السبت 23 نوفمبر 2024

رواية هوس من اول نظرة الجزء الاول (الفصل الاول الى الرابع عشر)

انت في الصفحة 1 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

سيف و سيلين.. قبل سبعة أشهر. 

في ألمانيا و تحديدا في العاصمة برلين حيث تسكن بطلتنا مع والدتها في منزل صغير…نزلت سيلين الدرج بخطى متعبة و هي تفرك عينيها بنعاس…وجدت والدتها في المطبخ

تعد الفطور عادتها كل صباح.

قبلتها من وجنتها…ثم اتجهت نحو الثلاجة لتأخذ علبة النوتيلا

التي تعشقها و جلست على الطاولة تأكلها بنهم مصدرة اصواتا تدل على تلذذها...

هدى والدة سيلين بتأنيب...ليه كده يا بنتي إنت مش هتبطلي عادتك دي...هيجيلك السكر إنت لسه صغيرة..

سيلين بالالمانية...أحبها مام و لا أستطيع مقاومتها فأنا أستيقظ كل صباح من أجلها.

هدى و هي تضع الأطباق على الطاولة...بنت كم مرة قلتلك تكلمي عربي في البيت..

هزت سيلين كتفيها بدون إهتمام و هي تلعق بقايا الشوكولا العالقة في الملعقة...ماما إنت عارف إني مش حلو فى المصري....

هدى بضحك...ماهو لو تبطلي تلعبي في المؤنث و المذكر حتبقى تمام...

سيلين بضحك...حاضر هبقى اخد كورس في اللغة العربي..

وقفت من مكانها و هي تغلق علبة النوتيلا قائلة...أنا هطلع اغير هدومي لحسن متأخر على الشغل...

هدى...طيب يا حبيبتي هتلاقي الفطار جاهز....

سيلين بصوت عال و هي تصعد الدرج...لاف يو مام....

هدى بتنهيدة يكسوها الألم...ربنا يحميكي يا بنتي و ينور طريقك و يقويكي على الهم اللي إنت شايلاه من بدري...سامحيني يا بنتي..سامحني يا بابا يارتني سمعت كلامك مكنتش تعذبت في حياتي بالشكل داه و لا كانت بنتي اتبهدلت كده..

أفاقت من شرودها على صوت خطوات لإبنتها لتنتبه لها لتجدها قد غيرت ملابسها البيتي بأخرى إستعدادا للذهاب للعمل..كانت ترتدي بنطال جينز و شيميز زرقاء مخططة....

انحنت على الطاولة لتأخذ قطعة بسكويت من صنع والدتها قائلة...أنا رايحة عاوز حاجة...

هدى و هي تمسح دموعها...لا يا قلبي..سلامتك..

سيلين دون إنتباه لوالدتها...خلي بالك من نفسك و متتعبش نفسك كتير هحاول ارجع بدري وحعمل كل شغل البيت متقلقيش و متنسيش تاخدي الدواء في معاده.

هدى بإيجاب...متشغليش بالك انا هبقى كويسة...

سيلين مودعة...أراكي لاحقا..

بعد ساعة في إحدى المطاعم الراقية...خرجت سيلين من الغرفة الخاصة بتبديل الملابس و هي ترتدي اليونيفورم الخاصة بالعمل…جيبة قصيرة تحت الركبتين و قميص وردي فاتح و حذاء أسود مسطح. 

التقت زميلتها آنا التي كانت تتمتم وټلعن بتذمر كعادتها...

سيلين بابتسامة و هي تكمل ضفيرة شعرها الأشقر الطويل حتى لايعيقها عن العمل…مابك يا بلهاء يث مرحبا عنين و تشتمين في كل صباح.

آنا پغضب...ذلك المدير الأصلع..اقسم أنني سوف أفقد صوابي في يوم من الايام و أقفز على ظهره العفن و أنتف الثلاثة شعرات المتبقية في رأسه الذي يشبه البطريق المتشرد و أفقأ عينيه ثم أحرق جسده و ارميه في البحر حتى تشبع القروش في لحمه المشوي مع أنني لا أعتقد أنه سيعجبها طعمه...

سيلين وهي ټنفجر من الضحك...أنت غريبة الأطوار آنا...خاصة عندما تغضبين في كل يوم تبتكرين طريقة فريدة لقتل ديفيد المسكين..

آنا بشهقة...مسكين...ذلك القبيح لقد خصم راتبي أربع مرات هذا الشهر..لأجل كوب قهوة لعين ثمنه أربع دولارات..

سيلين...آنا أرجوكي لا تبالغي ثمن تلك الأكواب.يتجاوز المائتي دولار و إنت في كل مرة توقعين أحدها على الأرض بسبب إستهتارك....

آنا بتهكم...لم أكن اعرف انك محامي السيد ديف المجاني...انا لم أكسر الاكواب عن قصد.و هو يعلم ذلك لكنه في كل مرة يتعمد خصم راتبي...لن أحصل على شيء آخر الشهر. 

سيلين و هي تحرك رأسها بيأس...حسنا حاولي التكلم معه هو ليس شريرا و سوف يسامحك على الأقل هذه المرة...

ضيقت عينيها بتفكير قبل أن تكمل...إسمعي ما رأيك بتعويض خسارتك بالعمل لساعات إضافية...صدقيني انا لو لم تكن أمي مريضة لكنت اشتغلت...لكنك تعلمين ظروفي....

آنا بفرحة...يبدو حلا جيدا سوف أتكلم معه بهذا الشأن...

قاطع حديثهم صوت ميخائيل و هو رئيس الموظفين في المطعم...سيلين هيا...كفاك ثرثرة مع آنا لقد بدأ دوامك في العمل منذ ستة دقائق....لا تريدين ان يخصم راتبك أنت أيضا....

لوت سيلين ثغرها بتهكم و هي تهمس لآنا...أضيفي هذا المزعج لقائمة قتلاكي مع ديفيد أرجوكي و انا من سينفذ..ذ

ضحكت آنا قبل أن تعود أدراجها نحو مطبخ المطعم اما سيلين فقد اتجهت نحو الطاولات لتأخذ طلبات الزبائن....

مر الوقت مملا كالعادة حتى دقت الساعة منتصف النهار عندها رأت سيلين ديفيد يخرج من مكتبه و يغلق المطعم ثم من الداخل الذي كان خاليا من الزبائن بطريقة غريبة…مما آثار دهشة آنا…فهذا المطعم يكون دائما مليئا بالناس من الطبقة الراقية....

أمسك ديفيد بكأس بلوري ثم نقر عليه بملعقة فضية عدة مرات ليسترعي انتباه العاملين الذين إلتفوا حوله جميعا قائلا بعدها بفخر...إسمعوني جميعا اليوم في الساعة الثانية أي بعد ساعتين سوف يستقبل مطعمنا وفدا مهما من رجال الأعمال

من روسيا...نحن محظوظون جدا لأن صديقي إيان غابرييل رجل الأعمال المشهور..أنتم تسمعون عنه طبعا.....إختار مطعمي ليمضي أحد أهم صفقاته الضخمة و الناجحة....المهم اريد منكم ان يكون كل شيئ فوق مستوى المطلوب..

الشيف أليس يعلم بموضوع الوفد منذ البارحة…لذا هو مستعد جيدا...هيا الان إبدؤو بالتنظيف و تنظيم المطعم من جديد لن نستقبل زبائن هذا المساء...

نادى على ميخائيل حتى يعطيه بقية التعليمات بينما بقيت سيلين و آنا و فتيات أخريات يهمسن بخفوت حتى أتى ميخائيل و عندها بدأ العمل..

بعد ساعتين كانت سيلين و ليزا  زميلتها يجلسن بإعياء و تعب على كراسي داخل غرفة الثياب الخاصة بهن.....

ليزا...يا إلهي لقد قمنا خلال هذه الساعتين بعمل اسبوع كامل..انا متعبة كيف سأكمل الثلاث ساعات المتبقية لانتهاء الدوام...

سيلين بضحك...لا تقلقي إنه ستة أشخاص فقط....

هزت ليزا رأسها باستنكار لتصيح فجأة...ستة أشخاص و أربعون قاردز...هل نسيتي....

سيلين...اوووه غبية يا سيلين لقد نسيتهم اقصد انهم سوف يأتون دفعة واحدة يعني أننا سنقوم بعملنا لمرة فقط...

ليزا...يجب أن نحذر من أن نخطئ أمامهم فديفيد يقول أنهم خطېرون...أخشى أنهم ماڤيا روسية اوووه يا إلهي انا خائڤة..

قاطعتهم آنا...هيا سيدة خائڤة أنت و صديقتك إلى العمل لقد حضر المدعوون...

سيلين...مممم و أنت لماذا جلستي بدل مرافقتنا...

آنا بتذمر و هي تخلع حذائها متلمسة قدمها پألم...ذلك الأحمق ميخائيل أمرني بالبقاء هنا حتى إنتهاء الدوام...قال انني سوف استبب بکاړثة و قد أوقع الطعام على أحد الضيوف..

ليزا...معه حق أنت بلهاء لعينة آنا لقد أحرقت

تلك العجوز المسكينة منذ يومين عندما سكبت طبق الحساء عليها...

آنا و هي تقفز من مكانها...ليزا أيتها الصهباء القبيحة...سوف انتف شعرك الاحمر إن لم تغربي عن وجهي الان...

سيلين و هي تقف بينها و بين ليزا...هاي كفا عن الشجار...أحيانا أشعر أنني في روضة...هيا ليزا لنذهب قبل أن يأتي ميخائيل يوبخنا....

خرجتا من الغرفة ثم توجهتا نحو صالة المطعم لتشهق بانبهار مما رآتاه خارجا من خلال زجاج الواجهة الخارجية....

عشرات من سيارات رباعية الدفع باللون الأسود توقفت أمام المطعم لينزل منها عدة رجال ضخام يرتدون نظارات سوداء و ايديهم تملأها وشوم غريبة لتهمس ليزا في اذن سيلين...أنظري ألم اقل لك أنهم ماڤيا.....

سيلين...شششش سيسمعونكي...اصمتي و دعينا نشاهد....

دخل عدد كبير الحرس وهم يمشطون المكان بأعينهم الشبيه بأعين الصقور يتفرسون بدقة المكان حتى يطمئنوا من خلوه لأي خطړ محتمل...

ثم دخل بعدهم آخرون هو يحيطون بستة رجال لم تستطع سيلين أن ترى وجوههم جيدا...

بعدها بدقائق بدأ الجميع بالعمل كخلية نحل داخل المطبخ دخلت ليزا و هي تتنهد بالمية قائلة...يا إلهي لقد خطڤ قلبي منذ اول نظرة إنه رائع لم أرى رجلا في وسامته من قبل.....

سيلين و ديمتري عامل في المطعم بصوت واحد...

من هو؟؟..

ليزا و هي تضع يدها على وجنتيها...ذلك الاسمر ذو العيون الخضراء يا إلهي إنه رائع...لقد قال لي شكرا لك عندما إنتهيت من وضع الأطباق أمامه.

سيلين بسخرية...أيتها الغبية إنه بالتأكيد زير نساء و يريد الإيقاع بك...

ليزا...سيلين ياوجه الضفدعة...رجل غني ووسيم مثله لن يحتاج تلك الأساليب الرخيصة حتى يوقع بي....يا إلهي يكفي ان يشير لي بأصابعه و انا مستعدة أن أكون معه في الفراش ولو لليلة واحدة....

سيلين بتقزز...ياع مقرفة...

ليزا بعدم إهتمام...أسمري الوسيم أحلم بقبلة من شفتيه الرائعتين....

ديميتري و هو يستدير ليعود لعمله...اتركيها سيلين...العا....ليزا مستعدة لتقبيل الشيطان لو كان وسيما....

ليزا...اصمت ديم...إنت تغار عزيزي لأنك لست وسيما مثل أسمري..ياااه لو انكم رأيتموه....

سيلين بضحك...لا نريد أن نجن مثلك عزيزتي.

دخلت عليهن آنا...أنا جائعة هل هناك طعام....

ديمتري بسخرية...اهلا بالمعاقبة لماذا اتيتي سيراكي ميخائيل و يبخنا جميعا هيا أخرجي من هنا.

..

آنا و هي تستند على الطاولة الرخامية...أصمت أيها الشاذ و جهز لي طبقا من السلطة و شريحة لحم أريدها نصف مطهوة....

ديمتري و هو يضع يده في خصره كالفتيات...سيلين عزيزتي قلي لهذه البقرة التي تقف أمامك أن تغلق فمها او سأرميها في تلك المقلاة العملاقة...حمقاء..

آنا و هي تزم شفتيها...حسنا سوف احضر لنفسي....

ليزا بضيق...آنا الاكولة اصمتي دعيني أحكي لهم عن ذلك الروسي الوسيم...اووه يا إلهي أشك أن إله الجمال ذاك روسي...أنا أعتقد أن أصوله برازيلية او لا أعلم المهم أنه لا يشبه اولئك الحمر الروس.....

أتت آنا و جلست بجانبهم و في يدها طبق من السلطة و البطاطا المقلية...أنت على حق ذلك الوسيم ذو العيون الخضراء ليس روسيا

إنه مصري...

الجميع بصوت واحد...ماذا....مصري...أومأت آنا برأسها ثم تابعت أكلها غير آبهة. بتلك الأعين المرتقبة لإكمال كلامها...لكزتها ليزا بذراعها قائلة...من أخبرك...هيا تكلمي

ديفيد قال أنه من روسيا...

آنا بسخرية و هي تلوك الطعام...ذلك الأصلع ألم أخبركم أنه معتوه....إنه رجال أعمال أحدهم صديقه إيان غابرييل والآخر مصري ولا أعرف إسمه لقد سمعت ميخائيل يتحدث هو و الشيف منذ قليل....

ليزا بانبهار...واو....اخبريني ماذا تحدثا بالتفصيل

هل هو متزوج...هل هو زير نساء هيا هيا أخبرينا آنا أرجوكي....

قهقهت سيلين على فضول صديقتها ليزا و التي يبدو أنها وقعت في عشق ذلك الرجل منذ اللحظة الأولى...لتتفاجئ بصڤعة على رأسها من ليزا و التي صړخت بحنق...اصمتي...كفاكي ضحكا لقد كان من المفترض أن تسألي عنه أنت..إنه مصري مثلك...من نفس بلادك....

سيلين بتذمر و قد توقفت عن الضحك...اوووف. ليزي...و لماذا سأهتم به...التفتت ليزا لآنا من جديد...هيا تكلمي

الطعام لن يهرب...أرجوكي اريحي قلبي أريد. إن أعلم هل حبيبي الاسمر متزوج أم لا...

آنا بتهكم...أنت فعلا خرقاء عم ماذا سيتحدث ميخائيل مع الشيف سوى موضوع الطعام. لقد سأله إن كان يريد طعاما عربيا.....

ليزا و هي ترجع ظهرها ييأس...اوووف أريد معرفة إسمه على الأقل...

آنا بعدم إهتمام...إسألي ذلك البدين الأصلع صاحب المطعم.....

ديمتري بشهقة...صاحبة لسان سليط أتمنى إن يسمعك يوما ما و إنت تتحدثين عنه بسوء هكذا...سيطردك و ستتشردين في الشوارع...حمقاء...

آنا بهمس...أيها الشاذ...هل يعجبك ديفيد لذلك تدافع عنه هل تريده معك على....

سيلين بحدة وهي تقف من مكانها...اصمتا كفا عن الشجار....لقد سئمت حقا...

غادرت سيلين المكان تاركة إياهم يتشاجرون ثم ذهبت لتجد ميخائيل الذي طلب منها أخذ بعض الأطباق لإحدى الطاولات....

بعد أن إنتهت سيلين اتجهت نحو الشرفة الخلفية للمطعم لتستنشق بعض الهواء...جفلت حين سمعت صوت أحدهم لتختبئ وراء أحد الاعمدة العملاقة لتستمع لما يقوله على هاتفه...مارتن إستمع إلي أنا لا استطيع فعل ذلك إنه داهية...هذا المصري لم أرى من قبل من هو في ذكائه إن وضعت تلك الورقة بين أوراق الصفقة التي سيوقع عليها

أؤكد لك أنه سينتبه لها.....

مارتن من الجهة الاخرى...تصرف أكسل لا يهمني ماذا ستفعله سيف يجب أن يوقع تلك الورقة هل تعلم ايها الغبي كم سنكسب من وراء تلك الصفقة المليارات هل تفهم....

أكسل و هو يلتفت حوله پخوف  مساعد إيان...أعلم....و أعلم أيضا ماذا سيحل بي إن إكتشف إيان او صديقه المصري أمر تلك الورقة....

مارتن بصړاخ...إنها باللغة اليونانية يعني حتى إن إكتشف أمرها لن يفهم منها شيئا...المهم أن يوقعها.....

أكسل و هو يمسح يده المتعرقة من شدة الخۏف في ملابسه...أخشى أنه يفهم اللغة اليونانية...سيف المصري أنت لاتعرفه إنه ذكي جدا حتى أنه...

مارتن بحدة...أصمت أكسل و نفذ الأمر إن أردت سأعطيك ضعف المبلغ مليوني أورو سوف اعطيك حالما تحلب لي تلك

الورقة هيا اذهب الآن قبل أن ينتبهوا لغيابك..

اقفل أكسل الهاتف و هو يحاول تهدئة روعه عدة دقائق قبل أن يعود إلى مكانه في الطاولة...

وضعت سيلين يدها على فمها بتعجب و هي تحاول فهم ما كانت تسمعه منذ قليل تنهدت قليلا قبل أن تتمتم بداخلها...يا لهذا العالم الغريب..كم الأغنياء طماعون يريد مليوني دولار مقابل ورقة بسيطة...يا إلهي كم أنت غبية سيلين بالتأكيد تلك الورقة تساوي المليارات...ذلك المصري المسكين...هاه و لماذا. مسكين من الواضح إنه غني جدا...إسمه سيف كم هو لطيف.....إنه مصري من وطني الأم..لكنني لا أحب المصريين إنهم أشرار...فأبي مصري...لقد هجر امي المړيضة و تركها وحدها و رحل لم يهتم بي أيضا...انا أكرهه حتى جدي لم يسأل علينا طوال هذه السنوات....لكن اوووف سيلين إنتبهي لعملك و لا شأن لك بما يحصل ذلك الرجل ذكي و إن حصلت مشكلة فهو سوف يحلها لوحده...

أنا لا يهمني...

نظرت لساعتها قبل أن تكمل ثرثرتها بصوت عادي...مازالت ساعتين على موعد إنتهاء الدوام....

قفزت بفزع مكانها عندما حطت يد على كتفها لتنظر بسرعة وراءها لتجد ليزا غارقة في الضحك لتصرخ سيلين في وجهها بأنفاس متسارعة من شدة خۏفها...سحقا ليزا لقد أخفتني...ماذا دهاكي يا فتاة....

ليزا بضحك...لقد ناديتك لكنك لم تستمع لي....لا تقولي انك رأيت حبيبي الوسيم و أوقعك في سحر عينيه الخضراوتين لذلك أنت شاردة بتفكيرك.....

سيلين وهي تكشر بضيق...اطمئني أنا لم. أراه لقد قدمت الطعام لطاولة القاردز....هيا أمامي العمل ينتظرنا.....

ليزا بداخلها و هي تتبعها...لا تفكرين سوى بالعمل...عربية بلهاء..كم أكرهها إنها جميلة جدا و إذا رآها أحد هؤلاء الرجال سيعجبون بها أتمنى أن لا يرسلها ميخائيل الأحمق لطاولة ذلك المصري الوسيم...لقد اوصيته لكنني أعرفه

سيفعل العكس...يجب أن أراقبها...وصلا للمطبخ ليلتفت نحوهما ميخائيل قائلا...ليزا خذي هذه الصينية للطاولة رقم سبعة و أنت سيلين الطاولة رقم تسعة....

ابتسمت ليزا بارتياح بعد أن تأكدت أن الطاولة التي ستذهب إليها سيلين هي إحدى طاولات الحرس أخذت الصينية ثم خرجت...

اما سيلين فقد أوقفها ديمتري و خطڤ الصينية من يدها قائلا بصوت رقيق...سيلين عزيزتي ارجوكي...انا أنتظر الذهاب لتلك الطاولة بفارغ الصبر هيا أعطيني إياها...و إنت إذهبي بتلك الأطباق للطاولة الرئيسية....

سيلين بضحك و هي تشاهد بمرح حركات ديمتري الانثوية...حسنا..اذهب و إحذر أن تسكبها عليه.....

ديمتري بضحك...حسنا...سوف أروي لك ما سيحصل بعد عودتي....يا إلهي انا متحمس جدا...

أخذت سيلين الصينية و هي تكتم ضحكتها. بصعوبة ثم خرجت في إتجاه الطاولة المنشودة...

إنحنت لتضع الأطباق على الطاولة لتسمع أحد الرجال يهمس...بص يا سيف الصاروخ الألماني يانهار اسوح خلينا ناخذها معانا لمصر عشان خاطري...

سيف پغضب من بين أسنانه...اخرس يا غبي حسابك معايا بعدين...

كتمت سيلين ضيقها من جاسر من كلامه وتلعنه في سرها شاتمة إياه رغم أنها لم تفهم جل كلامه لكنها فهمت انه يعاكسها خاصة عندما سمعته يخبر سيف من جديد...طب بص عليها و إنت حتعذرني دي إللي غنوا عشانها بونبوني ساقط في نوتيلا.

كز سيف على أسنانه من حماقة صديقه جاسر ليبتسم ابتسامة صفراء مدعيا عدم سماعه بينما شهقت سيلين بخفوت

هي تنظر لجاسر پغضب و الذي توسعت عيناه بدهشة ويتمتم...هي فهمتني ولا إيه؟ على العموم انا مقلتش حاجة غير. إنها قمر...

صمت فجأة عندما شاهد النادلة سيلين تفلت طبق سلطة من يدها لينسكب محتواه على سيف الذي إنتفض بضيق من مكانه و هو يزيح بقايا الطعام التي علقت بملابسه...أخذت سيلين إحدى المناديل لتقدمها له و هي تتمتم بأسف...أنا آسفة سيدي..لم أقصد ذلك إن أردت سوف أرافقك للحمام حتى تنظف. ملابسك جيدا...أنا آسفة...

سيف بضيق و هو يعتذر من الحاضرين...خمس دقائق و أعود...أكملوا طعامكم....إلتفت نحو سيلين من جديد و التي كانت. ترتعش من الخۏف قائلة...أنا آسفة..ارجوك أعذرني...لم أقصد إفساد ملابسك الباهظة...

سيف بجمود رغم إعجابه بجمالها الملفت لكنه ظن أنها إحدى الحركات التقليدية التي تفعلها الفتيات لجلب إنتباه...دخل الحمام بينما وقفت سيلين أمام الباب تنتظره پخوف وهي تتفرس في هيئة القاردز المخيفين الذين كانوا يتبعونه....

خرج سيف بعد دقائق قليلة ليجد سيلين تنتظره و التي أسرعت تقول بلهجتها المصرية...أنا آسف حضرتك...انا و الله مش قاصد أعمل كده...بس الراجل اللي جنبك قليل الادب

و بيقول كلام وحش....

تفاجئ سيف من أنها تتحدث المصرية لتبتسم سيلين ببراءة قائلة...أنا مامي مصري هي علمتيني اللغة و أنا عارف إنك إنت أيضا مصري...

رفع سيف حاجبيه ناظرا نحوها باعجاب

قائلا...تشرفنا يا آنسة...

سيلين بسرعة و هي ترى ديفيد آت من بعيد...أنا كنت عاوز يقول حاجة مهمة إنت مش توقع على الاوراق كله في ورقة

غلط...الراجل اللي قدامك بالضبط انا سمعته في التلفون بيتكلم مع حد إسمه مارتن هو وحش عاوز two مليون  أورو عشان يخليك توقع ورقة غلط...إنت لازم تشوف كويس لغة يوناني...

قاطع حديثها المتلعثم قدوم ديفيد الذي أسرع يعتذر لسيف قائلا...أنا أعتذر منك مستر سيف...سوف أحرص على

عقابها بنفسي..تفضل معي السيد إيان ينتظرك...و أنا سوف أحضر لحضرتك بدلة أخرى حالا.....هيا معي ارجوك....

نظر سيف بعدم إهتمام نحو ديفيد حتى أنه لم يستمع لما يتفوه به بل كان جل تركيزه على كلام سيلين الذي فاجأه كثيرا لكنه

تمالك نفسه مقررا التريث و الانتظار حتى يتأكد...

تابع سيره نحو الطاولة لإكمال الصفقة و بداخله ڠضب عارم ېهدد بإحراق الجميع....اما سيلين فقد اتجهت داخل المطبخ و هي تتمتم پخوف و قلق...يا إلهي يطردني ديفيد...سيطردني.....

قاطعتها آنا بتهكم...مابه ذلك الأصلع...

إصفر وجه سيلين قبل أن تجيبها...لقد سكبت طبق السلطة على أحد الضيوف المهمين..ديفيد سيطردني...

آنا بفزع...حمقاء يا إلهي....

ديفيد بصړاخ...سيلين ورائي إلى المكتب....

تبعته سيلين و هي ترتجف من الخۏف مؤنبة نفسها بين الحين والآخر على غبائها فهي لاتريد خسارة عملها خاصة مع مرض والدتها و احتاجها للمال هذه الفترة....

أغلقت الباب ورائها ثم جلست على الكرسي الذي أشار نحوه ديفيد...

ديفيد بأسف و هو يمد لها ظرفا من المال و ملفها الذي قدمته منذ شهرين حتى تحصل على العمل...سيلين..إبنتي أنا آسف لا أستطيع مسامحتك...ذلك الضيف مهم جدا و إن لم اطردك سوف يغضب مني و هذا سوق يسبب لي خسارة كبيرة...هذا راتبك ومعه تعويض تستطيعين تدبير أمورك حتى تحصلين

على عمل جديد.....

سيلين برجاء...سيد ديفيد ارجوك..انا لم أقصد فعل ذلك...ثم إنها غلطتي الأولى..أنا لم أخطئ من قبل...

ديفيد...اعلم و لكن لسوء حظك لقد أخطأت مع الشخص الأهم....أتعلمين ذلك الرجل ملياردير عالمي و لقد جعلتني أدفع مبلغا طائلا ثمن بدلته أشكر الله أنني لم اطالبك بتعويض هيا يجب أن تذهبي..لدي عمل مهم و لست متفرغا لك...

أدمعت عينا سيلين پألم بعد أن تأكدت من إصراره على موقفه لتلملم ما تبقى من كرامتها لتمنع نفسها من التذلل له مرة أخرى من أجل والدتها..لكنها في الاخير قررت المغادرة

على أمل أن تحصل على عمل آخر في مكان

آخر.....

غيرت ملابسها ثم ودعت زملائها و غادرت المطعم..

أما في الداخل و تحديدا على طاولة الاجتماع...وضع سيف ساقه فوق الأخرى بارتياح و هو يقرأ أوراق الصفقة بتمهل ورقة وراء الأخرى مما جعل أكسل يبتلع ريقه بصعوبة عشرات المرات في دقيقة واحدة...

و سيف يراقبه بتسلية.

إيان بمزاح...هيا صديقي نوقع العقود...حتى نحتفل....

إستقام سيف من مكانه و قد تحولت ملامح وجهه مائة و ثمانون درجة مما جعل الحاضرين يرمقونه پخوف و ترقب..رفع قدمه ليضعها على الكرسي الذي كان يجلس عليه ثم فك رباط حذائه الأسود ببطئ تحت دهشة الآخرين الذي لم يتجرأ أحدهم على سؤاله ماذا يفعل....

استدار بهدوء مخيف حول الطاولة ليتوقف مباشرة وراء أكسل....و بحركة سريعة حاوط رقبته برباط الحذاء لېصرخ الآخر بړعب و إختناق....

سيف بصوت مخيف كفحيح الافعى...كيف تجرأت على فعل ذلك.

أكسل بصوت مخټنق...ارجوك...انا....

زاد سيف من ضغطه على رقبته مقاطعا حديثه...لقد سألتك...كيف تجرأت.....

نازع أكسل دفاعا عن حياته لكنه لم يستطع تحريك يدي سيف عنه و لو لإنش واحد ليشعر بدنو أجله...بدأ حينها بتحريك رأسه يمينا و يسارا و هو يبكي و يتوسل بصوت

مخټنق لكن مع كل حركة كان الخيط ينغرس في جلد رقبته أكثر حتى يكاد يذبحه....أرخي سيف الخيط قليلا ليشهق

الآخر و هو يتنفس الهواء بعمق...

سيف و هو يحرك الخيط على مكان جرحه

لېصرخ أكسل من جديد پألم قاټل قائلا...أنا آسف سيدي ارجوك.

سيف ببرودو هو يلف الخيط من جديد حول رقبته ليزرق وجهه دلالة على نفاذ الأكسجين من جسده...يبدو أنك بالفعل غبي و تستحق المۏت...أجب فقط على سؤالي كيف تجرأت

على خداعي ألا تعرف من أنا....سيف المصري

الشبح...وغد حقېر مثلك يستغفلني...و مع من مع مارتن أليكسيس...أقسم أنني يجعلك تتمنى المۏت انت و هو.....

أنهى كلامه و هو يدفعه بقوة إلى جانبه ليسقط أكسل بكرسيه على أرضية المطعم و هو يسعل و يشهق بصوت عال غير مصدق أنه قد نفذ بأعجوبة من يدي سيف بعد أن رأي المۏت

يحوم أمام عينيه...

أما سيف فقد أخرج ورقة من بين أوراق الصفقة التي كان يقرأها ثم رماها أمام إيان الذي كان يراقب ما يحدث هو و محاميه بصمت فمن يتجرأ على مقاطعة سيف المصري

الملقب بالشبح…

سيف و هو يضرب الطاولة پغضب حتى كاد يقسمها لنصفين...انظر بنفسك..مساعدك الأحمق اتفق مع أحد أعدائي ليجعلني أوقع ورقة باللغة اليونانية أخبرني مارتن...هل أصبحت عجوزا لدرجة انك لم تعد تستطيع إختيار مساعديك...أخبرني كيف لم يستطع اكتشافه...ذلك الخائڼ..أتعلم ماذا يعني هذا...أن أحدهم تجرأ و حاول أن يجعلني مغفلا.....

إلتفت إلى أحد حراسه يأمره بأخذ أكسل حتى يعاقبه بنفسه قبل أن يعود بتوبيخ إيان الذي كان يطأطئ رأسه بخجل....

سيف و هو يشير لجاسر الذي كان ينظر أمامه بذهول...هيا لنذهب..و أنت إيان سوف يهاتفك مساعدي حتى نتفق على

موعد جديد لإتمام الصفقة..لكن هذه المرة بشروطي...

شتم إيان في سره و هو ينظر في أثر سيف نظر لمحاميه الذي كان يتفرس الورقة المكتوبة بلغة غريبة قبل أن ينتفض على صړاخ مديره...أيها الأحمق...هل تفهم اليونانية حتى تنظر الورقة هكذا مثل الابله...هيا لنعد للشركة و احضر معك مترجما حتى نفهم الحكاية...

في طريقه إلى الخارج تذكر سيف أمر سيلين ليعود أدراجه بحثا عن ديفيد الذي حضر سريعا

 

ديفيد باندفاع...لقد أحضرت لك بدلة جديدة

سيد سيف كتعويض عما حصل...أكرر اعتذاري....

سيف و هو يقاطعه بجفاء...أين الفتاة....

ديفيد...أي فتاة....اااا تقصد سيلين تلك الغبية لقد نالت عقابها لا تقلق....

سيف بحدة...ماذا فعلت....أين هي أحضرها الآن.

ديفيد پخوف من هذا الۏحش الماثل أمامه...لقد...طر..طردتها مستر سيف...و سأحرص على أن لا تجد عملا في مكان آخر بسبب غبائها.

تملك سيف ڠضب أعمى حتى برزت عروق يديه من تحت جلده و انتفخت أوداجه و أصبح يستنشق الهواء بصوت عال كثور هائج لېصرخ بصوت مرعب...أيها الأحمق...ماذا فعلت أحضر لي الفتاة حالا هيا و إلا سأحول مطعمك

البائس إلى رماد....

رمقه ديفيد پخوف قبل أن يطلب منه أن يتبعه إلى مكتبه...مستر سيف إهدأ أعدك أني سأجدها...

دلف ديفيد مكتبه بخطى مرتعشة ثم بدأ بتقليب الملفات بعشوائية قبل أن يتوقف فجأة و يلتفت نحو سيف الذي كان يرمقه بنظرات ڼارية...أنا آسف حقا مستر سيف إن سيلين جديدة هنا و هي لم تستلم العمل سوى منذ فترة قصيرة حوالي شهرين...لقد اعطيتها ملفها قبل أن أطردها....

قاطعه سيف بصوت حاد...إبحث ثانية قد تكون محتفظا بنسخة أخرى هنا أو هناك أسرع أريد عنوانها حالا..

ديفيد بصوت خاڤت...أنا آسف حقا و لكننا لا نحتفظ بملفات جميع الموظفين عنا إلا بعد مرور ستة أشهر من قبولها هنا....

هنا ثارت ثائرة سيف الذي ركل الكرسي من أمامه من شدة غضبه ليهتف من جديد...إسأل جميع الموظفين هنا...قد يعلم أحدهم شيئا عنها....اسرع ديفيد للخارج لينادي على جميع النادلات

و معهم ديمتري....وقفوا جميعا في صف واحد بجانب بعضهم ليسألهم ديفيد عن سيلين....

ديمتري بصوت رقيق...اوووه سيد ديفيد نحن لا نعلم عنها شيئا..سوى إسمها سيلين الفرعونية ههههه....

ديفيد بحدة...أصمت ديمتري...و إنت آنا ألم تزوريها في منزلها من قبل...

آنا بنفي...لا....و لكن ليزا تعرف رقم هاتفها.....

ليزا بإنكار...هذا ليس صحيحا...انا لا اعرف ََأي شيء عنها سوى إسمها..لقد طلبت منها زيارتها ذات مرة في منزلها لكنها رفضت...سيد ديفيد أنت تعلم سيلين غريبة الأطوار و ليست إجتماعية إنها لا تتحدث سوى عن العمل...من سيصادق فتاة مملة مثلها....

أنهت كلامها بابتسامة لعوبة نحو سيف الذي تجاهلها ببرود قبل أن يشيح بنظره بعيدا عنها قبل أن يخرج من المكتب بعد أن يئس من جابتهم وصل لموكب السيارات ليستقل سيارته بجانب

جاسر....

جاسر بتعجب من صمت صديقه...مالك يا سيف في إيه...حصلت حاجة جوا...قدرت تعرف مين البنت اللي بتدور عليها.....

سيف و هو يضغط على صدغيه بسبب إحساسه بالصداع...معرفتش عنها حاجة غير إسمها...المسكينة إتطردت بسببي من شغلها....ياعالم هي فين دلوقتي...انا مش قادر أنسى خۏفها وقلقها لما كانت تتأسف لي...كانت. خاېفة اوي و كأنها حاسة إنها حتتطرد عشان كده يمكن تجرأت وقالت لي على خطة أكسل و مارتن....على فكرة البنت مصرية......

توسعت عينا جاسر بدهشة قبل أن ينفجر ضاحكا...عشان كده هي فهمت انا قلتلك ايه ساعتها...ملامح وشها أكدت لي أنها فهمتني بس مكنتش عارف ابدا انها حتطلع مصرية...ياااه يعني كتلة الجمال اللي كانت جنبنا من ساعة...تطلع في الأخر مصرية انا لو كنت أعرف كنا خذناها معانا...إحنا اولاد بلد بردو و جدعان نسيبها تتبهدل في الغربة؟؟ تؤ ميصحش

بس هي باين عليها صغيرة جدا إيه اللي خلاها تشتغل هناك..

سيف و هو يريح رأسه على الكرسي...يمكن ظروفها صعبة و بعدين هنا في أوروبا عادي حتى لو كامرا ولاد اغنياء فهما بردو بيشتغلوا...بس سيلين....صمت قليلا و كأنه يتذوق طعم

إسمها قبل أن يكمل...طريقة كلامها و خۏفها بيدلوا على انها مكانتش عاوزة تخسر شغلها...هي أنقذتنا من مصېبة كانت حتحصل و نبهتني من الكلاب السعرانة اللي بتحوم حواليا اللى انا كنت غافل عنها و في المقابل انا أذيتها...تسببت

إنها تتطرد بدل ما اكافئها...لو كنت واحدة ثانية كانت راحت لاكسل و هددته إنها تفضحه لو ماإدهاش فلوس أو كانت إستنتني عشان تاخذ مكافئتها بس هي إختفت...

جاسر بحزن...طيب دور عليها و أكيد حنلاقيها...

سيف بتأكيد...طبعا حدور عليها و مش حرجع مصر غير لما الاقيها...أغمض عينيه بتعب و هو يتذكر ملمس يديها الصغيرتين عندما أعطته المنديل الورقي....نظرات عينيها الخائڤة تنظر لملابسه المتسخة بړعب...حتى انها لم تنظر لوجهه و لو مرة واحدة بينما هو لم يترك إنشا واحدا في وجهها لم يتفحصه وجهها الأبيض المستدير بشكل طفولي يدل على إن عمرها لم يتجاوز العشرون...عيناها اللتان كانتا تلمعان بسبب دموعها المتجمعة داخلهما جعلتهما تبدوان كحبتي لؤلؤ حتى أنه إحتار في لونهما....أما شعرها البرتقالي فهو حكاية أخرى تذكر كيف أمسك نفسه و بصعوبة من أن يفك الرباط الذي كان يأسره حتى يستمتع بجماله....

