رواية فاذا هوى القلب(كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
إلا أنا!!!
سألته أمه بدهاء نسائي معتاد
ها يا بني
رد عليها بعدم اكتراث
اعملوا اللي انتو عاوزينه ماليش فيه!
تابعته بسمة بنظرات ضجرة لكنها لم تكن حانقة منه بل على العكس كانت ممتنة لمعروفه معها في ذلك الوقت العصيب
أخرجها من شرودها السريع صوت والدته وهي تقول بترحاب
ابتسمت لها بسمة بتكلف وجلست على الأريكة بحرج نسبي
أوصل الحاج مهدي الطفل يحيى إلى الوكالة بعد أن أحضر له كيسا
بلاستيكيا مليئا بالحلوى ثم انحنى ليقبله بعطف ماسحا على ظهره برفق واعتدل في وقفته صائحا بصوت مرتفع
منذر ابن أخوك أهوو
هب الأخير واقفا من مقعده وركض سريعا نحو الخارج هاتفا
فتح ذراعيه ليلتقطه ثم رفعه عن الأرضية واحتضنه بقوة قائلا
وحشتنا يا ابن الغالي
رد عليه الصغير ببراءة
هتف الحاج مهدي قائلا بجدية
ابنكو عندكم فين ابني
رد عليه منذر بصوت قوي ونظراته مسلطة عليه
هتف الحاج مهدي بإصرار وهو يشير بسبابته
دلوقتي!
رد عليه منذر بإيجاز
طيب!
أنزل الصغير على قدميه لكنه أمسك بقبضته ولم يفلتها ثم أخرج هاتفه من جيبه ليهاتف رجاله بالمستودع كي يحرروا مازن
مل العامل من الإنتظار أمام باب الدكان المغلق وتوجس خيفة أن يكون أصاب تلك الماكثة بالداخل أي شيء فأشفق عليها وقرر أن يحررها قبل نفاذ الساعة
نهض عن مقعده وفتح القفل ثم دفعه بحذر للخلف مرددا بصوت خفيض
انتي يا ست سمعاني!
انتبهت أسيف لصوت فتح قفل الباب فاستدارت مبتعدة عنه وحدقت فيه بأنفاس متهدجة
بكث متأثرة حينما فتح نسبيا وردت غير مصدقة أنها تحررت
حرام عليك اللي عملته فيا
رد عليها بصوت مزعوج
أنا ماليش دعوة يا ست أنا عبد المأمور!
بكت پقهر لعجزها فهي ضعيفة لا سند لها ولا مدافع عنها في تلك الحياة القاسېة
شعر العامل بوخز في صدره حينما رأها على تلك الحالة وتابع بصوت ضائق مشيرا بيده
بصي أنا هساعدك لله في لله انتي امشي من هنا وماتجبيش سيرة إني خرجتك الله يرضى عليكي أنا مش ناقص مشاكل
هزت رأسها بإيماءات متتالية مكفكفة عبراتها بظهر كفها
طيب!
الټفت برأسه للخارج ليتأكد من خلو الطريق ثم همس لها بصوت آمر
يالا مافيش حد برا
تحركت بخطوات متعثرة في مشيتها نحو الخارج وقبل أن تبتعد تماما هتف بها العامل قائلا
استني يا ست خدي مفتاح الدكان بتاعك!
عادت إليه ممددة كفها نحوه فقطب جبينه متعجبا من أثار الچروح الظاهرة على رسغها فهتف بنزق
ايه اللي في ايدك ده
نظرت إلى حيث أشار فرأت تلك الأثار البائنة عليه
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وسحبت كم ثوبها عليه لتغطيه قائلة بصوت مرتجف
المفتاح بتاعي!
ناولها إياه متابعا بتحذير
متجبيش سيرة اني طلعتك قبل
قاطعته قائلة بصوت خائڤ
حاضر!
