الحفل ويا له من أسبوع حافل بالألم من جانب كليهما وخاصة هي فقد كانت أقصى أمنياتها أن تراه من بعيد حتى تحفر ذكرى عميقة له بداخلها ولكنها لم تكن تعلم أن للذكرى مخالب تنشب بالقلب فتدميه كلما مر طيفها على خاطره.
_ألن تخبريني ما بك
هذا كان صوت ميرنا التي كان الڠضب والخۏف يأكلانها على تلك التي ما أن عادت من الحفل المشؤم هذا وهي صامتة شاردة حزينة ولا تفصح عن أي شيء فقد جف حلقها من كثرة السؤال بينما الأخرى بواد آخر متسلحة بصمت ممېت.
_لا شيء .
_ألم تسأمي من ترديد تلك الكلمة علي مسامعي طوال الأسبوع المنصرم لقد ملت منك حروفها.
هكذا صاحت ميرنا پغضب تجاهلته ريم ف أردفت الأخرى بنفاذ صبر
_حسنا لن تتحدثي. إذن فأنت حرة ولكن دعيني أخبرك أنك بصدد خسارة عملك فالسيدة صفية أخبرتني إن لم تذهبي للعمل غدا فلا عمل لك هناك بعد الآن.
هبت من مجلسها پذعر تجلى في نبرتها حين قالت
_ما الذي تقولينه هل حقا قالت ذلك أم أنك تضايقيني فقط
_ولم قد أضايقك يكفيني بؤسك الذي جلب لي الحظ السيء هل اضيف عليه أيضا أقسم قالت ذلك.
شعرت بالحزن يتشعب إلى داخلها فبالرغم من هربها منه وعكوفها عن الاقتراب من المنزل طوال الأسبوع المنصرم خشية أن يتعرف إليها إلا أنها لا تستطيع أن تترك العمل نهائيا وتحرم من رؤيته.
كان عشقا مسمۏما ذلك الذي سكن قلبها تجاه ذلك الرجل الذي تعلم جيدا بأن ما يفصلهما كالذي يفصل السماء عن الأرض. تلك الحقيقة التي لم تدركها سوى ذلك اليوم وهي تقف أمامه. فقد ضړب رأسها صورتها وهي بمريال المطبخ تنظف هنا وهناك وتعمل في منزله بينما هو يظن بأنها سندريلا خاصته.
تخيلت كيف سيكون إذا علم بخداعها له وأنها مجرد خادمة تعمل في بيتهم حتما ستكون نهايتها إن لم ټقتلها يداه س ټقتلها كلماته ونظراته المحتقرة وهي لن تقوى على ذلك لذا اختارت الهرب ويكفيها تلك الكلمات الرائعة التي ألقاها على مسامعها ونظراته المهلكة التي كانت تشملها يكفي كل تلك الذكريات لجعلها تعيش حياتها البائسة بنكهة مميزة تشبه عينيه وحديثه ورائحته.
انقضى أسبوع كامل كان أشبه بالچحيم عليه قضاه بين الشوارع و الأروقه يبحث عن عينين انطبع بريقهما بقلبه للحد الذي جعله يراهما يوميا بأحلامه ولكن بكل مرة ينتهي الحلم على كابوس واقعي وهو هروبها منه.
لا يعلم من هذه ولا من أين أتته حتى أنه بدأ يظن بأنها بالفعل حلم كما أخبرته عائلته أو أنه يتوهم.
زفر بحنق وهو يقود سيارته عائدا للبيت بعد أن فقد الأمل في أن يلمح طيفها وما كاد ينعطف بسيارته حتى برقت عينيه وهو يلمح تلك الفتاة التي تتوسط اثنتين حاملة بيدها أحد الكتب الدراسية وبلمح البرق
أوقف سيارته بمنتصف الطريق وهو يهرول للحديث معها فقد كانت هي . نعم لم ينسى عينيها ولا لون شعرها الذي يشبه الشيكولاتة الذائبة ولكن ما أن قطع الطريق وسط صيحات الاعتراض والسباب من الناس حوله كانت قد استقلت الحافلة التي انطلقت تشق طريقها بين الزحام فزل لسانه وأطلق مسبة بذيئة لاعنا حظه العاثر الذي حال بينه وبينها فقد كان يفصله عنها بضع خطوات فقط.
ارتفع رأسه ناظرا للأعلى وهو يحاول تنظيم أنفاسه الهاربة ولكن سرعان ما وقعت عينيه على لوحة كبيرة في البناية التي أمامه ف التمعت عيناه فرحا لم يكتمل بسبب صرخات الاعتراض من المارة والسائقين على تركه سيارته في منتصف الطريق ف تراجع إليها متجاهلا ما يحدث حوله وقام بصفها بجانب أحد الأرصفة متوجها إلى حيث يقوده قلبه.
في اليوم التالي ارتدت ثياب العمل وتوجهت بخطى مثقلة إلى مكان كانت تهرول إليه حتى تراه والآن تجر أقدامها جرا حتى تذهب إليه. كانت تعتقد بأنها تسرق من الزمن ذكريات جميلة تجمعها به و إذا بها تلقي بنفسها في فوهة