السبت 23 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 6 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

او عصير أي حاجة
التقط نظراتها واستنبط ما تود فعله ولذلك هز رأسه ليسايرها وترك رسغيها ثم انسحب من أمامها تارك بابها دون ان يغلقه بينما هي حتى لم تمهل ذاتها فرصة لكي تتأكد من ابتعاده واخذت تبحث بحقيبتها ولكن مع تلف أعصابها صړخت بنفاذ صبر وفضت محتوياتها كاملة على المقعد بعشوائية عارمة حتى أن ما تبحث عنه سقط بجانب قدمها بأرضية السيارة وحين همت بأن تلتقطه كانت يده القوية تسبقها إليه ونظراته المتخاذلة تكاد ټحرقها بموضعها مما جعلها تصرخ بإحتجاج وبأعصاب تالفة
هات الحبوب
نفى برأسه وهو يطالعها شذرا بعدما تيقن أن ما بيده هو سبب نكبتها
ليحتل الڠضب قسمات وجهه ويهدر من بين أسنانه
هي دي اللي بتعمل فيك كده
لتصرخ به بإنفعال شديد 
ملكش دعوة وهات الحبوب
استفزه قولها لېصرخ بوجهها
بس انت وعدتيني مش هتأذي نفسك
نفت برأسها بهستيرية وصاحت مستنكرة بيأس وبعزيمة انعدمت لديها وهي تحاول أن تجذب يده لتستحوذ على ما بها
محدش قالك صدقني حياتي وانا حرة فيها ولو عايز تقول ل بابي قوله بس اديني الحبوب
لأ ... مش هسيبك تضيعي نفسك وتحزني اهلك عليك
قالها بإصرار عجيب وهو يعتدل بجسده خارج السيارة ويفض ما بيده على الأرض ثم دهسها تحت قدمه حتى أصبحت هي وتراب الطريق سيان مما جعلها تشهق من جديد بخيبة أمل وتنزل من السيارة خارة على ركبتيها تتطلع تحت قدميه باكية وتستفيض بنبرة واهنة مټألمة زلزلت قاع قلبه ككل مرة
حرام عليك ... دي هي الحاجة الوحيدة اللي بتخليني مشغلش عقلي ...الحاجة الوحيدة اللي بتخليني مفتكرش أنها سابتني واتخلت عني ...بتخلينى انسى انشغال ابويا وتحكمات مراته فيه ...لتشهق بحړقة وتستأنف من بين عبراتها الحاړقة
بتخليني انسى كل الكلام اللي اصحابي بيقوله ... بتخليني انسى أني وحشة و عمر ما حد حبني ولا اتمسك بيا... ليه عملت كده ....ليه حرام عليك
كان يستمع لها ومع كل كلمة يشعر ان قلبه ينتفض بين أضلعه حزنا عليها وتأثرا باڼهيارها حتى انه غامت عيناه وانخفض لمستواها قائلا بنبرة متعاطفة وهو يحاوط ذراعيها ببعض التحفظ
أنت مش وحشة ومحدش معصوم من الغلط ومش معنى ان كل اللي حواليك خذلوكي و مقدروش قيمتك يبقى تفرطي فيها وتعلقي أخطائك على شماعتهم افتكري ان في ربنا قادر يعوضك بالأحسن بلاش تيأسي وتستسلمي للقرف ده قاومي مش علشان حد علشان نفسك أنت
رفعت فيروزتاها الباكية له پضياع تحاول أن تستوعب حديثه التي شعرت انه خاطب نقطة كامنة بعقلها
لتتحجج بنظرات زائغة وهي ټضرب كفوفها على الأرض الترابية بيأس
حاولت كتير وفشلت
ليجيبها بإصرار وبنبرة واثقة كي يبث بها بعض التفاؤل المنعدم لديها
كلنا بنفشل بس بعد كل مرة لازم يبقى عندنا اسباب مش أعذار الفشل بيبقى فرصة تانية علشان نبدا من جديد بس بعزيمة اقوى
لتهمس هي بقلة حيلة وبإحتياج لا مثيل له
بس انا تعبت ومش عارفة أكمل لوحدي
أبتلع غصة بحلقه و وجد ذاته يصرح ضارب بقاموسه وتعقله عرض

الحائط
انا معاك
صمتت لوهلة تسترد أنفاسها واستكانت تكفكف دمعاتها قائلة بعدم استيعاب
أنت
صحاب زي ما طلبتي مني ...
