رواية ندوب الهوي بقلم ندا حسن كاملة جميلة جدا
حقيبتها جوارها ورفعت نظرها إليه تهتف بنفس الابتسامة الكريهة
قهوة مظبوط
صاح جاد للنادل الذي كان من الأصل يقترب منهم فأشار عليها قائلا بجدية وهو يتحدث إليه
واحد قهوة مظبوط للمدام وواحد شاي
أومأ إليه النادل متمتما بابتسامة بشوشة هو الآخر بالتأكيد ثم رحل عنهم فأعاد جاد نظره إليها ليجدها تنظر إليه وعينيها مثبتة على عينيه الرمادية بعمق استغرب جاد منها كثيرا ثم حمحم بخشونة وهو يضع يده أعلى الطاولة قائلا
وضعت هي الأخرى يدها على الطاولة مقابلة له وهي تقترب إلى الأمام مبتسمة بطريقة جعلته يود الرحيل الآن بسببها وبسبب هذه الذنوب المحاطة به أردفت برقة ودلال
تؤ مش مستغربة
رفع جاد حاجبه الأيمن مستغربا شاعرا بالاستنكار الكلي منها سألها قائلا بنبرة رجولية خشنة
ومش مستغربة ليه
عادت إلى الخلف تستند إلى ظهر المقعد قائلة بهيام ونظرة نعسة غريبة
قضب جبينه أكثر وهو يدقق النظر بها هذه المرة فحديثها كله يجعله مدهوش أو يريد الاستفهام أكثر لأنها تتحدث بثقة
ايه الحاجة دي
لوت شفتيها ضاحكة وهي ترمش بعينيها بغرور قائلة
لاه قول أنت عايز ايه مش جايز اللي في دماغي يطلع غلط
كاد أن يتحدث ولكن أتى النادل يقف في المنتصف بينهم يضع فنجان القهوة أمامها وكوب الشاي أمامه ثم رحل بعد أن تركهم تابع النادل وهو يضعهم ويرحل ثم عاد بنظره قائلا بجدية شديدة ونبرة خشنة واضحة
ضيقت حاجبيها مقتربة للأمام وهي تمط شفتيها للأمام قائلة بحيرة
عايزة ايه إزاي يعني
أقترب إلى الأمام مقربا يديه من بعضها على الطاولة بطريقة تظهره قويا جادا إلى أبعد حد
يعني
عايزة ايه يا مدام كاميليا كون إن أنا اسعادك بطريقة إنسانية مايدكيش الحق تدخلي في حياتي مرة واحدة بالطريقة دي
رفعت فنجان القهوة إلى شفتيها ببرود تام وهي تستمع إلى حديثه الواضح والصريح للغاية والذي استرسل مكملا
لكن مرة واحدة تكلميني كتير وتيجي الورشة أكتر بحجج فارغة وتيجي لأبويا المستشفى والبيت.. بأمانة كتير دا طبعا غير كلامك اللي قولتيه قدام مراتي
بتحبها..
خرج السؤال منها بطريقة سريعة فور انتهائه من حديث لم يكن انتهى من الأساس بل كان سيكمل ولكنها عندما أتى على ذكر زوجته لم ترى نفسها إلا وهي تتسائل بهذه الطريقة الذي يظهر بها الحقد والغل..
أكيد بحبها.. إلا بحبها دي مراتي وأم ولادي في المستقبل ومن غير أي حاجه تبقى بنتي وأول حب في حياتي ويهمني راحتها وزعلها وبكلامك خليتيها تغير وتزعل وأنا مش هسمح بكده
بما إنك سألتني عايزة ايه أنا هقولك بس ياريت تكون حد متحضر ومتقوليش أهلي ومراتي والكلام الفارغ ده.. لأن أنا فعلا عايزة حاجه وأنت إحساسك صح
مقدمة
غريبة عن الأهل وزوجته ربما يخلفها أشياء لن تعجبه نظر إليها منتظر منها أن تكمل الذي بدأته وتقول ما الذي تريد رفعت الفنجان ترتشف منه القهوة ببرود وهي مصممة على أن تقول ما في داخلها دون خجل أو خوف
بصراحة كده أنت داخل مزاجي عاجبني يعني.. وشايفاك لايق عليا أكتر من مراتك بكتير أوي
اتسعت عينيه الرمادية وهو ينظر إلى تبجحها وعدم خۏفها أو خجلها من كونها تنطق بكلمات كهذه لرجل غريب عنها اعتدل في جلسته قائلا بذهول
أنت مچنونة.
