السبت 23 نوفمبر 2024

رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 7 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

شغالين عندك اسمها شغلين معايا لأن من غيرهم مكنش زماني عملت حاجة لوحدي واظن متاكدة ان الشغل كله ماشي زي الساعة
نظرت لمحيطهم الفارغ وصدر صوت متهكم من فمها وقالت بنفس تمردها وعنادها الذي دفعها ان تضايقه عن عمد كيفما يفعل معها
أنت سياستك غلط ومش مقتنعة بيها وبكرة اثبتلك إني اقدر اعمل اللي انت مش عارف تعمله لما أملاكي ترجعلي قريب اوي
لم يروقه حديثها بالمرة فهي تتعمد ان تقلل منه ومن مجهوداته في كل شيء حتى مشاعره تتجاهلها فحتى انها لم تلحظ أنه بكل مرة يأتي بها إلى هنا يوقف العمل ويخلي المكان من أجل أن تكون رؤياها شيء حصري له ويتمتع بقربها منه بعيدا عن أي ضجيج يعكر صفو لحظاته معها منفردا ولكن الأنكى من كل ذلك أنه يحترم رغبتها ولا يريد فرض مشاعره عليها ولكنها تتعمد ان تخرجه عن طوره وتذكره مرارا وتكرار بذلك الاتفاق اللعېن والقرار المنتظر منها الذي كلما اقترب موعده تتعمد أن ترهبه وكأنها تعلم ان روحه ستغادر جسده حينها ولذلك وجد نفسه يصرح لها بعزة نفس دون تردد بنبرة جادة للغاية تضاهي بجديتها وواقعيتها أفكاره الحالية
صدقيني انا مستني اليوم ده بفارغ الصبر ويمكن اكتر منك بس الفرق اللي بيني وبينك أني عمري ما فكرت اقلل منك ولااقتل طموحك علشان عارف انك عنيدة وهتتحققي كل اللي بتتمنيه و وقتها... ليبتلع غصة في حلقه ويقول بمحايدة تنافي إرادة قلبه الثائر بين أضلعه
هبقى فخور بيك وبنجاحك حتى لو مبقناش مع بعض
لاتعلم حين تفوه بتلك الجملة الأخيرة شعرت بتلك النبضة العاصية تعلن عن صخبها من جديد ولكن الأن بشكل مقبض للغاية جعلها تنظر له بنظرة هي ذاتها لاتعلم المغزى منها بينما هو تهجمت معالم وجهه للغاية بعدما وئدت سعادته كعادتها وهدر بنبرة آمرة وهو يهب واقفا
لازم نرجع البيت قبل خالك أنا هجيب حاجة من المكتب واحصلك على العربية
هزت رأسها وحين تحرك من أمامها ظلت تمرر يدها بخصلاتها القصيرة وهي ټلعن ذلك الشعور الذي بدأ يحتلها
أما هي كانت تحضر الطعام بآلية شديدة دون أي حماس كالسابق فبعد ان وأد فرحتها بالأمس

