رواية سلسلة الاقدار (كاملة جميع الفصول) بقلم نورهان العشري
الڠضب الذي يميزهما لم تراه أبدا في حياتها سوي عندما شاهدته
كانت أنفاسها المتسارعة و دقاتها الهادرة و المرتعشتين اغواء قاټل لقديس مثله لم يذق معني العشق بحياته و لم يتذوق من شهده رشفه
واحده و لكنه الآن متجسد أمامه كالتفاح الحړام الذي يغريه من بعيد و لا يجروء علي لمسه اجل كانت تلك تفاحة أدم التي ستودي به الي الهلاك
حامل
برقت عيناها من حديثه و اهتمامه المفاجئ بها الذي جعلها تقول دون احتراز
نعم انت خاېف عليا و لا أنا خدت شومة علي دماغي باين !
بلمح البرق تركتها يداه بغته و اعتدل في وقفته و حاول إخفاء لهفته الغبيه التي وضعته في مأذق الآن فقال بتهكم
لا الشومه دي فعلا انتي تستحقي تاخدي بيها علي دماغك علي استهبالك دا!
مش قولتلك ملكش دعوة بيا و لو شوفتني بمۏت كبر دماغك مني! مالك و مالي
اشټعل حنقه أكثر من حديثها فقد قالت ما يود أن يقحمه بقلبه الغبي الذي لا
يعلم لما يحاوطها بهذا الشكل و لكنه أبى ان يجعلها تظفر بنصر آخر عليه فقال بفظاظة
توضيح بسيط انتي متفرقيش معايا انا بس خاېف عالي في بطنك و الي حذرتك قبل كدا انك تعرضيه للخطړ قولتلك كدا مېت مرة و لا مقولتش
انت بتقول كتير الصراحه و أنا مبركزش!
هدر پغضب
متضايقنيش احسنلك
كانت مستمتعه ب إغضابه كما كان يفعل دوما فتابعت بتهكم
انت كدا كدا علي طول متضايق فبلاش تلبسني تهم عالفاضي
أوشك أن يجيبها فقاطعه صوت مروان المازح حين قال
جنة بت يا أم حزومبل انتي فين اختك جت من السفر
جايه يا مارو اهوة
المتسلط
وحشتيني اوي يا فرح أخيرا جيتي
فرح بشوق
انتي وحشتيني اكتر يا جنة والله ما كنت عايزة اسيبك اصلا بس للضرورة أحكام هعمل ايه بس
تدخل مروان قائلا بمزاح
قصدك حكم قراقوش قولي قولي متتكسفيش سرك في بير
يا ابني انت ايه بطني وجعتني من كتر الضحك
مروان بمزاح
اي خدمه عدي الجمايل
الواحد بيداينكوا عشان لما ييجي يتزنق تلحقوه
جنة محاولة إغاظته
مبتعملش حاجة لله أبدا والله انت تستاهل إلي ريتال بتعمله فيك
مروان بتهكم
ريتال دي المفروض طفله و أنا باخد بالي منها بس تصدقي بالله احيانا بحس ان انا الي عبيط و هي
تعالت قهقهاتهم أمام ذلك الذي كان غضبه تخطي حدود المسموح فقال بصوت ارعدهم جميعا
مروااان
انتفض مروان في مكانه و قال پذعر
مين مروان مين اكيد مش انا
لا تعلم لما شعرت بالانتشاء لغضبه الذي تجلي بوضوح في صوته لم تكن تري ملامحه فقد كانت تلمحه منذ أن ترجلت من السيارة و هو يقف في النافذة و لهذا و بالرغم من تعبها إلا أنها أرادت أغضابه
جنة بإشفاق
اهو قراقوش شكله سمعك الله يرحمك كنت طيب و بتسلينا مين هيضحكنا بعدك يا مارو
ناظرها مروان بإشمئزاز قبل أن يقول
هو ده اللي ربنا قدرك عليه تعددي عليا و أنا لسه عايش اومال لما اموت هتعملي ايه حسبي الله ونعم الوكيل يا شيخه
بينما عيناه تأكلانها بنظراته الغاضبة وهي تغادر و نظرتها له وكأنها تتحداه علنا ولكنه قبل تحديها الصامت متوعدا
ماشي يا فرح انتي اللي ابتديتي
دلف مروان و خلفه سليم الغاضب الي داخل الغرفة و حين اغلق الباب بقوة جفل مروان الذي قال بتملق
أخيرا الباشا الكبير بتاعنا وصل نورت بيتك والله شوف الدنيا كلها كانت مضلمة من غيرك
اهلا اهلا بالي مقضيها هلس و لعب و مش عامل اعتبار لحد
تراجع مروان خطوتان فوجد كف سليم يهبط بقوة على كتفه فاوقفه في مكانه و هو يقول بنبرة مرعبة
مكانك يا خفيف
توقف مروان بمكانه و هو ينظر إلي هذان الۏحشان پذعر قائلا
بتلعثم
ايه يا رجاله في ايه دانا زي ابن عمكوا بردو انتوا هتبلعوني و لا ايه لا بقولكوا ايه دانا معايا الباسبور الأمريكي
قاطعه سالم بوعيد
انت بتهددنا ولا حاجه
مروان بنفي قاطع
لا اهدد مين دانا يتقطع لساني دانا بعرفكوا بس عشان لو محتاجين اي حاجه من هناك يعني!!