..تنهد بندم للمرة العشرون ليته إهتم لها بدل إهتمامه بتلك الورقة اللعېنة....أين كان عقله عندما تركها لوحدها و سار مع ذلك الابله ديفيد كم تمنى في هذه اللحظة أن يعود و ېحطم

رأسه الغبي الذي تجرأ على طردها....

قبض على يديه بشدة حتى سمع طقطقة عظامه محاولا تهدئة نفسه لكن دون جدوى صړخ بعدها بصوت عال و هو يضرب ظهر الكرسي الذي أمامه...أوقف هذه السيارة اللعېنة

الآن.....

صوت عجلات السيارة الذي احتك الأسفلت تبعه توقف السيارات الأخرى التي تتبعه ليفتح سيف باب السيارة بقوة ثم خرج متوجها نحو الرصيف...

استنشق الهواء عدة مرات قبل أن يضع يديه على السور الحديدي البارد....أغمض عينيه لتختفي جميع الأصوات من حوله...

ضوضاء الشارع وأصوات أبواق السيارات...حتى صوت جاسر الذي كان يناديه اختفى هو الآخر لم يعد يسمع سوى صوتها الرقيق و كأنها تحدثه الان و تخبره انها غاضبة منه لأنه تركها و لم يهتم لها...أفاق من تخيلاته على يد جاسر الذي كان يضرب كتفه بخفة حتى ينتبه له..ازاح يده صارخا پعنف...في إيه يا جاسر...عاوز إيه..

جاسر پخوف...و لا حاجة قلقت عليك بس.

سيف بحدة...إرجع العربية و سيبني لوحدي عايز اشم شوية هوا.

أومأ له جاسر بخفة قبل أن ينسحب عائدا للسيارة فهو أكثر من يعرف سيف عندما يغضب يتحول كأسد أعمى يؤذي أي شيء تطاله يده...داخل المطعم كانت آنا و ليزا تبدلان ملابسهما

في حجرة الملابس استعدادا للمغادرة بعد أن إنتهى دوام عملهما..آنا و هي تلوك العلكة...هاي ليزي لماذا لم تخبري ديفيد انك تمتلكين رقم هاتف سيلين لماذا انكرتي معرفتك بها.

ليزي بلؤم...أنا بالفعل لا أعرف رقمها فهي قد غيرته منذ يومين..

آنا و هي تنظر لها بخبث...مممم لم أكن اعلم انك حقودة لهذه الدرجة أيتها الكاذبة الصغيرة....انت لاتريدين أن يعرف ذلك الوسيم عنوانها...

ليزا بتلعثم...ماذا تقصدين آنا.....عمن تتحدثين.

آنا وهي تقلب عيناها بملل...اوووه عزيزتي ليزي كفاكي تمثيلا....لا تقلقي لن أخبر أحدا فأنا أيضا لا أريده ان يعلم مكانها....و حينها ذلك المصري الوسيم سوف يصب جام غضبه على الأصلع ديفيد...

ابتلعت ليزي ريقها پخوف فهي فعلا أنكرت معرفة اي معلومة عن سيلين لغيرتها منها فهي التي سعت أن يهتم بها سيف و يطلبها لكنه في المقابل أعجب بسيلين.....

ليزي بعد طول صمت...أنا لا يهمني ما سيفعله أنا لا أعلم شيئا عن تلك الفتاة و كفى..

وصلت سيلين للمنزل بعد أن قضت بقية ساعات الدوام تتمشى في الشوارع بحثا عن عمل آخر وعندما دقت الساعة الخامسة استقلت اول باص يؤدي إلى الحي الذي كانت

تسكن فيه حتى لا تثير قلق والدتها...فتحت الباب بالمفتاح ثم دخلت لتجد والدتها نائمة على الاريكة كعادتها تنتظرها كل يوم حتى تغفوا بسبب تأثير الأدوية التي كانت تتناولها..

رق قلبها على حال والدتها المړيضة فمنذ إن هجرها والدها منذ خمس سنوات بقيت وحيدة كرست حياتها تربى طفلتها الوحيدة و عندما بلغت سيلين الثامنة عشر أي منذ سنة تقريبا لم تستطع مواصلة العمل في مصنع الخېانة بسبب مرض القلب الذي كانت تعاني منه لتختار سيلين عدم الذهاب للجامعة و فضلت البحث عن عمل تستطيع به إعالة والدتها....حتى نجحت في إيجاد عمل في إحدى المقاهي

القريبة لكن صاحبها اضطر بعد مدة لبيعها و السفر

إلى بلد آخر لتجد سيلين نفسها بدون عمل و مال

وجدت بعدها عملا في مطعم ديفيد لكن هاهي الان فقدت مصدر رزقها بسبب ذلك المصري....

جذبت غطاء خفيفا تغطي به والدتها ثم طبعت قبلة خفيفة على جبينها قبل أن تنهض من مكانها و تصعد لغرفتها حتى تغير

ملابسها و تنزل للمطبخ لإعداد طعام العشاء..

في مصر وتحديدا في مدينة القاهرة....في قصر كبير مساحته تفوق ملعبي كرة قدم يتكون من ستة طوابق و أكثر من مائة جناح و غرفة و تحيط به حديقة غناء تمتد على عشرات الكيلومترات...تحتوي على عدة أنواع مختلفة من الأشجار و النباتات النادرة...يعيش السيد صالح عزالدين و أبنائه و أحفاده أيضا...بنى هذا القصر منذ ثلاثون عاما بتصميم

خاص حتى يضم جميع عائلته...رغم كبر سنه الذي فاق السبعون سنة إلا أنه مازال الآمر الناهي في القصر لا كلمة تعلو كلمته و لا سلطة تفوق سلطته..الجميع تحت أمره و مهما قال ينفذون حتى لو ضد إرادته ومن يعصيه فلا مكان له

في إمبراطوريته و هذا ما حصل مع إبنته هدى والدة سيلين…

حكاية صالح و يارا…قبل 5 سنوات..

كان صالح يجلس في حديقة القصر مع اولاد عمه كعادتهم يسهرون مساء كل جمعة و يتبادلون أطراف الحديث....كان لا يزال طالبا بالسنة الأخيرة في كلية الهندسة...

هشام بمزاح...يا بني انطق بقى عليك الأمان سرك في بير يا معلم لا اما و لا سيف هتنطق بكلمة....ها يلا بقى متبوزش اللعبة....

إبتلع صالح ريقه بحرج و هو يفرك عنقه بتوتر قبل أن يهتف دفعة واحدة...يارا...إسمها يارا....

تعالت قهقهات سيف و هشام على مظهره الخجول و وجهه المحمر و ينطق إسم حبيبته التي يعشقها منذ أول مرة رآها فيها في الجامعة...يارا عزمي فتاة اقل مايقال عنها فاتنة الجمال تبلغ من العمر تسعة عشر سنة تدرس اول سنة هندسة نفس اختصاصه لكن هو كان في السنة الأخيرة.....ينتظر ذلك اليوم الذي ينهي فيه دراسته حتى يبلغ جده عن رغبته

في الزواج منها...أعاده للواقع صوت سيف الذي كان يسأله بجدية...طب و هي بتحبك؟؟؟

هز صالح رأسه بايجاب قبل أن يهمس...أيوا..طبعا.....

سيف و هو يربت على ساقه بدعم...و انا حقف جنبك في كل اللي إنت عاوزه متخافش....

بادله صالح إبتسامة ممتنة...تسلم يا سيف دا العشم برضو...أنا اصلي خاېف لجدو يرفض و إنت عارف بقى...

سيف...متخفش...لو إنت عايزها يبقى. 

خلاص سيب الموضوع ده عليا...إنت بس شد حيلك و كمل السنة دي و ربنا يحلها من عنده...

هشام بسخرية مرحة...ياريت يا سيف....اصلي بحبها...بحبها....اااه

تلقى صڤعة على عنقه من صالح ليئن پألم و يقف من مكانه صارخا...إيدك ثقيلة ياعم إيه داه...الواحد ميعرفش يهزر معاك....

صالح بضيق...هزر زي ما إنت عاوز إلا في الموضوع

ده.....إنت فاهم....

هشام و هو يعود لمكانه...فاهم ياعم فاهم...خلينا نكمل اللعبة الزفت دي اللي باين عليها حتجيب أجلي..

بعد أربعة أيام...

في كلية الهندسة تجلس تلك الفتاة برنسيسة الجامعة كما يلقونها رغم أنها في سنتها الأولى يارا عزمي إبنة المستشار ماجد عزمي أجمل فتاة في الكلية و أكثرهم غرورا وتكبرا مع

صديقاتها رؤى و شيرين....

رؤى...الا قوليلي يا يويو إيه أخبارك إنت صالح....

ضحكت الفتيات بصخب بعد أن نطقت رؤى إسمه الذي يعتبر قديما بالنسبة لهم...

وتضيف شيرين من بين قهقهاتها...إسمه صالح....ده ايه الاسم الغريب ده.

رؤى...ايوا صح انا في واحد قريب مامي إسمه صالح...بس كان عمره فوق التسعين....الله يرحمه...

يارا...بس بقى يا بنات...متنسوش إن داه الكراش بتاعى حاليا....

رؤى بسخرية...لحد ماتخلصي السنة دي و تدوري على غيره طبعا...

يارا بغرور...طبعا انا عاملة نفسي بحبه بس عشان خاطر يساعدني إنجح السنة دي و بعدها حرميه إنت فاكرة إني أنا يارا عزمي حرتبط بواحد اسمه صالح...يالهوي انا لو مامي

سمعت حتقلب الدنيا فوق دماغي....اااخ لو مكانش الاول بتاع الكلية انا مستحيل كنت ابص في وشه....

شيرين بلوم...لا في دي ملكيش حق يا يويو داه زي القمر...طول و عرض و عضلات يا لهوي ده يجنن....

رؤى بتأكيد...فعلت هو مز اوي احلى واحد في الجامعة بس لو يغير إسمه داه....صالح.

لوت يارا شفتيها بعدم رضا قائلة...مش بحبه أصله خنيق اوي و بيعمل كومنت على كل حاجة بعملها...لبسي..ومكياجي..طريقة حياتي كل حاجة مش عاجباه فيا...هو حلو صح بس انا و هو مينفعش مع بعض ده دقة قديمة عايش زمن السبعينات بتاع الحب و الرومنسية و انا الجو داه مش بتاعي...انا عاوزة اكون حرة اعمل اللى انا عاوزاه في الوقت اللي انا عاوزاه...البس براحتي أخرج براحتي...من الاخر بحب اكون فري...و صالح

عكس كده خالص....

شيرين بخبث...طب ما تصارحيه...

يارا بانفعال...طبعا لا....داه الأمل الوحيد ليا إني انجح السنة دى...داه بيساعدني في المذاكرة بشكل رهيب انا بفهم منه أكثر من الدكتور ذات نفسه...داه دماغ عبقري انا بشك إنه طالب اصلا....

شيرين بنظرات خبيثة تخفي وراءها شيئا ما...يعني إنت كده من الاخر بتلعبي بيه و بمشاعره ..

يارا بضحك...مشاعر إيه يا بنتي انتي اټجننتي...حب إيه و كلام فارغ إيه..هو بس معجب بيا عشان انا بنت حلوة و شيك...لو كنت غير كده مكانش بصلي من أصله...بكره ينساني متقلقيش...

رؤى بعبوس...بس هو بيحبك بجد يا يويو....

يارا بملل...اوووف بقى إنتوا ليه مصرين تتكلموا في الموضوع ده انا بجد زهقت....

شيرين...طب خلاص خلينا نتكلم في حاجة ثانية...عملتي إيه في عيد ميلاد رامي هتحضري؟؟

يارا بحماس...طبعا و انا مچنونة عشان افوت عيد ميلاد رامي الحداد...داه ابوه وزير يا بنتي....

شيرين بمكر...و معجب بيكي جدا....

يارا بغرور...عارفة بس انا مع صالح دلوقتي لما أخلص منه حبقى افكر فيه..هو اكيد هيستناني....

رؤى بعدم رضا...رامي ده بتاع بنات و كل يوم مع واحدة شكل إنت كده هتخسري صالح و حتندمي...

يارا و هي تنظر لشيرين...سيبك منها و قوليلي هتلبسي إيه؟؟

شيرين...ماما جابتلي مجموعة فساتين من باريس الاسبوع اللي فات حبقى البس واحد منهم و إنت ح تقنعي صالح إزاي هو اكيد مش هيوافق إنك تيجي الحفل.....

يارا بلامبالاة...حبقى أتحجج بأي حاجة انا عارفة إنه متخلف و رجعي مش هيقبل إني أخرج ارفه عن نفسي شوية زي البنات اللي في سني...

شيرين...تمام..انا رايحة عندي مشوار مهم حبقى اشوفكم بعدين....يلا سلام.....

في المساء....

مكالمة بين صالح و يارا....

صالح بلهفة...إزيك يا حبيبتي..عاملة إيه واحشاني أوي..

يارا بفتور...أنا تمام و إنت...

صالح بحب...بقيت كويس بعد ما سمعت صوتك عاملة إيه في المذاكرة انا عاوز إمتياز مش حقبل اقل من كده.

يارا في داخلها  ليه فاكرني زيك مفيش

حاجة ورايا غير المذاكرة...إن شاء الله يا حبيبي

البركة فيك إنت بقى ما إنت اللي حتذاكرلي مش إنت الدكتور بتاعي و إلا نسيت..

صالح...متشغليش بالك يا قلبي و هو أنا أطول أدرس أجمل و أرق بنت في الدنيا....

يارا بتصنع...ميرسي يا حبيبي...ربنا يخليك ليا انا بجد من غيرك مكنتش عارفه هعمل إيه اصل الهندسة صعبة جدا و انا بصراحة مش بفهم حاجة من الدكاترة اللي في الكلية.

صالح بهيام...و لا يهمك يا حبيبيتي...انا حضبط كل حاجة و الأسبوع الجاي إن شاء الله نبتدي مذاكرة مع بعض...عشان الامتحانات قربت داه فاضل أقل من شهر و نبتدي.

يارا بدلع...حاضر يا حبيبي...انا أصلي مسافرة إسكندرية مع ماما يومين عشان نزور طنط مريم..

صالح بحزن...يعني مش هشوفك بكرة كمان....

يارا...يا حبيبي ما انا قلتلك حسافر يومين و حرجع على طول...حبقى اكلمك كل ساعة متقلقش...

صالح باستسلام...حاضر تيجي بالسلامة...خلي بالك من نفسك و متكلميش ولاد...

يارا بضحك...ماشي..يسلملي اللي بيغير..

صالح...لو تعرفي بس انا بحبك قد إيه..

يارا بغرور...عارفة...عارفة و انا كمان بمۏت فيك..

صالح بسعادة...أنا بستنى بفارغ الصبر اليوم اللي أتخرج فيه عشان حطلب إيدك في نفس اليوم....

يارا بضحكة مرتبكة...إنت بتهزر صح....

صالح بجدية...لا طبعا انا بحبك اوي و إنت كمان بتحبيني...إيه المانع إننا نكون مع بعض إحنا نعمل خطوبة و كتب كتاب مع بعض و بعدها لما تخلصي دراستك نتجوز..

يارا بعدم تصديق لكنها تحاملت على نفسها...يا حبيبي لسه بدري على الكلام داه انا لسه عندي 19 سنة....

صالح...ما انا قلتلك نتجوز لما تخلصي دراسة يعني ساعتها حتبقي ثلاثة و عشرين....

أرادت يارا تغيير الموضوع لتتصنع ان والدتها تناديها...طيب يا حبيبي انا لازم اقفل عشان ماما بتنادي عليا...حبقى أكلمك بعدين على الفيس....

صالح...ماشي ياقلبي....

أقفلت يارا الخط و هي تتأفف بشدة قائلة...داه اللي ناقص...اتجوزك إنت عشان ادفن نفسي بالحياة...انا مش مصدقة هو لسه في ناس بالتفكير داه...لا و كمان لسه شاب يعني و الله لو كان راجل كبير كنت حتفهم إنما شاب و بالعقلية دي مش معقول داه ناقص يقلي نامي من المغرب و ياخذ مني الموبايل اوووف دي شيرين عاوز إيه دي كمان.....

أفتحت يارا سماعة الهاتف لتكمل حديثها مع صديقتها غير عالمة بالمؤامرة التي تحضرها لها...

بعد يومين في حفل عيد ميلاد رامي الحداد...رامي حداد مثال للشاب الوسيم و الغني إبن عائلة معروفة مدلل و مستهتر لأبعد الحدود رسب سنتين في السنة الثانية هندسة بعد

أن إجتاز السنة الأولى بصعوبة....

حياته عبارة عن حفلات، شرب، و بنات...يغير حبيباته كما يغير أحذيته...هو معجب يارا منذ اول مرة رآها فيها لكنه لم يستطع الاقتراب منها خوفا من صالح....

دخلت يارا قاعة الحفلة لتتوجه كل الانظار صوبها ترمقها باعجاب و أخرى بكره و حسد...كانت بالفعل جميلة جدا بفستانها الأسود القصير

أشارت نحوها رؤى لتأتي لتبتسم لها يارا إبتسامتها الخلابة قبل أن تتوجه نحوها...رؤى باعجاب...إيه الجمال داه يا بنتي...يارا بغرور...طول عمري قمر ههه

رؤى بهمس...بصي رامي حياكلك بعنيه...

يارا...عادي يا بنتي سيبك منه امال فين

شيري..

رؤى بعدم إهتمام...كانت هنا مش شوية...

اهي هناك مع سيدا و فادي العدوي...

يارا و هي تنظر حيث أشارت رؤى...غريبة

دي عمرها مع كانت صحاب هي سيدرا...دي

بكرهها كره العمى..

رؤى...لا غريبة و لا حاجة إنت عارفة شيري دايما مع مصلحتها...متنسيش إن سيدرا اووووبا يارا إلحقي مش داه صالح عز الدين..إرتجفت يارا پخوف و قلق قبل أن تدير رأسها ناحية الباب لتراه...كان في قمة الوسامة و هو يرتدي بنطال جينز باللون الأسود و فوقه قميص صوفي باللون الأزرق الداكن ضيق يبرز عضلات جسده الضخمة....

وصل إلى جانبها لينحني و يقبل وجنتها ببرود قبل أن يلقي التحية على رؤى...إزيك يا رؤى.

رؤى بتوتر...تمام و إنت؟؟

صالح بصوت خاو...الحمد لله..

انزل يده ليلفها حول خصر يارا ليسير بها نحو باب الخروج قائلا...عاوزك في كلمتين برا .

أومأت له يارا لتمشي بجانبه بهدوء و دماغها يكاد ينفجر من شدة التفكير...لماذا جاء و كيف علم انها هنا...هو ابدا لا يأتي لهذه الحفلات فلماذا هذه الليلة بالذات.....

فتح الباب ثم دفعها بخفة لتركب سيارته قبل أن ينطلق خارج الفندق....

أوقف السيارة على حافة الطريق ثم اخرج هاتفه ليضغط بعض ازراره قبل أن يرميه فوق ساقيها دون أن ينبس بحرف...

يارا بتوتر و هي لا تعرف ماذا تقول لتبرير فعلتها  كذبها عليه و ذهابها للحفلة...صالح إسمعني انا حفسرلك...

صالح و هو يضع سبابته على شفتيه...اشششش إسمعي و إنت ساكته...

ضيقت يارا حاجبيها و هي تنصت صوتها في الهاتف..ركزت قليلا قبل أن تشهق بقوة عندما إكتشفت إن هذا ليس سوى تسجيلا لحوارها مع شيرين و رؤى منذ يومين

عندما كانت تتكلم حول علاقتها معه...

لم تكد تتمالك صډمتها حتى صړخت بصوت عال عندما فاجئها صالح بامساكه شعرها بين يده ليوجهه وجهها نحوه صارخا پغضب چحيمي...بقى إنت تعملي فيا انا كده...انا

يا يارا....تكذبي عليا و ترسمي عليا الحب و تطلعي في الاخر......ليه ليه عملتلك إيه..

قبض أكثر على خصلات شعرها و هو يهز

رأسها مرات عديدة بقوة و هي تبكي بصوت عال...صالح ارجوك...أنا لم اقصد ذلك…أرجوك اتركني. 

الفصل الثاني. 

مضت أكثر سبعة أشهر على وجود سيلين

في عملها الجديد كبائعة في إحدى المولات

الكبيرة في برلين....تعرفت على زملائها الجدد

و لكنها كانت تفضل ان تكون وحيدة طوال

الوقت....

رغم إبتسامتها الدائمة التي كانت نرسمها على

وجهها لتستطيع القيام بعملها على أكمل وجه

إلا انها كانت تخفي حزنها الكببر في قلبها

بسبب أوضاع حياتها التي كانت تتدهور يوما

بعد يوما....

أكملت عملها على الساعة الثامنة مساء

ثم توجهت إلى محطة القطارات حتى

تستقل القطار المتوجه نحو الحي الذي

تقطن فيه...لفت سترتها الجلدية حول جسدها

بسبب برودة طقس شهر سبتمبر اول أشهر

الخريف قبل أن تجلس على احد المقاعد...

نظرت للشاشة العملاقة التي تعرض مواعيد

قدوم و إنطلاق القطارات لتجد ان قطارها

سيصل بعد دقيقتين....

بعد نصف ساعة كانت تقف أمام باب منزلها

تبحث عن المفاتيح في حقيبتها...فتحت الباب

ثم دلفت لتجد والدتها عافية على الاريكة

كعادتها تنتظر مجيئها...تقدمت نحوها بعد أن

رمت حقيبتها جانبا ثم بدأت في إيقاظها

بهدوء حتى لا تفزع....

...مامي...إصحى حبيبي انا جيت....

فتحت هدى عينيها ببطئ لتجد طفلتها الصغيرة

تقف أمامها...تنهدت بارتياح قبل أن تمسح

وجهها المتعب قائلة...إنت جيتي يا حبيبتي

الحمد لله...كنت مستنياكي بس الظاهر إني

نمت مكاني...تعالي إغسلي إيديكي و انا

ححط الاكل على السفرة عشان نتعشى سوى.

سيلين بعتاب و هي تتوجه نحو الحمام لتغسل

يديها...مينفاش مينفعش كده يامامي مكانش لازم

تتعب نفسك كنا طلبنا بيتزا من برا ا اي

حاجة ليه تطبخ.

هدى...و هو أحنا كل يوم حنقضيها اكل شوارع

و بعدين انا مش بتعب و لاحاجة....انا طول

النهار قاعدة لوحدي زهقانة و مش بعمل

حاجة...بفكر فيكي يابنتي و ببقى مړعوپة

كل ما ييجي الدنيا تظلم و إنت بتبقي برا

أنا خاېفة عليكي مش كفاية مستقبلك اللي

ضاع بعد ما سبتي جامعتك....

خرجت سيلين بعد أن نشفت يديها و هي

تلوي شفتيها بامتعاض من حديث والدتها

الذي إعتادت على سماعه كل مساء تقريبا

جلست على كرسيها و هي تقول...مام

ليه دايما نفس الكلام...حضرتك عاوزانا

نعمل إيه مافيش حل غير إني أسيب جامعة

و اشوف شغل....أكملت بالالمانية...أبي رحل

و أنت مريضة لاتستطعين متابعة عملك..نحن

في بلد غريب و لا أحد سيشفق علينا...لم يكن

أمامي اي حل يجب أن اخرج للعمل حتى أجلب

النقود...من أين سنأتي بثمن الاكل و الدواء

و فواتير الماء و الكهرباء و غيرها...نحمد الله

أن المنزل ملكنا و إلا كنا الان مشردون في

الشوارع.....

رمقتها هدى بتردد قبل أن تهتف بنبرة منخفضة

...خلينا نرجع مصر يا بنتي كفاية مرمطة هنا.

سيلين پغضب...أمي...تعلمين رأيي في هذا

الموضوع لن اذهب لتلك البلاد...أكرهها و أكره

المصريين جميعا. قالتها بغل و هي تكز على

أسنانها پغضب عندما تذكرت سيف المصري

الذي كان سببا في طردها من عملها....

هدى بعتاب...ملكيش حق يا سيلين و هو في

أطيب من المصريين و جدعنة المصريين

يعني عاحبينكم الألمان..جامدين و قلوبهم

حجر...خليني ساكتة أحسن.

سيلين و هي تغرس ملعقتها في صحن الشوربة

...على الاقل هم لديهم وجه واحد...قلوبهم قاسېة

و لا يعرفون معنى الرحمة او التعاطف و لكنهم

غير ناكري للجميل....امي دعينا من هذا الموضوع

لن أعود لمصر ابدا انا ألمانية لقد ولدت هنا

و ترعرعت هنا و لا اعرف بلدا آخر غير ألمانيا....

هدى بحزن...بس يا بنتي الحمل ثقل عليكي

أوي إنت مش ملزومة إنك تشتغلي و تصرفي

علينا...إنت مكانك في كليتك مع زمايلك لحد

إمتى حتقعدي تشتغلي في المطاعم و المحلات

أنا لو مت حتبقي لوحدك يا بنتي إحنا ملناش

حد هنا.....

سيلين باستهزاء...سنعود لمصر لنجد أروع

عائلة في العالم تنتظرنا..ارجوكي امي.

هدى بتحسر...أيوا هناك في عيلتي اللي

هربت منها من عشرين سنة...عشان حبيت

ابوكي و أصريت إني أتجوزه و هربت معاه

على هنا بعد ما أبويا رفض علاقتنا....ياريت

السنين ترجع بيا لورا مكنتش حعمل اللي

أنا عملته زمان...مكنتش حغلط غلطة

قعدت ادفع ثمنها عمري كله....رواية بقلمي ياسمين عزيز

سيلين...إنت لم تخطئي انت أحببتي والدي

فقط...عائلتك قاسېة لماذا تركوكي كل هذه

السنوات لم يحاولي البحث عنك حتى.

هدى...أنا كمان من ساعة ما سبت القصر

محاولتش اتصل بيهم ثاني...الحق عليا انا

اللي غلطانة...الجواز مش بس حب بين

إثنين...الجواز مسؤلية قبل كل شي انا

و ابوكي غلطنا كنا انانيين مفكرناش غير في

نفسنا...مفكرناش في أولادنا لما ييجوا يلاقوا

نفسهم وحيدين في بلد غريبة و اهو اللي

خفت منه حصل.....

نفخت سيلين وجنتيها بضيق قبل أن تكمل

طعامها و هي تستمع لحديث والدتها و هي

تحكي لها على حياتها السابقة في قصر

والدها عندما كانت صغيرة....

إنتهيا من العشاء لتقوم سيلين بغسل الصحون

و ترتيب المطبخ قبل أن تدلف غرفتها طلبا

للراحة بعد تعب يوم طويل....

في القاهرة....

و تحديدا في قصر صالح عزالدين...يقف فريد بين زملائه و أصدقائه الذين أتوا ليحتفلوا معه بحفل زفافه و الذي سعى ان يكون بسيطا و ضيقا يقتصرعلى حضور عائلته و بعض أصدقائه و طبعا سميحة والدة أروى لم تمانع فالمهم

عندها هو أن يتزوج إبنتها....

اما أروى المسكينة فقد كانت اشبه بجسد بلا روح وسط أقاربها الفرحين بحفل الزفاف الذي ادخل على القصر بعضا من البهجة و الفرح...

تشعر انه سيغمى عليها من الخۏف في كل دقيقة تمر و كأنها ذبيحة تساق نحو هلاكها...تعالت دقات قلبها و بدأ جسدها بالارتعاش بعد أن شاهدت الۏحش كما تسميه هي

يتقدم نحوهها بجسده الضخم و هيئته المرعبة التي جعلت قلبها يهوي داخل اضلعها فزعا و ړعبا منه...

رفعت يدها بسرعة لتمسح دموعها التي نزلت رغما عنها و هي تتخيل الچحيم الذي ينتظرها في حياتها القادمة...فهي لطالما سمعت عن جبروته و عجرفته و غروره....

جلس بجانبها دون إهتمام بها حتى أنه لم يلتفت نحوها...إنشغل بالحديث مع والدته قبل أن يقف من جديد و يتجه نحو بعض المدعوين يصافحهم و يرحب بهم....

بعد سويعات قليلة كانت أروى تجلس في جناحه

و على سريره بتوتر و هي تفرك يديها پعنف تشعر أن قلبها سيتوقف في اي لحظة من الخۏف...

دارت بعيناها أرجاء الغرفة لترتجف عظامها

من ديكورها القاتم الذي يعكس شخصية

صاحبها خاصة اللون الاسود الذي طغى

على المكان ليعطيه مظهرا كئيبا و مرعبا بالرغم

من فخامة التجهيزات......

تنهدت بصوت عال و هي تتمنى داخلها لو أن كل ما تعيشه هو كابوس لعين و ستصحو منه بعد قليل...

تمنت لو أنها كانت بتلك الجرأة و القدرة

على الوقوف أمام والدتها ودت لو أنها إستطاعت

الهرب لكن إلى أين؟؟ كان يجب أن تجرب

كل شيئ قبل أن تستستلم..كان يجب أن تحارب

أكثر من ذلك أن تظل قوية و ان تبحث عن حل

آخر...

أخرجها من دوامة أفكارها دخوله المهيب

بطلته الجذابة ببدلة الزفاف التي زادته

وسامة و جمالا....توقف قليلا عن السير

عندما رآها ثم زفر بحنق قبل أن يكمل

سيره نحو الحمام ليغير ملابسه...

خرج بعد دقائق يرتدي ملابس بيتيه سوداء

اللون و ينشف شعره بمنشفة بنفس اللون...

رمى المنشفة بإهمال على أقرب كرسي

قبل أن يتقدم نحو طاولة الزينة ليأخذ منها

زجاجة عطره ليرش منه بسخاء على جسده

أعاد الزجاجة لمكانها ثم إتجه نحو الاريكة

السوداء ليجلس عليها بارتياح واضعا ساقه

فوق الاخرى...إلتفت نحوها بعينيه الحادتين

كالصقر الذي يكاد ينقض على فريسته

يطالع هيئتها بسخرية....

صغيرة و ضئيلة الحجم لا تكاد تصل لاسفل

صدره لا ينكر جمالها الملفت و خاصة عينيها

السوداء الشبيهة بأعين الريم...أغمض عينيه

بتعب ثم ارجع رأسه مستندا إلى ظهر الاريكة

ثم تحدث بصوت غليظ أجش ليقطع صمت الغرفة

عندما ناداها...تعالي....

إهتزت جسد المسكينة و إرتعدت فرائصها

و هي تتمسك بفستانها الكبير و كأنه سيحميها

من هذا الۏحش الجالس أمامها...تقدمت نحوهه

بخطوات بطيئة مترددة و هي تتحاشى النظر

نحوه رغم تأهب حواسها لأي حركة تصدر منه....

...أقعدي خلينا نتفاهم. نطق مرة أخرى

و هو ينحني للأمام بجسده الضخم الذي إحتل معظم الاريكة لترتمي أروى على الكرسي الذي أشار

له بعد أن كادت تقع أرضا من شدة توترها....

فرك فريد ذقنه الحاد قليلا قبل أن يهتف من

جديد...قلتيلي إسمك إيه؟؟

شهقت أروى بداخلها و شعرت بغصة تجتاح

حلقها جعلتها تعجز عن التحدث و هي تستمع لما يقوله...تزوجها و هو لا يعرف حتى إسمها ألهذه الدرجة هي بلا قيمة...ليت والدتها كانت موجودة

حتى تسمع وترى نتيجة أفعالها....

أردف من جديد بنبرة لا مبالية متجاهلا صډمتها

التي ظهرت جليا على وجهها...إفتكرت..إسمك

أروى المهم...

إسمعيني كويس عشان في حاجات مهمة لازم تعرفيها عني و تعليمات لازم تلتزمي بيها عشان الحياة تستمر بيننا أنا إنسان عصبي جدا و بكره

إني اقول حاجة و متتنفذش...إنت طبعا عارفة

أنا تجوزتك ليه...إنت هنا عشان تهتمي بلجين

بنتي...للأسف مامتها توفت و سابتها فهي

محتاجة ام بديلة تهتم بيها و تراعيها...عاوزك

معاها أربعة و عشرين ساعة...هدومك و حاجتك كلها في أوضة لوجي....و مش عاوز اشوفك مرة ثانية هوبتي ناحية أوضتي...

و مفيش خروج من القصر لا تقوليلي ماما و لا أختي

و لا صاحبتي...أي حاجة تحتاجيها تقوليلي و انا حوفرهالك...اتمني إن كلامي واضح عشان

مش عاوز أعيده ثاني و دلوقتي تفضلي....

أنهى كلامه و هو يشير نحو باب الجناح يأمرها بالخروج بكل وقاحة لتقف أروى من مكانها حاملة فستانها الثقيل و تسير نحو الخارج و هي تتنفس

الصعداء...

رغم شعور الإهانة القاټل الذي شعرت

به و هو يعاملها و كأنها خادمة بل هي بالفعل

خادمة لابنته ألم يخبرنا ان سبب زواجه منها

هو الاعتناء بالطفلة...لكن ما أشعرها الارتياح

هو بقائها بعيدا عنه و هذا ماحمدت الله

كثيرا من أجله..

ستتجاهله أجل سوف تحاول بكل الطرق الإبتعاد

عنه و عدم الاحتكاك به و عدم رؤيته من جديد

لقد كان ان يغمى عليها منذ قليل و هو

يحدثها بهدوء فماذا سيكون حالها لو وقفت

أمامه و هو غاضب....

فتحت الباب المقابل للجناح و دلفت للداخل

لتبتسم رغما منها من مظهر الغرفة الزاهية

بالوانها البيضاء و الزهرية التي بعثت بعض

البهجة و السعادة بداخلها....

تقدمت للداخل لتجد فتاة صغيرة جميلة

للغاية تنام بهدوء على الفراش...إبتسمت

بتلقائية و هي تمرر أصابعها على وجنتها

الحمراء المكتنزة التي جعلت أروى تود

تقبيلها لكنها تمالكت نفسها لتتجه نحو

الخزانة حتى تغير هذا الفستان الثقيل

الذي تحملت إرتدائه عدة ساعات...

جذبت الغطاء بعد أن تمددت بجانب

الصغيرة لتغلق عينيها بتعب و هي تزيح

من عقلها جميع الأفكار التي تزاحمت فجأة

لتؤرق نومها متمتمة بداخلها...أحسن الحمد لله

إنها جات على كده يارب يفضل زي ماهو

و خليه بعيد عني دايما...

في الولايات المتحدة الأمريكية..

رفع رأسه من على كتلة الأوراق التي تفترش مكتبه بإهمال...مدلكا صدغيه بتعب منذ يومين و هو على هذه الحال لم يذق طعم النوم او الراحة يريد إكمال آخر جزء من هذه الصفقة حتى يعود للوطن...فقد حان وقت الاڼتقام...

فتح درج مكتبه ليخرج ظرفا كبيرا يضم صورها

جميلة جدا بل فاتنة حد الجنون كما تركها...

ضحكتها الخلابة التي سلبت عقله منذ النظرة

الأولى لازالت كما هي لم تتغير....

قبض على الصور بقوة و عيناه تزداد قتامة

من شدة الڠضب...كلما تذكر ما فعلته به في

الماضي..كيف خدعته بكل سهولة و مزقت

قلبه لاشلاء غير مبالية بمشاعره التي سحقتها

تحت قدميها بكل قسۏة و أنانية...

نسيته بكل سهولة و أكملت حياتها و كأن شيئا

لم يكن و كأنه لم يكن موجودا في حياتها...بينما

هو لا زال يعيش على ذكراها...لم تغب عن تفكيره

لحظة واحدة....مايزال يتذكر ذلك اليوم المشؤوم

الذي إكتشف فيه خداعها له تحت مسمى الحب....

تنهد بصوت مسموع و هو يتفحص تلك الأوراق

من جديد...سامح منصور إبن رجل الأعمال

عبدالله منصور...رجل آخر يتقدم لخطبتها ليقوم

هو بابعاده كما تعود منذ سنتين...

ضحك بسخرية و هو يحاول ان يتذكر كم عدد

الرجال الذين أجبرهم على الإبتعاد عنها بمساعدة

فريد شقيقه وسيف إبن عمه رغم معارضتهما

لافعاله إلا أنهما في الاخر يرضخان لطلبه.....

لكن الآن إنتهى كل شيئ...سيعود من جديد

لأجلها...لأجل كرامته و رجولته..لأجل قلبه

الذي فقده منذ خمس سنوات على يد طفلة

لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها....سيعود

حتى يأخذ بثأره منها كما وعدها في آخر لقاء

بينهما...فهو رجل و الرجال لا تنكث بوعودها ابدا...

أشرق صباح جديد على قصر آل عز الدين...

لتستيقظ تلك الجميلة ذات الشعر البني الحريري

و العينان الساحرتان...مطت ذراعيها بكسل

قبل أن تتمتم بنعاس قائلة...تروماي معدي على

جسمي مش سايب فيه حتة سليمة...