بكامل البرود وعدم الخجل بكامل البشاعة التي على وجه الأرض تحدثت قائلة بعدم اكتراث لتفكيره
تؤ مش مچنونة ولا حاجه.. ايه يعني لما واحدة تطلب من واحد يتجوزها مفيش فرق بين الراجل والست وأنا بطلب منك تتجوزني ولو على مراتك ياسيدي مدام أنت عايزاها خليها على ذمتك ومتقلقش مش هكلفك حاجه أنا عندي بيتي
سيطر الذهول على ملامح جاد وكامل استغرابه قد محيا وأتى محله ذهول ودهشة.. استنكار ورفض تام لما تقوله شاعرا بغرابة شديدة كيف لها أن تقول ذلك وهو رجل متزوج وقد اعترف بعشق زوجته منذ دقائق كيف تقول هذا وهي إمرأة من المفترض أن يكون لديها حياء وخجل..
لحظة واحدة!.. أليست متزوجة. نعم إنها متزوجة من رجل اسمه عادل يعرفه هذه الأخبار لا تخفى على أحد ربما هذه المرأة تعاني من شيء في عقلها وتريد العلاج يالا السخرية لو علمت زوجته فقد حذرته وقالت أنها تشعر بشيء خاطئ وهو من استخف بها..
استمع إلى صوتها الذي مازال يخرج بدلال قائلة
سكت ليه. بتفكر في العرض
سألها دون مقدمات بقوة
مش أنت متجوزة..
ابتسمت ببرود وكأنها متأكدة من أن زوجها سيطلقها ولا تعلم ما الذي يدبره لها لكي تقع في فخه وصاحت تهتف
حاليا آه لكن متقلقش إحنا متفقين على الطلاق.. ولو عايز أطلق النهاردة يبقى حالا
كم أنها وقحة!. يا له من مغفل زوجها هذا!. كيف يتركها هكذا أهي لهذه الدرجة تظهر أمامه ملاك بريء لكي يعطيها كامل الثقة بهذه الطريقة ويتركها تخرب في حياة البشر..
أبعد جاد كوب الشاي من أمامه لكي يتحدث براحة أكثر ويجعلها ترى ملامحه وكل تعابير وجهه مع جسده فهذه لا يجوز معها إلا الحدة أردف بصوته الحاد وعينيه جادة للغاية تنظر إليها
أنت قولتي اللي عندك فاضل أنا أقول اللي عندي أنا مش عايز أشوف وشك تاني ليه لأن أنا تقريبا عندي حياء أكتر منك آه والله بأمانة.. وبخاف ربنا ولما هاجي أخون مراتي مش هبص لواحدة متجوزه وده مش هيحصل أبدا.. أنا متجوز وبحب مراتي أكتر من نفسي وحطي تحت بحبها مليون خط ومش مستعد أخسرها علشان خاطر واحدة زيك
توحشت نظرتها ناحيته بعد هذا الحديث المهين لها وكأنها لم تهين نفسها منذ دقائق بسبب حديثها الذي اردفته دون خجل أبصرته بطريقة حادة متوحشة بعد أن هانها بشدة وصاحت بصوت عال نسبيا
أنت إزاي تتجرأ وتتكلم معايا بالأسلوب ده
ابتسم
بسخرية وتهكم رافعا حاجبيه بقوة يهتف باستفزاز
زي ما أنت اتجراتي واتكلمتي معايا بالأسلوب الرخيص ده
وضعت يدها ټضرب على الطاولة بقوة حتى أن ما عليها قد اهتز معها وصاحت پغضب وغل ظهر داخلها بعد اعترافه بأنه لن يترك زوجته لأجلها
أنا أتكلم زي ما أنا عايزة.. أنا كاميليا عبد السلام أعمل
منك.....