ثم قبضت على المفتاح بكفها وواصلت سيرها المتعجل لتختفي من المكان برمته
في نفس التوقيت توقفت سيارة الأجرة على ناصية الطريق فترجل منها مجد ووقف للحظات متسمرا في مكانه ليتأمل ذلك المكان الذي افتقده كثيرا
لم يتغير تماما كان مثلما تركه قبل عدة أعوام
التوى ثغره بابتسامة متهكمة وهو يجوب بأبصاره المحال والبنايات بنظرات شمولية بطيئة
صفق باب السيارة بقوة وتحرك نحو الأمام سائرا بخيلاء رافعا رأسه للأعلى في كبرياء
دس كفي يده في جيبي بنطاله الجينز القديم مدندنا مع نفسه بصافرة خفيضة
التفتت أسيف برأسها للخلف من آن لأخر لتتأكد من عدم تتبع أي أحد لها
لا تزال تلك الرجفة المذعورة مسيطرة عليها هي قضت وقتا عصيبا بالداخل لا تتمنى تكراره مرة أخرى
لم تنتبه إلى ذلك القادم في طريقها وكأنه غير موجود أمامها فارتطمت بصدره دون قصد منها
كان قد رأها مقبلة عليه بارتباك ملحوظ عليها فدقق النظر نحوها لكنه تفاجيء بها تصطدم به بقوة
شهقت أسيف بحرج كبير واصطبغ وجهها بحمرة خجلة وهي تعتذر قائلة
أنا أنا أسفة مخدتش بالي والله م مقصدش!
أزاحت قبضتيه عنها قائلة بنبرة مزعوجة
م معلش! مش قصدي!
رد عليها بتنهيدة أربكتها
حتى لو تقصدي براحتك !
هربت الډماء من وجهها من إثر كلماته تلك وازدردت ريقها بتوتر كبير
ظلت أنظاره القوية مسلطة عليها مسببة لها الضيق والخۏف كانت تشعر بعينيه تخترقها
بجراءة فتحركت سريعا من أمامه لكن وصل إلى مسامعها صوته الخشن وهو يقول بثقة
وماله مسيرنا نتقابل تاني يا حلوة !!!!
يتبع التالي
الفصل الرابع والثلاثون
واصلت سيرها الراكض مبتعدة عن ذلك الوجه المقلق الذي اعترض طريقها ليكتمل يومها البائس والمشحون بالكثير من الأحداث
توقفت لأكثر من مرة لتلتقط أنفاسها اللاهثة وتلفتت حولها پخوف لم يكن في إثرها فتنهدت بعمق شاعرة بالإرتياح
نظرت أسيف إلى رسغيها بنظرات متوترة فوجدت تلك الچروح البسيطة فيهما
همست لنفسها بصوت متقطع ومتآلم
تعبت من كل حاجة!
اعتدلت في وقفتها وجابت بأنظارها المحال المتواجدة على مرمى بصرها
لمحت بعينيها لافتة مضيئة مدون عليها صيدلية الدكتورة فاطمة فالتوى ثغرها بابتسامة باهتة
تحركت نحوها آملة أن تجد فيها علاجا لتلك الخدوش قبل أن تتلوث
حمدت الله في نفسها أن الصيدلية كانت مفتوحة الأبواب فدفعت بابها برفق لتلج إلى الداخل
وقعت عيناها على فتاة شابة ترتدي معطفا أبيضا ذات وجه قمحي بشوش ويزين رأسها حجابا وقورا فاقتربت منها قائلة بصوت مرتبك
لو سمحتي عندك مطهر ولا دوا كده
قاطعتها فاطمة متسائلة بنبرة عملية
لدول يا دكتورة
ارتبكت أسيف أكثر وخشيت أن تجيبها بالسبب الحقيقي وراء إصابتها بتلك الخدوش حتى لا تسبب لها المشاكل فلا داعي لتزج بأي أحد فيما لا يخصه
عضت على شفتها السفلى مرددة بصوت مرتجف
أها طيب لحظة واحدة أجيبلك مطهر مناسب وهنحط عليهم بلاستر طبي يعني نضمن عدم تلوثهم
ماشي
قالتها أسيف وهي تستند بمرفقيها على الطاولة الزجاجية الموضوع عليها علب الأدوية
التفتت فاطمة نحوها رامقة إياها بنظرات غريبة ثم دنت منها متسائلة بتوجس
انتي كويسة
أجابتها أسيف بوجهها الشاحب
أه!