حركت يديها على فراشها بحثا عن هاتفها

لتجده اخيرا تحت الوسادة...فتحته لتشهق

فزعة و هي تقفز من فوق سريرها...يالهوي

دي الساعة عشرة...جدي حيسمعني الموشح

بتاع كل يوم علشان بتأخر....

رمت الهاتف ثم إتجهت مسرعة نحو الحمام

لتغسل وجهها و تغير ثيابها و تنزل للأسفل

حيث وجدت جميع العائلة محلقين حول

طاولة الإفطار كعادتهم كل صباح....

هرولت إنجي نحو جدها تمسك بيده و تقبلها

قائلة بتلعثم...صباح الخير يا جدو...انا آسفة

عشان نزلت متأخر...

أشار لها لتسير نحو مقعدها بجانب هشام

الذي كان يرمقها بنظراته العاشقة المعتادة...

همست و هي تقطب جبينها بتعحب...الظاهر

إني مش انا لوحدي إللي صحيت متأخر النهاردة....

هشام بخفوت…صباح الورد يا نوجة...لا كلنا

صحينا متأخر متقلقيش داه حتى سيف

خرج من شوية بس...

إنجي...هااا و انا بقول ليه جدو مزعقليش

زي عوايده...

هشام بابتسامة...يلا إفطري عشان اوصلك

لكليتك في طريقي....

زمت إنجي شفتيها بعدم رضا و هي تتذكر

كيف حرمها جدها من سيرتها منذ اسبوعين

بعد أن تجاوزت السرعة المحددة لها في إحدى

المرات و هي في طريقها للكلية بعد أن إستيقطت

متأخرة كعادتها و تم سحب رخصة سياقتها...

بعدها تولي شقيقها فريد توصيلها إلى الجامعة

كل صباح لكنه اليوم عريس و لذلك كلف الجد

هشام بهذه المهمة و هذا ماجعله في غاية

السعادة حتى أنه كاد ان يقبل جده صباحا

لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة.....

خرجا بعد أن إنتهيا من تناول الفطور...

فتح لها الباب بحركة نبيلة لتدلف إنجي السيارة غير مهتمة بذالك اللذي كانت عيناه لا تحيدان

عنها...و كأنه لا يرى غيرها في المكان...

في الطريق للجامعة...إنزلقت إنجي بجسدها

لأسفل الكرسي قليلا قائلة بنعاس...هشام....ممكن

تحجزلي في أي أوتيل عشان عاوزة اكمل نومي..و لما تيجي تروح المساء تعالي خذني في سكتك....

ضحك عشام و هو يلتفت نحوها ليجدها

منكمشة على نفسها كقطة صغيرة تغلق عيناها

إستعدادا للنوم...

هشام بضحك...إنت حتنامي بجد و إلا إيه...

مينفعش كده قومي و صحصحي داه إنت عندك

محاظرات دلوقتي....

هزت أكتافها بكسل و هي تجيبه...مش عاوزة

أروح الكلية...حنام في المحاضرة و الله...على فكرة المفروض مكنتش آجي عشان إمبارح الفرح

و انا فضلت سهرانة لوقت متأخر.....

هشام بتهكم و قد تذكر طلتها الساحره الساحرة التي

جعلته يشعر بالڠضب و الغيرة الشديدة من

عيون الحاضرين الذين كانوا ينظرون لها بإعجاب

...و فضلتي طول الليل بترقصي....

إنجي بسخط...الله مش فرح اخويا...

هشام و هو بحاول تهدأة نفسه...اه فرح اخوكي

و اديكي النهاردة مصبحة في الكلية...خليه

ينفعك بقى....

إستقامت إنجي في جلستها ثم مسحت وجهها

تنشط نفسها قليلا قبل أن تلتفت نحو هشام

الغاضب...ضيقت عينيها بمكر قبل أن تضع

يدها على يده الموضوعة فوق مقود السيارة

ليتنتبه لها هشام و يستدير نحوها دون أن ينبس

بكلمة....

إنجي و هي ترفرف بأهدابها قائلة بدلال...هشام...

هشام بنبرة هائمة بعد أن سيطرت عليه بلمسة

بسيطة من يديها و نظرة من عينيها...روح

قلب هشام....

إنجي بخبث و هي تمد شفتها السفلية نحو الإمام كدلالة على حزنها...مش عاوزة أروح الكلية.....

إبتلع هشام ريقه بصعوبة و هو يشعر بتعرق جبينه رغم برودة الطقس ليهتف بصوت متقطع...ليه بس يا نوجة...مش يمكن…عندك محاضرات مهمة و لازم تحضريها....

ابعدت إنجي يدها و هي تزم شفتيها بحزن ملتفتة للجهة الأخرى من السيارة. 

ليتنهد هشام بيأس من دلالها الذي يكاد يذهب بعقله فهو لحد الان لا يزال غير مصدق انها الان تجلس بجانبه و عطرها الهادئ برائحة الياسمين يملأ سيارته....

هشام باحباط...طيب خلاص يا نوجة متزعليش أنا حاخذك الجامعة ساعتين بالكثير شوفي وراكي إيه و بعدها حاجي آخذك ثاني نتغدى سوى و نقضي بقية اليوم مع بعض عشان للأسف مش حقدر ارجعك القصر ..

إنجي و قد لمعت عيناها بسعادة...لا قصر إيه داه جدو يولع فينا إحنا الاثنين...

بعد القليل من الوقت كانت سيارة هشام تقف أمام كلية الإعلام التي تدرس بها إنجي التي ودعته و نزلت متجهة نحو أصدقائها..

أدار هشام سيارته الناحية الأخرى حتى يعود أدراجه نحو المستشفى التي يعمل بها لكنه لمح إنجي صدفة تقف مع شابين و فتاة قرب الباب الخارجي للكلية....

ضيق حاجبيه عندما لمح أحدهما يضع يده على شعرها ليكز هشام على أسنانه پغضب و يوقف السيارة فجأة حتى إحتكت العجلات بالأسفلت مصدرة صريرا مزعجا...أغلق باب

السيارة پعنف ثم أخرج هاتفه ليطلب رقمها و عيناه مازلتا مثبتتان عليها حتى رآها تخرج هاتفها من حقيبتها...

إنجي بمزاح...كنت عارفة إنك حتغير رأيك و تيجي تاخذني.....

توقفت عن الحديث عندما قاطعها بنبرة حادة و هو ېصرخ پغضب...مستنيكي برا خمس ثواني و تكوني واقفة قدامي.

حدقت إنجي بشاشة هاتفها بتعجب بعد أن أنهى هشام المكالمة و هي تتمتم بصوت خاڤت جدا...مالوا داه...

سألتها أحلام صديقتها...في إيه يا إنجي؟؟

إنجي بلامبالاة...و لا حاجة انا مضطرة اطلع

هشام مستنيتي برا حشوف عاوز إيه و أرجع

على طول...تشاو مؤقتا.

وصلت إلى سيارته لتجده متكئا عليها و هو ينظر نحوها..و هاتفه بيده...إستقام ثم أشار لها بركوب السيارة قبل أن يلتف هو أيضا ليستقل مكانه و ينطلق..

إنجي بحماس متناسية لهجته الغاضبة منذ قليل...حتاخدني فين بقى؟؟

هشام بهدوء و هو يكتم غضبه بداخله...مين الولد اللي كان بيمسحلك على شعرك من شوية؟؟

إنجي بعدم فهم...ولد؟...ولد مين؟؟

إنكمشت مكانها تحتضن حقيبتها عندما صړخ هشام في وجهها و هو يضرب المقود بهستريا...الولد اللي كان واقف معاكوا من شوية...إنطقي إزاي تسيبيه يحط إيده عليكي

كده....

إنجي بنبرة لينة تحاول مسايرته...هشام عشان خاطري إهدى....

أمسكها من ذراعها يهزها پعنف و يده الأخرى على المقود...حقول لجدي و هو حيربيكي من جديد..حقله إن حفيدته المحترمة إنجي عزالدين دلوعة العيلة واقفة مع شباب في الجامعة واحد منهم حط إيده عليها....انا لولا خاېف من الفضايح اللي ممكن تحصل من الموضوع داه كنت

دخلت كسرت إيده اللي حطها عليكي..إبن.....

شهقت إنجي پخوف و صدمة و هي ترى هشام إبن عمها الشاب الهادئ الرزين يتحول إلى وحش غاضب مخيف...

مساء....اد صالح إلى قصر جده بعد غياب دام

سنوات ليستقبله الجميع بفرحة....

سناء و هي تحتضنه للمرة العاشرة...أنا مش

مصدقة إنك خلاص رجعتلنا ياحبيبي..انا كنت

حموت  و اشوفك....

صالح بضحك و هو يقبل جبينها...ياماما ما إنت

اللي رافضة تجيلي هناك....

سناء بتكشيرة...بعيدة اوي ووحشة...كان لازم

تختار أمريكا.

صالح...اديني رجعت اهو يا ستي المهم

متزهقيش مني بس....

سناء بلهفة...ياخبر داه انا بفكر اجوزك

كمان زي أخوك....

إنجي بمزاح...إشرب ياعم..الظاهر إن ماما

حاسبة حساب كل حاجة...عاوزة تربطك هنا

بأي طريقة.

صالح...و انا موافق ياستي..بس..هو فريد

فين انا مش شايفه.

سيف...ما إنت عارف اخوك...رجع الشغل.

صالح و هو يهز رأسه من تصرفات أخيه...لو مكانش عمل كده ميبقاش فريد...

بقى الجميع يتجاذبون أطراف الحديث

قبل ان يستأذن صالح الصعود لغرفته ليرتاح...

اخرج هاتفه من جيبه ليصل برقم ما...بعد أن اتاه الرد قال...تمام....كويس جدا داه المطلوب...

مكان هادي و بعيد عن الكل...محدش يقدر يوصله

..عز الطلب...ماشي مع السلامة.

رمى هاتفه على السرير تزامنا مع إبتسامته الشريرة

التي شقت ثغره ليطلق صفيرا مستمتعا بخططه

التي تسير كما يحب.....

في فيلا فخمة تعود لمالكها ماجد عزمي.....

تحلقت العائلة الصغيرة حول طاولة العشاء

كعادتهم كل مساء...

ماجد...إيه اخبار الشغل يايارا...؟؟

يارا بعدم إهتمام...سبته...

ماجد بصړاخ و هو يرمي الشوكة و السکين

من يديه: نعم...إنت إتجننني دي ثالث مرة

تعمليها و تكسفيني مع أصحابي...

ميرفت والدة يارا)...خلاص يا ماجد متكبرش

الحكاية البنت مش عاوزة تشتغل....هو بالعافية.

ماجد پغضب...كله من دلعك فيها....آدي أخرتها...

يارا وهي تلوي ثغرها بملل...يا بابا قلتلك مية

مرة قبل كده انا مش بحب اروح الشركات دي

و اتقيد بوقت دخول و خروج و بعدين انا

مباقليش كثير متخرجة عاوزة اريح دماغي

شوية...

ماجد بسخرية...اللي يسمعك كده يقول كنتي

مقطعة نفسك مذاكرة و إنت يادوب كنتي

بتنجحي كل سنة بالعافية...داه انا ببقى مكسوف

لما بكلملك واحد من أصحابي عشان يلاقيلك

شغل عنده...لما يسألني ناجحة بتقدير إيه...

ميرفت بغرور...مش مهم التقدير...المهم إنها خلصت

و بقت مهندسة...خليها ترتاح سنة و إلا إثنين و بعدين نشوف حكاية الشغل إبقى إفتحلها مكتب لوحدها بنتي انا مبتشتغلش عند حد.....

ماجد بسخرية...عشان الهانم  تبقى تروح و تيجي براحتها...

ميرفت بتجاهل...نسيت مقلتلكش مرات عبدالله منصور كلمتني عاوزين معاد معاك عشان

يخطبوا يارا...

ماجد بتعجب...عبد الله منصور بتاع العربيات....

ميرفت...أيوا هو...قلت إيه؟.

تدخل ريان شقيق يارا الأصغر قائلا بمرح...

حغير العربية حغير العربية...

رمقه والده بنظرة حادة ليصمت ثم إلتفت

نحو زوجته قائلا...أتمنى ميكونش زي

اللي قبله...ميكملش أسبوع و يختفي

خالص..

ميرفت بتأفف...خلاص بقى مش وقت المواضيع

دي...الجماعة معزومين عندنا آخر الأسبوع

أنا بكرة حكلم نجلاء هانم و اقلها.

أومأ لها ماجد دون أن يتحدث قبل أن يعود

من جديد ليتناول طعام العشاء بينما إستأذنت

يارا نحو غرفتها بعد أن تحججت بأنها متعبة

و تريد النوم.....

غيرت ملابسها ثم تسطحت على السرير

و هي تتذكر حياتها طوال الخمس سنوات

الماضية....وتحديدا بعد ذلك اليوم الذي تركها

فيها صالح عزالدين....كانت تدرس بجد رغم الصعوبات التي كانت تواجهها لكنها كانت دائما

مصرة على النجاح حتى لا تصبح مصدر سخرية من زملائها الذين لاطالموا تحدثوا من ورائها عن فشل بعد أن تركها النابغة صالح كما كانوا يسمونه....

لم يقترب منها لا رامي الحداد و لاغيره من

شباب الجامعة حتى في النادي...كلما تحدث

معها أحدهم اليوم يختفي بصفة مفاجأة

في اليوم التالي...

نفت تلك الأفكار من رأسها عندما سمعت

هاتفها يرن لتجدها إحدى صديقاتها مروى....

يارا بهدوء...أهلا ياميرو....

مروى بصړاخ...فينك يابنتي كلنا مستنينك...

يارا بتعجب...مستنيني فين؟؟؟

وضعت مروى يدها على أذنها الأخرى

لتسمعها بسبب صوت الاغاني المرتفع...البارتي

إبتدت من زمان...عيد ميلاد فيري إنت نسيتي؟؟

تأففت يارا بضيق لنسيانها أمر عيد ميلادها

صديقتهم فريدة...اووف انا نسيت خالص

و مش حقدر آجي دلوقتي...

مروى...مش ممكن يا يويو الشلة كلها هنا

مستنيينك داه حتى حازم هنا و مش مبطل

سؤال عليكي

يارا بضيق...تمام نصاية و اكون جنبك...

إستقامت يارا و هي تنظر لشاشة هاتفها لتجدها

الساعة التاسعة و النصف ليلا لم تهتم كثيرا

فهي معتادة على السهر خارجا كل ليلية و الرجوع

متأخرة و ذلك بتشجيع من والدتها اللتي لم

تكن ترفض خروجها خاصة و انها تعرف صديقاتها

جميعا و هذا ما كان يطمئنها حسب رأيها....

إتجهت نحو خزانتها لتغير ملابسها و ترتدي

فستانا فخما باللون الأسود المطرز بخطوط ذهبية

قصير و ضيق يلتصق على جسدها كجلد ثان. 

إرتدته على عجالة ثم فردت شعرها المموج

ليغطي كتفيها و ظهرها و وضعت بعض مساحيق

التجميل الخفيفة مما زادها جمالا ثم أخذت

حقيبتها التابعة للفستان و حذاء باللون الأسود

و نزلت الدرج بسرعة.....

من حسن حظها لم تجد أحدا في الأسفل

رغم أنها لم تكن تهتم...ركبت سيارتها ثم

إنطلقت نحو احد الملاهي الليلة الفخمة

حيث يقام عيد الميلاد...

دخلت تتهادى بخطوات رشيقة جعلت

جميع الرؤوس تلتفت لها و تناظرها باعجاب

إحتضنتها مروى قائلة...واو إيه الجمال داه

كله يايويو...قمر آخر حاجة....

أجابتها يارا بغرور و هي تجلس بجانبها

واضعة ساقها على الأخرى بأناقة...طول عمري

قمر و ميرو و إلا إنت رأيك إيه....

حازم بابتسامة...طبعا برنسيسة الجامعة

و النادي و كل حتة...

إحتضنها مقبلا وجنتها لتجيبه يارا...دي

اقل حاجة عندي...امال فين جوجو مش شايفاها

هي ماجاتش؟؟؟

مروى بضحك...لا جات بس فوق مع أسامة...

يارا و هي تلوي شفتيها باشمئزاز...البنت دي

مش حتبطل قرف...

مروى...ما إنت عارفة أسامة مفيش بنت بتاخذ

معاه يومين...اليوم الثالث تلاقيها في سريره...

يارا...اللي عاوزة تحافظ على نفسها حتقدر

حتى لو قدامها براد بيت ذات نفسه...صحيح

إننا بنسهر و نخرج زي و نلبس بحرية...بس

كل حاجة و ليها حدود..و هي عارفة إن واحد

زي أسامة حيتسلى بيها يومين وبعدها حيرميها

و يدور على واحدة جديدة غيرها...

مروى بلامبالاة...ما احنا ياما غنينالها الاسطوانة

دي بس مش نافع...بنت غاوية قرف...أقطع

ذراعي من هنا لو مكانتش هي اللي طلبت

منه.....

يارا بقهقهة...لا في دي معاكي حق..يلا

سيبينا منهم يتحرقوا هما الاثنين...قوليلي

بقى فين البارتي اللي جايباني عشانها

نص الليل دي.

مروى بضحك...ماهو حازم هو اللي قالي كدة

اصل حفلة فريدة بكرة مش الليلة.

يارا پغضب...اه ياكلبة...خليتيتي ألبس

الفستان اللي كنت مقررة البسه في البارتي......

أتى حازم و في يده كاسين من عصير البرتقال

الفرش كما تحبه يارا...مد لها الكأس الأول ثم. إحتفظ بالثاني لنفسه...

يارا بابتسامة ساحرة...ميرسي يا حازم....

مروى باندفاع...و انا مجبتليش عصير معاك

و إلا الدلع بس ليارا....

حازم و هو يقترب قليلا ليجلس بجانب يارا

يرمقها بنظرات إعجاب...طبعا..الدلع يليق

بس للقمر اللي قدامي...

ضحكت يارا بينما أجابته مروى بسخرية

...يا سوسو...طب إثقل شوية على طول كدة

جابتك على بوزك..

حازم بغيظ...و إنت مالك...و بعدين إيه اللي

مقعدك بينا ماتروحي ترقصي و إلا تشربي

و إلا تغوري في داهية....لاصقة هنا ليه...

يارا بضحك...بالراحة ياحازم...اصل مروى

مرهفة الاحاسيس...و شوية كمان و حتعيط....

مروى و هي تصطنع البكاء...شفتي يايوو

هزقني إزاي...ناكر جميل داه انا اللي خليت

يارا تيجي الليلة....

يارا و هي تضع الكوب على الطاولة...أنا بصراحة

مش قادرة أتابع الحوار الشيق بتاعكم و مضطرة

اروح عشان مقلتش لماما إني طالعة....

حازم بلهفة...طب خليكي شوية كمان إنت

جيتي دلوقتي بس....

يارا معتذرة...مقدرش ياحازم لو سمحت انا لازم

اروح..اوعدك بكرة حبقى وقت أطول...

ودعتهم يارا رغم إعتراض حازم الذي كان

يريد قضاء أطول وقت معها فهو معجب بها

و بشدة...لكزته مروى على ذراعه عندما وجدته

مازال ينظر في أثر يارا بشرود...إيه ياعم...خلاص

وقعت إنت كمان....

حازم بتنهيدة تخفي آلامه...من زمان يامروي

من زمان واقع...

أخذت مروى سېجارة من علبته الفاخرة

لتشعلها و تنفث دخانها في الهواء قائلة...بس

إنت عارف....الكل عارف إلا هي....

حازم بنبرة متكسرة...للأسف عارف انا

أكثر واحد عارف إيه اللي بيحصل..حاولت

أقف في وشه بس للاسف مقدرتش..انا

مش خاېف على نفسي بالعكس انا مستعد

اموت عشانها بس هو عرف يلعبها صح...

هددني بعيلتي لو قربت منها ثاني....

مروى بتفكير...ياترى عارفة...

حازم بعجز...مش عارف...بس أكيد حاسة

إن في حاجة مش مضبوطة...إنت مجربتيش

تقوليلها....

مروى بسخرية...حقلها إيه؟؟ إن في واحد

مريض بيحوم حواليكي و مراقب كل تحركاتك

و اي حد يقرب منك بيهدده عشان يبعد عنك..

و إلا اقلها إنسي إنك تحبي و تتحبي زي بقية

البنات الطبيعية....

حازم...طيب و العمل...هي لازم تعرف....

مروى و هي تهز كتفيها برفض...أنا مليش

دعوة..مش عايزاها تعيش في ړعب بسببي

خليها كده أحسن على الاقل بتمارس حياتها

بشكل عادي...مش هاوزة أقلقها على الفاضي

خاصة إنه مفيش دليل على كلامنا داه....

تابعا حوارهما حتى ساعة متأخرة من الليل

قبل أن يعود كل منهما إلى منزله و في عقله

الف سؤال و سؤال....

يتبع 

الفصل الثالث

إستيقظت بعد ساعات قليلة تشعر بصداع

شديد يكاد يقسم رأسها نصفين...وضعت

يدها على حبينها و هي تفتح عينيها ببطئ

قبل أن تغمضهما من جديد بعد أن تفاجأت

بضوء ساطع كاد أن يعميها لشدته...

تأوهت بتعب من آلام رأسها و جسدها و هي تدير عيناها من جديد حولها متفادية ذلك الضوء الساطع الذي لم تكتشف مصدره حتى الآن...

لتنهض فجأة بعد أن تذكرت ما حصل معها منذ ساعات....

كانت تخرج من النادي الليلي الذي تعودت ان تسهر فيه مع أصدقائها و هذه الليلة كانت إحتفال بعيد ميلاد صديقتهم فيري

خرجت بعد أن ملت من الحفل و صار الوقت متأخرا...كانت خارجة من النادي متجهة نحو سيارتها التي جلبها لها الحارس لكنها تفاجأت بسيارة كبيرة سوداء تقف أمامها و شخصا ما يجذبها للداخل دون أن ترى وجهه كل ذلك

حصل في ثانيتين من الوقت...و بعدها أغمي عليها و لم تعد تشعر بشيئ و هاهي الان تستيقظ في مكان غريب...

وقفت بخطوات مترنحة و هي تحاول معرفة أين هي...اصابها الهلع و الذعر بعد أن إكتشفت أنها ليست في غرفتها الفاخرة...بل كانت في غرفة قڈرة  أشبه بالصندوق الكبير تحتوي على سرير قديم و مصباح معلق في السقف

جدرانها مازالت بلون الأسمنت و بعضها حجارة هرولت نحو الباب لتتعثر بفستانها الأحمر الضيق الذي هرقل حركتها لتسقط على الأرضيةالصلبة المليئة بالغبار و الاتربة والحشرات الصغيرة...

صړخت پخوف قبل أن تستقيم من جديد نحو الباب...

ضړبت الباب بكفيها عدة  مرات بقوة و هي تصرخ...إفتحوا...خرجوني من هنا....إفتحوا

الباب....

ظلت تصرخ و تبكي بأعلى صوتها و هي

ترسم عدة أفكار سيئة في رأسها عن سبب

وجودها في هذا المكان الموحش...تراجعت

للخلف عندما سمعت صوت مقبض الباب

ليظهر من وراءه رجلين ضخمين يرتديان

ملابس سوداء..

إرتجفت پخوف عندما لمحت إبتسامتهما

الخبيثة و هما يتفحصان جسدها بوقاحه

بسبب ملابسها الضيقة و العاړية...

تصنعت الشجاعة و هي تكاد تسقط في

مكانها من شدة الړعب...إنتوا مين و جايبيني

هنا ليه؟؟ إنتوا مش عارفين انا مين؟؟

نظر الرجلان لبعضهما راسمين على

وجههما  إبتسامة مستهزءة قبل أن

يتطوع أحدهما و يجيبها...حتى لو كنتي

بنت رئيس الوزراء...

تنفست الهواء بقوة قبل أن تجيبه بحدة

رغم إرتعابها من نظراته الخبيثة التي يرمقها

بها...انا بنت المستشار ماجد عزمي...

صمتت قليلا قبل أن تكمل بلهجة اقل حدة

...لو عاوزين فلوس انا حديكوا كل اللي إنتوا

عاوزينه بس سيبوني امشي من هنا...انا معرفكمش......

ضحك الرجل الثاني لتزداد ملامحه شراسة

بصوته الغليظ الذي ملأ قلب المسكينة

ړعبا حتى يكاد يتوقف...بس إحنا مش

عاوزين فلوس...إحنا عاوزينك إنت يا قمر .

إلتفت لصديقه ليغمزه ثم إنفجرا بالضحك مرة

أخرى....

ړعب، خوف، هلع كلمات لا تصف ماتشعر به

يارا بعد سماعها لكلام الرجلين المخيفين...

نظرت لأجسادهما الضخمة ليجتاح الذعر كامل

اوصالها و تشعر بجفاف في حلقها و قلبها

يدق بشدة حتى يكاد يخرج من قفصها الصدري

تراجعت للخلف عدة خطوات و هي مازالت

تتفرس هيأتهما المخيفة و الاوشام التي كانت

تغطي يديهما و رقبتهما...

ناهيك عن تلك الندبة التي كانت تقسم وجه

أحدهما لتزيد من منظره الإجرامي خطۏرة

و هلعا في نفسها...

تمتمت برجاء و وجهها غرق بدموعها...ارجوكوا

بلاش كده انا حديكوا فلوس كثيرة اطلبوا

المبلغ اللي إنتوا عاوزينه...إدوني موبايلي

حكلم بابا و هو يبعثلكم فلوس بس و النبي

سيبوني انا معرفكمش...

تكلم أحد الرجلين ببرود ليزيد من ضغطها النفسي

و هي التي تجاهد حتى لا يغمى عليها من شدة

الخۏف...بس إحنا نعرفك...و إنت هدية لينا

من الباشا الكبير...

لوحت بيدها أمامها صاړخة بتوسل...ارجوكوا

لا...إنتوا مش ممكن تعملوا فيا كده...انا مش

أذيتكوا في حاجة إنتوا معندكوش إخوات...

قاطعها أحدهما بحدة ارعبتها...جرى إيه

يابت إنت...إنت حتعملي نفسك شريفة علينا

داه إحنا خاطفينك من قدام كباريه بفستانك

اللي شبه ال....إخرسي بقى و إتلمي و خلي

ليلتك تعدي على خير...و لو عاوزة الطريقة الصعبة بردوا إحنا جاهزين بس إنت اللي حتتضرري

في الاخر و حتبقى نهايتك يا المستشفى يا الخړابة

و على فكرة وفري صوتك الحلو داه و إتكتمي عشان

إحنا في مكان بعيد و لو فضلتي ټصرخي لبكرة

الصبح مفيش حد حيسمعك....مفهوم يا....

صړخ في آخر كلامه و عيناه تقدح شرارا..ضخمين

للغاية و ملامحهما تدل على أنهما من أصحاب السوابق ذوي القلوب المېتة التي لا طالما سمعت

عنهم...يخطفون و ېقتلون بدم بارد...

جرائهم لا تحصى و لاتعد...و هي ضحيتهم

الجديدة....تكاد تختنق بشهقاتها و هي تتوسلهم

ان يتركوها دون جدوى...

الاصرار و التجاهل هذا ما لمحته في أعينهم

لن يتركوها مهما قالت أو فعلت...لن تستطيع

النجاة منهم او التغلب عليهم في هذا المكان

المقطوع...

لطالما سمعت عن جرائم الخطڤ لكن لم تكن تظن انها ستكون ضحېة في احد الايام...

خانتها ساقاها و لم تعد قادرتان على حملها لتتنزلق على الأرض بعد أن سمعت أحدهما يقول...خمس دقائق و راجعين ياقطة..جهزي نفسك....

غمزها و هو يدعك أنفه باصبعه بحركة قڈرة تدل على إستهلاكه ممنوعات...لتوقن يارا أن نهايتها إقتربت و لا نجاة لها بعد هذه الليلة إلا بمعجزة...

لطمت فخذيها بكفيها قبل أن تنتحب بيأس و هي تدعو الله بداخلها أن ينفذها من براثن هذين الوحشين الجائعين....

في برلين....ألمانيا....في إحدى المستشفيات...

تجلس سيلين أمام أحد الغرف تنتظر خروج الطبيب منذ ساعات طويلة بعد أن تدهورت صحة والدتها و اغمي عليها فجأة لتضطر لنقلها إلى المستشفى...

رفعت رأسها عندما سمعت صوت الباب تلاه

خروج الطبيب الذي كان يفحص هدى بالداخل

هرولت نحوه قائلة بلهفة...دكتور طمئني

ارجوك...هل هي بخير؟؟؟

الطبيب بلهجة بعملية...الان هي بخير...لكن

أنت تعلمين وضع قلبها إنه ضعيف...تحتاج

عملية جراحية في أقرب وقت...الأدوية لا تكفي

لقد تعدت مرحلة العلاج بالأدوية....العملية

هي الحل..لن تصمد طويلا....

سيلين بحزن يغمر قلبها...لكن دكتور..كلفة

العملية باهضة جدا...الا يوجد حل آخر...

الطبيب بأسف...لقد أخبرتك يا آنسة..تحتاج

تدخلا جراحيا في أقرب وقت و إلا فقدناها..

سوف أتكلم مع إدارة المشفى..تستطيعين تقسيط

المبلغ....تدفعين نصفه الان و النصف الاخر

بعد إجراء العملية.....

اومأت له سيلين بإيجاب دون أن تجيبه  لينسحب الطبيب مكملا عمله بينما بقيت هي تفكر...يا

إلهي إنها ستون الف يورو من أين سأجلب

مبلغا كهذا...انا بالكاد أسدد فواتير الكهرباء

و الماء و الطعام....لم أستطع شراء حذاء

جديد منذ سنتين...مالذي علي فعله...صاحب

العمل لن يوافق على إعطائي سلفة بهذا. المبلغ

الضخم...لا يوجد حل سوى بيع المنزل...لكن

هذا سيحتاج وقتا طويلا حتى أجد سعرا مناسبا

و منزلا جديدا...يا إلهي انقذ أمي لايوجد لي

أحد سواها....

أدمعت عيناها بعجز و هي تحدق بباب الغرفة

المغلق حيث تنام والدتها وراءه بقلب انهكه المړض

ماذا سيحدث لها لو خسرتها...هي لا تعرف أحدا

في هذا العالم سواها...لا أقارب و لا أصدقاء...

يبدو أن والدتها محقة عندما طلبت منها العودة

إلى الوطن...

عادت من شرودها على صوت الممرضة التي

سمحت لها بالدخول و رؤية والدتها لدقائق

قليلة فقط....

دلفت إلى الداخل بقلب ممزق و عينان محمرتان

من شدة البكاء...أمها روحها الثانية تنام بقلة

حيلة على سرير أبيض يدها موصولة بأنابيب

و معدات طبية لم تفقه منها شيئا...

فلتت منها شهقة رغما عنها لتضع يدها على

فمها تبتلع بقية شهقاتها بداخلها حتى شعرت

بكف والدتها الحنون تمسك يدها...لتنتفض

بهلع قائلة بغصة...مامي إنت كويس؟؟ اندهلك

الدكتور....

سعلت هدى قليلا قبل أن تجيبها بصوت متعب

و ضعيف...لا يا حبيبتي انا كويسة...مټخافيش

عمر الشقي...

سيلين پبكاء و هي تمسك بيدها كف والدتها

البارد...مام الدكتور قال لازم عملية ب 60 الف

يورو...اكملت حديثها باللغة الألمانية مبلغ كبير من أين سنحصل عليه..

سأبيع المنزل...لكن يلزمني القليل من الوقت

و الطبيب يقول يجب أن تخضعي للعملية

في اقرب وقت...

هدى بابتسامة ضعيفة...متقلقيش يا حبيبتي

انا حبقى كويسة...متبكيش يا ضنايا كل مشكلة

و ليها حل بإذن الله...

سيلين بدموع...أعلم و لكني سأموت إن حصل

لكي شيئ...امي ارجوكي انا لا يوجد لي سواكي

انت كل عائلتي...يجب أن تصمدي من أجلي...

غدا صباحا سأذهب إلى كل مكاتب بيع العقارات

و سوف ابيع المنزل بأي ثمن..الطبيب قال لي

اننا نستطيع تقسيم المبلغ ندفع حزءََالان و الباقي  بعد العملية...

أغمضت هدى عينيها بتعب فقد حان الوقت

المناسب لتنفيذ ماعزمت عليه منذ رحيل زوجها

يجب أن تعيد إبنتها إلى عائلتها...لن تبقيها وحيدة

ستفعل اي شيئ لإنقاذ وحيدها من الضياع في هذا

البلد الغريب الذي إلتهم سنوات عمرهما دون

رحمة....

أخذت نفسا عميقا قبل أن تتحدث بهدوء...مفيش

داعي تبيعي البيت...انا حقلك إزاي تجيبي

فلوس العملية...إسمعيني كويس يا بنتي

و متقاطعينيش عشان انا بتكلم بالعافية....

اومأت لها صغيرتها و هي تمسح دموعها

التي إنهمرت على وجنتيها المحمرتين قبل

أن تركز جميع حواسها مع حديث والدتها....

.........داه أحن واحد فيهم انا ربيته زمان

لما كان صغير...انا سبته و هو عمره إثناعشر

سنة اكيد لسه فاكرني...عشان خاطري. ياحبيبتي

وافقي و روحيله...انا بقالي سنتين بتابع أخباره

هو كبر و درس محاماة بس هو حاليا  ماسك

شركات بابا...بقى رجل أعمال ناجح....من هو صغير

و هو ذكي جدا انا كنت عارفة إنه لما حيكبر

حيبقى حاجة عظيمة و فعلا مخيبش ظني...

تنهدت سيلين باستسلام فهي و إن كانت في الماضي  ترفض الذهاب لمصر و الالتقاء بعائلة والدتها

إلا أنها مضطرة الان من أجل والدتها..

تحدثت بصوت منخفض دلالة على موافقتها

رغما عنها و هذا ماكانت تعلمه والدتها لكنها

تجاهلت رأيها ليس من أجل الحصول على

ثمن العملية بل من أجل وحيدتها الصغيرة...

لاتستطيع تركها وحيدة دون مأوى و سند يحميها

من هذه الحياة القاسېة...

...تمام...و انا وين حعرفه؟؟ انا نسيت إسمه؟

هدى...إسمه سيف عز الدين...ادخلي اوضتي حتلاقي في الدرج الثاني بتاع تسريحتي...في

شوية فلوس كنت مخبياهم من مصروف البيت

و معاهم صندوق صغير بني فيه صور كثير...صور عيلتي اللي دايما بفرجك عليهم...

اومأت سيلين بتفهم لتكمل...تحت الصور حتلاقي

ظرف أبيض صغير إفتحيه حتلاقي ورقة

فيها عنوان الشركة الرئيسية للمجموعة هو

دايما بيكون هناك...و مع الورقة حتلاقي

سلسلة  فضة فيها قلب صغير...القلب داه بيتفتح

جواه صورتين واحدة صورتي زمان قبل ما أتجوز

و الثانية صورة سيف...السلسلة دي كان

هدية منه عشان كان بيحبني اوي و قريب

مني جدا...كان بيعتبرني أمه الثانية....

سيلين بقلق...حاضر انا الليلة ححجز في أول

طيارة نازلة مصر و حروحله الشركة و حاخذ

السلسلة معايا....بس انا خاېف هو مش

يفتكر إنت...

هدى...سيف اللي انا أعرفه عمره ما حيعمل

كده...إحنا نحاول يا بنتي و الباقي على ربنا

لو مصدقكيش إبقى كلميني و انا حفهمه....

سيلين پخوف و قلق...حاضر مام...

قاطع حديثها دخول الممرضة لتطلب

من سيلين مغادرة الغرفة لترتاح والدتها....

قبلت جبينها قبل أن تهمس لها في الاخير

...لا تقلقي امي سوف احاول و لن ايأس

ابدا...لن أسمح بخسارتك ابدا..لا تقلقي

انا إبنتك و أنت تعرفينني...لا أستسلم

بسهولة...سأهاتفك عندما اصل هناك....

إبتسمت لتهدأ من قلق والدتها عليها عليها

فابنتها لازالت صغيرة وهي لم تذهب من قبل

لمصر لتبادلها الأخرى إبتسامة خفيفة قبل أن

ترتخي ملامحها و تغط في نوم عميق.....

عادت سيلين إلى المنزل الموحش بدون

وجود أمها...انارت الصالة ثم نظرت أمامها

نحو الكنبة التي كانت تجلس عليها هدى

كل ليلة تنتظرها حتى تعود من عملها..رمت

حقيبتها أرضا لتهرول نحو الاريكة لترتمي

عليها و تجهش پبكاء مرير...الان فقط

أحست باليتم رغم أن والدها غادر  و تركهما

وحيدتين...إلا أن والدتها عملت كل ما في وسعها

حتى تكون لها الاب و الام في نفس الوقت

لطالما سهرت الليالي تعمل على آلة الخياطة

إلى جانب عملها اليومي بالمصنع حتى تستطيع

سيلين إكمال دراستها و شراء الملابس و الأكلات

التي تحبها حتى لا تشعرها بأي نقص او إختلاف

عن صديقاتها اللواتي يمتلكن آباء....لطالما شعرت

بلمساتها الحنونة إلى جانبها كلما شعرت بالخۏف

فهي كانت الملجأ الوحيد لها تحتمي به من الدنيا

القاسېة...في حزنها في فرحها في مرضها لم

يكن غيرها إلى جانبها يواسي وحدتها حتى

صارت كل حياتها...

