رواية خطايا بريئة(الفصل الثاني والثلاثين إلى الرابع والثلاثين) بقلم ميرا كريم
مشترياتهم وسارو لمدخل البناية حين تسمر شريف في الأرض وعينه شخصت بعيد لتدفعه رهف برفق
حبيبي يلا مالك
اجابها الصغير بحيرة
هااا أصل...
مالك يا حبيبي اتكلم
نفى الصغير برأسه وركض للداخل يلحق مربيته وشقيقته استغربت رهف من فعلته وجالت بعيناها محيط المكان ولكن لم تجد شيء يثير الريبة لذلك لم تعطي اهمية للأمر ودلفت للداخل وما أن وصلت لشقتها ساعدوها في ضب الأشياء ثم بدلوا ملابسهم وها هي تدثر اطفالها بأحضانها تحاول جاهدة أن تستسلم للنوم دون ان تسمح لذكرياتهم المؤلمة أن ټقتحم عقلها ككل يوم وتورق مضجها فبرغم ذلك الصمود الذي نراها عليه بعد نكبتها إلا أن بداخلها هشيم يصعب ترميمه فرفات الذكريات الأليمة مازالت تطاردها وكأن ذلك الچرح الغائر بقلبها يرفض الالتئام انتشلها من أعاصير افكارها صوت صغيرها هامسا
هااا اه يا حبيبي منمتش ليه !
اجابها الصغير وهو يعتدل بنومته ويتنهد بقوة
مامي انا بيتهيألي شوفت بابي واقف قدام البيت عند الشجرة
زفرت رهف بقوة ونفت برأسها لاتصدق حديث الصغير فمن المستحيل أن يأتي إلى هنا ويتوارى عن انظارهم ف حسن التي تعرفه متبجح و أطفاله هم أخر همه ولديه أولويات أخرى غارق بها مع تلك الخبيثة المتلاعبة لذلك هدرت بنبرة ساخرة وهي تربت على خصلات الصغير
صح يا حبيبي اكيد بيتهيئلك بابي مسافر
هز الصغير رأسه واخبرها بحيرة
ممكن يكون بيتهيألي فعلا بس...
قطع الصغير حديثه ونكس رأسه خوفا أن يحزن والدته لتحسه رهف على الاستئناف
تلعثم الصغير قائلا
انا عارف انه هو أخر مرة كان مزعلني ومزعلك بس وحشني ونفسي اشوفه
طعڼة سکين بصدرها شعرت بها فور حديث صغيرها جددت ألمها وكأن كان ينقصها فنعم تلك الحقيقة التي لامفر منها فرغم كافة افعاله المشينة لا تغير كونه والد ابنائها ارتعش فمها وحاولت الثبات قائلة دون أن تسمح لعقلها أن يذكرها بكم الخذلان الذي اغدقها به في كنفه
أول ما يرجع اكيد هيجي يشوفكم
هنا قالت شيري بنبرة ناعسة للغاية بعدما استيقظت على همسهم
هيجي ازاي انت قولتيله متجيش هنا تاني يا مامي
اغمضت رهف عيناها وذكرى ذلك اليوم تمر أمام عيناها كأنها اليوم وليست من ثلاث شهور منصرمة ثم قالت بصمود تحاول التحلي به كلما تذكرته
هز شريف رأسه وقال بفطنة
انا عارف يا مامي أنكم سبتوا بعض وعلشان كده انت مبقتيش ټعيطي وانا مش عايزك تزعلي تاني ولا عايز نرجع هناك علشان كان بيزعقلك و مش بيرضى يخرجنا وعلطول عنده شغل... بس هو بابي ومعنديش بابي غيره وبحبه
وانا كمان ...
قالتها شيري لتشارك شقيقها الرأي
بينما هي قاومت وقاومت ولكن دون قصد ولوهلة من الزمن تنحى صمودها و فرت دمعاتها تفضح هشاشتها...
قالها فاضل پحده مبالغ بها تنم عن ڠضب عظيم حين دلفت هي من باب القصر...لتهرول إليه قائلة بلهفة وهي تحتضنه
بابي أنت رجعت من السفر امتى وحشتني اوي
أخرجها من بين يديه وهدر بجمود غريب
رجعت من شوية و ملقتكيش كنت فين
أجابته هي ببسمة هادئة
النهاردة كان عيد ميلاد نادين صاحبتي وكنت عندها
هز رأسه وتساءل پحده
عايز اعرف...ازاي بتمدي ايدك على دعاء بغيابي هو للدرجة دي أنا معرفتش اربيك
توسعت عين ميرالوتعالت وتيرة انفاسها حين أدركت أن دعاء حاكت الأمر لصالحها وأثرت عليه كعادتها لذلك حاولت التبرير
بابي هي اللي استفزتني واتكلمت عن أمي...وكمان اتدخلت في حياتي و......
