رواية شيخ في محراب قلبي (كاملة حتى آخر الفصل الاخير) بقلم رحمة نبيل
زعلك اتكملي طيب ريحي قلبي
كانت فاطمة تتحدث من بين شهقاتها العڼيفة بكلمات غير مفهومة ابدا ليبعدها عنه قليلا وهو ينظر لعينها
مش سامع يا فاطمة خدي نفس يا قلبي وقولي براحة حد زعلك أو عملك حاجة هنا قوليلي وانا والله اعملك مشكلة مع البيت كله واخدك معايا بس متعيطيش
هزت فاطمة رأسها برفض وهي تشعر أنها على وشك الدخول لتلك الحالة اللعېنة وايضا تمتمت بنفس الكلمات الغير مفهومه ليقرب زكريا أذنه منها هامسا بحنان وهو يربت على ظهرها
رفعت فاطمة عينها له وهي تبكي پعنف تقول
بقولك انا مش بنت بنوت يا زكريا
تجمدت يد زكريا على ظهر فاطمة من الخلف وقد شحبت ملامحه بشدة ينظر لعينها يبحث عن أي شيء قد يدل أنها تكذب عليه أو لربما تحاول إنهاء الزواج بهذه الطريقة لكن عينها أخبرته أن كل ما تفوهت به كان حقيقة ابتعد زكريا قليلا عن فاطمة ويده ترتجف بشدة من هول تلك الصدمة التي لم يتوقعها يوما متحدثا باهتزاز وهناك بسمة صغيرة تجاهد للارتسام على وجهه
كان رجاء أكثر منه سؤال وكأنه يرجوها أن تصدقه القول ليأتي له السهم الثاني وهي تهز رأسها بلا ثم تحدثت بنبرة خاوية مېتة وسخرية قطعته قبل أن تقطعها هي
سقطت دموع زكريا پعنف لما سمعه منذ قليل وشعر فجأة وكأن جسده قد أصابه شلل لم يقدر على تحريك اصبع حتى نظر في ملامح وجهها وهو يترجاها أن تضحك تظهر أي شيء يخبره أنها كانت تخدعه أو تختبره ربما
قدمها وكأنه سينهض لينقض عليها غاسلا عاره بيده
ابتلع زكريا ريقه بصعوبة شديدة فقد كان وكأنه يبتلع سكاكين حادة
تعرفي اللي عملك كده
سؤاله بهذه الطريقة الهادئة صدم فاطمة وبشدة فقد توقعت أن أول رد فعل له هو أن ينهض ويثور ويكسر كل ما يقابله في المكان صارخا بها أنها لم تحافظ على نفسها وأنه لربما تحمل هي أيضا جزء من هذا الذنب كما اخبرها البعض لكن أن يسأل عن الفاعل أو يبحث عن المچرم الحقيقي بدلا من رميها هي بالتهمة جعلها ترفع رأسها ببطء من بين قدمها ومازالت دموعها لم تجف بعد بل كانت تتجدد بكل سخاء
ومجددا نفس السؤال وهذه المرة بإصرار ونبرة ڠضب قد بدأت تلون حديث زكريا لتبتسم هي بسخرية شديدة تهز رأسها دلالة معرفتها بهم
اي واحد فيهم
لم يبدو أن زكريا فهم حديثها أو أن عقله لم يستوعب تلك الفكرة في الأساس لتعيد هي سؤالها بصيغة أخرى
اصلهم كانوا اتنين فانت قصدك اي واحد فيهم
طلقني واخلص من العاړ
وكأنها سمعت سؤاله لنفسه لتجيبه تلك الإجابة الغبية رفع زكريا
عيونه التي احمرت من البكاء والڠضب لا يفهم حديثها وكأنها تحدثت بغير لغة لتعيد هي حديثها الذي سمعته مرارا وتكرارا
واه لو تدرك تلك الغبية ما سببته به وبقلبه لينهض سريعا جاذبا إياها من اخر الأريكة بعنفه ذارعا اياها بين أحضانه بشدة وكأنه يرغب في ذرعها داخل قلبه هامسا لها بۏجع شديد
وهو الشرقي اللي يتخلي عن نصه التاني ولا الشرقي اللي يرمي مراته عند أول مشكلة بقينا نستخدم اللفظ ده كتير بطريقة غلط خليني
اقلك يا فاطمة
صمت ثم هامسا بنبرة ظهرت لها حنونة لكن اه لو تعلم كم النيران التي تكمن داخلها ولن تنطفئ سوى بالقصاص ممن فعل هذا بزوجته
