الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية لاجئة في اسطنبول( الفصل 1:12) بقلم ياسمين عزيز

انت في الصفحة 1 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

في إحدى أرياف مدينه حلب السوريه و تحديدا 
في غرفه مظلمه كئيبه تجلس فتاه ذات جمال خيالي كأنها اميره هاربه من إحدى القصص الخياليه...تحتضن ركبتيها كعادتها منذ اكثر من سته أشهر...عينيها الخضراوان الجميلتان انطفأ بريقهما لتحل محله دموع الحزن و القهر على عائلتها التي فقدتها بسبب الحړب...لم يتبقى لها سوى اخاها الصغير اوس. 

هو الوحيد الذي يستطيع أن ينسيها ألم فراق امها و ابيها و منزلها الذي تحول إلى ركام.
تتذكر ذلك اليوم  المشؤوم جيدا...عندما أرسلتها امها لقضاء بعض الحاجيات من الدكان القريب رفقه أخيها الصغير الذي لم يتعدى عمره الخمس سنوات.
صوت طائرات قادمه شق سكون الحي الهادئ الذي كانت تسكنه...بدون تردد أمسكت يد أخيها الصغير و هرولت عائده الى دكان العم فؤاد...الرجل العجوز  
الطيب الذي رفع يديه إلى السماء داعيا بالڤرج و النجاه.
تتذكر جيدا كيف تدمرت بعض البيوت و تحول المكان إلى خړاب. الصړاخ و البكاء عما المكان. 
مازلت صور منزلها المدمر في ذاكرتها...لم تستطع تحمل خير وفاه والديها حتى اغمي عليها و لم تستيقظ الا بعد اسبوع كامل.
كم كانت تتمنى ان تستيقظ و تجد نفسها في منزلها وسط عائلتها...كم اشتاقت إلى الركض في حقول القمح المجاوره... مع أخيها الصغير...كم افتقدت دلال والديها و حضنهما الدافئ.
مسحت دموعها بكفيها عندما لمحت اوس يطل براسه من باب الغرفه...التقفته بين يديها و اجلسته على ساقيها تضمه اليها بشده وټشتم رائحته. 
كم هي ممتنه لجارتها الارمله ام إحسان لأنها استقبلتها في بيتها كل هذه المده و عاملتها بكل حب و موده و لكن الى متى ستستمر حياتها هكذا
التاني
خيمه بارده تتشاركها مع امرأه وولدين صغيره...ضحيه اخرى فقدت زوجها و بقيه أفراد عائلتها و جاءت إلى هذا الملجأ الذي يقع على الاراضي التركيه. 
نظرت الى الفراش الصغير الموجود في طرف الغرفه بغطاء رقيق بدون وساده.
فكرت قليلا... هل هذا ما سيقيني برد الشتاء القارس انا و اخي كيف سنعيش هنا....
لم تكن تملك الكثير من المال...بعض الورقات النقديه اعطتها لها الجاره ام إحسان. كم ترجتها ان تبقى معها ...خليكي يا بنتي و الله خاېفه عليكي انت صغيره و اخوك كمان صغير كيف راح اتدبرو حالكن لك مفكره انها سهله عيشه المخيمات لك هون احسنلك....
... بس ياخالتو لامتى راح ظل هيك ليكي مثل مانك شايفك هون غربه و هناك كمان غربه ماراح تفرق بس امانه ادعيلي الله يسترها معي اذا الله راد و تسهلت اموري هنيك ماراح أنساكي راح ابعثلك انت الوحيده البقيانه من اهلي....
... الله يحفظك يا بنتي و سامحيني انا بعرف انك مانك لاقيه راحتك و بنتي و جوزها هون. ....
صوت السيده التي تتشاركها الغرفه و هي تناديها أخرجها من شرودها... اختي لين وينه اخوكي الدنيا عتمت و الجو برد كتير روحي جيبيه و انا راح شوف شو في عشاء....
اومات لها بايجاب ثم شدت الغطاء الاسود 
باحكام على وجهها و خرجت من الخيمه بروح خاويه تبحث عن أخيها الصغير الذي كان يلعب مع بعض الأطفال أمام الخيام المنتشره هنا و هناك..جذبته سريعا من يديه و دلفت الخيمه مره اخرى وجدتها مضائه بقنديل كبير معلق في السقف.
... اختي ..كيف بقدر احصل على غطاء تاني و الله امبارح جمدنا انا و اوس....
