رواية فاذا هوى القلب(كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
الآذى لرسغيها ولا بالخدوش الخفيفة التي نتجت نتيجة احتكاكها الإنفعالي العڼيف بالنتوءات الخشبية نتيجة تشققات الزمن
صاحت پجنون
طلعني من هنا انت مش بني آدم افتح الباب!
ورغم صياحها المقلق إلا أن العامل بالخارج لم يتجرأ حتى على
الرد عليها كان يهاب ردة فعل رب عمله إن علم بمخالفته لأوامره
لو بإيدي كنت طلعتك بس هاعمل ايه!
سحب مقعدا من المحال الملاصقة للدكان والمملوكة لعائلة حرب ليجلس عليه بطريقة معكوسة
استند بمرفقيه على ظهره وتابع حركة المارة بنظرات فاترة
أومال الست صاحبة الدكان ده فين
رمقه العامل بنظرات متفرسة وهو يجيبه بتساؤل أخر بعد أن نهض عن مقعده
وقف الصبي حسن قبالته ليجيبه بهدوء
أنا حسن شغال عند الحاج زقزوق النجار! كنت جايبلها لمبة بدل البايظة عندها
انتبه هو لصوت الصړاخ الغير واضح فتبدلت تعابيره للقلق وتساءل بتوجس
قاطعه العامل بغلظة مشيرا بيده له ليبتعد
مالكش دعوة اتمشى من هنا!
هتف الصبي عفويا وهو يشير بكف يده الممسك بالمصباح الجديد
تجهمت تعابير العامل فقد أدرك أن هذا الصبي سيسبب له المتاعب وهو في غنى عنها لذا هتف فيه بحدة
بأقولك ايه ارجع لمعلمك وشوف شغلك أحسنلك
وصل إلى مسامعهما صړاخها المكتوم
طلعوني من هنا
صاح حسن بإصرار
شغل ايه ده أنا سامع واحدة بتصوت!
دفعه العامل من كتفه للخلف بقوة قائلا بغلظة
وله كل عيش احسنلك!
اغتاظ حسن من أسلوبه الفظ في التعامل فرد عليه بتحد
خلاص أنا هاروح أقول لمعلمي وهو يتصرف
لم يعبأ العامل بتهديده الصريح وأردف قائلا بنبرة ذات مغزى
وماله قوله بس انت هاتوقع مع الريس منذر!
اضطرب الصبي على الفور بعد سماعه لإسمه وردد بتلعثم
هاه ال الريس منذر!
أومأ العامل برأسه مرددا بجدية
ايوه دي أوامره
رغب الصبي في مساعدتها فهو لم ير منها ما يسيء بل على العكس كانت مهذبة حسنة الخلق كيسة في تعاملها معه
أصر على الدخول إليها ربما ينجح بطريقة ما في معاونتها فألح قائلا بإستعطاف
طيب بس بس الست كانت عاوزة اللمبة حرام نسيبها في الضلمة دي طيبة وغلبانة
رد عليه العامل بإستياء
مالناش دعوة!
أضاف الصبي مقترحا
طب هاركبهالها وأمشي ومش هاجيب سيرة لحد!
ضجر العامل من إلحاحه المتواصل فصاح به پعنف
يا بني انت مستغني عن عمرك بأقولك ده موضوع يخص الريس منذر اتمشى بقى!
تذمر حسن مرددا
حرام والله اللي بيحصل فيها ده!
رد عليه العامل غير مكترث بما يقول
حرام حلال ده مايخصناش!
ابتلع الصبي ريقه متابعا بعناد
طب طب أقولها إن أنا جيت وجبتلها حاجتها حتى تطمن ان احنا معاها و
قاطعه العامل بنفاذ صبر
شكلك عاوز تعاديه!
هز حسن رأسه نافيا وهو يبرر موقفه
لا والله أنا مش أده بس الست صعبانة عليا
رمقه العامل باستخفاف وهو يرد ساخرا
مايصعبش عليك غالي
افتح الباب!
كان صړاخها واضحا نسبيا لمن بالخارج فسبب لهما الضيق
هتف حسن بلا وعي بصوت مرتفع
اطمني يا ست انا واقف برا
اتسعت حدقتي العامل منزعجا من تصرفه الأهوج وصاح به بحدة
يا واد اخرس
ثم لكزه بقوة في جانبه مسببا له الألم فتأوه الصبي قائلا
آآه ليه بس كده!
قبض العامل على ذراعه دافعا إياه للخلف وهو يضيف بصرامة
امشي من هنا يالا
ارتد جسد حسن للخلف من إثر الدفعة وكاد يسقط على وجهه لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة
نظر إلى العامل بحدة وصاح بوجه مكفهر
حسبي الله ونعم الوكيل
لوح له العامل بيده قائلا
حسبن بعيد عن هنا!!!