اعترضت فاطمة على ردها قائلة بجدية
بس شكلك بيقول غير كده لو في حاجة تعباكي قوليلي أنا هساعدك!
لم تجد أسيف بدا من رفض مساعدتها فهي بالفعل ليست على ما يرام لذا هتفت بنزق
أنا حاسة بدوخة بسيطة!
ظهر على تعابير فاطمة الإهتمام بحالتها فأشارت لها قائلة بصوت آمر
طب اقعدي من فضلك أنا هاقيسلك الضغط جايز يكون مش مظبوط!
ابتسمت لها أسيف بصعوبة وهي ترد بإمتنان
متشكرة
على ايه اتفضلي!
مش كنا نستنى أسيف هترجع مش هتلاقي حد فينا موجود
ردت عليها نيرمين بضجر وهي عابسة الوجه
هو حد عارفلها مطرح ولا سكة الله أعلم بتعمل ايه!
مش جايز تكون ماشية على حل شعرها!
استشاطت نظرات عواطف عقب تلك العبارة المهينة وهتفت فيها بإستنكار تام
لمي نفسك يا نيرمين! دي بنت خالك مش واحدة من الشارع!!!
نفخت الأخيرة پغضب قائلة بتجهم
خلاص يا ماما!
ثم لمعت عيناها بوميض غريب وهي تهتف بتلهف
بينا عشان نلحق العزومة!
نظرت لها أمها شزرا ثم تحركت نحو الدرج قائلة بحيرة
اللي مستغرباه اشمعنى دلوقتي بالذات الست جليلة عزمانا!
ردت عليها نيرمين بابتسامة عابثة
وماله مش قرايبنا!
تنهدت عواطف قائلة بإنزعاج خفيف
ربنا يستر أنا مش
مرتاحة
دفعتها نيرمين بكف يدها قائلة بحماس لم تستطع اخفاؤه
طب يالا هنتأخر!
وأنا أقول العمارة منورة ليه!
توقفت الاثنتان عن النزول واقتربتا منها لتصافحها وتحتضناها بألفة معهودة بين الجيران
هتفت الجارة خضرة بحماس
واحشني والله يا ست عواطف فينك بقالي كام يوم مش شيفاكي!
ردت عليها عواطف بابتسامة متكلفة
مشاغل والله ياخضرة
ربتت الأخيرة على ذراعها بيدها قائلة بفضول
ربنا يعينك بس على فين العزم كده و
أجابتها عواطف عفويا وهي تشير بيدها
رايحين عند الحاجة جليلة شوية!
تهللت أسارير الجارة خضرة قائلة
أم سي منذر أمانة تسلميلي عليها أوي!
ردت عليها عواطف بابتسامة خفيفة
يوصل ان شاء الله!
واصلت حديثها الودي قائلة بنبرة مجاملة
ربنا يصلح حالك ويعوض البنات بالخير يا رب!
ردت عليها عواطف بإيجاز
اللهم امين!
همت بعدها بالإنصراف لكن أوقفها سؤال خضرة الجاد
وازي بنت أخوكي مش شيفاها معاكو
أجابتها عواطف بتلعثم قليل
عندها مشواير بتخلصها!
هزت رأسها قائلة بتفهم
أها ربنا يعينها!
انزعجت نيرمين من إطالة ذلك الحديث الفضولي الغير مجدي فأردفت قائلة بامتعاض
لا مؤاخذة يا خالتي احنا مستعجلين شوية!
ردت عليها خضرة بابتسامة ودودة
اذنك معاكي يا حبيبتي!