ليحمحم بحرج ويستأنف وهو يمسد جبهته بإبهامه وسبابته
واضح أن شغلي معاك هيقلب كل الموازين
لاحت بسمة باهتة حديثه بطريقة ما اوتار قلبها ليبتسم هو أيضا ويحثها بعينه أن تنهض معه وبالفعل انصاعت له ليجلسها على طرف المقعد الخلفي ولكن ظلت قدميها على الأرض ليجلس القرفصاء أمامها ويقول بنبرة هادئة يحاول بث السکينة بها
استهدي بالله كده...وحاولي تتنفسي وإن شاء الله هتبقي أحسن وكله هيبقى زي الفل
تعلقت عيناها الباكية به تود حقا ان تصدق أن كل شيء سيكون أفضل ليطمئنها هو بعينه ويطلب منها متوجسا
هجبلك ميا متتحركيش من مكانك
هزت رأسها بضعف وتتبعته بعيناها وهو يركض للمحل القريب يجلبها منه ثم بلمح البصر عاد لها و حثها أن تتناول القليل منها لكي تهدأ ولكن هي رفعت يدها المرتجفة تلتقطها منه ولكنها تراجعت
عندما وجدتها متسخة أثر تراب الأرض التي كانت تفترشها منذ قليل
ليتفهم هو ويهم بفتح الزجاجة ويقوم بجذب يدها و فركها برفق بين يده أثناء سكبه للمياه عليها وإن انتهى وجد ذاته دون وعي او ذرة تفكير وكأنه يتعامل مع ابنة شقيقته حين تبكي ويريد ان يراضيها فقد قام بإزاحة خصلاتها المتهدلة على وجهها بفوضوية يضعها خلف أذنها بحرص شديد كي يفسح المجال ليده التي سكب عليها القليل ايضا ان تمر على وجهها الملطخ بالدموع مرة وراء مرة ثم مد يده لها بعلبة المحارم الورقية ولكنها لم تنتبه فكانت تنظر له پضياع و شدوه تام مما يفعله حتى انها لم تعترض بل كانت مأخوذة بكل رد فعل يصدر منه تجاهها ورغم أن نظراته وحتى صوته الأجش يبدو صارم وجاد للغاية إلا أنه مغلف بالاهتمام الذي تفتقده بشدة
أما هو لا يعلم ما أصابه وجعله يضرب بكل قراراته السابقة عرض الحائط ربما كونها استرسلت معه بالحديث وشعر بمعاناتها وصدق حديثها وعندما ألتقط نظراتها الضائعة وجد ذاته يهيم بها وكأنه مغيب وسلبت منه كافة إرادته وشيء ما هناك بخافقه يخبره أن لا مفر من التورط بها قطع ذلك التواصل البصري الذي يشتته لحد كبير و
تحمحم يجلي صوته كي يصدر لين بعض الشيء وهو يزيح بنظراته بعيدا عنها
بقيتي احسن
حركت رأسها بضعف وتناولت المحارم من يده ببسمة باهتة بعدما استعادت ثباتها بعض الشيء ثم همست
عايزة اروح بعد أذنك
أومأ لها ونهض من جلسته بينما هي عدلت وضعية جلستها داخل السيارة واغلقت بابها ثم تكورت على ذاتها واغمضت عيناها كي تحفز ذاتها وتتغاضى عن إلحاح عقلها
إما هو انحنى يلتقط شيء ما من الأرض ودسه بجيبه خفية ثم جلس بموقعه خلف المقود وقبل أن يشرع بالقيادة كان ينظر من مرآته الأمامية وهو يلعن ذلك الشعور الغريب الذي يداهمه نحوها
كان في قمة سعادته وهو برفقتها ويرى حماسها وذلك الجانب الطفولي منها أثناء قيادة السيارة حتى انها على غير عادتها ألتزمت بكافة تعليماته بشأن توخي الحذر من الطريق و كانت مطيعة تستمع له دون اعتراض أو مجادلة وكم يعشق طاعتها وتلك البسمة الآسرة التي تزين ثغرها لتوها وهي تجلس بجانبه وتبادله النظرات من حين لآخر بطريقة غريبة لأول مرة تصدر منها ورغم غرابتها شعر ببصيص أمل يتسربل لداخله من تجاهها ولذلك كان ممتن لوالدته ولتلك النصيحة الغالية منها التي أتت نفع مع متمردتته بعد انتهائهم من تناول الطعام داخل المطعم الصغير الذي يملكه تنهد في عمق وسألها ببسمة هادئة وهو يشرأب برأسه باهتمام
الاكل عجبك
هزت رأسها وأجابت ببسمتها الآسرة التي تعبث بثباته
جدا...طعمه يجنن وكمان تناسق الطبق وطريقة تقديمه حلو يظهر أن الشيف ده متمكن وعنده خبرة كفاية
أبتسم وشرد لوهلة ببسمتها تلك ثم أخبرها بعفوية شديدة كأنهم زوجين حقا ويشاركها تفاصيل يومه
دي بنت جديدة بقالها كام يوم بس في الشغل وبصراحة فاجأتني رغم انها مشتغلتش في حتة قبل كده
وأدت بسمتها تدريجيا وهدرت بعدم رضا
ازاي يعني مشتغلتش في حتة قبل كده انت أزاي بتجازف كده بسمعة مطعمك وتشغل اي حد معندوش خبرة
تنهد من جديد وبرر لها
البنت كويسة وانت شهدتلها بده وهي كانت محتاجة شغل وانا متعودتش أرد حد محتاج مساعدة
كنت ممكن تساعدها بطريقة تانية غير انك تجازف
قالتها وهي تقلب عيناها وتستند أكثر على ظهر مقعدها تطالع محيط المكان الخالي من الزبائن ولم يشغره غيرهم ليلفت نظرها تقدم امرأة ممشوقة القوام ذات ملامح هادئة وحجاب يزين رأسها وترتدي مريول مطبخ نقش عليه أسم مطعمه لتتقين أنها هي التي يعنيها فنظراتها نحوه تدل على امتنان عظيم ولكن ليس ذلك الغريب بالأمر بل عندما وجدته يتتبعها بنظرات هادئة مرحبة وقوله ما أن وقفت أمامه وحيتهم بمجاملة
اهلا يا رقية أخبارك إيه
أجابته رقية بإمتنان
تمام يا يامن بيه مش ناقصني حاجة والبركة في ربنا ثم حضرتك طبعا
أومأ لها دون أي تكلف وتساءل بعملية
طيب الحمد لله...