ركض بعدها الصبي مبتعدا عن المكان وهو يسب العامل ويلعنه بصوت خفيض
عاد الأخير للخلف ليجلس على مقعده أمام باب الدكان مراقبا المارة بنظرات عامة ومانعا أي شخص من التدخل فيما لا يعنيه حتى انقضاء تلك الساعة العصيبة
يئست من أي محاولة لمساعدتها فاستسلمت لمصيرها المجهول
توقفت عن دق الباب پعنف
وأسندت جبينها عليه
بكت بمرارة لاعنة تفكيرها الغير عقلاني الذي دفعها بتهور لفعل شيء كهذا فلو تريثت قليلا ما كانت ستوضع في هذا المأزق
استعادت في ذاكرتها تهديده الأخير بسلب ما تملكه رغما عنها
تعالت شهقاتها المخټنقة مرددة لنفسها بندم
يا ريتني ما عملت كده يا ريتني!
عادت لتبرر موقفها مرددة بيأس
طب كنت هاعمل ايه ومافيش حد ليه مصلحة إلا هو فكرت إني بكده هاحمي نفسي منه طلعت غلطانة كل حاجة هتضيع مني كل حاجة!
سمعت صوتا غريبا جعلها تصمت فجأة وأهبت حواسها بالكامل
تسارعت دقات قلبها پخوف كبير حتى كادت أن تصم أذنيها
حبست أنفاسها مترقبة ما سيحدث لاحقا
كان الصوت لخربشات خفيفة لم ترغب هي في تخمين ما وراءها لكنها واثقة أنها إحدى الزواحف الرمادية
ارتعدت أكثر وجفل جسدها مرتعشا
انكمشت أسيف على نفسها وحاولت مقاومة إحساس الخۏف الذي سيطر على كيانها لكنها لم تستطع وواصلت رجفتها المذعورة
على مضض كبير اضطرت أن تستقل السيارة وتأتي به من مخبأه إلى المطعم حيث ينتظرها الحاج مهدي
وما إن وقفت السيارة أمام باب المطعم حتى إشرأبت للأعلى محاولة رؤيته
لمحته وهو يجلس عند المدخل فمالت على الصغير وهمست في أذنه بنعومة
انزل يا يحيى
تساءل الصغير ببراءة وهو يلتفت برأسه نحوها
احنا هنتغدى هنا يا تيتة
هزت رأسها نافية وهي تبتسم له
لأ
سألها بفضول وهو يشير بسبابته
أومال ليه
قاطعته قائلة بجدية
هاتروح مع عمك مهدي هيوديك عند بابا
اتسعت ابتسامة الصغير يحيى وهتف بحماس
بجد
رد بامتعاض من بين شفتيها
اه
هلل الصغير بحماس أكبر
هيييه!
انتبه الحاج مهدي لتلك السيارة المصفوفة بجوار مطعمه فنهض بتثاقل من على المقعد وسار بخطوات ثابتة نحوها
رأى الجالسة بالمقعد الخلفي وذلك الصبي الذي بحوزتها فاستطرد حديثه مرددا
كويس إنك جبتيه يا شادية!
ردت عليه بتبرم
ڠصب عني يا مهدي لو مكانش
رفع كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت قائلا بحنق ظاهر في نبرته
مشاكلك مع دياب وعيلته تحليها بعيد عني وعن ابني فهماني يا شادية أنا مش ناقص خاوتة!
ردت عليه بنبرة منفعلة
المشاكل هتجيلك برضاك أو ڠصب عنك! إنت مش هاتخلص
تابع قائلا بازدراء
بس مش عاوزها من ناحيتك يالا يا بني تعالى معايا!
ترجل الصغير من السيارة بعد أن قبلته جدته من وجنتيه ثم شبك يده في كف مهدي ورفع رأسه للأعلى متسائلا ببراءة
هاروح عند بابا
ابتسم مهدي له وهو يجيبه
أه هاوديك عنده تعالى!
أحكم قبضته على كفه الصغير وسار معه نحو الطريق المؤدي للوكالة ليسلمه إلى عمه المتواجد هناك حتى يتمكن من تحرير ابنه مازن
راقبته شادية بنظرات مستشاطة وكزت على أسنانها قائلة لنفسها بتوعد
الجيات أكتر من الريحات يا مهدي والموضوع مخلصش عند كده!
أشارت بعدها بعينيها للسائق قائلة بغلظة
اطلع من هنا يا أسطى!
لوح بكف يده في الهواء بسعادة كبير بادية على وجهه لهؤلاء الحراس المرابطين أمام البوابات الحديدية المحصنة مودعا ذلك المكان الكئيب بمن فيه
أخذ نفسا عميقا يختلف عن ذي قبل ثم لفظه ببطء شديد وكأنه يتلذذ به عن قصد
لقد نال حريته أخيرا وحاز على عفو بعد أن قضى عدة أعوام حبيسا في السچن
لم يرد إبلاغ عائلته بهذا الإفراج إلا حينما يخرج بنفسه
مسح على صدره بكفه قائلا بصوت متحشرج
جه وقتك يا مجد محدش هايقف تاني قصادك!