قد يكون العقل شرقي لكن القلب والله عاشق
صمتت وصمت هو فأي حديث قد يقال في هكذا موقف ذرفت دموع كثيرة لكن وهل تشفع لها تلك الدموع
ابتسم هادي بۏجع وهو يقترب منها يتساءل مشيرا لنفسه باستنكار
قليتي من قمتي وطلعتيني إني واحد ابن وبجبر بنت عمي على الجواز مني رغم اني انا اساسا مكنتش حابب كده
بكت بثينة أكثر تحاول الحديث لربما استطاعت الدفاع عن نفسها لكن هادي قاطعها وهو ېصرخ مذكرا إياها بذلك اليوم الذي تجلد نفسها كل ثانية لما فعلته فيه
قعدت معاك وكلمتك قولتلك على الوصية وسألتك يا بثينة عندك مانع يا بثينة عندك اي اعتراض وأنت سكني وقتها وانا فسرته إنه كسوف منك وعمري ما كنت اتخيل اللي عملتيه يومها
صمت يتنفس پعنف شديد يتذكر ذلك اليوم جيدا حينما أتى المأذون لعقد قرانه على بثينة وحضر معه أصدقائه وبعض الجيران لحضور العقد لكن وقتها فعلت بثينة ما احط من قدره أمام الجميع
كلمتي خالك يجي جري من البلد عشان يلحقك من ابن عمك الۏحش اللي عايز يتجوزك ڠصب وخالك يسكت لا ازاي جه قدام الكل هنا وقعد يشتم فيا ويزعق ويقولي هو عشان ابوها ماټ هتستقوي نفسك وتشوف نفسك عليها لا فوق انا لسه عايش
سقطت دموع هادي وهو يشير لنفسه
انا بستقوى عليك انا عمري جيت عليك يا بثينة حتى بعد اللي عملتيه يومها ونزلتي من صورتي قدام الكل وطلعت ژبالة قدامهم اني بجبرك على الجواز وخالك الهمام جه انقذك رغم كل ده عذرتك وقولت لسه بنت صغيرة ومش ذنبها اللي خالها قاله وسكت وعاملتك بما يرضي الله
صمت قليلا ثم صاح پقهر شديد
ده أنت اول واحدة يا شيخة اقولها اني بحب شيماء واعتبرتك وقتها اختي تعملي كل ده فيا شوهتي صورتي قدام الكل بأني مدمن وسكت طلعتيني واطي بجبر بنت عمي على الجواز وسكت لكن توصل للأعمال والسحر
توقف عن حديثه وهو يصفعها پعنف وقد أضحت عيناه حمراء بشدة صارخا في وجهها
ده انا اقټلك يا بثينة سامعة أنت مدركة أنت عملتي ايه ولا غلك وحقدك عماك
بكت بثينة پعنف وهي تضع يدها على خدها بۏجع شديد من صفاته
يا هادي والله عملت كل ده عشان بحب
اسكتي تعرفي تسكتي بتحبي مين بتحبيني انا الكحيان اللي مش عنده عربية ولا فلوس في البنك مش ده كلامك ليا بعد ما خالك مشي يوم كتب الكتاب وأنك مكنتيش حابة ترتبطي بيا لاني مش طموحك
صمت ثم قال بعدها ببسمة ساخرة
ولا لما لقتيني بروح لغيرك احلويت في عينك اصل ده مش حب ابدا أن الحاجة تكون معاك ومتبصيش ليها ولما تلاقي غيرك اخدها تفضلي تدبدي برجلك وتقولي لا دي بتاعتي انا ده مش حب ابدا يا بثينة انت عارفة ده اسمه ايه
صمت يراقب ملامحها الشاحبة وقد عراها أمام نفسها
ده اسمه مرض نفسي أنت مريضة يا بثينة والمفروض تتعالجي وانا عندي اللي يعالجك
رفعت بثينة عينها الحائرة له لا تفهم حديثه لتجده يقول بكل قسۏة
فرانسو كلمني عشان اسرع الجواز وانا رفضت وقولتله مش انا اللي ارمي لحمي بالسهولة دي ولازم كل حاجة تمشي براحة عشان تاخدوا على بعض وتعرفوا بعض بس خلاص أنت جبتي أخرك معايا يابنت عمي وانا هعمل باصلي وأكمل للآخر واسلمك لعريسك و وقتها انسي إنك كنت تعرفيني في يوم يا بثينة لاني هنساك
