الجمعة 22 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثاني والثلاثين إلى الرابع والثلاثين) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 3 من 10 صفحات

موقع أيام نيوز

كان على الولاد صدقيني نفسيتهم افضل بكتير ...حياتنا بقت هادية من غير خناقات أو زعيق و مفهاش توتر أو اعباء أنا مش أول أم تربي ولادها لوحدها وبعدين ولادي اخدين على غيابه وطول عمري بسد في نواقصه قدامهم ....ورغم ده مش هقولك إني اتعافيت منه بالكامل لأ بس هقولك أنا هعافر لأخر نفس فيا علشان خاطر ولادي وهعمل علشانهم أي حاجة إلا إني ارجع لواحد عمره ما قدرني ولا احترمني... أنا لو فكرت ارجعله يا ماما هكره نفسي ومش هحترمها
بس هو طبعه مش خاېن يا بنتي دي كانت نزوه وهو نفسه اعترف بكده وقال أنه ندم و طلقها
المبادئ مبتتجزأش يا ماما ومينفعش نبرر الخېانة بمصطلح تاني علشان نجملها...حسن عمره ما هيشوف نفسه غلطان هو كسرني و اتهمني بالنقص و برر أن ده حقه وشرع ربنا...واكبر دليل على ده أنه لما طلقها فاكر اني ممكن اسامح وأرجع وكأن جوازه منها الحاجة الوحيدة اللي كسرتني...و اتغاضى عن كونه حد مؤذي ناقم وعشرته مش مريحة...
لا حول ولا قوة إلا بالله والله ما عارفة اقولك ايه يا بنتي
متقوليش يا ماما ثريا ولو سمحتي بلاش تفتحي معايا الموضوع ده وإذا كان على الولاد انا لا يمكن امنعهم عنه دول ولاده وللأسف دي الحاجة الوحيدة اللي مش هعرف اغيرها ولازم اتعايش معاها
ماشي يا بنتي هكلمه وهتفق معاه تجيبي الولاد يشوفهم هنا بدل ما يجيلك ويحصل مشاكل تاني او انا اجيلك ويشوفهم في وجودي
اللي تشوفيه يا ماما انا موافقة عليه...
خلي بالك من نفسك ومن الولاد
حاضر
لتغلق معها رهف وتتنهد تنهيدة عميقة من صميم حطامها وتدعو أن تظل على صمودها ف والله لو كان يوجد سبيل لتتقبل عشرته من جديد ما كانت ترددت من أجلهم ولكن كيف وهو استنفذ كافة الفرص واستنفذ طاقتها على الأخير فحتى لم تسلم الذكريات منه فكلما تذكرته تذكرت أفعاله التي سلبتها آدميتها وكرامتها ويكفي انها لم تكن يوم ضعيفة أو منكسرة إلا معه هو من اعدمها الثقة بذاتها ولغى شخصيتها ولكن الأن حقا تحمد الله كونها استعادت ذاتها من جديد واستعادت تلك الشخصية التي كانت تتوارى من أجله وتتنازل وتتهاون دون حساب في سبيل ارضائه والمحافظة على بيتها مثل كثيرا من النساء امثالها الذي زرعوا الأهل بعقولهم تلك الأفكار العرفية الشائعة كون مسؤلية المرأة دائما المحافظة على بيتها وزوجها تحت أي ظرف كانعليها التحمل والخنوع... فتبا لتلك الأفكار العرفية التي جارت على حق الكثير من النساء واجبرتهم على الټضحية خوفا من بلبلة مجتمع يحكمه القيل والقال و المظاهر الأجتماعية الخادعة التي ينسب فشلها وكافة اعبائها للنساء بينما لاتوقع على الرجال أي عوار بل بالعكس تمنحهم الحرية المطلقة مما دفعهم يبررون القوامة على اهوائهم غافلين أن القوامة مسؤولية أمام الله عز وجل والمراد بها هو القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة وليس معناها القهر والاستبداد بالرأي أو التسلط على المرأة وإذلالها فالله عز وجل خص الرجال بالتكليف لا للتشريف.
كانت تسوق سيارتها دون وجهة محددة وبعد أكثر من ساعتين استغرقتهم في الطريق وجدت ذاتها دون أن تشعر أمام مطعمها الشهير الذي أحضرها إليه من قبل بمدينة الاسكندرية حقا لا تعرف ما الذي اتى بها إلى هنا ولكن لسبب غريب وجدت ذاتها تصف سيارتها وتتدلي منها وتسير لداخله واقفة في منتصفه تطالع رواده وعامليه