ثم دققت النظر في رضيعتها رنا متابعة بلطف
ياختي طعمةربنا يفرحك بيها
ردت عليها نيرمين بإيجاز وهي جامدة التعابير
يا رب إن شاء الله
أضافت الجارة خضرة برجاء
وعقبال بسمة وعوضها يا رب
ردت عليها عواطف بإمتنان
يا رب أمين فوتك بعافية يا حبيبتي!
لوحت لها الأخيرة بكف يدها قائلة
الله يعافيكي يا رب!
وقف أمام مطعم العائلة واضعا كفيه على منتصف خصره متأملا إياه بنظرات متباهية
تحرك بخطوات ثابتة نحو مدخله صائحا بصوت جهوري
حاج مهدي!
اتسعت حدقتاه بسعادة كبيرة حينما رأه أمامه بشحمه ولحمه
دنا منه بخطوات شبه متثاقلة هامسا بذهول
مجد! ابني!
فتح الأخير ذراعيه في الهواء هاتفا بصوته الخشن
أبويا! أنا خرجت خلاص
ابني كفارة يا غالي ياه مش مصدق إنك خرجت
وضع مجد قبضتيه على كفي يده ثم أزاحهما برفق ليقبلهما قائلا بإنزعاج
بعد الشړ عنك!
أشار له مهدي بعينيه قائلا بحماس
طب تعالى جوا ده أخوك هايفرح أوي لما يعرف إنك خرجت!
تلفت مجد حوله متسائلا بتعجب
أه صحيح هو فين مش باين ليه
لاحظ هو صمت والده وتبدل
تعابير وجهه للإنزعاج فسأله بحدة
في ايه يا أبا
تابع مجد قائلا بنبرة مزعوجة
مع ابن طه
تنحنح أباه قائلا بتوتر
حاجة زي كده!
تجمدت تعابير وجهه وقست نظراته أكثر وهو يقول
أنا خرجتلهم ومش ورايا حاجة إلا هما!!
حاول مهدي تغيير الموضوع كي لا يثير المشاكل وهتف قائلا بجدية
سيبك منهم دلوقتي وتعالى احيكلي عملت ايه
رد عليه مجد بتنهيدة شبه متعبة
ماشي يا مجد وأنا هاخلي الطباخ يعملك أحلى أكل
رد عليه مجد بحماس
ايوه يا حاج ده أنا معدتي اتهرت من أم الأكل ال بتاع السچن!
أضاف أباه قائلا بابتسامة باهتة
انسى الأيام دي راحت لحالها خلاص!
لفت أنظار مهدي شيئا ما على ثيابه لم يتبينه بوضوح فتساءل باهتمام
ايه اللي على هدومك ده
أخفض بصره لينظر إلى حيث أشار مرددا بتساؤل
ده ايه ده
كانت تلطخ ثيابه أثار لبقع دماء صغيرة ولكنها كانت جافة
هتف مهدي متسائلا بتوجس
انت اتعورت
هز رأسه نافيا وهو يجيبه باقتضاب
لأ
صمت مجد ليفكر قليلا في سبب تلوث ثيابه ببقع الډماء فجاء إلى خلده لحظة إرتطام الفتاة الغريبة به
هي الوحيدة التي استندت على صدره في ذلك المكان تحديدا فربما تعود تلك اللطخات إليها
أخرجه من شروده المؤقت صوت أبيه هاتفا
انت كويس يعني
رد عليه مجد بفتور
اه متخدتش في بالك تلاقيها وساخة كده!
طيب
ماشي يا حاج مهدي هاستحمى واغير هدومي دي وهاستناك في البيت
أومأ مهدي برأسه قائلا
طيب يا ابني وأنا هاقفل المطعم وهاحصلك!
أضاف مجد بجدية
وعرف البيه مازن خليني أشوفه
رد عليه والده مبتسما ابتسامة عريضة
حاضر ده هايجيلك جري بس أقوله الأول!
التوى ثغر مجد للجانب وهو يقول
أديني هاشوف!
مبسوط
رد عليه يحيى بسعادة
اه يا عمو منذر!
يحيى جه!
ردت عليها بابتسامة عريضة
وانت كمان
دفعهما منذر بكفي يده للداخل قائلا