لكنها الان غير موجودة...بدا لها المنزل كقبر

مظلم بدونها...هي تبكي الان و خائڤة لاتستطيع

المكوث لوحدها لليلة واحدة فكيف لو فقدتها...

ظلت تبكي لساعات حتى جفت دموعها قبل

تنام على الاريكة تحتضن نفسها و هي تتخيل

انها بأحضان أمها الحنون....في ذلك المكان المهجور....

فتح الباب من جديد لتنكمش يارا بړعب

و كل خلية في جسدها ترتعش حد المۏت....

صوت أقدام توحي بدخول أحدهم...لترفع رأسها

حيث إصطدمت عيناها بزوج من الاحذية الفاخرة

أمامها...

رفعت رأسها ببطئ متجاهلة السيول المنهمرة

منهما لتجد أمامها رجلا طويلا و ضخما لا يقل ضخامة عن الرجلين اللذين كانا هنا منذ قليل

عريض المنكبين ببشرة قمحية و عينان سوداوان

غامضتان تتفرسانها بنضرات ثاقبة مخيفة

جعلت جسدها يرتعش ړعبا من القادم...

عقدت حاجبيها باستغراب فوجهه يبدو مألوفا

لها لكنها لم تتذكر أين رأته..ربما من شدة

خۏفها ذاكرتها مسحت تلقائيا...

كان يرتدي بدلة فاخرة كحلية اللون بدون ربطة

عنق...عطره الحاد كملامحه إنتشر بكامل

الغرفة مما زاد في إضطرابها...

وضع يديه في جيوب بنطاله ناظرا إليها باستعلاء

تحت قدميه...شعور الانتشاء و الراحة تسللا داخل

جسده عند رؤيتها ذليلة و خائڤة و ضائعة...تماما

كحاله عندما تركته منذ سنوات...

زفر بانفاسه بجمود قبل أن يجلي حنجرته

متحدثا بصوت بارد...لسه زي ما إنت...متغيرتيش.

جاهدت لتقف على قدميها أمامه لتصطدم

بعيون صقرية تراقبها بتمعن شديد لتجفل

قليلا قبل أن تجيبه بارتعاش واضح في

صوتها...إنت...مين؟؟

قهقه عاليا حتى  تردد صوت صدى ضحكاته

في ارجاء الغرفة الضيقة قبل أن يتوقف فجأة

و قد تحولت ملامحه الهادئة إلى أخرى تحمل

الچحيم في ثناياها ليقول بصوت عميق

واثق...أنا صالح عزالدين...و رجعت عشان

آخذ حقي منك...انا وعدتك زمان و انا لما بوعد

بوفي....

إندفعت نحوه يارا و هي تمسح دموعها بظاهر كفها

قائلة بلهفة...صالح...الحمد لله إنك جيت انا كنت

حموت و الله الناس اللي برا دول عاوزين ېموتوني

ارجوك خرجني من هنا....

دفعها بغل على الأرض قائلا...طول عمرك

أنانية متغيرتيش..مش بتفكري غير في نفسك....

نظرت نحوه بذهول و هي لاتصدق مايقوله

ليكمل بنفس الحدة...طب إيه رأيك إن انا اللي

جايبك هنا...

يارا بتوهان...إيه؟ جايبني هنا...طب

ليه؟؟

صالح و هو يرمقها باستعلاء و غرور...ما انا

قلتلك...عشان آخذ حقي منك...

حاولت الوقوف ثانية رغم المها لتنجح

في ذلك قائلة بصړاخ...حق إيه؟؟ إنت تجننت

باعثلي ناس مجرمين يخطفوني  و جايبني في مكان ژبالة زي داه و تقلي حقك..حق إيه؟؟

لم يكن رده سوى صفحة قوية من يده

الضخمة على وجنتها الرقيقة حتى سالت

الډماء من جانب شفتها و جعلتها تلتصق بالحائط

لتكتم يارا ألمها الحارق رغم صډمتها و إحساس

الإهانة التي شعرت به فهي المدللة التي

لم يتجرأ احد من قبل علي لمس شعرة

واحدة منها...

لفت راسها ببطئ تنظر له پصدمة لتجده

ينقض عليها من جديد ممسكا بشعرها

في يده هادرا بصوت مرعد...أول و آخر مرة

تعلي صوتك قدامي...يا ژبالة زيك

يا تربية الشوارع و الكباريهات...فاكراني

زي العيال اللي إنت مصاحباهم لا فوقي

و إعرفي انا مين؟؟ انا صالح عزالدين

اظن إن إنت فاكراه كويس و لو نسيتي

مفيش مشكلة انا حعرف افكرك فيا إزاي؟؟؟

وضعت يارا كفها فوق يده التي كانت ممسكة

بشعرها بقوة حتى شعرت بأن بعض الشعرات

تقطعت في يده لتتحدث بصعوبة...صالح

ارجوك سيب شعري...حيطلع في إيدك...

قاطع كلامها بلهجة اكثر حدة و هو يكز

على أسنانه...صالح بيه يا ژبالة...صالح بيه

و من هنا و رايح متتكلميش غير بإذني....

سامعة....

أنهى كلمته الأخيرة ثم رماها  على الحائط و هو ينفض يديه مكملا...حبعتلك هدوم دلوقتي

تغيري هدومك اللي إنت لابساه دلوقتي

و تغوري من هنا و خلي تليفونك في إيدك عشان

لما اتصل بيكي الاقيكي موجودة....و على الله

تتأخري ثانية في الرد...أقسم بالله لخليكي

المۏت من اللي حعمله فيكي....

تركها في ذهول تام مما يحصل...ساقيها حرفيا

لم تعودا قادرتان على حملها لم تكد تخرج

من صدمة خطڤها حتى تبينت لها هوية

الخاطف..لطالما ظنت انه صفحة من الماضي

و إنتهت رغم إحساسها بالذنب الذي كان ېقتلها

كلما تذكرته...كيف لعبت بمشاعره رغم أنه

أحبها بصدق لكنها كانت دائما تعذر نفسها بأنها

كانت صغيرة و طائشة حتى تتحمل مسؤلية

مشاعر جديدة لم تشعر بها في حياتها...

شخصيتها المدللة و المغرورة جعلتها تعتقد

انه من حقها أن تخطئ و لا أحد يجب عليه

الاعتراض او محاسبتها..

إرتكزت على الحائط تاركة دموعها تنزل

بصمت على وجنتيها و تلف ذراعيها إلى

جسدها بعد أن شعرت بالبرودة تسري

بكامل جسدها...

نظرت إلى الباب الذي فتح مرة أخرى

بترقب لترى احد الرجلين الذين رأتهما

منذ قليل لتجفل و ترتعش پخوف و هي

تتراجع إلى الوراء باشمئزاز من نظراته

التي كانت تتفحصها بوقاحة...

رمي لها الكيس ليسقط عند قدميها

ثم قال بسماجة و إبتسامة خبيثة...

خسارة فلتي من إيدينا الليلة بس متقلقيش

انا حبقى أكلم الباشا عشان يديلنا

فرصة ثانية....يلا يا عروسة إلبسي داه و

مطوليش...دقيقتين و أرجعلك....

غمزها بقلة حياء لتشعر يارا يرغبتها

في التقيئ...لكنها تحاملت على نفسها

لتلتقط الكيس من الأرض و تخرج محتواه

لتجده عباءة  سوداء فاخرة...أسرعت

نحو الباب لتتأكد من إغلاقه باحكام

و ترتدي العباءة فوق فستانها بسرعة

قبل أن تعيد فتح الباب من جديد ليدخل

بعدها ذلك الحارس الكريه قائلا...يلا يا عروسة

خلينا نمشي...حنرجعك لبيتك....

تبعته إلى الخارج لتتفاجئ بأن الغرفة

تقريبا تحت الارض بعد مشت في ممر طويل

ينيرة بعض المصابيح القديمة  لينتهي بسلم

من عدة درجات صعدته يارا وراء الحارس

ثم وجدت نفسها في حديقة كبيرة

لم تتضح لها سوى بعض الأشجار العالية

تحيط بفيلا كبيرة لم يظهر منها سوى القليل

بسبب الظلام....

وجدت صالح أمامها يتفرس هاتفه الذي

وضعه بجيبه و بقي ينظر لها..توقفت عن

السير لكن الحارس تكلم ليطلب منها أن تتبعه

...يلا خلينا نمشي....

تبعته متجهين نحو سيارة سوداء كبيرة

ليفتح لها الباب الخلفي و تصعد و هي مازالت

تنظر لصالح الذي كان ينظر نحوها بوجه جامد

بتعابير غامضة....سارت السيارة حتى

إختفى عن مرمى مصرها متخذة طريقها

نحو وجهتها و عندما خرجت السيارة من

سور الفيلا رفع الحارس البلور ليمنعها من

رؤية الطريق...بعد أقل من ساعة توقفت السيارة ثم

فتح الباب...نزلت لتجد نفسها أمام ذلك

الملهى و بجانبها غير بعيد عنها وجدت

سيارتها...أسرعت نحوها لتفتح الباب

لتجد حقيبتها في الكرسي الجانبي...

اغلقت الباب بسرعة ثم شغلت السيارة

قادتها بعيدا عن هذا الکابوس الذي

جعلها تعيش أصعب لحظات حياتها...

لم تعد تريد في تلك اللحظة سوى الاختفاء

تحت أغطية سريرها و النوم علها تستيقظ

لتجد ان كل ماحدث معها ليس سوى حلما

سيئا...لكن هيهات فقد عاد صالح و معه

بداية جحيمها الابدي...

صباحا في فيلا صالح عز الدين....

و تحديدا في غرفة الصغيرة لجين...إستيقظت

أروى على دغدغات الصغيرة التي سرعان

ما تقبلتها و أصبحت لا تفارقها ليلا نهارا...

إبتسمت و هي تقلبها لتصبح فوقها و تبدأ

في دغدغتها لتتعالي ضحكات لجين السعيدة

...يا لهوي على القمر...اللي عاوز يتاكل داه..

انا حبدأ من الخدود الحلوة دي...همممم....

إنحنت عليها أروى و هي تمثل بأنها ستقضم

خديها لتتلوى الصغيرة محاولة الافلات منها

و هي تضحك بصوت طفولي...

أما في الخارج فيقف فريد أمام باب غرفة

إبنته و هو يستمع إلى صوت ضحكتها نفخ

بضيق قبل أن يحرك مقبض الباب ليفتحه

فقد أصبح مجبرا على رؤية تلك الفتاة المسماة

زوجته كل صباح في غرفة إبنته....طوال اليومين

الماضيين لم يحدثها او يحتك كلما دخل للغرفة

تخرج هي و رغم ذلك لا يرغب في وجودها و تمتعض ملامحه كلما لمحها...

حالما تفطنتا لوجوده صړخت لجين...بابي...

تلقفها بين ذراعيه ليقبل وجنتيها المكتنزتين

و ينشغل بالحديث معها بينما وقفت أروى من مكانها

لتنسحب من الغرفه كعادتها لكنه اوقفها قائلا...إستني....

لجين بلهفة طفوليه...بابي....

فريد...ياروح بابي...نمتي كويس...

اومأت بايجاب برأسها و هي تنظر نحو

الكيس العلبة الفاخرة التي وضعها على السرير

بجانبها ليضحك على مظهرها المتلهف فهي

في الاخير طفلة صغيرة لا تفقه من الحياة سوى

اللهو و اللعب...

تركها لتزحف نحو العلبة و تبدأ في فتحها

تحت نظرات والدها الحنونة...فهو و إن كان

ذو شخصية جافة مع الجميع إلا أنه حين

يكون مع إبنته فهو يتحول لشخص آخر مختلف

تماما...

وقف ليغادر الغرفة بهدوء كما دخل لكنه

توقف حيث كانت أروى تقف ليقول لها بنبرة

جافة...خلي بالك منها...

أومأت له ثم سارت نحو الطفلة التي كانت

منشغلة بفتح العلبة...شهقت بفرح عندما

نجحت في فتحها بمساعدة أروى لتحدثها

قائلة و هي تنظر ببراءة أمامها...شاطة...شاطة...

اجابتها أروى ضاحكة...أيوا شكلاطة...لأحلى

فرولاية في الدنيا....

مدت الصغيرة يدها بحرص لتأخذ إحدى القطع

تحت أنظار أروى المذهولة من جمال هذا النوع

من الشوكولا الفاخرة التي لم تر مثلها سوى في الصور...

بالطبع أين ستراها فمن الواضح أنها تساوي ثروة

و من مثلها لا يستطيعون سوى الحصول على

الأنواع العادية الموجودة في المحلات....

تجاوزت دهشتها و هي تنظر للجين التي كانت

حرفيا تفترس قطع الشوكولا دون توقف مصدرة

أصواتا طفولية تعبر على تلذذها...

لتعاتبها أروى قائلة...حبيبتي مينفعش ناكل

شوكولا كثير...كده حتمرضي..و كمان مش

حتقدري تفطري كويس...

همهمت الصغيرة برفض لتيأس منها أروى

فوالدها هو من أحضرها لها  إذا منعتها في

فستغضب و تبكي و قد تتعرض لتوبيخ

من زوجها...

تنهدت بقلة حيلة قبل أن تمد يدها هي الأخرى

و تشاركها الاكل بعد أن قررت انها سوف تخبر

خالتها و هي ستتصرف معه..

أخذت الغطاء المصنوع بالشوكولا لتقلبه

في يديها قائلة بصوت منخفض تحدث

نفسها...طيب و داه المفروض ناكله و إلا

نحنطه...داه شكل حل اوي و مش هاين

عليا...يالهوي انا بقول إيه دلوقتي خليني

اذوق طعمه عامل إزاي....

قضمته ثم أغمضت عينيها لتهمهم بتلذذ

مستمتعة بطعمه الرهيب الذي تتذوفه لأول

مرة في حياتها....

في مطار برلين تيجيل في ألمانيا....

تجلس سيلين على احد الكراسي في صالة الانتظار تنتظر رحلتها المتجهة نحو مصر بقلق و توتر كبير

ودعت والدتها منذ قليل قبل أن تتجه نحو

المطار...

وضعت يدها على صدرها تهدئ ضربات قلبها

المتسارعة برهبة و هي ترفع نظرها كل ثانيتين

للوحة البيانات التي تحتوي على موعد

إقلاع الطائرات...

دقيقة...إثنان...خمسة....ستة و عشرون

دقيقة قضتها قبل أن تسمع صوت نداء

رحلتها لتقف من مكانها متوجهة نحو المكان

المخصص لكشف جوازات السفر....

إنتهت من الإجراءات ثم صعدت إلى

الطائرة لتدلها المضيفة على مكانها

بجانب النافذة..دقائق قليلة ثم تعالي

صوت المضيفة الأخرى تطلب من المسافرين

ربط الأحزمة و الإستعداد للإقلاع نحو مصر.....

بعد أكثر من خمس ساعات لم تعلم سيلين

كيف مروا عليها..

خرجت من باب مطار القاهرة الدولي نظرت

أمامها تبحث عن  سيارة أجرى تاكسي)....

أخرجت الورقة التي كانت تحتفظ بها

في حقيبتها اليدوية و التي تحتوي على

عنوان الشركة الذي كتبته لها والدتها باللغة

العربية ثم توجهت لأول سيارة وجدت صاحبها

يتكئ على بابها و هو ېدخن سېجارة...

تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث...ممكن العنوان

داه....

رفع الرجل نظره نحوها ثم إتسعت عيناه

پصدمة عندما رأى كتلة الجمال الواقفة أمامه

مد يده بدون وعي ليأخذ الورقة منها قبل

أن يتمالك نفسه قليلا و هو يستغفر بصوت

مسموع قبل أن يبعد نظره عنها بصعوبة

ليقرأ الورقة بصوت عال...مجموعة عزالدين

العالمية لل.....طبعا و مين ميعرفهاش...بس

إنت لا مؤاخذة  عاوزة تروحي هناك ليه...

تناولت سيلين الورقة من يده لتخبئها من جديد

في حقيبتها و هي تجيبه...تقدر نروح لهناك و

إلا اشوف تاكسي غيرك.....

أسرع السائق نحو حقيبة سفرها ليأخذها قائلا

...إتفضلي يا آنسة..انا بس كنت عاوز أسألك

مش أكثر...إتفضلي إركبي....نورتي عربيتي...

وضع الحقيبة في صندوق السيارة ثم اسرع

ليفتح لها الباب قائلا...إتفضلي...يا آنسة....

ركبت سيلين ثم أغلق الباب خلفها ثم توجه

نحو مقعده ليشغل السيارة ثم يحرك المرآة

قليلا حتى يظهر له وجهها و هو يبتسم

بخفة قائلا من جديد...حضرتك جاية منين...

أمريكا و إلا كندا....و إلا فرنسا....

تاففت سيلين و هي تتذكر حديث والدتها

عن ثرثرة اغلب أصحاب التاكسي و توصياتها

بعدم الحديث معهم لتتجاهله عله يصمت

لكنه عاد لثرثرته من جديد...انا قلت اسليكي

شوية عشان الطريق للعنوان اللي إنت إديتهولي

طويل حبتين و حتزهقي....

إمتعضت ملامحها بملل من ثرثرته و صوته الاجش

المزعج الا يكفيها خۏفها و قلقها...و قلبها الذي

يكاد يخرج من صدرها من شدة خۏفها ليأتي

هذا الكائن الثرثار ليزيد عليها...

بللت شفتيها قبل أن تتكلم بصوت حاولت

ان يخرج واثقا عكس داخلها 'على فكرة

انا مصري بس كنت في ألمانيا و لو سمحت

كفاية سؤال عشان دماغي صدًعة كتير....

قهقه السائق على لهجتها المضحكة و كفية

نطقها الطريف للحروف قائلا...لا واضح

حضرتك إنك مصري جدا...

حركت رأسها ناحية النافذة تنظر للمباني

و الشوارع التي تراها لأول مرة فهي لم تأت

من قبل لمصر...فتحت عينيها بتعجب عندما

رأت عربة صغيرة سوداء اللون بثلاث عجلات...

شهقت بانبهار قائلة...إيه دا؟؟؟

إلتفت السائق حيث أشارت ثم أجابها

...داه إسمه توكتوك...زي التاكسي بس

أصغر زي ما إنت شايفة....

تبعته سيلين حتى إختفي قبل أن يظهر

لها آخرون لتبتسم بانبهار متناسية خۏفها

لبعض الوقت....

وقفت السيارة أمام مبنى فخم و شاهق يتكون

من عشرات الطوابق..إلتفت السائق قبل أن يخرج

من سيارته قائلا...وصلنا يا آنسه هو داه العنوان...

نزلت سيلين من السيارة ثم أمسكت بحقيبة

سفرها بعد أن أعطت أجرة السائق ثم جرتها

نحو المبنى....أوقفها أحد رجال أمن المبنى الذين كانوا

يقفون أمام الشركة قائلا و هو يتفحصها

بغرابة...عاوزة مين يا آنسة....

سيلين بتوتر...أنا إسمي سيلين و عاوز

سيف عزالدين.....

هز الحارس حاجبيه و هو يتفحص هيئتها

التي تدل على أنها ليست مصرية إبتداءََ

من شعرها البني المائل للون البرتقالي و عيناها

الخضراء و بشرتها البيضاء الناصعة بالإضافة

إلى لكنتها الأجنبية....

أمسك بهاتفه اللاسلكي ليتحدث مع أحد

ما قبل أن يومئ برأسه قائلا...الباشا مش

فاضي عنده إجتماع...تقدري تاخذي معاد

و ترجعي وقت ثاني.....

إعتلى الخزن ملامحها الفاتنة و هي تجيبه

...بس انا جاي من المطار...شوف شنطة..

و مش عارف اي مكان هنا...بليز كلمه قله

أنا عاوز اشوفه ظروري كثير.....

نفخ الحارس بضيق و هو لا يدري ماذا يفعل

قبل أن يقول لها 'يا آنسة إفهمي...اللي بتتكلمي

عليه داه سيف باشا عز الدين صاحب المكان

داه كله يعني لو عاوزة تقابليه لازم تاخذي معاد

مش قبل اسبوع او عشرة أيام...صدقيني

مستحيل تقابليه النهاردة...دي التعليمات....

سيلين برجاء...طب إنت خليني ادخل و انا

حتصرف جوا....

نظر الحارس لزميله الذي كان يستمع لحديثهما

ليأتيه متسائلا...مالها الخوجاية دي...عاوزة إيه؟؟

الحارس الأول...عاوزة تقابل سيف باشا....و شكلها جاية من المطار على هنا على طول...

الحارس الثاني و هو يتأملها...تكونش واحدة من الخواجات اللي يعرفهم الباشا  بس دي شكلها صغير..

اوي...

نهره الحارس الأول قائلا...سيف بيه مش بتاع

الكلام داه...و بعدين إحنا ملناش دعوة انا كلمتهم

فوق و هما قالولي إنه مش فاضي....

فرك الحارس الثاني لحيته بتفكير قائلا و هو مازال يتفحص ملامحها الجميلة باعجاب...بس دي

جاية بشنطتها و حرام تتبهدل...إحنا نكلم كلاوس

رئيس حرس سيف و هو حيتصرف....

الحارس الاول بعدم إهتمام و هو يعود لمكانه...إنت اللي تكلمه انا مليش دعوة....

اومأ له و هو يبتسم لسيلين التي كانت

تنظر نحوهما على أمل أن يسمحا لها بالدخول

ليقول لها...متقلقيش يا قمر انا حساعدك.

بادلته إبتسامة بريئة و هو تقول...حضرتك

انا إسمي سيلين سامي مش قمر.....

قهقه الحارس و هو يخرج هاتفه ليطلب

كلاوس قائلا...اهلا يا باشا..في واحدة خواجاية

عاوزة تقابل سيف بيه شكلها صغير اوي و.....

لم يكمل كلامه حتى اقفل كلاوس الهاتف في وجهه

لم يتعجب الحارس فهذا طبع كلاوس الروسي

كما يسمونه...جاف و قليل الكلام لكنه ذكي جدا

و ماهر في عمله مما جعل سيف يعتمد عليه

كثيرا...رغم أنه مصري الأصل إلا أن والدته

روسية....

تحدث الحارس وهو يعيد هاتفه إلى جيبه

قائلا...إستني هنا..كلاوس باشا حييجي

و هو حيقرر إذا كان سيف باشا فاضي و تنفع

تقابليه او لا...

سيلين في نفسها...يا إلهي ما كل هذا التعقيد

و كأنني سأقابل رئيس مصر...انا متعبة جدا

و جائعة اوف....و اريد النوم....

صمتت عن التذمر و هي تشاهد ثلاثة رجال

يقتربون منها ليتقدم نحوها أضخمهم بهيئته

المرعبة لتنكمش سيلين بتوتر و تبتلع ريقها

پخوف عندما سمعته يقول لها...إتفضلي

ورايا....

تبعته بسرعة محاولة مجاراة خطواته الواسعة

لتمر بجانب الحارس لتبتسم له بامتنان..ثم اكملت

طريقها....

دخلت إلى الداخل لتنظر أمامها بانبهار

من شكل المبنى الفخم من الداخل....و

الموظفون الذين كانوا يعملون دون توقف

و كأنهم آلات....

امسك أحد الحارسين حقيبتها ليمررها

بجهاز ما مثل الذي رأته منذ ساعات في المطار

ثم وضعه في أحد الأركان بينما أشار لها كلاوس

باتباعه....

صعدا المصعد ليضغط كلاوس بعض أزراره ليرتفع

بهما نحو طابق معين....

نظرت سيلين حولها بتوتر و ذعر من الإجراءات

الأمنية المشددة حيث لاحظت إنتشار القاردز في كل مكان في الشركة و قد ميزتهم من خلال ملابسهم المتشابهة و نظارات السوداء التي يرتدونها بالإضافة إلى السماعات البيضاء في آذانهم....

و قد  قامت إحدى الموظفات بتفتيشها و قامت أخرى بالتدقيق من هويتها و جواز سفرها و هو لا ينفكون يلتهمونها بنظراتهم المتسائلة عن من تكون هذه الجميلة الصغيرة..

وصلت اخيرا أمام مكتب السكرتارية الذي

يضم مجموعة من الفتيات اللواتي يعملن

بجهد كل واحدة أمامها حاسوب تدقق النظر

فيه....

وقف كلاوس أمام إحدى الفتيات قائلا بصوت

غليظ حاد...الباشا فاضي.

هزت الفتاة رأسها و هي تعدل من  نظارتها

قائلة بعملية : حاليا هو فاضي بس عنده

إجتماع كمان تسع دقائق بالضبط.....

عقدت حاجبيها و إتسعت عيناها بذهول عندما

لمحت للتو سيلين وراءه لتسأله...مين الباربي

دي...

تجاهلها كلاوس كعادته و هو يلتفت نحو

سيلين لتتبعه لتشتمه ناديا السكرتيرة بصوت

منخفض قائلة...غلس و بارد..و مين المزة

اللي معاه؟؟ انا اول مرة اشوفها...

طرق كلاوس الباب ثم دخل بمفرده

ليجد سيف منكبا على أوراقه كعادته....رفع

رأيه لثوان دون أن يتحدث....

وقف كلاوس مطئطئا راسه باحترام  أمام مكتبه واضعا 

يده فوق الاخرى أمامه ليقول...سيف

باشا في واحدة برا عاوزة تقابل حضرتك..شكلها

مش مصرية و معاها شنطة سفر الظاهر إنها جاية

من المطار مصممة إنها تقابل حضرتك....

رفع سيف رأسه مرة أخرى و قد ظهر على وجهه

الاستغراب ليتمتم بصوت عال...واحدة....مقالتلكش

إسمها إيه؟؟؟

كلاوس...إسمها سيلين سامي...انا دققت في

أوراقها و باسبورها بنفسي...لسه جاية

من المطار حالا....حضرتك تحب ادخلها و إلا

امشيها....

نظر سيف في ساعته قبل أن يجيبه...لا

خليها تدخل بسرعة....

أومأ له كلاوس بطاعة قبل أن يختفي من

أمامه تاركا الباب مفتوحا حتى تدلف سيلين.....

يتبع

الفصل الرابع

دلفت سيلين و هي ترتجف من الخۏف و التوتر

فالدقائق القادمة ستحدد مصيرها و مصير والدتها

للأبد...لاتعلم إن كان هذا المدعو سيف سيعترف

بها كقريبته و يساعدها ام أنه سيتنكر لها

كما فعلت عائلة والدتها طوال السنوات الماضية

هزت رأسها ببطئ و قد تسللت إلى رئتيها رائحة

عطر فاخرة ثقيلة.. بحثت عن صاحبها لتجده يجلس

بأريحية على طاولة مكتبه الفخم يتحدث مع

شخص ما على هاتفه بتركيز حتى أنه لم يعر أي إهتمام لدخولها...

ابتلعت ريقها ببطئ و هي تتفرس دون وعي

كتلة الوسامة التي أمامها...

طوال حياتها كانت محاطة بالرجال الوسيمين

ذوي البشرة البيضاء و الأعين الزرقاء لكن هذا

الاسمر الوسيم الجالس أمامها حكاية أخرى..

عضت شفتيها بقوة و هي ټشتم نفسها داخليا

على وقوعها السريع تحت تأثير سحره فهذا

ليس ابدا وقت اللهو.. هي قادمة من أجل مهمة

و يجب عليها التركيز بكل حواسها...

تنحنحت بصوت منخفض حتى ينتبه لها

ليلتفت نحوها ثم يسارع لانهاء مكالمته

و يضع هاتفه بجانبه و هو مازال يتفرسها

بنظرات غامضة لم تفهمها....

أما بالنسبة لسيف فحالما رفع رأسه تجمد

الډم في عروقه حرفيا و لم يصدق مارآه

أمامه...حتى أنه قطع مكالمته دون وعي منه...

إنها هي تلك الصغيرة التي إلتقاها منذ أشهر

في ألمانيا...نفس الشعر البرتقالي المميز

و العينان ذوات اللون الغريب اللتين تضيفان

على وجهها هالة من البراءة حيث بدت له و كأنها

طفلة في الخامسة من عمرها...

وبخ نفسه بأسف لأنه نسي أمرها بعد أن

عاد من ألمانيا منذ أشهر بعد أن حاول العثور

عليها....لم يدقق في البحث عنها في ذلك

الوقت بل إكتفي بتكليف أحد حراسه بسؤال

زملائها في المطعم و أمرهم بالاتصال به

حالما يروها ثانية....ثم نسي أمرها بعد أيام

قليلة لانشغاله بالعمل  و بعدها عاد لمصر...

نسيها وقتها و لكنه تذكرها الان حالما رآها

و كيف له ان ينسى هاتين العينين اللتين

سحرتاه منذ اول نظرة.. يستطيع تمييزهما

من بين آلاف العيون....

أشار لها أن تجلس على الاريكة مقابلة له

دون أن يتحرك من مكانه بل إكتفي بالتحديق

بها و كأنه يدرس جميع تحركاتها....

قطب جبينه باستفهام و هو يفكر هل من المعقول

أنها بحثت عنه و قطعت كل المسافة حتى

تأتي و تطالبه بتعويض لانه كان السبب

في فقدانها لعملها...او ان أحدا ما علم أنه

كان يبحث عنها فأرسلها له لسبب ما.. قد يكون

احد أعدائه من وصل إليها و قرر إستخدامها

ضده...جميع الاحتمالات واردة إذن...

فرك ذقنه بحيرة لكنه سرعان ما نفى تلك الأفكار

من رأسه بعد أن قرر سماعها أولا ثم الحكم

عليها بعد ذلك...فكما يقول المثل الشعبي...ياخبر النهاردة بفلوس.....

قطع الصمت متحدثا بصوت رجولي واثق باللغة الالمانية...تكلمي...إني أسمعك.

حركت سيلين حقيبتها بتوتر و هي لاتستطيع

التحدث فقد علقت الكلمات في حلقها حتى

انها لك تنتبه أنه حدثها باللغة الألمانية فمن أين

يعرفها حتى يتكلم معها بلغتها طبعا هي

معرفتش هو مين)...

ارجعت إحدى خصلات شعرها التي تمردت

وراء أذنها قبل أن تستجمع كامل شجاعتها

و تقول بلهجة مصرية متلعثمة...انا آسف عشان

جيت فجأة كده...مش خذت موعد بس انا

جيت عشان مامي...هو قالي إيجي مصر

و روحي هنا عشان اشوف سيف عز الدين....

هز سيف حاجبيه باستغراب لما تقوله هذه

الصغيرة...من هي والدتها التي جاءت إلى هنا

من أجلها. من هذا الذي ارسلها لتقابله و ماذا

يريد منه...كتم بداخله ضحكاته على كلامها

الغير مرتب لكنه تدارك نفسه عندما طرق

باب المكتب لتدخل السكرتيرة قائلة بنبرة

رسمية...سيف باشا كلهم مستنيين حضرتك

عشان الاجتماع....

صمتت عندما أشار لها بأن تتوقف عن الحديث

و عيناه لاتزالان مثبتان على سيلين...

سيف بأمر...إلغي الاجتماع...

ثم أشار لها بالإنصراف لتومئ له السكرتيرة

و تغادر دون إضافة  أي كلمة أخرى فهي طوال

سنوات عملها هنا حفظت طبعه جيدا...إذا

قرر أمرا لا يجب على أحد الاعتراض او المجادلة

فهو دائما يعلم ماذا يفعل جيدا....

نظرت نحوه سيلين بتوجس لتجده ينظر لها

بصمت منتظرا إياها أن تكمل كلامها ليهتف

بعد أن يئس من تحدثها يعلم انها خائڤة و متوترة

جدا و هذا ليس أمرا جديدا عليه فهو يعلم تأثير

وجوده على من حوله من رجال أشداءو الذين يجعلهم يرتبكون من نظرة واحدة من عينيه

و يحرصون على إنتقاء كلامهم قبل التفوه يه

أمامه فمابالك بهذه الصغيرة التي تبدو كطفلة

ضائعة في الازدحام...

...كملي كلامك انا سامعك...بس حاولي

تفهميني أكثر...مين اللي بعثك هنا و كنتي فين بالضبط ؟؟؟

أخذت نفسا طويلا محاولة إبعاد شعور التوتر و الارتباك الذي طغى عليها قبل أن تجيبه...مامي

هو اللي بعثتني هنا...هو قالي إيجي مصر

و روحي على عنوان هنا.....

سيف و هو يحاول فهم كلماتها الغير مترابطة

...هو...قصدك مين؟؟

سيلين بتفسير أكثر و حاولت التكلم بالإنجليزية لان والدتها أخبرتها أن أكثر لغة متداولة في مصر هي اللغة الانجليزية و معظم المصريين يفهمونها...مامي my mother.

سيف و هو يحاول مجاراتها بياخذها على قد عقلها)

...يعني مامتك هو اللي بعثك هنا...للشركة بتاعتي

و قالتلك تقابليني.

أومأت له سيلين بالايجاب ليكمل...طيب ليه؟؟

لا يعلم مالذي دهاه حتى يترك عمله و يضيع

وقته الثمين في التحدث إلى هذه الفتاة

ليس من عادته فعل هذا و لكنه شعر بالفضول

و الاستمتاع بمشاهدتها أمامه هكذا كدمية

باربي صغيرة اسرته من اول دخولها جعلته

حتى أنه لم يستطع أن يزيح عيناه عنها...

بالإضافة إلى طريقة نطقها للكلام و التي  جعلته

أكثر من مرة يريد أن ينفجر من الضحك...

لاحظ تحول ملامحها إلى الحزن و هي تقول

...هو في المستشفى...مريض جدا....حيموت

و يسيبني لوحدي انا مش عندي حد غير مامي

انا عايش في ألمانيا مع مامي و هي مريض

و انا خاېف ېموت...

مسحت دموعها و هي تنزل رأسها أكثر تحدق

في حقيبتها التي كانت تضعها على ساقيها

شتمت نفسها بسبب دموعها التي خذلتها

و أظهرت ضعفها أمامه فهي طوال رحلة

مجيئها إلى هنا تذكر نفسها في كل دقيقة

و ثانية أن تجعل نفسها قوية و لا تبين

ضعفها أمام أحد....

اما سيف فبدأت الرؤيا تتوضح أمامه شيئا

فشيئا.. فهم من حديثها أنها تريد نقودا لوالدتها

المړيضة...لكن هل هي صادقة في كلامها...فمن

الممكن أنها تستخدم هذه الحجة القديمة لتحصل

على النقود...

لكن لماذا أتت له هو بالذات هل من

الممكن أنها تريده أن يعوضها عن فقدانها لعملها

بسببه كل الاحتمالات واردة لكنه كالعادة لا يخبر

أحدا بما في رأسه من أفكار حتى يتأكد

رغم انه يكره شعور أن يكون جاهلا بما يدور في خلد الآخرين....فهو لم يسمى الشبح من فراغ بل بفضل ذكائه الشديد و دماغه العبقرية  التي تمكنه من معرفة ما يفكر به أي شخص أمامه قبل التفوه به...لكنه يعترف بفشله هذه المرة فهناك الكثير من

المعطيات المفقودة و الغامضة تجعل من معرفة الحقيقة صعبة بعض الشيئ لذلك فضل التريث و الصمت و إنتظارها حتى تكمل حديثها و بعدها سوف يتصرف.....

تنحنحت لتجلي صوتها قائلة بلغة أنجليزية

متقنة...سيدي انا إسمي سيلين سامي...والداي

مصريان ولدت في ألمانيا و عمري تسعة عشر

سنة...ابي تركنا منذ أربعة سنوات عندما كان

عمري خمسة عشر سنة لا أعرف أين ذهب

كل ما أعرفه أنني عدت من المدرسة في يوم

من الايام و لم أجده...عندما سألت أمي قالت

لي بأنه ټوفي في حاډث ما...في كل مرة أسألها عنه تجيبني بنفس الكلام و في إحدى المرات صفعتني و قالت لي بأنه رحل و لن يعود ثانية و إن أكف عم السؤال عنه و منذ ذلك اليوم لم أسأل...

بعدها خرجت والدتي للعمل في أحد المصانع

لتتكفل بأعباء المنزل و مصاريف دراستي...

لكنها تعبت بعد ذلك و مرضت بالقلب...إضطررت

انا للخروج للعمل و ترك دراستي لاوفر لها ثمن الدواء و لكن مرضها إشتد...الطبيب يقول أن مرضها خطېر

و قلبها أصبح ضعيفا و تحتاج عملية جراحية

في أقرب وقت...نحن لدينا منزل إنه ملك لوالدتي

بالأمس ذهبت لمكتب العقارات حتى أبيعه

لكنه أخبرني أنه سيحتاج وقتا حتى يجد

من يشتريه بثمن مناسب أخبرني ان المنزل يساوي

مائة و خمسون  ألف يورو..

لكنه يحتاج للوقت و انا لا أملك

ذلك الوقت حتى أنتظره...يجب إجراء الجراحة

هذا الأسبوع و إلا سوف أخسرها..أنا أعمل في

وظيفة عادية لا اتقاضى الكثير و صاحب العمل

لن يعطيني سلفة و العملية تحتاج لستون الف

يورو...الطبيب أخبرني إنه يمكنني أن ادفع

نصف التكاليف قبل العملية و الباقي بعد

إجراءها...أقسم أنني لم أكن اريد المجيئ

إلى هنا...انا لم ازر مصر من قبل رغم إلحاح

والدتي و لكنني كنت أرفض المجيئ...كانت

دائما تقول لي بأنها إن ماټت فسأبقي وحيدة

و لكنني لم أكن أبالي...لكنني الان خائڤة جدا

من فقدانها...

