رواية جوازة نت "بقلم منى لطفي"
شاهدت سيف وهو يقف امام سيارته الرياضية مستندا بجذعه على مقدمتها ناظرا الى اللا مكان أمامه وكان يرتدي ملابسا غير رسمية لم يسبق لها وان رأته يرتدي مثلها من قبل فهو دائما ما يرتدي حلل كاملة واحيانا يستغني عن ربطة العنق اما اليوم فهو يرتدي زيا عاديا جالت بنظراتها فيما يرتديه ابتداءا من سرواله الجينز الاسود اللون مرورا ببلوزته القطنية البيضاء اللون والتي تحمل ماركة ثياب معروفة على جانب منها وكان رافعا لنظارته الشمسية اعلى رأسه بينما لحيته الخفيفة قد أكسبته منظرا رجوليا ساحقا اندهشت منة من ألوان ثيابه فهي ذات الالوان التي ترتجيها ودعت الله ألا ينتبه الى هذه المصادفة وسرعان ما نفضت هذه الافكار جانبا وحمدت الله لارتدائها نظارتها الشمسيةلاخفاء نظراتها المشدوهة عنه شدت منة قامتها وخرجت من ظلال بوابة العمارة متجهة حيث كان سيف في انتظارها
صباح الخير يا منة
اجابت منة بهدوء
صباح الخير يا باش مهندس
اخفى سيف امتعاضه من طريقتها الرسمية في الرد عليه وتابع ببشاشة
اتأخرت عليكي
قطبت منة ونفت بهزة من رأسها فتح سيف الباب المجاور للسائق داعيا اياها للدخول وهو يقول
طيب اتفضلي
تقدمت منة بخطوات بطيئة وما ان همت بالدخول الى سيارته وقد كانت قاب قوسين او أدنى من ان ترفض الركوب بجواره مفضلة الركوب في الخلف ولكنها خجلت فهو ليس سائقها الخاص لتفعل ذلك
قطب سيف ناظرا الى احمد الذي جلس بكل أريحية في المقعد المجاور للسائق مال عل النافذة المفتوحة بجواره ونظر اليه شزرا هامسا من بين اسنانه بحدة مكبوتة محاولا ألا يصل أسماع منة شيئا مما يقولانه
أحمد ببراءة مزيفة
ايه انت مش هتسافر انت ومنة وقلت لي امبارح وانا وافقت مسافرين زي ما انت طلبت
سيف وقد بدأ غضبه بالاشتعال
ايوة بس احنا ما اتفقناش على كدا انا قلت لك انا ومنة مسافرين واظن انت عارف كويس اوي سبب طلبي دا ايه اللي حشرك معانا
كتم أحمد ضحكة كادت تفلت بصعوبة وبدلا من ذلك
رسم الجدية على ملامحه وهو يجيب بخفوت مماثل
خبط سيف باب السيارة مغلقا اياه بشدة بعد ان همس له من بين اسنانه
ابقى فكرني أقتلك بعد ما نرجع عموما مردودالك انا مابسيبش حقي ابدا ارتسمت على شفاه احمد ابتسامة مغيظة ولم يعقب فتح سيف الباب الخلفي مشيرا لمنة بالجلوس والتي كانت تقف على بعد خطوات منهما فلم تسمع شيئا من الجدل الذي دار بينهما فدخلت وابتسامتها تنير وجهها بعد ان أطلقت أنفاسها المحپوسة ترقبا
سيف حاسب انت رايح فين مش شايف النص نقل اللي على يمينك داخل رشق فيها كدا ليه
كاد سيف ان يتسبب في حاډثة مروعة عندما جنح الى اليمين بشرود غير منتبه الى هذه سيارة النقل الضخمة والتي أطلق سائقها بوق عال مع سباب صارخ متدافع فما كان من سيف الا ان أوقف السيارة جانبا قليلا ريثما يلتقط أنفاسه والټفت بلهفة ليطمئن على منة التي بادلته نظراته القلقة بأخرى متسائلة عن سبب شروده المفاجيء سألها بلهفة لم يستطع مداراتها