واصل سيره المتباهي حتى ابتعد تماما عن هذا المكان المقيت ليستأجر إحدى سيارات الأجرة لتوصله إلى منطقته الشعبية
أصدرت أنينا خاڤتا وهي تجاهد عقلها الثقيل لتجبر نفسها على الاستيقاظ من غفوتها تلك
اخترقت تلك الرائحة العطرة أنفها بقوة فتشنجت تعابير وجهها إلى حد ما
بدأ جفناها في التحرك عفويا ثم فتحا
ببطء
كانت الرؤية مشوشة في البداية فقط إحساس بالألم والثقل مسيطرا عليها
لم تتوقف تلك الرائحة النافذة عن مداعبة أنفها فمدت يدها لا إراديا نحوه
تأوهت مجددا قائلة بصوت ناعس
ابعدي ايدك يا نيرمين
رد عليها مازحا
هو أنا ايدي طرية أوي كده!
تعجبت من تلك النبرة الخشنة التي سمعتها وفتحت عيناها رامشة عدة مرات لتتضح الرؤية تماما معها
زاد اتساع حدقتيها فهتفت متسائلة بذهول
إنت بتعمل ايه هنا
رد عليها بعبوس زائف
انتي عندنا في البيت
شهقت مصډومة وهي تعتدل فجأة في نومتها
عندكم!
تلفتت حولها بتوتر لتتأكد من صحة تصريحه فزاد قلقها وتوجسها
سريعا استعادت في ذاكرتها ما حدث في وقت سابق
ارتجف جسدها من ذلك الموقف المشين الذي كانت به وضمت يديها إلى صدرها وكأنها تحمي نفسها
شعر دياب بالحرج ونهض من جوارها موليها ظهره ثم تابع بصوت آجش
انسي اللي حصل تحت!
أخفضت عيناها بخجل مرددة بصوت منكسر
أنا معملتش حاجة!
الټفت نحوها قائلا بتجهم
مش محتاجة تبرري أو تدافعي عن نفسك أنا واثق فيكي فانسي خلاص!
أصرت على توضيح موقفها محتجة
بس
رد عليها مقاطعا بصرامة
مابحبش أكرر كلامي كتير!
أنزلت قدماها عن الأريكة ولملمت نفسها بحرص لتتأكد من عدم كشف أي جزء من جسدها ثم ردت عليه بجدية
ماشي بس أنا مش هاسكت عن حقي وهاربي الجبان اللي
انزعج من تكرارها لذلك الأمر فهتف بانفعال
بأقولك انسيه ايه الغريب في كلامي ليه مش بتسمعيه من أول مرة!
نهضت واقفة وهي ترد بعناد صارخ
مش هاسيبه!
تأوهت من الألم نتيجة صړاخها فوضعت يدها على عظمة الترقوة لتفركها قليلا مخففة حدة الۏجع
تابعها باهتمام وسألها متوجسا
انتي كويسة
وقبل أن تجيبه اقټحمت الصالة والدته هاتفة بسجيتها المسببة للخجل
ماشاء الله فوقتي ووقفتي على رجليكي الظاهر دياب بيفهم في الحاجات دي
استشعر الأخير الحرج من كلامها الغير مكترث وهتف بتبرم
هي فاقت لوحدها!
تنحنحت بسمة بصوت خفيضة مرددة بنبرة ممتنة رغم تلعثمها
شكرا على عبايتك و أنا مش عارفة أقول ايه بس
قاطعتها قائلة بود وهي تمسح برفق على ظهرها
هو أنا عملت حاجة يا حبيبتي دي حاجة بسيطة اقعدي وارتاحي كده وأنا هاعملك حاجة دافية تشربيها!
هزت رأسها نافية وهي ترد معترضة
لأ مش عاوزة أنا هامشي!
وضعت جليلة يدها على طرف ذقنها وعضت على شفتها السفلى قائلة بإستنكار
تمشي ايه انتي هاتستني شوية لحد ما نطمن عليكي!
ثم التفتت برأسها ناحية دياب لتوجه حديثها له قائلة بمكر
ولا ايه يا دياب ماتقول حاجة يا بني
زم ثغره بضجر بارز على ملامحه لكنه لم يعارض رأي والدته وأردف قائلا بتجهم
خليكي أنا هاوصلك!
نظرت له بسمة بطرف عينها قائلة
متشكرة أنا عارفة الطريق لوحدي
نظر لها بقوة قائلا بعناد أكبر
وايه يعني هاوصلك
تدخلت جليلة في الحوار قبل أن يتطور بينهما لمشاجرة ما قائلة بمرح
بصوا مافيش داعي للخناق أنا هاكلم أمك وأختك وأقولهم يجوا نقعد سوا كلنا وبعد كده تروحوا مع بعض
ردت بسمة قائلة بتذمر
مافيش داعي أنا
نظرت لها جليلة بحزن وهي تضيف بعتاب
كده بردك عاوزة تزعليني
ثم التفتت نحو ابنها قائلة بلؤم
ما تقول حاجة يا دياب
تمتم مع نفسه بخفوت
يخربيت دياب! هو ما فيش