بنظرات تائهة وكأنها تبحث عنه بين الوجوه اقترب حلمي الذي علم هويتها على الفور قائلا بترحيب 
اهلا يا نادين هانم المكان نور اتفضلي 
رمقته نادين بعيون يتجسد التوهة بها جعلته يقترح عليها أن يصعدا لمكتب بالأعلى فإنصاعت إليه بخطى وئيدة وذكرى ذلك اليوم الذي احضرها به إلى هنا تتدفق بعقلها شيء فشيء إلى أن وصلت للطابق الثالث واللذين يطلقون عليه طابق العشاق كما اخبرها هو...تجمدت نظراتها التي يقطر منها الحزن على تلك الطاولة التي كانوا يجلسون عليها سابقا وتذكرت كيف كان يطعمها بفمها ويضع كل ما تطاله يده بطبقها...لتغيم عيناها ثم بخطى وئيدة سارت لتقف أمام لوحتها التي بعرض الحائط وطنين ذكرى اخرى راودتها حين همست متفاجئة
يامن ده أنا...
اه أنت يا مغلباني كنت لما باجي هنا بتوحشيني وبفضل أعد الثوان علشان أرجعلك وصورتك كانت بتصبرني وتهون الوقت عليا لغاية ما أرجع واطمن قلبي بقربك
قطعت وصال ذكرياتها الممېتة قائلة بهمس حارق وبوتيرة انفاس متعالية
كدب ....كدب....كله كان كدب
لتجد ذاتها دون تفكير تندفع تنبشها بأظافرها بقوة غير عابئة بچرح اناملها ولا بنظرات كل من حولها ...فقد تمكنت من نزع جزء منها وبالطبع لم يسلم البقية فقد نزعتها على الأخير عن الحائط پجنون وبعصبية مفرطة وكأنها أرادت أن ټنتقم منه ومن انجازاته الواهية بعشقها... فقد وهمها أنه لا يطيق فراقها ووضع صورتها ليطمئن قلبه بها فأين هو وكيف لذلك القلب الذي ادعى عشقها أن يتخلى عنها...وحين انتهت شعرت برغبة قوية بالبكاء ولكنها صمدت أمام نظرات وهمهمات كل العاملين من حولها حتى أنها التفتت لهم قائلة بنبرة مرتعشة وهي ترفع منكبيها تدعي عدم اكتراثها
صورتي ومكنتش عجباني عادي
ختمت كلماتها ببسمة ممزقة ظلت على ثغرها لحين غادرت وهي تكبت تلك الرغبة الملحة بالبكاء ولكن لم تريد أن يشهد على اڼهيارها أحد فيكفي كونها في نظر الجميع مٹيرة للشفقة الآن لذلك توجهت بسيارتها
لذلك المكان الذي شهد على تصريحها له بحبها...صفت سيارتها بجانب الطريق ولم تتدلى منها وظلت نظراتها متجمدة من جلستها على ذات المكان الذي جمعهم من قبل أمام البحر تشاهد موجاته المتقلبة التي تشابه حياتها الأن بعيون دامية تقطر بالحزن ...فقد جاءت تلك الذكرى لتفتك بأخر ذرة صمود بها وتجعلها تدرك أن لا مفر من ذكرياتها و أنين قلبها حين تترددت جملته بعقلها 
اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح
وهنا ظلت كلمات ثريا ايضا التي استمعت لها وتوقعت ردوده عليها تطعن بقلبها وټعذب روحها فقد كرهها ولم يعد يهتم لأمرها... تركها وهي بأمس الحاجة له وكم خيب ظنونها...فهو أثبت لها أن ثأره لكرامته وكبريائه كرجل أهم بكثير كونها تنتمي له ولا تستطيع العيش من دونه...
شهقة قوية حاړقة صدرت من فمها وكأنها كانت تجثم على انفاسها وتبعها انفجارها پبكاء مرير يقطع نياط القلب وقولها بأنهيار تام وبصوت جهوري صارخ وهي ټضرب المقود بكفوفها
كدب كله كدب...ياريتني ما حبيتك ياريتني كنت لسة بكرهك 
انا ليه صدقتك ليه...ليه عملت فيا كده ... حررررررام عليك ...حرااااام عليك....لتتمسك موقع خافقها الذي يعتصر من شدة الألم وټضرب بقوة صاړخة بحړقة وپقهر لا مثيل له وبيأس تملك منها على الأخير
متوجعنيش...دقاتك بتقتلني وقف وريحني...ريحني...انا عايز اموت....والله تعبت...تعبت 
تفوهت بتلك الكلمات بأنهيار تام وهي تقبض على خصلاتها پجنون وكافة جسدها ينتفض وينتفض تزامنا مع عبراتها المټألمة التي لم تنضب وصوت شهقاتها المتعالية وصړاخها
يصدح بأرجاء المكان وقد وصل صداه بكل وضوح لصاحب القلب المنشطر الثائر لكرامته الذي اتى منذ وقت قليل لذات المكان الذي جمعهم كعادته كل يوم وقت الغروب ولحسن حظها شهد على اڼهيارها بعيون حائرة مټألمة واستمع لكل كلمة تفوهت بها بقلب معذب وعقل حائر مشتت بعيد عن ضلالها...وكأن الله ارسلها بذات التوقيت عن عمد حتى يجعل قلبه يرق لها ويؤثر عليه لكي يلملم شتاته و يرأف بها.
غابت الشمس وحل الليل بقتامته التي أصبحت تضاهي تلك القتامة التي احتلت روحها فقد قررت بقرارة نفسها أن لا تذرف المزيد من اجله وسوف تجاهد وتصمد كي تتخطاه كما تخطاها و ها هي تعود للمنزل بهيئة متعبة للغاية و وجه شاحب وملامح متهدلة بإنكسار وعيون ساهمة يتحجر بهم الدمع تسير بتؤدة لمدخل المنزل حين أتاها صوت تعلم صاحبه تمام المعرفة
كنت وين ياجلب خالك انا بجالي كتير منتظرك
رفعت رأسها وابتلعت غصتها بعيون زائغة وهمست متفاجئة
خالي...ازيك...انا كنت...كنت بتمشى بالعربية شوية...
هز رأسه بتفهم وقال بمحبة يتوارى خلفها الكثير
وماله يا بتي ميضرش واصل طيب ايه مش هتسلمي عليا يا جلب خالك
تقدمت منه نادين ومدت يدها تصافحه كما تعودت.. قائلا
اتوحشتك يا بتي طمنيني عنك...حجك عليا انشغلت في السخماطة الإنتخابات ومجدرتش ادلى من وجتها
هزت نادين رأسها وخرجت من بين يده متمتمة
ولا يهمك ياخالي
إن شاء الله العمر كلاته ليك يا بت غالية
قالها وهو يدس يده بجلبابه ويخرج علبة من المخمل يقدمها لها قائلا بتباهي
ده حلج دهب جيراط٢٤

