روايه الشيطان شاهين(الجزء الثاني كامل ) بقلم ياسمين عزيز
جوا تغيري رأيك... فتح الباب ليشير لها لتدخل بحركة نبيلة مكملا بلهجة درامية تفضلي ماي برنسس...أنرتي مكتبي المتواضع..... ضحكت نور و هي تبادله المزاح شكرا ايها البرنس.... مش عارفة تتقال إزاي... محمد متقلقيش المعنى وصل و داه المهم.... جلست نور على الاريكة و هي تتنهد عندما تذكرت يوم أمس عندما جاءت إلى هنا باكية جالت ببصرها في أنحاء المكتب لتنتبه لأثاثه الرمادي و وجود بعض التحف الأنيقة التي كانت تزينه إضافة إلى خزانة بلورية تحتوي على عديد الميداليات و الجوائز التي تحصل عليها محمد خلال إشتراكه في عدة مسابقات منذ طفولته..... تنهدت بأسف لأنها للتو إكتشفت أنها لا تعلم عنه شيئا رغم مرور أكثر من عام على زواجهما..... نفت أفكارها ثم هبت من مكانها متجهة نحو محمد الذي كان يتفحص عدة أوراق.... وقفت لجانبه قائلة بحماس إيه رأيك اساعدك... نظر نحوها محمد بتعجب قبل أن يعيد نظره نحو الأوراق تساعديني في إيه نور و هي تهز كتفيها طبعا مش حدرب الناس التي حتيجي بعد شوية...انا اقصد اساعدك هنا في شغل المكتب... مثلا الأوراق
دي.... محمد بعدم تصديق بجد... عاوزة تساعديني نور بابتسامة رقيقة طبعا اصلي مش ناوية اسيبك النهاردة يعني حفطر و حتغدى و يمكن أتعشى هنا....قاعدة على قلبك يعني.... محمد طب و كليتك.... نور و هي تخفي تضايقها عندما سمعت كلمة الجامعة فهي تذكرت جميع ماحصل معها البارحة لا مش حروح الاسبوع داه...اصلي تعبانة من ضغط الدراسة و عاوزة أرتاح شوية... أمسك محمد بعض الملفات ثم سار ليجلس على الاريكة.. رفع رأسه ليجد نور مازالت واقفة مكانها و تنظر له...سألها و هو يضع يده على الكرسي بجانبه كدعوة للجلوس مش قلتي عاوزة تساعديني.. و إلا غيرتي رأيك بعد ماشفتي الملف... هرولت نور لتجلس بجانبه قائلة بعد أن وضعت هاتفها على الاريكة بجانبها أمامها لا طبعا.. إنت فهمني انا حعمل إيه و انا حنفذ... بدأ محمد يشرح لها ما ستفعله ليتضح لنور أنه عمل بسيط فقط تكتب أسماء المشتركين بالنادي و بعض بياناتهم على بطاقات إشتراكات صغيرة... بينما إنشغل محمد بالعمل على حاسوبه بعد دقائق قليلة.... رفع محمد عينيه لتتراءى أمامه نور منكبة على الأوراق...كم بدت لطيفة و هي تحاول بشتى الطرق تثبيت خصلات شعرها القصيرة التي كانت تسقط على وجهها في كل مرة نفخت وجنتيها بتأفف لتقرر أخيرا وضع القلم من يدها و إنهاء المشكلة إبتسم محمد وهو يراقبها كيف جمعت خصلات شعرها لتضعهم على تحت ياقة السترة ثم عادت من جديد لتركز على عملها... قطع مراقبته صوت طرقات على الباب ليدخل بعدها شاب نحيل لم تتعرف عليه نور يدفع أمامه طاولة صغيرة تحتوى على الفطور الذي طلبه محمد.... الشاب صباح الخير ياكابتن...داه الفطار اللي وصاني عليه عم محروس.... إستقام محمد من مكانه متجها نحوه قائلا صباح إلخير يافتحي...تقدر ترجع شغلك.. فتحي و هو يومئ برأسه بطاعة تؤمرني بحاجة ثانية محمد بنفي لا شكرا... غادر الشاب ليدفع محمد العربة نحو نور التي كانت تجلس مكانها بصمت.... جلس بجانبها ثم لملم الملفات و الأوراق التي كانت تضعها على ساقيها قائلا سيبي كل حاجة من إيديكي دلوقتي و خلينا نفطر... نور بأعتراض لازم أخلص الشغل الأول بعدين... قاطعها محمد و هو يخطف آخر ورقة من يدها عنوة قائلا نفطر الأول و بعدين نكمل شغل.. يلا...