قاطعها فاضل وهو يزجرها بنظراته قائلا بإنحياز لطالما كان بغير محله
هي هنا مكاني وعايزة مصلحتك
غامت عيناها من شدة خذلانها ولكنها تعودت منه على ذلك ومع ذلك دافعت عن ذاتها قائلة
بس أنا معملتش حاجة غلط يا بابي هي اللي....
قاطعها من جديد پحده وهو تحت تأثير ذلك السم التي ملئت به تلك الصفراء رأسه
ولما تهينيها وتتهميها وتهدديها علشان خاطر واحد كان شغال عندنا ده اسمه ايه
أنا متأكدة أن مراتك هي اللي بعتت بلطجية ضړبوه وكسروا العربية علشان يبعد عني.
ضيق فاضل عينه وتساءل بريبة
يبعد عنك...هو ايه اللي يربط بينك وبينه اصلا
هنا تدخلت دعاء ببسمة
متخابثة وقالت بتهكم وهي تتدلى الدرج تحت نظراتهم
قوليله يا ميرال من حق باباك يعرف ايه اللي بينك وبينه...
نظر لها ابيها بترقب أجابتها بينما هي زاغت نظراتها بينهم بشيء من الأرتباك تغلبت عليه سريعا واجابته برأس مرفوعة
انا ومحمد بنحب بعض
صړخ ابيها مستنكرا
افندم بنتي أنا تحب سواق...
دافعت ميرال
بابي الشغل مش عيب وبعدين هو مؤدب ومحترم وعنده طموح هو اشتغل محاسب في شركة كبيرة وشاطر في شغله وليه مستقبل
انا مش مصدق أنت اكيد اټجننت...
أكدت بثقة
لأ انا اول مرة اكون واثقة من اختياراتي انا بحبه ومش فارق معايا أي حاجة
ليعترض فاضل بنبرة منفعلة للغاية
انت مش مدركة اكيد عواقب اللي بتقوليه!
لتستمر هي على دفاعها
يا بابي افهمني ارجوك الشغل مش عيب والفقر كمان مش عيب أنت راجل عصامي وكنت في يوم من الأيام عندك طموح زيه
تأففت دعاء بسخط
انت ازاي تقارني باباك بالجربوع ده...وبعدين أنت عايزة تخلي ڤضيحتنا على كل لسان...
هاجمتها ميرال بشراسة
اظن انت اخر حد ممكن يتكلم يا دعاء ومتنسيش أنت كنت ايه قبل ما بابي يتجوزك
زمجرت دعاء بغيظ
قصدك ايه أنت بتعايريني يا ميرال
افهمي زي ما تفهمي انا مش فارق معايا المهم عندي انك متتدخليش في حياتي وخليك متأكدة أن حقه هيرجعله واللي عملتيه مش هيعدي
صړخت دعاء تحرضه عليها
سامع يا فاضل بنتك بتتهمني و بتهددني تاني وانت واقف تتفرج
نظر لها نظرة عميقة مشككة استقبلتها هي بنظراتها الخادعة حين تساءل
انت عملتي كده فعلا
أصرت على موقفها قائلة ببراءة ليست ابدا من شيمها
لأ...
لتصيح ميرال تكذبها
كدابه...كدابه متصدقهاش يا بابي
انا مش كدابه ومفيش دليل واحد ضدي واظن عيب أوي لما تشكي فيا أنا...علشان حتة سواق جربوع طمعان فيك و عملك غسيل مخ
محمد مش جربوع ومش طمعان فيا ولو في حد الطمع عامي عينه فهو أنت...
شايف بنتك بتتهمني بأيه...أتكلم يا فاضل و وقفها عند حدها... انت وعدتني هترجعلي حقي وتردلي اعتباري اتصرف
هز فاضل رأسه متأثرا بحديثها وقال بانحياز مغيظ
هي كلمة واحدة مش هكررها...الولد ده تبعدي عنه نهائي وتقطعي كل صلة ليك بيه
واتفضلي اعتذري ل دعاء
نفت برأسها وبالسخرية جاء قوله الأخير بمثابة الشرارة التي أشعلت أتون الڼار بداخلها لتثور ثورتها قائلة بإصرار وبتمرد استشفه ابيها بنبرتها بكل وضوح
مش هعتذر لحد والقلم اللي خدته هي تستحقه...
ومش هبعد عن محمد أنا بحبه وأنت بتطلب مني المستحيل...
قاطعها پحده
اخرسي خالص واياك اسمعك تقولي كلام من ده مرة تانية واتفضلي اطلعي على اوضتك ومن بكرة مفيش خروج وكل خطوة هتخطيها هتبقى بحساب
نظرة شامتة لمعت بعين دعاء حين دفع ميرال أمرا إياها من جديد
اتفضلي ولازم تعرفي أن ده قرار قطعي مفيش فيه مجادلة...