لا أعرف أحدا غيرها...هي كل عائلتي....

توقف عن الحديث بعد أن شعرت بغصة في حلقها

أجبرتها على التوقف....لتسمعه يقول...ممم فهمت

يعني إنت جيتي هنا علشان تاخدي تعويض...طبعا

داه من حقك بس ممكن أعرف إنت ليه تأخرتي عشان تيجي هنا..يعني الحكاية بقالها شهور كثيرة

ليه دلوقتي بالذات...

قطبت سيلين حاحبيها بعدم فهم من كلامه

لتجيبه...انا لا أفهم عن أي تعويض تتحدث

انا لا أريد شيئا سيدي...لقد اخبرتك أن والدتي

مريضة و لولاها لما كنت أتيت هنا ابدا...لقد خاطرت بالمجيئ وحدي إلى بلد لا أعرفه من أجلها هي فقط

لا اريد فقدانها...كنت أريد أن تساعدني...بأن تعطيني

الستون الف دولار و انا سأعيد لك مائة ألف بعد

شهرين عندما يباع المنزل...لدي نقود و لكن ليس

لدي الوقت...حتى انني ذهبت للبنك و لكنهم

أخبروني بأن الإجراءات تتطلب وقتا...امي قالت

لي أن الوحيد الذي سيساعدني هو سيف عزالدين....

سيف بهدوء و قد أيقن أنه وصل لنهاية اللغز...و لماذا أنا بالذات؟؟

عبثت بحقيبتها بعض الوقت قبل أن تخرج

ظرفا كبيرا...

وضعت حقيبتها جانبا ثم وقفت من مكانها

متجهة نحو لتعطيه له قائلة...هذه هويتي

و نسخة من هوية والدتي و بعض الصور

و كذلك سلسلة....هذا كل ما أملكه من دليل

سيدي .

تفحص الأوراق بهدوء و صبر قبل أن ينتفض

من مكانه فجأة و قد إرتسمت على وجهه ملامح

الصدمة...

تمتم بعدم تصديق و هو مازال يتفحص الأوراق

...طنط هدى....إنت بنت طنط هدى...هي لسه

عايشة؟؟

نزلت أروى الدرج تحمل بين ذراعيها تلك الصغيرة

لتجد هوانم الفيلا كما تسميهما جالستان في

الصالون تتحدثان تمتمت بداخلها و هي تتفحص

مظهرهما الراقي و المنمق...الستات دول مبيكبروش

ابدا.. الشعر مصبوغ  و ماكياج و كأنهم رايحين فرح...عاملين زي هوانم جاردن سيتي بالضبط  بيتمشوا في البيت بالكعب...عيني عليكي ياما

مكنتش بشوفك غير بالجلابية الصفراء بتقلعيها

عشان تغسليها و ترجعي تلبسيها من ثاني.....

وصلت حذوهم لتضع لجين على الأرض و هي تقول

...صباح الخير....

أشارت لها سناء خالتها لتجلس بجانبها و هي تبتسم لها : صباح النور يا حبيبتي تعالي أقعدي

حنادي على عزة  تجيبلك قهوة....

جلست أروى بتوتر بجانبها فالبرغم من أنها

خالتها إلا أن علاقتها بها لم تكن وطيدة و ذلك

بسبب الفارق الاجتماعي بين العائلتين حتى

أنها لم تكن تزرهم في منزلهم إلا مرات نادرة

تعد على الأصابع لكنها كانت تساعدهم ماديا

خفية عن زوجها و أولادها و قد إختارتها زوجة

لابنها بعد إقتراح شقيقتها سميحة التي بقيت

تزن في أذنها لاشهر حتى تقنع فريد بأن يتزوج من إبنتها....

لاحظت نظرات إلهام المتعالية لها حتى أنها

لم ترد تحيتها عكس سميرة التي رحبت بها

ببفرحة صادقة :مشاء الله زي القمر يا حبيبتي

داه فريد محظوظ بيكي جدا .

خفضت أروى رأسها قائلة بخجل...ميرسي

يا طنط داه من ذوقك....

قلبت إلهام عيناها بملل متحدثة بفتور...هو إنت

في كلية إيه يا....أروى؟؟

أروى...كلية آداب قسم لغة إنجليزية...

إلهام بنبرة متعالية...ممم على كده خلصتي جامعة....

أروى بخجل...لا.. فاضلي سنة و أخلص....

إلهام بقصد...تكملي؟؟ و هو فريد حيوافق؟؟

قاطعتها سناء بنبرة حاسمة و قد فهمت ماترمي

إليه...إلهام...الموضوع داه خاص بين أروى و فريد

مفيش داعي نتدخل في خصوصياتهم...

اومأت لها إلهام بعدم إهتمام و هي تكمل إرتشاف

فنجان قهوتها مكتفية بالاستماع لحوارهم السخيف

حسب رأيها...

يجلس فريد في مكتبه يتفحص بتركيز ملف

أحد القضايا التي تشير لتورط احد رجال الأعمال

في تهريب شحنة من ألعاب الأطفال الغير مطابقة

لشروط الجودة....طرق باب المكتب ليسمح

للطارق بالدخول دون أن يرفع رأسه و الذي لم يكن سوى صديقه أحمد زميله في العمل لكنه كان

برتبة اقل من رتبة فريد...

أحمد بمرح...انا مصدقتش لما قالولي

برا إنك هنا....إيه يا عريس زهقت بالسرعة

دي.....

فريد بلامبالاة و هو مازال مركزا في عمله

...عندي شغل مستعجل...لو عاوز تقول حاجة

إنجز مش فاضيلك.

تأفف أحمد قليلا من أسلوب فريد الجاف

و الذي تعود عليه منذ ۏفاة زوجته ليتحدث

بانزعاج...مفيش بس كنت عاوز أسألك عملت

إيه في قضية ناجي العواد....

نفخ فريد الهواء بملل قبل أن يخرج سېجارة

من علبة السچائر ليشعلها ببرود مستفز دون

أن يجيبه و كأنه غير موجود...ليقف الاخر من

مكانه راكلا الكرسي وراءه ليسقط على الأرضية

مصدرا صوتا مزعجا و هو يصيح...انا استاهل

عشان إبن ستين جزمة.. رغم كل مرة بكلمك فيها

بتتجاهلني كده كأني مش موجود لكن برجع

ثاني اكلمك عادي و كأن محصلش حاجة

عشان بقول صاحبي و اللي مر بيه مش سهل

بس لامتى حتفضل كده...إرحم نفسك شوية

يا اخي داه إنت مبقاش عندك صحاب غيري

انا و عادل......

أجابه الاخر ببرود و عدم إهتمام...عاوز إيه يا..

يا صاحبي؟؟؟

إنحنى أحمد علي المكتب ليقترب من فريد قليلا

ليهمس...عاوزك ترجع فريد القديم اللي بيضحك

و يهزر...فريد اللي بيحب الحياة...انا مش قادر

اشوفك كده زي الشمعة بتنطفي كل يوم...يا اخي

مش إنت اول و لا آخر واحد يفقد حد عزيز عليه...

و بعدين إنت خلاص تجوزت...و الحي ابقى من

المېت.. حاول تنسى...حاول تعيش عشان

بنتك.....

أدار فريد كرسيه للجهة الأخرى قائلا بتنهيدة

عميقة...مش قادر....اللي بتقوله مستحيل

انا خلاص حياتي إنتهت يوم ما ماټت.. الفرق

الوحيد إن هي تحت التراب و انا فوقه....

حتى بنتي بقعد بالأسبوع ما بشوفهاش عشان

بتفكرني بيها....بتفكرني بسبب مۏتها....انا

كل يوم بفكر اسيب الفيلا و ارجع شقتي

القديمة بس كل اما آجي اعمل كده بفتكر

وصيتها ليا قبل ماتموت...قالتلي خلي بالك

من بنتنا و سميها لجين...الاسم اللي بتحبه

صدقني انا بقيت جسد من غير روح لدرجة

إني معادش هاممني حاجة.. مين يزعل مين

ېموت...أعز إنسانة في حياتي  راحت....

جلس احمد و هو يتفرس ملامح وجه صديقه

المټألمة قائلا بشفقة...بس لإمتي ياصاحبي

إنت كده.....

قاطعه الاخر بحدة بعد أن تمالك نفسه أمامه

...لغاية آخر يوم في يوم في عمري...و يلا دلوقتي

إتفضل عندي شغل...لو في حاجة جديدة حبلغك...

زفر أحمد بضيق و هو يقف من مكانه متجها

نحو الباب شاتما إياه بكلمات بذيئة...طول

عمرك.......و و......لو حشوفك مولع قدامي

مش حعبرك.....

أغلق الباب ورائه پعنف متجها نحو مكتبه بعد

أن فشل للمرة الالف في إرجاع صديقه لطبيعته

القديمة....وجد عادل ينتظره في مكتبه و الذي

إعترضه قائلا بلهفة...ها عملت إيه....قبل

يسهر معانا الليلة.....

إرتمي أحمد بجسده على الكرسي قائلا

باستهزاء...مش لما اقدر أقله الأول...ياعم

انا كنت لسه بمهدله قام مديني كلمتين سكتت

على طول....بقلك إيه أنا زهقت من صاحبك داه

خليه عايش في الماضي بكرة حيزهق و يرجع

لعقله لوحده....

قلب عادل عينيه و هو يجيبه بقلة حيلة...

يلا...حسيبه يهدى يومين و ارجع أزن عليه

من ثاني....ماهو انا مقدرش أسيبه كده.

أحمد بسخرية قبل أن ينفجر ضاحكا...يا حوونين.

في فيلا ماجد عزمي....

إنتفضت يارا من سريرها على صوت هاتفها

الذي كان يرن دون توقف....بحثت عنه طويلا

لتجده تحت الغطاء....

أغمضت عيناها بقوة و هي ترفع خصلات

شعرها التي غطت وجهها بعد أن توقف الهاتف

عن الرنين دون أن ترى الرقم....

تنفست الهواء سريعا و هي ترى رسالة نصية

وصلتها للتو على هاتفها...قرأتها بصوت متقطع

و هي تحرك رأسها يمينا و يسار پصدمة...ردي .

تمتمت بفزع بينما إنزلق الجهاز من يدها...يعني

مكانش كابوس...كان حقيقة....انا خلاص حتجنن

هو عايز مني إيه.....

تعالت دقات قلبها عندما رن الهاتف مرة أخرى

لتنظر له بعيون دامعة و كأنها ترى أمامها خبر

مۏتها....

فتحت السماعة بيدين مرتجفتين ليأتيها صوته

الغاضب...ساعة عشان تردي...كنتي فين يا ك...

مش قلتلك تاخذي  زفت التلفون يكون معاكي

لأي مكان تهببي تروحيه....

لم يستمع سوى لأنفاسها المتسارعة من شدة

خۏفها ليزداد جنونه لېصرخ...إيه إتخرستي....

ماتردي يا و.....

شعرت يارا بجسدها يتشنج بتقزز من الشتائم

التي توجه لها لأول مرة في حياتها فهي دائما

الفتاة المدللة التي لا يجرؤ أي أحد من التقليل

من شأنها....

تردد قليلا قبل أن تستجمع باقي شجاعتها

لتجيبه بصوت ضعيف...لو سمحت بلاش

الكلام الژبالة داه....انا كنت نايمة و التلفون....

قاطعها بحدة دون أن يستمع لباقي كلامها...

إخرسي...قدامك خمس دقائق و تنزلي حتلاقي

عربية مستنياكي تحت....

صړخت يارا پبكاء و هي تنزل من فراشها ممسكة

بهاتفها بيديها الاثنتين...مش جاية و إبعد عني

بقى...انا مقولتش لبابي على اللي حصل إمبارح

و مش حقله بس كفاية حرام عليك....إنت عاوز

مني إيه .

تعالت ضحكات صالح لتزداد ضربات قلبها حتى

يكاد يقفز من قفصها الصدري....و هي تسمعه

يهمس بنبرة ممېتة بعد أن توقف فجأة عن الضحك

...هما خمس دقائق بس...خمس دقائق و ثانية

زيادة حتتعاقبي....و انا عقاپي وحش اوي...صدقيني

اااا و متنسيش تشوفي المفاجأة في الواتس....

أغلق الخط لتبتلع يارا ريقها بصعوبة و هي تمسح

دموعها التي أغشت عيناها و تفتح النت على هاتفها

ما إن ضغطت على الزر حتى تعالت النغمة المخصصة

تنبهها بوصول رسائل كثيرة....

كان صوت الرسائل مفزعا و كأنه صوت اجراس

عالية تصم الآذان...بأصابع مرتعشة فتحت

إحدى الرسائل لتشهق بصړاخ و هي تضع يدها

تارة على خدها و تارة فوق رأسها و هي ترى

صورها بملابسها الداخلية فقط

......صورة إثنان ستة صور اقل كلمة

توصف بها ڤضيحة....لا تعلم متى التقطت

لها هذه الصور أو من.....

توقفت عن التفكير و هي عيناها تلتهمان

تلك الكلمات الي رافقت الصور...دول نموذج

بسيط من اللي عندي....باقي الصور ڼار 

و انا ماسك إيدي بالعافية عشان متهورش

و إنت عارفة الباقي...يلا يا قطة فاضل

ثلاث دقائق و انفذ.....

رمت الهاتف من يديها و هي ترتعش من

شدة الړعب تشعر أن دماغها توقف عن التفكير

لتترك لجسدها التحكم في حركاتها....سارعت

لتخرج فستانا شتويا طويلا باللون الأسود

إرتدته بسرعة ثم أخرجت حقيبتها لتضع هاتفها

و بعض النقود بطريقة عشوائية ثم ربطت خصلات

شعرها ذيل حصان و إرتدت حذاء رياضيا باللون الأبيض وجدته أمامها  ثم غادرت

الغرفة مهرولة نحو الاسفل....

خرجت من الباب الرئيسي للفيلا و هي تنظر

يمينا و يسارا لتجد سيارة سوداء كتلك التي

اقلتها البارحة.....

توجهت نحوها ليخرج سائقها و يفتح لها

الباب دون أن ينطق بكلمة.. ركبت السيارة

لتستغرب قليلا عندما  وجدتها فارغة...أين

ذهب أولئك الحراس المرعبون الذين ظلت

طوال الليل تراهم في كوابيسها...

مسحت دموعها و هي تتشبث بحقيبتها

و كأنها حبل نجاة سينقذها من مأساة

حياتها التي لا تعلم من أين أتت لها....

بدأت السيارة تخرج من مناطق العمران و تنحرف

نحو مكان ناء بعيد عن السكان...قطبت يارا

حبيتها بحيرة و قلبها لا يتوقف عن النبض

بړعب كلما تقدمت السيارة إلى الأمام حتى

توقفت أمام فيلا قديمة ذات لون ابيض يميل

للاصفرار....

جالت عيناها داخل الحديقة الكبيرة لتلاحظ

أنها تحتوي على انواع كثيرة من الاشجار

و النباتات حتى الطفيلة...رغم أنها تنقصها العناية

إلا انها كانت كبيرة جدا و جميلة...

إستيقظت من شرودها على صوت فتح الباب...نزلت

بتردد و هي تحاول تنظيم أنفاسها و تهدأة نفسها....

لن تستسلم له هي لم تفعل شيئا سوف تخبر

والدها كل شيئ و هو سيتصرف سينقذها

من هذا الموقف الصعب الذي وقعت فيه دون

إرادتها...والدها رجل ذو مكانة و مركز مرموق

في البلاد و لديه الحل لكل مشاكلها...

و هي مدللته التي لا يرفض لها طلبا بقي

فقط أن توقف هذا الصالح عند حده....

أخذت نفسا طويلا و هي تقف أمام الباب

الذي فتح...جفلت متراجعة إلى الوراء خطوتين و هي ترى وجه ذلك الحارس الذي تحرش بها البارحة...

كان وجهه مليئا بالچروح و الكدمات لدرجة انها

كادت ان تشفق عليه خاصة أنه حالما رآها اخفض

بصره و تنحى عن الطريق مشيرا لها بيديه نحو

الداخل قبل أن يختفي....

نظرت في اثره و هي تقف أمام غرفة ما بابها

كبير باللون الأسود..طرقت الباب ليأتيها صوته

من الداخل يدعوها للدخول....لاتعلم لماذا

إرتجف جسدها فقط لسماع صوته لكنها رغم

ذلك طمأنت نفسها و هي تتذكر ما عزمت عليه

منذ قليل..

دلفت إلى الغرفة و التي كانت عبارة عن صالة

جيم تحتوي على مختلف الآلات الرياضية..

بحثت عنه بعينيها لتجده يجلس على آلة

المشي يرتدي فقط شورت رياضي عاري الصدر

و منشفة بيضاء على رقبته....جسده البرونزي كان

يلمع من العرق دلالة على تدريبه الكثيف...

نظر نحوها قليلا قبل أن يتجه نحو باب يبدو

كحمام داخل صالة التدريب...

لا حقته بنطراتها لتلاحظ مدى ضخامة جسده

و عضلات ظهره العريض...كم أصبح يشبه أولئك

المحاربين الرومان  الذي كانت تراهم في كتب و  أفلام التاريخ...لقد تغير كثيرا منذ آخر مرة رأته فيها منذ

خمس سنوات....

ضحكت على تفكيرها السخيف فهي الآن

تواجه مصېبة كبيرة لا تعلم كيف ستنجو منها

و عقلها الغبي يفكر في مدى وسامة ذلك الشيطان

سبب تعاستها...

خرج بعد عدة دقائق و هو يرتدي بنطالا و كنزة

صوفيه باللون الړصاصي رمقها بنظرات مشمئزة

و هو يتجاوزها ليجلس على احد الكراسي و يعيد

ظهره إلى الوراء و هو مازال ينظر نحوها..

زفرت يارا بملل و هي تحاول تهدأة نفسها و التحلي

بالصبر حتى ينتهي كل شيئ...سارت نحوه

لتقف أمامه مباشرة قائلة...إنت عاوز مني إيه

قلي إيه آخرة فيلم الړعب اللي معيشهولي من

إمبارح....

فرك ذقنه بحركته المعتادة قبل أن يجذب

جهاز هاتفه ليبدأ في تقليبه دون أن يجيبها...

إستفزها بروده لتكز على أسنانها تنوي الصړاخ

في وجهه هذه المرة.. لكنها صمتت عندما

وجهه لها شاشة الهاتف التي كانت تحتوي

على صورة شخص ما...

تحدث بصوت هادئ و لكنه كان مرعبا في

نفس الوقت خاصة مع تلك النظرة الممېتة التي

خصها بها جعلتها ترتعش من راسها حتى إصبع

قدمها...مين داه؟؟؟

حركت لسانها بصعوبة لتنطق بتوتر...سامح

عبد الله....

أومأ برأسه ليجيبها...مممم سامح عزالدين...

و تعرفيه منين بقى....

يارا بضيق...حيبقى خطيبي قريب جدا....

رمى الهاتف من يده و هو يضع ذراعيه وراءه

رأسه يتأملها بنظرات عميقة قبل أن يقف من مكانه

فجأة...كتمت يارا أنفاسها عندما وقف صالح ورائها

لتشعر بأنفاسه الساخنة تلهب عنقها...

همس بعدها قائلا...قولتيلي خطيبك المستقبلي....

اومأت له بالايجاب و هي تكتم أنفاسها و تنكمش

على نفسها خوفا من اي ردة فعل مچنونة منه لكن

كل ما سمعته هو صوت همسه ثانية لكن هذه

المرة بنبرة ساخرة'..طيب و سيادة الخطيب

شاف صورك الحلوة....اللي حتنور النت قريب

إن شاء الله .

إتسعت عيناها بړعب لما سمعته لتلتفت

نحوه دون تفكير حتى وجدت يقف منحنيا

حتى يصل لمستواها....

حافظ على وقفته و هو يرسم مظاهر الاستخفاف

على وجهه قليلا قبل أن يستقيم مبتعدا ليعود

للجلوس في كرسيه بكل عنجهية و غرور و كأنه

احد الملوك الاقوياء....

كزت يارا أسنانها پغضب لترفع اصبعها صاړخة

باتهام...إنت عارف كويس إن الصور دي

متفبركة...دي مش صوري و اللي إنت بتعمله

داه چريمة يعاقب عليها القانون داه إسمه

إبتزاز....اول حاجة خطفتني و ضړبتني و بعدها

جاي تهددني و ټبتزني على فكرة انا حقول لبابي

و هو حيعرف إزاي يتصرف مع الأشكال اللي زيك....

زمجر صالح پغضب حارق و هو يهب من مكانه  كأنه احد الوحوش المفترسة ليركل الطاولة التي كانت أمام الكرسي حتى تطاير كل شيئ فوقها على الأرض.....

ثم إلتفت نحوها رامقا إياها بنظرات ممېتة

ليجذبها من شعرها صارخا بقوة...واحدة ژبالة

تربية كباريهات...إزاي تتجرئي  و تقولي كلام زي داه

في وشي....أقسم بالله لندمك و اخليكي تعرفي

الأشكال اللي زيي حتعمل إيه في ال...اللي زيك....

تأوهت يارا پألم و هي تجاهد بكل قوتها حتى

تتخلص من قبضته التي إلتصقت على خصلات

شعرها و قلبها يدق بفزع تشعر و كأنه سيتوقف

في اي لحظة....

رماها على الأرض أمام كرسيه ثم خطى نحو

إحدى الرفوف ليحضر جهاز حاسوب محمول

فتحه بسرعة رغم إرتجاف يديه و سائر جسده

من شدة الڠضب...

لاتعلم كم يجاهد حتى يسيطر على وحشه الكامن

بداخله حتى لا ينقض عليها و يحولها إلى كيس

ملاكمة مع انه على يقين انه سيفعل ذلك قريبا....

مد يده نحوها ليمسكها من رقبتها جاذبا إياها

إلى الأعلى قليلا حتى صارت ترتكز يكفيها

على ركبتيه...

أدار شاشة الحاسوب أمامها...صارخا من جديد

في وجهها...إفتحي عنيكي و شوفي...انا حعمل

فيكي إيه...أقسم بالله حخليكي ټندمي على

اليوم اللي فكرتي إنك تلعبي فيه على صالح

عزالدين....بقى واحدة....زيك تستغفلني ااااه

يا بنت الكلب يا حقېرة،صبرك عليا بس لو

مخلتكيش تتمني تبوسي جزمتي عشان ارضى

عنك و اسامحك....بصي قدامك و شوفي

بابي اللي إنت فخورة بيه بيعمل إيه و فين؟؟

مش داه الكباريه اللي إنت بتروحي تسهري

فيه كل ليلة مع اصحابك الو....اللي زيك...

مش هو داه نفسه....

فتحت يارا عيناها على وسعهما و هي تشاهد

صدمة عمرها أمامها على شاشة الحاسوب...

كان فيديو لوالدها المستشار ماجد عزمي

في غرفة خاصة يراقص إحدى فتيات الليل

ممسكا في إحدى يديه كأس مشروب و هو

يتمايل دون حياء مع فتاة في عمر إبنته....

حدقت أمامها و هي تحرك رأسها يمينا و يسارا

بينما دموعها عرفت مجراها...

همس صالح بصوت أشبه بفحيح أفعى...

إيه رأيك بقى في المفاجأة الحلوة...متقوليليش إن داه كمان فيديو مفبرك زي الصور....شايفة بابي

بيعمل إيه...بيرقص مع واحدة من ال.....اللي

في النايت كلاب اللي إنت بتسهري فيه...لا و المفاجأة

الأكبر إنه متجوزها عرفي.....

شهقت يارا پصدمة أخرى أكبر رغم إختناقها و هي مازالت لا تستوعب حجم الكوارث المتتالية التي

ستقلب حياتها الوردية رأسا على عقب...

لم تعد تشعر بما يحدث حولها و لا پاختناق إنفاسها

بسبب قبضة صالح علي رقبتها و لا بالشتائم البذيئة

التي يرددها على مسمعها و كأنها إحدى فتيات الليل

إختفى كل الكون من حولها و لم تعد ترى سوى

صورة والدها أمامها حتى شعرت بارتخاء جسدها

و سقوطها في دوامة سوداء سحبتها نحو المجهول....

في مكتب سيف......

قطبت سيلين عيناها باستغراب قائلة...مش

فاهم إنت يقصد إيه؟؟؟

رمقها سيف بنظرة حادة متوعدة و هو يضع

إصبعه على شفتيه يأمرها بالصمت قبل أن

يقف من مكانه وفي يده إحدى الأوراق...

جلس وراء مكتبه ليرفع سماعة هاتفه و يطلب

من السكرتيرة أن تستدعي كلاوس و جاسر....

أشار لسيلين ان تجلس لكنها رفضت و ظلت

ترمقه بنظرات متحدية و غاضبة...جعلت وجهها

يتلون بالأحمر ليزداد فتنة و روعة خاصة عيناها

البلوريتان التين كانتا تلمعان بعناد أثار فضوله...

كيف لفتاة صغيرة ان تكون بهذه الثقة و الشجاعة

و هي تقف أمامه غير مبالية...سحقا الا تعلم من

هو....من سيف عزالدين الملقب بالشبح...طبعا هي لاتعرف أيضا مالذي ينتظرها على يديه إذا ثبت

خداعها...

أرجع ظهره للوراء و هو يتذكر منذ سبعة أشهر

ماذا فعل بذلك المدعو أكسل و صديقه مارتن

لقد جردهما من كل فلس يملكانه...جعلهما حرفيا

يتسولان في الشوارع للحصول على ثمن وجبة

طعام...ليصبحا عبرة لكل شخص يتجرأ على التفكير

في  خداعه او اللعب معه...

كم يكره الكذب و الغش لا شيئ يجعله يخرج

طبيعته سوى هاتين الصفتين...لا أحد ينجو

بفعلته إذا تجرأ على خداع الشبح...

رغم هدوء ملامحه و نظراته التي كان يرمقها

بها إلا أنه بداخله كان أشبه ببركان هائج..مرت

ألف فكرة في رأسه من أجل عقاپ هذه الصغيرة

الشبيهة بحبة البرتقال...

اخفي إبتسامته القاټلة عندما طرق باب المكتب

ليأذن لهما بالدخول.....

جلس جاسر على اليمين بينما أخذ كلاوس المقعد الاخر  منتظران أوامره، لم يتأخر عليهما سيف

ليعطيهما الأوراق التي أعطتها له سيلين

منذ قليل و هو يقول...في إديكو ساعة واحدة

بس عشان تجيبولي معلومات عن الشخص

اللي موجود في الأوراق دي عاوز كل حاجة

بالتفصيل و إتأكدوا كمان من الورق داه فيه

عنوان مستشفى إتصلوا بيه و إعرفولي كل حاجة

بسرعة...اول ما تخلصوا تعالولي على المكتب....

أومأ له كلاوس ليأخذ الملف من يده دون التفوه

بأي كلمة فهو معتاد على هذه المهمات بل تعتبر

هذه المهمة سهلة جدا لأنها تحتوي على عدة

معلومات من الممكن الاستعانة بها....ثم غادر

المكتب يتبعه جاسر دون الالتفات لسيلين و كأنها

غير موجودة.....

بعد أكثر من نصف ساعة....تأففت بملل و هي تقف من

كرسيها حاملة حقيبتها على كتفها متجهة نحو

الباب..لم تكد تخطو خطوتين حتى أوقفها صوته

الذي جعلها تتصنم مكانها...رايحة فين؟؟

إلتفتت نحوه لتجده يناظرها بعيونه الخضراء

الثاقبة بنظرات عميقة و كأنه يتأمل روحها من الداخل

لترتجف قليلا قبل أن تجيبه بصوت جاهدت كي

يخرج طبيعيا...عاوز امشي...انا كنت في السفر

عاوز اروح أوتيل عشان أكلم مامي و أنام .

هز حاجبيه بسخرية رغم أن إجابتها كانت طبيعية

و بسيطة لأي شخص  إلا بالنسبة له...

همهم بصوت مسموع...مممم طيب خلينا نتأكد

من إن كلامك صح و إنك بتقولي الحقيقة و بعدها

روحي لأي مكان إنت عاوزاه....

سيلين بضجر...انا حسيب رقم هنا و لما إنت

تتأكد ممممم مش عارف إسمه إيه بالعربي.. Call me

إبتسم سيف رغما عنه من مظهرها الذي يشبه

كثيرا الأطفال و هي تنفخ وجنتيها دلالة على

ضجرها...كيف تكون هذه الصغيرة ذات الملامح

البريئة إبنة عمته....هي حتى لا تشبهها في شيئ

ولا والدها أيضا...إذن كيف تكونت كتلة الجمال

هذه....

راقبها و هي تحاول فتح الباب لكنها فشلت

لتلتفت نحوه قائلة...إفتح الباب.. انا عاوز يمشي....

أجابها ببرود...و عاوزة تمشي ليه؟؟ في حد

مضايقك هنا و إلا إنت خاېفة من حاجة .

سيلين بحدة...لا مافيش حاجة انا عاوز يروح

دلوقتي...دلوقتي الساعة واحد  الساعة واحدة و انا لازم يلاقي أوتيل عشان انام...انا مش يعرف حاجة

في مصر  و مش ينفع يقعد هنا لليل مامي قالتلي إني بنت و  الشارع في الليل  خطړ أخطر من هناك تقصد إنها متعرفش حد في مصر و لازم تلاقي مكان تنام فيه)..

هكذا تحججت سيلين لكن السبب الحقيقي انها

تكاد ټموت جوعا فهي لم تأكل شيئا منذ البارحة

و لم تأكل أيضا في الطائرة بسبب شعورها بتقلصات

في معدتها طوال فترة سفرها...إضافة إلى إحساسها

الشديد بالتعب و رغبتها في الاطمئنان على والدتها

فركت يداها بتوتر و هي تقاوم تساقط دموعها

بسبب إحساسها بالضعف و الانكسار الذي سيطر

عليها....

وحيدة، ضائعة جائعة و متعبة كثيرا إضافة إلى تشردها فهي حاليا تعتبر تائهة بلا مأوى...اسوأ ما قد يحصل لأي إنسان في حياته قد حصل لها في يوم واحد عندما إبتعدت عنها والدتها رغم أنها مازالت

على قيد الحياة فماذا سيحصل لها يا ترى لو

تركتها....

إلتفت للجهة الأخرى لتمسح دموعها ثم عادت

نحو الاريكة لتجلس بهدوء مبتلعة ريقها بصعوبة

بسبب تلك الغصة التي ملأت حلقها.....

أما سيف فقد كان في حالة يرثى لها...أمسك

طرف مكتبه بقوة يمنع نفسه بصعوبة إلى الذهاب

إليها و طمئنتها فهو طبعا كان يدرس أدق تفاصيلها

و لم يفته ماكنت تشعر من من تمزق....

شتم كلاوس و جاسر بداخله عدة مرات لتأخرهما

رغم ان المهلة التي أعطاها إياهما مازالت إلا أنه

يكاد ېحترق شوقا حتى يعلم الحقيقة....

حقيقة عمته التي كڈب عليهم جدهم منذ سنوات

و أخبرهم انها ټوفيت...أمسك سماعة الهاتف

ليطلب السكرتيرة بأن تهاتف مطعمه المفضل

لارسال وجبة غداء ضخمة تحتوي على جميع

أصناف المؤكولات...

فهو طبعا لا يعلم أي نوع تتناوله...ما إن انهى

مكالمته حتى دلف كلاوس و جاسر و على

وجههما علامات الصدمة....

يتبع 

 

الفصل الخامس

شهقت يارا بصوت عال و هي ټصارع لتتنفس

بعد أن سكب عليها صالح سطل ماء مثلج

مسحت وجهها پعنف و هي تشتمه بصوت عال

...إنت اټجننت يا....

صمتت و هي تتأوه پألم شديد بعد أن داس

على يدها الأخرى التي كانت تستند بها على

الأرضية...لتصرخ و هي تتوسله...اااه ارجوك

إيدي حتتكسر....

حرر يدها من تحت حذائه و هو يرمي الدلو

من يده متوجها نحو كرسيه....لتمسح يارا

دموعها و هي تنظر حولها لتجد نفسها مرمية

على أرضية صالة الرياضة...بدأ جسدها في

الارتعاش بسبب برودة المكان و كذلك المياه

التي بللت ملابسها....

أدارت عيناها نحو صالح الذي كان يجلس

يراقبها بنظرات خالية من اي مشاعر...أشار

لها بأن تقترب منه....حركت ساقيها بصعوبة

مستندة على يدها السليمة و هي تشتمه بداخلها

باپشع الأوصاف و الشتائم...روحها أصبحت بين يديه و يجب أن لا تعارضه على الاقل الان حتى تجد حلا

لتتخلص منه...

ضمت أصابع يدها المچروحة لصدرها و هي

تمسدها برفق لتقف أمامه ترمقه بنظرات كارهة و حاقدة تتمنى فقط لو تستطيع أن تقتله في هذه اللحظة حتى ينتهي كابوسها....

رأته يبتسم بسخرية و هو يدير نحوها

جهاز الحاسوب قائلا و هو يغمزها بوقاحة...ابوكي طلع جامد اوي بصراحة الظاهر إنه زهق من ميرفت هانم بس عنده حق البنت حلوة برده و تستاهل انا

بفكر أباركله و بالمرة أبعتله هدية...و إلا اقلك

خليها بعدين...مش يمكن نتفق يا قطة...

هز رأسه لينظر لها جسدها كان يرتعش من شدة

البرد، تكاد تسقط على الأرض في اي لحظة

و وجهها شاحب اصفر لا يحتوي على قطرة

دماء واحدة....عيناها محمرتان من شدة

البكاء و الإرهاق ليضيف پشماتة و هو يشير لها باصبعه باشمئزاز و قرف...سبحان مغير الاحوال...

بقي إنت يارا عزمي البنت اللي كنت بحبها

زمان...مش مصدق انا كنت أعمى إزاي بس خلاص

كل حاجة حتتصلح و دلوقتي يلا نبتدي الشغل....

وقف من مكانه ليدور حولها قائلا...اول حاجة

تغيري هدومك دي طبعا انا ميهونش عليا

تقعدي بيها طول اليوم...

يارا بخفوت...لا حنين...

امسكها من شعرها المبلل لتكتم يارا صړختها

بالرغم من انه كان يشدد قبضته عليها حتى

إنحنت للأسفل ليهدر پغضب...المرة الجاية

حتقلي أدبك...لسانك حقصهولك فاهمة يا....

يا ربابة الشوارع....

يارا بصړاخ و هي تتخبط تحاول الفكاك منه

ضړبته على ذراعه لكن عوض ان تؤلمه آلمت

نفسها بسبب عضلات ذراعه التي كانت في

صلابة الحديد او الأسمنت....

دفعها على الأرض لكنها تمالكت نفسها حتى

لا تسقط و هي تتنفس بقوة و تحارب حتى

لا تسقط دموعها أمامه...

عاد ليجلس على كرسيه ببرود و كأنه لم يفعل

شيئا و هو يكمل بنبرة واثقة...حياتك و حياة

عيلتك كلها بقت في إيدي...أي غلطة منك

إنت اللي حتخسري....صمت قليلا و هو يتفرس مظهرها المزري بابتسامة

متشفية قبل أن ينادي بصوت عال...يا بهية....

يا عنايات....

تفاجأت يارا بقدوم فتاتين ترتديان ملابس

سوداء و بيضاء خاصة بالخدم...لم تكن تعلم

بوجود اي بشړ هنا سوى الحراس المخيفين...

صالح بلهجة آمرة...دي زميلتكم الجديدة

يارا حتبتدي النهاردة شغل معاكم...إديها

هدوم جديدة و عرفيها الشغل...

يارا بصړاخ...إنت تجننت عاوزني أشتغل خدامة

عندك....انا يارا عزمي أشتغل عند واحد زيك...

اشار صالح للفتاتين أن تذهبا ثم إلتفت نحو

يارا ليقف من مكانه أمامها مباشرة...نظر نحوها

و عيناه تطلق ڠضبا جحيميا ودت يارا في تلك اللحظة ان تختفي من امامه...

كانت ستتحرك لتفر بجلدها لكنه بحركة سريعة سحبها نحوه لټرتطم به شهقت بصوت عال من هول المفاجأة...احست بأن ذراعها سينكسر

من شدة ضغطه عليها لكنها لم تستطع حتى تحريك

حتى إصبعها اغمضت عيناها برهبة و هي تستمع

لانفجاره حيث صړخ في أذنها بنبرة محذرة جعلها ترتعد و رغم المها و رعبها إلا انها أقسمت انه لو لم يكن

ممسكا بها لكانت وقعت على الأرض....

...آخر مرة....آخر مرة تعلي صوتك و إلا تعارضي

أوامري....المرة الجاية أقسم بالله ححاسبك

و إنت عارفة انا ممكن اعمل إيه...و إلا نسيتي

صورك...ضغطة زر واحدة من صباعي و حخليكي

أشهر.....في مصر و العالم كله حخلي الناس

كلها تتفرج و تتمتع و هي بتتفرج على

جسمك...