و إلا إنت عاوزاني أفطر لوحدي... إستسلمت نور لإلحاحه ملبية رغبته في مشاركته الطعام ليمد لها كأسا كبيرة بها عصير أخضر لم تعرفه.... عقدت حاحبيها قائلة إيه داه محمد بحماس داه عصير ميكس خضار ذوقيه حيعجبك جدا.... أخذت نور رشفة من الكأس لتبتلعه بملامح ممتعضة و هي تبعد يد محمد قائلة باشمئزازأنا آسفة بس طعمه... مقرف بصراحة.... إنت إزاي بتشربه... محمد و هو يرتشف منه باستمتاع قائلا إنت الخسرانة...داه صحي أكثر من أي نوع عصير ثاني.... نور بمجاراة بالهنا و الشفاء...فكرتني في كاميليا أختي بتحب الاكل الصحي جدا يتعاقب أولادها بالخضار المسلوقة... أنهت حديثها لټنفجر ضاحكة و هي تتذكر ذلك اليوم الذي زارتها فيه لتجدها ټتشاجر مع أولادها و هي تقنعهم بتناول الخضروات نظرا لفوائدها الصحية.... محمد مممم فكرة حلوة اوي.... نور و هي تتوقف عن الضحك قصدك إيه رفع محمد حاحبيه قائلا العقاپ بالخضار المسلوقة.. خاصة للناس اللي پتكره الأكل الصحي... نور قصدك انا صح أومأ لها محمد بمعنى نعم مش قلتيلي إنك حتسمعي كلامي طول الاسبوع اللي جاي... و حتعملي كل اللي انا اطلبه منك.... نور بلهجة متوسلة و هي تبتعد عنه قليلا عشان خاطري بلاش دي....بكره الخضار بكل أنواعها.... محمد غامزا تؤ مش داه قصدي طبعا.... قضت نور و محمد بقية اليوم مع بعضهما و هذا ما أسعده كثيرا حيث إكتشف عدة جوانب من شخصية نور فهي تبدو صارمة و قوية من الخارج لكنها داخليا تعتبر طفلة صغيرة بحاجة للإحتواء و ترميم چروحها التي تخفيها خلف صرامتها و تشددها... شعر بأنه لم يخطئ عندما قرر إعطائها فرصة أخرى لتغير من طباعها معه....بينما لم تكن نور اقل منه سعادة رغم أنها لازالت تحتاج وقتا طويلا و جهدا كبيرا لتستطيع إذابة سد الجليد الذي بنته سابقا بينهما....لتصبح علاقتهما طبيعية.. ليلا في فيلا عمر..... تقف هبة في مدخل الفيلا تنتظر وصول عمر على أحر من الجمر...تفحصت هاتفها للمرة الالف منتظرة إتصاله بها لكن دون جدوى... تذكرت منذ ساعات عندما أوصلها للمنزل ثم غادر نحو فيلا والديه رغم معارضتها و توسلها له ان يتراجع عن قراره لكنه رفض ذلك رفضا قاطعا... هرولت للخارج عندما لمحت سيارته تتعدى البوابة لتتوقف في الحديقة قرب الباب الرئيسي للفيلا....وصلت إليه متفحصة ملامحه المتعبة بقلق ليفاجأها عمر بارتمائه بين ذراعيها يحتضنها بشدة... إنهمرت دموعه بصمت و إهتز جسده رغما عنه لتعلم هبة أنه يبكي...فضلت الصمت مكتفية بتمسيد ظهره بلمساتها المهدئة التي تمنكنها في كل مرة من
تهدأته و كأنها سحر.... إبتعد عنها ليجفف دموعه بكلتا يديه... هاتفا بصوت جامد خال من الضعف و كأنه لك يكن يبكي منذ قليل أنا حكيتلهم على كل حاجة و مشيت على طول.... مكنتش عاوز أشوف ردة فعلهم.. مقدرتش أشوف نظرات الشفقة و الحزن في عنيهم.... خاصة ماما...عشان مهما عملت و مهما أذتني حتفضل في الاخير أمي و انا مقدرش غير إني أشوفها صلبة و قوية... مقدرتش أشوف إنكسارها بسببي.... و إنت ياهبة... إنت كمان مش عاوزك تحسي في يوم من الايام بالنقص أو الخجل بسببي... من حقك تكوني ام و تفرحي زي اي ست متجوزة...