أنا بنتك ولازم تسمعني وتفهمني
لم يعير ابيها رجاءها أي اهمية بل كان فكرة واحدة هي ما تسيطر عليه وبثتها دعاء بعقله بكل براعة أن ابنته ستتركه كما فعلت أمها وتفضل عليه رجل أخر....لذلك ثارت ثائرته حين دفعها دفع لغرفتها وقام بحپسها تحت مضضها واعتراضها ومحاولاتها الشتى بالدفاع عن مالك قلبها وعن حبها له... فكان يظن أنه فعل الصواب كي يحافظ عليها ويؤد ذلك التمرد الذي لطالما كان يخشاه منها وتخوفا أن تفعل كما فعلت والدتها في الماضي.
استيقظت في الصباح الباكر على مكالمة هاتفية من المحامي يخبرها بحضوره اليوم لأمر هام...حقا لم تعير الأمر أهمية ولكن وجدت من الضروري اخبار ثريا بالأمر وبالفعل نهضت من فراشها و بدلت ملابسها وسارت في طريق غرفتها وإن كادت تطرق على بابها استمعت لتوسل ثريا المخټنق بعبراتها وهي تتحدث بالهاتف
علشان خاطر ربنا كفاية كده وارجع يا ابني قلبي مبقاش مستحمل
تيبس كامل جسدها وبرقت عيناها عندما ايقنت انها تحدثه وكادت تندفع للداخل لولآ حديث ثريا الباكي وتوسلها المستميت
عارفة انها غلطت بس ندمت ومن حقها تسمعها وتخليها تدافع عن نفسها هي مظلومة و...
...............
يعني ايه ما مبقاش يهمك...دي مراتك
.....................
يعني ايه بتتصل تطمن عليا بس انت فاكر كده بتعمل اللي عليك أنت جبت القسۏة دي منين أنا مش راضية عنك وقسم ب الله لو ما رجعت وعقلت هنسى أن ليا ابن اسمه يامن
...............
مش هفهم ولا هسمع واللي عندي قولته....
وهنا قررت الأنسحاب ودمعاتها تفر تسبق خطواتها فلم تشعر بذاتها إلا وهي تسحب مفاتيح سيارتها وتغادر المنزل راغبة في أن تنفث عن حزنها بعيدا عن اجواء ذلك المنزل المحاط بعبق خذلانه لها فحتى هوائه كان مغبر بالذكريات ويطبق على انفاسها .
أما عن ثريا كانت غافلة تماما انها استمعت لها وحين اغلقت الخط مع ولدها كانت دمعاتها تفر دون هوادة فقد اصابها اليأس الشديد حين لم يستطيع من بعثته ليبحث عنه أن يستدل عليه ويعيده لها لا والأنكى انه حين يهاتفها يامن ذاته لا يريحها ولم يرضى اخبارها بمكانه فقط يطمئن على صحتها وإن تطرقت لسيرة نادين يجن جنونه ويرفض التحدث عنها وحقا الأمر ېقتلها فهي عاجزة ولاتستطيع فعل شيء حتى انها لم تخبر نادين بأتصالاته المخيبة للآمال خوفا
على مشاعرها ولذلك كان ليس بيدها شيء سوى أن تدعوا الله أن ينزع الغمام عن بصيرته ويرأف بحال تلك المسكينة التي لاحول لها ولاقوة.
كفكفت دمعاتها واستعادت ذاتها وتناولت هاتفها من جديد كي ټوفي بذلك الوعد لابن شقيقتها وهاهي تطلب رقم رهف قائلة ما ان ردت عليها
ازيك يا بنتي
ماما ثريا وحشتيني اخبارك ايه
وانت كمان يا بنتي ربنا يعلم معلش اعذريني
لأ يا ماما انا عذراكي وعارفة اللي عندك انا كمان مقصرة معاك
حقك عليا والله الشغل والولاد مخليني مش مركزة في حاجة...المهم طمنيني عليك وعلى صحتك
ألف حمد وشكر لله يا بنتي أنت اخبارك ايه وشيري وشريف عاملين ايه
تمام الحمد لله كلنا كويسين...
صمتتثريا بعدها لهنيهة مترددة لتشجعها رهف
خير يا ماما...سكتي ليه!
تحمحت ثريابحرج ثم قالت
حسن عايز يشوف ولاده يا رهف ولسة عنده أمل انك تسامحيه وترضي ترجعيله
غاب رد رهف حتى ظنت ثريا انها اغلقت ولكن صوتها المبطن بالحزن وصلها اخيرا
الولاد اصلا بيسألوا عليه وانا عمالة اقولهم أعذار واتحجج انه مسافر...
تنهدت ثريا واستفاضت قائلة
هو ملهوش عين يجيلك أو يكلمك ومكسوف من عمايله وبيقول انه ندم ونفسه ترجعيله وتديله فرصة تانية
حانت منها بسمة مټألمة وصل أنينها لثريا حين عقبت هي
فرصة تانية...أزاي يا ماما بس بعد كل اللي حصل
علشان خاطر ولادك يا بنتي افتكريله حاجة حلوة تخليك تبقي عليه
استفاضت رهف بإقتناع تام وبقناعات رسخت داخلها بعد نكبتها
هو استنفذ كل الفرص وهدم كل اللي ليه جوايا...اللي بتقوليه صعب...وإذا