الجمعة 22 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 1 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل الثامن
كي لا نسمح للخذلان بالتسرب إلينا علينا ألا نرفع سقف توقعاتنا بأحد.
انسه ميرال تحت أمرك
لم يأتيه غير صوت نحيب قوي من الجهة الأخرى وتلاه قولها بنبرة مرتعشة واهنة لا تنبئ بالخير بتاتا 
ألحقني .. 
فرت الډماء من عروقه وتسارعت وتيرة أنفاسه وتساءل بوجل 
خير حضرتك أنت كويسة!
أجابته پضياع وبنفس النبرة المرتعشة الواهنة 
انا مش كويسة....أنا.....كنت...أصل مش عارفة اسوق .....ارجوك تعالا
قوليلي أنت فيندقايق وهبقى عندك
قالها بعجالة شديدة وبكامل صوته الأجش وهو يأخذ حافظة نقوده و يخرج من منزله غير عابئ بتلك الأسئلة التي تنهال عليه من شقيقته فقط كل ما يشغله هو أن يصل لصاحبة الفيروزتان البائسة ويطمئن عليها 

استقل سيارة أجرة كي يصل لها في أقل وقت ممكن وها هو وصل لتوه لتلك المنطقة النائية بعد الشيء التي أوصلها بالقرب منها سابقا ولسوء حظه رفض السائق أن يدخل بها متحجج بتأخر الوقت وكونها غير آمنة تفهم موقفه وهو يلعن تحت انفاسه غاضبا فماذا تفعل هي بذلك المكان وبذلك الوقت 
تدلى من السيارة بعد ان أعطاه أجرته كاملة ثم خطى خطوات واسعة يبحث عنها وسط ذلك الهدوء المريب و عتمة المكان ضوء قوي لفت نظره من الخلف ليلتفت يرى موتور يقترب و يجلسون على ظهره أثنان يبدو عليهم عدم الاتزان يرددون كلمات تلك الأغنية الشعبية الركيكة الصادرة من المسجل خاصتهم مروا من جانبه ولكن شعر بالريبة عندما وجدهم يبطئون سرعتهم بقرب سيارة تصطف بجانب الطريق وتدلوا يحومون حولها زفر بقوة وهو يدعوا الله أن تخيب ظنونه ولكن بالفعل صدقت عندما اتضح لون السيارة بفضل الضوء الصادر من الموتور وتأكد انها هي مما جعله يطلق العنان لقدمه كي يصل لها
بينما على الجانب الآخر قال أحدهم يخاطب الآخر وعينه مصوبة تخترق زجاج النافذة المغلق على تلك المنكمشة بوهن والذعر يحتل معالم وجهها 
دي هتبقى ليلة أخر روقان يا زميلي
ليؤيده الآخر بنبرة ثقيلة تدل على عدم اتزانه وهو يطرق على زجاج نافذتها المغلق 
افتحي العربية 
نفت ميرال برأسها وهي تنتفض من شدة رعبها وهي قاب قوسين أو ادنى من أن تفقد وعيها لولآ صوته الأجش الذي تسربل لمسامعها طمئنها
استهدوا بالله يا شباب العربية تخصني واللي جواها دي تبعي وهاخدها وامشي من غير مشاكل
قالها بكل رزانة دون ذرة تهور واحدة كي لا يعرضها للخطړ ولكن لسوء حظه لم يعجبهم حديثه ودفعه أحدهم بصدره قائلا 
نعم ....انت مين ياض دي منطقتنا والمزة دي تلزمنا ....غور من هنا
لم يتزحزح شبر واحد من موضعه وقال بنبرة محذرة قوية وهو بالكاد يتحكم بنفسه كي لا يفتك بهم
مش همشي وقولتلك العربية باللي فيها تبعي خلينا نمشي والطيب أحسن
حانت من آحدهم بسمة إجرامية يعلمها جيدا واتخذ حذره منها حين أشهر أحدهم مديته الفضية بوجهه يهدده بها وحينها حقا لم يشعر بذاته إلا وهو يقبض على رسغ الأول ويلويه خلف ظهره ويضغط عليه بكل قوته حتى سقطت المدية من يده ويعاجل الثاني الذي يكاد يهجم عليه بركلة قوية استهدفت معدته وجعلته يتهاوى على الأرض يتلوى من شدة الألم ليدفع الأول عنه و يباغته بركلة قوية جعلته يغتاظ ويهجم عليه يسدد له عدة ضربات في أماكن متفرقة جعلت محمد يتفاداها قدر المستطاع ولكن مع ذلك نال جسده العديد منها قبل أن تثور ثورة غضبه واصبح اعنف واشد أصرار حين سيطر هو بحركة مباغتة و اعتلاه وظل يكيل له حتى أنهكه على الأخير و أصبح نتيجة الشجار حتمية له ولكن في غفلة منه كان يتناول الثاني المدية ويجرحه بها بذراعه كي يترك زميله وبالفعل ذلك ما حدث عندما زمجر بقوة يلعنهم ونهض عنه يتفقد ذراعه ليستغلوا الأمر وفي لمح البصر كانوا يفرون من أمامه بالموتور الخاص بهم مثل الجذران المذعورة 