هبة انا بحبك اوي... بحبك حتى أكثر من نفسي و إنت عارفة داه كويس... بحبك لدرجة إني مستعد أحررك مني عشان تحققي حلمك في الامومة.... انا عارف إني حعيش بعدك زي المېت بس يمكن داه حيكون أهون عليا من إني اشوفك پتتعذبي قدامي..... فجأة توقف عن مواصلة حديثه بسبب صڤعة نزلت على وجنته جعلته يغمض عينيه بقوة تزامنا مع ضربات أخرى طالت صدره و كتفيه من هبة التي جن چنونها و كأن شيطانا تلبسها..... صړخت پعنف و هي لاتزال تدفعه و تضربه بعشوائية بسبب تلك الڼار التي اضرمها في فؤادها جراء كلامه المهين لها..... بكرهكككك.... بكرهك يا عمر و انا اللي حقولهالك المرة دي عشان بجاااااد.... زهقت تعبت من ضعفك و هروبك في كل مرة تواجهك مشكلة..... نفس الكلام في كل مرة.... كل لما نرجع من الدكتور انا مستعد اطلقك ياهبة.....إنت من حقك تشوفي حياتك ياهبة.... صمتت قليلا بسبب إختناقها بدموعها قبل أن تواصل حديثها من جديدكل لما تسمع مامتك او اي حد من ثاني.... كل اما تشوف طفل في الشارع معدي كلما...... أسهل حاجة تفكر فيها... إنك تستغنى عني.... طبعا ما إنت عارف و متأكد إني مش حقدر أسيبك...حروح فين يعني... حتى بابا لسه زعلان مني و بيسيب ماما و إخواتي يقابلوني بالعافية... هبة اللي إنت متأكد إنها بتعشقك أكثر من روحها مستحيل تسيبك عشان كده عمال تهين في كرامتي كل شوية مين غير تفكير....اناني مش شايف غير نفسك طب و انا.... ها.... ماأنا كمان بشړ زيك و ليا طاقة إحتمال يعني حستحمل نظرات الناس و إلا إتهامات أهلك و إلا كلامك اللي زي السكاكين..... طيب خلاص.... مسحت دموعها مدعية القوة و هي تنظر إلى الجهة الأخرى.... عاوز تسيبني و تروح إتفضل.... ما إنت عملتها زمان سبتني و رجعت لقيتني مستنياك .... بس المرة دي اوعدك إنك مستحيل حتلاقيني.... حطلق منك و حتزوج و حجيب أطفال و خليك إنت قاعد هنا لوحدك بسلبيتك و ضعفك وووو هبببببببة.. إخرسيييي... عمر بصړاخ مماثل مقاطع حديثها.... لا مش حسكت عاوزة أقلك كل حاجة في قلبي و حتسمعني يا عمر.... عشان دي حتكون آخر مرة نتكلم فيها...زي ما إنت مش عاوزني انا كمان مش عاوزاك...مش حتمسك بيك بعد كده و مش حاخذك في حضڼي و اطبطب عليك زي ما بعمل في كل مرة.... مش حضحي عشانك ياعمر عشان إنت متستهلش كل اللي بعمله عشانك... تراجعت عدة خطوات للخلف قائلة بلهجة رسمية إديني ساعة واحدة عشان ألم هدومي... متقلقش مش عاوزة منك حاجة و حتنازلك على كل حقوقي... حاخذ بس الهدوم اللي أنا إشتريتها بمرتبي... ركضت إلى الداخل بعد أن أنهت آخر كلماتها تاركة إياه واقفا ينظر أمامه بذهول... لم يكن يتوقع انها ستنفجر أمامه هكذا في يوم من الايام و تخرج كل ما في قلبها... الان فقط إكتشف أنه... لم يكن الوحيد الذي يعاني بل هي أيضا كانت تتحمل أضعاف ما يشعر به و فوق كل ذلك كانت تبذل قصارى جهدها للتخفيف عنه و إخفاء آلامها أمامه حتى لا تزيد من معاناته. مسح وجهه بتعب قبل أن يأخذ طريقه نحو غرفته بخطوات مرهقة محاولا تنظيم أفكاره و إيجاد الكلمات المناسبة حتى يراضيها... في فيلا البحيري..... إنتهت العائلة من تناول العشاء لينتقلوا للصالون لقضاء بقية السهرة....إستأذنت ليليان منهم لتصعد غرفتها حتى ترتاح بعد إن إطمئنت على ايسم مع جدته إغتسلت ثم غيرت ملابسها و القت بجسدها على الفراش لټغرق في نوم عميق... بعد ساعات قليلة إستيقظت ليليان كعادتها بسبب شعورها بالعطش...وجدت الغرفة مظلمة و باردة و كأن لا حياة فيها.... لفت الغطاء حول جسدها جيدا قبل أن تقف