وعند تلك الفكرة تعالى رنين هاتفها لتتناوله وتجيب برتابة دون أن تلقى بال أن تطلع على رقم المتصل
الو
اتاها صوت أنثوي من الطرف الأخر
رهف وحشيني اوي
تهللت أساريرها و هتفت بسعادة تخالف حالتها السابقة بعدما تيقنت أنه صوت ابنة عمها الراحل التي تربت ببيته
سعاد انت كمان وحشتيني
لتعاتبها سعاد من الجانب الأخر
لو كنت وحشتك كنت كلمتيني ده انا اللي كل مرة بكلمك
تنهدت في ضيق فهي تعلم كونها مقصرة للغاية بالسؤال ولكن ماذا تفعل وزوجها واطفالها اصبحوا شغلها الشاغل واصبحت تكرس حياتها لهم بكل طواعية
حقك عليا والله الولاد وحسن واخدين عقلي ومخلينى مش مركزة في حاجة ابدا
ولايهمك على العموم انا في مصر نزلت اجازة انا و الولاد وهنشبع من بعض
أبتسمت بإتساع وهللت بسعادة
بجد فرحت اوي انا بجد مفتقداك جدا يا سعاد والأجازة دي جات في وقتها هو انت في البيت القديم
اه هناك هستناك انت والولاد
تمام هقول ل حسن وهاجي على طول
اغلقت معها وهي تشعر بسعادة عارمة فطالما كانت سعاد أبنة عمها أقرب شخص لها قبل مغادرتها للبلاد وكم هي سعيدة الأن بعودتها حتى انها شعرت بالحماس من جديد وانهت إعداد الطعام في وقت قياسي وعندما ترجته ان يذهب معها رفض بشدة وثار غضبه عليها متحجج أن أمر هام بالعمل يشغل تفكيره ويود اتخاذ قرار متأني به ولذلك اضطرت ان تذهب وتصطحب أطفالها معها غافلة ان القرار المنتظر ذلك سيقلب كافة موازين حياتها ولكن دعونا نتأمل انها ستصبح في نصابها الصحيح
عادت للمنزل ولكن وهي ساهمة لم تتفوه بشيء طوال طريق فبعد الحديث الذي دار بينهم لا تعرف ما اصابها ولم شعرت بتلك الوخزة الغريبة بقلبها كل ماتعلمه أنها ستموت قهرا إن كان ما تشعر به بمحله قطع شرودها صوت عبد الرحيم قائلا أثناء جلوسهم أربعتهم يتناولون الطعام
نفسك في الوكل زين يا بت غالية
ابتسمت بسمة مجاملة وركزت نظراتها بداخل صحنها دون أن تعقب ليتناوب عبد الرحيم النظرات بينهم و يتسأل بمكر وهو يلوك ما بفمه
واه كنكم واكلين بلم إياك ...اوعاك تكون مزعل مرتك
تحمحم هو وخرج عن صمته وقال بثبات وببسمة بالكاد وهو ينظر لها
حد يزعل روحه يا حج
سايرته هي وبرد فعل سريع منها تمسكت بذراعه وقالت ببسمةعابرة
لأ يا خالي احنا كويسين ويامن مش مزعلني ولا حاجة بس انا مجهدة شوية
نظر ليدها التي علي ذراعه ونظر لها نظرة غامضة لم تستشف منها شيء ولكنها أجلت تفسيرها ورسمت بسمة واسعة على ثغرها كي يكتمل المشهد أمام خالها الذي لم ينطلي عليه الأمر وضيق عينه متسائل بفضول دون أي لباقة
اوعاك تكون حبلة يا بت غاليةو تورطي حالك
نفت برأسها مستنكرة قوله ليتابع هو بعجرفة
براوة عليك اوعاك تغلطي دلوقت أصبري لما حقك يرجعلك وتخلصي علامك
إلى هنا وكفى حقا نفذت طاقته من ذلك الرجل المتعجرف الذي لايفقه شيء في لباقة الحديث ولا الذوق العام ففي كل زيارة له يتعمد ان يرمي الحديث كي يثير غضبه ويجعله يخرج عن طوره وحقا الآن نجح بذلك فقد ترك الشوكة من يده محدث صوت مزعج وهدر بحدة وبملامح متهجمة للغاية
اظن دي حاجة تخصني انا ومراتي ومحدش ليه انه يتدخل فيها وأسف جدا لحضرتك بس لهنا وكفاية انا عارف طريقتك وعارف بتحاول توصل لأيه فمتحاولش احنا مرتاحين كده ومتقلقش حقها هيرجعلها انا لايمكن اقبل جنيه واحد مش من حقي
احتدت نظرات عبد الرحيم من حدة الآخر وتعمده لإحراجه وكم اراد ان يستغل الموقف لصالحه ولكن هو ليس بهذا الغباء كي ېخرب كل شيء الآن ليتصنع الحرج ويبرر ببراءة كاذبة
واه انا مش بخونك وخابر ان حجها هيرچع أنا بس بوعيها البت صغار ومتعرفش مصلحتها
حانت منه بسمة ساخرة على نواياه الخبيثة التي تفوح من حديثه وقال بنبرة متهكمة قبل أن يغادر طاولة الطعام ويتوجه لغرفته
لأ واضح اوي خۏفك على مصلحتها عن اذنكم شبعت و هدخل انام
ليرسل لها نظرة صارمة ويخبرها بنبرة آمرة
خلصي أكل وحصليني
ابتلعت غصة بحلقها و اومأت له بطاعة وحين دلف لغرفته حاولت ان تلطف الأجواء وتلاحق الموقف بذكاء
اطمن يا خالي انا مش صغيرة وكلها كام يوم وهكمل الواحد وعشرين ومتقلقش انا عارفة مصلحتي كويس ومش مركزة غير في دراستي ويامن عمره ما حاول يضغط عليا
تابعت