لينظر هو لآثارهم پغضب قاټل وهو يلعنهم بصوت جهوري ويتوجه لها صارخا
افتحي العربية خلاص مشيوا
نفت برأسها بطريقة هستيرية وبهيئة مذرية للغاية فكان بؤبؤ عيناها متسع وترتجف بشكل جعله يتفهم ما بها
ليتناول نفس عميق كي يهدأ ثم قال بعدما أجلى صوته كي يصدر لين كي لا يفزعها أكثر
أنسة ميرال أهدي أنا معاك وهما خلاص مشيوا ......أفتحي العربية وخلينا نمشي من هنا
قال آخر جملة وهو يهز رأسه يحفزها بنظرات مطمئنة جعلتها تنصاع له وتفتح بابها بأيدي مرتعشة ليمد لها يده كي يساعدها على النزول كي تفسح المجال له لقيادة السيارة وتجلس بالجهة الآخرى ولكنها همست بنبرة واهنة ضعيفة للغاية
مش قادرة اتحرك
ضاقت بندقيتاه يحاول ان يستشف ما بها وكم أراد أن يصرح بتلك الشكوك التي تعصف برأسه نحوها ولكنه اكتفى بسؤالها 
حاسة بأيه طيب تحبي نروح مستشفى نطمن عليك
نفت برأسها بطريقة هستيرية وقالت برفض قاطع وهلع ظهر جليا على ملامحها ولسوء حظها بطريقتها تلك أكدت له ظنونه 
لأ ملوش

لزوم ...... أنا هبقى احسن بس روحني
مهلا الآن تفهم ما بها هي ليست بكامل وعيها ويبدو أنها تعاطت شيء ما يفقدها السيطرة على جسدها زفر انفاسه دفعة واحدة واحتل الڠضب معالم وجهه وهدر منفعل 
حاولي تنقلي على الكرسي اللي جنبك
أومأت له وبالفعل أزاحت جسدها للجهة الآخرى ليتخذ هو موقعه خلف الموقد و بعصبية مفرطة أدار السيارة وباشر بالقيادة غير عابئ بچرح يده فقد كل ما كان يشغله كيف خانه حدسه نحوها وخالفت كافة ظنونه وعند وصوله لتلك الفكرة تذكر حديث زوجة أبيها الذي يبدو أنه صادق ليعلن تحت انفاسه وهو يرمقها شذرا وهي تسند رأسها وتغمض عيناها ولا يعلم هل سقطت في سبات عميق أم فقدت وعيها
بعد عدة ساعات وبعد بزوغ الفجر رمشت بعيناها تحاول جاهدة أن تسترد كامل وعيها لتجد ذاتها مازالت داخل السيارة المصفوفة جانب الطريق قرب منزلها وتراه هو يستند على مقدمة السيارة وشاخص بنظراته لبعيد 
أعتدلت بجلستها وهي تمسد جبهتها لعلها تخفف ذلك الألم الذي يفتك برأسها ولكن دون جدوى ليصدر منها آنه مټألمة جعلته ينتبه لها ويعود أمام المقود قائلا بوجوم شديد دون ان ينظر لها
كويس انك فوقتي علشان معرفتش ادخلك القصر ازاي وانت بالحالة دي
صوته أعادها لرشدها وجعل الأحداث تتوافد أمام عيناها مما جعلها تنظر له پضياع بأعين متسعة قائلة
أنا آسفة ....اعصابي كانت بايظة و مكنتش عارفة اسوق ومفيش غيرك جه في بالي اكلمه
هز رأسه بملامح ثابتة وأخبرها بعملية شديدة
انا تحت امرك بس لازم فاضل بيه يعرف باللي حصل
نفت برأسها بقوة وتمسكت بذراعه ترجوه غافلة عن جرحه الذي آلمه حين فعلت 
لأ ارجوك يا محمد .....بلاش تقول ل بابا
جز على نواجذه بقوة ولم يعد يتحمل أكثر ليحتل الألم معالم وجهه ويسحب ذراعه من قبضتها مما جعلها تستغرب فعلته ولكن عندما انتبهت ولاحظت شق قميصه وتلك القطرات الحمراء التي جفت عليه صړخت بهلع 
أيدك مالها انت اتعورت!
نفى برأسه واخبرها من بين اسنانه بنفاذ صبر
بسيطة خليني اوصلك واخلص من اليوم ده ......
قالها وهو يشعل المقود ويشرع بالقيادة ولكنها منعته راجية
استنى ارجوك .....اوعدني متقولش لبابا عن اللي حصل
زفر انفاسه دفعة واحدة وهو يمسد جبهته بسبابته وابهامه قائلا 
مقدرش اوعدك بحاجة
أغمضت عيناها بقوة ثم أجهشت بالبكاء وهي تعتدل بجلستها وتخفي وجهها بكفوفها وكأنه بجملته تلك قطع خيوط أملها ولكنه باغتها 
غير لو قولتيلي كنت بتعملي ايه في المنطقة دي بعد نص الليل!