مش خسارة فيك
شكرا يا خالي
ربت على كتفها وكان سيتسأل عن ما يشغله لولا أن صوت ثريا صدح مجلجلا
خير ايه اللي جابك ياعبد الرحيم
قالتها هي بعدما هرولت من الداخل كي تلاحق الموقف وهي تعاتب نادين بنظراتها كونها اقلقتها عليها و خرجت دون أن تعلمها نكست نادين نظراتها خوفا أن يظهر العتاب بها كونها أخفت عليها أنه يحاكيها ويصر على رفضه لها.
ليقول عبد الرحيم بنوايا غير بريئة بالمرة
اباي عليك يا وليه مش رايدة أچي ولاإيه...ده أنا بجالي سنين بستنى اليوم اللي تتم فيه بت غالية السن اللي الجانون جال عليه.
تناوبوا النظرات بينهم حين تساءل هو بخبث
أمال فين الغريب
ابتلعت هي غصة بحلقها وشحب وجهها ولم تجيب ولكن ثريا ارسلت لها نظرة مطمئنة وأردفت بحماية وبشراسة أم تحمي ابنائها
ابني مسافر في شغل...واخر مرة تقول عليه غريب ابني ليه أسم وانت عارفه كويس...
واه محموجة إكده ليه هو أني غلطت في البخاري إياك
استغفرت ثريا بصوت جهوري لتحين منه بسمة متهكمة ويتساءل
خلاص ميبجاش خلجك ضيج إكده كل الحكاية إني متعچب كيف يسافر ويهملكم لحالكم في الدار
شغل وكان لازم يسافر ضروري
ضيق عيناه بشك يحاول أن يسبر أغوارها فهو يشعر أنهم يخفون شيء ما لذلك تساءل بترقب
شغل ايه ده مش بالع الجصة
مفيش قصة ولا حاجة يا عبد الرحيم وتعالى اتفضل خد واجب ضيافتك علشان تلحق ترجع البلد
هز رأسه ببسمة مفتعلة يداري بها الغل الذي يتفاقم بداخله لتلك السيدة و ولدها...ليسيروا أمامه وإن كادوا يدلفون للداخل توقفت سيارة أمام بوابة المنزل وتدلى منها المحامي حاملا حقيبته واقترب منهم بخطوات منتظمة جعلت ثريا تنتبه له وتتساءل بريبة
خير ايه اللي جاب المحامي هنا
اجابتها نادين
هو كلمني الصبح وقالي انه جاي بليل.
لتتساءل ثريا من جديد تحت نظرات عبد الرحيم المترقبة
طب جاي ليه مقلكيش
نفت نادين برأسها بجهل في حين وصل المحامي لوقفتهم قائلا
مساء الخير يا جماعة...اسف لو اتأخرت يا مدام نادين
هزت نادين رأسها بمعنى لا داعي للأسف بينما رحبت ثريا قائلة
اتفضل يا متر يارب يكون خير
ليدخلوا جميعا للداخل ويوضح المحامي سبب الزيارة ان يامن اوكله للقيام بكل شيء وقد انهى كافة الأجراءات وحتى أن كل شيء يتوقف فقط على

انت في الصفحة 3 من 10 صفحات