سالم مرددا كلمته بوعيد
بتعرفنا اه ولا انت مش عاجبني !
مروان پصدمه
ليه و أنا كنت عملت ايه
سالم بفظاظة
قعدتك في البيت وسط الحريم دي مش عجباني !
مروان باندفاع
هو في أجمل من قاعدة الحريم
سالم بحدة
نعم !
مروان مصححا
أااا لا أقصد ولا عجباني انا كمان ما تشوفولي شغل يا
جدعان انا اتخنقت الصراحه مانا مش جاي هنا اقعد يعني
نظرا الإخوان لبعضهما البعض بغموض و تحدث سليم قائلا بوعيد
بس كدا غالي والطلب رخيص
بعد مرور أسبوع
كان الوضع هادئا أو لنقل هدوء ما قبل العاصفة فقد كان سليم يتحاشى التواجد
في المنزل حتى يحاول الوصول إلى قرار مع نفسه تاركا خلفه جنة التي لا تعلم لما كانت تفتقده هناك شعور ما لا تختبره سوي بوجوده لا تعلم و لكنها كانت تشعر بأن هناك شئ ينقصها ولا تجروء علي الإفصاح عن مكنوناتها حتي الي شقيقتها التي كانت بعالم آخر فهو يتجاهلها و يتعامل معها في
حدود العمل فقط بضع كلمات مقتضبة عما يريده او يحتاجه دون حتى أن ينظر إليها و لا تعلم لما كان هذا يغضبها بل يؤلمها كثيرا
و لدهشتها افتقدته برودة استفزازه ردوده اللاذعة كانت تفتقد نزاعاتهم و حروبهم الباردة و لكنها أبدا لن تفصح عما يدور بداخلها و رضيت بأن تتلظى بلهيب البعد و هو أمامها
كانت ترتب اوراقها علي المكتب فقد حان موعد الغداء وهي قد أنهت كل الأعمال التي اوكلها إياها و توجهت الى باب المكتب فأوقفها رنين هاتفها كانت جارتهم السيدة علا فأجابتها فرح و بعد تبادل السلامات قالت علا بعتاب
كدا يا فرح ارن عليكي كل دا ولا تروديش عليا
فرح بتبرير
والله يا حاجه ڠضب عني انشغلت و لما جيت رنيت عليكي اداني غير متاح حقك عليا متزعليش
لا ولا يهمك انا بس كنت عايزة احكيلك علي الجدع قريبكوا الي جه سأل عليكوا دا
فرح بانتباه
قريبنا! قريبنا مين
قصت علا عليها ما حدث و زيارة ياسين لها فاندهشت فرح من حيدثها و قالت بإستفهام
مقالكيش اسمه ايه
لا مقاليش بس وراني بطاقته استني هفتكرلك اسمه ايه
في تلك الأثناء كان ياسين يقف أمام باب المنزل الذي علا جرسه فتوجهت الخادمة لفتحه و سألته بلطف
مين حضرتك
اجاب ياسين باحترام
دكتور ياسين وفيق عمران و عندي معاد مع سالم بيه
تسمرت فرح في مكانها لدي سماعها ذلك الاسم و حينها صدح صوت السيدة علا التي قالت بلهفه
اه يا فرح افتكرت اسمه ياسين
فجأة سقط الهاتف من يدها ووووو
يتبع
الثاني و العشرون
أشياء لا تعرفها عني انا شخص متعب للغاية مثقل بأحمال لا يتسع كتفي لحملها عاندت قدري يوما فأقسم على عقابى دهرا و اڼهارت احلامي دفعة
واحدة للحد الذي احتارت عيني أيهما تبكي اولا ولكني صنعت من حطامها جدارا بقدر صلابته يخفي انهيارات عظيمة و خسارات هائلة لا ينقصها أبدا وجودك فمن بين أنقاض الۏجع و غياهب الألم هناك شئ بأعماق قلبي تمنى لو تكون أنت أول انتصاراته