قوليلي بقى اخبار الأوردر بتاعنا اللي هيروح البيت أيه
ابتسمت واجابته
جاهز يا فندم زي ما أمرت وأنا اللي نفذته بنفسي وبصراحة ممنونة لثقة حضرتك واتمنى الأكل يعجب مدام ثريا
تنهد وأضاف ببسمته البشوشة بكل عفوية
لا متقلقيش هيعجبها انا واثق من ده علشان عجب نادين
تناوبت رقية النظرات بينهم ببسمة ممتنة استقبلتها نادين بأخرى متعالية وتلاها قولها بعجرفة دون أي لباقة
اه فعلا بس ده ميمنعش انه مفهوش أي شيء مبتكر يستاهل المدح الزايد بتاعك
قالتها وهي تشملها من اخمص قدمها حتى أعلى رأسها بطريقة لم تعجب يامن قط وجعلته ينظر لها نظرة صارمة تعرف المغزى منها حين قال رأيه بصدق كي يلاحق الموقف
ويمكن ده سر حلاوته وسبب ثقتي انه هيعجب امي علشان يشبه أكلها
كانت رقية مستاءة من نظرات نادين لها ومن عجرفتها معها وكادت أن ترد رد يليق بها ولكن وجدته يتحدث بالنيابة عنها لتعلق عيناها به بامتنان فرغم منصبه وسلطته على العاملين داخل مطعمه إلا انه متواضع غير متكلف ومراعي للجميع ليس معها فقط
أما عن متمردته فقد اعتلى حاجبيها المنمقين من طريقة حديثه ومن تلك النظرات اللعېنة التي تشمله بها الأخرى و لا تعلم لم شعرت أن نيران تتآكل أحشائها وإن كادت تثور عليه كعادتها كان يخرسها بإرساله لها نظرة صارمة تعرف هي المغزى منها ولذلك تمالكت زمام نفسها وزفرت انفاسها دفعة واحدة بغيظ وازاحت رأسها بعيدا عنه بينما هو مسد ذقنه يحاول تهدأت ذاته و استرسل بعملية شديدة وهو يوجه حديثه ل رقية التي لاحظت ما يحدث وأطرقت رأسها احتراما لرب عملها
تمام شكرا ليك يا رقية ومتزعليش نادين خاڼها التعبير مش اكتر...
اومأت رقية وقالت بعزة نفس قبل أن تنصاع له وتنصرف
ولا يهم حضرتك انا مزعلتش ده رأي آنسة نادين حفزني اكتر إني اطور من نفسي و اوعد حضرتك إني هجتهد و اشتغل على نفسي عن اذنكم
وإن غادرت هدر هو منفعل بنبرة صارمة لا تعرف الحياد وهو يشدد على قبضة يده بعصبية
ليه اتعمدتي تحرجيها
ردت عليه بغيظ شديد وهي تلوح بيدها
انت محموق ليها ليه كده وبأي حق تبرر وتحرجني قدمها
جز على نواجذه وهدر بحدة وهو يضرب بقبضته على الطاولة
علشان محدش مجبر يتحمل طريقتك المستفزة دي كان ممكن تقولي كلمتين تجبري بيهم خاطرها وتراعي بيهم مشاعرها لكن أنت دايما مبتفكريش غير في نفسك وبس
قلبت عيناها بغيظ وهاجمته بعصبية شديدة
طريقتي مش مستفزة انت اللي طريقتك غريبة مع كل اللي شغالين عندك وبتخليهم يتعدوا حدودهم وكمان بتتساهل معاهم
زفر انفاسه دفعة واحدة وهدر بجدية شديدة وبثقة وقناعة خاصة لطالما تريد أن تزعزعها به
انا مش متساهل بس يمكن اكون رحيم علشان ربنا هيحاسبني ومسمهاش

انت في الصفحة 6 من 8 صفحات