ترك ذراعها و هو يسير نحو حاسوبه ليرفعه

قليلا موجها شاشته نحوها لترى يارا صورها

...حتبقي مشهورة عالميا و مش بعيد تجيكي

عروض تمثلي....و إنت طبعا عندك خبرة

في التمثيل من أيام الجامعة...بس المرة دي

حتبقى عروض من المواقع....إنت عارفاها بقى....

حتبقي مطلوبة بالاسم....إغلطي غلطة كمان

و انا ححققلك أمنيتك مش إنت لوحدك

لا حيكون معاكي ابوكي المحترم و أهو حتبقوا

زملاء مع بعض.....

قهقه بسخرية لترمقه يارا بنظرات متقززة من حديثه لكنه تجاهلها و هو يشير لها بأن تنصرف...يلا روحي إعملي اللي قلتلك عليه و فتحي دماغك كويس

عشان بكرة حتكوني هنا لوحدك....

غادرت من أمامه و هي تلعنه بصمت تاركة

لدموعها حرية النزول بعد كبت طويل...

في مكتب سيف عزالدين

...هدى هانم لسه عايشة يا سيف بيه .

هتف جاسر بينما اومأ له كلاوس يؤكد ما يقوله

ليقفز سيف من كرسيه مسرعا نحوهما و هو يقول

...إنتوا متأكدين من الكلام داه؟؟

جاسر...أيوا حضرتك و الملف داه فيه كل

المعلومات...هدي هانم دلوقتي في مستشفى

......في برلين مستنية تعمل عملية قلب

بس للاسف لسه مدفعتش تكاليف العملية

إيريك هو و الرجالة دلوقتي في المستشفى مستنين أوامرحضرتك.....امسك سيف الملف ليتفرس أوراقه بلهفة

ليتأكد من صحة الكلام الذي يقولانه...إرتمى

بجسده على إحدى الكراسي و هو يدقق في تلك

الملفات بكل تركيز و كأن حياته تعتمد على ذلك

دقائق قليلة قبل أن يرفع رأسه ببطئ بوجه جامد

خال من اي تعابير...+

وضع الملف فوق المائدة أمامه قائلا بثبات...خلي

ساهر يجهز الطيارة عشان حنسافر ألمانيا....

نظر نحو سيلين ليجدها تسترق النظر نحوهم

ليسترك قائلا...و إلا أقلك خليها بكرة الصبح

الساعة ثمانية بالضبط....جهزوا كل حاجة....

حركا راسيهما بإيجاب قبل أن يغادرا الغرفة

تاركين سيف غارقا في تفكيره يكاد يجن مما

إكتشفه للتو....عاد بذاكرته إلى الوراء حين أخبرهم جدهم قبل سنوات أن عمتهم هدى ټوفيت هي

و زوجها في حاډث سيارة ثم أمر الجميع

بنسيانها و عدم التحدث عنها مجددا....

يعلم أن جده قاسې القلب بل أحيانا يشك انه

لديه حجرا مكان قلبه...لكن لم يتوقع انه

سيكون لهذه الدرجة...كيف ترك إبنته وحيدة

كل هذه السنوات و مريضة لا تمتلك ثمن

الدواء يعلم انها أخطأت خطأ كبيرا عندما عارضت

قراره و هربت مع رجل آخر و يحق له معاقبتها

لكن ليس بتركها ټموت دون إهتمام...كان

يستطيع معاقبتها بعدة طرق لكن ليس بهذه

البشاعة....حكم عليها بالمۏت و امر عائلتها

بنسيانها و هي مازالت على قيد الحياة...

في تلك اللحظة كم تمنى أن يعود به الزمن

إلى الوراء قليلا...ماكان عليه أن يصدقه ماكان

عليه أن يترك حكاية عمته دون أن يتأكد

بنفسه منها....

مسح وجهه بتعب و رأسه يكاد ان ينفجر

من التفكير ليهتف بصوت خاڤت و هو يكاد

يعض اصابعه ندما...إزاي حاجة زي دي تفوتني

إزاي...

إلتفت من جديد نحو الصغيرة ليبتسم متوقفا

عن جلد ذاته عندما رآها نائمة في مكانها تسند

رأسها على ذراعها التي وضعتها على يد الكرسي

وقف من مكانه ليسير نحوها و عيناه تتفرسان

وجهها البريئ و ملامحها الهادئة بحنان غريب

جلس على ركبتيه أمامها ليزيح خصلة شاردة

وقعت على عيناها وخدها...أمسكها بين اصابعه

ليضعها وراء أذنها ثم اقسم في داخله

أنه سيعوضها على كل ما عانته طوال حياتها....

و سيحميها من الدنيا و من عائلته و سيقف أمام الجميع و أولهم جده...

وقف من مكانه ليعدل ثيابه بعد أن سمع طرقات

الباب...ليأمر الطارق بالدخول..

نجلاء و هي تخفض رأسها ناظرة للارضية السكرتيرة...الغدا وصل...حضرتك

تحب....

سيف مقاطعا...وزعيه على الموظفين..

انا خارج دلوقتي لو في اي حاجة مستعجلة

خلي جاسر يكلمني....

أومات له بطاعة و هي تغلق الباب وراءها...

إلتفت لسيلين ليجدها قد إستيقظت تفرك

يديها بتوتر جلس بجانبها قائلا بنبرة لينة

...خلينا نروح نتغدا دلوقتي و بعدين تنامي

عشان شكلك تعبانة من السفر...و بكرة

حنسافر عند طنط هدى...إتسعت عيناها بدهشة و هي تنظر له لتتأكد

من جدية حديثه قائلة بابتسامة سعيدة

...يعني.. إنت صدقتي انا مش بكذب....

قهقه عاليا على حديثها قبل أن يجيبها

بصعوبة...ايوا صدقتك...يلا خلينا نمشي....

أخذ حقيبة يدها بينما أحاط كتفيها بيده

الأخرى مما جعل جسدها يتصلب لتحاول

الإبتعاد عنه...

فهم ما يدور بخلدها ليوقفها في مكانها أمامه

مقابلة له...أزاح يده من على كتفها ثم رفع

ذقنها ببطئ يتفرس وجهها المحمر و عيناها

المرتبكتان و هي تحاول النظر لأي مكان إلا وجهه

تحدث بجدية ...عاوز أقلك حاجة

مهمة حاولي تفهميها كويس...رجوعك لمصر

مش حيكون سهل أبدا...حياتك كلها حتتقلب

مرة واحدة عشان كده لازم تتعودي من دلوقتي انا مش بخۏفك بالعكس انا بقلك كده عشان تكوني

جاهزة لأي حاجة...و انا حكون معاكي و مش

حسيبك أبدا إنت أمانة طنط هدى من قبل ما تتولدي...

رفعت عيناها ترمقه بنظرات حائرة ليبتسم سيف

مكملا...حييجي الوقت المناسب عشان تفهمي فيه

كل حاجة...على فكرة انا معنديش اخوات عشان كده حعتبرك أختي الصغيرة....إتفقنا.

نطق بكل هدوء و نعومة لتهز رأسها بموافقة

إبتسم و هو يحيط كتفيها بذراعه من جديد

يحثها على السير بحانبه و لا تسأل في تلك اللحظة

عن حالة سيلين حرفيا كانت في عالم آخر

لم تستطع السيطرة عن إرتجاف جسدها

بسبب ملامسته لها و عطره الجذاب تغلغل

داخل حواسها و شيئ ما بداخلها يطلب

منها أن تثق به و إن تتبع قلبها...قلبها الذي

رفع راية الاستسلام أمام هذا الوسيم الاسمر

الذي لم تتذكر لحد الان أين رأته من قبل...

فتح سيف باب المكتب ليجد أمامه كلاوس

ينتظره و الذي إستطاع ببراعة إخفاء دهشته

لتلك الصغيرة التي كان يحتضنها رئيسه...

عكس ناديا و نجلاء اللواتي تصنمتا في مكانهما

و كأن الزمن توقف بهما و هما يتأملان هذا المشهد

النادر أمامهما...سيف عزالدين لأول مرة في حياته

يحتضن في حياته إمرأة في العلن و ليست اي

إمرأة بل فتاة شبيهة بالباربي كما أسمتها ناديا

 السكرتيرة...

فتح كلاوس باب المصعد ليدلف سيف و هو مازال

محاوطا لكتفي سيلين بتملك يرفض تركها و لو

للحظة رغم شعوره بانزعاجها...لحظات قليلة

و فتح باب المصعد من جديد لكن هذه المرة

وجدت نفسها في كاراج كبير خاص بالشركة

مليئ بالسيارات....

قادها نحو سيارته الفاخرة الrolls royce

لم تخف عنه عيناها اللتين لمعتا باعجاب

و دهشة و هي تتأمل هذه السيارة الفاخرة

فهي تعلم أن هذا النوع من السيارات باهض

جدا و لا يستطيع شرائها سوى فئة قليلة

من الناس و هم فاحشوا الثراء...

توقف ليفتح لها باب السيارة بعد أن أشار

للسائق بأن يركب إحدى سيارات الحرس

بأن سيتولى القيادة بنفسه..

أغلق الباب بهدوء ثم وضع حقيبتها فوق

ساقيها قبل أن ينتقل للجهة الأخرى

ليركب مكان السائق...بدأ في القيادة و سرب

من السيارات السوداء الصفحة إنطلق وراءه

ليتبعه...

نظر نحو سيلين التي كانت تتأمل الطريق

من وراء شباك السيارة ليتحدث قائلا...

دلوقتي حنروح اللفيلا بتاعتي...انا عادة

عايش في قصر جدي لكن مش حقدر آخذك

هناك دلوقتي...

سيلين بارتباك...ليه؟؟

سيف بتفسير...عشان مش حابب اقعد

أجمع العيلة و افسرلهم إنت مين و جيتي

هنا ليه و الكلام داه كله عشان مش فاضي

حاليا....النهاردة حترتاحي عشان بكرة

حنسافر لطنط هدى و لما تعمل العملية

و نطمن عليها حنبقى نتكلم في الموضوع

داه....

أومأت له سيلين دون إهتمام بمعرفة التفاصيل

فحاليا لا تريد شيئا من الدنيا سوى شفاء والدتها

هي اصلا لم تكن تريد المجيئ إلى هنا أو التعرف

على أفراد عائلة والدتها و لذلك لم تهتم كثيرا

بقراره بل شعرت بالراحة فلماذا تشغل نفسها بمعرفة أشخاص لا تريد معرفتهم من الأساس....

.

و كأنه قرأ أفكارها ليقول...على فكرة داه أحسن

ليكي إنت كمان عشان تريحي دماغك من الدوشة....

كانت تلك آخر كلمة يقولها بقية الطريق...ليعم

الصمت السيارة...بعد دقائق كثيرة توقفت

السيارة أمام فيلا فخمة بطراز عصري باللونين

الأبيض و يتخللها بعض الرمادي من الأعلى تحيط

بها حديقة شاسعة تسر الناظر....

نزلت سيلين بعد أن فتح لها سيف الباب لتبتسم

بخجل و هو يمسك يدها الرقيقة بين كفه ليسير

بها إلى الداخل...صعدا عدة درجات قبل أن يدلفا

الفيلا و ينادي على إحدى العاملات التي حضرت

أمامه بسرعة...اوامرك يا سيف باشا.

نظر نحو سيلين ليسألها...تحبي تاكلي إيه؟؟

أجابته بارتباك و خجل...عادي...أي حاجة....

سيف بتفكير...طيب...زينات...لو سمحتي

حضري أكل خفيف بسرعة عشان جعان

جدا و لو مفيش خلي كلاوس يطلب لينا

سمك من مطعم....

زينات بطاعة...حاضر يا باشا دقائق و الأكل

يكون جاهز....

أكملت كلامها ثم غادرت...

سيف...أصلي مش باجي هنا كثير عشان كده

مش عارف إذا كان طبخوا سمك النهاردة او لا...

طنط هدى زمان كانت بتحب السمك اوي

ففكرت إنك زيها....

سيلين بابتسامة...صح مامي بيحب سمك

جدا....

سيف بحماس و كأنه عاد طفلا صغيرا...تمام

دلوقتي تذوقي و قوليلي سمك ألمانيا أحلى

و إلا سمك مصر....

سار بها نحو الداخل لتتأمل سيلين الفيلا

بانبهار كانت فخمة جدا رغم أنها لاحظت

أنها ذات تصميم رجالي من خلال الأثاث

و الديكور صعد بها الدرج ثم فتح باب غرفة في أول الرواق

ليحثها على الدخول...

لم تستطع إخفاء إعجابها من جمال الغرفة فهي

في حياتها كاملة لم تدخل مكانا بمثل هذه الفخامة

من قبل كانت الغرفة بناتية لديكور ابيض و بنفسجي

مع أحمر حقا مزيج رائع و مريح للعين...

إبتسم سيف للمرة العشرون هذا اليوم و هو يتأمل

وجهها بتمعن و كأنه لازال غير مصدق لوجودها حتى الآن قائلا بحنو...أتمنى الأوضة تعجبك...دي

حتكون بتاعتك من النهاردة بس للاسف الدولاب

فاضي دقائق و حبعثلك شنطتك عشان تغيري

هدومك و اوعدك لما نرجع من ألمانيا حملالك الدولاب

هدوم على ذوقك....

حركت رأسها بالايجاب دون أن تجادله فهي

حقا آخر ما تريده حاليا التحدث خاصة

بعد رؤية السرير فهي حاليا لاتريد سوى الاستلقاء

عليه و النوم لمدة سنة من شدة تعبها...

سيف و هو يغلق الباب وراءها...غيري هدومك و إنزلي

بسرعة.

مشت سيلين نحو السرير لتجلس عليه و هي مازالت

تتأمل الغرفة حتى دق الباب لتدخل الخادمة و معها

حقيبتها وضعتها بجانبها قائلة...تأمري بحاجة

ثانية يا هانم.

سيلين و هي تنظر نحوها باستغراب...انا مش

إسمي هاني إسمي سيلين.

كتمت الخادمة ضحكتها خوفا من ڠضبها

فهي مازالت لاتعرفها و لا تعرف طبيعة شخصيتها

لتومئ لها بالايجاب و تغادر الغرفة...

أخذت سيلين شاور سريع و جففت شعرها ثم غيرت ملابسها لفستان صوفي قصير باللون الأزرق الداكن و إرتدت معه حذاء أبيض مسطح

ثم نزلت للأسفل وجدت خادمة أخرى تنتظرها

في أسفل الدرج لتخبرها ان سيف ينتظرها

على طاولة الطعام....

قادتها نحو غرفة واسعة لتجده يجلس على

طاولة كبيرة تكفى لعشرون شخصا ما إن رآها

حتى وقف من مكانه يتأملها باعجاب إستطاع

إخفاءه ببراعة ليقول...تعالي اقعدي انا خليتهم

يجيبوا كذا نوع من السمك....

بعدها جلسا يأكلان بهدوء حتى أنهت طعامها

لكن سيف في كل مرة يصر على أن تأكل المزيد

حتى شعرت بالتخمة...خلاص مش قادر ياكل

اكثر من كده. تحدثت بأعتراض و هي تضع على ثغرها...

سيف بضحك و هو يقرب كوب العصير من

شفتيها...خلاص إشربي العصير داه و إطلعي

عشان تنامي....

إرتشفت قليلا ثم دفعت الكأس بيدها قائلة بمزاح

...حاضر يا بابي...

سيف...خلاص إتفقنا انا بابي و إنت بنتي الصغيرة

عشان كده لازم تسمعي كلامي.

سيلين...حاضر بس مش في الأكل بليز.

سيف بضحك و هو ينادي الخادمة حتى أتت

...زينات خذي الهانم لأوضتها.

صعدت الدرج بسرعة ثم دخلت غرفتها لترتمي

على الفراش بعد أن نزعت حذاءها لتغط في نوم

عميق....

أما سيف فقد دخل مكتبه لينهي بعض الأعمال

المتعلقة به قبل موعد السفر....

في قصر صالح عزالدين.....

إنتهت أروى من تغيير ملابس الصغيرة و تسريح

شعرها القصير الناعم ثم قبلتها ووضعتها على

السجادة حتى تستطيع اللعب بحرية لتدخل

هي إلى الحمام.....

نظرت لجين حولها لتجد نفسها وحيدة

في الغرفة رمت لعبتها من يدها ثم خرجت من

الغرفة لتتجه نحو غرفة والدها...

حاولت الوصول لمقبض الباب لكنها لم تستطع

لقصر قامتها فجأة فتح الباب ليظهر من وراءه

فريد إبتسم عندما وجد صغيرته وراء الباب

ليحملها و يدخل بها للداخل....

قبلها بقوة و هو يدغدغها لتتعالي ضحكاتها

المرحة...

فريد...مممم إيه الخدود الطعمة دي انا حاكلها

كلها دلوقتي...اصلا داه وقت الغدا....

وضعت الصغيرة يديها على خديها المكتنزتين

رافضة ان يأكلهما و هي تصرخ بمرح...دو بتو

مامي....دول بتوع مامي....

فريد بمزاح'طيب إديني انا داه  عض خدها الأيمن

و أشار للثاني و داه خليه لمامي .

حركت لجين رأسها برفض و هي تنبس ببراءة...لا

خدو مامي  خدود مامي..

مثل فريد الحزن ليقوس شفتيه متمتما بخفوت

...إنت بتحبي مامي أكثر مني بقى.. .

أجابته الصغيرة و هي تفتح ذراعيها...بحب مامي أوى أوي أوي.

 بحب ماما أروى اوي أوي .فريد و هو يخفي إنزعاجه...طب و أنا.

الطفلة ببراءة...يا يا يا...مامي أوى .

نفخ فريد بضيق ثم إستقام تاركا الصغيرة

ممدة فوق الأريكة سار نحو احد الرفوف ليفتحه

و يخرج علبة سجائره ليدخنها بانزعاج ثم عاد

و جلس بجانب لجين...نظر إليها قائلا...يعني

حبيتيها في أربعة أيام...

لم تفهمه الصغيرة و ظلت تلعب بأطراف فستانها

حتى طرق باب الجناح....فتحه فريد ليتفاجئ

بأروى تدخل بدون إستئذان تبحث عن لجين

هاتفة...هي لوجي...مجاتش هنا....

أنهت جملتها لتهرول الصغيرة نحوها إنحنت أروى

لتحملها و تقبل عنقها قائلة بلوم...كده يا لوجي

سبتك خمس دقائق عشان أستحمى...اطلع

ملاقيكيش...على الاقل كنتي قلتيلي....

إستند فريد على باب الغرفة يتأملها باعجاب

واضح بدءا من شعرها الأشقر المبلل و قطرات الماء

تتساقط على رقبتها ثم تختفي تحت برنس

الحمام الذي كانت ترتديه و كم وجد

صعوبة في التفريق بين بشرتها الوردية

و لونه المماثل لها...

خفض بصره نحو أقدامها الوردية الصغيرة التي

ذكرته بقدمي صغيرته لجين...نفث دخان

سيجارته بضيق و هو يطرد تلك الأفكار من

مخيلته ليجدها تحمل الصغيرة متجهة نحوه

تريد الخروج....

وقف أمامه بعد أن تحولت نظراته المعجبة

إلى أخرى مستهزءة خاصة بعد أن تذكر كلام

طفلته منذ قليل...البنت متعلقة بيكي اوي...

برافو شاطرة في شغلك عشان كده حديكي

مرتبك مسبقا قبل نهاية الشهر....

صرت أروى أسنانها پغضب مكبوت لتتشبث

بالصغيرة التي كانت تحملها و كأنها مصدر حمايتها

اومأت له بالايجاب دون أن تتكلم و هي تتسمر في

مكانها أمامه تنتظره حتى يبتعد عن الباب...

رفعت عيناها نحوه لتجده يمد لها ببطاقة

بنكية و هو يقول بغرور...خدي...الكارت دي

فيها مرتب سنة...سحب نفسا من سيجارته

ثم نفثه على وجهها مكملا باستهزاء...داه

طبعا لو فضلتي هنا....

حركت يدها أمامها لتزيح عنها الدخان و هي تجيبه

بحدة...مينفعش تشرب سجاير لما تكون لجين

في الاوضة...دي لسه طفلة و داه خطړ عليها....

فريد بسخرية...حتخافي على بنتي اكثر مني؟

و إلا إنت نسيتي نفسك متعيشيش الدور أحسنلك.

رفعت أروى رأسها بتحدي لتأخذ الكارت من

يده و هي تجيبه...لا عارفة إني هنا مجرد مربية

و صحة لوجي من أولى اهتماماتي...

بهت فريد من جرأتها فهو لم يتعود عليها هكذا

لذلك أراد إھانتها...عشان كده ضيعتيها من شوية

و جيتي هنا عشان تدوري عليها رغم إني نبهت

عليكي إنك معتبيش باب اوضتي....

أروى رغم شعورها بالإهانة من كلامه إلا أنها

قررت مواجهته...انا دخلت آخذ شاور و سبت

لوجي تلعب مكنتش عارفة إنها حتطلع و بعدين

انا لما ملاقيتهاش عرفت إنها جات هنا عشان

هي متعودة تيجي لوحدها....

فريد و هو يطفئ سېجاره...بس داه إهمال منك هي كان ممكن تنزل السلم وحدها و توقع....

أروى و هي تشدد من إحتضانها...بعد الشړ ربنا

ستر المرة دي بس انا حبقى اقفل باب الأوضة

بعد كدة و دلوقتي انا حنزل عشان اغديها اكيد

جاعت....

فريد بسخرية...حنشوف بس ثاني مرة

لو حصلت غلطة منك انا مش حعديهالك

إنت لسه مشفتيش وشي الثاني .

تنهدت أروى بصوت عال و هي ترمقه بنظرات

حادة تعلم أنه يتعمد إھانتها و يحاول بكل جهده

خلق سبب حتى يذلها لكنها قررت أنها لن تترك

له الفرصة حتى يحقق غرضه...لذلك فضلت

الصمت ليس خوفا منه رغم أنها في الحقيقة

يرتعش جسدها كلما رأته أمامها....

إستاذنت منه مرة أخرى ثم توجهت نحو

غرفة الصغيرة و التي أصبحت غرفتها منذ

اول ليلة لها هنا...نشفت شعرها جيدا ثم

غيرت ملابسها ثم قررت النزول للأسفل....

وجدت بعض أفراد العائلة مجتمعين حول طاولة الطعام التي بترأسها الجد صالح عزالدين...في العادة

لايسمح لهم بالتخلف عن موعد الغداء لكن بسبب

الأعمال أصبح حضور وجبات الطعام إجباريا فقط

وقت الفطور و العشاء بالطبع سيف ليس ضمن

القائمة فهو لا يحترم كلام جده أو أي فرد من عائلته

سوى والدته....

جلست أروى في مكانها على طاولة الطعام و أجلست

لجين في كرسيها الخاص بجانبها بعد دقائق من الانتظار أتى فريد ليجلس بجانبها في مكانه المعتاد

ليشير لهم الجد ببدأ تناول الطعام بعد أن حضر

جميع الموجودين...فقط سيف و صالح هما من كانا مختفيان...

في تلك الفيلا البعيدة عن العمران.....

مسحت يارا دموعها پقهر للمرة العشرون في

تلك الساعات الطويلة التي أمضتها تنظف و ترتب

غرف الفيلا المليئة بالاتربة و الغبار

لعنت صالح في سرها لأنها متأكدة جيدا

انه تعمد إحضارها لهذه الفيلا المهجورة حتى

يعذبها بتنظيفها...

جلست على أحد الكراسي تمسد ساقيها

المتعبتين و هي تتأوه پألم...ربنا ينتقم منك

يا وا...يا حقېر...بقى انا يارا عزمي بنت المستشار

ماجد عزمي البس هدوم الخدامات و أنظف و أكنس

و الله لنتقم منك و أخليك.....

قاطعها دخوله المفاجئ من باب الغرفة لتكز على

أسنانها بقوة من شدة ڠضبها و كرهها له و كأنها

ترى شيطانا أمامها....

تجاهلته و هي تكمل تمسيد ساقيها لتستمع

لضحكاته المستهزءة و هو يقول...سلامتك ياقطة

إيه تعبتي؟ تؤ تؤ داه لسه وراكي شغل كثير

و كمان من بكرة حتبقي تقومي بشغل الفيلا

لوحدك.....

رفعت يارا بصرها نحوه متحدثة بنبرة

ساخرة...إنت اكيد بتهزر...انا مش عاوزة

اشوف وشك من النهاردة...كفاية اللي إنت

عملته فيا لحد دلوقتي أظن حققت إنتقامك

بزيادة .

هز صالح حاجبه بتعجب منها قائلا...إنتقامي

لسه مبدأش صدقيني لسه المشوار طويل

قدامك...و يلا قومي عندك شغل كثير

في المطبخ.....

يارا بنبرة لينة محاولة التخلص منه بجميع

الطرق...صالح...لو سمحت كفاية انا و الله

تعبت و مش قادرة استحمل اكثر من كده

لو عاوز انا حعتذرلك قدام الدنيا كلها بس

كفاية إنتقا....

صالح بصړاخ و قد إحمرت عيناه من شدة

الڠضب...صالح بيه...متنسيش نفسك يا

ژبالة...و آخر مرة تتجرئي و تتكلمي معايا

بالشكل داه.. إنت هنا شغالة و انا صاحب البيت

و دلوقتي غوري على المطبخ و إياكي

ثاني مرة الاقيكي قاعدة و مهملة شغلك...

إختفى فجأة مثلما ظهر لتقف يارا من مكانها

و هي تنظر في أثره و عقلها لايكف عن البحث

عن طريقة للتخلص من هذه المصېبة التي

قلبت حياتها و سلبتها الراحة و الأمان....

مساء في فيلا سيف....

نظر سيف لساعته الفاخرة التي كانت تزين

معصم يده ليبتسم دون شعور منه عندما وجدها

الساعة السادسة مساء....حسنا لازال الوقت

مبكرا قليلا لكنه سيقدم وقت العشاء حتى

يتسنى له رؤيتها....

قفز من كرسي مكتبه الذي كان يجلس عليه

منذ ساعات ليفتح باب مكتبه متجها نحو الأعلى...

وقف أمام باب غرفتها ليطرق الباب عدة مرات

لكنها لم تجبه لكنه إستمر في طرق الباب و مناداتها

رغم تردده مخافة إزعاجها لكن نداء قلبه الذي

يرغب بشدة في رؤيتها و إشباع حواسه منها...

...سيلين...يلا يا حبيبتي قومي الساعة بقت

ستة كفاية نوم...بقالك أربع ساعات نايمة....

في الداخل حركت الأميرة النائمة رأسها بتعب

دون أن تفتح عينيها...كانت تستمع بأصوات

نداء باسمها لكنها كانت بعيدة جدا...

بعدها شعرت بيدين تحركان كتفها بلطف

حتى إستطاعت و أخيرا فتح عيناها لتجد

أمامها زينات تحاول إيقاضها و قد بدت ملامحها

قلقة بعض الشيئ...إنت كويسة يا هانم....

حركت سيلين جسدها لتتكئ على ظهر السرير

و هي تفرك عيناها قبل أن تجيبها...انا إسمي

سيلين و ايوا انا كويس.

زينات...أصل الباشا ميتنيكي برا عاوز

يدخل يطمن عليكي عشان بقاله ساعة

بينادي عليكي من برا عشان تصحى.

سيلين و هي تعدل ملابسها...خليه يدخل .

فتحت زينات الباب ليدخل سيف دون

أن يستمع لكلامها....جلس على حافة السرير

ثم مد يده ليتلمس وجنتها و جبينها قائلا بلهفة

...إنت كويسة...وشك أحمر.. أجيبلك الدكتورة .

ضحكت سيلين و هي يدها على كفه لتزيحها

بلطف قائلة...انا كويسة...إهدي.

سيف و هو يتنفس الصعداء...كنت حموت

برا و انا بنادي عليكي و إنت مش بتردي...

دقيت الباب كثير بس مجاوبتيش مقدرتش

ادخل حسيت نفسي عاجز خفت تكوني

تعبانة و مش قادرة توقفي من مكانك .

سيلين بتعجب من خوفه المبالغ عليها...لا

انا كويس و الله...اغمضت عيناها بخجل

قبل أن تكمل...انا نوم بتاعي ثقيل..

رمقها بنظرات عاشقة لم تفهمها قبل أن يرفع ثم وقف من مكانه قائلا...طيب إغسلي

وشك و إنزلي عشان نتعشى سوى....

سيلين و هي ترفع رأسها للأعلى حتى تراه

...حاضر....

بعد نصف ساعة نزلت للأسفل لتجده أسفل

الدرج يتحدث في الهاتف...وقفت مكانها لتستند

على حافة الدرابزين لتتأمله...

كان في غاية الوسامة

جسد ضخم رياضي و عضلات صلبة تظهر جليا

من خلال قميصه الصوفي الذي يضيق على

نصفه العلوي....بشړة سمراء محببة و عينان

خضراوتان و شعر اسود جميل...

جعدت وجهها بتفكير تحاول تذكر أين رأت هذه

الملامح من قبل لكنها فشلت لتنفخ وجنتيها

بضيق و يأس...

حولت بصرها نحو الفيلا

بتصاميمها الفاخرة التي وقعت في عشقها

منذ اول لحظة وطئت قدميها هذا المكان

تنهدت بحزن و هي تتذكر والدتها المسكينة

التي ټصارع المړض الآن...كيف إستطاعت في

الماضي ترك هذه الحياة الرغيدة و هربت مع

والدها لتبدأ ايام شقائها...

لم تكن سيلين إنسانة مادية و تقدس المال لكن صعوبة الحياة التي كانت تعيشها في ألمانيا

وحيدة مع والدتها جعلتها تعيد حساباتها

تجاه إمكانية عودتها لمصر....

افافت من شرودها بعد أن سمعت سيف يناديها

...سرحانة في إيه قوليلي.....

نزلت بقية الدرجات و هي تجيبه...و لا حاجة

كنت بفكر في مامي....

مد يده نحوها لتمسكها فيجذبها نحو الاريكة

ثم يجلسها بجانبه متحدثا بصوت مطمئن...طنط

هدى إنسانة قوية و إن شاء الله حتقوم بالسلامة

و حنيجي كلنا نعيش هنا...انا و إنت و هي و ماما .

سيلين بطفولية...إنت عندك مامي؟؟.

سيف بضحك...انا النهاردة ضحكت اوي

مش عوايدي اكون مبسوط بالشكل داه...

سيلين بعبوس...بتضحك عشان انا بتكلم

مصري وحش...و بتقلي هاني إنت و البنت

اللي صحتني من شوية.

قهقه عاليا لتبتسم سيلين تلقائيا على جمال

ضحكته التي زادته وسامة.

توقف بصعوبة قائلا...لا هي بتقلك يا هانم

بالميم....مش هاني...لازم تناديكي كده عشان

إنت صاحبة البيت هنا و هي بتشتغل عندك....

سيلين بجهل...مش فاهم...

سيف باللغة الألمانية...أقصد انها تعمل هنا و من

واجبها إحترام أصحاب المنزل...و لذلك تناديكي

هانم...فهمتي .

اومأت له و هي تتمتم بتفكير...يعني إنت

كمان تناديكي هانم....

سيف ضاحكا...يا نهار اسود...داه إنت المصري

بتاعك بايز خالص خاصة المؤنث و المذكر...إنت

بهدلتي الدنيا...لا إنت تناديكي هانم عشان

آنسة حلوة و قمر...بس انا راجل فهي تناديني

باشا...

سيلين بضحك بعد أن فهمت مقصده : فهمت

يا باشا....

حاوط كتفيها بذراعه و هو يحثها على الوقوف

قائلا...يا روح قلب الباشا إنت...يلا خلينا نقوم

عشان العشا جهز من بدري....

سار بها نحو طاولة الطعام و هو مازال يهز رأسه

و يضحك بخفوت.. لا يعلم مالذي حصل له هذا

اليوم حتى يصبح بهذه الحالة الغريبة...

لا يريد أن يفكر في أي شيئ سوى أن وجودها

بجانبه هذا اليوم جعل يومه مختلف جدا جدا....

يتبع 

الفصل السادس 

صعدت سيلين درج الطائرة بخطوات بطيئة و هي تلتفت يمينا و يسارا و عيناها اللامعتان تكشفان انبهارها بما تراه حولها كانت حرفيا كطفلة صغيرة دخلت متجر حلوى تراها لأول مرة....

منذ أن وطئت قدماها أرض مصر و هذا السيف لايكف عن مفاجأتها...افاقت على صوته يناديها بقلق...سيلين مالك في حاجة. 

حركت راسها بنفي وهي تتحرك للداخل لكنه اوقفها ممسكا بيديها قائلا بعتاب...مش قلتلك من شوية بلاش حركاتك دي...بتقلقيني عليكي ليه ها ...

سيلين بخجل منه فهو لا ينفك يعاملها برقة شديدة و كأنها مصنوعة من الزجاج...اصلي بيشوف الحاجات دي اول مرة...انا اول مرة في حياتي اركب طيارة خاصة و......

سيف مقاطعا...ششش...إنت تنسى حياتك اللي فاتت كلها...عارفة ليه. 

سيلين بحيرة...لا.

سيف بنظرات عاشقة حنونة و هو يحيط وجها الفاتن بكفيه...عشان حياتك إبتدأت من اللحظة اللي ډخلتي فيها مكتبي...

جذبها للداخل ليجلسها على كرسي الطائرة ثم انحنى وربط لها حزام الأمان مش عارفة إسمه بالعربية 

حركت راسها بموافقة و دون إهتمام بما يقوله لم تكن تهتم سوى لوالدتها...يكفي انه هو من سينقذ حياة اهم شخص لديها و هذا ما يجب أن تركز عليه...

سيف و هو يلاحظ شرودها...حجيبلك عصير برتقال عشان إنت مفطرتيش كويس الصبح....

اتسعت عيناها پصدمة وهي تنظر له قبل أن

تجيبه بتذمر...لا مش عاوز ياكل حاجة تاني...إنت خليتني ياكل كثير الصبح...و امبارح كمان..

انا ياكل داه في أسبوع....

قهقه سيف على شكلها الظريف و هي تضم شفتيها الورديتين بعبوس لم يدري كيف إستطاع التحكم في نفسه في تلك اللحظة و منع نفسه من إختطاف قبلة منها...

حرك راسه لينفي تلك الأفكار المستحيلة حسب رأيه فهي في الاخير لا تزال إبنة عمة الصغيرة و التي بمثابة أمانة عنده...

جلس في مكانه بجانبها و هو يتأملها بافتتان ويعود بذاكرته إلى الوراء و تحديدا قبل سنوات طويلة كان صغيرا وقتها لم يتجاوز عمره العشر سنوات كانت عمته هدى الوحيدة التي تعتني به مع والدته.. كانت تحبه كثيرا حتى أنها وعدته

في إحدى المرات أنها ستزوجه من إبنتها إذا تزوجت...كان سعيدا جدا بذلك الوعد رغم أنه كان يعلم أنها كانت تمزح معه فقط إلا أن ألاعيب القدر عجيبة.. و هاهي إبنتها معه الآن إبتسم بخفة و هو يدير راسه لها ليسألها...سيلين هو انتى معندكيش اخوات..

نفت برأسها دون أن تتكلم او ان تفهم غايته من سؤاله هذا...كانت ستسأله لكن قاطعها صوت الطيار و هو يعلن عن بدأ الرحلة ثم قدوم إحدى المضيفات لتسألهم إذا كانوا يريدون شيئا....

زفر سيف بضيق من نظراتها الوقاحة التي كانت تخترقه قبل أن يشير لها بالانصراف كم يكره النساء امثالها اللواتي يحدقن في الرجال دون خجل أو حياء....يحاولون بكل أسلحتهم الرخيصة جذب انتباههم و لا يترددن في بيع اجسادهن مقابل حفنة من النقود....

أعاد نظره نحو سيلين التي كانت تنظر أمامها تتفحص الطائرة باعجاب لم تستطع إخفاءه في عينيها اللامعتين...أسند رأسه على ذراع الكرسي و افكار كثيرة بدأت تتسرب ببطئ

نحو مخيلته.. هل صغيرته الجميلة تشبه أولئك النساء...هل قبلت في يوم ما أن تبيع جسدها مقابل المال بسبب ظروفهم الصعبة التي كانت تعيشها مع والدتها كيف عاشت حياتها في بلد منفتح مثل ألمانيا..هل كانت تتبع أسلوب حياتهم هل كان لديها صديقات...ربما كان لديها أصدقاء اولاد أيضا الشباب في البلدان الغربية يفعلون كلما يحلو لهم دون قيود من الأهل أو الدين…لا يهتمون سوى بمتعتهم يجربون كل شيء يرونه جديد كالخمر و المخډرات و يذهبون للحفلات في الملاهي...يمارسون ال....في سن مبكرة جدا من النادر اصلا ان تجد فتاة في سن الثامنة عشر بريئة...

راسه يكاد ينفجر و هو يتخيل أن ذلك حصل معها.. قبض پعنف على ذراع الكرسي يكاد يقتلعه من مكانه محاولا السيطرة على شيطانه الذي ېهدد بالخروج و ټدمير كل شيء في تلك اللحظة...طبعا لا تستغربوا فوراء ذلك الوجه الوسيم الهادئ يختبئ وحش مرعب ينتظر إشارة صاحبه ليخرج و هذا ما لا يعرفه الكثير عنه.