نورهان العشري
يابوي انت اكده بتظلمني و بتاجي علي و علي بناتي
هكذا تحدث محمود مع
والده بصوت محشو بالڠضب فنهره والده قائلا بصرامه
عتخالف أوامرى يا محمود و لا اي المال مالي و الكلمة كلمتي و انت خلفتك بنات و مهينفعش أرضنا تروح للغريب واصل
محمود بحنق
بس ربنا مجالش أكده في شرع بنمشو عليه
و انا مجولتش حاچه عايز بناتك ياخدوا حجهم يبجي نخطب فرح لياسين وچنة لراضي
جن جنونه من إصرار والده فصړخ مقهورا
يرضي مين دا بس يا عالم أخطب بنات لسه ميعرفوش السما من العمى
عمران بانفعال
وإني مجولتش
يتخطبوا دلوق الكلام دا يبجي لما يتموا السن الجانوني
لم يجد بقلب والده مثقال ذرة من الرحمه و قد هاله الإصرار و التصميم الذي يغلف ملامحه فهب واقفا في مكانه و هو يقول بصرامه
وانى مش موافج يابوي و إن كان عالمال و الارض ميلزمونيش بناتي اغلي من كنوز الدنيا كلاتها
فجأة دارت الأرض تحت أقدامه حين هوى والده بصفعه قويه تركت بصماتها على قلبه و كبرياءه و خاصة حين قال
يظهر أن جعدتك في البندر نستك عاداتنا و تجاليدنا بس اني هفكرك بيهم و خليك فاكر انك لو خرچت عن طوعي يبجي ملكش حاجه عندينا لانتا ولا بناتك و هحرمك من كل حاچه
كانت قساوة والده شئ ليس بالجديد ولكن تلك المرة نال من اغلى شئ عنده لذا قال بتصميم
يبجي تعتبر انك مخلفتك غير وفيج و خرچني من حساباتك وأني الي مش عايز حاچه منيكوا
هنا تدخل وفيق الذي كان يرمق أخيه بنظرات ساخطه لعصيانه الدائم لهم
ايه الحديت الماسخ دا يا محمود هتعصي ابوك و لا اي
محمود بخيبة أمل
كفاية انت بتطيعه يا وفيج! اني ههملكوا البلد كلاتها و ارحل انا و مرتي و بناتى مبجاش لينا حاچه اهنه
تقدم الي باب الغرفه و ما ان هم بفتحه حتي استوقفته كلمات والده الغاضب
تلاته بالله العظيم يا محمود لو ما رچعت عن الي في دماغك ده ما هتردد ثانية انفذ الي جولته و هتلاجي نفسك محلتكش حاچة فكر زين يا ولدى و خد جرارك
لم يلتفت محمود ولكنه تفاجئ بيد صغيره لطفله جميلة لم تتجاوز الثلاثة عشر عاما تمسك بيده قائلة بجزع مما يحدث
هو في ايه يا بابا جدو ماله بيزعق ليه
نظر إلي فرح بحزن تبدد في لحظه و تحول
لڠضب حارق حسن قال مشددا علي كلماته
يالا يا فرح عشان نجهز قدامنا طريق سفر طويل
فرح ببراءة
احنا مسافرين فين يا بابا
الټفت محمود ينظر بتحدي يشوبه خيبة أمل كبيرة
راجعين بيتنا معدش لينا مكان و لا أهل هنا
استفاقت فرح من شرودها في تلك الذكرى البعيدة فوجدت نفسها علي رأس مثلث النظرات المتبادلة بينها و بين كلا من ياسين و سالم الذي قال بصوته الفظ
مواعيدك مظبوطه يا دكتور ياسين اتفضل
ياسين بتحفظ
أشكرك يا سالم بيه
القي ياسين عليها ابتسامه