انت كويسة يا منة
أومأت منة برأسها ايجابا مجيبة بهدوء
الحمد لله ربنا ستر
قاطع أحمد حديثهما قائلا بنزق
كويسة يا سيدي الحمد لله ممكن انت بقه تركز في السواقة يا تنزل وأسوق أنا المشوار صغير لحقت تتعب من السواقة كدا بسرعة
كاد سيف أن يلكم احمد على فمه عله يكف عن مرحه السمج ذاك ولم يعلم بماذا يجيبه ترى ما سيكون ردة فعله إن أخبره أن سبب ما كاد أن يحدث هو تركيزه على مراقبة منة في المرآة الخلفية فجلوسها خلف احمد جعل من الصعب عليه رؤيتها مما دعا به الى تسليط المرآة عليها هي وبالتالي لم يعي أي شيء مما يسير بجانبه سواءا من جهة اليمين أو اليسار
ألقى سيف بنظرة سخط ممزوجة ببرود الى احمد قبل ان يدير المحرك ثانية لمعاودة رحلتهما والتى انقضت وسط صمت تام هذه المرة
وقفت منة تطالع الأفق البعيد الذي تنتشر فيه الغيمات بشكل فني لا يقدر مخلوق على رسمه اغمضت عينيها وتنفست عميقا تعب من الهواء المحيط بها والمشبع بعطر البحر المنعش سمعت صوتا أجشا يأتيها من الخلف قائلا
عجبك المنظر
منظر جميل بجد سبحان المبدع العظيم كل مرة أشوف فيها البحر كأني بشوفه لأول مرة البحر دا دنيا غامضة وعميقة بحس اني بحبه بس في نفس الوقت بخاف منه
التفتت اليه وهى على وقفتها مكتفة ساعديها والابتسامة لا تزال تنير وجهها الفتي بينما تقدم سيف منها بضعة خطوات يتلاعب الهواء بشعره وبخصلته الشاردة التي تتحدى يدها في ان تتقدم اليها معيدة اياها الى الخلف مع باقي زميلاتها من خصلات شعره الابنوسي قال سيف بابتسامة بينما تقطيبة خفيفة تعتلي حاجبيه الكثيفين
تعبير غريب بتحبيه بس پتخافي منه هو ممكن الحب والخۏف يجتمعوا سوا
نظرت منة اليه بابتسامة في عينيها مجيبة
أكيد انت اكيد بتحب باباك بس في نفس الوقت پتخاف منه صح انتظرت الى ان وافقها بايماءة من رأسه قبل
ان تتابع شارحة
أنت بتحب باباك بس پتخاف على زعله وبتعمل حساب غضبه انا كمان بحب البحر بس بحس ان غضبه زي الاعصار متقدرش تقف في وشه لكن مقدرش غير اني أحبه وما اصدق اشوفه علشان أفضفض له باللي جوايا بيسمعني وبحس بموجه كأنه بيرد ويطبطب عليا
غشيت عيناها نظرة رقيقة بينما كاد هو أن يجز على أسنانه غيظا وغيرة من هذا ال بحر ترى هل سيستطيع يوما ان يجعلها تتحدث عنه بمثل هذا الشغف الذي يملأها لل بحر
نظر اليها سيف بنظرة عميقة من عينيه الناعستين وهو يتحرق شوقا لأن يرى عينيها تطالعانه هو بمثل هذا التوق والشغف اللذان تطالعان به غريمه البحر