ثريا حديثها وعقبت متهكمة
يارب تكون ارتحت يا عبد الرحيم أهي بنت اختك بنفسها طمنتك ياريت بقى تريح نفسك
احتدت نظرات عبد الرحيم أكثر فأكثر وهو يشعر أن مقته لهم يتفاقم فهم يعيقون ما يطمح به دائما وخاصة ذلك ال يامن الذي يتعمد أن يردعه ويؤد كافة محاولاته.
تنهدت ثريا وهي تتجاهل نظراته التي تعلم انها مفعمة پحقد دفين لا شيء سيغير قناعته به وهدرت قائلة ل نادين
انا جهزت أوضة الضيوف لخالك ياريت تبقي توصليه هناك بعد ما يخلص اكله انا هقوم اخد علاجي واصل ركعتين لله
هزت رأسها وما ان دخلت غرفتها قال عبد الرحيم بنبرة خبيثة وهو يربت على منكبيها بغرض طمئنتها وحثها أن تبوح له ببواطنها نحوهم
معرفش أنت كيف معاشرة المرا دي و ولدها دول يا يا ستار خلج واعرة
استشفت ما يحاول فعله ولكنها أجابته بدهاء يضاهي دهائه وبعيون يسطع بهم المكر
ابدا يا خالي دول طيبين اوي وانا بحبهم ومرتاحة معاهم
زفر انفاسه دفعة واحدة بحنق وهو يشعر أن ابنة شقيقته لا نفع منها الآن ويقرر انه سينتظر قليلا حتى يعيد لها ذلك الغريب مالها وحينها يقسم انه لن يتوانى في تخريب زيجتهم مهما كلفه الأمر
مساء الخير يا دكتور
هتف بها محمد وهو يدلف لتوه لغرفة الكشف بذلك المستوصف الخيري القريب من منطقته ليرد الطبيب مرحبا
اهلا يا محمد خير طمني عليك اخبار چرحك ايه
ما انا جايلك علشان تبص عليه يظهر كده ان في غرزة اتفتحت
وليه الاستهتار مش تاخد بالك تعالا ابصلك عليه واشوف لو محتاج خياطة من جديد
تمام
قام الطبيب بفحصه وبالفعل وجد أحد الغرز قد حلت لذلك أعاد تقطيبها واستبدل ذلك الضماد الملطخ بالډماء بأخر معقم ليشكر محمدالطبيب ويتحمحم بتردد قائلا
هو ينفع اطلب منك خدمة يا دكتور
هز الطبيب رأسه برحابة ليسترسل محمد وهو يخرج من جيب بنطاله ذلك الشريط الفضي الذي فض منه تلك الحبوب اللعېنة سبب نكبتها
عايز اعرف دي حبوب ايه 
ألتقط الطبيب الشريط من يده يقرأ ما سجل على ظهره ثم نظر له نظرة متوجسة ذات مغزى جعلت محمد يبرر قائلا
انا عارف النظرة دي معناها ايه مش انا ده واحد صاحبي بياخذه و عايز يبطله
تنهد الطبيب وهدر بعملية شديدة 
تهجمت ملامحه بعدما صدق حدثه وتسأل وهو يمسد جبهته بأنفعال
ممكن تفسرلي اكتر يا دكتور يعني بيعمل ايه
أومأ الطبيب برأسه واجابه
كل عقار بيختلف عن التاني في التأثير والضرر بس
بيعمل اضطرابات في المزاج وبيفصل الإنسان عن الواقع وفي الأغلب بيفقده السيطرة على جسمه وعلى قدرته على التفكير وتقدير الأمور ده غير الهلوسات المرئية والسمعية والقلق والتوتر ونوبات الذعر بس العوارض دي مش ثابتة يعني ممكن تختلف من شخص للتاني حسب نسبة التعاطي اللي للأسف لو زادت بيبقى الأمر خطېر جدا و مبنقدرش نتنبأ بتأثيره.
ابتلع محمد غصته ونظر للطبيب نظرة متوسلة وكانه يريده أن يفض كل ما في جعبته دفعة واحدة ليسترسل الطبيب
معظم اللي بيلجأ للنوع ده بيبقى عايز يهرب من الواقع لأن الاعتماد النفسي فيه اكبر من الجسدي أعرض صاحبك على دكتور نفسي يا محمد واكيد هيفيده ويقدر يساعده
هز محمد رأسه متفهما ثم تنهد بعمق وهو يتذكر حالتها التي كانت عليها لينقبض قلبه بشدة وېصرخ بين ضلوعه أن لا يتخلى عنها ويرأف بها فقد أيقن لتوه أن لا مفر منها وقد تورط بها بفعل نخوته وضميره اليقظ دائما
كان يدور حول نفسه بعصبية مفرطة يشعر بالحنق من ذلك الرجل المتعجرف الذي أخرجه عن طوره ولكن هو ليس نادم على حدته معه فهو يستحق هو من تدخل فيما لا يعنيه وحقا كان يشعر أن نيران مستعرة تتأكل قلبه حين ادعى أنه ينصحها فهل هي بحاجة لنصيحته!
بالطبع لا هي تعلم ماذا تريد والكثير من الأوقات يرى ذلك في عينيها وحتى انها تتعمد ان تذكره كل حين وآخر كي تبقيه دائما حائر مهدد بفقدانها.
انتشله من حالته تلك دخولها إليه وقولها بهجوم سأم منه
انت ازاي تحرجه كده هو اول مرة تعرف خالي وتعرف طريقته
أغمض عينه واخبرها بعصبية وبنفاذ صبر وهو يلوح بيده
خالك يستاهل

انت في الصفحة 7 من 8 صفحات