صمت وهو يرى ملامحها المڤزوعة لما قال ثم نظر لمروة وهو يتحدث بجدية كبيرة
ومتقلقيش على والدتك هي امي وهاخد بالي منها لان ملهاش ذنب في مرض بنتها ولا عمايلها وهاخدها تعيش مع امي وهاخد بالي منهم واظن كده عداني العيب
أنهى حديثه ثم تحرك صوب الباب لكنه توقف فجأة وهو يقول دون أن يستدير
اه صحيح مټخافيش محدش هيعرف بقذارتك دي غيرنا احنا لان مش انا اللي افضح حد حتى لو كان عدوي وكمان لأن شيماء متستحقش تتصدم بالشكل ده في صديقة عمرها
أنهى هادي حديثه وهو يتحرك بسعة كبيرة جهة الباب ثم اغلقه پعنف شديد خلفه جاعلا مروة تنتفض بفزع ثم رمقت ابنتها بغير تصديق لما سمعته منذ قليل لكنها لم تفعل شيء سوى أن رمتها بنظرة قطعت بثينة ثم تحركت صوب غرفتها تستغفر ربها تبكي حالها وتفكر فيما قصرت لتبتلى بابنة كتلك
بينما بثينة كانت ترى عالمها ينهار أمام عينيها لا تصدق
ما حدث منذ ثواني وكأنها في كابوس كل شيء تدمر كل شيء
قد يكون العقل شرقي لكن القلب والله عاشق
تلك الجملة لو يعلم زكريا وقعها على قلب فاطمة لاشفق عليها مما سببه لها شعرت فاطمة بجسدها كله يرتجف بين ذراعي زكريا بعد سماعها لكلماته لا تصدق ما سمعته للتو
الن يرمقها بنظرات مشمئزة أو يرميها بكلمات كالسهام كما فعل الجميع أو حتى يشفق عليها كما البعض وللعجب وجدته يتسائل عن المجرمين الحقيقين رافعا عنها ذلك اللقب البغيض
ابتلعت فاطمة ريقها وهي ماتزال تسكن أحضانه تهمس بصوت منخفض جدا يرفض عقلها التصديق بوجود شخص كهذا في العالم
دي مثالية ولا ادعاء للمثالية
ابتسم زكريا بۏجع شديد لما وصلت إليه أبعدها زكريا عنه قليلا ثم تحدث ببسمته الحنونة التي اعتادت فاطمة مشاهدته بها بعد أن كان التقطيب عنوان ملامحه
تعرفي يا فاطمة ايه مشكلة المجتمع اللي احنا فيه
صمتت فاطمة ولم تجب سوى بإماءة رافضة ليكمل زكريا وهو يتنهد
إن من كتر ما المجاري طافحة فيه وريحة الصرف الصحي ملياه بقينا نستغرب ريحة المسک ونقول عليها معجزة
انكمشت ملامح فاطمة بعدم فهم لحديثه ويبدو أن مغزى حديث زكريا لم يصل لها ضحك زكريا بخفوت ثم جذبها لاحضانه مجددا وتحدث وكأنه يشرح لأحد التلاميذ عنه
يعني من كتر ما بقى الكل بيتصرف تصرفات لا تمت للدين بصلة بقينا نتصدم من اللي بيتصرف تصرفات عادية
صمت ثم أكمل
يعني اللي أنت بتقولي عليه مثالية ده اساسا تصرف طبيعي المفروض كان يحصل لكن لأنه أضحى نادر
في المجتمع بقينا نشوفه تصرف خارق للطبيعة
الآن فهمت فاطمة ما يقصده لكن ورغم ذلك لم تتغير ملامحها بمقدار أنملة ليبعدها زكريا جاعلا إياها تجلس على الأريكة ثم جلس جوارها وصمت طال الصمت بين الاثنين حتى كادت فاطمة تظن أنه دخل في صدمة متأخرة قليلا لذا نظرت بطرف عينها جهته لوحده شارد بشكل مخيف ثم تحدث بهدوء شديد وتردد
هو أنت يعني قصدي
صمت لا يعلم كيف يخبرها بالأمر زفر بضيق شديد وهو يدفن وجهه بين يديه مهما ادعى أن الأمر لم يؤثر في رأيه لكنه بالفعل اثر في قلبه يشعر بطعنات متتالية توجه لصدره لا يعلم ماذا يفعل يود سؤالها عن من فعل ذلك يود معرفة ما حدث معها بالتفصيل