لا يدري سيف ماذا هذا الذي تثيره فيه هذه الصغيرة لم يكن سيف من المندفعين وراء مشاعرهم بل كان يعمل عقله في كل أموره صغيرة كانت أو كبيرة أما بالنسبة الى اختيار شريكة الحياة فكان يكفيه ان تكون من أصل طيب ومنزل محترم على قدر من الخلق والثقافة ولم يكن يلتفت الى الجمال كثيرا ولكن بالطبع أن يحوز شكلها على قبوله حتى يستطيع المضي قدما في حياته معها ولكن فجأة دخلت هذه الفاتنة المشاغبة الصغيرة في لحظة غفلة منهبابتسامتها
الشقية وعينيها المرحة لتعيث في مشاعره وقلبه بل وعقله على حد سواء فسادا لا يستطيع أن يحدد متى على وجه التحديد بدأت حسابات العقل والمنطق لديه والخاصة بمواصفات النصف الآخر تختلف ولكنه يعلم تماما أنه في نفس اللحظة التى دخلت فيها منة من باب مكتب أخيها ذاك اليوم الذي رآها فيه أول مرة هي ذاتها اللحظة التى دخلت الى قلبه مندفعة وبقوة ليشرع لها قلبه أبوابه على مصراعيها ولكن ما يجعله يكاد يقتلع شعر رأسه غيظا هو شعوره الخانق من أنه وحده من يعاني مثل هذه الاحاسيس الشائكة ولكن تبا له ان لم يجعلها تهيم به تماما كما يهيم هو شغفا وحبا بها وكأنه أصبح مچنون منة فهو يعلم تماما مدى جاذبيته والتى جعلت الفتيات في الجامعه يتذرعون بشتى الوسائل في سبيل محادثته والتعرف اليه
اقترب سيف بضع خطوات وقد تسمرت عيناه على هذا المنظر الرائع امامه والذي لم يكن للبحر أي يد فيه بل هو مشهد هذه الحورية الفاتنة والتي تسللت بضع خصلات من وراء حجابها لتتطاير بفعل الهواء حول وجهها مما جعل أصابعه تتحرق لأعادتها الى مكانها الأولي ليخفيها عن الانظار وان كان شيطانه يهمس له بأن يدعها كي يملي عينيه من حسنها فهو يكاد يقسم أن هذا الشعر له ملمس الحرير وانه ان فلت
سعل سيف ليجلي حنجرته كي يفيق من أتون هذه المشاعر المتدفقة وما ان فتح
أغمض سيف عينيه بشده قهرا من هذا الصديق اللدود في حين أسرعت منة لموافاة شقيقها بينما كتم سيف شتيمة بذيئة كادت أن تفلت من بين شفتيه الحازمتين
لحق سيف بمنة واحمد وما ان وصل بجوار هذا الأخير حتى جذبه من مرفقه بشدة أذهلته وتحدث سيف بغيظ من بين أسنانه
خليك مستظرف دمك كدا لما أغطسك في المالح انا انهرده واخلص منك نظر اليه أحمد بنصف عين وقال ببراءة زائفة
ليه بس يا أبو السيوف انا كنت عملت حاجه عموما مش ههون عليك وان هونت عليك مش ههون على منونتي اختي حبيبتي
قرب سيف وجهه من احمد وقال بينما لمعت عيناه بنظرة تملك قوية وصوته أصبح خاڤتا يحمل نبرة تحذير واضحة
جرب تدلعها تاني وتقول منونتي وانت تشوف هيجرالك ايه
ضحك احمد بغرابة قائلا بدهشة واضحة
انت
اتهبلت يا سيف دي أختي
ليقاطعه سيف بقوة قبل ان يتم حديثه قائلا
ولو ما تدلعهاش قودامي لو سمحت ويا ريت ما تدلعهاش خالص لا قودامي ولا من ورايا
حدق احمد فيه بحيرة واضحة وتحدث قائلا
سيف بقولك ايه ما تخضنيش عليها وتقلقني منك اعقل كدا بدل ما أفشكلهالك من قبل ما تتقدم لها رسمي حتى
سيف بمداهنة وابتسامة صفراء تزين وجهه الرجولي الذي ينضح وسامة وجاذبية
لالالا وعلى ايه
انت عارف انت حبيبي من