...المسؤولين هون كل فتره بيوزعوا غطاء و فراشي على الخيام بس لما بتروحي لعندهم بيظلوا يماطلوا راح يقولولك قدمي طلب و بعدين بتبقى تستنى و ماراح يعطوكي شي الا اذا هن بهدهم. لان في اوقات معينه بيوزعوا فيها الاكل و الا غطيه و الفراش اساليني انا صارلي 8 شهورعلقانه هون... ....
... طيب شو الحل راح ڼموت هيك....
... في خيمه كبيره موجوده اطرف المخيم لما تشوفيها راح تعرفيها روحي و قابلي المسؤول هنيك بلكي بيحن قلبه و يعطيكي شي تدبري حالك فيه....
... طيب انا من بكره الصبح راح روح لعنده ....
... طيب حبيبتي لاتنسى تحطي الغطاء على راسك و الله خاېفه عليك و انت ماشاءالله كتير حلوه و العالم خطړ هو الله يسترنا يا رب....
... حاضر يا اختي ماراح انسى....
... طيب تعي كليلك لقمه و الله انا من يوم ما اجيتي ماشفتك عم تاكلي....
... كثر خير و الله انا لولاكي ماكنت راح اعرف اتصرف....
تمددت على الفراش البالي تحتضن أخيها الصغير بقوه تفكر ماذا ستفعل كيف ستعيش هنا خيمه بلاستيكه لا تحميهم من برد الشتاء و امطاره و ثلوجه البارحه استيقظت على انين احد الطفلين يعاني الحمى...السيده وداد التي تتشاركها الخيمه حكت لها كثيرا عن عده أطفال ماتوا هنا بعده أمراض كالحمى بسبب بروده الطقس. 
اغمضت عينيها بتعب تتمنى في غد افضل.
في الصباح ذهبت إلى خيمه احد المسؤلين على المخيم...وبعد طول انتظار لم تعد سوى بوعود و بضعه كلمات.
يتبع
34
ثلاثه أشهر قضتهم لين داخل المخيم...حاولت بكل الطرق ان تتاقلم رغمه صعوبه الحياه. 
تعلمت بعض دروس التركيه من خلال البرامج التي وضعها مسؤولوا المخيم كمحاوله لادماج اللاجئين مع محيطهم الجديد.
لم تصدق نفسها و هي تمسك ورقه التصريح لدخول الاراضي التركيه. رغم معارضه السيده وداد لها إلا انها لم تثني من عزمها على تحقيق حياه جديده.
فهذه الخيم البلاستيكية ماهي إلا مرحله و يجب تجاوزها فهي لن تستطيع إكمال كل حياتها هنا.
عزمت بكل قوتها على الرحيل فهي قد تجاوزت مصائب من قبل رغم صغر سنها فقد فقدت والديها و بيتها و أصبحت مشرده لن يحصل لها شي أسوأ من مرت به هذا ما ظنته لين و هي تحزم حقيبه ظهرها الصغيره التي تحتوي ملابسها و ملابس شقيقها.
احتضنتها السيده وداد بكل قوه و الدموع لم تفارق عينيها. لقد أحبت لين كثيرا رغم قله حديثها مقارنه بثرثرتها هي. اوصتها على نفسها و على أخيها و دعت لاجلها كثيرا.
بعد ساعات قليله..كانت تتفحص بعينيها الجميلتين  المباني الشاهقه في المدينه و هي تشد على يد اوس بقوه خوفا من فقدانه في هذا الزحام الشديد.
جلست على كرسي خشبي في حديقه عموميه لترتاح. لم تكن تعرف أين ستذهب او ماذا ستفعل...نظرت الى الورقات النقديه القليله بقله حيله قبل ان تتجه الى إحدى العربات المتجوله لتشتري بعض الشطائر و الماء لها و لاخيها.
شدت الوشاح على رأسها بقوه و هي تنظر إلى عبائتها السوداء الفضفاضه تتفقدها..متوجسه من العيون الكثيره التي كانت تنظر إليها أينما حلت.
...اختي انا تعبت من المشي صارنا ساعات و الدنيا عتمت وين راح ننام.... سالها اوس ببراءه.
نظرت الى عيني أخيها الخضراء الشبيهه بعينيها الفاتنه.
ماذنب هذا الصغير في قرارات اخته المتهوره كيف لفتاه صغيره في الثامنه عشر من عمرها ان تدخل بلادا غريبه بمفردها لو انها بقيت مع جارتها ام إحسان لكن هي لم تغادر الا عندما جاءت إحسان و زوجها و صغارها ليسكنوا مع امها بعد أن تدمر منزلهم.
لن تنفعها الامنيات او الندم يجب أن تتصرف أين ستنام هي و شقيقها الليله. سيحل الظلام و سيمتلئ المكان باللصوص و المجرمين.
بلغه

انت في الصفحة 1 من 8 صفحات