كانت ستكمل الإهانة له وتسبه كما فهم ولكنه قاطعها بقوة وحدة افزعتها وجعلتها تبتلع باقي حديثها داخل جوفها ليتحدث هو وهو يقف على قدميه أمامها قائلا پغضب وحدة شديدة
جاد الله أبو الدهب مافيش زيه ولا هيتعمل زيه.. ابلعي ريقك وشوفي أنت بتقولي ايه الأول علشان متحطيش نفسك في الغلط.. الرجالة مش بتتعمل على ايد واحدة زيك.. واحدة شمال ولامؤاخذه
أكمل ببرود وهو يبصرها بطريقة فظة وكأنه يتقزز منها
أظن كلامي وصل.. مش عايز أشوف وشك تاني
أخرج من جيب بنطاله عملة ورقية ثم ألقاها على الطاولة تحت نظراتها الغاضبة ورحل من أمامها بعد أن ألقى هو عليها نظرة ساخرة غاضبة بعد أن أخرج جاد العڼيف الذي بداخله عليها وهي كانت أول واحدة يتحدث معها بهذه الطريقة المهينة الغريبة عليه.. لم يتعود لسانه ولا نظراته وحركات جسده على هذا لأنه لم يقابل مرأة بهذا التبجح والغرور لذا كان عليه حقا أن يخرج هذه الشخصية العڼيفة القابعة بداخله عليها لتقف عند حدها مبتعدة عنه فهي كانت على وشك تخريب حياته لولا أنه حاول أن يبقى الأمر جيدا بينه وبين زوجته إلى حين..
لقد كانت هدير على حق وكان شعورها بمحله في هذه المرأة قالت أنها لن تأتي عليهم بالخير وقد حدث وقالت أنها تريد منه هو بالتحديد شيء وسيكون خاطئ وقد كان كل ما قالته كان صحيح وخۏفها كان له داعي وشعورها بالغيرة كانت محقة به لأنها رأته بيعينها وشعرت هل كانت خائڤة من أن يقع بفخها ويتركها.. أنها غبية من المؤكد هو لن يفعل ذلك ولو كان
السيف على رقبه وهذا ما ينجيه فهي الأولى والأخيرة وكل شيء بحياته لن يتخلي عنها مهما حدث لو علمت ما الذي حدث من كاميليا لن يمر الأمر بسلام حقا وستكون الجاني والمجني عليه وسيقع على رؤوسهم متاعب لا يريدها بل هو عليه أن يصلح... لذا لن يقول أي شيء..
أبصرته بنظرات غاضبة تشتعل نيران وحقد غير عادي بالمرة وهي تراه يرحل بعد أن وقع عليها كل هذه الإهانة برفضه لها والحديث عنها بهذه الطريقة وتفضيل زوجته عليها.. أهانها بطريقة بشعة لن تتحملها وستردها إليه بفعل وليس قول واحد تلو الأخر لتجعله يعلم من هي كاميليا عبد السلام وما الذي تستطيع فعله به وكيف ستخلق رجال منه وأفضل بكثير وكيف هو سيعود راكعا لتسامحه مطالبا التوقف عما تفعله به وبحياته الجميلة هذه الذي يتباهى بها ويرى أنها الأفضل من كونه معها.. عليه أن يرى من هي عن حق وستمحي ذلك الوجه الذي رآه من قبل ليكون التغير قابل للتفاوض..
في المساء
بعدما حدث بين جاد وزوجته أمام الجميع وفي حضور مرض والده شعروا بالحزن الشديد جميعهم دون استثناء لأن جاد ابنهم من أهم صفاته غير كل ما عرف به أنه حكيم عادل وهادئ لم يعتقدوا أنه سيعالج أي أمر بينه وبين زوجته بهذه الطريقة وقد شعروا بالغرابة أيضا من موقف زوجته أمامهم ربما تكن معها حق أو كامل الحق لشكها مما حدث فهم نفسهم قد شعروا بالذهول من هذه المرأة وحديثها مع جاد ولكن لم يتوقعوا أن تقف قبالته هكذا ترد عليه الحرف بالحرف والكلمة بالكلمة وربما أكثر قليلا..
بعد أن تحسن رشوان وقد حدث هذا في يوم وليلة لأنه لم يكن مريض بشيء خطېر فكر شقيقه عطوة وزوجته سعيدة باستدعاء العائلة بأكملها في منزلهم لتناول العشاء والجلوس في جو أسري هادئ قليلا ليحسنوا من مزاج الجميع المتوتر..
صعدت إلى الأعلى والدة جاد وزوجها منذ وقت طويل لتساعد والدة سمير في تحضير العشاء وقد جلس زوجها مع شقيقه في شرفة الشقة يتمتعون ببعض نسائم الهواء لحظة غروب الشمس..
ومنذ وقت قليل أتى سمير ومعه زوجته والسعادة تنبعث من النظر في وجوههم لحظات من بعدهم وصعدت هدير
وحدها دون جاد الذي قال لها سيأتي خلفها لأنه بيده عمل سيأخذ دقائق قليلة..
دلف رشوان