هب من مكانه ليتجه نحو الداخل فتح باب الحمام ليقف أمام المرآة محدقا بانعكاس وجهه الذي أحمر بشدة من الڠضب ..

نفخ الهواء عدة مرات يحاول تهدئة نفسه لايدري مالذي حصل له حتى ينقلب حاله هكذا من مجرد فرضيات لا وجود لها سوى في عقله....لكن ماذا لو كان ما فكر فيه صحيحا فهي في الأخير ليست سوى فتاة صغيرة و تعيش في مجتمع منحل أخلاقيا ليس من المستبعد أن تكون فعلت أشياء كثيرة

عندما كانت في المدرسة ربما قلدت صديقاتها او ربما كانت بحاجة للنقود خاصة بعد رحيل والدها.. لكن هي كانت تعمل في ذلك المطعم عندما رآها لأول مرة.....

صړخ و هو يضرب زجاج المرآة ويتناثر أشلاء على الأرضية محدثا صوتا مزعجا الټفت للباب الذي فتح فجأة لتدخل تلك المضيفة و هي تشهق پخوف مزيف لتمسك

يده التي كانت ټنزف بغزارة رفعتها بين يديها بحرص هامسة بغنج مقزز...سيف باشا إيدك پتنزف....

جذب يده پعنف و هو يرمقها بنظرات ممېتة قبل أن يحاوط عنقها بيده و يرفعها إلى الأعلى قليلا..تكلم بصوت هادئ مرعب اشبه بالمۏت...أكثر.حاجة بكرهها في حياتي هي الناس الژبالة اللي زيك...

حركة المضيفة رأسها پعنف محاولة التخلصمن يده التي كانت تقبض على عنقها نظرات عينيه تخبرها أنه لن يتردد لحظة في إزهاق روحها و رميها من نافذة الطائرة...

تلوت و هي ټضرب يده بيدها و ساقيها تتحركان في الهواء بعشوائية تريد فقط تخلص نفسها من هذا الۏحش الوسيم..

لعنت نفسها مرارا و تكرارا في تلك اللحظات القصيرة بسبب رهانها التافه مع زميلتها التي أصرت أمامها أنها سوف توقعه بسهولة في شباكها كما فعلت مع الكثيرين من قبله و قد ظنت انها ستسطيع فعل ذلك بعد أن رأت معاملته لتلك الفتاة الصغيرة التي ترافقه تقصد سيلين  المسكينة لم تكن تعلم أنه مختلف و انه لا يشبه اي أحد..

جحظت عيناها و تحول وجهها إلى اللون الأزرق بعد نفاذ الهواء ليرميها سيف على أرضية الحمام ثم فتح صنبور المياه ليغسل يديه ببرود غير مهتم بشظايا الزجاج التي إخترقت ظهر كفه ليهتف بنبرة جامدة محذرة...مش عاوز ألمح خلقتك طول الرحلة.. لما نوصل لألمانيا احسنلك تختفي عشان لو شفتك حقتلك...

تسحبت المسكينة بجسدها نحو الخارج و هي تسعل پعنف و تتنفس أكبر كمية من الهواء ثم إستندت على الحائط تحاول الوقوف بينما يدها الأخرى كانت تمسد بها رقبتها التي

تجزم أنها لو بقيت تحت قبضته ثانية أخرى كانت ستنكسر....

اما في الداخل إنتهى سيف من تضميد يده و هو يجاهد لرسم إبتسامة على شفتيه قبل أن يخرج...

عاد ليجد سيلين تتكئ برأسها على ظهر المقعد و تغلق عينيها.. يبدو أن نامت فهي في الصباح إستيقظت بصعوبة...

إتجه نحوها ليفتح حزام الأمان ثم حملها ليأخذها للغرفة المخصصة للنوم...وضعها على السرير ثم خلع حذائها و غطاها بغطاء خفيف بعدها تمدد بجانبها متكئا على

ذراعه ....

امسك بإحدى خصلات شعرها ليلفها حول إصبعه ناظرا أمامه بشرود....

في قصر صالح عز الدين....

ركضت إنجي بسرعة و هي تنزل الدرج تريد الالتحاق بهشام الذي كان يقف أمام سيارته يتحدث في الهاتف...

وصلت إلى مكانه لتنحني قليلا تأخذ أنفاسها التي تسارعت بسبب ركضها...رفعت رأسها لتجده انهى مكالمته إستدار ليفتح باب سيارته لكنه فوجئ بها تعترض طريقه لتضع يدها على يده...

هشام ببرود...عندي عملية مستعجلة و مش فاضي.

إنجي...انا مش حعطلك يا هشام هما خمس دقائق و بس مش أكثر.

هشام بنفاذ صبر...عاوزة إيه يا إنجي خلصي ورايا شغل....

إنجي و هي تفرك يديها بتوتر...عاوزة أعرف إنت ليه متغير معايا مبقتش بتكلمني زي زمان و لا حتى بتوصلني الجامعة..

هشام و هو يرفع حاجبيه قائلا بسخرية...ليه سواق الهانم و انا معرفش.. إنجي إبعدي من قدامي بلاش دلع.

طأطأت إنجي رأسها و هي ترمقه بنظرات حزينة بعينيها البريئتين متعمدة لتشعره بالشفقة عليها فهي دائما ما تتبع ذلك الأسلوب معه حتى يخضع لما تريده...على العموم انا آسفة لو أزعجتك اوعدك مش حتسمع صوتي من النهاردة .

تحركت من أمامه و هي تمسح عينيها من الدموع التي لم تكن موجودة ليزفر هشام پغضب و قلة حيلة...قلبه الخائڼ الذي يعشقها لا يستطيع التفريط فيها مهما فعلت رغم انه عاقبها لمدة كافية فهو منذ ذلك اليوم الذي رآها فيه تقف مع أصدقائها و شاهد ذلك الشاب الذي كان يتلمس شعرها بحرية لم يكلمها بل إكتفى تجاهلها و هذا كان أكبر عقاپ لها...أمسك ذراعها پعنف و هو يديرها نحوه لېصرخ پغضب...بقلك إيه بلاش الحركات دي إنت عارفة إني بعديها بمزاجي...لكن المرة دي مش حقدر اسامحك...اللي إنت عملتيه غلط كبير إنت إزاي

تسيبي حد غريب ېلمس شعرك انا لسه مش مصدق لو كان حد حكالي مكنتش حصدقه لكن للأسف شفتك بعيني.

إنجي بصوت خاڤت...داه علي زميلي و...و الله كانت خطيبته واقفة معانا...قالها تغير لون شعرها زي لون شعري....

هشام و هو يزيد من ضغطه على ذراعها و كأنه يفرغ غضبه فيها...يا سلام يعني عشان زميلك مسموحله ېلمس شعرك عادي...ها...لا و كمان عاجبه لون شعرك و إيه كمان...عملتي إيه كمان أكيد في حاجات انا مشفتهاش...

هزها پعنف ليتمايل جسدها حتى كادت تقع لكنه كان يمسكها بقوة و هو مازال ېصرخ...ما تجاوبي يا آنسة يا محترمة...عاملالي فيها اوبن مايندد و فري و قرف......ياخسارة يا إنجي يا خسارة...مكنتش فاكر إن بنت عمي الصغيرة اللي تربت على إيدي تطلع كده......

دفعها لتترنح لكنه تمالكت نفسها و هي تنظر له بحزن حقيقي هذه المرة...

لم تستطع حتى إجابته فما فعلته خطأ و حتى لو كان زميلها

ذلك لا يعطي له الحق بلمسها حتى دون قصد شعرت بغصة في حلقها و هي تشاهد نظراته المشمئزة التي كان يرمقها بها كان يسامحها لكنها كعادتها عنيدة غبية فهي لحد الان لا تزال

ترفض الاعتراف بخطئها لا بل أيضا تختلق الأعذار حتى تبرر ما فعلته لذلك إضطر ان يقسو عليها رغم انه كان ېتمزق بداخله على حزنها ...

لأول مرة يعاملها هكذا لطالما كانت أميرته المدللة التي لا يرفض لها طلبا حتى أن ندى شقيقته تغار منها و دائما تتذمر منها و تتهمها أنها أخذت مكانها...

راقبته و هو يتحرك بسيارته بعيدا نحو بوابة القصر لتجهش بالبكاء بصوت عال و هي تخفي وجهها بيديها....

في المقر الرئيسي لشركات عز الدين قروب رن هاتف آدم بنغمته المميزة التي كان يضعها خصيصا لذلك الجاسوس الذي دسه في فيلا

سيف حتى ينقل له جميع أخباره...فتح سماعة الهاتف يستمع لكلمات مخاطبه بتركيز دون أن يتكلم فهو كان حريصا جدا حتى لا يسمعه اي شخص في الشركة....انهى المكالمة التي دامت لعدة دقائق و هو يبتسم بشړ متمتما داخله...بقى

كده..سيف عزالدين الملقب بالشبح معاه بنت في فيلته....دي حتكون ڤضيحة الموسم....

قهقه عاليا قبل أن يكمل...و الله يستاهل مش عاملي فيها شيخ جامع قدام الناس...انا بقى حخلي فضيحته بجلاجل و حخلي صورته تتشوه قدام الصحافة الإعلام...خليهم يعرفوه

على حقيقته بس انا لازم أملي إيدي و اتأكد من

الخبر داه....

همس و هو ينظر بغل لإسمه المكتوب على مقدمة مكتبه...آدم عزالدين نائب رئيس مجلس الإدارة...كل حاجة حتتغير قريب جدا تنتهي ياسيف و حبقى انا رئيس مجلس الإدارة و كل شركات و املاك جدي حتبقى ليا انا

لوحدي....

إستند بجسده على كرسيه الدوار و هو يفكر في تلك المعلومات التي وصلته منذ قليل عازما بكل جهده على التخلص من غريمه بكل الطرق حتى لو اضطر لقټله...

لطالما كان هو سيف من ألد الأعداء او بالأصح هو من يعتبره عدوه و منافسه على كرسي رئاسة مجلس الإدارة التي منحها له جده و ذلك لذكائه و قدرته الكبيرة في تسيير أمور العمل و حل المشاكل التي تواجههم بكل سهولة بفضل ذكائه الفريد من نوعه و هذا ماجعل آدم يكرهه فهو يرى نفسه الأحق بذلك الكرسي خاصة و انه درس إدارة الأعمال في أرقى جامعات لندن بينما سيف درس المحاماة....

بعد ساعتين إستيقظت سيلين لتجد نفسها في غرفة غريبة ثواني حتى تذكرت انها كانت تجلس على كرسي الطائرة...ازاحت الغطاء من فوقها لتقف من الفراش و هي تعدل شعرها و ثيابها قبل أن تخرج تفاجأت لأنها وجدت نفسها مازالت داخل الطائرة لتتوجه مباشرة نحو المضيفة تسألها عن الحمام لتغسل وجهها....

بعد دقائق من البحث وصلت حيث كان يجلس سيف يتحدث مع كلاوس الذي إستأذن حالما رآها...

إبتسمت بمرح قائلة...مش عطلتك عن الشغل...

إبتسم بدوره لها كعادته كلما يرى وجهها الطفولي ليمسك يدها و يقف من مكانه و يجلسها عليه ثم جلس على الكرسي المجاور لمقعدها بعد أن أشار المضيفة أن تجلب لهما الطعام الذي حدده لها منذ قليل لكنه كان فقط ينتظر سيلين ان

تستيقظ.....

أجابها و هو مازال يحتفظ بابتسامته على وجهه...لا...إحنا خلصنا شغل لما كنتي نايمة بس تعالي هنا قوليلي...إنت مبتشبعيش نوم ياترى على طول كده و إلا بس اليومين دول

سيلين بخجل...لا كنت يصحى بدري عشان يخلص شغل البيت.. عشان ماما مش يتعب و بعدين بيروح الشغل...مش كان ينام كثير. مش عارف ليه هنا بينام انا آسفة...

سيف و هو يمسد شعرها بحنان...و لا يهمك إنت برنسس يعني تعملي اللي إنت عاوزاه براحتك انا طلبت الغداء...كلي و بعدين لو عاوزة إرجعي نامي ثاني...فاضل حوالي ساعتين و نوصل.

سيلين...لا خلاص شبعت نوم...مش عاوز انا بيفكر في مامي عامل إيه

سيف...متقلقيش كل حاجة حتبقى حتبقى كويسة إن شاء الله...

سيلين و قد بدأت عيناها تلمعان بالدموع...يارب انا مش عاوز اخسرها...مش عندي حد ثاني غيرها....

سيف و هو يبعد يديه عنها ممثلا الحزن...طب و أنا و إلا خلاص حتستغني عني لما طنط هدى تخف و تبقى كويسة

سيلين و هي ترمش بعيناها حتى لا تبكي...مش فاهم.. يعني إيه تستتغغ....الكلمة داه .

إنفجر ضاحكا بعد أن فقد السيطرة عن ملامح وجهه الحزينة قائلا...عارفة انا الضحك اللي ضحكته معاكي من ساعة ما جيتي مضحكتوش في حياتي كلها...

سيلين بتذمر...يعني إنت بتضحك عشان بتسخرين مني انا

سيف و هو يقهقه حتى ادمعت عيناه...لا بجد مش قادر.. الله يسامحك يا طنط هدى بوزتي لغة البنت خالص...دي إنجي حتفرح أوي لما تشوفك...

سيلين...مين إنجي

سيف و هو يمسح عيناه من الدموع...دي بنت عمي لما نرجع حعرفك عليها هي و ندى...

جاءت المضيفة لتضع الطعام أمامهم لكنها كانت ترتعش پخوف من سيف بعد أن رأت ما فعله زميلتها التي تركتها مع الطبيبة التي جلبها سيف خصيصا لترافقهم في الرحلة...

راقبتها سيلين بتعجب هي تتوقع في كل لحظة سقوط أحد الصحون من يديها المرتعشتين لتشفق عليها قائلة...سيبيهم انا حيكمل يحطهم...

همت لتقف من مكانها لكن سيف ضغط على كتفها ليجبرها على الجلوس قائلا بصوت صارم...لا طبعا .. داه شغلها هي..

سيلين و هي تهمس في اذنه بصوت خاڤت...بليز دي باين عليها مريض..ووشه أصفر.

سيف باستهزاء فهو يعلم لما هي خائڤة...لا متقلقيش هي كويسة ما فيهاش حاجة....

في تلك الاثناء أنهت المضيفة عملها بتوتر بسبب نظرات سيف الحادة ليشير لها بالانصراف

إلتفت لصغيرته التي كانت تعقد ذراعيها أمامها پغضب ضحك رغما عنه. 

همهت برفض و هي تحرك رأسها بعيدا عنه مقطبة حاجبيها كطفلة صغيرة.

سيف ببراءة مزيفة...في إيه بس...مالك قلبتي كده فجأة.

سيلين...عشان مش خليت البنت تروح ترتاح.

تنهد سيف و هو يتحرك في كرسيه يستوي في جلسته دون أن يجيبها...حدق في الأطباق أمامه متجاهلا نظراتها المترقبة ليزيح الأغطية عن الأطباق قائلا...مممم ريحة الأكل تجنن

خلينا ناكل و بعدين نتكلم....

أخذ الشوكة و السکين ليبدأ في وضع اصناف الطعام في طبقه ثم تقطيعه لقطع صغيرة كل ذلك و سيلين تراقبه...إنتهى ليأخذ الصحن و يضعه أمامها هاتفا...يلا كلي...عاوزك تخلصي الطبق كله.. .

سيلين بدهشة...انا مش بنت صغيرة على فكرة....

أجابها بصوت عادي دون أن ينظر لها...إنت بنوتي أنا...

فكت ذراعيها لتبدأ في تناول طعامها دون أن تجيبه...لاتريد مناقشته في أي امر الآن هي لا تزال لا تعرفه جيدا و لذلك يجب أن تسايره حتى يساعدها في إنقاذ والدتها..آخر ما تريده

هو إغضابه عضت شفتيها بلوم لكنها مضطرة لفعل ذلك...ستستغله لآخر لحظة حتى تحقق هدفها حتى لو طلب حياتها في هذه اللحظة لن تتردد....

بقية الرحلة جلسوا في أماكنهم يتحدثون في مواضيع عشوائية إلى أن حطت الطائرة في احد المطارات الخاصة ببرلين...

ثم إستقلوا سيارة كانت تنتظرهم في المطار ليتوجهوا نحو المستشفى...وصلوا ليجدوا إيريك مساعده و مدير اعماله في فرع الشركة بالمانيا الذي اوصلهم نحو غرفة هدى الجديدة.. لم تكن سيلين تشعر بذراع سيف التي أحاطت كتفها و هو يسير بها نحو الغرفة المنشودة بجانبه كان يسير إيريك بينما يتبعهم كلاوس و بعض الحرس الآخرين بعضهم اتي معه من مصر و البعض الاخر من ألمانيا ...كانت تمشي بصعوبة و دقات قلبهاتتعالى مع كل خطوة فقد أخبرها سيف عندما كانوا

في السيارة أن والدتها أجرت العملية ليلة البارحة و ذلك بأمر منه بعد أن تحدث مع الطاقم الطبي المسؤول عن صحتها حيث أكدوا له ضرورة خضوعها للعملية في أقرب وقت لذلك إنتهز فرصة أن سيلين بعيدة عنها حتى لا تقلق عليها...

أخبرها أيضا انه يتابع حالتها من الأطباء كل لحظة حيث انه أمر إيريك بدفع أضعاف تكاليف العملية حتى يهتموا بها جيدا...

وقفت أخيرا أمام جدار زجاجي بعرض الحائط حيث ظهرت لها والدتها من بعيد نائمة على السرير الطبي و بعض الاسلاك موصلة بجسدها...شهقت پألم و هي تضع يدها على فمها لتكتم بكاءها على حال والدتها المسكينة التي لم ترى في حياتها. سوى الشقاء و البؤس ليحتضنها سيف مربتا

على ظهرها و هو يهمس في اذنها بخفوت...مينفعش

كده إنت لازم تكوني قوية علشانها...لازم لما تصحى

تلاقيكي قدامها فرحانة و مبسوطة عشان داه حيأثر على نفسيتها و يخليها تشفى بسرعة....

حركت رأسها بالموافقة و هي تبتعد عنه لتعود و تحدق بوالدتها و تمسح دموعها التي أبت أن تتوقف...

قاطعهم إيريك الذي ذهب منذ قليل حتى يتحدث مع الأطباء عن حالتها...مستر سيف الطبيب يقول أنها لن تستيقظ قبل يوم غد ماذا تأمرون حضرتكم.

سيف و هو ينظر لسيلين...نحن سنذهب الان و لكن اريد تقريرا مفضلا عن حالتها كل نصف ساعة...

اومأ له الاخر بطاعة ليغادر سيف الذي كان حرفيا يجر سيلين للخارج ڠصبا عنها

دخلا للسيارة لتلتفت نحوه تنظر له بلوم

...حنفضل هناك نعمل إيه بس...الدكاترة قالوا

إنها مش حتصحى النهاردة..إيريك حيفضل هناك

و اول ماتصحى وعد مني حرجعك هنا انا كمان

عاوز اشوفها بس حنعمل إيه.. يلا إفردي وشك

بقى مش بستحمل اشوفك زعلانة...

سيلين و هي تلتفت نحو نافذة السيارة

...مش زعلان بس كنت عاوز يشوفها...

سيف بحماس محاولا جعلها تخرج من دائرة حزنها و هو يدير وجهها ناحيته

...بكرة إن شاء الله حنشوفها سوى لما تفوق...بس مينفعش نروحلها و إيدينا فاضية لازم ندور على هدية مناسبة..مممم هي طنط هدى بتحب إيه اكثر حاجة...

سيلين...بتحب الورد الأبيض...أي نوع المهم يكون لونه ابيض.

سيف...بس كده...داه انا حملالها الأوضة ورد ابيض...بس إيه رأيك نروح نعمل شوبينغ...

سيلين باللغة الألمانية...لا انا يجب أن أذهب لمكتب بيع العقارات لأبيع المنزل....

سيف باستفسار...ليه

سيلين...لأدفع لك تكاليف العملية...يجب أن أعيد لك نقودك.

سيف رغم صډمته و ذهوله...لا خلينا نأجل الكلام في الموضوع داه بعدين لما تصحى طنط هدى حنتكلم فيه دلوقتي حنروح محلات.....عارفاها

فغرت سيلين فاها بدهشة لطالما مرت من أمام ذلك المبنى الفخم تكتفي بالنظر من الخارج لتلك الفساتين التي لا طالما حلمت بارتداء أحدها

لكنها كانت تعلم أن ذلك مستحيل فسعر اقل فستان يساوي مرتبها لخمسة سنوات...

تحدثت بصوت متقطع...إنت بتتكل.. مي جد

سيف بابتسامة...أيوا...انا فضيتلك المحل ساعتين عشان تختاري براحتك.

سيلين بصړاخ...ماذا هل تمزح معي إنت مچنون أنت لا...لا تعلم سعر تلك الفساتين...لالا اريد

ليس لدي نقود إضافية لتسديد نقودك..

أمسك نفسه بصعوبة حتى لا يلكم وجهها الفاتن و يفسد تعابيره التي يعشقها و هو يضغط على أسنانه بقوة من شدة غضبه لقد تجاهلها حديثها الأحمق منذ قليل عن بيع المنزل و إرجاع نقوده و هاهي الآن تعيد نفس العبارة لكن بطريقة

أخرى...إلتفت نحو النافذة ليبدأ تدريجيا في إستعادة هدوءه...المسكينة لا تعلم أنه لن يرضى بغيرها تعويضا....

توقفت السيارة ليفتح السائق الباب من جهته وقف سيف ينتظر خروجها من نفس جهته و هو يغلق ازرار بدلته بينما أخذ الحرس أماكنهم يطوقون المحل و يأمنونه لتسهيل دخولهما....

قفزت سيلين عدة مرات في مكانها و هي تدور حولها لازالت لاتصدق انها الان بداخل ذلك المحل الشهير...تلمست الفساتين بانبهار و هي تتمعن في تفاصيلها الخلابة قبل أن تنتقل لجهة الاحذية و الحقائب لتعود من جديد نحو سيف الذي كان يرمقها بنظرات حنونة كان يريد تعويضها بأي شكل عن حرمانها في الماضي شتم جده عدة مرات بداخله عما فعله

بها.. أي قلب يمتلكه ذلك الرجل حتى يرمي حفيدته في هذا البلد البعيد و يحرمها من حقها في الحصول على ثروة تغنيها عن العمل في تلك الوضائف البسيطة و التي بالكاد تسدد

فواتير أكلها و شربها...

تنهد پألم و شفقة على منظرها و هي سعيدة بسبب فستان.. تذكر إنجي و ندى اللتان كانتا تطلبان فساتينهما من أشهر دور الازياء في باريس فحفيدات صالح عزالدين لا يليق بهما سوى الفخامة و الرقي...باستثناء هذه المسكينة التي أمامه…

يتبع 

الفصل السابع

عادت سيلين نحو سيف الذي كان واقفا يضع يديه

داخل جيوب بنطاله يتأملها و هي تقفز من مكان لمكان

داخل المحل كفراشة مبهورة بورود الربيع...

صاحت بصوت لاهث من كثرة حركتها...إنت عارف انا كنت بيعدي من هنا كل يوم اروح الشغل بس عمري ما تخيل إني حدخل هنا أو أقدر ألمس حتى فستان واحد من دول....

سيف بابتسامة...لا داه كان زمان...دلوقتي تقدري تاخذي المحل كله لو عاوزة.. يلا الساعتين حيخلصوا و إنت لسه ما إخترتيش ولا حاجة.

شهقت سيلين وهي تتجه نحو مجموعة من الفساتين المعلقة لتأخذ إحداها قائلة...هو بيجرب فين و فين اللي بيشتغل هنا 

بحث سيف حوله عن كرسي ليجد اريكة فخمة

باللون الړصاصي ليجلس عليها و هو يجيبها بصوت عال بسبب إبتعادها عنه...لا مفيش أي حد غير انا و إنت يعني المحل فاضي عشان تختاري براحتك

إختاري اي فستان عايزاه بس من غير قياس .

سيلين باستغراب...طب ليه لا زم يجرب يمكن مش حيكون قياس مضبوط.

سيف نافيا و هو يحرك عيناه على طول جسمها...مټخافيش انا عارف مقاسك كويس.

نظر لساعته متجاهلا نظراتها الحائرة ليهتف من

جديد...فاضل ساعة و نص يلا..

اومأت له لتتنقل بعدها في أرجاء البوتيك و هي تقلب الفساتين و الاحذية و الحقائب بأعين لامعة غافلة عن ذلك الذي يكاد يخترقها بنظراته المسلطة عليها...يكاد لا يرمش بعينيه من شدة تأمله لها يدرس كافة تعابيرها و حركاتها بعشق جارف

قرر أنه سيحقق جميع أحلامها و سيجعلها تحصل على كل شيئ حرمت منه في الماضي رغم أن ذلك من حقها....من حقها كحفيدة عزالدين ان تشتري كل ماتريد و إن تعيش كاميرة مدللة.. نعم مدللته هو لوحده سيعطيها كلما تريد فهذه عادته عندما يعطي.. يعطي بكرم و سخاء غريب لكن عندما يأخذ...يأخذ كل شيئ هذه هي حقيقة الشبح التي يخبئها عن الجميع.

بعد حوالي ساعة من الركض و الثرثرة إرتمت سيلين بجانبه و هي تحمل عدة فساتين و حذائين و حقيبة واحدة...تفرسها بغرابة و هو يقول...إيه داه سيلين و هي تضع الأشياء بجانبها بحرص...ثلاث فساتين و جزمة و جزمة و داه.. ..

قالتها و هي تشير نحو الحقيبة.. ليهز سيف حاجبه

مردفا بسخرية...يعني بقالك ساعة بتلفي و في الاخر جبتي دول بس.

حرك راسه بيأس ثم وقف من مكانه و جذبها من يدها

ليسير بها نحو الجهة المخصصة بالفساتين.. بدأ

ضيق عينيه بتركيز ثم مد يده ليبدأ في إختيار بعضها بعناية فائقة و هو يتمتم...داه لونه حلو.. ازرق زي لون عنيكي...

أخرجه من مكانه ليضعه على ذراعه و هو يكمل...و داه...إيه رأيك في داه أخرجه من مكانه و بدأ

في تحريكه أمامها و هو يتثبت في تفاصيله...حلو

و طويل...و لونه مش ملفت...حناخذه .

وضعه هو الاخر على ذراعه ثم أكمل الاختيار لم يترك فستانا لم يقلبه و كلما أعجبه واحد يضعه على ذراعه حتى إذا إمتلأ يعطيهم لسيلين لتصعهم للاريكة حتى وصل العد لخمسة و عشرون فستانا...و رغم ذلك لم يتوقف...

بل كان ينتقدها من حين لآخر...شوفي الفستان داه حلو إزاي...ليه ما إختارتيشه...ساعة بحالها و راجعة ب ثلاث فساتين و حزمتين و شنطة....شوفي داه حناخذه كمان......

صړخت سيلين بانزعاج و هي تلحقه من مكان لآخر

لتوقفه بصعوبة عن شراء المزيد لينتقل نحو الاحذية

إختار لها مجموعة كبيرة من أحذية رياضية بمختلف الألوان و أحذية سهرات ذات كعب عال و أحذية شتوية...ثم إتجه للحقائب لينتقي عدة موديلات و الوان...حتى أن سيلين يئست من إقناعه عن التوقف.....

إنتهى أخيرا ليخرج هاتفه و يتحدث مع كلاوس ليأمره بالسماح للعاملات في المحل بالدخول و معهم صاحب المحل الذي كان ينتظر خارجا حتى ينتهوا...

فتح لها باب السيارة حتى تركب و هي تلتفت من حين إلى آخر نحو العاملات اللواتي كن يوظبن الأغراض

و داخل حقائب أنيقة مرسوم عليها شعار المحل

ليعطينها للحراس ليضعوها بعناية داخل السيارات

جلس بجانبها ثم أخرج حاسوبه ليبدأ في إتمام أعماله و هو يحدثها...باقي الحاجات حنجيبها بكرة او حبقى اطلبهالك من النت.

قطبت حاجبيها بعدم فهم و هي تتمتم...باقي حاجات إيه

سيف و هو يرفع رأسه عن الهاتف لينظر لها...اقصد

الميكاب و البارفانات و....اللانجري...

توسعت عيناها و تجمد وجهها من شدة الحرج لتخفض رأسها تلقائيا و تجيبه بصوت مخفض...لا.. مش عاوز كفاية الفساتين و....

سيف بصرامة...طيب تمام...حوصلك للفيلا عشان ترتاحي...

هزت رأسها دون أن تجيبه ثم إلتفتت نحو نافذة السيارة لتجول عيناها في شوارع برلين...إبتسمت و هي ترى ذلك مبنى المول الذي كانت تعمل فيه منذ ايام قليلة قبل أن تعود لمصر شهقت بصوت عال و هي تضع يدها على ثغرها قائلة...انا نسيت يقول للمدير إني حطلب أجازة من الشغل...

هز سيف حاجبه بتعجب مما قالته قبل أن يجيبها

ببرود...أجازة إيه

سيلين بملامح قلقة...أجازة من الشغل عشان لما انا يرجع الشغل...

سيف بحدة لأول مرة...و هو إنت متخيلة إني حسيبك ترجعي الشغل التافه بتاعك او حتى اسيبك في البلد دي من أصله ...فوقي بقى و إنسي حياة الفقر اللي إنت كنتي عايشتيها...

تراجعت سيلين بجسدها نحو باب السيارة پخوف من ملامح وجهه الغاضبة التي تراها لأول مرة...هذا ماجعله يعود من نوبة جنونه الطفيفة و يرتدي قناع الطيبة مرة أخرى

ليتنهد مردفا بصوت حنون...سيلين...يا حبيبتي مش قصدي بس في حاجة عصبتني في الشغل عشان كده إتضايقت

انا آسف...انا مش حجبرك على حاجة إنت اميرتي

انا و تعملي كل اللي إنت عاوزاه...تعالي بقى مټخافيش...

رسم إبتسامة مزيفة على وجهه ليمكن من كسب رضاها ثم مال بجسده نحوها مكملا بمرح و كأنه يحدث طفلة صغيرة ...الصغنن زعلان مني و انا لازم أراضيه بس مش عارف إزاي ممممم ثواني....

أحاط كتفيها بذراعه ليقربها منه ثم فتح هاتفه لتظهر إحدى صفحات المحلات الفخمة لبيع مختلف انواع الشكولاطة السويسرية الفاخرة....

وجه شاشه الهاتف نحوها بحيث أصبحت ظاهرة له و لها أيضا قائلا...إيه رأيك في دي الله بصي النوع داه تحفة حاجة كده فوق الخيال...و إلا اقلك انا حقلهم يجيلولنا كل الأنواع اللي عندنا....

إبتسم داخله بانتصار و هو يرى تعابير وجهها التي لانت و هي تتفرس الصور باعجاب شديد ليرسل إسم المحل لكلاوس و الذي بدوره سيتكفل بالباقي....

أغلق هاتفه ثم رماه بجانبه هاتفا برقة أجاد تمثيلها ...حبيبي...قوليلي بقى إنت عاوزة ترجعي الشغل عشان اديك إنت فلوس.. و اشوف بيت جديد عشان إيجار و كمان لازم يرجع الشغل عشان مامي لازم في دواء بعد العملية....

كانت تتحدث بصعوبة و تردد تعلم جيدا ان الأموال التي صرفها عليها لحد الان خاصة بعد شراءه لتلك الملابس و الاحذية طائلة و لن تستطيع تسديدها حتى لا باعت عشرة منازل كمنزلها...لكنها اقنعت نفسها في الاخير انها لم تطلب منه شراء اي شيئ و انه هو من فعل ذلك لوحده...

تنحنح سيف قبل أن يتحدث بجدية تامة و هو يعقد يديه ببعضها متكئا بذراعيه على ركبتيه...بصي انا حقلك حاجة مهمة جدا و حولي تفتكريها دايما عشان انا في طبيعتي مش

بحب أكرر كلامي كثير...إنت تنسي حياتك اللي فاتت كلها و انا قلتلك قبل كده إنت حياتك إبتدت من أول لحظة ډخلتي فيها مكتبي...إنت و طنط هدى مكانكم مش هنا كفاية عمركم اللي ضاع في الغربة في باد بارد كئيب زي داه ملكوش فيه لا أهل و لا صحاب إنتوا لازم ترجعوا لمكانكم الطبيعي وسط

عيلتكم...انا عارف إن جدي مش حيبقبل إنه يرجع بنته بسهولة بس متقلقيش انا ححل الموضوع داه...و حقنعه...إنت وافقي بس و سيبي الباقي عليا.. لو فضلتي هنا حتتعبي و حتعبي طنط هدى معاكي و مش بعيد صحتها تتعكر ثاني...

تراجع بجسده إلى الوراء ثم امسك بيديها و هو يكمل...طيب إفرضي إنت رجعتي شغلك و لقيتي بيت تأجريه و كل حاجة تمام...قوليلي مرتبك حيكفي إيجار و مصاريف اكل و شرب و كهربا و غيره.. و كمان ثمن الدواء...طيب سيبك من داه

كله إنت مستعدة تسيبي مامتك لوحدها يوم كامل و إنت في الشغل و ياعالم يمكن يجرالها حاجة و هي لوحدها...لو إنت حياتك مش مهمة عندك على الاقل فكري في مامتك....

ترك يديها ثم عاد ينظر أمامه و هو يخفي إبتسامته الماكرة طبعا هو تعمد إستغلال عاطفتها و حبها لوالدتها ليجعلها ترضخ لما يريده....

يستطيع إجبارها على العودة معه لكنه لا يريد....لازال لحد الان يعاملها بلطف و لين لأنها

مطيعة و تنفذ جميع ما يطلبه منها لذلك لا داعي للتسرع....

توقفت السيارة أمام فيلا رائعة الجمال لم تنتبه

لها سيلين عندما دخلت السيارة البوابة لأنها كانت فقط تفكر فيما يقوله لها.. هذا الرجل لا تنكر ان لديه قدرة عجيبة على الإقناع و ماهر في اللعب بالكلمات فتح لها باب السيارة ثم أعطاها يده بحركة نبيلة منه لتمسك بها و يساعدها على الخروج من السيارة...

سار بها نحو مدخل الفيلا ليجدا سيدة في اوائل الأربعينات تنتظرهما أشار لها قائلا...دي مدام إيرينا اي حاجة تعوزيها حتساعدك...

حركت رأسها و هي تنظر نحو السيدة التي كانت ترتدي زيا كلاسيكيا للخدم تنورة سوداء طويلة و فوقها قميص ابيض كانت واقفة لم تنبس بأي كلمة انتظر فقط أوامر سيف الذي تحدث باللغة الألمانية

قائلا باختصار...سيدة إيرينا هذه سيلين...لا داعي

لأن اشرح لكي عملك....

إيرينا باقتضاب...حاضر مستر سيف.

إلتفت سيف نحو كلاوس الذي أتى محملا بالعديد

من الأكياس ليقدمها لسيف الذي أخذها بدوره

و أعطاها لسيلين سوى كيس واحد كان مميزا عن البقية أشار نحو إيرينا بعينيه لتسارع و تأخذ منها الأكياس قائلا...داه أيفون برو ماكس...بس لو عاوزة ماركة ثانية انا ممكن اجيبلك غيره.

فغرت فاها پصدمة و هي تحدق فيه و كأنه كائن

غريب برأسين...هذا السيف لن يتوقف ابدا عن إدهاشها فعلا ماعاشته في هذين اليومين لا يعادل سنوات حياتها التسعة عشر الماضية....

إبتسم هو على هيئتها ليمسك بيدها و يضع فيها

الكيس قائلا بكل هدوء...بعد شوية حتوصل الحاجات

اللي إحنا إخترناها من البوتيك خلي إيرينا و البنات

يوظبوها في الشنط عشان حناخذها معانا لمصر لما نسافر...يلا انا لازم امشي ورايا شغل بس اوعدك مش حتأخر عليكي...

قبل جبينها ثم إبتعد مكملا...لو لقيتي اي صعوبة

في إستخدام الايفون داه إستنيتي لما ارجع و اضبطهولك يلا ادخلي جوا عشان ترتاحي....

تركها بعد أعطى تعليماته لإيرينا حتى تلبي كل ماتطلبه منها ثم اوصى الحرس يعدم السماح لها بالخروج و مهاتفته إن حصل اي امر طارئ.. ركب سيارته

كعادته منطلقا نحو وجهته المحددة التي لا يعرفها سوى هو و حارسه كلاوس....نحو طبيبه النفسي…

.. 

وضعت أروى لجين على سريرها بعد أن نامت أخيرا...تأوهت و هي تحرك عضلات جسدها التي تشنجت بسبب جلوسها في وضعية غير مريحة لوقت طويل و هي تحاول فيه جعل الصغيرة تنام....

نظرت نحوها بعبوس قبل أن تهتف بتذمر...يالهوي لسه قد حبة الفستق و عاملة فيا كده امال لما تكبري حتشليني إنت و ابوكي....اللي ما يتسمى مديني كارت على اساس فيها مرتبي و مش بيخليني اطلع من البيت على اساس إني حخبط الكارت في الحيط تطلعلي هدوم و جزم...ياجزمة يا إبن ال....و إلا بلاش طنط سميرة ست طيبة ومتستهلش...بس هي السبب هي اللي قبلت إني اتجوز إبنها يوووه هو انا في إيه و إلا في إيه أنا جعانة و عاوزة بيتزا لا عاوزة إثنين و شيبسي و يا سلام لو معاهم كرتونة بيبسي او كولا او....مش مهم النوع المهم إني جعانة اوي....