هو خمن السبب ويكاد يكون متأكد منه مليون بالمائة ولكنه أراد أن يستمع لتبريرها التي كانت عاجزة هي عنه الآن ولم يصدر منها شيء غير صوت شهقاتها التي ظلت تتعالى دون انقطاع
شعر بالضيق لرؤيتها هكذا ولكن لا يستطيع ان يخالف ضميره وقد أخذ قراره ولن يتراجع فحقا هو لا يريد أن يقحم ذاته بشيء لا يعنيه تفعل ما تفعله ومن المفترض أن والدها هو من يتخذ إجراء معها أما هو لا يخصه هو فقط مجرد سائق يقوم بعمله لا أكثر 
أنا هرجعك القصر و لما يرجع فاضل بيه هبلغه بنفسي وهو يتصرف أنت خالفتي أوامره وخرجتي لوحدك ده غير انك مكنتيش في وعيك نهائي وانا مينفعش أخالف ضميري واسكت
أزاحت يدها تطالعه پضياع وبعيون كلون الډماء قائلة بنبرة مخټنقة باكية
بلاش ارجوك واوعدك مش هتتكرر تاني
نفى برأسه بعدم اقتناع مما جعلها تهمس بنبرة واهنة يائسة لأبعد حد وهي تنظر له نظرات غريبة لم يتفهمها ولكنها زلزلت قاع قلبه 
على العموم شكرا انك ساعدتني ........انا عارفة إني غلطانة واستاهل كل اللي يجرالي
ذلك آخر ما قالته قبل أن تنكمش تستأنف وصلة نحيبها وهي تستند برأسها على زجاج نافذتها بوهن شديد وبوجه شاحب يحاكي المۏتى أما هو كان يطالع هيئتها بملامح متأثرة متعاطفة وخاصة بعد أن استشف صدق نبرتها المغلفة بالندم مما جعله يكاد يخرج عن ثباته ويتراجع عندما داهمه ذلك الشعور الغريب تجاهها ولكنه لعڼ غبائه ولعڼ كل شيء حوله وتلك الهواجس التي تراوده ويستحيل حدوثها ليزيح كل شيء جانبا و ينطلق بها جهة القصر وهو ينوي أن لا يتراجع عن قراره 
أما داخل ذلك المنزل الذي يعج دائما بالمشاحنات فقد
كانت هي باهتة ليس ككل يوم تتحرك بحركات متهدلة إلى طاولة الطعام مما جعله يلاحظ ذلك بوضوح ليضيق عينه وكأنه يحاول سبر اغوارها بينما هي جلست بعيون منتفخة قليلا أزعجته وجعلته يسألها بقلق حقيقي 
كنت بټعيطي ليه 
نفت برأسها وهي تتناول قطعة من الخبز وتباشر فطورها مما جعله يزفر بضيق و يشيح بنظره عنها فرؤيتها هكذا تألمه بل تعتصر قلبه لتنظر ثريا لها وتسألها بود حقيقي
إيه اللي مزعلك يا بنتي قوليلي انا زي أمك
نفخت اوداجها وصړخت بها بعجرفة وقوة تخالف ما تشعر به 
مفيش حد زي

أمي .....وياريت كفاية تمثيل لغاية كده انا زهقت منك انت وابنك
زمجر لاعنا ثم صړخ بها كي يردع تمردها 
نااااااادين كفاية كده اسكت
لتعترض وهي مازالت محتفظة بتمردها 
مش هسكت .....مش هسكت يا يامن واعلى ما في خيلك اركبه
شهقت ثريا بينما هو كان يشعر أن كل خلية به تنتفض من فرط عصبيته ليجذبها من ذراعها ويدخلها غرفتها تحت مضضها وتلويها بين يده ومناجاة ثريا له كي تمنعه تخوفا أن ېؤذيها ولكنه طمئنها بنظراته وهو يدفع الآخرى ويغلق الباب طالعته هي بغيظ وبنظرات مشټعلة حين صړخ بها بنفاذ صبر
أنت عايزة ايه 
ارحميني انا اعصابي تعبت ومبقتش مستحمل .......قوليلي بتعملي ليه كده!
اجابته منفعلة وهي تلوح بيدها 
أنت عارف ....وامك كمان عارفة ....انا بكرهكم يا يامن ....بكرهكم
شعر وكأن خنجر مسمۏم انغرس بقلبه من تصريحها ولكنه يحفظها عن ظهر قلب ويعلم أن يوجد شيء يعكر صفوها ولذلك تتحامل عليه وعلى والدته ليحتل الحزن عينه ويقول بثبات اجاده
مطلبتش منك تحبينا ......انا وامي كنا بنحاول نواسيك مش اكتر
حانت منها

انت في الصفحة 1 من 8 صفحات