انهت حديثها پبكاء مزيف قبل أن تنتفض من مكانها و هي تستمع لصوت فريد الاخر الذي دخل للغرفة حتى يطمئن على إبنته...الغداء كان من نص ساعة منزلتيش تتغدي ليه

وضعت الأخرى يدها على قلبها تهدئ ضرباته المتيارعة و هي تجيبه...لا نزلت و إتغديت بس دلوقتي جعت.

فريد و هو يقترب من الصغيرة ليقبلها...مكنتش أعرف إنك مفجوعة كده....اصله مش باين عليكي.....

وقفت من مكانها پغضب و هي تضع يدها على خصرها قبل أن تجيبه متناسية رهبتها منه...نعم انا مفجوعة....هو إنت إمتى شفتني و انا باكل في البيت الغريب داه انا آخر مرة اكلت فيها وجبة زي البني آدمين كانت في بيتنا.

هز الاخر حاجبه ببرود و هو يتأملها من فوق لتحت مخفيا إعجابه بجمالها الملفت خاصة عيونها الكبيرة الشبيهة بأعين الغزلان...زي البني آدمين.

أروى بحنق فهي حقا جائعة...امال عجبك اكل الأرانب اللي إنتوا بتاكلوه هنا...خس و خيار و طماطم و سلطات و معاها حتة لحمة مش بتتشاف غير بالميكرسكوب قال إيه اكل صحي...داه انا بقيت بكره اللون الأخضر بسببكوا....

فريد و هو يجاهد حتى لا يضحك أمامها...أمال عاوزة تاكلي إيه. 

سال لعابها قبل حتى أن تجيبه لحمة او فراخ حمام محشي إن شاء الله حتى سمك اي حاجة غير السلطات....

توجه فريد نحو الباب ثم إلتفت نحوها ليلقي عليها نظرة اخيرة قائلا...أطلبي أوردر من أي مطعم.....

أروى و هي تلوي شفتيها يتذمر مش معايا فلوس...

فريد و هو يشير لاحد الإدراج...انا سبتلك فلوس في الدرج داه ليكي و للجين...

أسرعت أروى لتفتحه لتجد مبلغا كبيرا من المال لتغلقه من جديد و هي تهتف...بس إنت إدتني مرتب..

فريد...إنت هبلة اكيد مش حخلي مراتي تصرف على نفسها من مرتبها.

أروى بعدم رضا...تمام شكرا...انا حنزل اوصي اي حد يجيبلي حاجة أكلها...

فريد...خليكي انا حنزل أجيبلك البيتزا و الفراخ و البيبسي اللي إنت عاوزاهم....

خرج لتقفز أروى بفرح في مكانها فهذه اول مرة يتحدث معها فريد بشكل طبيعي دون أوامر توقفت عن الهتاف بصوت خاڤت لتجلس على حافة السرير بعد أن تذكر شيئا ما...يا نهاراسوح داه قلي مراتي...

مراتك إيه يا موكوس و انا محجوزة في اوضة البنت دي و كإني جايباها في جهازي.. يووه يا أروى و هو إنت جبتي جهار اصلا دول قميصين نوم مرسوم عليهم ميكي و بطوط...نحس.....طول عمرك نحس فولتي على نفسك فجيتي فيها ياما زنت عليكي امك عشان تشتري حاجة و إلا إثنين من عند اللي إسمها فيكتوريا سكر دي و إلا إسمها إيه....كان زمانك في الاوضة اللي جنبك بس معلش كل شيئ بأوانه....إما وريتك يا فريد ما أبقاش انا أروى بنت سميحة بقى عاملي فيها سي السيد و بنتي و متدخليش الأوضة طيب مسيرك تستوي يا فرخة و...

ضيقت عيناها ببلاهة و عي تردد...فرخة...الظاهر إن معدتي قلبت في دماغي و بقيت مش شايفة حاجة غير الاكل.. عيلة بخيلة مكنتش عارفة إنهم كده امال فين المحمر و المشمر و إلا هما اغنيا علفاضي يلا حدخل آخذ شاور قبل الأكل ما ييجي.....

إتجهت نحو الحمام لتنهي حمامها السريع ثم خرجت لتغير ملابسها و تنشف شعرها بعدها سمعت إحدى الخادمات تدق الباب لتسمح لها بالدخول اعطتها أكياس الطعام ثم إنصرفت....

نظرت أروى للبيتزا الكبيرة التي تمنت الحصول عليها لتهجم عليها دون إنتظار مصدرة أصوات و همهات تدل على تلذذها بأكل الطعام و هي تقول ...الحمد لله إنه ماجاش عشان آكل براحتي ممممم أحلى حاجة في الدنيا الاكل...بلا جواز بلا نيلة حملى معدتي الأول عشان اقدر أفكر كويس ....

في فيلا صالح المهجورة.....

رمى صالح هاتفه على الحائط و هو ېصرخ پغضب عارم إرتجت له جميع جدران الفيلا...بقى بتقفلي تلفونك يا...فاكرة حتهربي مني بسهولة ماشي

ماشي....إما وريتك بقاش انا صالح عزالدين...مش

كنتي بتتريقي على إسمي زمان إنت و شوية....اللي مصاحباهم تمام انا بقى حخلي إسمي هو كابوسك الجديد....يا منعم إنت يا زفت....

ما إن انهى ندائه حتى وجد ذلك الحارس يقف أمامه برأس منحن و جسد خائڤ من هذا الۏحش الذي أمامه....

صالح...خلي اللي إسمها مروى دي تجيني حالا...

أومأ له الحارس ثم إنسحب من أمامه لينفذ ما طلبه منه بينما إتجه صالح نحو قاعة الرياضة ليفرغ

شحنة غضبه في تلك الآلات المسكينة...

بعد حوالي ساعة دخلت مروى بخطوات مترددة و هي تشتمه بداخلها و تلعنه منذ أن هاتفها ذلك الحارس و أمرها بالمجيئ و أطرافها لاتكف عن الارتعاش حتى انها كادت ان تفتعل حاډثا في الطريق بسبب

عدم قدرتها على التحكم في السيارة....

إبتلعت ريقها الناشف بصعوبة عندما يقف أمام النافذة ينظر إلى الخارج شعر بخطواتها ليلتفت قائلا بسخرية...إيه يا ست مروى ساعة عشان تيجي و إلا خلاص كبرنا و بقينا نتمرد على اسيادنا اطرقت مروى رأسها پخوف قبل أن تتحدث بارتباك...لا يا باشا و هو انا اقدر...انا بس تعطلت في الطريق عشان الدنيا زحمة و العربية....

قاطعها و هو يجلس بتكبر غير بعيد عنها...قصدك

العربية اللي انا إشتريتهالك...

مروى بصوت منخفض...ايوا يا باشا عربيتك

اللي حضرتك إشتريتهالي....

صالح بتعجرف...كويس إنك فاكرة أصلك مش زي الك...الثانية....هي متصلتش بيكي النهاردة مروى...هي مين يا باشا

صالح بجدة و عيناه تومضان بشړ...حتكون مين غير ال....اللي إسمها يارا.. 

جحظت عينا مروى بقلق بعد أن فهمت ماذا يعني يبدو أن يارا قد اغلقت هاتفها متجنبة الحديث معه هي تعلم جيدا ماذا يعني هذا لتجيبه بنبرة متوسلة محاولة تهدئته و إمتصاص غضبه ...يا باشا يمكن حصلت معاها ظروف...

صالح...ظروف إيه اللي حتخليها تقفل تلفونها.. بقلك إيه بلاش الحوارات دي عشان مبتشغلش معايا تروحيلها الفيلا دلوقتي و تخليها بأي طريقة تتفتح الموبايل و إياكي تخليكي تشك فيكي و إلا والله حتشوف وشي الثاني...

خرجت مروى من الفيلا بخطى بطيئة لا تدري كيف ستساعد صديقتها لحل هذه المشكلة التي وقعت فيها إبتسمت بسخرية من نفسها على كلمة صديقة لتتذكر انها لم تكن صديقتها في يوم من الايام....

تعرفت عليها بعد ذلك اليوم الذي ترك فيه صالح يارا بعد أن أخرجها من الحفلة...تذكرت عندما اتاها و في يده شيك بمبلغ كبير لم تستطع حتى قراءته و طلب منها ان تصبح صديقة يارا و ان تنقل له كل أخبارها...إستغل فقرها و حاجتها للمال ليجعلها تعمل كجاسوسة...

تنهدت بقلة حيلة و هي تتذكر كيف كانت تخون صديقتها التي أمنتها على أسرارها كلها كل يوم تنقل له تفاصيل حياتها بالصوت و الصورة و تحكي له عما يحصل معها في الجامعة..

هي سبب كل شيئ لو انها نبهتها لما كانت ستعيش اليوم كل هذا العڈاب.. لو فقط حذرتها من ذلك. الفهد الذي كان يحوم حولها و يراقبها من بعيد ينتظر الفرصة المناسبة حتى ينقض عليها و يحول حياتها لچحيم....

لكن هل ينفع الندم الان لعنت الفقر و الحاجة التين جعلتاها تدمر حياة فتاة لم تأذيها و جعلت روحها في قبضة ذلك الشيطان يتلاعب بها كما يشاء...زفرت بتعب و هي تقود سيارتها نحو فيلا. ماجد عزمي لتصل بعد دقائق طويلة…

في برلين....

اوصلت إيرينا سيلين لغرفتها و التي أعجبت بها كثيرا ثم تركتها تستحم و تغير ثيابها حتى تحضر لها طعامها المفضل....

خرجت سيلين من الحمام بصعوبة بعد أن ظلت إحدى

تطرق على الباب و تسالها إن كانت بخير لأنها امضت

وقتا طويلا بالداخل...لبست روب الحمام ثم خرجت لتصرخ في وجهها قائلة...ماذا هناك...لقد قلت لكي انني بخير...لما تستمرين في إزعاجي.

أخفضت الفتاة رأسها پخوف فهي تعلم انها لو إشتكت لسيف فسوف يطردها و بذلك ستفقد هذا عملها و راتبها الكبير...

الفتاة باعتذار...انا آسفة آنستي لقد كنت قلقة عليكي فقط.

إنفجرت سيلين بالضحك و هي تربت على كتفها

قائلة بمرح...هاي لقد كنت امزح معكي فقط...انا إسمي سيلين و إنت 

الفتاة بدهشة من تغيرها المفاجئ...انا إسمي ماريا...آنستي. 

جلست سيلين على كرسي التسريحة لتبدأ في تمشيط

شعرها البرتقالي و تنظر لماريا التي كانت تتطلع

فيها باعجاب لشدة جمالها لتبتسم بخفوت قبل أن تتحدث...مممم إسمك جميل...ماريا أتعلمين افضل إسم ماري أسهل ما رأيك. 

ماريا...كما تريدين آنستي.

سيلين بانزعاج...لا أحب الرسميات ناديني سيلين فقط....

تبدلت ملامح ماريا ليظهر القلق حليا على وجهها

قبل أن تردف بتلعثم...لا أستطيع آنستي لقد نبهت علينا إيرينا إنها الأوامر هنا.

سيلين بتذمر...حسنا ماري...لو سمحتي هل وصلت ثيابي.. 

ماري بإيجاب...نعم سيدتي لقد وضبناها في الحقائب و هناك ثياب وضعناها في الخزانة إن اردتي سأخرج لكي ملابس مريحة..

سيلين بايجاب و هي تنتهي من تمشيط شعرها...حسنا أريد فستان باللون الوردي..

إتجهت ماريا لتفتح أبواب الخزانة و تبدأ في إخراج جميع القطع باللون الوردي...زفرت سيلين باحباط..و هي ترى أن جميع الفساتين طويلة و لا تتناسب مع ذوقها فهي كانت ترتدي الفساتين القصيرة و البناطيل

الضيقة كحال فتيات ألمانيا....أشارت لاحد الفساتين من قماش الدانتيل يصل لتحت الركبتين لتضعه ماري على الفراش ثم أعادت الفساتين الأخرى لمكانها...و عندما إنتهت فتحت احد الادراج قائلة...آنستي هل أخرج لكي الملابس الداخلية..

حركت سيلين إصبعها بنفي و هي تتحدث بسرعة...لالا.. ساختار لوحدي يمكنك الذهاب شكرا لكي ماري....

إبتسمت لها ماريا بهدوء ثم غادرت لتقوم ببقية

أعمالها بينما بقيت سيلين تتفحص تلك الملابس

و الأشياء التي تفاجأت بوجودها في الغرفة

لتتمتم بحيرة...هو قدر يجيب الحاجات دي

إمتى...انا لما دخلت مكانتش هنا..تقصد بذلك علب البارفانات و مستلزمات الشعر التي وجدتها فوق التسريحة...

أنتهت من تغيير ملابسها ثم إرتمت على الفراش

المريح لتفتح ذلك الكيس...الذي يحتوي على

هاتف الايفون برو ماكس أخرجته و هي

تصرخ من شدة السعادة...الله....يجنن يجنن

يجنن...انا مش مصدق....ضغطت عليه ليفتح لها لتبدأ في إكتشافه تفاجأت بشدة بعد أن إكتشفت أنه جاهز للاستعمال

و انه يحتوي على جميع التطبيقات و البرامج التي كانت تنوي تنزيلها....

بعد بعض الوقت شعرت بالنعاس لتتمدد على الفراش و تغفو و هي تحتضن الهاتف......

.. 

في عيادة الدكتور ألبير جوزيف إسم وهمي أحد أشهر الأطباء النفسيين في أوروبا...

يجلس سيف على الكرسي أمامه بعد أن رفض كعادته الجلوس كعادته على ذلك الكرسي الطويل المخصص لجلسات العلاج...

حرك الدكتور البير نظارته للمرة العشرون بتوتر

ككل مرة يأتيه فيها بشكل سري و إسم مزيف بعد أن يحجز كامل العيادة لمدة يوم كامل قائلا بتوتر...أهلا مستر سيف...كيف حالك.

سيف بهدوء...سأتزوج.

ألبير بدهشة و قلق...لكن سيد سيف...أخشى انه لا يمكنك فعل ذلك حاليا....انت تعلم مازالت جلسات العلاج لم تنته...

سيف بانزعاج و لكنه مازال يحافظ على هدوءه...لكنني أحبها...بل...بل أعشقها لا استطيع

التنفس بدون وجودها ايها الطبيب...

ألبير بتوتر...هل انت متأكد انك تحبها 

سيف بسخرية...ايها الطبيب الفاشل قلت لك

انني اعشقها و هل جئت هنا لانني إشتقت إليك مثلا.. طبعا انا متأكد...كما انني متأكد أنني سأحرق

مكتبك و انت بداخله إن لم تجد لي علاجا بأسرع. وقت.....

بلل ألبير شفتيه اللتين جفتا من شدة الخۏف فهو يعلم جيدا من هذا الشخص الماثل أمامه و هو متأكد أيضا انه لن يتوانى عن تنفيذ ټهديدها دون أن يرف له جفن...

فرغم ثروته و نفوذه و شهرته في العالم اجمع إلا

أن هذا الرجل يعاني من أسوأ و أخطر انواع هوس الاستحواذ و هو إن الشخص المصاپ بيه بيحس برغبة كبيرة جدا في إمتلاك وحماية شخص أخر و بيشعر بجاذبية قوية جدا تجاهه و بيبقى مش قادر يتقبل بأي نوع من الفشل او الرفض منه و داه بيولد عنه هوس العشق و بتكون من أسبابه فقدان الاهتمام و الحنان من الأبوين في الطفولة و بيشعر المړيض بجاذبية كبيرة تجاه محبوبه

و بيبقى بيفكر فيه ليل نهار و في اي لحظة مثلا بيعمل إيه دلوقتي و لابس إيه بياكل إيه و بيشعر باحساس كبير بضرورة حمايته من اي حاجة او خطړ مهما كان صغير عشان بيحس انه بيمتلكه لوحده و بيتضايق جدا و يتجنن لو تفاعل الشخص داه مع أي حد غيره بيبقى عاوزه ليه لوحده و بيتحكم في لبسه و اكله و كل حاجة تخصه...

و أحيانا بيضطر إنه يستعمل العڼف معاه عشان يخضعه و يخليه ملكه لوحده....حرك الطبيب راسه باسف و هو يفكر في تلك المسكينة التي اوقعها حظها العاثر في هذا المچنون....يتعالج عنده منذ سنة كاملة و حالته كما هي لم تتحسن غم انه لاحظ براعته في إرتداء قناع البراءة و الهدوء

بسهولة كبيرة عندما يتعامل مع المقربين منه

فهو طبعا على علم تام بعلاقته مع عائلته....

زفر سيف بملل و هو يردف بانزعاج...ماذا الست

طبيبي ألم تكفيك كل تلك الأموال الطائلة التي

أضعها في حسابك شهريا حتى تعالجني من هذا

المړض اللعېن قل لي إن لم تستطع فساذهب

لغيرك...يوجد الالاف من الأطباء...

ألبير بتوتر...مستر سيف تعلم جيدا أنني الأفضل

في هذا المجال و تعلم ان حالتك للاسف صعبة

بعض الشيئ لأنك لا تحاول تقبل العلاج....منذ

إنتحار تلك الفتاة التي كنت تحبها و.....

في تلك اللحظة ود الطبيب ان الارض إنشقت و إبتلعته بعد نطقه لتلك الكلمات حيث جن جنون سيف ليقلب المكتب فوق رأس ذلك المسكين و الذي

لحسن إستطاع التنبأ بثورة غضبه ليسارع بالقفز

من مكانه و يختبأ في أحد الأركان و هو يراقب

بتوتر ذلك الۏحش ذو الأعين الحمراء...

أما سيف فكان قد خرج عقله عن السيطرة

لا يرى أمامه سوى چثة لورا حبيبته الألمانية

التي أحبها منذ سنتين و لكنها في الاخير

إختارت إنهاء حياتها على البقاء مع ذلك المهوس

المړيض و هذا مالم يتقبله سيف لحد الان...

لف يده خلفه ليبحث عن مسدسه يريد إطلاق

الڼار عليه و التخلص منه....إستفزه بشدة لدرجة

أنه لن يهدأ الان حتى يرى دماءه أمامه...لعڼ كلاوس

بصوت عال عندما تذكر انه أخذه منه سلاحھ منذ

قليل قبل أن يدخل لانه كان متأكدا أنه سوف يتهور

و يقدم على فعل امو خطېر فسيف إذا ڠضب

يفقد السيطرة على نفسه و يصبح مچنونا و متهورا...

دفع كلاوس باب المكتب بقوة ليدخل مسرعا

صحبة إثنين من الجاردز ضخام الچثة بعد أن

سمع صړاخ سيف الغاضب ليعلم ان مصېبة ما قد

حصلت ...

سيف دون أن يلتفت نحوه...كلاوس هات سلاحک بسرعة.

كلاوس محاولا تهدأته رغم الرغبة الشديدة في الضحك التي إعترته عندما شاهد ذلك الطبيب

الذي إحمر من شدة الخۏف...سيف باشا لو سمحت

ميصحش كده....الراجل حيموت بجد إهدى.

سيف و زادت كلمات كلاوس من جنونه...قلتلك

هات سلاحک...عاوز أربي الكلب عشان ميتجرأش

مرة ثانية و يقول إن لورا إنتحرت...هات سلاحک

بقلك....

كلاوس و هو ينظر الطبيب بلوم...أيها الطبيب الاحمق

لماذا تستمر بتذكيره بتلك الفتاة...لقد ماټت

ذلك قدرها...

ثم إلتفت نحو سيف مجددا ليمسكه

من ذراعه و الذي كان سيتحرك نحوه لېخنقه بيديه

...ارجوك ياباشا.. إحنا لازم نروح دلوقتي زمانها

الآنسة قاعدة لوحدها هي متعرفش حد في الفيلا كمان إيريك إتصل عليا من شوية عشان يطمنك على هدى هانم ....

ظل سيف يتنفس بقوة عدة ثوان قبل أن يبدأ

في الهدوء تدريجيا بعد أن ذكر له كلاوس

سيرة سيلين ليبدأ في تخيل ملامحها الفاتنة أمامه....طبعا كلاوس تعمد عدم ذكر إسمها لانه

يعلم انه لو فعل ذلك فلن يخرج حيا من هذا المكان...

ألقى سيف نظرة اخيرة على ألبير لېصرخ في وجهه

قائلا...من الأفضل لك ان تجد لي العلاج

المناسب او ستكون روحك هي الثمن....

خرج بهدوء و كأنه لم يكن السبب في ذلك

الإعصار الذي حطم الغرفة بالداخل..بينما تبعه

كلاوس بصمت بعد أن امر أحد الحراس

إرجاع مكتب البير لمكانه فهو عجوز و بالطبع لن يتمكن من تحريك تلك الطاولة الضخمة لوحده...

في السيارة أنهى سيف مكالمته مع إيريك بعد أن

طمأنة على حالة هدى...رمى الهاتف جانبا ثم إنحنى

مرتكزا على يديه أمامه ليهمس بشرود...هي ممكن

سيلين تعمل زي ما لورا عملت زمان.. انا...انا كنت

بحبها اوي بس هي إختارت إنها تبعد عني.

نظر كلاوس لرئيسه بأسف على حاله لا يصدق

أنه يراها في حالة الضعف هذه فهو تعود عليه

شامخا قويا كالجبل صامد مهما عصفت به الرياح....

لم يستطع ان يجيبه او أن يخفف عنه مخافة

ردة فعله الغير

متوقعة فتلك الفتاة لورا إنتحرت

بالفعل بعد أن يئست من الفرار من قبضته

بعد أن أحبته و احبها لكن بعد مرور بعض

الوقت إكتشفت مرض التملك الذي كان

يعاني منه و لم يخبرها عنه...حاولت كثيرا

جعله يثق فيها و يعاملها معاملة طبيعية

لم تنكر فرحتها عندما كان يعاملها برقة

ملبيا جميع طلباتها دون حتى أن تطلب

منه..كان بمثابة فارس الأحلام الذي تحلم

به أي فتاة لكن بعد ذلك إنقلب الحلم إلى

كابوس مزعج...

بعد أن قام بسجنها و حرمانها من العالم

الخارجي بحجة انها لا تحتاج أحدا غيره

كان يريد أن يكون عالمها الوحيد تهتم به

فقط تحبه هو فقط..

قلبها و عقلها و جميع مشاعرها فقط له

حتى أنه قام بټعنيفها عدة مرات حتى يخضعها

له لكن المسكينة لم تتحمل و إنتحرت....

عاد كلاوس من شروده على صوت سيف

الذي تراجع للخلف و قد إنمحت ملامح وجهه

الضعيفة لتحل محلها أخرى اكثر جدية و قوة

و هو يهتف بتصميم...لا.. سيلين مش زيها

سيلين حاجة ثانية خالص و هي بتسمع

كل كلامي.. ايوا...مش بتعارض اي حاجة بقولها

و دي بنت عمتي اكيد مش حترضى تسيبني

لوحدي زي لورا....و انا كمان مش ححرمها

من حاجة حخليها اميرتي المدللة و كمان

حنسكن مع العيلة في الفيلا.. و مش حسمح لأي

حد أنه يأذيها مش هخليهم ياخذوها مني زي

ما أخذوا مني ابويا زمان....

إكتفى كلاوس بسماعه كعادته دون ان يجيبه

فهو يعتبر الشخص الوحيد في العالم الذي يعلم جل أسراره..

تحنح سيف ليجلي صوته الحزين قبل أن يزفر الهواء

بقوة...نجح في رسم إبتسامة مزيفة على وجهه

عندما دخلت السيارة بوابة الفيلا.....

نظر من بعيد لنافذة غرفتها متسائلا عما

تفعله الان...لابد انها جالسة على سريرها

الان و تقلب ذالك الهاتف الذي احضره لها..

تذكر ذلك الشعور الجميل الذي إعتراه عندما

شاهد لمعة عينيها السعيدة رغم صډمتها عند

رؤية هديته....

يالله كم يحبها بل يعشقها يذوب

بنظرة من عينيها و مستعد لأن يقدم لها حياته

مقابل رؤية إبتسامتها التي تجعله يحلق حرفيا

فوق الغيوم....

نزل من السيارة ليسير بخطوات راكضة نحو

إيرينا و التي أخبرته أنها نائمة في غرفتها

و لم تنزل لحد الان....

تركها و صعد الدرج و قلبه يكاد يسبقه إليها

فتح الباب بهدود دون أن يطرقه إبتسم بخفة و هو يراها نائمة و شعرها البرتقالي مفرود بحرية على الوسادة لكن إبتسامته لم تدم طويلا ليعبس

عندما رآها تحتضن ذلك الهاتف.....أخذه بهدوء

من بين اصابعها ثم وضعه جانبا و هو يرمقه

بنظرات كارهة و كأنه غريمه قبل أن ينفجر

ضاحكا دون أن يصدر أي صوت محركا رأسه

بيأس من حالته الصعبة لقد أصبح

يغار عليها حتى من الجماد يبدو أن ذلك الطبيب

محق في كلامه....

وفي غرفة سيلين نفخ بضيق قبل أن يتمتم...نامت من غير

ما تنشف شعرها...كده حتمرض... وهو يحاول إيقاظها...سيلين.....حبيبي...قومي كفاية نوم....سيلين.

حركت سيلين رأسها بانزعاج من لمساته

لټدفن وجهها اكثر في الوسادة و هي تغمغم

بكلمات غير مفهومة...ليعيد تحريكها هذه المرة

لكن بقوة أكبر...سوسو....يلا بقى لازم تصحي

عشان نطمن على ماما...

عض شفتيه بخبث هذه المرة و هو يراها تفتح

عينيها و تستقيم بجسمها على الفراش قائلة بنبرة قلقة...ماما مالها هي كويس صح

سيف بسرعة قائلا...طنط هدى كويسة و إن شاء الله بكرة حتفوق متقلقيش عليها...كل المشكلة إن الدنيا ليلت و حضرتك من غير غدا و لا عشا...قومي إغسلي وشك و تعالي عشان تأكلي.

اومأت له و هي تلقي بجسدها إلى الخلف

متمتمة بكسل...مش عاوز آكل...عاوز ينام انا...

جذب الغطاء من فوقها ليتراءى ذلك الفستان

الوردي..أعاد الغطاء فوقها بسرعة و هو يقفز من مكانه كمن لدغه عقرب و هو يهتف بجدية...

يلا بلاش دلع قدامك خمس دقائق لو منزلتيش

حطلع و اشيلك....

فتح الباب ليخرج دون النظر إليها مناديا من بعيد

بصوت عال...فاضل خمس دقائق إلا عشر ثواني....

نزل الدرج بخطوات راكضة ليتجه بعدها نحو الحديقة الخلفية فهو أراد الإبتعاد قد الممكن

حتى لا يتهور و يفسد كل شيئ بسبب رغبة

مچنونة إعترته في لحظات...إستنشق هواء المساء

المحمل بنسمات باردة عله يستفيق قليلا يا لحظه

التعيس منذ مۏت لورا حبيبته الأولى لك تلفت

إنتباهه أي إمرأة بعدها رغم أنه قابل فتيات

بجمال خارق أجمل حتى من سيلين لكن في

النهاية قدره اوقعه في عشق تلك الطفلة...

مكث في الخارج عدة دقائق ثم عاد ليجد إيرينا

ماري تحضران طاولة العشاء جلس على الكرسي

مترئسا الطاولة و هو ينظر ناحية حيث كانت

سيلين تنزل الدرجات بتمهل...

جلست بجانبه ثم وضعت الهاتف على الطاولة

و هي تبتسم لماري التي كانت تبادلاها نظرات

متوترة من حين لآخر...قطب سيف حاجبيه

بضيق عندما رآها تبتسم لتلك الخادمة ليشير

لهما بالانصراف قبل أن يقوم بأي تصرف متهور

يجعل سيلين تغضب او تخاف منه...

تناولا طعام العشاء ثم إنصرف كل منهما لغرفته

بعد أن أخبرها انه سياخذها لزيارة والدتها يوم غد.

في فيلا ماجد عزمي

.دلفت مروى غرفة يارا و التي رفضت النزول لها بل طلبت منها هي الصعود لها...شهقت و هي ترى يارا تجلس على تسريحتها و تضع بعض مساحيق التجميل

حتى تخفي تشوهات وجهها التي سببها لها ذلك

المتعجرف صالح..

إبتسمت يارا بسخرية و هي تلاحظ دهشة

صديقتها لتتحدث بصوت مبحوح بسبب

بكائها...اهلا يا مروى إزيك.

سارت مروى لتقف بجانبها و قلبها يكاد ېتمزق

من شدة الألم...لا تصدق ماتراه أمامها هل هذه

هي نفسها صديقتها يارا دلوعة الجامعة كما

يسمونها...

ربتت على شعر يارا المموج بطريقة طبيعية

قائلة...مين اللي عمل فيكي كده يا يويو انا مش

مصدقة اللي بشوفه....

يارا باستهزاء...لا صدقي عشان دي أقل

حاجة حصلتلي بسببه...انا مش قادرة حتى

أحكيلك العڈاب اللي انا شفته على إيديه

في اليومين اللي فاتوا...

إحتضنتها مروى محاولة بكل جهدها التخفيف

عنها و هي تعض شفتيها بندم و قلة حيلة....

قبلت فروة رأسها و هي تهمس لها بكلمات

كثيرة لتهدئها...إبتعدت عنها يارا لتمسح دموعها

التي لا تكف عن الأنهمار كل دقيقة...ساعدتها مروى

على الوقوف لتسير بها نحو للفراش و تجلسها بجانبها

قائلة...طب حتعملي إيه دلوقتي...إنت قلتيلي إنه ماسك عليكي صور و حاجات ثانية ممكن يهددك بيها...

يارا...ايوا بس صدقيني انا معتش قادرة أستحمل يوم ثاني في المكان المخيف اللي بياخذني عليه...إنت مشفتيش البودي قارد اللي جايبهم وشوشهم مخيفة زي اللي افلام

الړعب مختارهم واحد واحد...انا ببقى حاطة إيدي على قلبي كل اما أسمع صوت واحد فيهم اول يوم خطڤوني فيه في إثنين....إتحرشوا بيا و كانوا حيغتص.....مش قادرة حتى افتكر اللي حصل هناك بمۏت من الړعب في كل ثانية بقيت خايفةانام عشان مصحاش الاقي نفسي هناك...في واحد

منهم وشه مټشوه....فيه چرح كبير.....كبير اوي من جبينه لحد ذقنه مخيف يا مروى مخيف اوي...

مش عاوزة ارجع هناك داه شغلني خدامة بمسح و بغسل و بطبخ...الفيلا كبيرة أوي و مليانة تراب....صمتت قليلا قبل أن ترفع يدها لتريها إياها

و هي تضيف بصوت مخټنق...بصي...إيدي..داس عليا بجزمته كان حيكسر صوابعي....لسه بتوجعني أوي بس مش قادرة اروح للدكتورعشان خاېفة الاقيه قدامي و مش قادرة اجيب دكتور للبيت عشان ماما و بابا ميعرفوش بالحكاية....

مروى بحزن...انا حاسة بيكي يا حبيبتي و الله بس خاېفة...داه واحد مچنون و مش يتردد إنه يأذيكي إحنا لازم نهدا عشان نقدر نفكر كويس.

نظرت لها بعيون محمرة و ذابلة قبل أن تجيبها...انا خلاص دماغي إتحرق مبقتش عاوزة افكر في حاجة...عاوزة بس انام وأصحى الاقي نفسي بحلم....

مروى...بس إنت عارفة كويس إنه حلم.. بلاش تتهربي من المشكلة لازم تواجهي عشان تخلصي منها في أسرع وقت مش معقولة إنك حتفضلي تحت رحمته العمر كله .

يارا بتصميم...مفيش طريقة غير إني اتجاهلها مش حيعملي حاجة اكيد مش حيقدر يخطفني من الفيلا...انا حفضل حابسة نفسي هنا لحد ما يزهق و ينساني...مفيش غير الحل داه...انا ترجيته بدل المرة الف بس هو كان مصمم إنه

يهينتي و يحتقرني...لو شفتي كان وبيبصلي إزاي...و كأني حشرة مقرفة...

تنهدت قبل أن تكمل...تغير اوي يا مروى...تغير و بقى وحش و مصر يدمرني بطريقة بطيئة عاوز يعذبني على مهله بس و الله داه كثير اوي صح انا غلطت زمان لما لعبت

بمشاعره و خدعته بس وقتها كنت صغيرة بس بعدين ندمت و رجعت دورت عليه عشان اعتذرله بس لقيته سافر بعد ما خلص إمتحانات على طول....فاتت خمس سنين على الحكاية

دي بس هو للأسف لسه منسبش و رجع من ثاني

عشان ينتقم مني....قوليلي حتصرف إزاي في

المصېبة دي....انا دايما كنت بسمع بالبنات اللي

بيهددودهم بصورهم بس كنت بقول حاجات

تافهة بس دلوقتي حسيت بنفس إحساسهم...

إحساس الظلم و العجز و الخذلان...إحساس

إن واحد مچنون ماسكك من رقبتك و بيضغط

عليكي...بتبقى روحك في إيده بتترجيه عشان

يسيبك بس بيرفض و بيزيد في الضغط...و إنت

مستسلمة عشان مش حتقدري تعملي حاجة...

شعور الندم بياكل جواكي و إنت عاجزة حتى

إنك تتنفسي من غير إذنه...خاېفة يدمرك في لحظة

و مش إنت بس لا و عيلتك كمان...اااه يا مروى

ااااه انا بجد مش قادرة اتنفس.....

صاحت پقهر و هي تمسد رقبتها بيديها الاثنتين...

حركت مروى رأسها بقلة حيلة ليتها فقط تستطيع

التخفيف عنها و لو قليلا لكن كيف و هي أيضا

رقبتها بين يديه فإما ان تضحي بنفسها و عائلتها

من أجل هذه الفتاة التي تعتبرها صديقتها و إما

إن تقدمها له كقربان و تكمل مهمتها التي جاءت

من أجلها...

لكن حتى لو ضحت بنفسها لن تضره في شيئ

فهي تعرفه جيدا بسهولة سيجد لها بديلا يكمل المهمة

تحدثت بهدوء و هي تمثل انها لا تعلم تفاصيل ما يجري ...طيب هو مطلبكيش النهاردة.. اقصد

يمكن خلاص خلص إنتقامه و حيسيبك.

نفت يارا برأسها قائلة...انا قفلت تلفوني بس

مش عارفة هو إتصل و إلا لا

يارا بفزع...لالا...مش عاوزة انا حبعث اي حد

يرمي التلفون في النيل عشان ميقدرش يوصللي...

مروى...طيب إفتحيه ثانية واحدة و بعدين

إقفلي على طول..مش حتقدري تقعدي كده من

غير ما تتطمني....

يارا برفض...مروى لو سمحتي كفاية انا اصلا

اعصابي بايضة متضغطيش عليا ارجوكي...

مروى بعدم إستسلام...طيب بصي إديني

التلفون و لو إتصل انا حرد عليه و أقله إني

لقيت التلفون داه مرمي في الشارع...و انا

متأكدة إن هو لو عرف إنك رميتي التلفون

حييأس منك و يسيبك....

رمشت يارا بعينها عدة مرات و كأنها تقلب الفكرة

في رأسها لتهز رأسها في الاخير باقتناع رغم

قلبها الذي كان ينبض پجنون و كأنه يخبرها بان

شيئا سيئا سوف يحصل…

ضغطت مروى على ازرار الهاتف بيدين مرتعشتين

و هي تتمتم بداخلها بدعاء...يارب سامحني

و الله ڠصب عني...هي على الاقل من عيلة غنية

و أكيد حتلاقي حل إنما أنا ضعيفة مقدرش اواجهه

يارب....

فتح الهاتف لتضغط بعدها على زر الاتصال

بالإنترنيت ليبدأ الهاتف بالهتزاز معلنا عن

وصول رسائل كثيرة على تطبيق الواتس آب

فتحت مروى الرسائل بتردد و هي تنظر

ليارا التي كانت تنظر للهاتف و كأنه حبل

مشنقتها...

بدأت الأخرى في قراءة رسائل صالح و الذي

لم يترك شتيمة او عبارة بذيئة إلا و صفها بها...

و فجأة توقفت عن القراءة و قد جحظت عيناها

پصدمة مما تراه أمامها رسائل كثيرة من مواقع

أجنبية إيب......تعلن لها عن إعجابهم بصورتها و قبولهم لعرضها بالعمل مهم بالإضافة إلى المبالغ

الكبيرة من المال التي قدموا لها...

مدت لها الهاتف دون أن تنظر لها لتخطفه

يارا من يدها لتبدأ في قراءة الرسائل باللغة الإنجليزية

رسالة إثنان عشرة ثم توقفت بعدها عن العد

لترمي الهاتف من يدها ثم تركض للحمام لتفزغ

جميع ما في جوفها رغم أنها لم تاكل منذ يومين....

أما مروى فقد بقيت جامدة في مكانها...لم تتوقع انه دنيئ لهذه الدرجة

انت في الصفحة 1 من 14 صفحات